منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الحج الآيات من 11-15

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة الحج الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الحج الآيات من 11-15   سورة الحج الآيات من 11-15 Emptyالجمعة 03 يوليو 2020, 4:59 am

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ..) (الحج: 11) العبادة: أنْ تطيع الله فيما أمر فتنفذه، وتطيعه فيما نهى فتجتنبه، بعض الناس يعبد الله هذه العبادة طالما هو في خير دائم وسرور مستمر، فإذا أصابه شَرٌّ أو وقع به مكروه ينقلب على وجهه (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ..) (الحج: 11).

والحق سبحانه يريد من عبده أنْ يُقبل على عبادته في ثبات إيمان، لا تزعزعه الأحداث، ولا تهز إيمانه فيتراجع، ربك يريدك عبداً له في الخير وفي الشر، في السراء وفي الضراء، فكلاهما فتنة واختبار، وما آمنتَ بالله إلا لأنك علمتَ أنه إله حكيم عادل قادر، ولابد أنْ تأخذ ما يجري عليك من أحداث الحياة في ضوء هذه الصفات.

فإنْ أثقلتْك الحياة فاعلم أن وراء هذه حكمة إنْ لم تكن لك فلأولادك من بعدك، فلعلهم إنْ وجدوك في سعة وفي خير طَمِعُوا وفسدوا وطَغَوْا، ولعل حياة الضيق وقِلَّة الرزق وتعبك لتوفر متطلبات الحياة يكون دافعاً لهم.

واقرأ قوله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ) (العلق: 6-7) وقوله تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء: 35).

لابد أنْ تعرف هذه الحقائق، وأنْ تؤمن بحكمة ربك في كل ما يُجريه عليك، سواء أكان نعيماً أو بُؤْساً، فإنْ أصابك مرض أقعدك في بيتك فَقُلْ: ماذا حدث خارج البيت، أبعدني الله عنه وعافاني منه؟

فلعل الخير فيما تظنه شراً، كما قال تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ..) (البقرة: 216).

وقد أجرى علماء الإحصاء إحصاءات على بعض بيوتنا، فوجدوا الإخوة في البيت الواحد، وفي ظروف بيئية واحدة وأب واحد، وأم واحدة، حتى التعليم في المدرس على مستوى واحد، ومع ذلك تجد أحد الأبناء مستقيماً ملتزماً، وتجد الآخر على النقيض، فلمَّا بحثوا في سبب هذه الظاهرة وجدوا أن الولد المستقيم كانت فترة تربيته وطفولته في وقت كان والده مريضاً ويلازم بيته لمدة ست سنوات، فأخذ هذا الولد أكبر قِسْط من الرعاية والتربية، ولم يجد الفرصة للخروج من البيت أو الاختلاط برفاق السوء.

وفي نموذج آخر لأحد الأبناء المنحرفين وجدوا أن سبب انحرافه أن والده في فترة تربيته وتنشئته كان تاجراً، وكان كثير الأسفار، ومع ذلك كان يُغْدِق على أسرته، فتربَّى الولد في سَعَة من العيش، بدون مراقبة الأب.

وفي نموذج آخر وجدوا أخوين: أحدهما متفوق، والآخر فاشل، ولما بحثوا أسباب ذلك رغم أنهما يعيشان ظروفاً واحدة وجدوا أن الابن المتفوق صحته ضعيفة، فمال إلى البيت والقراءة والاطلاع، وكان الآخر صحيحاً وسيماً، فمال إلى حياة الترف، وقضى معظم وقته خارج البيت.

والأمثلة في هذا المجال كثيرة.

إذن: فالابتلاءات لها مغانم، ومن ورائها حِكَم؛ لأنها ناشئة وجارية عليك بحكمة ربك وخالقك، وليست من سَعْيك ولا من عمل يدك، وما دامت كذلك فارْضَ بها، واعبد الله بإخلاص وإيمان ثابت في الخير وفي الشر.

ومعنى: (يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ..) (الحج: 11) والحرف: هو طرف الشيء، كأن تدخل فتجد الغرفة ممتلئة فتجلس على طرف في آخر الجالسين، وهذا عادةً لا يكون معه تمكُّن واطمئنان، كذلك مَنْ يعبد الله على حرف يعني: لم يتمكَّن الإيمان من قلبه، وسرعان ما يُخرِجه الابتلاء عن الإيمان، لأنه عبد الله عبادةً غير متمكنة باليقين الذي يصدر عن المؤمن بإله حكيم فيما يُجريه على عبده.

والآية لم تترك شيئاً من هواجس النفس البشرية سواء في الخير أو في الشر.

وتأمَّل قول الله تعالى: (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ..) (الحج: 11) وكذلك: (وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ..) (الحج: 11) فأنت لا تقول: أصبتُ الخيرَ، إنما الخير هو الذي أصابك وأتاك إلى بابك، فأنت لا تبحث عن رزقك بقدر ما يبحث هو عنك؛ لذلك يقول تعالى: (وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ..) (الطلاق: 2-3).

ويقول أهل المعرفة: رِزْقك أعلم بمكانك منك بمكانه، يعني يعرف عنوانك أمَّا أنت فلا تعرف عنوانه، بدليل أنك قد تطلب الرزق في مكان فلا تُرزَق منه بشيء، وقد ترى الزرع في الحقول زاهياً تأمل فيه المحصول الوفير، وتبني عليه الآمال، فإذا بعاصفة أو آفة تأتي عليه، فلا تُرزَق منه حتى بما يسدُّ الرَّمَق.

ولنا عبرة ومثَلٌ في ابن أُذَيْنة حين ضاقت به الحال في المدينة، فقالوا له: إن لك صحبة بهشام بن عبد الملك الخليفة الأموي فاذهب إليه ينالك من خير الخلافة، وفعلاً سافر ابن أذينة إلى صديقه، وضرب إليه أكباد الإبل حتى الشام، واستأذن فأَذن له، واستقبله صاحبه، وسأله عن حاله فقال: في ضيق وفي شدة.

وكان في مجلس الخليفة علماء فقال له: يا عروة ألست القائل - وكان ابن أُذَيْنَة شاعراً:

لَقَد عَلِمت ومَا الإسْرَافُ مِنْ خُلُقِي
أَنَّ الذي هُوَ رِزْقي سَوْفَ يأْتِينِي؟

وهنا أحسَّ عروة أن الخليفة كسر خاطره، وخَيَّب أمله فيه، فقال له: جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين، لقد ذكَّرت مني ناسياً، ونبَّهْتَ مني غافلاً، ثم انصرف.

فلما خرج ابن أُذيْنة من مجلس الخليفة، وفكَّر الخليفة في الموقف وأنَّب نفسه على تصُّرفه مع صاحبه الذي قصد خَيْره، وكيف أنه رَدَّه بهذه الصورة، فأراد أنْ يُصلِح هذا الخطأ، فأرسل إليه رسولاً يحمل الهدايا الكثيرة، إلا أن رسول الخليفة كلما تبع ابن أُذَيْنة في مكان وجده قد غادره إلى مكان آخر، إلى أنْ وصل إلى بيته، فطرق الباب، وأخبره أن أمير المؤمنين قد ندم على ما كان منه، وهذه عطاياه وهداياه.

وهنا أكمل ابن أُذيْنة بيته الأول، فقال:
أسْعَى لَهُ فَيُعَنِّيني تطلُّبه
وَلَوْ قَعَدْتُ أَتَانِي لاَ يُعنِّيني

كذلك نلحظ في هذه الآية: (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ..) (الحج: 11) ولم يقابل الخير بالشر، إنما سمَّاها (فتْنَة) أي: اختبار وابتلاء؛ لأنه قد ينجح في هذا الاختبار فلا يكون شراً في حَقِّه.

ومعنى: (ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ..) (الحج: 11) يعني: عكس الأمر، فبعد أنْ كان عابداً طائعاً انقلب إلى الضِّدِّ فصار عاصياً (خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ..) (الحج: 11) وخسْران الإنسان لعبادته خسران كبيرٌ لا يُجْبَر ولا يُعوِّضه شيء؛ لذلك يقول بعدها: (ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ) (الحج: 11) فهل هناك خُسْران مبين، وخسران غير مبين؟

نعم: الخسران هو الخسارة التي تُعوَّض، أما الخسارة التي لا عِوضَ لها فهذه هي الخسران المبين الذي يلازم الإنسان ولا ينفكُّ عنه، وهو خُسْران لا يقتصر على الدنيا فقط فيمكن أنْ تُعوِّضه أو تصبر عليه، إنما يمتد للآخرة حيث لا عِوضَ لخسارتها ولا صَبْر على شِدَّتها.

فالخسران المبين أي: المحيط الذي يُطوِّق صاحبه.

لذلك نقول لمن فقد عزيزاً عليه، كالمرأة التي فقدت وحيدها مثلاً: إنْ كان الفقيد حبيباً وغالياً فبيعوه غالياً وادخلوا به الجنة، ذلك حين تصبرون على فَقْده وتحتسبونه عند الله، وإنْ كنتم خسرتم به الدنيا فلا تخسروا به الآخرة، فإنْ لطَمْنا الخدود وشَقَقْنَا الجيوب، واعترضنا على قَدَر الله فيه فقد خسرنَا به الدنيا والآخرة.

وصدق رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- حين قال: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإنْ أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن".

والصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء مرتبة من مراتب الإيمان، ومرحلة من مراحل اليقين في نفس المؤمن، وهي بداية وعَتَبة يتلوها مراحل أخرى ومراقٍ، حَسْب قوة الإيمان.

اسمع إلى هذا الحوار الذي دار بين أهل المعرفة من الزُّهَّاد، وكيف كانوا يتباروْنَ في الوصول إلى هذه المراقي الإيمانية، ويتنافسون فيها، لا عن مُبَاهاة ومفاخرة، إنما عن نية خالصة في الرُّقي الإيماني.

يسأل أحد هؤلاء المتمكِّنين صاحبه: كيف حال الزهاد في بلادكم؟

فقال: إن أصابنا خير شكرنا، وإن أصابنا شَرٌّ صبرنا، فضحك الشيخ وقال: وما في ذلك؟!          

إنه حال الكلاب في بَلْخ.

أما عندنا: فإنْ أصابنا خير آثرنا، وإنْ أصابنا شَرٌّ شكرنا.

وهذه ليست مباهاة إنما تنافس، فكِلاَ الرجلين زاهد سالك لطريق الله، يرى نفسه محسوباً على هذا الطَريق، فيحاول أنْ يرتقيَ فيه إلى أعلى مراتبه، فإياك أنْ تظن أن الغاية عند الصبر على البلاء والشُّكْر على العطاء، فهذه البداية وبعدها منازل أعْلَى ومَراقٍ أسمى لمن طلبَ العُلاَ، وشمَّر عن ساعد الجد في عبادة ربه.

انظر إلى أحد هؤلاء الزُّهَّاد يقول لصاحبة: أَلاَ تشتاق إلى الله؟

قال: لا       

قال مُتعجباً: وكيف ذلك؟

قال: إنما يُشتاق لغائب، ومتى غاب عني حتى أشتاق إليه؟

وهكذا تكون درجات الإيمان وشفافية العلاقة بين العبد وربه -عز وجل-.

ثم يقول الحق سبحانه عن هذا الذي يعبد الله على حرف: (يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ...).



سورة الحج الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة الحج الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الحج الآيات من 11-15   سورة الحج الآيات من 11-15 Emptyالجمعة 03 يوليو 2020, 5:00 am

يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

معنى: (مَا لاَ يَضُرُّهُ..) (الحج: 12) هل الصنم الذي يعبده الكافر من دون الله يمكن أن يضره؟لا       

الصنم لا يضر، إنما الذي يضره حقيقة مَنْ عانده وانصرف عن عبادته، تضره الربوبية التي يعاندها والمجَازي الذي يجازيه بعمله، إذن: فما معنى: (يَضُرُّهُ..) (الحج: 12) هنا؟

المعنى: لا يضره إن انصرف عنه ولم يعبده، ولا ينفعه إنْ عبده: (ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ) (الحج: 12) نعم ضلال: لأن الإنسان يعبد ويطيع مَنْ يرجو نفعه في أيِّ شيء، أو يخشى ضره في أيِّ شيء.

وقد ذكرنا سابقاً قول بعض العارفين: (واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه)، ولو قلنا هذه المقولة لأبنائنا في الكتب الدراسية، واهتمَّ بها القائمون على التربية لما أغرى الأولاد بعضهم بعضاً بالفساد، ولوقفَ الولد يفكر مرة وألف مرة في توجيهات ربه، ونصائح أبيه وأمه، وكيف أنه سيترك توجيهات مَنْ يحبونه ويخافون عليه ويرجُون له الخير إلى إغراء صديق لا يعرف عنه وعن أخلاقه شيئاً.

لابد أنْ نُطعِّم أبناءنا مبادئ الإسلام، ليعرف الولد منذ صِغَره مَنْ يحبه ومَنْ يكرهه، ومَنْ هو أَوْلَى بطاعته.

وتلحظ في الآية أن الضر سابق للنفع: (مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ..) (الحج: 12) لأن دَرْءَ المفسدة مُقدَّم على جَلْب المصلحة؛ لأن المفسدة خروج الشيء عن استقامة تكوينه، والنفع يزيدك ويضيف إليك، أما الضر فينقصك، لذلك خَيْر لك أنْ تظل كما أنت لا تنقص ولا تزيد، فإذا وقفتَ أمام أمرين: أحدهما يجلب خيراً، والآخر يدفع شراً، فلا شَكَّ أنك ستختار دَفْع الشر أولاً، وتشتغل بدَرْءِ المفسدة قبل جَلْب المصلحة.

وضربنا لذلك مثلاً: هَبْ أن إنساناً سيرمي لك بتفاحة، وآخر سيرميك بحجر في نفس الوقت، فماذا تفعل؟

تأخذ التفاحة، أو تتقي أَذى الحجر؟

هذا هو معنى "دَرْء المفسدة مُقدَّم على جَلْب المصلحة".



سورة الحج الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة الحج الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الحج الآيات من 11-15   سورة الحج الآيات من 11-15 Emptyالجمعة 03 يوليو 2020, 5:01 am

يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الآية السابقة تثبت أنه يدعو مَا لا يضُرُّه ومَا لا ينفعه، وهذه الآية تُثبت أنه يدعو مَنْ ضَرُّه أقرب من نَفْعه.

صيغة أفعل التفضيل (أقرب) تدل على أن شيئين اشتركا في صفة واحدة، إلا أن أحدهما زاد عن الآخر في هذه الصفة، فلو قُلْتَ: فلان أحسن من فلان.

فهذا يعني أن كلاهما حَسَن، لكن زاد أحدهما عن الآخر في الحُسْن.

فقوله تعالى: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ..) (الحج: 13) إذن: هناك نَفْع وهو قريب، لكن الضر أقرب منه، فهذه الآية في ظاهرها تُناقِض الآية السابقة، والحقيقة ليس هناك تناقض، ولابد أنْ نفهمَ هذه المسألة في ضوء قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء: 82).

فالأوثان التي كانوا يعبدونها كان لها سَدَنة يتحكَّمون فيها وفي عابديها، فإذا أرادوا من الآلهة شيئاً قالوا للسدنة: ادعوا الآلهة لنا بكذا وكذا، إذن: كان لهم نفوذ وسُلْطة زمنية، وكانوا هم الواسطة بين الأوثان وعُبَّادها، هذه الواسطة كانت تُدِرُّ عليهم كثيراً من الخيرات وتعطيهم كثيراً من المنافع، فكانوا يأخذون كل ما يُهْدَى للأوثان.

فالأوثان -إذن- سبب في نَفْع سدنتها، لكن هذا النفع قصاراه في الدنيا، ثم يتركونه بالموت، فمدة النفع قصيرة، وربما أتاه الموت قبل أنْ يستفيد بما أخذه، وإنْ جاء الموت فلا إيمانَ ولا عملَ ولا توبةَ، وهذا معنى (ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ..) (الحج: 13).

لذلك يقول تعالى بعدها: (لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ) (الحج: 13) كلمة (بئس) تُقَال للذم وهي بمعنى: ساء وقَبُح، والموْلَى: الذي يليك ويقرُب منك، ويُراد به النافع لك؛ لأنك لا تقرِّب إلا النافع لك، إما لأنه يعينك وقت الشدة، ويساعدك وقت الضيق، وينصرك إذا احتجتَ لِنُصْرته، وهذا هو الوليُّ.

وإما أنْ تُقرِّبه منك؛ لأنه يُسليك ويجالسك وتأنس به، لكنه ضعيف لا يقوى على نُصْرتك، وهذا هو العشير.

والأصنام التي يعبدونها بئست المولى؛ لأنها لا تنصرهم وقت الشدة، وبئست العشير؛ لأنها لا تُسليهم، ولا يأنسون بها في غير الشدة.

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ...).




سورة الحج الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة الحج الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الحج الآيات من 11-15   سورة الحج الآيات من 11-15 Emptyالجمعة 03 يوليو 2020, 5:03 am

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أن تكلَّم الحق -سبحانه وتعالى- عن الكفار وأهل النار ومَنْ يعبدون الله على حَرْف، كان لابد أنْ يأتيَ بالمقابل؛ لأن النفس عندها استعداد للمقارنة والتأمل في أسباب دخول النار، وفي أسباب دخول الجنة، وهذا أَجْدى في إيقاع الحجة.

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: (إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار: 13-14) وقوله تعالى: (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً..) (التوبة: 82).

فذِكْر النعمة وحدها دون أنْ تقابلها النِّقْمة لا تُؤتِي الأثر المطلوب، لكن حينما تقابل النعمة بالنقمة وَسَلْب الضّر بإيجاب النفع فإنَّ كلاهما يُظهر الآخر؛ لذلك يقول تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ..) (آل عمران: 185) فإنْ آمنتَ لا تُزَحْزح عن النار فقط -مع أن هذه في حَدِّ ذاتها نعمة- لكن تُزَحْزح عن النار وتدخل الجنة.

والإيمان: عمل قلبي ومواجيد تطمئن بها النفس، لكن الإيمان له مطلوب: فأنت آمنتَ بالله، واطمأنَّ قلبك إلى أن الله هو الخالق الرازق واجب الوجود.. إلخ، فما مطلوب هذا الإيمان؟

مطلوب الإيمان أنْ تستمع لأوامره، لأنه حكيم، وتثق في قدرته لأنه قادر، وتخاف من بطشه لأنه جبار، ولا تيأس من بَسْطه لأنه باسط، ولا تأمن قبضه لأنه قابض.

لقد آمنتَ بكل هذه القضايا، فحين يأمرك بأمر فعليك أنْ تستحضر حيثيات هذا الأمر، وأنت واثق أن ربك -عز وجل- لم يأمرك ولم يَنْهَكَ من فراغ، إنما من خلال صفات الكمال فيه سبحانه، أو صفات الجلال والجبروت، فاستحضر في كُلِّ أعمالك وفي كُلِّ ما تأتي أو تدع هذه الصفات.

لذلك، جمعت الآية بين الإيمان والعمل الصالح: (إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ..) (الحج: 14).

وفي سورة العصر: (وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ..) (العصر: 1-3) ليس ذلك وفقط إنما أيضاً: (وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 3).

فالتواصي بالحق والصبر على الشدائد من الاستجابة لداعي الإيمان وثمرة من ثماره؛ لأن المؤمن سيتعرَّض في رحلة الحياة لفِتَن كثيرة قد تزلزله، وسيواجه سُخْرية واستهزاءً، وربما تعرَّض لألوان العذاب.

فعليه إذن - أنْ يتمسَّك بالحق ويتواصى به مع أخيه، وعليه أن يصبر، وأنْ يتواصى بالصبر مع إخوانه، ذلك لأن الإنسان قد تعرض له فترات ضَعف وخَوَر، فعلى القوي في وقت الفتنة أنْ ينصحَ الضعيف.

وربما تبدَّل هذا الحال في موقف آخر وأمام فتنة أخرى، فَمنْ أوصيْتَه اليوم بالصبر ربما يوصيك غداً، وهكذا يُثمِر في المجتمع الإيماني التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

إذن: تواصَوْا؛ لأنكم ستتعرضون لِهزَّات ليست هزَّات شاملة جامعة، إنما هزَّات يتعرض لها البعض دون الآخر، فإنْ ضعُفْتَ وجدتَ من إخوانك مَنْ يُواسيك: اصبر، تجلَّد، احتسب.

وإياك أنْ تُزحزحك الفتنة عن الحق، أو تخرج عن الصبر، وهذه عناصر النجاة التي ينبغي للمؤمنين التمسك بها: إيمان، وعمل صالح، وتواصٍ بالحق، وتواصٍ بالصبر.

وقوله سبحانه: (جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ..) (الحج: 14) الجنات: هي الحدائق والبساتين المليئة بأنواع المتَع: الزرع، والخضرة، والنضارة، والزهور، والرائحة الطيبة، وهذه كلها بنت الماء؛ لذلك قال (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ..) (الحج: 14) ومعنى: (مِن تَحْتِهَا..) (الحج: 14) أن الماء ذاتيٌّ فيها، لا يأتيها من مكان آخر ربما ينقطع عنها، كما جاء في آية أخرى: (تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ..) (التوبة: 100).

ثم يقول سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (الحج: 14) لأنه سبحانه لا يُعْجِزه شيء، ولا يعالج أفعاله كما يعالج البشر أفعالهم: (إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يس: 82) ولو تأملتَ هذه الآية لوجدتَ الشيء الذي يريده الله ويأمر بكونه موجوداً في الحقيقة، بدليل أن الله تعالى يخاطبه: (يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يس: 82) فهو -إذن- كائن فعلاً، وموجود حقيقةً، والأمر هنا إنما هو لإظهاره في عالم المشاهدة.

ثم يقول سبحانه: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ...).



سورة الحج الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة الحج الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الحج الآيات من 11-15   سورة الحج الآيات من 11-15 Emptyالجمعة 03 يوليو 2020, 5:04 am

مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(يظنُّ) تفيد عِلْماً غير يقيني وغير مُتأكد، وسبق أنْ تكلَّمنا في نسبة القضايا، فهناك حكم محكوم به ومحكوم عليه، تقول: زيد مجتهد، فأنت تعتقد في نِسْبة الاجتهاد لزيد، فإنْ كان اعتقادك صحيحاً فتستطيع أنْ تُقدِّم الدَليل على صحته فتقول: بدليل أنه ينجح كل عام بتفوق.

أما إذا اعتقد هذه القضية ولم يُقدِّم عليها دليلاً كأنْ سمع الناسَ يقولون: زيد مجتهد.

فقال مثلهم، لكن لا دليلَ عنده على صِدْق هذه المقولة، كالطفل الذي نُلقّنه: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1) هذه قضية واقعية يعتقدها الولد، لكن لا يستطيع أنْ يُقدِّم الدليل عليها إلا عندما يكُبر ويستوي تفكيره.

فمن أين أخذ الطفل هذه القضية واعتقدها؟

أخذها من المأمون عليه: من أبيه أو من أستاذه ثم قلَّده.

إذن: إنْ كانت القضية واقعة، لكِنْ لا تستطيع أنْ تقيم الدليل عليها فهي تقليد، فإنِ اعتقدتَ قضية واقعة، وأقمْتَ الدليل عليها، فهذا أسمْى مراتب العلم، فإنِ اعتقدتَ قضيةً غير واقعيةٍ، فهذا جهل.

فالجاهل: مَنْ يعتقد شيئاً غير واقع، وهذا الذي يُتعِب الدنيا كلها، ويُشقي من حوله، لأن الجاهل الأميَّ الذي لا يعلم شيئاً، وليست لديه فكرة يعتقدها صفحة بيضاء، تستطيع أنْ تقنعه بالحقيقة ويقبلها منك؛ لأنه خالي الذهن ولا يعارضك.

أما الجاهل صاحب الفكرة الخاطئة فيحتاج منك أولاً أنْ تُقنعه بخطأ فكرته حتى يتنازل عنها، ثم تُلقِي إليه بالفكرة الصواب.

فإنْ تشككْتَ في النسبة بحيث استوت عندك نسبة الخطأ مع نسبة الصواب، فهذا هو الشَّكُّ، فلا تستطيع أنْ تجزم باجتهاد زيد، ولا بعدم اجتهاده، فإنْ غلب الاجتهاد فهو ظَنٌّ، فإنْ غلب عدم الاجتهاد فهو وَهْم.

إذن: نسبة القضايا إما علم تعتقده: وهو واقع وتستطيع أنْ تقيمَ الدليل عليه، أو تقليد: وهو ما تعتقده وهو واقع، لكن لا تقدر على إقامة الدليل عليه، أو جهل: حين تعتقد شيئاً غير واقع، أو شك: حين لا تجزم بالشيء ويستوي عندك النفي والإثبات، أو ظن: حين تُرجِّح الإثبات، أو وهم: حين تُرجِّح النفي.

فالظن في قوله تعالى: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ..) (الحج: 15) أي: يمرُّ بخاطره مجرد مرور أن الله لن ينصر محمداً، أو يتوهم ذلك -ولا يتوهم ذلك إلا الكفار- لأنهم يأملون ذلك في معركة الإيمان والكفر - مَنْ ظَنَّ هذا الظنَّ فعليه أنْ ينتهيَ عنه؛ لأنه أمر بعيد، لن يحدث ولن يكون.

وقد ظَنَّ الكفار هذا الظن حين رَأَوْا بوادر نصر الإيمان وعلامات فوزه، فاغتاظوا لذلك، ولم يجدوا شيئاً يريح خاطرهم إلا هذا الظن.

لذلك؛ يردُّ الله غيظهم عليهم، فيقول لهم: ستظلون بغيظكم؛ لأن النصر للإيمان ولجنوده مستمر، فليس أمامك إلا أنْ تجعل حبلاً في السماء وتربط عنقك به، تشنق نفسك حتى تقع، فإنْ كان هذا الكيد لنفسك يُنجيك من الغيظ فافعل: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (الحج: 15).

لكن ما الغيظ؟

الغيظ: نوع من الغضب مصحوب ومشُوب بحزن وأَسَىً وحَسْرة حينما ترى واقعاً يحدث أمام عينيك ولا يرضيك، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تفعل شيئاً تمنع به مَا لا يُرضيك.

وهذه المادة (غيظ) موجودة في مواضع أخرى من كتاب الله، وقد استُعْملَتْ حتى للجمادات التي لا تُحِسُّ، اقرأ قول الله تعالى عن النار: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ..) (الملك: وقال: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (الفرقان: 12) فكأن النار مغتاظة من هؤلاء، تتأهب لهم وتنتظرهم.

والغَيْظ يقع للمؤمن والكافر، فحين نرى عناد الكفار وسُخريتهم واستهزاءهم بالإيمان نغتاظ، لكن يُذهب الله غيْظ قلوبنا، كما قال سبحانه: (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ..) (التوبة: 15).

أما غيْظ الكفار من نصْر الإيمان فسوف يَبْقى في قلوبهم، فربُّنا -سبحانه وتعالى- يقول لهم: ثقُوا تماماً أن الله لم يرسل رسولاً إلا وهو ضامن أنْ ينصره، فإنْ خطر ببالكم خلافُ ذلك فلن يُريحكم ويَشْفي غيظكم إلاّ أنْ تشنقوا أنفسكم؛ لذلك خاطبهم الحق سبحانه في آية أخرى فقال: (قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ..) (آل عمران: 119).

ومعنى: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ..) (الحج: 15) (فَلْيَمْدُدْ..) (الحج: 15) : من مدَّ الشيء يعني: أطاله بعد أنْ كان مجتمعاً، ومنه قوله تعالى: (وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا..) (الحجر: 19) فكلما تسير تجد أرضاً ممتدة ليس لها نهاية، وليس لها حافَّة.

والسبب: الحبل، يُخرِجون به الماء من البئر، لكن هل يستطيع أحد أنْ يربط حبلاً في السماء؟

إذن: علَّق المسألة على محال، وكأنه يقول لهم: حتى إنْ أردتم شَنْق أنفسكم فلن تستطيعوا، وسوف تظلُّون هكذا بغيظكم.

أو: يكون المعنى: (إِلَى ٱلسَّمَآءِ..) (الحج: 15) يعني: سماء البيت وسقفه، كمَنْ يشنق نفسه في سَقْف البيت.

ويمكن أن نفهم (السبب) على أنه أيّ شيء يُوصِّلك إلى السماء، وأيّ وسيلة للصعود، فيكون المعنى: خذوا أيّ طريقة تُوصِّلكم إلى السماء لتمنعوا عن محمد أسباب النصر؛ لأن نَصْر محمد يأتي من السماء فامنعوه، وهذه أيضاً لا يقدرون عليها، وسيظل غيظهم في قلوبهم.

وتلحظ أننا نتكلم عن محمد -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، مع أن الآية لم تذكر شيئاً عنه، وكل ما جاء في الآية ضمير الغائب المفرد في قوله تعالى: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ..) (الحج: 15) والحديث مُوجَّه للكفار المغتاظين من بوادر النصر لركْب الإيمان، فقوله: (يَنصُرَهُ..) (الحج: 15) ينصر مَنْ؟

لابد أنه محمد، لماذا؟

قالوا: لأن الأسماء حينما تُطلَق تدلُّ على مَعَانٍ، فعندما تقول "سماء" نفهم المراد، وعندما تقول "قلب" نفهم، "نور" نعرف المراد.

والأسماء إما اسم ظاهر مثل: محمد وعلي وعمر وأرض وسماء، وإما ضمائر تدل على هذه الأسماء الظاهرة مثل: أنا، أنت، هو، هم.

والضمير مُبْهم لا يُعيِّنه إلا التكلُّم، فأنت تقول: أنا وكذلك غيرك يقول أنا أو نحن، فالذي يُعيِّن الضمير المتكلّم به حال الخطاب، فعُمدْة الفهم في الضمائر ذات المتكلم وذات المخاطب.

فإن لم يكُنْ متكلّماً ولا مخاطباً فهو غائب، فمن أين تأتي بقرينة التعريف للغائب؟

حين تقول: هو، هي، هم.

مَنِ المراد بهذه الضمائر؟

كيف تُعيِّنها؟

إنْ عيَّنْتَ المتكلم بكلامه، والمخاطب بمخاطبته، كيف تُعيِّن الغائب؟

قالوا: لابد أنْ يسبقه شيء يدل عليه، كأن تقول: جاءني رجل فأكرمتُه، أكرمت مَنْ؟

أكرمت الرجل الذي تحدثتُ عنه، جاءتني امرأة فأكرمتُها، جاء قوم فلان فأكرمتهم.

إذن: فمرجع الضمير هو الذي يدلُّ عليه.

لكن لم يسبق ذِكْر لرسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قبل الضمير ليُعيِّنه ويدلُّ عليه، نعم لم يسبق ذِكْر لرسول الله، لكن تأمَّل المعنى: الكلام هنا عن النصر بين فريق الإيمان وعلى رأسه محمد -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وفريق الكفر وعلى رأسه هؤلاء المعاندون، فالمقام مُتعيّن أنه لا يعود الضمير إلا على رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

ومثال ذلك قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ..) (القدر: 1).

فالضمير هنا مُتعيِّن، ولا ينصرف إلا إلى القرآن، ولا يتعين الضمير إلا إذا كان الخاطر لا ينصرف إلى غيره في مقامه.

اقرأ: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1) تلحظ أن الضمير سابق على الاسم الظاهر، فالمرجع متأخر، ومع ذلك لا ينصرف الضمير إلا إلى الله، فإذا قِيلَ: هو هكذا على انفراد لا يمكن أن ينصرف إلا لله -عز وجل-.

كذلك في قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ..) (النحل: 61).

على ظَهْر أيِّ شيء؟

الذِّهْن لا ينصرف في هذا المقام إلا إلى الأرض.

وقوله تعالى: (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (الحج: 15) الاستفهام هنا مِمَّنْ يعلم، فهو استفهام للتقرير، ليِقُروا هم بأنفسهم أن غَيْظهم سيظلُّ كما هو، لا يشفيه شيء، وأنهم سيموتون بغيظهم، كما قال تعالى: (قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ..) (آل عمران: 119).

ثم يقول الحق سبحانه: (وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ...).



سورة الحج الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الحج الآيات من 11-15
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الحج الآيات من 21-25
» سورة الحج الآيات من 26-30
» سورة الحج الآيات من 31-35
» سورة الحج الآيات من 36-40
» سورة الحج الآيات من 41-45

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الحج-
انتقل الى: