منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة القصص الآيات من 56-60

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: سورة القصص الآيات من 56-60   سورة القصص الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:07 am

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ: (٥٦)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

هذا خطاب لسيدنا رسول الله، خاصٌّ بدعوته لعمه أبي طالب الذي ظلَّ على دين قومه، ولكنه كان يحمي رسول الله حماية عصبية قربى وأهل، لا محبة في الإسلام، ولله تعالى حكمة في أنْ يظلَّ أبو طالب على الكفر؛ لأنه بذلك كسب قريشاً ونال احترامهم، حيث أعجبهم عدم إيمانه بمُحَمَّد وعدم مجاملته له، وأعجبهم أن يظل على دين الآباء، فاحترموا حمايته لابن أخيه، وهذا منع عن رسول الله إيذاءهم، وحمى الدعوة من كثير من الاعتداءات عليها.

لذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على أنْ يردَّ له هذا الجميل، وردُّ رسول الله للجميل لا يكون بعرَض من الدنيا، إنما بشيء باقٍ خالد، فلما حضرت أبا طالب الوفاة قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عم، قُلْ لا إله إلا الله كلمة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة" فقال: يا ابن أخي، لولا أن قريشاً تُعيِّرني بهذه الواقعة، ويقولون ما آمن إلا جزعاً من الموت لأقررت عينك بها.

لكن يُروى أنه بعدما انتقل أبو طالب، جاء العباس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال له: يا مُحَمَّد، إن الكلمة التي طلبتَ من عمِّك أنْ يقولها قالها قبل أن يموت وأنا أشهد بها.

ونلاحظ هنا دقة الأداء من العباس، حيث لم يقُلْ: إن هذه الكلمة لا إله إلا الله، بل سماها: (الكلمة) لماذا؟

لأنه لم يكن قد أسلم بعد.

وسبق أنْ تكلَّمنا في معنى الهداية: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ..) (القصص: 56) وقلنا: إنها تأتي بأحد معنيين: بمعنى الإرشاد والدلالة، وبمعنى المعونة لمن يؤمن بالدلالة، ومن ذلك قوله تعالى: (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) (مُحَمَّد: 17) أي: سمعوا الدلالة وأطاعوها، فزادهم الله هداية أخرى، هي هداية الإيمان والمعونة.

يقول تعالى في هذه المسألة: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) (فصلت: 17) يعني: دللناهم: (فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ) (فصلت: 17) ؛ لذلك حُرِموا هداية المعونة.

إذن: الهداية المنفية عن سيدنا رسول الله: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ..) (القصص: 56) هي هداية المعونة والتوفيق للإيمان؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- هدى الجميع هداية الدلالة والإرشاد، وكان مما قال: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الصف: 10).

فهداية الدلالة صدرت أولاً عن الله تعالى، ثم بالبلاغ من رسوله -صلى الله عليه وسلم- ثانياً.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ...).



سورة القصص الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 56-60   سورة القصص الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:08 am

وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ: (٥٧)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

وهذه المقولة: (إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ..) (القصص: 57) قالها الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، فقد ذهب إلى سيدنا رسول الله، وقال: إننا نعلم أنك جئتَ بالحق، ولكن نخاف إنْ آمنا بك واتبعنا هواك أنْ نُتخطّف من أرضنا، ولا بُدَّ أنه كان يتكلم بلسان قومه الذين ائتمروا على هذا القول.

والخطْف: هو الأخْذ بشدة وسرعة.

إذن: فهم يُقرُّون للرسول بأنه جاء بالحق، وأنه على الهدى، لكن علة امتناعهم أنْ يتخطفوا، وكان عليهم أنْ يقارنوا بعقولهم بين أن يكونوا مع رسول الله على الحق وعلى الهدى ويُتخطَّفوا وبين أنْ يظلُّوا على كفرهم.

فقصارى ما يصيبهم إنْ اتبعوا رسول الله أن يتخطفهم الناس في أموالهم أو في أنفسهم -على فرض أن هذا صحيح- قصارى ما يصيبهم خسارة عَرَض فانٍ من الدنيا لو استمر لك لتمتعتَ به مدة بقائك فيها، وهذا الخير الذي سيفوتك من الدنيا محدود على مقتضى قوة البشر، ولا يضيرك هذا إنْ كنتَ من أهل الآخرة حيث ستذهب إلى خير بَاقٍ دائم، خير يناسب قدرة المنعم سبحانه أما إنْ ظلُّوا على كفرهم، فمتاع قليل في الدنيا الفانية، ولا نصيبَ لهم في الآخرة الباقية.

إذن: فأيُّ الطريق أهدى؟

إن المقارنة العقلية ترجح طريق الهدى واتباع الحق الذي جاء به رسول الله، هذه واحدة.

ثم مَنْ قال إنكم إن اتبعتم الهدى مع رسول الله تُتخطَّفوا وتُضطهدوا؟

لذلك يرد الله عليهم: قُلْ لهم يا مُحَمَّد: كذبتم، فلن يتخطفكم أحد بسبب إسلامكم: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (القصص: 57).

فقد أنعم الله عليكم وأنتم كافرون مشركون به، تعبدون الأصنام في جاهلية، ومكَّن لكم حياة آمنة في رحاب بيته الحرام، ووفّر لكم رَغَد العيش وأنتم بوادٍ غير ذي زرع حيث يُجْبى إليه الثمرات من كل مكان، فالذي صنع معكم هذا الصنيع أيترككم ويتخلى عنكم بعد أنْ آمنتم به، واهتديتم إلى الحق؟

كيف يكون منكم هذا القياس؟

ومعنى: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ..) (القصص: 57) استفهام للتقرير، فاسألهم وسوف يعترفون هم أن الله مكَّن لهم حرماً آمناً يُجبَى إليه ثمرات كل شيء، فالحق سبحانه يريد أنْ يثبت هذه القضية بإقرارهم بها.

ومعنى: (نُمَكِّن لَّهُمْ..) (القصص: 57) نجعلهم مكينين فيه، كما في قوله تعالى: (وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ..) (يوسف: 21) والتمكين يدل على الثبات؛ لأن ظرف المكان ثابت على خلاف ظرف الزمان.

وقال: (حَرَماً آمِناً..) (القصص: 57) مع أن الأمن لمن في المكان، لكن أراد سبحانه أن يُؤمِّن نفس المكان، فيكون كل ما فيه آمناً، حتى القاتل لا يُقتصّ منه في الحرم، والحيوان لا يُثار فيه ولا يُصَاد، والنبات لا يُعضد حتى الحجر في هذا المكان آمن، ألاَ تراهم يرجمون حجراً في رمي الجمرات في حين يُكرِّمون الحجر الأسود ويُقبّلونه.

وحينما نتأمَّل الحرم منذ أيام الخليل إبراهيم -عليه السلام- نجد أن له خطة، وأن الحق سبحانه يُعدُّه ليكون حرماً آمناً، فلما جاءه إبراهيم قال: (رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ..) (إبراهيم: 37).

هذا يعني أن المكان ليس به من مقومات الحياة إلا الهواء، لأن نفي الزرع يعني عدم وجود الماء؛ لذلك اعترضت السيدة هاجر على هذا المكان القفر، فلما علمتْ أنه اختيار الله لهم قالت: إذن لن يضيعنا.

وقد رأتْ بنفسها أن الله لم يُضيِّعهم، فلما احتاجت الماء لترضع وليدها وسعتْ في طلبه بين الصفا والمروة سبعة أشواط على قَدْر ما أطاقتْ لم تجد الماء في سَعْيها، ولو أنها وجدته لكان سعيها سبباً إنما أراد الله أنْ يُصدِّقها في كلمتها، وأن يثبت لها أنه سبحانه لن يُضيّعهم من غير أسباب لتتأكد أن كلمتها حق، ثم شاءتْ قدرة الله أن يخرج الماء من تحت قدم الوليد، وهو يضرب بقدمه الأرض، ويبكي من شدة الجوع والعطش، وانبجستْ زمزم.

ولما أسكن إبراهيم أهله في هذا المكان المقْفر أراده لهم سكناً دائماً، لا مجرد استراحة من عناء السفر؛ لذلك قال: (رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ..) (إبراهيم: 37).

وكأنه -عليه السلام- يريد أن يطمئن على إقامة أهله في هذا المكان، وأن يكون البيت مُصلَّى لله، لا تنقطع فيه الصلاة، وهذا هو الفرق بين بيت الله باختيار الله وبيت الله باختيار عباد الله.

فالبيت الذي نبنيه لله تعالى قد يُغلق حتى في أوقات الفروض، أما بيت الله الذي اتخذه لنفسه فلا يخلو من الطواف والصلاة في أيِّ وقت من ليل أو نهار، ولا ينقطع منه الطواف إلا لصلاة مكتوبة، فإذا قُضيتْ الصلاة رأيتهم يُهرعون إلى الطواف.

وقد رأيت الحرم في إحدى السنوات وقد دهمه سيل جارف حتى ملأ ساحته، ودخل الماء الكعبة وغطَّى الحجر الأسود، فكان الناس يطوفون سباحة، ورأينا أناساً يغطسون عند الحجر ليُقبِّلوه، وكأن الحق -سبحانه وتعالى- يريد أن يظلَّ الطواف حول بيته لا ينقطع على أيِّ حال.

كذلك نفهم من قوله تعالى: (تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ..) (إبراهيم: 37).

من الفعل هَوَى يهوي، يعني: سقط؛ لأن الذي يسقط لا إرادةَ له في عدم السقوط، كذلك مَنْ يأتي بيت الله أو يجلب إليه الخيرات يجد دافعاً يدفعه كأنه لا إرادة له.

كما نفهم منها معنى آخر، فكل تكاليف الحق سبحانه ربما تكاسل الناس في أدائها، فمنّا مَنْ لا يصلي أو لا يُزكِّي.

إلا الحج حيث قال الله فيه: (وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً..) (الحج: 27) فمجرد أن تؤذن يأتوك.

لذلك نجد من غير القادرين على نفقات الحج من يجوع ويُمسك على أهله ليوفِّر تكاليف الحج، فهو -إذن- الفريضة الوحيدة التي يتهافت عليها مَنْ لم تطلب منه.

ونلحظ أن إبراهيم -عليه السلام- دعا بالأمن للحرم مرتين: مرة في قوله: (رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً..) (البقرة: 126) يعني: اجعل هذا المكان بلداً آمناً، كأيِّ بلد آمن لا تُقام إلا في مكان يُؤَمِّنون فيه كل مُقوِّمات الحياة، فأيّ بلد لا تُبنى حتى من الكافر إلا إذا كان آمناً فيها، فالطلب الأول أنْ يتحول هذا المكان الخالي إلى بلد آمن، كما يأمن كل بلد حين ينشأ، وهذا أمن عام.

ثم يدعو مرة أخرى: (رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً..) (إبراهيم: 35) بعد أن أصبحتْ مكة بلداً آمناً يطلب لها مزيداً من الأمن، وهذا أمن خاص، حيث جعلها بلداً حراماً، يأمن فيها الإنسان والحيوان والنبات، بل والجماد.

وقد وقف البعض عند قوله تعالى: (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً..) (آل عمران: 97).

وقالوا: أين هذا الأمن، وقد حدث في الحرم الاعتداء والقتل وترويع الآمنين، كما حدث في أيام القرامطة لَمَّا دخلوا الحرم، وقتلوا الناس فيه، وأخذوا الحَجَر، وفي العصر الحديث نعرف حكاية جهيمان، وما حدث فيها من قَتْل في الحرم.

وهذه الآية: (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً..) (آل عمران: 97) جملة خبرية غرضها الأمر والحَثُّ، كأنه تعالى قال: أمِّنوا مَنْ دخل الحرم.

وهذه ليست قضية كونية، إنما قضية شرعية، وفرْق بين القضيتين: الكونية لا بُدَّ أن تحدث، أما الشرعية فأمر ينفذه البعض، ويخرج عليه البعض، فمَنْ أطاع الأمر الشرعي لله وأراد أنْ يجعل أمر الله صادقاً يُؤمِّن أهل الحرم، ومَنْ أراد أنْ يكذِّب ربه يهيج الناس ويروعهم فيه.

ومن الآيات التي كثيراً ما يُسأل عنها في هذا الصدد قوله تعالى: (ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ..) (النور: 26) يقولون: كثيراً ما يتزوج خبيث من طيبة، أو طيبة من خبيث، فالواقع لا يتفق مع الآية.

نقول أيضاً هنا: هذه قضية شرعية تحمل أمراً قد يُطاع وقد يُعْصَى، وليست قضية كونية لا بُدَّ أنْ تأتي كما أخبر الله تعالى بها، ولا يتخلّف مدلولها.

فالمعنى في الآية: إن زوجتُم فزوِّجوا الخبيث للخبيثة، والطيب للطيبة؛ ليتحقق التكافؤ بين الزوجين ويحدث بينهما الوفاق، حتى إنْ عيَّر الخبيث زوجته كانت مثله تستطيع أنْ تردّ عليه، لا بُدَّ من وجود التكافؤ حتى في: (القباحة)، وإلا فكيف تفعل الطيبة مع الخبيث، أو الخبيث مع الطيبة؟

إذن: فالآية وأمثالها قضية شرعية في صيغة الخبر، وإنْ كانت تعني الأمر، كما تقول عن الميت: رحمه الله بصيغة الماضي، وأنت لا تدريرحمه الله، أو لم يرحمه، إذن: لا بُدَّ أن المعنى دعاء: فليرحمه الله، قلتها أنت بصيغة الماضي، رجاء أن تكون له الرحمة.

نعود إلى قوله تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً..) (القصص: 57) ونلحظ هذا التمكين وهذا الأمن من قصة الفيل، حيث جاء أبرهة ليهدم الكعبة، ويتقدّم الجيش فيل ضخم يُقال له محمود، فلما قالوا في أذنه: (أبرُكْ محمود وارجع راشداً) يعني: انفد بجلدك: (فإنك ببلد الله الحرام) فبرك الفيل واستجاب.

ثم جاءت معركة الطير الأبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول.

هذا كله من الأمن الذي جعله الله لقريش سكان حرمه؛ لتظل الكعبة مسكونة بهم، وما داموا هم سكان الحرم والناس تأتيهم من كل الأنحاء للحج كل عام، فسوف يظل لهم الأمن بين القبائل، ولا يجرؤ أحد على الأعتداء عليهم، أو التعرُّض لقوافلهم في رحلة الشتاء والصيف، وأيُّ أمن، وأيُّ مهابة بعد هذا؟

ومع الحجيج يُجلب الطعام وتُجلب الأرزاق، وصدق الله العظيم: (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ * ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: 1-4).

وكيف بعد هذا الأمن والأمان يخاف مَنْ يؤمن بمُحَمَّد أنْ يُتخطَّف من أرضه؟

إنها مقولة لا مدلولَ لها.



سورة القصص الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 56-60   سورة القصص الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:09 am

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ: (٥٨)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

كلمة: (وَكَمْ) (القصص: 58) كم هنا خبرية تفيد الكثرة، كأنك تركتَ الجواب ليدل بنفسه على الكثرة، كما تقول لمن ينكر جميلك، ولا تريد أنْ تُعدد أياديك عليه: كم أحسنتُ إليك، يعني: أنا لن أُعدِّد، وسوف أرضى بما تقوله أنت لأنك واثق أن الإجابة سوف تكون في صالحك، وعندها لا يملك إلا أن يقول: نعم هي كثيرة.

فكم هنا تعني الكثرة، وينطق بها المخاطب لتكون حجة عليه.

ومعنى: (مِن قَرْيَةٍ) (القصص: 58) من للعموم أي: من بداية ما يُقال له قرية: (بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا) (القصص: 58) البطر: أن تنسى شُكْر المُنعِم على نِعمه، أي: أنه سبحانه لم يرد ذكره على بالك وأنت تتقلَّبَ في نِعمه، أو يكون البطر باستخدام النعمة في معصية المنعم عز وجل.

ومن البطر أن يتعالى المرء على النعمة، أو يستقلها ويراها أقلّ من مستواه، كالولد الذي تأتي له أمه مثلاً بطبق العدس فيتبرَّم به، وربما لا يأكل، فتقول الأم كما نقول في العامية: أنت: (بتتبطر) على نعمة ربنا؟

كلمة في لغتنا العامية لكن لها أصل في الفصحى.

إذن: من البطر أنْ تتجبَّر، أو تتكبر، أو تتعالى على نعمة الله، فلا ترضى بها، وتطلب أعلى منها.

ومعنى: (مَعِيشَتَهَا) (القصص: 58) أي: أسباب معيشتها: (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ) (القصص: 58) فما داموا قد بطروا نعمة الله فلا بُدَّ أن يسلبها من أيديهم، وإنْ سُلبتْ نِعم الله من بلد هلكوا، أو رحلوا عنها: (إِلاَّ قَلِيلاً) (القصص: 58) هم الذين يقيمون بعد هلاك ديارهم.

(وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ) (القصص: 58) نرثهم لأنهم لم يتركوا مَنْ يرثهم، وإذا تُرِك مكان بلا خليفة يرثه آل ميراثه إلى الله تعالى وفي آية أخرى يعالج الحق سبحانه هذه القضية بصورة أوسع، يقول تعالى: (وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ..) (النحل: 112) يعني: بطرت بنعمه تعالى: (فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ..) (النحل: 112).

ومعنى الكفر بالله: سَتْر وجود الله، والسَّتْر يقتضي مستوراً، فكأن الأصل أن الله تعالى موجود، لكن الكافر يستر هذا الوجود، وهكذا يكون الكفر نفسه دليلاً على الإيمان، فالإيمان هو الأصل والكفر طارئ عليه.

ومثال ذلك قولنا: إن الباطل جُنْدي من جنود الحق، فحين يستشري الباطل يذوق الناس مرارته، ويكتوون بناره، فيعودون إلى الحق وإلى الصواب، ويطلبون فيه المخرج حين تعضُّهم الأحداث.

وكذلك نقول بنفس المنطق: الألم أول جنود الشفاء؛ لذلك نجد أن أخطر الأمراض هو المرض الذي يتلصص على المريض دون أنْ يُشعره بأيِّ ألم، فلا يدري به إلا وقد استفحل أمره، وتفاقم خطره وعزَّ علاجه، لذلك نسميه -والعياذ بالله- المرض الخبيث.ففي قوله تعالى: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ..) (النحل: 112).

دليل على وجود النعم، ومع ذلك كفروا بها أي: ستروها، إما بعدم البحث في أسبابها، والتكاسل عن استخراجها، أو ستروها عن المستحق لها وضنُّوا بها على العاجز الذي لا يستطيع الكسب؛ لذلك يسلبهم الله هذه النعم ويحرمهم منها رغم قدرتهم.

وهناك أشياء لو ظلت موجودة لأعطتْ رتابة، ربما فهموا منها أن هذه الأشياء إنما تأتيهم تلقائياً بطبيعة الأشياء، وحين يسلب الله منهم نعمه ويقطع هذه الرتابة، فإنما ليفهموا أن الرتابة في التكليفات تُضعِف الحكمة من التكليف، كيف؟

نقول: الحق -تبارك وتعالى- حرَّم علينا أشياء وأحلَّ لنا أشياء، فمثلاً حرَّم الله علينا الخمر حتى أصبحنا لا نشربها ولا حتى تخطر ببالنا، فأصبحت عادة رتيبة عندنا، والله تعالى يريد أنْ يُديم على الإنسان تكليفَ العبادة، حتى لا يعتادها فيفعلها بالعادة، فيكسر هذه العادة مثلاً في صوم رمضان.

ويُحرِّم عليك ما كان حلالاً لك طوال العام، وقد اعتدْتَ عليه، فيأتي رمضان وتكليف الصيام ليُحرِّم عليك الطعام الذي كنت تأكله بالأمس، ذلك لتظل حرارة العبادة موجودةً تُشوِّق العبد إليها، وتُعوِّده الانضباط في أداء التكاليف.

ثم يذكر العقاب على الكفر بنعمة الله: (فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ..) (النحل: 112) والجوع له مظهران: أنْ تطلبه البطن في أول الأمر، فإنْ زاد الجوع ضعُفَتْ الجوارح، وتألمتْ الأعضاء كلها، وذاقتْ ألم الجوع، والله تعالى يريد أنْ يُرينا إحاطة هذا الألم، فشبَّهه باللباس الذي يحيط بالجسم كله، ويلفّه من كل نواحيه.

وهذه سُنَّة الله في القُرى الظالمة، كما قال سبحانه: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ...).



سورة القصص الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 56-60   سورة القصص الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:09 am

وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ: (٥٩)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

إذن: لا بُدَّ أن نُعْلِم بالمنهج، ويأتي رسول يقول: افعل كذا، ولا تفعل كذا، حتى إذا حَلَّ العذاب بالكافرين يكون بالعدْل، وبعد إلزامهم الحجة، لا أنْ نترك الناس يذنبون، ثم نقول لهم: هذا حرام.

وسبق أنْ قُلْنا ما قاله القانون: لا عقوبة إلا بتجريم، ولا تجريم إلا بنصًّ، ولا نصَّ إلا بإعلام.

وما كان الله ليهلك قرية ظلماً، إنما عقوبةً لهم على ما فعلوا.

والقرية لها تسلسل فنقول: (نَجْع) وهو المكان الذي تسكنه أسرة واحدة، و: (كَفْر) لعدة أسر، ثم: (قرية) ثم: (أم القرى) وهي الحضر أو العاصمة، وقد نزل القرآن في أمة مُتبدية، تعيش على الترحال، وتقيم في الخيام تتنقل بها بين منابت الكلأ، فقالوا: (أم القرى) للمكان الذي تجد به القرى، وتتوفر فيه من مقومات الحياة مَا لا يوجد في النجوع والكفور والقرى الصغيرة، كما يعيش الآن أهل الريف على قضاء حوائجهم من: (البندر)، كأنّ أُمّ القرى لها حنان، يشمل صغار البلاد حولها.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ...).



سورة القصص الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة القصص الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة القصص الآيات من 56-60   سورة القصص الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 18 أغسطس 2020, 2:10 am

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ: (٦٠)
تفسير الأية: خواطر مُحَمَّد متولي الشعراوي: (ت 1418 هـ)

معنى: (مِّن شَيْءٍ..) (القصص: 60) من أيِّ شيء من مُقوِّمات الحياة، ومن كمالياتها: (فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا..) (القصص: 60) فمهما بلغ هذا من السُّمو، فإنه متاع عمره قليل، كما قال سبحانه: (قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ) (النساء: 77).

لذلك طلبنا منكم ألاَّ تنشغلوا بهذا المتاع، وألاَّ تجعلوه غايةً، لأن بقاءك فيها مظنون، ومتاعك فيها على قَدْر نشاطك وحركتك.

وسبق أنْ قلنا: إن آفة النعيم في الدنيا أنه إما أن يتركك أو تتركه، وأن عمرك في الدنيا ليس هو عمر الدنيا، إنما مدة بقائك أنت فيها، ومهما بلغتَ من الدنيا فلا بُدَّ من الموت.

لذلك يدلُّنا ربنا -عز وجل- على حياة أخرى باقية مُتيقَّنة لا يفارقك نعيمها ولا تفارقه.

(وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (القصص: 60).        

(خَيْرٌ..) (القصص: 60) لأن النعيم فيها ليس على قَدْر نشاطك، إنما على قَدْر قدرة الله وعطائه وكرمه: (وَأَبْقَىٰ..) (القصص: 60) لأنه دائم لا ينقطع، فلو قارن العاقل بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة لاختار الآخرة.

لذلك، فإن الصحابي الذي حدَّثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أجر الشهيد، وتيقَّن أنه ليس بينه وبين الجنة إلا أنْ يُقتل في سبيل الله، وكان في يده تمرات يأكلها فألقاها، ورأى أن مدة شغله بمضغها طويلة؛ لأنها تحول بينه وبين هذه الغاية، ألقاها وأسرع إلى الجهاد لينال الشهادة.

لماذا؟

لأنه أجرى مقارنة بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة.

والحق -سبحانه وتعالى- حين يُجري هذه المقارنة بين الكفار وبين المؤمنين يقول: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ..) (التوبة: 52) إما أن ننتصر عليكم ونُذلكم، ونأخذ خيراتكم، وإما ننال الشهادة فنذهب إلى خير مما تركنا: (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا..) (التوبة: 52).

إذن: لا تتربصون بنا إلا خيراً، ولا نتربّص بكم إلا شراً.

وفي موضع آخر قال سبحانه: (بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) (الأعلى: 16 - 17) لذلك ذيَّل الآية هنا بقوله تعالى: (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (القصص: 60) لأن العقل لو قارن بين الدنيا والآخرة لا بُدَّ أنْ يختار الآخرة.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ...).



سورة القصص الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة القصص الآيات من 56-60
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة القصص الآيات من 36-40
» سورة القصص الآيات من 41-45
» سورة القصص الآيات من 46-50
» سورة القصص الآيات من 51-55
» سورة القصص الآيات من 61-65

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: القصص-
انتقل الى: