امرأةٌ تخافُ اللهَ
رُويَ أنَّ ملكاً قال لأهل مملكته: إني إن وجدت أحداً يتصدَّق بصدقةٍ قطعت يديه..
فجاء سائل إلى امرأة، فقال: تصدَّقي عليَّ بشيءٍ..
فقالت: كيف أتصدق عليك والملك يقطع يدي مَنْ تصدَّق؟..
فقال: أسألكِ بوجهِ اللهِ إلّا تصدَّقتِ عليَّ..
قال: فتصدَّقت عليه..
ثم إنَّ المَلِكَ قال لأمِّهِ: دُلِّينِي على امرأةٍ جميلةٍ أتزوَّجُها..
فقالت: إنَّ ههُنا امرأة ما رأيت مثلها، لولا عيباً بها..
قال: أي عَيْبٍ هو؟..
قالت: قطعُ اليدين..
قال: فأرسلي إليها..
فأرسلت إليها..
فلما رآها أعجبته -وكان لها جمال- فقالت: إن الملك يريد أن يتزوجُكِ..
قالت: نعم إن شاء الله..
قال: فتزوجها وأكرمها..
قال: فنهد إلى الملك عدو فخرج إليهم فكتب إلى أمه انظري فلانة فاستوصى بها خيراً وافعلي وافعلي.
فجاء الرسول فنزل على ضرائرها فحسدنها فأخذن الكتاب فغيَّرنَهُ وكتبن إلى أمِّه: انظري إلى فلانة فقد بلغني أن رجالاً يأتونها فأخرجيها من البيت وافعلي.. وافعلي..
فكتبت إليه الأم: إنك قد كذبت وإنها لامرأةُ صِدْقٍ..
وبعثت الرسول إليه، فنزل بهن..
فأخذن الكتاب وغيَّرنهُ وكتبن إليه أنها فاجرة وولدت غلاماً..
فكتب إلى أمه: أن انظري إلى فلانة، فاربطي ولدها على رقبتها، وأضربي على جنبها، وأخرجيها، فلما جاء الكتاب قرأته عليها، فقالت لها: اخرجي، فجعلت الصَّبي على رقبتها، وذهبت فمرَّت بنهر وهي عطشانة، فبركت للشرب والصبي على رقبتها، فوقع في الماء فغرق، فجعلت تبكى على شاطئ النهر، فمر بها رجلان، فقالا: ما يبكيكِ؟..
فقالت: ابني كان على رقبتي، وليس لي يدان، وإنه سقط في الماء فغرق..
فقالا لها: أتُحبين أن يَرُدَّ اللهُ يديكِ كما كانتا؟..
قالت: نعم..
فدعوا اللهَ ربهما فاستوت يداها..
فقالا لها: تدرين مَنْ نحن؟..
قالت: لا..
قالا: نحن رغيفاكِ اللذانِ تصدَّقتِ بهما.