منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الحلقة (27) من مدرسة الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الحلقة (27) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة (27) من مدرسة الحياة   الحلقة (27) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 3:10 pm

الْدَّرْس الْسَّابِع وَالْعِشْرُوْن.
فلا زلنا مع بن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو ينعي على الذين يتبعون أهواءهم ولا يتبعون قانون الشرع ، وكنا في آخر مرة وقفنا مع الدعوى التي يدَّعيها المخالفون على المتبعين فيما يتعلق بكرامات الأولياء وأننا كلما أنكرنا خرافة من الخرافات زعموا أننا ننكر كرامات الأولياء ، فرد بن الجوزي- رحمه الله- على هذا الكلام .
فقال: ( وكَم يَنقِلونَ: أن أقوامًا مَشُوا على الماءِ وقد قال إبراهيمُ الحَربيُ: لا يَصحُ أن أحدًا مَشى عَلى الماءِ قَط ، فإِذا سَمِعُوا هذا قالوا: أتَنكِرونَ كرَاماتِ الأَوليَاءِ الصَّالِحين ؟ فنقولُ: لَسنَا مِنَ المُنكِرينَ لهَا بَل نَتبعُ ما صحَ والصَّالحُونَ هم الذين يَتبِعونَ الشَّرع ولا يَتعَبَدونَ بِآرَائِهم ، وفي الحديث:" إِنَّ بَني إِسرَائِيلَ شَدَدُوا فَشُدَدَ الله عَليِهم " .)وطبعًا الحديث في سنن أبي داود من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال:" لا تشددوا فيشدد الله عليكم فإن قومًا شَدَدُوا فَشُدَدَ الله عَليِهم ، فتلك ديارهم وأشار إلى الصوامع وتلا قوله تعالي:﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ﴾(الحديد:27) " ، وهذا الحديث إسناده ضعيف فيه راوٍ اسمه سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء ، وهذا ليس فيه توثيق معتبر ، إنما وثقه بن حِبان ، وتوثيق بن حِبان لهذه الطبقة فيه ضعف كما هو معروف عند بعض أهل العلم ، لأن بن حِبان- رحمه الله- لا يُعتمد عليه إذا انفرد بالتوثيق .فهذا الراوي تفرَّد بهذا الحديث ،.
وطبعًا الراوي إذا كان لين الحفظ أو ليس فيه توثيق مُعتبر وانفرد بحديث فهو ضعيف عند سائر أهل العلم: إنما يقبل التفرد من الراوي الثقة ، أما الصدوق فتفرده مُنكر على ما حرّرَّه الذهبي في بعض المواضع في ميزان الاعتدال في نقد الرجال فضلًا عن من دونه دون الصدوق مثل سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء .قال: (وكَم يَحُثّونَ على الفقرِ حَتى حَمَلُوا خلقًا علَى إِخرَاجِ أموَالِهِم ثُّم آلَ بِهم الأمرُ إِمَّا إلى التَّسَخُطِ عِندَ الحَاجَةِ ، وإِمَّا إلى التعرضِ بسؤالِ النَّاس ، وكَم تَأَذَى مُسلِمٌ بِأمرِهِم النَّاس بِالتَّقَلُلِ ،وقد قَال النَّبي- صلى الله عليه وسلم- :" ثُلثٌ طَعَامٌ وثُلثٌ شَرابٌ وثُلثٌ نَفسٌ ". )وهذا الحديث من حديث المقداد بن معدكرب وقد رواه الإمام الترمذي وصححه . قال: (فمَا قَنعُوا حَتى أُمِرُوا بِالمُبَالِغةِ في التَّقَلُلِ ، فحكَى أبو طالب المكيُ في قوت القلوب . )وهذا الكتاب فيه أعاجيب وغرائب ويمكن أبو حامد الغزالي نقل هذا الكتاب كله في كتاب إحياء علوم الدين ، وقد يكون كتاب إحياء علوم الدين نسخة أخرى من كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي قال: (فحكَى أبو طالب المكيُ في قوت القلوب: أن فيهم من كان يَزنَ قِوتِه بِكَرَبَةٍ رَطِبَةٍ ففي كل ليلة يذهب من رطُوبَتِهَا قليل وكنت أنا ممن اقتدى بقوله في زمان الصبا ، فضاق المِعَي وأوجب ذلك مرض سنين ، أفتَرى هذا شيئًا تقتضيه الحكمة أو ندَبَ إليه الشرع ؟ .)كان بعض هؤلاء يزن قوته بثمرة رطبة مثل حبة طماطم أو بطاطس أو كوسة أو غير ذلك ، يضعها على كفة الميزان ،ويضع القوت الذي سيأكله على الكفة الثانية ، فطبعًا كل يوم يذهب من نداوة هذه شيئًا فشيئًا تنقص كثيرًا من الوزن ، فهو لا يعتبر المسألة بقلة الوزن إنما يعتبر بما على الكفة الثانية ، وبن الجوزي يقول أنا كنت ممن اقتدى بهذا في زمان الصِبا ، وزمان الصِبا ، أي . في زمان التعلم.
في زمان التعلم ، لا يُميز المرء بين أهل التحقيق والتحرير وبين أهل النقل ، فكل شيء يصدقه طالما أنه نُسب إلى إمام : وهذا كما كان يقول بن جُريج: (تعلمنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له )
كيف يكون التعلم لغير الله؟ كان نفسه يكون مثل فلان الفقيه أو فلان المحدث ، أنت ولم تزل في مرحلة التعلم تتمنى أن تكون فقيه الأمة أو محدث الأمة فمن قدوتك ؟ فلان الفلاني ، أريد أن أكون مثل فلان ، مع قطع النظر عن مسألة الإخلاص ، يريد أن يكون مثل فلان .
العلم يُعين علي عقد النية الصحيحة:يقول بن الجوزي: في بداية التعلم تعلمنا العلم لغير الله ، لماذا ؟ لم يكن عنده من العلم ما يستطيع أن يعقد به نية صحيحة ، لأن الذي يعينه على عقد النية الصحيحة هو العلم ونحن متفقون على أنه صغير ولم يزل يترقى في التعلم فلا يُحسن عقد النية ، فلما تعلَّم العلم هداه العلم إلى عقد النية الصحيحة ، وهذا معني فأبى الله إلا أن يكون له .
وَهَذَا مِنْ بَرَكَاتِ الْعِلْمَ أَنَّهُ يُصَحِّحُ لِصَاحِبِهِ الْمَسَارِ:بن الجوزي,له أكثر من تجربة في اتباع ما كان يقرأه إحسانًا بالظن بكل مصنف ، أي واحد يجد له كتاب كان يقرأ وينفذ وبن الجوزي لم يتحمل هذا لأنه طول عمره مُرفه ، كان يحب يأكل ويلبس جيد وكان مهندم عنده هندام ، ولم يخدم نفسه قط حتى في محنته التي استمرت خمس سنوات بسبب الرافضة ، أنهم كادوا يقتلونه ونفوه ، خمس سنوات بلغ به البؤس أنه كان يغسل ثيابه بيده ,وطبعًا هذا منتهي البؤس بالنسبة لابن الجوزي لأنه طوال عمره مخدوم ، فهو لم يتحمل مثل هذا .
هل التقليل أمرٌ ندب إليه الشرع ؟ لا ، رأي النبي-صلى الله عليه وسلم- يومًا رجلًا أشعث وليس له هندام : " فقال: أرب مال أنت ؟ ، عندك أموال ؟ قال: نعم ، قال: من أي المال ؟ قال: من كل المال ، قال إن الله- عز وجل- إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته على عبده " ، فمسألة البؤس والتزهد إذا لم يكن لها محل فالأصل أنك تنفيها ، وهذا سنتعرض له ، لأنه أحيانًا قد يُصلحك الثوب الخشن ، فأنت إنما لبسته ليصلحك ، ولم يلبسه خشن بلا هدف ، لا ، وسنتعرض لهذا البحث الآن وأنا سأدخل فيه لكي يكون البحث متكامل .قال: ( وإنما مطيةُ الآدمي قِواه فإذا سعى في تقليلها ضَعُفَ عن العبادة ولا تَقولن الحصولُ علَى الحلالِ المحضِ مُستَحيل ، لِذلك وَجبَ الزُّهد تجنباً للشبهات فإن المؤمن حسبه أن يتحري في كفه هو الحلال ولا عليه من الأصول الذي نبتت منها هذه الأموال ، فإنا لو دخلنا ديار الروم مثلاً فوجدنا أثمَانَ الخمور وأُجرة الفُجورِ كَان لَنَا حَلالًا بِوَصفِ الغَنِيمة أَفَتُريدُ حلالًا على معني أن الحبةَ من الذهبِ لم تنتقل منذ خرجت من المَعدنِ على وجه لا يجوز ؟ فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، أو ليس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام ، فلما تُصِدقَ على بَرِيرَةَ بلحمٍ فَأهدَتهُ جَازَ له أكل تلك العين لتغير الوصف .) .
هنا مسألة مهمة أشار إليها بن الجوزي ، وفيها رد على الذين يقولون إنما تقللنا لأنه لا يوجد حلالٌ محض .يقول: (إن هذا شيء لم ينظر فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .)فالصحابة الذين اسلموا لم يسألهم عن سالف أموالهم ولا من أين اكتسبوها بخلاف ما إذا علم مصدرها .
مسألة: مات رجل وترك أموالاً طائلة وكان يعمل في المحرمات في الخمر والرشوة والأفيون وغير ذلك فما حكم هذا المال؟هي حرام في حق هذا الرجل ، لا يحل له أن ينتفع بما حرَّمَ الله ، فإذا مات انتقل المال إلى غيره فتغير الوصف ، فيصير مال الميراث حلالًا للولد ، إلا في حالة أن يغصب والده مالًا من معين ويعلم الولد ذلك المعين ففي هذه الحالة لا يجوز له أن يأخذ المال الذي يجب أن يرده إلى صاحبه .لو افترضنا مثلًا هذه قطعة أرض وهذا الوالد اغتصبها من أيتام ،أو اغتصبها من فقراء ، والولد يعلم أن هذا المال مال هؤلاء الفقراء ، أو هؤلاء الأيتام فلا يجوز له أن يأخذ هذا المال بدعوى أنه ورث ، إنما يصير المال حلالًا له إذا كان من المحرمات عامة ، يتاجر في الخمر يتاجر في الحشيش ، أو أي شيء مثل هذا ، إلا أن يكون المال مغصوبًا أو أُخذ غدرًا مثلما نقول الرسول- عليه الصلاة والسلام- لم يسأل الصحابة عن سالف أموالهم من أين اكتسبوها ، مع أنهم كانوا في الجاهلية لم يكن هناك ضابط يحكمهم ، فكانوا يكتسبون المال من كل وجه .بخلاف مثلًا.
مَا حَدَثَ لِلْمُغِيْرَةِ بْنِ شُعْبَةَ- رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ- كَمَا فِيْ حَدِيْثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِيْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ:
لما جاء عروة بن مسعود الثقفي إلى النبي- عليه الصلاة والسلام- في صلح الحديبية ، فكان يقف بجانب النبي- عليه الصلاة والسلام- رجلٌ ملَّثم معه سيف ، فكان عروة يكلم النبي- عليه الصلاة والسلام- .فإذا كلمه مد يده إلى لحيته مسَّها ، وهو يكلم النبي- عليه الصلاة والسلام- تجده يمسك لحية النبي- صلى الله عليه وسلم – فإذا مد يده إلى لحية النبي- صلى الله عليه وسلم– إذا هذا الواقف يضربه على يده ، فينظر إليه ولكنه لا يعرفه ، ثم يستمر عروة في الحوار وينسى نفسه ويمد يده إلى لحية النبي- صلى الله عليه وسلم – ، فإذا الواقف يضربه على يده ويقول له أخفض يدك ، فقال عروة من هذا ؟ فقال النبي:- صلى الله عليه وسلم –:" هذا ابن أخيك هذا المغيرة بن شعبة " ، عروة هو عم المغيرة ، فقال له: " أي غُدر ،_ أي يا أيها الغادر تفعل بي هكذا وتضربني على يدي ، _لا زلت أسعى في غدرتك ،_ وكان المغيرة صحب ثلاثة عشر رجلًا في الجاهلية فشربوا الخمر فلما سكروا قتلهم جميعًا وأخذ أموالهم وذهب إلى النبي- صلي الله عليه وسلم- فأسلم وقص عليه ما جرى وأعطاه المال ، فقال- عليه الصلاة والسلام- ، أما الإسلام فأقبله منك ، وأما المال فلست منه في شيء إنه أُخذ غدرًا ،" وقول عروة بن مسعود الثقفي لازلت أسعى في غدرتك لأن طبعًا لما حصل المغيرة بن شعبة لما قتل هؤلاء الجماعة ، فقامت القبائل على بعضها ، فعروة بن مسعود الثقفي قال لهم يا جماعة أنا سأدفع دية القتلي ولا داعي للقتال والمناحرات ، فهو يقول له أنا لا زلت أسعي في دية من قتلتهم وأخذت أموالهم حتى الآن وأنت تضربني على يدي فالرسول رد المال لأنه أخذ غدرًا ..
إذا تغير وصف المال تغير حكمه : في صحيح البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: "قاتل الله فلانًا أما علم أن الخمر حرَّمها الله ، وأن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال: قاتل الله اليهود حُرمت عليهم الشحوم فجمَلوها وباعوها ". الشاهد من الحديث:جملوها: أي أذابوها وباعوها ، فلانًا: هذا هو سمرة بن جندب- رضي الله عنه- ، وفي بعض طرق الحديث قال عمر: قاتل الله سمرة أما علم أن الخمر حرَّمها الله ,وطبعًا لا يُتصور في جندب أن يبيع الخمر وقد ثبت تحريمها بالنص القاطع ، لكن كما ذهب إليه بن الجوزي والقرطبي ، كان سمرة ذهب نائبًا عن بعض الولاة أظن في أهل البصرة وأتى بالجزية من أهل الكتاب ، فأعطوه خمرًا ، فسمرة باع الخمر وقبض ثمنها ، وهذا معنى: قاتل الله فلانًا أما علم أن الخمر حرمها الله ، فالخمرة حلال عند النصارى . يقول بن الجوزي: ( فإنا لو دخلنا ديار الروم مثلاً فوجدنا أثمَانَ الخمور وأجرة الفجور أيكون حرامًا علينا أن نتناولها ؟)قال: لا ، صارت (حلالًا لنا بوصف الغنيمة ).فتغير المحل أم لا ؟ تغير الوصف ولم يعد على حاله الأول فقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- نولوهم بيعها وخذوا أثمانها ، هم الذين يبيعون الخمر ، فلا يأتي واحد في الجزية ويعطيني خمر ويقول هذه الخمر ثمنها كذا وهذه هي الجزية المفروضة عليه ، أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك لأن الله- عز وجل- حرم الخمر ، وكما قال النبي- صلي الله عليه وسلم- :" إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه " ، نولوهم بيعها وخذوا ثمنها ، هو لما يبيع الخمر وهي حلال عندهم ، ويعطيني الفلوس صارت حلالًا لأنها لم تعد فلوس خمر ، أنما صارت فلوس الجزية.
قِصَّةِ بَرِيْرَةَ:واستدل على ذلك بقصة بريرة ، وطبعًا معروف أن النبي- صلي الله عليه وسلم- حُرِّم عليه تناول الصدقة ، حتى أنه- صلي الله عليه وسلم- ذات مرة وجد تمرة على الفراش فأكلها ، فظل يتضور ليلته كلها ، أصابه مغص ، قال:" أخشى أن تكون هذه من تمر الصدقة " ، فالصدقة كانت محرَّمة عليه- عليه الصلاة والسلام- .لما تُصدق على بريرة بلحم تغير المحل ، الذي أعطاها ، أعطاها بوصف الصدقة فلما أخذتها بريرة صار ملكًا لها ، فتغير المحِل وتغير المالك ، مالك اللحم ، فالنبي- صلي الله عليه وسلم- قال:" هو لها صدقة ولنا هدية " ، أي أنها إذا أعطت النبي- صلي الله عليه وسلم- هذا اللحم فهذا جائز لا بأسًا به .يقول: ( أَفَتُريدُ حلالًا على معني أن الحبةَ من الذهبِ لما خرجت من باطن الأرض لم تتَدَاولَ إِلَّا عَلى وَجهٍ مَشرُوع . ) لو أننا نتبع هذه القصة سنتعب كثيرًا ، لأن الأموال التي نشتري منها فيها المال المغصوب وفيها المال الحرام وفيها السرقة وفيها كل شيء ، ليس كل الأموال الموجود ة في السوق حلال ، فيه واحد تدخل عليه المحل تجد كل البضاعة الموجودة من أموال البنوك ، أتي بالقروض وعمل ، فأنت ليس لك علاقة بهذه القصة نهائيًا ، أنت تدخل لتشتري وانتهت القصة بالنسبة لك ، وهذا نوع من التيسير .وحسبك كما قلت أن النبي – عليه الصلاة والسلام- لم ينظر في هذا ، ولم ينظر أصحابه من بعده في شيءٍ من هذا ، والأصل في هذا قول الله- تبارك وتعالي- في الحديث الإلهي وهو من حديث عياض بن حمار المجاشعي في صحيح مسلم قال: " إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم في يومي هذا كل مالٍ نَحَلته عبدًا حلال " وهذا كلام رب العزة- تبارك وتعالي- " كل مالٍ نحلته عبدًا حلال " أي إذا أخذه من وجه مشروع صار حلالًا ، وبالنسبة لك أنت معفوٌ عنك ألا تسأل عن شيء من هذا .قال: (وقد قال أحمد بن حنبل: أكره التقلل من الطعام فإن أقوامًا فعلو ذلك فعجزوا عن الفرائض .)لعله يشير إلى مالك بن دينار ومر بنا أن مالك بن دينار خلط الدقيق بالرماد هو نفسه قال ذلك ، قال (خلطت الدقيق بالرماد حتى ضعفت عن العبادة) ، وأنا لا أقدر أفهم لماذا يخلط الدقيق بالرماد ؟ ما وجه الزهد في هذا ؟ ما هو إلا تعذيب النفس والله- عز وجل- نهى عن ذلك وقال:﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء:29)
فَكُلُّ شَيْءٍ يَشُقُّ عَلَىَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْلَّهُ بِهِ فَهَذَا لَيْسَ بمشْرُوْعٌ :لأن المشقة في ذاتها غير مقصودة ، وانتبه للكلام .الشروع في عمل أن تقصد المشقة فيه بقصد أن تأخذ أجرًا أكثر ، على أساس النبي- عليه الصلاة والسلام- لما قال لعائشة: " أجرك على قدر نصبك " ، فأنت تقول كلما أثقل على نفسي وأضيق على نفسي كلما أخذت أجرًا أكثر ، لا .
متى يكون الأجر علي قدر النصب؟ إنما إذا كانت المشقة مقرونة بالعمل ولا سبيل إلى فصلهما في كلام النبي- صلي الله عليه وسلم- لعائشة " إنما أجرك على قدر نصبك " ، أنا أريد أن أحج أو أريد أن أعتمر ولا سبيل إلى الحج أو العمرة إلا أنني أركب جمل ، وأظل أتقلب في الصحراء ، أركب نهارًا وأحط ليلًا وهكذا حتى أصل إلى البيت العتيق ، ولا تستطيع أن تصل إلا بذلك .لكن عندك جمل وتستطيع أن تركب طيارة ، فأنت لما تركب الجمل فما مقصوده من تعذيب النفس ، والنبي- صلي الله عليه وسلم- " رأى جماعة حول رجل ، فقال ما به ؟ قالوا نذر أن يحج ماشيًا ، قال مروه أن يركب فإن الله غني عن تعذيب هذا نفسه.
فقصد المشقة ليس مقصودًا شرعًا : بالعكس كل شيء ييسر على العبد الله- عز وجل- يأمر به ، ولذلك أمر بالرخص تيسيرًا علي العبد ، فمسألة أن يخلط الدقيق والرماد ، فلماذا يخلط الدقيق والرماد ، يحملنا حسن الظن به على أنه رأى أنه يؤدب نفسه بذلك لكن يقول أنا ضعفت عن الصلاة ، وسيمر بنا إن شاء الله في بعض الخواطر لابن الجوزي أن رجلًا لا يكاد أن يأكل ، لدرجة أنه ما كان يستطيع أن يصلي الفرض جالسًا وليس واقفًا ، فكان ينام ، أنت جوعت نفسك وضيعت الصلاة وضيعت القيام في الصلاة وهو ركن ، ما المقصود من هذه المسألة ؟ حتى يقول أنه لما بلغت به هذه الحالة صبوا في حلقه ماء فسمعوا لها صوت كما لو أنك وضعت إناء فارغ على النار ثم صببت الماء فعمل صوت طرطشة ولم يلبث قليلًا حتى مات ، وكان بن الجوزي يحكيه مما حدث في زمانه .يقول: (وهذا صحيح ._أي كلام الإمام أحمد _.فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض ، ثم يعجز عن مباشرة أهله واعفافهم ، وعن بذل القُوى في الكسب لهم وعن فعل خيرٍ قد كان يفعله) .
العبد العاقل الذي يستكثر من الخيرات: يرى أنا لما أجوع ، ما هي الخسائر التي تحدث لما أجوع ، ليكن هذا الجوع سيؤدبني صحيح ، لكن الخسائر المترتبة على الجوع كثيرة ، بن الجوزي ذكر بعضها ، على الأقل أن لن يسعي في الخير الذي كان يسعى فيه قبل ذلك ، فتكون المسائل مسألة موازنة بين المصالح والمفاسد .يقول: (ولا يَهُولَنَّكَ ما تسمعه من الأحاديث التي تحثُ على الجوع ، فإن المراد بها إما الحث على الصوم وإما النهي عن مُدَاومةِ الشِّبَع، فأمَّا تَنقيصُ المَطعَم على الدوام فمُؤثرٍ في القُوى فلا يجُوز طبعًا نعرف الأحاديث الذي كان يستعيذ النبي- صلي الله عليه وسلم- من الجوع ، حديث أبي هريرة الذي رواه أبو داود والنسائي وصححه بن حبان ، قال: كان من دعاء رسول الله- صلي الله عليه وسلم- :" اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة " وإسناده جيد . وحديث ثوبان في صحيح مسلم لما سأل النبي- صلي الله عليه وسلم- ربه- عز وجل-:" ألا يهلك أمته بِسَنةٍ عامه " ، والسنة: هي المجاعة ، فقال له يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فلا راد له " وتكفل الله- عز وجل- للنبي- صلي الله عليه وسلم- ألا يهلك هذه الأمة بسنةٍ عامه ، أي مجاعة ، وقد ورد التنصيص على الجوع في حديث معاذ بن جبل في مسند الإمام أحمد وغيره ، ولكن الإسناد منقطع ما بين عبد الرحمن بن أبي ليلي ، ومعاذ بن جبل . كذلك حث بعض الأنبياء ممن كانوا قبلنا كما في حديث صهيب الرومي الذي رواه النسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد وغيرهما بسند صحيح على شرط مسلم وهذا الإسناد هو عين الإسناد في مسلم ، لكن مطلع الكلام الذي سأذكره الآن لم يذكره مسلمًا في قصة أصحاب الأخدود .
يقول صُهيب الرومي: كنا في زمان حُنين في صلاة فجر أحد الأيام ، فحرك النبي- صلي الله عليه وسلم- فمه بكلامٍ لم يكن يفعله قبل ذلك ، فسألناه فقال:" أو فطنتم لي ؟ قلنا أجل يا رسول الله ، قال: إني ذكرت نبيًا من الأنبياء ممن كانوا قبل هذه الأمة فنظر إلى قومه فأعجبهم ، فقال لا يروم هؤلاء شيء ، أو من يكافئ هؤلاء ، رأى قومه أبطال وأقوياء فقال من يستطيع أن يقف لهؤلاء الأبطال ، فأوحى الله إليه أن خير أمتك بين ثلاث ،إما أن أسلط عليهم عدوًا يستأصل شأفتهم ، وإما أن أسلط عليه الجوع أو الموت .فاستشار قومه ، فقالوا له: أنت رسولنا خر لنا ، فقام إلى الصلاة وكانوا إذا فزعوا من شيء فزعوا إلى الصلاة ، فقال: أما عدوٌ مِن غيرنا فإنا لا نطيق ذلك ،وأما الجوع فإنا لا نصبر عليه ولكن نختار الموت ، فأهلك الله- عز وجل- منهم في ثلاث ليالٍ سبعين ألفًا ، فقال النبي- صلي الله عليه وسلم- فأنا أقول:" اللهم بك أصاول وبك أحاول وبك أقاتل " ، كأن ذلك النبي- صلوات الله عليه- لم يستثن هذا ، قال: من يقوم لهؤلاء ، ولم يستثني ،والنبي- صلي الله عليه وسلم- خشي أن يُصيب قومه ما أصاب قوم هؤلاء النبي فيقول:" اللهم بك أصاول وبك أحاول وبك أقاتل " ، أي لا حول ولا قوة إلا بك ، فقالوا: الجوع هذا لا نصبر عليه .وطبعًا امتن الله على قريش كما تعلمون بقوله تعالي:﴿ لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾(سورة قريش) ، وقال الله- عز وجل-:﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (النحل:112) ، وقال تعالي:﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة:155) .الجوع كما يقول النبي- صلي الله عليه وسلم-:" بئس الضجيع " ، لا يستطيع المرء أن ينام وهو جائع ، فلا يعبد الله- عز وجل- لا جائع ولا خائف ، فأعظم نعمتين ، نعمة ألأمن أن يكون المرء آمنًا ، ونعمة الشبع . بن الجوزي يقول: (لا يَهُولَنَّكَ ما تسمعه من الأحاديث التي تحثُ على الجوع )لماذا ؟ لأن هي لها تأويلات .
تَأْوِيْلَاتٍ أَحَادِيْثَ الْجُوْعِ:التأويل الأول: أن المراد الحث على الصيام أو النهي عن مداومة الشبع . والذي يلاحظ أحاديث الجوع وجوع الصحابة وجوع النبي- صلي الله عليه وسلم- وغير ذلك يدل على أنه جوعٌ اضطراري ، وليس جوعاً اختياريًا ، لم يكن يجد ، ويُحمل على هذا المعني كل الأحاديث التي بوب عليها بعض العلماء كالبخاري وغيره في باب فضل الجوع ، لأن هناك بعض الناس يقول كيف يكون للجوع فضل وقد استعاذ منه النبي- صلي الله عليه وسلم- ، قال:" اللهم إني أعوذ بك من الجوع " لا ، الجوع والفقر ، هذا له معنى وهذا له معنى ، فضل الجوع أي المقصود به عدم التقلل ، وعدم الإنكباب على الدنيا لأن الشبع له مشاكل .
كان لقمان الحكيم يقول لابنه: ( يا بني إن المعدة إذا امتلأت نامت الفكرة وكفت الأعضاء عن العبادة .)
والشافعي كان يقول: ( ما أفلح سمين قط إلا محمد بن الحسن .)ومحمد بن الحسن كان في صحبة هارون الرشيد وكان الفالوذج وأطايب الأكل والشراب وكان محمد بن الحسن يعيش في نعمة عظيمة ، فيقول ما أفلح سمين قط ، إشارة إلى أن المرء إذا داوم على الأكل أو كان همه الأكل فهذا يؤثر على استيعابه ، ويؤثر على نشاطه ، ولا يزال أهل العلم يتقللون ، ليس كانوا كما قلت لكم يجدون ثم يتقللون ، لا ، لم يكن عندهم شيء من هذا.
يتبع إن شاء الله...


الحلقة (27) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الحلقة (27) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة (27) من مدرسة الحياة   الحلقة (27) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 3:12 pm

أنظر مثلًا أبو سعيد الأشجع: بن أبي داود عبد الله الذي أبوه أبو داود صاحب السنن ، سليمان ألأسدي ، بن أبو داود ذهب ليسمع من أبي سعيد بن الأشجع فأخذ معه ثلاثين كيلو فول ، وأخذ معه أرغفة ما كان يستطيع أن يأكلها إلا على شط الفرات يضعها في الماء لمدة دقيقتين أو ثلاثة لكي يلين ، وإلا فهو لا يستطيع أن يأكله فيضع الرغيف في الفرات ويأكل من الفول ،قال: فلما نفذت الباقيلا ، الثلاثين كيلو فول كنت قد كتبت عن أبي سعيد ثلاثين ألف حديث ، ثلاثين ألف حديث في مقابل ثلاثين كيلو فول .أحمد بن حنبل لما ذهب إلى عبد الرزاق في اليمن ونفذ ما معه من متاع وأرادوا أن يواسوه بمال أبي ، رفض وأظن تورق لهم وكان يكتب لهم بالأجرة .
والإمام البخاري: حدث له شيء من هذا ، لما ذهبوا إليه ، افتقدوه يومين أو ثلاثة وذهبوا يسألوا عنه ، فكلمهم من وراء الباب ،ما الذي حدث له ؟ باع ملابسه ، فليس عنده ملابس يستطيع أن يخرج بها ، شيئًا يواري عورته ولكن باع ملابسه .
يحي بن معين ترك له أبوه ألف ألف أنفقها حتى لم يجد نعلاًَ يلبسه. فمسألة الجوع والفقر تجدها سمة عامة عند سائر أهل العلم ، فهو مسألة الشبع مشكلة بالنسبة لطالب العلم ، ينبغي له أن يتقلل .
فمحصلة الموضوع: أن الجوع الذي كان عند النبي- صلي الله عليه وسلم- وعند الصحابة كان جوعًا اضطراريًا بمعنى أنه لم يجدون ، فلما لم يجدوا صبروا .
يقول بن الجوزي: ( ثم في هؤلاء المذمُومِين من يرى هجر اللحم والنبي- صلى الله عليه و سلم- كان يود أن يأكله كل يوم .)أما يود أن يأكله كل يوم: فهذا أنا لم أجده في شيءٍ من الأحاديث بمعنى أن النبي- صلي الله عليه وسلم- أنه كان يتمنى أن يأكل اللحم كل يوم ، لا ، هذا ما وجدته ، لكن كان من عادته- صلي الله عليه وسلم- أن لا يرد موجودًا وأن لا يلتمس مفقودًا ، ما وجده يأكله ، ولا يلتمس شيئًا مفقودًا ، وهذا كان من هديه- صلي الله عليه وسلم- .يقول: ( واسمع مني بلا مُحَابَاة: لا تحتجن علي بأسماء الرجال فتقول: قال بشرٌ وقال إبراهيم بن أدهم ،فإن من احتج بالرسول- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم أقوى حجة .)وهذا كلام الناس المحررين ، كلام المحققين الذين خرجوا من ردة التقليد ، وخرجوا منه بقانون العلم أيضًا ، وليس بالذراع ويقول أنا مجتهد لابد إذا خرج أن يخرج بقانون العلم ، وإلا فالجهلة الذين نعاني منهم وتمتلئ بهم ديار المسلمين كلهم خرجوا عن قانون العلم بمعنى التجديد ،وبدعوى إعادة النظر في القرءان والسنة مرة أخري .الذين تورطوا في التأويل الباطل الذي يسمونه(بتأويل الإشارة) هذا ليس له أي علاقة بالاجتهاد ، فهذا كلام واحد محرر .يقول: لا تقول لي قال: بشر أي بشر الحافي ولا تقل قال إبراهيم بن أدهم لماذا ؟ لأن الذي يحتج بالرسول وأصحابه أقوى حجة من هؤلاء لما تقرأ سير الصحابة لا تجد أي عراقيل ولا مشاكل في الدين ، إنما هذه المشاكل كلما بعدت عن زمان الصحابة ، وتجد التدقيقات في مسائل الورع التي وصلت إلى حد الوسوسة يظل يتورع ويتورع ويتورع حتى يوسوس ، بخلاف ما كان الصحابة- رضي الله عنهم- عليه .يقول: (عَلى أَن لِأَفعَالِ أولَئِك وجُوهًا نَحمِلُهَا عَليهِم بُحسنِ الظَّنِ .)وطبعًا كل إنسان يقدر بقدره ، العالم إذا صدر منه شيء من المخالفات ، سنقول أنه لم يبلغه الدليل أو بلغه دليل خصص هذا أو قيده أو نسخه ، لابد أن ألتمس له ، طالما أنه عالم أقول يصعب أن يخالف بعدما علم بالدليل ، مثلما يحدث للصحابة رضي الله عنهم ، لما مثل عمر بن الخطاب ، استأذن عليه أبو موسى الأشعري كما في الصحيحين استأذن عليه ثلاثًا ، فلما لم يؤذن له فرجع ، فكأنه عرف صوت أبي موسى الأشعري ، فقال: "عبد الله بن قيس كان بالباب ؟ قالوا له: نعم ، قال ائتوني به .فلما جاء أبو موسى الأشعري قال له: ما حملك على أن تنصرف ، قال: قال النبي- صلي الله عليه وسلم- قال:" إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع ، فقال: لتأتين بشاهدٍ" أو سأعاقبك فخرج أبو موسى الأشعري مصفرًا وجهه من هذه المسألة وذهب إلى مجلس من الأنصار وجدهم يجلسون فحكي لهم الحكاية ، فتعجبوا أن سنة الاستئذان تفوت على مثل عمر مع كثرة ملازمته للنبي- صلي الله عليه وسلم- ، حتى أنه كما قال بن عمر كان كثيرًا ما يقول النبي يقول خرجت أنا وأبي بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبي بكر وعمر ، فقالوا "والله لا يقوم معك إلا أصغرنا .فقام أبو سعيد ألخدري فشهد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال ذلك ، فقال عمر ألهاني عنه الصفق بالأسواق ،(الصفق بالأسواق ) أي التجارة ،_"ثم قال لأبي موسى ألا أني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- شديد "
قال : ( عَلى أَن لِأَفعَالِ أولَئِك وجُوهًا نَحمِلُهَا عَليهِم بُحسنِ الظَّنِ ولقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعةٍ من الساداتِ أنهم دفنوا كُتبهم ، فقلتُ له: ما وجه هذا ؟ فقال: أحسن ما نقول أن نسكت يشير إلى أن هذا جهلٌ مِن فاعِله ، وتأولتُ أنا لهم فقلت: لعلهم ما دفنوا من كتبهم فيه شيء من الرأي فما رأوا أن يعمل الناس به ولقد رُوِينَا في الحديث عن أحمد بن أبي الحَواري: أنه أخَذ كُتبه فرمى بها في البحر وقال: نعم الدليلُ كنتِ ولا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المدلُول ، وهذا إذا أحسنا به الظَّن ، قلنا: كان فيها من كَلامهم ما لا يرتضيه ، فأما إذا كانت علومًا صحيحةً كان هذا من أفحَشِ الإضَاعَة وأنَا وإن تأولت لهم هذا فهو تأويل صحيح في حق العلماءِ منهم ، لأنا قد رُوِينَا عن سفيان الثوري: أنه قَد أوصَى بدفن كتبه وكان نَدم على أشياء كتبها عن قومٍ وقال: حملني شهوة الحديث ، وهذا لأنه كان يكتب عن الضُّعفاء والمتروكين فكأنه لما عَسرُ عليه التمييز أوصى بدفن الكل .وكذلك من كان له رأيٌ من كلامه ثم رجع عنه جاز له أن يدفن الكتب التي فيها ذلك علي وجه التأويل للعلماء فأما المتزهِدون الذين رأوا صُورة فعل العلماء ودفنوا كتبًا صالحةٍ لئلا تشغَلَهم عن التعبد فإنه جهل منهم ، لأنهم شرعوا في إطفاء مصباح يُضِيء لهم مَع الإِقدَامِ على تَضييع مَالٍ لا يَحلُ تَضييعه ، ومن جُملَة من عَمِل بواقعةِ دفن كتب العلم يُوسف بن أسبَاط ثُّم لَم يَصبرُ عن التًّحديث فَخَلَطَ فعُدَ في الضُّعفَاء )هو يتكلم هنا عن مسألة دفن الكتب ، هناك من طرائق التحمل في الحديث مايُسمي بالوجادة
طرائق التحمل : التحديث المباشر: مثل أنا جالس الآن ، لو نحن في زمان الأسانيد ، أنا أملي بإسنادي وأنتم تكتبون ، فأي واحد يأخذ هذا المجلس ويذهب إلى مجلس آخر يكون هو فيه شيخ يقول حدثني فلان حدثنا فلان قال حدثنا فلان ، وهذا هو التحمل المباشر وهو أعلى درجات التحمل .
العرض في التحديث: والعرض هو أن يقرأ التلميذ علي الشيخ والشيخ يقرأ ، أي يعرض عليه المرويات وهو يُقر ، مثل ما يحي بن يحي في صحيح مسلم ، مسلم يقول: حدثنا يحي بن يحي قال: قرأت علي مالك ، ومالك ما كان يقرأ علي أحد ، لماذا ؟ كان يرد علي أهل العراق ، لأن أهل العراق كانوا يقولون: إن العرض دون التحديث فكان مالك يقول: القرآن أعظم وإنما يؤخذ القرآن عرضًا ، أنت تقرأ علي الشيخ تعرض قراءتك علي الشيخ والشيخ يصحح لك أو يقر ، فيقول أن هذا في القرآن ألا يكون في الحديث من باب أولي ؟ فالقرآن أعظم .
وكان إبراهيم بن سعد: إمام أهل المدينة كان يقول: يا أهل العراق لا تدعون تنطعكم فالعرض أقوي من السماع ، أي قلبها ، فكان مالك لا يقرأ علي أحد حتى عندما جاء الشافعي- رحمه الله- فقال له مالك: ألتمس من يقرأ لك قال: إني قارئ ، فقال له: أقرأ فقرأ فأعجبته قراءة الشافعي وفصاحته.
الإجازة: أن أقول أجزتك أن تروي هذا ، وفيه طبعًا إجازة خاصة ، وإجازة عامة طبعًا من أضعف طرق التحمل الإجازة العامة ، الإجازة العامة إن في واحد يقول أجزت أهل عصري أن يروا عني مروياتي أو هذا السند ، السند فيه كل أسانيده إلي الكتب فطبعًا أنت لا تعرف من الذي سيأخذ الكلام هذا ، ممكن يكون إنسان لا يستحق شيئًا ومع ذلك دخل في الإجازة العامة.
بخلاف الإجازة الخاصة: أن يجيزك الشيخ إجادة خاصة بكتاب ما ، هو يعرف قدرك ويعرف وزنك فأجازك فهذه لها وزن .
المناولة: أن أناولك كتابي وأقول ناولتك هذا الكتاب ترويه عني وهذه أيضًا قوية لأنها إجازة مقرونة بالمناولة .
الوجادة: أن يجد المرء كتابًا فيرويه ، وطبعًا الوجادة هذه يكون فيها مشاكل لماذا ؟ ممكن أن أكون جندت الكتاب يأتي واحد لو أنا أعلم أن هذا الإنسان سيروي هذا الكتاب أن كنت حرقته ، بالإضافة إلي أن قد يكون الكتاب غير ذي نسبة صحيحة إلي صاحبه ففيه مشاكل ، وقد يكون الكتاب فيه بعض الآراء كما بن الجوزي يقول: بعض الآراء التي أحتفظ أنا لنفسي بها ولا أبيح أن أذيعها علي العامة ، فيأخذ الكتاب من بعدي من لا يميز هذا من ذاك فينسب الكلام إلي فيقدح فيَّ .ومن هذا الباب الكتب التي تطبع بعد موت مؤلفيها هناك فرق بين أن يُطبع الكتاب في حياة صاحبه ، وبين أن يُطبع بعد وفاته ، وهذا الكلام أنا أيضًا نبهت عليه في بعض كتبي ، ونبهت عليه أيضًا في بعض المجالس ، وأنبه عليه . مثلًا كتب الشيخ الألباني- رحمة الله عليه- التي طبعت بعد موته ، ممكن الشيخ لا يكون مسئول عن كل كلام فيها ، ولا يعرف هذا إلا من عاين التصنيف ، الذي جرب التأليف هو الذي يعرف هذا الكلام ، ممكن أنا في بعض الأحاديث مثلًا عملت في الحديث وجمعت طرق الحديث .ثم وجدت أن الحديث مشوش والمفروض أن أعدله ، أعمله أحسن من ذلك ، أو في فقرة من الفقرات صفحة أو صفحتين من هذا التحقيق أقول هذا أنا محتاج أن أغيره ، لكن لم أشطب عليه ، لكن أنا عارف أن هذا يحتاج تغيير ، فلم أكتب بجانبه أنه يحتاج تعديل أو يحتاج تغيير ولا غير هذا ومت ، يأتي الذي بعدي يأخذ الكتاب على أساس أنه ينشر أثاري وينشر الكتاب كما هو ، مع أن هذا الموضع أنا كنت سأغيره ، لكن أنا لم أغيره ، كان فيه بعض الأخطاء معينة قلت أغيرها ، لكن مت خلاص . فلما يأتي واحد وينشر كتابي أنا بعد موتي فقد لا أكون مسئولًا مسئولية كاملة عن كل ما فيه لاحتمال أنه كان قابل للتغيير بخلاف ما نشر في حياتي ، أنا الذي صفيته ، وأنا الذي راجعت تجارب الطبع مرة واثنين وثلاثة وكان موجود ، وطبع الكتاب ووزع في حياتي أيضًا ، هذا غير هذا ولذلك لو رأينا في بعض كتب الشيخ الألباني ، كتب لو كان الشيخ حيًا ما نشرها أبدًا وبالذات الكتب التي لم يشر لا من قريب ولا من بعيد أنه على مقربة أنه يطبعها ، حتى لم يشر أنه أعدها للطبع ، مثل صحيح أبي داود مثلًا ، صحيح أبو داود وضعيف أبو داود وهذا طبع في أحدى عشر مجلدًا ، ممكن يكون فيه بعض المواضع الشيخ يريد أن يمسحها مثلًا .وأنا لا أعرف في كتاب من الكتب الذي نشرها الشيخ- رحمة الله عليه- في حياته أنه أشار إلى قرب تهيئته صحيح أبو داود ، أو ضعيف أبو داود إلى الطبع ، فيكون هذا أخذوه عن طريق الوِجادة ، وجدوا كتب الشيخ فطبعوها ، فكان بعض أهل العلم لا يرون الوجادة حجة ، طالما أنه لا يرى الوجادة حجة ، فكان يدفن كتبه أو يحرقها ، حتى لا يأخذ أحد الكتب من بعده ويرويها عنه عن طريق الوجادة .بن الجوزي يقول: أن أهل العلم إذا دفنوا كتبهم أنا سأحسن الظن بهم ، أقول أن العلم مانع أن يضيع العلم الذي جمعه طيلة حياته .
مثلًا احمد بن أبي الحواري: لما ذهب إلى كل البلاد ورحل وتعرض للجوع وتعرض للعطش ، وتعرض للسباع في الصحراء والتعب في القوافل وجمع العلم من أفواه العلم كيف يهون عليه أن يأخذ هذا الكتاب ويرميه في البحر أو يدفنه ؟ أنا لا أستطيع أن أتصور شيء مثل ذلك في حق واحد من أهل العلم إلا أن أتأول له ، أقول إما كان فيه أحاديث ضعيفة كثيرة ، أو كان فيه أراء ، أو فيه رواة متروكين مثلًا روى عنهم ، والذي سيأتي بعد ذلك لم يعرف أن هذا متروك ، أو يستطيع أن يميز بين ذلك وذاك مثل سفيان الثوري: كان يروى عن محمد بن الكلبي ، والكلبي متروك ساقط أحد الهلكى ، اتهمه بعض النقاد بالكذب ، فكانوا يقولون لسفيان أتروي عن الكلبي وهو كذاب ، فيقول إني أعرف صدقه من كذبه ، لكن الثوري كان عنده شهوة الحديث ولذلك مما أثر عنه أنه كان يقول: ( أخوف ما أخاف على نفسي من الحديث )، كان عنده شهوة الحديث ، يوقف أي أحد معه أي آثار أو أي إسناد ويقعده ويأخذ ما عنده فكثرت روايته عن الضعفاء والمتروكين .فلو جاء واجد وأخذ كتاب الثوري وفيه كلام عن محمد بن الكلبي ، الثوري يميز هذا كذب وهذا صدق ، لكن الذي بعد الثوري لا يستطيع أن يميز هذا من ذاك ، فهو لما يريد أن يدفن كتابه إنما دفنه خشية أن يتورط من يجده ، ويرويه عنه وجادة ثم ينسب هذا إلي سفيان الثوري رحمه الله
يوسف بن أسباط: وهو أحد تلاميذ الثوري ، دفن كتبه ثم احتاج أن يحدث ، غلبته شهوة التحديث ، فلما حدث خلط ، لم يكن يحفظ كتابه جيدًا ، فأدخل الأسانيد في بعضها فتُرك ، فيكون قد جني على نفسه ، لما دفن الكتب كان يسكت ولا يحدث ، مع أن يوسف بن أسباط وثقه يحي بن معين ، لكن البخاري- رحمة الله عليه- هو الذي ذكر التخليط الذي حدث ليوسف بن أسباط بسبب دفن الكتب . فانظر ليحي بن معين لما يقول: ثقة ، والبخاري لما يقول دفن كتبه فخلَّط ، أو كان يحدث فلا يأتي بالحديث كما ينبغي ، فأنا عندي جرح مفسر ، في التعديل عادة يكون مجمل ، يقول ثقة وفقط ،.فأنا عندي بن معين وعندي البخاري ، الذي عنده الجرح المفسر هو المقدم ، ولذلك قال أبو حاتم الرازي: لا يُحتج به ، لا يحتج به هذا جرح مفسر أم مجمل ؟ جرح مجمل ، مثل ضعيف ، ليس بشيء ، كل هذا جرح مجمل وليس مفسر ، إنما الجرح المفسر أن تذكر سبب الجرح ، لماذا جرحته ؟ يقول لك: له مناكير ، أو يقول اختلط ، أو يقول دفن كتبه ، أي جرح ، أو كذاب أو يحدث بالأباطيل عن الثقات ، لابد أن يذكر سبب الجرح .
فيوسف بن أسباط: هو واحد من الزهاد دفن كتبه ولم يصبر على ترك التحديث فحدث فخلط . وفيه واحد يكون ثبت في كتابه ولكنه إذا حدث من حفظه أخطأ ، مثل عبد الله بن نافع الصائغ إذا حدث من كتابه أجاد ، أما إذا حدث من حفظه خلط فيكون المفترض أن واحد كتابه حياته فلا يدفن الكتاب ، لكن هذا التخليط أوقع يوسف بن أسباط بكل أسف من مرتبة الثقة الذي يحتج به إلى مرتبة الضعيف ، حتى أنه إذا انفرد بحديث فإنه لا يقبل منه على الإطلاق .قال: (ثم روى بن الجوزي بسنده عن شعيب بن حرب يقول: قلت ليوسف بن أسباطٍ: كيف صنعت بكتبك ؟ قال: جئت إلى الجزيرة فلما نَضَبَ الماءٌ دَفنتُهَا حتى جَاءَ الماء عَليها فَذهَبت ، قلت: ما حملك على ذلك ؟ قال: أردت أن يكون الهمُ واحدًا .)هو الهم واحد ، يريد أن يقول أن أريد الهم واحد يكون هو الآخرة ، إذًا هو قصد جهة التعبد ، أراد أن يكون الهم واحدًا لا يريد أن يدخل ولا يعمل مجالس للتحديث ولا الطلبة يشاكسوه ولا غير ذلك ، أنا أريد أن أتعبد لله – سبحانه وتعالي- وأنفرد بنفسي ، أردت أن يكون الهم واحدًا ، وذكر عن العقيلي .قال: (قال العقيلي: وحدثني آدم قال: سمعت البخاري قال: قال صَدَقةُ: دفَن يوسف بن أسباط كُتبه وكان يغلب عليه الوهمُ فلا يجيءُ كما ينبغي . قال بن الجوزي: الظاهر أن هذه كتب علمٍ ينفع ، ولكن قلة العلم أوجبت هذا التَّفريطِ الذي قُصَدَ بِه الخَير وهو شر ، فلو كانت كتُبُه من جنس كُتب الثوري فإن فيها عن ضُعفَاء ولم يَصحَ له التمييز قرب الحال ، إنما تعليله يجمع الهم هو الدليل على أنها ليسَت كَذلك فانظر إلى قِلَة العِلم مَاذا تُؤَثِر مع أهلِ الخَير .ولقد بَلغَنا في الحديث عن بعض من نُعَظِمُه ، ونَزُوره ، أنه كان على شاطئ دجلة ، فبَال ثم تيمم، فقيل له الماء قريب منك فقال: خِفتُ أن لا أبلُغَهُ ، وهذا وإن كان يَدُلُ على قِصَر الأمل ، إلا أن الفُقَهاءُ إذا سمعوا عنه مثل هذا الحديث تَلاعبُوا به ، من جِهة أن التيمم إنما يصحُ عند عَدَمِ الماء فإذا كان الماء موجوداً كان تَحرِيك اليدين بالتيمم عَبثاً ، وليس من الضروري وجود الماء أن يكون إلى جانب المُحدِث ، بل لو كان على أَذرُعٍ كثيرةٍ ، كان موجوداً فلا فِعلَ للتيمم ، ولا أثَرَ حينئذٍ .ومن تأمل هذه الأشياء ، عَلمَ أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتبَاعَهُ وخَفَت إذا مات أشيَاعَهُ - أفضل من ألوفٍ تتمسحُ العَوام بهم تبرُكاً ، ويُشيعُ جَنَائِزهَم ما لا يُحصَى.
أَبْرَكَ شَيْءٍ فِيْ الْدُّنْيَا نشِرَ الْعَلَمَ ، وَأَكْثَرُ عَائِدَةْ عَلَىَ صَاحِبِهِ :ورب كلمة واحدة من الخير يهتدي بها ألوف الشاردين ، فما من واحد يهتدي إلا وهو في صحيفتك بخلاف العابد وطبعًا أرجو ألا يُفهم من الكلام أنني أهمش بالعبادة ، لكن أنا أريد أن أعمل نوع من الموازنة ، فيه بعض الناس أحيانًا يؤثر العزلة ، يقول: أنا زهقت من الناس وزهقت من التدريس ، وزهقت من مطالب الناس وغير ذلك فيدخل في بيته فلا يخرج ، لا ، لو صلي طول الليل لا يساوى هذا أن يعلم جاهلًا ، أو أن يرشد حائرًا .وقد ثبت عن النبي- صلي الله عليه وسلم- أنه قال لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه-:" لأن يهدي الله بك رجلًا خير لك من حمر النعم " وفي بعض ألفاظ الحديث " خير لك من الدنيا وما فيها لو كانت لك الدنيا " ، فلو كانت لك الدنيا وما فيها فهداية حائرٍ ضالٍ إلى طريق ربه تبارك وتعالي أبرك من الدنيا لو كانت معك ، فأفضل شيء في الدنيا هو تبليغ العلم لا شك في ذلك .
بن الجوزي يقول: إن هذا الرجل الذي نعظمه ونزوره تيمم مع وجود الماء ، وقال خفت ألا أبلغ الماء ،وطبعًا هذا على قانون العلم جهل ، أو على قانون الفقه جهل كما وضح بن الجوزي ، ليس من شرط الماء أن يكون بجانبه ، بل من شرطه مقدورًا عليه طالما الوقت لا زال متسعاَ ، اليوم لا يوجد ماء في البلد انقطعت المياه ،ويوجد نهر على بعد كيلو ، يلزمك حينئذٍ أن تذهب إلى النهر طالما أنك مستطيع لتتوضأ ولا يجوز لك أن تتيمم ، إلا إذا عجزت عن تحصل الماء وكان تحصيل الماء مضيعًا للوقت ، سأظل أمشي أربع ساعات حتى أصل إلى الماء ، وسيكون وقت الفرض انتهى ففي هذه الحالة يجوز لك أن تتيمم ، أما في إمكانية الوصول إلى الماء ، فانظر هذه حاجة .
بن عبد البر: أيضًا شن على يحي بن معين بسبب شيء كهذا ، لما أثر عن يحي بن معين أنه قال: الشافعي ليس بشيء ، فطبعًا بن عبد البر قال: بن معين هذا ماذا يكون بجانب الشافعي ، كيف يقول في الشافعي ليس بشيء وطبعًا بن معين لم يقول هذا في الشافعي الإمام ، ولكنه قال في واحد اسمه عبد العزيز الشافعي الأعمى ، وكان مشهورًا بلقب الشافعي ، فواحد قال له: ما تقول بالشافعي ؟ قال: ليس بشيء فحدث نوع من الخطأ فالذي قال ليس بشيء هذا ظن أنه يقول هذا في الشافعي ، فنقلها في الشافعي الإمام برغم أنه قال في عبد العزيز الأعمى الشافعي ، وإلا فالثابت عن يحي بن معين أنه قال في الشافعي ليس بإمام ، بن عبد البر حزين من هذه المسألة ، فقال من يكون يحي بن معين هذا ؟ الذي سألته امرأة يومًا فقالت: إن فروجةً سقطت في بئر فهل يجوز أن نتوضأ بهذا الماء ؟ قال لها: ويحك لما لم تغطي البئر ، نحن لسنا في موضوع غطي البئر أم لم يغطيه ، أنا أسأل عن الماء وليس الدجاجة التي ماتت . طبعًا بن عبد البر شن علي بن معين أنه لم يُجد في مسألة يجيد فيها صغير دارس الفقه ، وطبعًا الواقع أن هذا لا يُشنع علي بن معين به لأن متى يُشنع علي ابن معين ؟ إذا أفتي خطأ ، فيقال له: أنت أفتيت خطأ ما الذي أدخلك في الفقه ؟ لكنه حاد عن الجواب ، وطالما حاد عن الجواب يكون معذور ولا أقدر أن ألومه ، هو عندما قال لها ويحك لما لم تغطي البئر ؟ ما الذي حدث جاوب أم لم يجيب ؟ لم يجيب فكيف يلام ؟ وهذا مثل الفقيه عندما يسأل في عن راوي من الرواة ، فيقول مثلًا متروك ويكون هو ثقة عند الناس فيقولوا: ما الذي أدخله في الرواة ؟ هذا فقيه فيلام حينئذٍ إذا أفتي علي غير مقتضي العلم .أما أنه إذا حاد فأنا أعتبر أن هذا نوع من الذكاء من بن معين ، لم يحب في أن يحرج نفسه أو يقول للمرأة لا أدري أو غير ذلك ، فقال لها هاتين الكلمتين ، وقد يكون قالها علي سبيل الدُعابة والمزاح فيقول بن الجوزي- رحمة الله عليه-: ( ومن تأمل هذه الأشياء ، عَلمَ أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتبَاعَهُ ، وخَفَت إذا مات أشيَاعَهُ - أفضل من ألوفٍ تتمسحُ العَوام بهم تبركاً ويُشيعُ جَنَائِزهَم ما لا يُحصَى ، وهل الناس إلا صَاحِب أثَرٍ يتبعه ، أو فقيهٌ يفهمُ مًرَادَ الشرع ويُفتِي به ؟ ، نعوذُ باللهِ من الجهل، وتعظِيمِ الأَسلًافِ تقلِيداً لهم بغيرِ دليل ).وإن شاء الله في المرة القادمة سوف ننهي هذه الخاطرة ونبدأ في مصطلح الحديث ، وطبعًا في الحقيقة مصطلح الحديث ليس عندي نشاط أن أبدأه من الأول ، لكن الحقيقة بعد أن أقبل الناس إقبالًا شديدًا جدًا علي علوم الاصطلاح والكل يطلب المصطلح ، مضطر مرة أخري أن أرجع مرة أخري وأن أبدء الاصطلاح من أوله.
نهاية الدرس.


الحلقة (27) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الحلقة (27) من مدرسة الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة :: كتابات أبي إسحاق الحويني :: حلقات 1428 هجرية-
انتقل الى: