من معاريض النساء
دخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه..
فقالت: يا أمير المؤمنين: أقرَّ اللهُ عينكَ، وفرَّحكَ بما آتاكَ، وأتمَّ سعدكَ لقد حكمتَ فقسطتَ.
فقال لها: مَنْ تكونين أيتها المرأة؟.
فقالت: من آل برمك مِمَّنْ قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - المستطرف للأبشيهي.


فقال: أمَّا الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأمَّا المال فمردودٌ إليكِ..
ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه، فقال: أتدرون ما قالت هذه المرأة؟
فقالوا: ما نراها قالت إلا خيراً.
قال: ما أظنكم فهمتم ذلك...
أمَّا قولها أقَرَّ اللهُ عينكَ، أي أسكنها عن الحركة، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت..
وأمَّا قولها: وفرَّحَكَ بما آتاكَ، فأخذته من قوله تعالى: "حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة"..
وأمَّا قولها: وأتَمَّ اللهُ سعدكَ، فأخذته من قول الشاعر:
إذا تمَّ أمرٌ بدا نقصه ... ترقَّب زوالاً إذا قيل، تمَّ
وأمَّا قولها لقد حكمتَ فقسطتَ، فأخذته من قوله تعالى: "وأمَّا القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا" الجن: 15..
فتعجَّبُوا من ذلك (1).