منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الشعراء الآيات من 181-185

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

سورة الشعراء الآيات من 181-185 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الشعراء الآيات من 181-185   سورة الشعراء الآيات من 181-185 Emptyالأحد 09 أغسطس 2020, 3:25 pm

أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الكيل: آلة تُقدّر بها الأشياء التي تُكال، ووحدته: كَيْلة أو قَدح أو أردب.

والميزان كذلك: آلة يُقدَّر بها ما يُوزَن.

ومعنى (وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ) (الشعراء: 181) المخسِر: هو الذي يتسبب في خسارة الطرف الآخر في مسألة الكيل، بأن يأخذ بالزيادة، وإنْ أعطى يُعطِي بالنقصان.

وفي الوزن قال (بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ) (الشعراء: 182).

والقسطاس: يعني العدل المطلق في قدرة البشر وإمكاناتهم في تحرِّي الدّقّة في الوزن، مع مراعاة اختلاف الموزونات، فوزن الذهب غير وزن التفاح مثلاً، غير وزن العدس أو السمسم، فعليك أنْ تتحرّى الدقة قَدْر إمكانك، لتحقق هذا القسطاس المستقيم.

لكن، لماذا خصَّ الكيل والوزن من وسائل التقدير والتقييم، ولم يذكر مثلاً القياس في المساحات والمسافات بالمتر أو بالذراع؟

قالوا: لأن الناس قديماً - وكانت أمماً بدائية - لا تتعامل فيما يُقاس، فلا يشترون القماش مثلاً: لأنه يُغزل، تغزله النساء ويغزله الرجال، ولم يكُنْ أحد يغزل لأحد أو يبيع له، فهذه صورة حضارية رأيناها فيما بعد.

وقديماً، كان الناس يتعاملون بالتبادل والمقايضة، وفي هذه الحالة لا يوجد بائع على حِدَة ولا مُشْترٍ على حِدَة، فلا يتفرد البائع بالبيع، والمشتري بالشراء، إلا في حالة مبادلة السلعة بثمن، كما قال تعالى: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ..) (يوسف: 20) أي: باعوه.

أما في حالة المقايضة، فأنت تأخذ القمح تأكله، وأنا آخذ التمر آكله، فالانتفاع هنا انتفاع مباشر بالسلعة، فإنْ قدَّرْتَ أن كل واحد في الصفقة بائع ومشترْ.

تقول: شَرَى وباع.

وإنْ قدَّرْت الأثمان التي لا ينتفع بها انتفاعاً مباشراً كالذهب والفضة، أو أي معدن آخر، وهذه الأشياء لا تؤكل فهي ثمن، أمّا الأشياء الأخرى فصالحة أنْ تكون سلعة، وصالحة لأنْ تكون ثمناً.

وقد أفرد القرآن الكريم سورة مخصوصة لمسألة الكيل والميزان هي "سورة المطففين"، يقول سبحانه: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (المطففين: 1-3).

نقول: كال له يعني: أعطاه، واكتال عليه يعني: أخذ منه.

فإن أخذ أخذ وافياً، وإنْ أعطى أعطى بالنقص والخسارة.

والقرآن لا ينعى عليه أن يستوفى حقّه، لكن ينعى عليه أن ينقص من حَقِّ الآخرين، ولو شيئاً يسيراً.

فمعنى (المطففين) من الشيء الطفيف اليسير، فإذا كان الويل لمن يظلم في الشيء الطفيف، فما بال مَنْ يظلم في الكل؟

فاللوم هنا لمَنْ يجمع بين هذين الأمرين: يأخذ بالزيادة ويُعطي بالنقص، أما مَنْ يعطي بالزيادة فلا بأس، وجزاؤه على الله، وهو من المحسنين الذين قال الله فيهم: (مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ..) (التوبة: 91).

ومع تطور المجتمعات بدأ الناس يهتمُّون بقياس دقة آلات الكيل والوزن والقياس، فَوُجِدت هيئات متخصصة في معايرتها والتفتيش عليها ومتابعة دِقّتها؛ لأنها مع مرور الزمن عُرْضة للنقص أو الزيادة، فمثلاً سنجة الحديد - التي نزن بها قد تزيد إنْ كانت في مكان بحيث تتراكم عليها الزيوت والتراب، وقد تنقص بالحركة مع مرور الوقت، كما تنقص مثلاً أكرة الباب من كثرة الاستعمال، فتراها لامعة، ولمعانها دليل النقص، وإنْ كان يسيراً.

وفي فرنسا، نموذج للياردة وللمتر من معدن لا يتآكل، جُعِلَتْ كمرجعٍ يُقاس عليه، وتُضبط عليه آلات القياس.

ورأينا الآن آلاتٍ دقيقة جداً للوزن وللقياس، تضمن لك منتهى الدقة، خاصة في وزن الأشياء الثمينة؛ لذلك نراهم يضعون الميزان الدقيق في صندوق من الزجاج، حتى لا تُؤثِّر فيه حركة الهواء من حوله.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ...).



سورة الشعراء الآيات من 181-185 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

سورة الشعراء الآيات من 181-185 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشعراء الآيات من 181-185   سورة الشعراء الآيات من 181-185 Emptyالأحد 09 أغسطس 2020, 3:25 pm

وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

البخس: النقص، ومعنى (أَشْيَآءَهُمْ..) (الشعراء: 183) حقوقهم إذن: فالنقص من حَقِّ الغير ذنب، وقد يكون البخس بأخْذ الشيء كله غَصْباً، أو بالتصرف فيه دون أمر صاحبه، أو على وجه لا يرضاه.

وهذا كله داخل في (وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ..) (الشعراء: 183) كل ما ينقص الحق بأخذه بإنقاص.

أو غَصْب أو تصرّف على غير إرادة صاحبه فهو بَخْسٌ للشيء.

فكل ما ثبت أنه حق لغيرك إياك أنْ تعتدي عليه، فالزكاة مثلاً حينما يقول ربك -عز وجل-: (وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (المعارج: 24-25).

فما دام قد قيَّده الشرع، فلا تبخس أنت حَقَّ الفقير، لأنك حين تتأمل هذا الحق المعلوم الذي جعله الله من مالك للفقير، تجهد أنه وُضِع بحكمة تُراعِي مدى حركة المموِّل، وما بذل من جهد ونفقات في سبيل تنمية ماله، حتى وجبتْ فيه الزكاة.

فكلما زادتْ حركتك قَلَّ مقدار الزكاة في مالك، فمثلاً الأرض التي تُسْقى بماء المطر فيها العُشْر، والتي تُسْقى بآلة ونفقات فيها نصف العشر، وفي عروض التجارة وتحتاج إلى حركة أكثر قال رُبْع العُشْر، ذلك لأن الشارع الحكيم يريد للناس الحركة والسعي وتثمير الأموال، حتى لا يأتي مَنْ يقول: كيف أسعى ويأخذ غيري ثمرة سعيي؟

والشارع حين كفل هذا الحق للفقراء، فإنما يحمي به الفقراء والأغنياء على حَدٍّ سواء.

وقد حدَّد الشارع هذا الحق، حتى لا تزهد في العطاء، خاصة في الزكاة.

إن منهج الله يريد أنْ يُصوِّب حركة الحياة من الأحياء، يريد ألاَّ يجري دم في جسد إلا بخروج عَرق من هذا الجسد، وألا يدخل دم في جسد من عرق سواه، وإلاَّ فسد المجتمع، وضَنَّ كل قادر على الحركة بحركته؛ لأنه لا يطمئن إلى ثمار حركته أنها لا تعود عليه، أو أن غيره سيغتصبها منه بأيِّ لون من ألوان الاغتصاب.

عندها يفسد المجتمع؛ لأن القوي القادر سيزهد في الحركة فيقعد، والآخذ سيتعوَّد البطالة والكسل والخمول، ولماذا يعمل وما يجري في عروقه من دماء من عمل غيره، وبمرور الوقت يصعب عليه العمل، وتثقُل عليه الحركة، فيركَنُ إلى ما نُسمِّيه (بلطجي) في الحياة، يعيش عالة على غيره.

إذن: الحق -تبارك وتعالى- يريد أن يُطمئِن كل إنسان على حركته في الحياة وثمرة سَعْيه، فلا يتلصص أحد على ثمرة حياة الآخر؛ لأنه إنْ كان عاجزاً عن الحركة فقد ضمن له ربُّه حقاً في حركة الآخرين تأتيه إلى باب بيته، سواء أكانت زكاةً أم كانت صدقة؛ وبذلك تسْلَم حركة الحياة للجميع.

لذلك أراد -سبحانه وتعالى- أن يُعطينا الموازين الدقيقة التي تحفظ سلامة التعامل بين الناس: فإنْ كِلْتَ لغيرك فوفِّ الكيل، وإنْ وزنتَ فوَفِّ الميزان، واجعله بالقسطاس المستقيم، ولا تبخس الناس حقوقهم بأي صورة من الصور.

ولا يقتصر الأمر على هذه المسائل فحسب، إنما هي نماذج للتعامل، تستطيع القياس عليها في كل أمور الحياة فيما يُقَاس وفيما يُعَدُّ، في الأعمال وفي الصناعات... إلخ.

إذن: فاحذر أنْ تتلصَّص على حقوق الآخرين، أو أن تبخسها، بأيِّ نوع من أنواع التسلُّط: غَصْباً أو اختطافاً أو سرقةً أو اختلاساً أو رِشْوة... إلخ.

وقلنا: إن السرقة أن تأخذ شيئاً من حِرْزه في غير وجود صاحبه، والخطف يكون صاحب الشيء موجوداً، لكنك تأخذه خَطْفاً وتفرّ به قبل أن يُمسك بك، فإنْ أمسك بك فغالبْتَه وأخذتها رَغماً عنه فهي غَصْب، أما الاختلاس فأنْ تأخذ من مالٍ أنت مؤتمَنٌ عليه، ما لا يحقَّ لك أخْذه.

فإذا علم كُلُّ متحرك في الحياة أن ثمرة حركته تعود عليه، وعلم كل غير متحرك أنه يموت جوعاً إنْ لم يعمل وهو قادر دبَّتْ الحركة في كل الأحياء، وهذا ما يريده الله تعالى لخليفته في الأرض خاصة، وقد خلق لنا سبحانه العقل الذي نفكر به، والطاقة التي نعمل بها، والمادة التي نستعين بها، فكلُّ ما علينا أن نُوظّف هذه الإمكانات التي خلقها الله توظيفاً مثمراً.

ثم إنْ كانت الزكاة كحقِّ معلومة محددة، فهناك حَقٌّ آخر غير مُحَّدد، في قوله سبحانه: (وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 19) ولم يقل (معلوم) ؛ لأن المُراد هنا الصدقة المطلقة، وقد تركها الحق -تبارك وتعالى- ولم يُقيِّدها ليترك الباب مفتوحاً أمام أريحية المعطي، ومدى كرمه وإحسانه؛ لذلك جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن صفات المحسنين: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 15-19).

ولأن الحق هنا تفضُّل وزيادة تركه الشارع الحكيم دون تحديد.

وعجيب أن نرى أصحاب الأموال حين يُخرِج أحدهم رُبْع العشر مثلاً من ماله، لا ينظر إلى ما تبقّى له من رأس المال، وهي نسبة 97.5%، وينظر إلى حَقِّ الفقير وهو يسير 2.5%.

فنراه يحتال عليه فيُؤثِر به أقاربه أو معارفه، أو يضعه بحيث يعفيه من حق آخر، كالذي يعطي زكاته للخادمة مثلاً، ليُرضِي أمها حتى لا تأخذها من يده، ومنهم مَنْ يضع أموال الزكاة في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى؛ وهذا كله لا يجوز؛ لأن مال الزكاة حَقٌّ للمستحقين المعروفين نصاً في كتاب الله، ولا يصح أنْ يُوجِّه مال الزكاة لشيء ينتفع به الغني أبداً.

ثم يقول سبحانه: (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (الشعراء: 183) عثا: أي أفسد.

فالمعنى: لا تُفسِدوا في الأرض، فلماذا كرَّر الإفساد مرة أخرى فقال (مُفْسِدِينَ) (الشعراء: 183)؟

قالوا: المُراد: لا تعثَوْا في الأرض حالةَ كونِكم مفسدين، أو في نيتكم الإفساد.

وليس في الآية تكرار؛ لأنه فرَّق بين إفساد شيء وأنت لا تقصد إفساده، إنما حركتك في الحياة أفسدتْه، وبين أنْ تُفسد عن قصد وعَمْد للإفساد، حتى لا نمنع العقول أن تفكر وتُجرِّبَ لتصلَ إلى الأفضل، وتُثري حركة الحياة، فما دُمْتَ قد قصدتَ الصلاح، فلا عليك إنْ أخطأتَ؛ لأن ربك -عز وجل- يتولى تصحيح هذا الخطأ، بل ويُعوِّضك عنه، فمَنِ اجتهد فأخطأ فله أجر، ومَنِ اجتهد فأصاب فله أجران.

إذن: المعنى: لا تُفسِدوا في الأرض وأنتم تقصدون الإفساد، لكن فكيف نُفسِد الأرض؟

إن إفساد الأرض يعني إفسادَ المتحرك عليها؛ لأن الأرض خُلقَتْ للإنسان: (وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ) (الرحمن: 10).

وقد خلقها الله تعالى على هيئة الصلاح، والإنسان هو الذي يُفسِدها، بدليل أنك لا تجد الفساد إلا فيما للإنسان دَخْل فيه، أما مَا لا تطوله يده، فيظل على صلاحه، وعلى استقامته وسلامته.

والإنسان الذي خلقه الله وجعله خليفة له في أرضه طُلب منه عمارة هذه الأرض وزيادة صلاحها، تحقيقاً لقول ربه عَزَّ وجَلَّ: (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا..) (هود: 61).

ولا يصلح أن نستعمر الأرض وهي خراب، فإذا ما كَثُر النسل لا يقابل زيادة في استثمار الأرض، فتحدث الأزمات، ولو أن استثمار الأرض وإصلاحها سار مع زيادة النسل في خطين متوازيين لما شعر الناس بالحاجة والضيق، ولما أحاطت بهم الأزمات.

والآن حين تسير في الطريق الصحراوي مثلاً تجد المزارع في الصحراء، وتجد القرى الجديدة تحولت فيها الأرض الجرداء إلى خضرة ونماء، فأين كانت هذه الثورة؟

لقد كنا كُسالى وفي غفلة حتى عَضَّنا الجوع، وضاقت بنا الأرض الخضراء في الوادي والدلتا.

وإذا لم يُصلِح الإنسان في الأرض فلا أقلَّ من أنْ يتركها على حالها الذي خلقها الله عليه.

لكن رأينا الإنسان يُفسد الماء ويُلوثه حين يصرف فيه مُخلَّفاته ويُفسد الهواء بعادم السيارات والمصانع، ويُفسِد التربة بالكيماويات والمبيدات، وكل هذا الإفساد خروج عن الطبيعة الصافية التي خلقها الله لنا؛ ذلك لأننا نظرنا إلى النفع العاجل، وأغفلنا الضرر الآجل.

لقد خلق الله لنا وسائل الركوب والانتقال، وجعلها آمنة لا ضررَ منها: (وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً..) (النحل: 8).

وقال: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ..) (النحل: 7) نعم، وسائل النقل الحديث أسرع، وأراحتْ هذه المواشي، لكنها أتعبتْ الإنسان الذي خلق الله الكون كله لراحته.

فترى الرجل يركب سيارته وكل هَمِّه أنْ يُسرع بها دون أنْ يهتم بضبطها وصيانتها، فينطلق بها مُخلِّفاً سحابة من الدخان السَّام الذي يؤذي الناس، أما هو فغير مكترث بشيء؛ لأن الدخان خلفه لا يشعر به.

لكن، احذر جيداً، إن ربك -عز وجل- قيوم لا يغفل ولا ينام، وكما تدين تُدان في نفسك، أو في أولادك.

كذلك قبل أن نركب السيارات ونُسرِع بها يجب أنْ نُمهِّد لها الطرق حتى لا تثير الغبار في وجوه الناس، وتؤذي تنفسهم، بل وتؤذي الزرع أيضاً، كل هذه وُجوه للإفساد في الأرض؛ لأننا ندرس عاجلَ النفع ولا ندرس آجل الضرر.

وعليك حين تجتهد أنْ تجتهد بمقدِّمات سليمة، لتصل إلى النتائج السليمة، ولا تكُنْ من المفسدين في الأرض.

ومن الإفساد في الأرض قَطْع الطريق، وهو أن المتلصِّص يقيم في مكانه يرصُد ضحيته إلى أن تمر به، والإغارة وهي أنْ يذهب المغير إلى المغَار عليه في مَأْمنه، فيسلبه ماله.

ومن الإفساد في الأرض الرِّشْوة، وهي من أنكَى النكبات التي بُلِي بها المجتمع، وهي تُولِّد التسيّب وعدم الانضباط، فحين ترى غيرك يستغلك، ويستحلّ مالك دون حق، تعامله وتعامل غيره نفس المعاملة، فتصير الأمور في الأجهزة والمصالح إلى فوضى لا يعلم مداها إلا الله.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ...).



سورة الشعراء الآيات من 181-185 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

سورة الشعراء الآيات من 181-185 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشعراء الآيات من 181-185   سورة الشعراء الآيات من 181-185 Emptyالأحد 09 أغسطس 2020, 3:26 pm

وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فإياك أن تظن أن الله تعالى خلقنا عبثاً، أو يتركنا هملاً، إنما خلقنا لمهمة في الكون، وجعلنا جميعاً عبيداً بالنسبة له سواء، فلم يُحَابِ من أحداً على أحد، وليس عنده سبحانه مراكز قوى؛ لذلك لم يتخذ صاحبه ولا ولداً.

ولأننا جميعاً أمامه سبحانه سواء وهو خالقنا، فقد تكفّل لنا بالرزق ورعاية المصالح، فَمنِ ابتلاه الله بالعجز عن الحركة فتحركْتَ أنت لقضاء مصالحه، لا بُدَّ أن ينظر الله إليك بعين البركة والمضاعفة.

فالمعوَّق والفقير بحقٍّ -لا الذي يتخذها مهنة وحرفة يرتزق بها- هذا الفقير وهذا المعوَّق هم خَلْق الله وأهل بلائه، فحين تعطيه من ثمرة حركتك أنت، وتذهب إليه وهو مطمئن في بيته، أنت بهذا العمل إنما تستر على الله بلاءه، وتكون يد الله التي يرزق بها هؤلاء، وعندها لا بُدَّ أن يحبك الفقير، وأنْ يدعو لك بالخير والبركة والزيادة والأَجْر والعافية والثواب، ويعلم أن الله خلقه ولم يُسلمه.

أمّا إنْ ضَنَّ الغنيُّ الواجد على الفقير المعدَم، وتخلى عن أهل البلاء، فلا بُدَّ أنْ يسخط الفقير على الغني، بل يسخط على الله -والعياذ بالله- لأنه ما ذنبه أن يكون فقيراً، وغيره غنيٌّ في مجتمع لا يرحم.

وعجيب أن نرى مُبتلىً يُظهر بلواه للناس، بل ويستغلها في ابتزازهم، فيُظهِر لهم إعاقته، كأنه يشكو الخالق للخَلْق، ولو أنه ستر على الله بلاءه وعَلِم أنه نعمة أنعم الله بها عليه لَسخَّر الله له عافية غير المبتلى، ولجاءه رزقه على باب بيته، فلو رَضِي أهل البلاء لأعطاهم الله على قَدْر ما ابتلاهم.

فمعنى: (وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ..) (الشعراء: 184) أي: احذروا جبروته؛ لأنه خلقكم، وضمن لكم الأرزاق، وضمن لكم قضاء الحاجات، حتى العاجز عن الحركة سخَّر له القادر، وجعل للغنى شرطاً في إيمانه أنْ يُعطى جزءاً من سَعْيه للفقير، ويُوصِّله إليه وهو مطمئن.

ومعنى: (وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ) (الشعراء: 184) الجبلة من الجبَل، وكان له دور في حياة العربي، وعليه تدور الكثير من تعبيراتهم، ففيه صفات الفخامة والعظمة والرسوخ والثبات، فاشتقوا من الجبل (الجبلّة) وتعني الملازمة والثبات على الشيء.

ومن ذلك نقول: فلان مجبول على الخير يعني: ملازم له لا يفارقه، وفلان كالجبل لا تزحزحه الأحداث، والعامة تقول: فلان جِبلَّة يعني: ثقيل على النفس، وقد يزيد فيقول: (مال جبلّتك وارمة) مبالغة في الوصف.

حتى أن بعض الشعراء يمدح ممدوحه بأنه ثابت كالجبل، حتى بعد موته، فيقول عن ممدوحه وقد حملوه في نعشه:
مَا كنتُ أَحْسَبُ قَبْل نَعْشِكَ أنْ أَرَى رَضْوى عَلَى أيدي الرجَالِ يَسِير
ورَضْوى جبل اشْتُهر بين العرب بضخامته.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً..) (يس: 62).

ومعنى: (وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ) (الشعراء: 184) أي: الناس السابقين الذين جُبِلوا على العناد وتكذيب الرسُل، فالله خلقكم وخلقهم، وقد رأيتُم ما فعل الله بهم لما كذَّبوا رسُله، لقد كتب الله النصر لرسله والهزيمة لمن كذّبهم، فهؤلاء الذين سبقوكم من الأمم جُبِلوا على التكذيب، وكانوا ثابتين عليه لم يُزحزحهم عن التكذيب شيء، فاحذروا أن تكونوا مثلهم فينزل بكم ما نزل بهم.

فماذا كان ردّهم؟



سورة الشعراء الآيات من 181-185 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

سورة الشعراء الآيات من 181-185 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الشعراء الآيات من 181-185   سورة الشعراء الآيات من 181-185 Emptyالأحد 09 أغسطس 2020, 3:27 pm

قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قلنا: إن مُسحَّر: أي سحَره غيره، وهي صيغة مبالغة للدلاَلة على حدوث السحر ووقوعه عليه أكثر من مرة، فلو سُحِر مرة واحدة لَقُلْنا: مسحور والمعنى: أنك مخْتَلُّ العقل والتفكير، مجنون، لن نسمع لك.



سورة الشعراء الآيات من 181-185 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الشعراء الآيات من 181-185
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الشعراء الآيات من 031-035
» سورة الشعراء الآيات من 116-120
» سورة الشعراء الآيات من 196-200
» سورة الشعراء الآيات من 036-040
» سورة الشعراء الآيات من 121-125

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الشعراء-
انتقل الى: