الوليد وزوجته سعدي
طلق الوليد بن يزيد زوجته سعدى، فلما تزوجت اشتد ذلك عليه وندم على ما كان منه...
فدخل عليه أشعب فقال له: هل لك أن تبلغ سعدى عني رسالة ولك عشرة آلاف درهم، قال: أقبضنيها، فأمر له بها، فلما قبضها قال له: هات رسالتك، قال ائتها، فأنشدها:
أسعدى هل إليك لنا سبيل... ولا حتى القيامة من تلاق
بلى ولعل دهراً أن يؤاتي... بموت من خليلك أو فراق

قال، فأتاها أشعب، فاستأذن عليها، فأذنت له، فدخل...
فقالت له: ما بدا لك في زيارتنا يا أشعب؟
فقال: يا سيدتي أرسلني إليك برسالة ثم أنشدها الشعر، فقالت لجواريها عليكن بهذا الخبيث..
فقال: يا سيدتي إنه دفع إلي عشرة آلاف درهم، فهي لك، واعتقيني لوجه الله، فقالت والله لا أعتقك أو تبلغ إليه ما أقول لك، قال: يا سيدتي فاجعلي لي جعلا.
قالت: لك بساطي هذا، قال: قومي عنه، فقامت: فأخذه، وألقاه على ظهره، وقال هاتي رسالتك، فقالت:
أتبكي على سعدى وأنت تركتها... فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع
فلما بلغه ا
لرسالة ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأخذته كظمة فقال لأشعب:
اختر مني إحدى ثلاث إما أن أقتلك، وإما أن أطرحك من هذا القصر وإما أن ألقيك إلى هذه السباع فتفترسك، فتحير أشعب وأطرق ملياً ثم قال:
يا سيدي ما كنت لتعذب عيناً نظرت إلى سعدى، فتبسم وخلى سبيله.

التعليق:
ان ماحدث من الوليد وموقف سعدي زوجته لعبرة لنا رجالاً ونساءً..
فما أكثر البيوت التي فشلت فيها العلاقة بين الزوجين بسبب الطلاق الذي يتلفظ به الرجال بمناسبة وغير مناسبة إذا ما حدث خلاف بين الرجل وزوجته ولو كان بسيطاً لا يتروى الرجل وهو الذي جعل الله له القوامة لقوة جأشه واتزان عقلة في الاندفاع الأهوج أو الانحراف للعاطفة بلا فكر أو نظر...

فضلاً عن مسئوليته على الاتفاق على الزوجة ورعايتها بما أعطاه الله من قوه جسدية وعضلية تعينه على أدائها على الوجه الأكمل, ولكن يبدو أن رجال هذا الزمان إلا من رحم ربي منهم أصابهم ضعف شديد وصاروا أكثر عصبية واندفاعاً وتهوراً فكثر التلفظ بالطلاق لأتفه الأسباب وهذا أمر غريب وعجيب.
نعم... قد تثير الزوجة زوجها وتحمله مالا طاقة به فهي آثمة ولا ريب ولكن مسئولية المحافظة علي أستقرارالأسرة مسئولية الرجل وحده قطعاً...
ومن ثم عندما يهدد الرجل زوجته ليل نهار.. أنت طالق إن خرجت من البيت.. أنت طالق أن ذهبت إلي أهلك.. علىّ الطلاق لن يحدث كذا أو سأفعل كذا.. أنت على حرام.. الخ.
فهذا أمر شاذ ومرفوض منه.

والأغرب والأعجب أن يطلق ثلاث مرات دفعة واحدة مخالفاً قول الله تعالى:- (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)، فإذا ما وقعت الطلقة الثالثة والأخيرة فإنها لا تحل له كما قال تعالى:- (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلمُونَ (230) (البقرة 230).

ويحدث الندم علي التفريط في الزوجة وأم الأولاد, وقد يلجأ الرجل لتحليل ما حرم لله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله.