شجاعة امرأة
وقفت امرأة بين يدي أمير المؤمنين معاوية -رضي الله عنه- وكانت امرأةً قد أسَنَّتْ وعَشِيَ بصرُها، وضعُفت قوتها، ترعش بين خادمين لها...
فسلّمت وجلست، فرَدَّ عليها معاوية السَّلام...
وقال: كيف أنتِ يا خالة؟
قالت: بخير يا أمير المؤمنين.
قال: غيَّرَكِ الدَّهْرُ.
قالت: كذلك هو ذو غِيَرٌ، مَنْ عاش كَبُرَ، ومَنْ مَاتَ قُبِرَ.
قال عمرو بن العاص: هي والله والقائلة يا أمير المؤمنين:
يا زيد دونك فاستشر من دارنا ... سيفاً حساماً في التراب دفينا
قد كنت أدَّخره ليوم كريهة ... فاليوم أبرزه الزمان مصونا
قال مروان: وهي والله القائلة يا أمير المؤمنين:
أترى ابن هند للخلافة مالكاً ... هيهات، ذاك وإن أراد بعيد
منتك نفسك في الخلاء ضلالة ... أغراك عمرو للشقا وسعيد
قال سعيد بن العاصي: هي والله القائلة:
قد كنت أطمع أن أموت ولا أرى ... فوق المنابر من أمية خاطبة
فالله آخر مدتي فتطاولت ... حتى رأيت من الزمان عجائب
في كل يوم للزمان خطيبهم ... بين الجميع لآل أحمد عائباً
ثم سكتوا.
فقالت: يا معاوية، كلامك أعشى بصري وقصَّر حُجَّتي، أنا والله قائلة ما قالوا، وما خفي عليك مني أكثر.
فضحك وقال: ليس يمنعنا ذلك من بِرِّكِ، اذكري حاجتكِ.          قالت: الآن فلا.