منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة القصص الآيات من 61-65

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: سورة القصص الآيات من 61-65   سورة القصص الآيات من 61-65 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:12 am

أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ: (٦١)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

تُعد هذه الآية شرحاً وتأكيداً لما قبلها، والوعد: بشارة بخير، وإذا بشَّرك مُساوٍ لك بخير أتى خيره على قدر إمكاناته، وربما حالت الأسباب دون الوفاء بوعده، فإنْ كان الوعد من الله جاء الوفاء على قدر إمكاناته تعالى في العطاء، ثم إنَّ وعده تعالى لا يتخلف: (وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ..) (التوبة: 111).

لذلك قال: (وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ..) (القصص: 61) أي: حتماً: (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ) (القصص: 61) أي: للعذاب.

وهذه الكلمة: (ٱلْمُحْضَرِينَ) (القصص: 61) لا تُستعمل في القرآن إلا للعذاب، وربما الذي وضع كلمة: (مُحْضَر) قصد هذا المعنى؛ لأن المُحْضَر لا يأتي أبداً بخير.

ويقول تعالى في موضع آخر: (وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (الصافات: 158).

وقال تعالى: (وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ) (الصافات: 57).

ثم يقول سبحانه مُؤكِّداً هذا الإحضار يوم القيامة حتى لا يظن الكافر أن بإمكانه الهرب: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ...).



سورة القصص الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 61-65   سورة القصص الآيات من 61-65 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:13 am

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ: (٦٢)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

والسؤال هنا للذين أشركوا، لا لِمَنْ أُشرك بهم، وكلمة: (وَيَوْمَ..) (القصص: 62) منصوبة على الظرفيَّة، لا بُدَّ أن نُقدِّر لها فعلاً يناسبها، فالتقدير: واذكر يوم يناديهم، والأمر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن لِمَنْ يذكره رسول الله؟

يذكره للكافرين بهذا اليوم يوم القيامة.

والآية تعطينا لقطة من لقطات هذا اليوم الذي هو يوم الواقعة التي لا واقعةَ بعدها، ويوم الحاقَّة أي الثابتة التي لا تَزَحْزُحَ عنها، ويوم الصَّاخة أي: التي تصخّ الآذان التي انصرفتْ عنها في الدنيا، ويوم الطامة التي تطمُّ، ويوم الدين، أي: الذي ينفع فيه الدين.

والحق سبحانه يذكر هذه اللقطة لأمرين: الأول: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عُودِي وأُوذِي وهزِىء به وسُخِر منه، واجتمعت عليه كل وسائل النكالَ من خصومة فبيَّتوا له بمكر، وصنعوا له سحراً.. إلخ.

وحين تجد دعوة تُقابل بهذه الشراسة، فاعلم أنها ما قُوبلت هذه المقابلة إلا لأنها ستهدم فساداً ينتفع به قوم ترهبهم كلمة الإصلاح؛ لأنها تصيبهم في مصالحهم وفي شهواتهم وفي جاههم وعنجهيتهم وطغيانهم، فطبيعي أن يقفوا في وجهها.

لذلك نجد كثيراً من الغربيين يعرفون عظمة الإسلام من شراسة عداوة خصومه، يقولون: لو لم يكُنْ هذا الدين ضد فسادهم ما ائتمروا عليه، ولو كان أمراً هيِّناً لتركوه للزمن يمحوه، لكنهم أيقنوا أنه الحق الذي سيُذهِب باطلهم، ويقضي على طغيانهم.

فالحق سبحانه يأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يذكر ذلك اليوم يذكره لنفسه، ويذكره لقومه ليعتبروا، فربما إذا سمعوا ما في هذا اليوم من القسوة والخزي والنكال ربما راجعوا أنفسهم فتابوا إلى الله.

إذن: ليس حظ الله تعالى من هذا العمل أنْ يُرهبهم إنما ليحذرهم، لئلا يقع منهم الكفر الذي يُوقِفهم هذا الموقف، كما تُبشِّع لولدك عاقبة الإهمال، وتُحذِّره من الرسوب لينفر من أسبابه، ويبحث عن أسباب النجاح.

يقول تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ..) (القصص: 62) وقد ناداهم في الدنيا: يا أيها الناس، يا بني آدم فصمُّوا آذانهم، وأعرضوا عن نداء الله، واليوم يناديهم نداءً لا يملكون أنْ يصمُّوا آذانهم عنه؛ لأنه: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16) فكأن الحق يُذكِّرهم بهذا اليوم، لعلهم يرعوون، ولعلهم يرجعون.

الأمر الثاني: أن الآية جاءت تسلية لسيدنا رسول الله يقول له ربه: لا تيأس مما يصنعون معك، ولا يحزنك كيدهم وعنادهم؛ لأنني سأصنع بهم كيت وكيت.

وأنت تستطيع أن تدرك سِرَّ هذا الإيعاز النفسي في نفس المضطهد وفي نفس المظلوم حين يشكو لك ولدك أن أخاه ضربه أو أهانه فتقول أنت لتُرضيه: انتظر سوف أفعل به كذا وكذا، فترى الولد ينبهر بهذه العقوبة المسموعة ويسعد بها، وكذلك حين يسمع رسول الله العقوبة التي تنال أعداءه على ما حدث منهم يسعد بها، وتُسرِّي عن نفسه ما يلاقي.

ومضمون النداء: (أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (القصص: 62) فلم يقُلْ شركائي ويسكت، إنما وصفهم: (ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (القصص: 62) لأنه سبحانه واحد لا شريك له، وهؤلاء شركاء في زعمهم فقط، والزعم كما يقولون: مطية الكذب؛ لذلك لن يجدوا جواباً لهذا السؤال: (أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (القصص: 62).

ولو كان أمامهم شركاء لقالوا: ها هم الذين أضلُّونا، فأذِقْهم يا رب العذاب ضِعْفين، لكنهم لم يجيبوا فهذا دليل على أنهم غَير موجودين، لقد وقف هؤلاء المشركين حائرين، لا يدرون جواباً كما قال تعالى: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ..) (القصص: 66).

ثم يقول الحق سبحانه: (قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ...).



سورة القصص الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 61-65   سورة القصص الآيات من 61-65 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:14 am

قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ: (٦٣)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

والكلام هنا للشُّركاء الذين أضَلُوا المُشركين وأغَووْهم، ومعنى: (حَقَّ عَلَيْهِمُ..) (القصص: 63) أي: ثبت ووقع، فهو أمر لا محالة منه، ولم يعد هناك مجال لزحزحته عنهم، كما قال سبحانه في موضع آخر: (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ) (الصافات: 31).

وقال الحق سبحانه وتعالى: (وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ) (النمل: 85).

لكن، ما هو القول الذي وقع وثبت لهم وحَقَّ عليهم؟

القول: أن كلَّ واحد له مكان عندي في الجنة على فَرْض أنكم جميعاً آمنتم، وكل واحد له مكان في النار على فَرْض أنكم جميعاً كفرتم.

وماذا قالوا؟

قالوا: (رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا..) (القصص: 63) سبحان الله الآن تقولون ربنا وتعترفون بربوبيته تعالى، كما قال تعالى في شأن فرعون: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ) (يونس: 91).

الآن تعترفون بعد أنْ سُلِب منكم الاختيار، ولم تعُد لكم إرادة حتى على جوارحكم وأبعاضكم، فيدُكَ التي كنت تبطش بها، ورِجْلك التي كنت تسعى بها ولسانك..

كلها خرجت عن إرادتك وطَوْع أمرك؛ لأنها الآن طَوْعٌ لأمر الله(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النور: 24).

ومعنى: (هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ..) (القصص: 63) أي: المشركين: (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا..) (القصص: 63) أي: لنكون سواء، هذه عِلَّة غوايتهم، أن يكونوا في الخُسْران سواء، وإلا فأهل الباطل يسعون جاهدين للإيقاع بأهل الحق ليشاركوهم باطلهم، وليكونوا أمثالهم.

وهذه المسألة تعطينا السيال النفسي لكل منحرف حين يرى ملتزماً مستقيماً، لا يشاركه فساده وانحرافه، فيعزّ عليه أنْ يكون في الهاوية وحده، ولماذا يمتاز عنه الآخرون؟

واقرأ قوله تعالى: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً..) (النساء: 89).

ألا ترى أهل الباطل والفساد والفجور يهزءُون من أهل الحق ويسخرون منهم، ليُزهدوهم في الخير والصلاح، وليغروهم بما هم فيه، حتى أصبح الإنسان الملتزم بدينه وشرع ربه لا يسلَم من ألسنتهم، كما يقول تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ) (المطففين: 29-30).

وليت الأمر ينتهي عند الغَمْز واللمز، إنما يتمادى هؤلاء، فيجعلون من سخريتهم بأهل الإيمان والطاعة مادةً للمسامرة والتسلية: (وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ) (المطففين: 31) يعني: فرحين مسرورين بما نالوه من أهل الطاعة، مما يدلّ على أنهم جميعاً تُسعِدهم هذه المسألة وتُرضي شيئاً في نفوسهم المريضة الحاقدة.

لكن المؤمن من طبيعته يحب أنْ يُكرم، وأنْ ينأى بنفسه عن مجاراة هؤلاء، لذلك يتولَّى ربه -عز وجل- الدفاع عنه يقول له: لا تحزن فسوف نقتصُّ لك، ونسخر منهم، ونجعلهم أضحوكة في يوم بَاقٍ لا ينتهي فيه عذابهم: (فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) (المطففين: 34-36).

وكأن الحق -تبارك وتعالى- يسترضي عباده المؤمنين: أيعجبكم ما آلوا إليه؟

أقَدرْنا أن نجازيهم على ما اقترفوه في حقكم؟

نعم يا رب، فسخرية الكفار من أهل الإيمان في دار الباطل الفانية انقلبت سخرية منهم في دار الحق الباقية، وهي سخرية دائمة لا نهاية لها.

إذن: (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا..) (القصص: 63) يعني: حتى نكون سواء، لا يكون أحدنا أحسن من الآخر، ومن هذا المنطلق أغوى إبليسُ آدمَ، لأنه لما طغى وطُرد من رحمة الله، ومن الصفائية التي كان ينعمَ بها مع الملائكة.

أراد أنْ يأخذ آدم بل وذريته إلى هذا المصير، فقد حَزَّ في نفسه أن يلاقي هذا المصير وحده، في حين ينعَم آدم وذريته برحمة الله ورضوانه.

لذلك نجد إبليس -لعنه الله- لا يكتفي بأن تُغوي ذريته ذريةَ آدم، إنما يطلب من الله أنْ يُنظِره إلى يوم البعث ليباشر بنفسه هذه الغواية، فهو: (المعلم) الكبير، وكأنه يحذر أن إمكانات ذريته في الغواية قد لا ترضيه؛ لذلك يتولى بنفسه هذه المهمة فيقول: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16).

والبعض يفهم قوله تعالى: (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ) (الأعراف: 14-15) أن الله تعالى أجاب إبليس إلى ما طلب، لكن: (إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ) (الأعراف: 15) ليست إجابةً، إنما تقرير لشيء حادث بالفعل قبل أن يطلب، فالمعنى أن سؤالك ليس له معنى؛ لأنك من المنظرين فعلاً، لماذا؟

قالوا: لأن الله تعالى يريد أنْ يظلَّ إبليس الذي أغوى آدم وأخرجه من الجنة باقياً أمام ذريته ليُذكِّرهم دائماً: هذا الذي أغوى أباكم آدم.

وقولهم: (رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا..) (القصص: 63) لنا وقفة مع: (هَـٰؤُلاۤءِ..) (القصص: 63) وهي اسم إشارة للجمع بنوعيه، تقول: هؤلاء الرجال، وهؤلاء النساء، وهي عبارة عن: الهاء للتنبيه، وأولاء اسم إشارة، وكذلك في هذا، هذه، هذان، هاتان، فالهاء فيها للتنبيه لتنبه السامع أنك ستتكلم ليعطيك سمعه، ويهتم بما تقول، فلا يفوته من كلامك شيء.

هذا حين تخاطب مثلك لأنه يحتاج إلى تنبيه، أما إذا خاطبتَ ربك -عز وجل- فمن سوء الأدب أنْ تستخدم في خطابه أداة التنبيه، كما استخدمها المشركون، فما داموا قد قالوا: (رَبَّنَا..) (القصص: 63) فليس من الأدب أن يقولوا: (هَـٰؤُلاۤءِ..) (القصص: 63) أيُنبِّهون الله عز وجل؟

لذلك نلحظ هذا الأدب في خطاب نبي الله موسى -عليه السلام- فيما حكاه عنه القرآن: (وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ * قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ) (طه: 84) فقال: (أولاء) بدون هاء التنبيه تأدُّباً مع ربه عَزَّ وجَلَّ.

ونلحظ أنك لا تجد خطاباً من الكفار إلا باستخدام هؤلاء: (رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا..) (الأعراف: 38) (رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا..) (النحل: 86) أما المؤمن فلا يليق به أبداً أن يُنبِّه الله تعالى، بل ولا تصدر من مؤمن لمؤمن لأنه دائماً منتبه.

ثم يقولون: (تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ) (القصص: 63) الآن ينكُصون كما قالوا من قبل: (رَبَّنَا..) (القصص: 63) يقولون الآن: (تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ..) (القصص: 63) لكن هيهات تنفعهم هذه البراءة، لقد انتهى وقتها، ومضى زمن التكليف والاختيار، والآن وقت الحساب وسَلْب الإرادة والاختيار، وما أشبههم بفرعون حين قال الله له: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ) (يونس: 91).

وقولهم: (مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ) (القصص: 63) يقول الشركاء: ما كان معنا قوة قهر نحملكم بها على عبادتنا، ولا قوة سلطان أو حجة نقنعكم بها، إنما كنتم في انتظار إشارة منا، كما قال كبيرهم إبليس: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ..) (إبراهيم: 22).

إذن: فهؤلاء المشركون كانوا يعبدون أنفسهم وذواتهم؛ لأن الشركاء كانوا أصناماً أو غيرها، وليس لهم منهج يتكلَّمون به، ويدْعُون الناس إلى عبادتهم به، وإلا فماذا قالت الأصنام أو الشمس أو النجوم لمن عبدها؟

بِمَ أمرتهم، وعمَّ نهتْهم؟

إذن: هو إله بلا منهج وبلا تكاليف، وهذا ما يريده المشركون؛ لأن الذي يُتعب الناس في قضية الإيمان بالألوهية ما تقتضيه من تكاليف، وما تفرضه من أمرأو نهي يحول بين النفس البشرية وما تشتهي، ويُوقفها عند حدود لا تتعداها.

إذن: (مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ) (القصص: 63) بل يعبدون ذواتهم، ويعبدون شهواتهم ورغباتهم، وما أسهل أن يعبد الإنسان آلهة لا تلزمه بشيء، فيسير في حياته على هواه، وهذه هي التي روجَتْ لعبادة هذه الآلهة.

لذلك فإن الحق سبحانه يريد أنْ يلزم الإنسان حجة أن نفسه هي الوسيلة الأولى لشهواته، وإلا فلو أن المسألة كلها وسوسة شيطان، فمَن أغوى إبليس بالعصيان أولاً؟

على حَدِّ قَوْل الشاعر:
إبليسُ لما عَصى مَنْ كان وسْوَسَهُ؟

إذن: فهي كبرياء النفس ورغباتها، وليس للشيطان إلا أنْ يُلوِّح لها فتقع؛ لذلك جاء في الحديث الشريف: "إذا أقبل رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وسُلْسلت الشياطين".

وما دامت الشياطين سُلسلت، فليس لها حركة مع الإنس؛ لأن الله تعالى يعلم منّا أنَّا نُعلِّق كل معاصينا على الشيطان، فكأنه سبحانه يقول: ها هي الشياطين صُفِّدت وسُلْسِلت، فمَنْ أغواكم وزيَّن لكم حال سَلْسلتها؟

إذن: هي نفسك التي تَوسوس لك؛ لذلك نقول: كل معصية تقع في رمضان ليس للشيطان فيها نصيب، إنما هي شهوة النفس.

وسبق أنْ بيَّنا كيف نُفرِّق بين المعصية متى تكون من الشيطان؟

ومتى تكون شهوة نفس؟

إنْ كانت المعصية تُوقفك عندها لا تتزحزح عنها إلى غيرها، فاعلم أنها من نفسك، أما إنْ عزَّتْ عليك معصية ففكَّرْتَ في غيرها، فهي من الشيطان؛ لأنه والعياذ بالله يريدك عاصياً على أي وجه، وبأيِّ طريقة فينقلك إلى معصية أخرى يستطيع أنْ يُوقِعك فيها، على خلاف شهوة النفس، فهي تريد شيئاً بذاته لا تريد غيره.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ...).



سورة القصص الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 61-65   سورة القصص الآيات من 61-65 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:15 am

وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ: (٦٤)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

وسبق أن ناداهم: (أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (القصص: 62) أي: في زعمكم؛ لأنه سبحانه ليس له شُركاء، وهنا يقول لهم: (ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ َهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ) (القصص: 64) ولم يقُلْ شركائي، مع أنهم اتخذوهم شركاء لله.

فمعنى: (شُرَكَآءَكُمْ..) (القصص: 64) أفي دعوى الألوهية؟

لا، لأنهم تابعون لهم، إذن: فما معنى: (شُرَكَآءَكُمْ..) (القصص: 64)؟

قالوا: الإضافة تأتي بمعَانٍ ثلاثة: إما بمعنى: (من) مثل: أردب قمح أي: من قمح، أو بمعنى: (في) مثل: مكر الليل أي: مكر في الليل، أو: بمعنى: (لام) الملكية مثل: قلم زيد أي: قلم لزيد.

فالمعنى هنا: (شُرَكَآءَكُمْ..) (القصص: 64) أي: من جنسكم أو فيكم يعني: لا يتميز عنكم بشيء، والإله لا بُدَّ أن يكون من جنس أعلى، فإنْ كان من جنسكم، فهو مُسَاوٍ لكم، لا يصلح أن تتخذوه إلهاً.

ومعنى: (ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ..) (القصص: 64) يعني: نادوهم لينصروكم، ويشفعوا لكم، كما قلتم: (هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ..) (يونس: 18).

وقلتم: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ..) (الزمر: 3).

إذن: فنادوهم ليُقربوكم من الله، وليشفعوا لكم، والذي يقوم بهذه المهمة لا بُدَّ أنْ يكون له منزلة عند الله يضمنها، وهل يضمن هؤلاء الشركاء منزلة عند الله؟

كيف وهم لا يضمنونها لأنفسهم؟

(فَدَعَوْهُمْ..) (القصص: 64) يا شركاءنا، يا مَنْ قُلْتم لنا كذا وكذا أدركونا: (فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ..) (القصص: 64) لأنهم مشغولون بأنفسهم: (وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ) (القصص: 64) يعني: لو كانوا يهتدون بهَدْي الله، وهَدْي رسوله، ويروْن العذاب الذي أنذرهم به حقيقة وواقعاً لا يتخلفون عنه لَمَا حدث لهم هذا، ولما واجهوا هذه العاقبة.

أو: أنهم لما رأوا العذاب حقيقة في الآخرة تمنَّوا لو أنهم كانوا مهتدين.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ...).



سورة القصص الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 61-65   سورة القصص الآيات من 61-65 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:16 am

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ: (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ: (٦٦)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

قال هنا أيضاً: (يُنَادِيهِمْ...) (القصص: 65) فما الغرض من كل هذه النداءات؟

إنها للتقريع وللتوبيخ وللسخرية منهم، وممَّنْ عبدوهم واتبعوهم من دون الله، ومضمون النداء: (مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ) (القصص: 65) والإجابة: موافقة المطلوب من الطالب، فماذا كانت إجابتكم لهم بعد أن آمنتم بإله، أأخذتُم بما جاءوا به من أحكام؟

أعلمتم منهم علماً يقينياً حقاً؟

وهذا الاستفهام للتعجيز؛ لأنهم إنْ حاولوا الإجابة فلن يجدوا إجابة فيخزون ويخجلون؛ لذلك يقول بعدها: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ..) (القصص: 66) أي: خفِيَتْ عليهم الحجج والأعذار وعموا عنها فلم يروْهَا: (فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ) (القصص: 66) لا يملكون إلا السكوت كما قالوا: جواب ما يكره السكوت، وكما قال سبحانه: (وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (المعارج: 10).

وهؤلاء لا يتساءلون؛ لأنهم في الجهل سواء، وفي الضلال شركاء، وكل منهم مشغول بنفسه: (يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس: 34-37).

وكما سُئِل المشركون: (مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ) (القصص: 65) في موضع آخر يسأل الرسل: (يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ..) (المائدة: 109) أي: فيما علمتم من العلم، وأوله: علم اليقين الأعلى، وثانيها: علم الأحكام، فبماذا أجابكم الناس؟

وتأمَّل هنا أدب الرسل ومدى فهمهم في مقام الجواب لله، وهم يعلمون تماماً بماذا أجاب أقوامهم، وأن منهم مَنْ آمن بهم، وتفانى في خدمة دعوتهم وضحّى واستشهد، ومنهم مَنْ كفر وعاند، ومع ذلك يقولون: (قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ) (المائدة: 109).

فكيف يقولون: (لاَ عِلْمَ لَنَآ..) (المائدة: 109) وهم يعلمون؟

قالوا: لأنهم غير واثقين أن مَنْ آمن آمن عن عقيدة أم لا، فهم يأخذون بظواهر الناس، أما بواطنهم فلا يعلمها إلا الله، كأنهم يقولون: أنت يا ربنا تسأل عن إجابة الحق لا عن إجابة النفاق، وإجابة الحق نحن لا نعرفها، وأنت سبحانك علاَّم الغيوب.

إذن: جعلوا الحق -تبارك وتعالى- هو السُّلْطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية في محكمة العدل الإلهي التي سيُعلن فيها على رؤوس الأشهاد: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ..) (غافر: 16).

والسؤال عند العرب يُطلق، إما للمعرفة حيث تسأل لتعرف، كما يسأل التلميذ أستاذه، أو يكون السؤال للإقرار بما تعرف، كما يسأل الأستاذ تلميذه ليقرّ على نفسه، ومن ذلك قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ) (الرحمن: 39) أي: سؤالَ علم؛ لأننا نعلم.

وقوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ) (الصافات: 24) أي: سؤال إقرار منهم، وإنْ كان كلامي يوم القيامة حجة، لأنه لا مردَّ له، لكن مع ذلك نسألهم ليقروا هم، وليشهدوا على أنفسهم.

والحق -تبارك وتعالى- يدلُّك على أنه تعالى يُبشِّع مظاهر يوم القيامة على الكافرين، لا لأنه كاره لهم، بل يريدهم أنْ يستحضروا هذه الصورة البشعة لعلهم يرعوون ويتوبون؛ لذلك يفتح لهم باب التوبة لأنه رب ورحيم.

لذلك جاء في الحديث القدسي: "قالت الأرض: يا رب إئذن لي أنْ أخسف بابن آدم فقد طَعِم خيرك ومنع شكرك.

وقالت الجبال: يا رب إئذن لي أنْ أخِرَّ على ابن آدم فقد طَعِم خيرك ومنع شكرك.

وقالت البحار: يا رب إئذن لي أنْ أغرِق ابن آدم فقد طَعِم خيرك ومنع شكرك.

فقال تعالى: دعوني وخلقي لو خلقتموهم لرحمتموهم، دعوهم فإنْ تابوا إليَّ فأنا حبيبهم، وأنْ لم يتوبوا فأنا طبيبهم".

أعالجهم بالترغيب مرة، وبالترهيب أخرى، أشوِّقهم إلى الجنة، وأخوِّفهم من النار، وأفتح باب التوبة، وفتْح باب التوبة ليس رحمة من الله للتائب فقط، ولكن رحمة لكل مَنْ يشقى بعصيان غير التائب.

ولو أغلق باب التوبة في وجه العاصي ليئس وتحول إلى: (فاقد) يشقى به المجتمع طوال حياته، إذن: ففتْح باب التوبة رحمة بالتائب، ورحمة بمجتمعه، بل وبالإنسانية كلها، رحمة بالعاصي وبمَنِ اكتوى بنار المعصية.




سورة القصص الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة القصص الآيات من 61-65
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة القصص الآيات من 41-45
» سورة القصص الآيات من 46-50
» سورة القصص الآيات من 51-55
» سورة القصص الآيات من 56-60
» سورة القصص الآيات من 66-70

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: القصص-
انتقل الى: