منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الحلقة (23) من مدرسة الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49197
العمر : 72

الحلقة (23) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة (23) من مدرسة الحياة   الحلقة (23) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 5:24 am

الدرس الثالث والعشرون
قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: (تفَكرتُ في سَببِ هِدَايةِ مَن يَهتَدي وانتبَاهِ مَن يَتَيقَظِ من رُقَادِ غَفلَتهِ فَوجدتُ السَّببَ الأكبرِ اختيَار الحقَّ- عز وجل- لذلك الشَّخصِ كما قِيلِ: إِذا أَرَادكَ لِأمرٍ هَيأَكَ لَهُ ،فَتَارةً تقع اليَقظةَ بمجَردِ فِكرٍ يُوجِبُهُ نَظرُ العَقل ، فَيَتَلَمحُ الإنسان وجُودَ نفسهِ فَيعلمُ أنَّ لَهَا صَانعًا ، وقَد طَالَبَهُ بِحَقهِ وشُكرِ نِعمَتِهِ وَخَوَفَهُ عِقَابَ مُخَالَفَتِهِ ، ولا يكونُ ذَلك بِسببٍ ظَاهرٍ .ومِن هَذا ما جَرَى لِأهلِ الكهفِ:﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ﴾(الكهف:14) ، وفي التفسير: أنَ كل واحدٍ مِنهم أَلفَىَ في قلبهِ يَقظةً فَقالَ: لا بُدَ لِهَذا الخلقِ مِن خَالقٍ فَاشتَدَ كَربَ بَوَاطِنِهِم مِن وقُودِ نَارِ الحَذَر فخَرجُوا إلى الصَّحراء فاجتَمِعُوا عن غيرِ مَوعدٍ فَكُلُّ واحدٍ يَسألُ الآخَر ما الذِي أخرَجَكَ ؟ فتَصَادقُوا , وَمِن النَّاسِ مَن يَجعَلُ الخالقُ- سُبحَانَهُ وتَعَالَى- عِندَهُ لِذَلك السَّبب الَّذي هُو الفِكرُ والنَّظَرُ سببًا ظَاهرًا إمَّا مِن مَوعِظَةٍ يَسمَعُها أو يَراهَا فَيُحَرِكَ هَذَا السَّببُ الظَّاهِر فِكرَةَ القَلبِ البَاطنة ، ثُّم يَنقسمُ المُتَيَقِظُونَ، فَمنهُم مَن يَغلِبَهُ هَوَاهُ ويَقتَضِيهِ طَبعُهُ مَا يَشتهِي مِمَّا قَد اعتَادَه فَيعُودِ القَهقَرَى ولا يَنفَعُهُ ما حَصَلَ لَه مِن الانتِباهِ ، فانتِبِاه مِثلَ هَذَا زِيَادةٌ في الحُجَةِ عَليه . ومنهم من هو واقفٌ في مَقَام المُجاهَدة بين صَفَين ، العَقلُ الآمِرُ بِالتَّقوَى والهَوَى المُتقَاضِى بالشَّهواتِ،فمنهم من يُغلَبُ بَعد المُجَاهَدَاتِ الطَّوِيلَة فَيعودُ إلى الشَّرِ،ويُختَمُ لَه به ، ومنهُم من يَغلب تارةً و يُغلب أُخرَى فَجِرَاحَاتُهُ لا في مَقتَلٍ ، ومنهم مَن يَقهَر عَدوَه فَيسجُنهُ في حَبسٍ فًلا يَبقَى للعَدوِ مِن الحِيلةِ إلا الوَسَاوِس .وَمِن الصَّفوةِ أَقوَامٍ مُذ تَيقظُوا مَا نَامُوا وَمُذ سَلكُوا مَا وَقفُوا فَهَمُهم صُعودٍ وتَرَقٍ ، كُلَمَا عَبَرُوا مُقَامًا إلى مُقَامٍ رَأوا نَقصَ مَا كَانُوا فِيهِ فَاستَغفَرُوا ، ومِنهُم مَن يَرقَى عَنِ الاحتِيَاجِ إِلَى مُجَاهدة ، إمَّا لِخسَةِ ما يَدعُو إليهِ الطَّبعُ عِندهُ ولا وقَعَ لَه ، وإمَّا لِشَرفِ مَطلُوبِهِ فَلَا يَلتفتُ إلى عَائِقٍ عَنهُ .واعلَم أنَّ الطَّريقَ المُوصَلَةِ إِلى الحقِّ سُبحانَهُ لَيست مِمَا يُقطَعُ بِالأقدَامِ إنَّمَا يُقطَعُ بالقلوبِ،والشَّهَواتِ العَاجِلَةُ قُطَاعُ الطَّريق ،والسَّبِيلُ كالليل المُدلَهِم غَير أنَّ عَينَ المُوَفَقِ بَصرُ فَرَس لأنَّهُ يَرَى في الظُّلمَةِ كَمَا يَرَى في الضَّوءِ ،والصِدقُ في الطَّلبِ مَنَار أين وجِدَ يَدُلُ عَلى الجَادةِ ، وَإِنَّمَا يَتَعثرُ مَن لَم يُخلِص ، وَإنَّما يَمتَنِعُ الإخلاصُ مِمَن لا يُرَاد فَلا حَولَ وَلا قُوةِ إِلَّا بِالله ).هذا كلام نفيس جدًا ، ربما يمكن سبكُهُ غامض فتمر عبارات لا تفهم المقصود منها ، لكن مع الشرح والبيان سيظهر نفاسة هذا الكلام ، وإنما اخترت هذا الصيد من كلام بن الجوزي ، ولم أتمم الكلام عن الخاطرة السابقة التي ابتدأناها في العشر الأواخر من رمضان لأننا في ليلة السابع والعشرين من رمضان .
الْدَّلِيلِ عَلَىَ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ سَابِعٍ وَعِشْرِيْنَ:وليلة السابع والعشرين كما ذهب إليه جمهور العوام هي ليلة القدر ، وقد ورد فيها حديث صحيح في الترمذي وغيره ،" أنه قيل لأبي بن كعب إن أخاك بن مسعود يقول: من قام الحول كله أدرك ليلة القدر ، فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن إنه ليعلم إنها ليلة سابع وعشرين ، لكنه أراد ألا يتكل "، ونَقل عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه صرَّح بذلك ، وأنها في ليلة سابع وعشرين ، تطلع الشمس إذا طلعت بيضاء لا شعاع_ لها أي كالقمر_ ، فإذا انقضت الليلة وصلي الناس الفجر ثم ارتقبوا الشمس فخرجت كالقمر لا شعاع لها ، فهذا يدل على أن الليلة السابقة هي ليلة القدر ,وفي هذه الليلة يدرك الناس يقظة ، وهذه اليقظة لابد لها من توصيف .
لِمَاذَا تَمْتَلِئُ مَسَاجِدِنَا فِيْ هَذِهِ الْلَّيْلَةِ بِجُمُوعٍ الْخَلْقِ ؟ولا ينامون ليلتها كما هو المعتاد ، بعد صلاة القيام ترقد ساعتين ، لتستعين بهاتين الساعتين على صلاة ما بقي من الليلة إلا في هذه الليلة فلا ينام الناس لماذا ؟ ، هل تلمحًا لأجرها وقد قال الله- عز وجل-:﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾(القدر:3) ، فمن قام ليلة القدر فقد غفر له ما تقدم من ذنبه كما قال- صلي الله عليه وسلم- ، وكأنما عبد الله- عز وجل- ثلاثًا وثمانين عامًا وعدة أشهر ، وهي جمع ألف شهر .
فَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ أَجْرٌ فَلِمَاذَا يُفَرِّطَ فِيْ بَقِيَّةِ الْعَامِ: وهناك أعمال كثيرة لها أجر عظيم ، ألرتابة هذه الأعمال واستدامتها فتر الناس عنها .مثلاً: عبادة الوضوء ذكر لنا النبي- صلي الله عليه وسلم- أن العبد إذا غسل يديه خرج مع هذا الغسل كل خطيئة ارتكبتها يداه ، مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا تمضمض كان كذلك ، كل خطيئة ارتكبها لسانه ، فإذا غسل وجهه سقطت كل خطيئة ارتكبتها عيناه وكذلك الأمر في يديه والأمر في رجليه ,والإنسان يتوضأ في اليوم على الأقل خمس مرات وربما زاد أكثر ، فهذا الأجر العظيم ما الذي يجعل الناس يفترون عنه ولا يتلمحونه ؟ ألأنه متكرر دائمًا وإلف العادة مرض القلب الأعظم أو العظيم أو أحد أمراضه الكبيرة ، أو لأن ليلة القدر لا تأتي إلا في العام مرة فيسهل على العبد أن يقومها ثم ينام بقية عامه ، هذه اليقظة لابد لها من توصيف لأنها يقظة مفاجئة وقصيرة ، ولذلك في اليوم القادم ربما وجدت المساجد فارغة إلا قليلًا . ليلة السابع والعشرين تغص المساجد بأهلها ، ليلة الثامن والعشرين ترى الناس قد ناموا ، لماذا ؟ .
سَبَبَ اخْتِيَارِ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ لِهَذِهِ الْخَاطِرَةِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ:لذلك اخترت هذا الكلام النفيس الذي يتكلم بن الجوزي فيه عن اليقظة وعن منزلة المتيقظين ، وعن العوائق التي تحول بين العبد وبين يقظته الدائمة.
مَرَاتِبِ الْعَمَلِ: فأول مراتب العمل: اليقظة ، ثانيها: الفكرة ، ثالثها: العزم ، رابعها: البصيرة فمن وصل إلى البصيرة فهو المتيقظ فعلًا ، فنريد أن نعرف هذه المراتب الأربعة وأن نعمل بها لأنه من العار على العبد أن يتيقظ لمصلحته لأجل أن يدرك ثلاثًا وثمانين سنة ، ثم بعد ذلك ينام عن شكر مولاه ، كأنما يعبد الله لمصلحته هو وهذا مما يزيده بعدًا ولا يقربه ، فإن الله- عز وجل- عليم بالسرائر ولا يُخدع – سبحانه وتعالي- .يقول بن الجوزي- رحمه الله تعالي-:(تفَكرتُ في سَببِ هِدَايةِ مَن يَهتَدي وانتبَاهِ مَن يَتَيقَظِ من رُقَادِ غَفلَتهِ فَوجدتُ السَّببَ الأكبرِ اختيَارُ الحقَّ- عَز وجَل- لِذَلِكَ الشَّخصِ كما قِيلِ: إِذا أَرَادكَ لِأمرٍ هَيأَكَ لَهُ .)
مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ:فيكون أكبر الأسباب وأعظم الأسباب اختيار الله- عز وجل- لذلك الشخص ليوقظه من سِنَة غفلته ، أنت كمسلم اختارك الله مسلمًا في الوقت الذي أضلَّ فيه الملايين ، ألا تقوم في مقام الشكر لهذه النعمة الجليلة والتي لو كنت لأبوين غير مسلمين لتقلدت دين والديك ، ولربما امتد بك الزمان ولا تستيقظ ثم تكون من حطب جهنم .كما قال النبي- صلي الله عليه وسلم- :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " ، الإنسان يكون عادة تابعًا لدين أبويه إلا أن يتفضل الله- عز وجل- عليه ويختاره وينتشله من أدران الشرك والله- سبحانه وتعالى- يتفضل بالسبب على عبده ، فأحيانًا يهتدي المرء بغير سبب واضح له ، فجأة ينفتح قلبه ، لماذا ؟ هو لا يدري . قد يسمع الآية مرارًا وينتبه فجأة لها كأنه أول مرة يسمعها فتكون دليله على طريق الاستقامة ، ألا تذكرون ما فعل عمر- رضي الله عنه- يوم مات النبي- صلي الله عليه وسلم- إنه خرج ملوحًا بسيفه ، وقال: "من قال إن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- مات لأعلونه بسيفي هذا وجعل يهدد ، حتى سمع صوتًا من خلفه يقول: على رسلك أيها الحارس ثم تلا قوله تعالي: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (أل عمران:144) ، فسقط السيف من يده ، يقول عمر: لكأني ما قرأتها قبل ذلك ."لماذا ؟ لم يكن لها مقتضى ، لم يكن لها موقف ، لذلك قرأها لكن لما جاء مقتضاها وموقفها عاش مع معناها .الفضيل بن عياض: أبو علي أحد الأكابر في هذه الأمة ثقة وثبتًا وثباتًا وعدالةً وزهدًا ، كان إمامًا منقطع القرين ، يقول عبد الله بن المبارك: كنا إذا ساءت منا الظنون نذهب إلى الفضيل بن عياض فننظر إلى وجهه ثم نرجع ، كأن وجهه وجه امرأة ثكلى ، هذا الفضيل كان شاطرًا من الشطار .
الْسَّبَبْ فِيْ هِدَايَةٍ الْفُضَيْلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لِصّا: (شاطر) أي لص ، وكان يحب جارية فتسلق عليها درج بيتها يومًا _ السلم_ فيبنما هو على الدرج يصعد إذ سمع صوت قارئ يتلوا قول الله تعالي:﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾(الحديد:16) ، فتسمرت قدماه على الدرج ، لم يستطع أن يتحرك ، ثم قال: آن يارب ,ونزل فكان الفضيل بن عياض ، هذه الآية كم مرت عليه ، لم ينفتح قلبه لها فلما انفسح قلبه لها كانت سببًا في تحول حياته بالكامل ، آية لا يجد سببًا ظاهرًا لانفتاح قلبه هذه اللحظة ، ربما ونحن نتكلم الآن يمشي رجل في الطريق ، فيسمع كلمة مني انفتح قلبه لها تكون سببًا في تغيير حياته بينما هنا مئات ممن جاءوا واستعدوا واعتكفوا ، قد لا ينتفعون بكلمة من درس كامل .
سَبَبُ انْفِتَاحٌ الْقَلْبِ:هذا القلب الذي هو ملك الرب- تبارك وتعالي- ينفتح بإرادته- عز وجل- ليس للعبد أي سيطرة على هذا القلب برغم أنَّ قوام حياته به ، لكنه لا يملكه ، وكان النبي- صلي الله عليه وسلم- يشير إلى هذه الآية الباهرة فكان كثيرًا ما يقول:" لا ومقلب القلوب " ، وكان يقول:" إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله- عز وجل- يقلبها كيف شاء" ، وكان كثيرًا ما يقول:" يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك " ، " يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك" ، هذا القلب كم قلت أنت لا تملكه .وهذا القلب هو المستهدف منك كما قال بن الجوزي في آخر هذا الصيد الثمين ، يقول:( واعلَم أنَّ المراحل إلى الله- عز وجل- لا تقطع بسير الأقدام إنَّمَا يُقطَعُ بالقلوبِ) .
مُالْمُرُتَبةً الْأَوَّلِيَّ الَّتِيْ لَابُدَّ أَنْ يَتَلَبَّثُ بِهَا الْقَلْبُ؟:فهذا القلب لابد أن يتلبث ابتداءًا بمنزلة اليقظة ، مثلما تكون ستستأنف يومًا عندك جدول أعمال ، اليوم تعمل كذا وكذا وتذهب إلى المكان الفلاني وغير ذلك ، لكن هل يصح لك أي عمل أو أي سفر قبل أن تقوم من نومك أول شيء تستيقظ من نومك ، وهذا ترتيب عقلي ,ويجلس على السرير ثم يفكر ماذا سيعمل اليوم ، أنا سأذهب إلى المشوار الفلاني ، والفلاني ، والفلاني فإذا استقرت الفكرة ما بقي إلا العزم على الفعل .أم سيجلس على سريره والأماني هي التي تذهب وتعمل له ، لا ، لكن قبل أن يعزم لابد أن يفكر ماذا سيفعل ؟ هذه المراتب الأربعة لازمة للعبد قبل أن يفعل أي فعل يقظة ثم تفكر ثم عزم ، فإذا عزم والعزم هو استجماع لإرادة القلب ، لابد أن يكون ذا بصيرة حتى يتجنب شر الأشرار ، وينال خير الأخيار ، عزم ، ركب السيارة ، انطلق إلى أول عمل له ، أول عمل فيه واحد مرتشي ينتظرني لكي يوقف لى المراكب التي تسير ، وأنا أعرف أن الرشوة حرام ، فكيف أتخلص منه ؟ .هذا لابد فيه من بصيرة ، وهذه آخر المراحل الأربعة الضرورية الأولى ، التي لا يتم سير أي إنسان إلا بعدها ، كيف أتجنب شر الأشرار ، وهذا الرجل يريد بي السوء ، ويريد أن يعمل لي مشاكل في البضاعة ، أو مشاكل في المشروع أو غير ذلك ، بماذا أستعين علبه ؟ هذا يحتاج إلى بصيرة ، لأنك لو دخلت بدون تفكر ستضيع مصالحك .والبصيرة: نور يقذف في القلب ، هو الذي ينير لصاحبه الطريق .ألم ترى إلى النبي- صلي الله عليه وسلم- كيف تصرَّف مع عبد الله بن أبي بن سلول ، نحن نتعلم منه البصيرة ، هذا رجل منافق وكان رأس المنافقين ، وأراد كثير ٌمن الصحابة أن يقتله وما أسهل أن يقتل عبد الله بن أبي بن سلول لكن النبي- صلي الله عليه وسلم- ببصيرته قال لأصحابه:" معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدَا يقتل أصحابه " .فأنعم عليه بنعمة الصحبة ، قال: أصحابه ، وهذه الصحبة إنما هي صحبة الجسد وإلا فكل العلماء لا يجعلون عبد الله بن أبي بن سلول صحابيًا ، لا يجعلونه في طبقة الصحابة وهذه رقم واحد .رقم اثنين: أن الذي طلب الصحابة أن يقتلوه إنما هو فرد واحد ، فلم يقل -عليه الصلاة والسلام- : معاذ الله أن يتحدث الناس أن َّمحمدًا يقتل صاحبه ، إنما قال: يكتب أصحابه هكذا بالجمع ، لماذا جمع ؟ لأن الناس يتناقلون الأخبار فيزيدون فيها ، وهناك أعراب كثيرون في حَراش الجزيرة ، إذا فكر أحدُهم أن يسلم ، يقول أنا سأمتطي بعيري وأنطلق إلى المدينة وأسلم ، فعادةً الناس أنهم يزيدون في الكلام ، وسلّمنا أن النبي- صلي الله عليه وسلم- أذن بقتل عبد الله بن أبي بن سلول ، هذا فرد واحد ,فعندما ينتقل الخبر للثاني يكونوا اثنين ، يكونوا ثلاثة ، يكونوا أربعة وحتى يصل هذا الخبر إلى الذي يريد أن يركب بعيره ويأتي مسلمًا يكون قتل عشرين ، ثلاثين ، أربعين ، خمسين ، فيكون ذلك صادًا له على أن يذهب ويسلم ، يقول: الحمد لله أنني لم أذهب ، لو ذهبت كانوا ذبحوني مثلما ذبحوا الأربعين الذين وصلوا أو الخمسين ، أو غير ذلك ، فبقاء رجل على نفاق مكشوف غير خفي ، كلنا نعرف أنه منافق ، وكلنا نحذره ، فبقاء هذا المكشوف مضرته لا تساوي مصلحة إسلام كثيرٍ من الناس الذين سيأتون إلى المدينة فيسلمون .
أَسْبَابَ سِيَادَةٌ الْأُمَمِ:ولذلك لا تسود أمة من الأمم إلا بالخلق ، لا تسود لا بالضرب من الجو ولا بالمدفعية ، ولا بالقنابل الذرية ولا بالنووية إطلاقًا ، لا تسود أمة إلا بالخلق ، هذه الأمة المجيدة لو أخذت فرصتها لعلم الناس كما خسروا بتخلفها ، أمة لو قرأت أحاديث نبيها- صلي الله عليه وسلم- في معاملة الحيوان الأعجم الذي خلق ليُركب أو يُذبح أو يقتل ، حتى لو كان ضارًا ، لو كانت حية ، لو كان ثعبانًا ، ندب النبي- صلي الله عليه وسلم- إلى قتل الدابة المؤذية بمرة واحدة ورتب على هذا حسنات .
إِنَّ الْلَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ:إذا وجد حية فقتلها من ضربة واحدة فله ثلاثون حسنة ، من ضربتين فله عشرون ، أو فله عشر ، برغم أنها حية ومؤذية ، لكن الأمر كما قال النبي- صلي الله عليه وسلم- :" إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتل أحدكم فليحسن القتلة " وليس من إحسان القتلة أن تقتله على عشر، " فإذا قتل أحدكم فليحسن القِتلة ، وإذا ذبح فليحسن الذِبحة ، وليحد أحدكم شفرَته وليرح ذبيحتَه " ، هذا التعاون مع الحيوان الأعجم فكيف بالبشر .النبي- صلي الله عليه وسلم- يقدِّر المصالح ويقدر المفاسد ويراعي سلامة القلوب وهذا أصل البصيرة الذين خرجوا يدعون إلى الله- عز وجل- وليس عندهم بصيرة أفسدوا أضعاف أضعاف ما أصلحوا.
لأن البصيرة كما قلت نور يُقذف في القلب فيرى العبد طريقه على وفق مراد الله– عز وجل- .في شأن الكعبة وكان النبي- صلي الله عليه وسلم- في ذلك الوقت كان ممكنًا ، كان رأس الدولة ولا يوجد أي إنسان يستطيع يقول له لا ، وإذا أمر بأمر ابتدره الناس ، برغم انه كان ممكنًا في المدينة إلا أن رفض نقض الكعبة رفض أن يهدمها ويبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام ، وقال لعائشة – رضي الله عنها-:" لولا حِدثان قومك بالكفر لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم ، فإن قومك قصُرَت بهم النفقة " لم يكن عندهم أموال فقصروا عن قواعد إبراهيم ، فأحب النبي- صلي الله عليه وسلم- أن يبني الكعبة على قواعد إبراهيم لكن خشي تغير قلوب الناس لتعظيمهم البيت .بالرغم من أنه- صلي الله عليه وسلم- كان يُلقي بيانًا فيقول، أريد أن أنقض الكعبة وأردها إلى قواعد إبراهيم ، كلام واضح ، لكنه خشي- صلي الله عليه وسلم- تحول قلوب بعض الناس ممن يعظمون البيت لاسيما ممن كانوا حُدثاء الإسلام آنذاك ، فيراعي هذه المصلحة ، وهذه بصيرة .
عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ الْزُّبَيْرِ وَهَدَمَ الْكَعْبَةِ:ولقد حدث ذلك لبعض المسلمين كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن عبد الله بن الزبير بن العوام لما كان أميرًا للمؤمنين أراد أن ينقض البيت فبنيه على قواعد إبراهيم لهذا الحديث الذي روته عائشة- رضي الله عنها- ، فاستشار الناس ، وكان البيت قد احترق ، فقال له بن عباس: أرى أن تترك بيتًا أسلم الناس عليه ، وأحجارًا أسلم الناس عليها .فقال له عبد الله بن الزبير: والله لو كان بيت أحدكم ما تركه حتى يُجدَّه فكيف ببيت ربكم ؟ ، وإني مستخير ربي ثلاثًا ، وبعد ثلاث أيام انشرح صدر عبد الله بن الزبير أن يهدم الكعبة وأن يبنيها على قواعد إبراهيم- عليه السلام- ، وجماعة مع عبد الله بن الزبير وكانوا قلة انشرحت صدورهم لذلك ، فصعدوا على سطح الكعبة لكي يهدموها أما بقية المسلمين فابتعدوا ، لأنهم كانوا يتوقعون أن تنزل نارًا من السماء تحرق هؤلاء الذين امتطوا ظهر الكعبة ، فبدأ الذين على سطح الكعبة بدءوا يهدموها ، يأخذ حجر ويرميه ، فلما رأى الناس أنه لم ينزل عقاب من الله على هؤلاء تتابعوا حتى هدموا الكعبة ووصلوا إلى قواعد إبراهيم- عليه السلام- ، وبناها عبد الله بن الزبير بن العوام حتى هدمها عبد الملك بن مروان وأرجعها كما كانت .ولذلك أنت تجد الحجر وهو المكان الذي به سور بجوار الكعبة هذا كان هذا جزء من الكعبة ، المفروض أن هذا السور وهذا المكان يدخل إلى الكعبة لأنه منها ، كما قالت عائشة – رضي الله عنها- للنبي- صلي الله عليه وسلم- أني أريد أن أصلي في البيت ، قال:" صلي في الحجر فإنه من البيت " ، حجر إسماعيل ، من أراد أن يصلي في جوف الكعبة فليصلى في حجر إسماعيل فكأنما يكون فتح الباب ودخل جوف الكعبة وصلى .
مَايَدُلُّ عَلَيَّ بَصِيْرَةٍ الْنَّبِيِّ_صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ مَافَعَلَهُ مَعَ مَخْرَمَةَ:فترك النبي- صلي الله عليه وسلم- هذا لهذه البصيرة ، حتى في خبر من الأخبار وهو صحيح في صحيح مسلم ، أن المِسوَر بن مخرمة قال له أبوه: هلمَّ يا بني إلى النبي- صلي الله عليه وسلم- لننظر ما الذي نأخذه منه بعد غزوة حُنين ، يقول المِِسوَر: فلما سمع النبي- صلي الله عليه وسلم- صوت أبي وكان صوت أجشّ ، خرج إليه بعباءة وجعل يريه محاسنها ،لأنه يعرف أن رضا مخرمة صعب ، ثم يريد أن يستبقي قلبه فلا يتغير ، فهو الذي بادر- صلي الله عليه وسلم- وخرج إليه ، وجعل يريه محاسنها كأنما خبأها له . وقد قال له النبي- صلي الله عليه وسلم-:" خبأت لك هذا " ، كأنها شيء عظيم ، وجعل يريه محاسنها وأنظر إلى هذا وإلى هذا وذاك وغير ذلك ، فكل الذي فعله مخرمة أنه هزَّ رأسه ، فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" رضيَ مخرمة ، رضيَ مخرمة ، رضيَ مخرمة " ، وكأن رضا مخرمة غاية لا تدرك ، وهذا رسول الله- صلي الله عليه وسلم- لا يضره أن يغضب أحدًا عليه ، بل غضبه على أي إنسان يضره ومع ذلك يخرج ويفعل ذلك لمخرمة ليستبقي قلبه وهذه هي البصيرة أن يعرف معادن الناس ويعرف منازلهم فيعامل كل إنسان بما يصلحه ما لم يكن إثمًا .
مَايَدُلُّ عَلَيَّ عَدْلٍ الْنَّبِيِّ _صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَقَتِهِ:وفي الصحيحين أن النبي- صلي الله عليه وسلم- لما اعتكف وجاءت أزواجه إليه- صلي الله عليه وسلم- ، وكانت صفية آخر من جاء ، النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن العدل واجبًا عليه بين الزوجات ، لكنه كان يعدل فلما جاءت زوجات النبي- صلي الله عليه وسلم- قبل صفية ، جلسوا مع النبي- صلي الله عليه وسلم- مثلًا ربع ساعة ، فجاءت صفية مثلًا بعد أن حضر بقية أزواجه بخمس دقائق ، لما تقعد مع النبي- صلي الله عليه وسلم- مع بقية أزواجه تكون أخذت كم من الوقت ؟ عشر دقائق ماذا تبقى لها ؟ خمسة .فخرج أزواج النبي- صلي الله عليه وسلم- والنبي- صلي الله عليه وسلم- أمر صفية أن تبقى ، لكي يستوفي لها حقها ، وهو يقوم بتوصيلها إلى باب المسجد وجعل يكلمها رآه رجلان من الأنصار ، فلما رأياه مع صفية أسرعا الخطى ، فقال:" على رسلكما تمهلا إنها صفية " ، فانزعجا الأنصاريان وقالا يا رسول الله ، أنشك فيك .فقال لهم:" إن الشيطان يجري من بن أدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا فتهلكا " ، بلغ من رأفته بهم وشفقته عليهم انه لو ألقى الشيطان خاطرًا سيئًا يخص هذا المشهد هلكا .
لَا يَسْتَطِيْعُ إِنْسَانٌ نَاجِحٌ أَنَّ يَمْضِيَ فِيْ الْدُّنْيَا إِلَّا بِبَصِيْرَةِ :ولا يستطيع أن يصل إلى الآخرة بسلام إلا ببصيرة ، فالبصيرة هي منتهى هذه الأربع التي بها تأتي كل المنازل الذي ينزل فيها العبد وهو سائر إلى الله- عز وجل- .فيكون: يقظة ، ثم فكرة ، ثم عزم ، ثم بصيرة ، وهذا القلب كما قلنا قد ينفتح بلا سبب ظاهر إلا من تفضل الله على عبده أنه يفتح له .
وَضَرَبَ بْنُ الْجَوْزِيِّ- رَحِمَهُ الْلَّهُ- بِأَهْلِ الْكَهْفِ :كل شيء حول أهل الكهف يدعو إلى الغفلة ، الملك بقيانوس كان رجلًا كافرًا والمملكة كافرة ، والكفر أعظم أردية الغفلة ، يعبدون غير الله- عز وجل- فجاء بعض الشباب من أولاد الملوك والأعيان ، وقلَّما يتسلل الإيمان إلى هذه الطبقة ، تسلل الإيمان إلى هذه الطبقة أقل بكثيــــر من طبقة الفقراء ، لأن المال أعظم مراتب الشهوات ، تستطيع بالمال تعمل كل ما تشتهيه نفسك تعمله ونحن ذكرنا في مجلس سابق قوله تعالى:﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾(الإسراء:16) .أمرنا: أي كثَّرنا مترفيها ، صاروا كثرة ، أصبح فيه تسابق محموم من يغلب من ومن يبغي على من ، والمال الذي هو أصل أداة الاستغناء هو مدعاة البطر كلما تستغني كلما يكون عقلك سميكاً ، وليس لك كبير ، وهذا ليس كلامي هذا كلام الله- عز وجل- ، قال عز من قائل:﴿ كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى﴾(العلق:6) ، لماذا ؟ ﴿ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (العلق:7) ولذلك يقول الله- عز وجل- في الآية الأخرى التي تبين هذا المعنى﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ (الشورى:27) . أنا رجل معي مليارات وأنت معك مليارات ، فلا أحد أحسن من أحد فلماذا تطغى علي ؟ ، وتنظر إلى نظرة سيئة لماذا ؟ ألك عندي حاجة ؟ أن أحتاج لك في شيء ؟ لا، فلماذا تفعل ذلك ؟ يحدث نوع من التقاتل ، إنما الذي يقدم السبت يجد الحد ، ما سبب هذا ؟ تفاوت الناس ، أنا أحتاج إليك وأنت تحتاج إلى ، أنا ملك مطاع ، لكن أحتاج إلى جيش يحميني ، وأناس ينفذون أوامري ، وناس يمشون حولي لكي لا يعتدي علي أحد ، أريد ناس ينظفون القصر ، أريد أناس يطهون لي . بدون هؤلاء لا يكون ملكًا ، فأنا أحتاج لهؤلاء وأعطيهم أموال ، وهو يخفض رأسه وينحني ، ومتطلباتك يا باشا أنا خادم لتراب رجلك ، الذي تريده مني أعمله ، لماذا ؟ يحتاج فلوس .جعل الله- عز وجل- الناس يحتاج بعضهم إلى بعض حتى فرعون نفسه الذي كان يقول أنا ربكم الأعلى ، تورط لما وقع في مناظرة مع موسى ، منتفخ العضلات ، وبسط أجنحته وينكر الربوبية ، الكفار وكفار قريش ما كانوا ينكرون ربوبية الله ، ليس هناك كافرٌ قال أن هناك آلهة شاركت الله- عز وجل- في خلق السماوات والأرض﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ﴾(لقمان:25) ،﴿ قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ (المؤمنون:85،84) ، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (الزخرف:87) .لا ينكرون ، في مسألة الخلق والرزق ومظاهر الربوبية لا ينكرون أما فرعون أول ما بدأ قصيدته قال لموسى- عليه السلام-:﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ (الشعراء:23) ، ماذا يكون رب العالمين هذا ؟ ، ﴿ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴾ (الشعراء:25،24) ، هل يعجبكم الكلام ، فلماذا لا ترد ؟ اثبت أن هذا الكلام خطأ ، ليس عنده رد ، فلذلك يحيد ويخرج خارج الخط ، ﴿ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (الشعراء:27،26) ، أيضًا لا يجيب ويمشى في الطريق الخطأ﴿ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾(الشعراء:28) .انتهت المناظرة ، وموسى- عليه السلام- وجده تمسك بما في عقله ولا يريد أن يؤمن ، فليس لنا أن نتكلم مع بعض وهو قد أغلق أذنه لابد أن نقهره ﴿ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (الشعراء:30-33) ، وجدها فرصة وقال هذا السحر عملنا نحن ، نحن من ابتدعناه ، فرعون في هذه اللحظة ، طبعًا لما انتهت المناظرة بتهديد فرعون لما قال له:﴿ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾(الشعراء:29)
يتبع إنشاء الله..


الحلقة (23) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49197
العمر : 72

الحلقة (23) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة (23) من مدرسة الحياة   الحلقة (23) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 5:25 am

لم يعد إلا السجن ، أي أن الكلام انتهي ، فلما تحول فرعون من المناظرة إلى التهديد تحول موسى إلى شيء آخر ، لكي يقطع به عنق هذا الكافر . لما جاء السحرة بدأ فرعون يناجيهم لأنه يحتاجهم لكي يقهروا موسى- عليه السلام- ، وهذا هو فرعون يحتاج السحرة ، لذلك لما آمن السحرة أُسقِط في يديه ، ولم يعرف ماذا يفعل ؟ وأخذ يستشير الذين حوله ، هو أنت عمرك استشارت أحد ، عمرك انخفضت رأسك لأحد ، فكيف الآن يستشيرهم ؟ لماذا يستفذ العوام ؟ لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً وحده ، وأخذ يستفذ العوام وقال: عن موسى هذا يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره ، تخيل واحد سيخرجك من بيتك ويلقي بك على الرصيف ، فماذا ستفعل ؟ ترضى لا ، لا أرضي ، تصرف وتعالوا معي ، وكذلك استخدم إعلامه ، ﴿ إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾(الشعراء:54) ، بعض شُذَاذّ آفاق خارجين على المجتمع ﴿ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ( الشعراء:55) يريدون أن يغيظونا ﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (الشعراء:56) ، أنا أعتمد على وعيكم ، لا أحد هكذا أو هكذا ، وكلكم تنظرون وتفهمون وأنا لن أقول لكم لأنكم تفهمون من متى فرعون يفعل ذلك ويستخدم هذه اللهجة الرقيقة مع الرعية التي كان يسومهم سوء العذاب . لا يستطيع إنسان في الدنيا أن يستغني عن آخر ، لذلك ربنا- تبارك وتعالى- لما قال﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ وَلَكِنْ يُنزلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ، يجعل هذا فقير وهذا متوسط وهذا فوق ، لكي يخدموا بعض وإلا لو أننا جميعًا متكافئين في القوة والمال وهذا الكلام ، أنا لن أعمل لك حساب ولا أنت تعمل لي حساب .الإنسان إذا ملك أسباب القوة لا ينخفض لأحد ، لذلك العلماء لما تكلموا في قوله- تبارك وتعالى-:﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾(الأنبياء:22) في مسألة دليل الامتناع وهذا الكلام ، قال الذي يغلب سيكون هو الإله ، والثاني الذي غلب لا يكون إله ، لكن اثنين متكافئين في كل حاجة يحدث نوع من الصراع بينهما .إذًا:﴿ كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ . فأصحاب الكهف هؤلاء أولاد الملوك ، وعادة الدين يتسلل إلى هذه الطبقات بعناء ومشقة ، حتى لو فيهم واحد تقي أو امرأة تقية وقلبها فيه خير لا يعرف أن يعمل شيء ، أصل عمه أصل خاله أصل أخوه أصل ابن أخته ، وسيضره إذا أطلق لحيته ، وستضره إذا لبست النقاب ، فأنت لابد أن تراعي البنية الاجتماعية كلها ، لا تعمل حاجة بمفردك ، نعمل حساب بن عمك وبن خالتك وبن ابن أختك وهذا الكلام ، تعمل حساب لأنك ستضره ، فيكون قلبه يتقطع من الداخل ولا يستطيع أن يعمل شيء .فكان من قدر الله- تبارك وتعالى- وتقديره لهؤلاء أنهم خرجوا في يوم عيد فواحد منهم انتحى جانبًا وآخر انتحى جانبًا ، حتى تجمع ثلَّة من هؤلاء الفتيان وكل إنسان بالسبب الذي جعله يترك أهله في يوم العيد ، يخاف أن ينكشف فهو لا يعرف من الذي يؤمن ، ولو قالوا على أحد بالإيمان في هذا يعذبوه حتى أفضى بعضهم إلى بعض ، خائفين كما حدث لعلي بن أبي طالب مع أبي ذر الغفاري كما في صحيح مسلم ، والحديث في البخاري أيضًا من حديث بن عباس ، وفي صحيح مسلم من حديث أبو ذر .لما أبو ذر علم بعثة النبي- صلي الله عليه وسلم- وأرسل أخاه أنيسًا لكي يأتي له بالأخبار وغير ذلك ، رجع فقال له: وجدت رجلًا يدعو إلى مكارم الأخلاق ويدعو إلى الخير وغير ذلك ، قال له: ما شفيتني ، وأخذ زاده وذهب إلى مكة ، أول ما دخل المسجد الحرام وجد الدنيا تهيج على النبي- عليه الصلاة والسلام- ، خاف أن يتكلم ، لأنه يعرف الأذى ، أول ما يقول أين محمد ؟ لا يعرف ما الذي سيحدث له .المهم قال: أنا أختار واحد رفيع حتى لو تكلم أستطيع أن أضربه وأضمن ألا يؤذيني ، قال: فتضعفت رجلًا منهم وسألته أين هذا الذي يقولون أنه صابئ وكان الجماعة الكبار يضعون هذا الرفيع مصيدة ، هو أول ما قال هذا الكلام أين هذا الذي يقولون أنه صابئ ، أعطاهم غمزه ، الصابئ ، الصابئ ، أي كلمة سر ، قال: فانهالوا علي بكل مًدَرةٍ وعظم ، الذي معه شاكوش ، والذي معه عصا ، والذي معه لحي بعير ، وغير ذلك ونزلوا ضرب فيه ، قال: ما تركوني إلا وأنا نصب أحمر ، مثل تمثال أحمر من كثرة الدم الذي سال عليه ، وهرب منهم وذهب إلي زمزم .في حديث بن عباس أن علي بن أبي طالب مر عليه ، فهو لا يعرف أن يكلم علي ، ولا يعرف علي أن يكلمه ، لكن علي وهو يمشي رمي عليه كلمتين قال له: أما آن للرجل أن يعرف منزله ؟ ويمشي ، المهم بعد عدة مرات أحس بشيء من الأنس بينهم ، فسأله علي من أين أنت ؟ قال: لو كتمتني لو كتمت علي أخبرتك ، فهو لم ينسي الرجل الرفيع والذي حدث له ، فقال له: أنا أتيت لكذا وكذا وكذا ، قال له: أنا أوصلك لكن أخاف عليك ، فأنا سوف أمشي أمامك وأنت تمشي ورائي فإذا أحسست خطرًا عليك جلست كأنني أريق الماء . كأنه يتبول أول ما أجلس لأتبول تحرك أنت علي الفور حتى لا يقولوا: أننا نمشي مع بعض وفعلًا أخذه حتى وصل إلي النبي- صلي الله عليه وسلم- وأسلم أبو ذر ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال له: أكتم إسلامك حتى ما أظهر ، لم يتحمل أبو ذر ، وقال: والله لألقين بها بين أكتافهم هي لا إله إلا الله لماذا لا تقال ؟ وذهب إلي المسجد الحرام وقالها ، قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله فانقلبوا عليه بكل مدرة وعظم ما خلصه في المرة الأولي إلا العباس بن عبد المطلب ، وفي المرة الثانية الذي خلصه العباس أيضًا ، قال: ويحكم ألا تعلمون أنه من غفار ، وأن طريق تجارتكم يمر على غفار ، هل تنسون ذلك إذا آذيتموه سيقفون لكم في الطريق ويأخذون تجارتكم وتكون سنواتكم مشقة .قال: فتركوه ، فانظر عندما يكون فيه غرباء ، ناس غرباء ، وناس يخافون من الظلم ومن الجور وغير ذلك ، تجدهم كلٌ يتحسب ، كما حصل أيام النبي- صلي الله عليه وسلم- حدث في أيام أصحاب الكهف.
انتهي الثالث والعشرون


الحلقة (23) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الحلقة (23) من مدرسة الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحلقة (21) من مدرسة الحياة
» الحلقة (22) من مدرسة الحياة
» الحلقة (25) من مدرسة الحياة
» الحلقة (26) من مدرسة الحياة
» الحلقة (27) من مدرسة الحياة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة :: كتابات أبي إسحاق الحويني :: حلقات 1428 هجرية-
انتقل الى: