منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة إبراهيم الآيات من 01-05

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: سورة إبراهيم الآيات من 01-05   سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Emptyالإثنين 09 ديسمبر 2019, 10:19 pm

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Untit312

http://ar.assabile.com/read-quran/surat-ibrahim-14

تفسير السورة خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(نـال شــرف تنسيــق هـــذه الســورة الكريمــة: أحمد محمد لبن)


سورة إبراهيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)


هكذا يستهل الحق سبحانه هذه السورة بالحروف المقطعة "ألف" "لام" "راء"، وسبق أن قلنا: إنها حروف توقيفية بلَّغها رسول الله لنا كما سمعها من جبريل -عليه السلام- إلا أن المُلاحَظ أن هذه الحروف التوقيفية المُقطَعة لم تَأْتِ وحدها في هذه السورة كآية منفصلة؛ مثل قوله في أول سورة ق: (قۤ) (ق: 1).       


وهي آية بمفردها، وكما جاء في غير ذلك من السور بحروف مقطعة وأثبتها كآيات.        


وهنا تأتي الحروف التوقيفية المقطعة كجزء من الآية.       


ويقول الحق سبحانه: (الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ..) (إبراهيم: 1).       


كلمة "كتاب" إذا أطلقت انصرف معناها إلى القرآن؛ فهو يُسمَّى كتاباً؛ ويُسمَّى قرآناً، ويُسمَّى تنزيلاً، وله أسماء كثيرة.        


وكلمة "كتاب" تدل على أنه مكتوب، وكلمة "قرآن" تدل على أنه مقروء، وهذان الاسمان هما العُمْدة في أسماء القرآن؛ لأنه كتاب مكتوب ومقروء.       


فكان الصحابي الذي يجمع القرآن لا يكتب آية إلا إذا وجدها مكتوبة، ووجدها مَقْروءة عن اثنين من الصحابة؛ فالقرآن كتاب يملك الدليل على كتابته من عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وهو مَقْروء كما تدلُّ كلمة "قرآن”.        


وقوله الحق: (أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ..) (إبراهيم: 1).       


يدلُّ على أنه جاء من عُلُوٍّ.        


ويقول الحق سبحانه في موقع آخر عن القرآن: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: 89).       


ويقول في موقع آخر: (وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ) (الإسراء: 105).       


ومرة يسند النزول إلى مَنْ جاء به؛ ومرة ينسب النزول إلى الكائن الذي أرسله الحق بالقرآن إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو جبريل -عليه السلام- فقوله: (أَنزَلْنَاهُ..) (إبراهيم: 1) للتعدي من منطقة اللوح المحفوظ ليباشر مهمته في الوجود، وعِلّة إنزال القرآن إليك يا محمد هي: (لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ..) (إبراهيم: 1).       


ونلحظ هنا أن القرآن نزل للناس كافَّة، ولم يَقُلِ الحقُّ سبحانه ما قاله للرسُل السابقين على رسول الله؛ حيث كانت رسالة أيٍّ منهم مُحدَّدة بقوم مُعيَّنين، مثل قوله تعالى: (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً) (الأعراف: 65).       


وقوله الحق: (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً) (الأعراف: 85).       


وكذلك قوله سبحانه لموسى: (وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ) (آل عمران: 49).       


وهكذا كان كُلُّ رسول إنما يبعثه الله إلى بُقْعة خاصة، وإلى أُنَاسٍ بعينهم، وفي زمن خاصٍّ، إلا محمداً -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد بعثه الله إلى الناس كَافَّة.        


والمثل أمامنا حين حكم -صلى الله عليه وسلم- بالحق بين مسلم ويهودي؛ وأنصف اليهودي: لأن الحق كان معه؛ والحق عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعزُّ عليه مِمَّنْ ينتسب إلى الإسلام.       


وهكذا نرى أن قوله الحق: (لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ..) (إبراهيم: 1).       


دليل على عمومية الرسالة، ويُعزِّزها قوله: (إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (الأعراف: 158).       


وبذلك تبطل حُجَّة مَنْ قالوا إنه مُرْسَلٌ للعرب فقط.        


ونجد هنا اصطفاءين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.       


الاصْطفاء الأول: أن الحق سبحانه قد اختاره رسولاً؛ فمجرد الاختيار لتلك المهمة: فهذه منزلة عالية.        


والاصْطفاء الثاني: أنه رسولٌ للناس كَافَّة؛ وهذه منزلة عالية أخرى؛ لأنها تستوعب المكان والزمان، والألسنة والأقوام.       


ثم يأتي الإعجاز في قوله: (لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ..) (إبراهيم: 1).       


ولم يَقُلْ من الظلمات إلى الأنوار، وشاء أنْ يأتي بالظلمات كجمْع؛ وأنْ يأتي بالنور كالمفرد، لأن النور واحد لا يتعدد؛ أما الظلمات فمتعددة بتعدُّد الأهواء؛ ظُلْمة هنا وظُلْمة هناك.        


وحين يُخرِجنا الحقُّ سبحانه من الظلمات المتعددة حَسْب أهواء البشر؛ فهذا فَضْلٌ منه ونعمة؛ لأننا نخرج إلى النور الواحد.        


وهكذا يشاء الحق سبحانه أن يُجلي المعاني بالمُحسَّات التي يدركها الجميع، فلا شك أن الظُّلْمة تستر الأشياء التي قد يصطدم بها الإنسان فيمتنع عن السير مطمئناً؛ لأنه إنِ اصطدم بشيء فقد يُحطِّم الشيء أو يُحطِّمه هذا الشيء؛ وهكذا تمنع الظُّلْمة الإنسان من أن يهتدي إلى ما يريد.       


أما النور فهو يوضح الأشياء، ويستطيع الإنسان أن يُميِّز بين الطرق ويتجنب الضار ويتجه إلى النافع؛ ويكون على بصيرة من الهداية؛ ذلك هو الأمر الحِسيّ؛ وكُلٌّ من النور والظلمة أمرٌ حِسي.       


وهكذا يُجلِّي الله لنا المعاني، والحياة لا تحتاج فقط إلى ما يُجلي المظاهر المادية بالنور؛ بل تحتاج أيضاً إلى نور يُجلي المظاهر المعنوية؛ من حقد وحسد، وخوف وأمن، واطمئنان، وأمانة ووفاء؛ وغير ذلك.        


فالحياة كلها فيها الشيء وما يقابله؛ لذلك لا بُدَّ أن تُجْلَي المعاني أيضاً.        


والنور الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُجلي الحِسّ والمعنى في آنٍ واحد؛ لنتجنب الأشياء التي تطمسها الظُّلْمة؛ ولنسير على بينة من المعاني، فلا نصطدم بالعقبات.        


ولذلك يُفسِّر لنا الحق سبحانه الأمر المعنوي، فيقول: (إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ) (إبراهيم: 1).       


وهذا هو الصراط المستقيم الذي يُخرجنا إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- من الظلمات إلى نوره.        


ويريد الحق سبحانه أنْ يُجلي لنا الطريق إلى هذا الصراط، لأنه قد يكون مُتعِباً للبعض؛ فيريد سبحانه أن يجمع لنا بين أمرين؛ طريق متضح واضح يَصِل فيه الإنسان إلى الغاية بِيُسْر؛ وطريق آخر غير واضح لا تتجلى فيه الأشياء.        


وجاء بالظلمات والنور ليوضح لنا هذا المعنى؛ حيث يكون الطريق المستقيم هو أقصر وسيلة للغاية المَرجُوّة من الحياة الدنيا والآخرة؛ ويكون طريق الظلمات هو الطريق غير الآمن.        


وينسب الحق سبحانه الطريق الذي يُخرِجنا إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ) (إبراهيم: 1).       


والعزيز هو الذي يَغْلِب ولا يُغْلَب.        


والحميد هو مَنْ ثبتت له صفة الحمد من الغير، وإنْ لَم يصدر حَمْدٌ من الغير؛ فهو حميد في ذاته، ويجب أن يُحمد رغم أنك إن حمدتَه أو لم تحمده فهو حميد.       


ولله المَثلُ الأعلى، وسبحانه مُنَزَّه عن كل مثيل أو شبيه؛ نجد في حياتنا الدنيا مَنْ يُقال عنه إنه حميد الخصال؛ وإنْ لم يوجد مَنْ يمدحه؛ لكنه في كُلِّ ما يصدر عنه يراعي أن يكون محموداً.        


ولكن البشر يكون المحمود منهم حَدثاً؛ أما المحمود من الحق فهو مُطْلق، ولا تكون الذاتُ محمودة أو حميدة إلا إذا كان لها من الصفات ما يجعلها أهلاً للإنعام الذي يجب على الإنسان أن يحمده.        


والفطرة السليمة في الإنسان تستقبل هذا الكون المُعَدّ من قَبْل أنْ يوجد لاستقباله، وتحب أن تحمد مَنْ صنع هذا الكون، رغم أن حَمْد الإنسان أو عدم حَمْده لا يضيف شيئاً لِمَنْ أعدَّ هذا الكون وخلقه؛ فهو محمود في ذاته.       


وإن حمدته فهذا لمصلحتك؛ وفي هذا هداية إلى صراط العزيز الذي لا يُغْلب، والحميد الذي يستحق الحمد؛ وإنْ لم يوجد حامد له؛ لأن صفاته سبحانه أزلية.       


فالله خالق قبل أن يخلق الخلق؛ وهو الرازق قبل أن يُخْلق المرزوق، وهو مُعِز قبل أن يوجد مَنْ يُعِزه؛ محمود قبل أنْ يوجد مَنْ يحمده؛ توَّاب قبل أن يوجد مَنْ يتوب عليه.        


فهو سبحانه بالصفة يفعل؛ أما الإنسان فلا يفعل إلا إذا فعل الصفة، فأنت لا تعرف أن فلاناً كريم؛ إلا لأنك تراه يعطي عن جُودٍ وسَخاء، أما الله فهو الكريم من قبل أن يوجد مَنْ يُكرمه.        


ويقول سبحانه من بعد ذلك: (ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ...).



سورة إبراهيم الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 01-05   سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Emptyالإثنين 09 ديسمبر 2019, 10:20 pm

اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وأنت إنْ قرأتَ هذه الآية موصولةً بما قبلها؛ فستقرؤها: (صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ * ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (إبراهيم: 1-2).       

وإن كنتَ ستقرؤها مَفْصُولة عمَّا قبلها؛ فستقول: (ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) (إبراهيم: 2).       

وستنطق كلمة "الله" غير مُرقَّقة عكسَ إنْ قرأتَها موصولة، حيث يجب أن تنطقها مُرقَّقة.       

وتقتضي الأصول في الكتاب أن يوجد الاسم العلَم على الذات أولاً، ثم تأتي الصفة من بعده، فتقول: "لقيت فلاناً الشاعر أو الكاتب أو العالم"، لكن الأمر هنا جاء على غير هذا النَّسَق: (صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ) (إبراهيم: 1).       

أي: قدَّم (ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ) ثم جاء بلفظ الجلالة، وهو العلَم على واجب الوجود "الله"، وقد حدث ذلك لأن العلَمَ يدل على مُسمَّاه بصرف النظر عن الصفات؛ ثم توجد الصفات له.       

وهناك من العلماء مَنْ قال: إنه مُشْتق بمعنى أن "الله" تعني المعبود بحقٍّ؛ وصفة العزيز الحميد حيثية لأنْ يُعبدَ سبحانه بحقٍّ.        

ومن العلماء من قال: إن كلمة "الله" هي علَم، وليست اسماً مُشْتقاً؛ فَلَهُ الملكية المطلقة: (ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ..) (إبراهيم: 2).       

لا يقع في هذا المُلْك إلا ما شاء هو، فَمنْ آمن به أنصف نفسه وحياته وآخرته، أما مَنْ لم يؤمن به فَلَه المقابل، وهو قوله الحق: (وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) (إبراهيم: 2).       

وهذا الوَيْل ليس في الآخرة فقط، بل في الدنيا أيضاً؛ لأن الإنسان حين تعترضه الصِّعاب والعقبات والمصائب التي ليس له أسباب يدفعها بها؛ هنا يستطيع المؤمن أن يذكر أن له رباً فوق الأسباب؛ ويرتاح إلى معونة الحق سبحانه له، وهكذا يشعر أن له رصيداً في الدنيا يعتمد عليه في مواجهة الأحداث الجِسَام.        

أما غير المؤمن فليس أمامه سوى اليأس؛ ولذلك نجد انتشار الانتحار بين غير المؤمنين؛ لأن هناك أحداثاً فوق أسبابهم، ولا يستطيعون دفعها، وليس لهم إيمان بربٍّ يرجعون إليه.        

ولذلك حين أقرأ للمفسرين مَنْ يشرح كلمة "الويل" بأنها عذابُ الآخرة؛ فأجد نفسي قائلاً: بل والوَيْل يكون في الدنيا أيضاً؛ لأن الكثير من أحداث الحياة يكون فوق أسباب الإنسان؛ فلو لم يؤمن الإنسان بالله لَفزِع من فَرْط اليأس.        

ولذلك نجد بعضهم حين لا يجدون مَفَرّاً إلا أنْ يقولوا يارب، وهم بذلك يعلنون صرخة الفطرة الأولى التي قاوموها بالإلحاد وعدم الإيمان؛ وهذا الويل له امتداد بلون أشد في الآخرة.       

ويصف الحق سبحانه هؤلاء الذين لا يؤمنون، فيقول: (ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَٰوةَ ٱلدُّنْيَا...).



سورة إبراهيم الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 01-05   سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Emptyالإثنين 09 ديسمبر 2019, 10:21 pm

الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهنا نجد مادة الحاء والباء؛ حب؛ ومن عجائبها أن الفعل يكون رباعياً؛ فنقول "أحبَّ فلان" ونقول لِمَنْ يحبه "محبوب" وهذا يعني أن هناك تلاقياً بين الاثنين؛ أما في حالة عدم التلاقي فيقال "حَبَّ يُحِب فهو حَابٌّ ومُحِبٌّ”.        

والفرق بين أحبَّ واستحبَّ؛ ملحوظٌ في مَجيء السين والتاء، وهما علامة على الطلب.        

وعلى هذا فاستحبَّ تعني أنَ مَنْ يحب لم يكتَفِ بالأمر الطبيعي، بل تكلَّف الحب وأوغلَ فيه.        

والمثل على ذلك نجده في الحياة اليومية؛ فنرى مَنْ ينجرف إلى شيء من الانحراف؛ ولكنه لا يُحِب أن يكون مُحِباً لهذا الانحراف في نفس الوقت؛ ويفعل الانحراف وهو كَارِهٌ له، وقد يضرب نفسه ويلومها لأنها تنجرف إلى هذا الانحراف.        

ونجد آخر ينحرف؛ لأنه يحب هذا الانحراف وينغمس فيه؛ وهو مُحِبٌّ لهذا الانغماس ويتحدث بهذا الانحراف؛ ويُحب في نفسه أنه أحب تلك المعصية؛ لأنها تُحقّق له شهوة عاجلة؛ هذا هو مَنِ "استحبَّ" لأنه أزاد الحب عن حَدِّه الطبيعي.        

وحين تُدقِّق في الآية الكريمة تجد أنها لا تمنعك من حُبِّ الدنيا؛ لكنها تتحدث أنْ تستحِبَّها على الآخرة، فهذا هو الأمر المذموم؛ أما إذا أحببتَ الدنيا لأنها تُعينك على تكاليف دينك وجعلْتَها مزرعة للآخرة؛ فهذا أمر مطلوب؛ لأنك تفعل فيها ما يجعلك تسعد في آخرتك؛ فهذا طَلَب للدنيا من أجل الآخرة.        

ولذلك تجد قوله الحق في سورة "المؤمنون".       

(وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ) (المؤمنون: 4).       

فهو لا يؤدي الزكاة فقط؛ بل يعمل لِيأتيَ لنفسه ولعياله بالقُوتِ؛ ويبذل الجهد ليكون لديه فائضٌ يؤدي منه الزكاة؛ ولذلك فهو لا يعمل قَدْر حاجته فقط بل على قَدْر طاقته ليحقق ما يمكن أنْ يُعطِيه لِمَنْ لا يقدر على العمل.       

 ولذلك لم يَقُل الحق سبحانه: "والذين هم للزكاة مؤدون" بل قال: (وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ) (المؤمنون: 4).       

وهنا لا نجد هؤلاء الذين يستحِبّون الحياة من أجل أنْ يجعلوها مزرعة للآخرة؛ بل هم يستحِبّون الحياة: (وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ..) (إبراهيم: 3).       

أي: أنهم لم يكتفوا بحُبِّ الدنيا على الآخرة فقط، ولم يكتفُوا بالسَّيْر في طريق الشهوات والملذَّات وتخريب ذواتهم، بل تمادَوْا في الغي وصَدُّوا غيرهم عن سبيل الله.        

ونجد الحق سبحانه يقول في موقع آخر: (لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً) (آل عمران: 99).       

كأنهم ضَلُّوا في ذواتهم؛ ولم يكتفوا بذلك، بل يحاولون إضلال غيرهم ويصدونهم عن الهداية.        

ثم تأتي مرحلة جديدة: (وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً..) (إبراهيم: 3).       

أي: يبغون شريعة الله مُعْوجة لتحقق لهم نزواتهم.        

وهكذا نجد ثلاث مراتب للضلال، استحباب الحياة الدنيا على الآخرة؛ والصَّد عن سبيل الله؛ وتشويه المنهج كي يُكرِّهوا الناس فيه.       

ويصف الحق سبحانه هؤلاء: (أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ) (إبراهيم: 3).       

أي: أن أصحاب المرتبة في الضلال هم مَنِ استحبُّوا الحياة الدنيا على الآخرة، والذين توغَّلوا في الضلال أكثر فهم الذين يصدون عن سبيل الله؛ أما الذين توغَّلوا أكثر فأكثر فَهُم الذين يُشوِّهون في منهج الله لتنفير الناس منه، أو ليحقق لهم نزواتهم، وهكذا ساروا إلى أبعد منطقة في الضلال.       

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ...).



سورة إبراهيم الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 01-05   سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Emptyالإثنين 09 ديسمبر 2019, 10:24 pm

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُبلِّغ عن الله منهجه؛ ومُؤيَّد بمعجزة تثبت صدقة فيما بلغ لِمَنْ أُرسِل إليهم.

وقد حدَّث الحق سبحانه من قبل عمَّا حدث للأمم السابقةَ على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد كان كل رسول يتكلم بلغة قومه.

وهناك فرق بين قوم الدعوة وهم أمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وقوم الاستقبال؛ وهم الأمم السابقة على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالأمم السابقة لم تكن مُطَالبةَ بأن تُبلِّغ دعوة الرُّسل الذين نزلوا فيهم، أما أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فمُطَالبة بذلك، لأن الحق سبحانه أرسل رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأبلغنا في القرآن أن من آياته سبحانه أن جعل الناس على ألسنة مختلفة.

ولم يُكنْ من المعقول أن يرسل رسولاً يتكلم كل اللغات، فنزل -صلى الله عليه وسلم- في أمة العرب؛ وحين استقبلوه وأُشرِبَتْ قلوبهم حُبّ الإيمان؛ صار عليهم أن ينساحوا بالدعوة؛ لينقلوا معنى القرآن حجة بعد أن استقبلوه معجزة.

والقرآن حُجَّة لأنه يسوسُ حركة الحياة؛ وحركاتُ الحياة لا تختلف في الناس أجمعين، كما أن كُلَّ حضارة تأخذ من الأخرى مُنجزاتِها العلمية، وتُترجمها إلى لسانها الذي تنطق به.

وترجمة المعاني من لسان إلى آخر مسألة معروفة في كُلِّ حضارات العالم؛ لأن المسألة في جوهرها مسألة معانٍ؛ والمعاني لا تختلف من أمة إلى أخرى.

والقرآن معانٍ ومنهج يصلح لكل البشر؛ ونزل بالعربية؛ لأن موهبة الأمة العربية هي النبوغ في اللغة والكلام؛ وهكذا صار على تلك الأمة مهمة الاستقبال لمنهج الله كمعجزة بلاغية؛ وإرساله إلى بقية المجتمعات.

ولذلك تستطيع أن تَعقِد مقارنة بين البلاد التي فُتِحت بالسيف والقتال؛ والبلاد التي فُتِحتَ بالسِّلْم ورؤية القدوة المسلَمة الصالحة؛ ستجد أن الذين نشروا الإسلام في كثير من أصقاع الأرض قد اعتمدوا على القدوة الصالحة.

ستجد أنهم نُقلوا الدين بالخِصَال الحميدة، وبتطبيق منهج الدين في تعاملهم مع غيرهم، ولذلك أقبل الناس على دين الله.

وهكذا نجد أن منهج الإسلام قد حمل معجزة من المعاني، بجانب كونه معجزةً في اللغة التي نزل بها، وهي لغة العرب.

ونحن نجد أقواماً لا تستطيع أن تقرأ حرفاً عربياً إلا في المصحف، ذلك أنهم تعلَّموا القراءة في المصحف، واعتمدوا على فَهْم المعاني الموجودة فيه عَبْر الترجمات التي قام بها مُسلِمون أحبُّوا القرآن، ونقلُوه إلى اللغات الأخرى.

ولذلك نجد قول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) (القمر: 17).

وهكذا نعلم أن الحق سبحانه قد يسَّر أُمَّ القرآن بلسان العرب أولاً، ثم يسرَّه بأن جعل من تلك الأمة التي نزل عليها القرآن أمة نَشرْ البلاغ عنه سبحانه، ذلك أن الرسالات تُريد تبليغاً؛ والتبليغ وسيلتُه الأولى هي الكلام؛ ووسيلته الثانية الاستقبالية هي الأذن، فلا بُدَّ من الكلام أولاً، ثم لا بُدَّ من أُذن تعرف مدلولاتِ الألفاظ لتسمعَ هذا الكلام، ولِتُطبّقه سلوكاً.

كما أننا نعلم أن مَنْ يسمع المتكلم لا بُدَّ وأن يكون واعياً وعارفاً بمعاني الألفاظ؛ فما تسمعه الأُذن يحكيه اللسان.

وعرفْنَا أن اللغة بِنْت السماع، وكُلُّ فرد إنما يتكلم باللغة التي سمعها في بيئته؛ وإذا تتبعتَ سلسلة تعلُّم كل الكلام ستجد نفسك أمام الجِذْر الأصلي الذي تعلَّم منه البشر الكلام؛ وهو آدم -عليه السلام- وقد قال سبحانه: (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا) (البقرة: 31).

ونعلم أن اللغة بدأت توقيفية حين علَّمها الله لآدم، ثم تكلَّمها آدم فسمعتْها بيئته؛ فصارتْ وضعية من بعد ذلك، واختلفت اللغة من مجتمع إلى آخر.

وهنا قال الحق سبحانه: (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ..) (إبراهيم: 4).

وجاء بعد ذلك مباشرة بالتعليل: (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ...) (إبراهيم: 4).

وهكذا أوضح جَلَّ وعلاَ السبب في إرسال كل رسول بلسان قومه، وهناك آية يقول فيها سبحانه: (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 198-199).

وقال أيضاً: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (فصلت: 44).

فهناك مَنْ يستقبل القرآن كدليل هداية ويُنقِّي نفسه من الكَدَر، وهناك مَنْ يستقبل القرآن فيكون عليه عمى وعلى سمعه غِشَاوة وخوف وعدم ارتياح، ذلك أنه كافر.

والسبب -كما نعلم- أن حدوث الحادث مِن آمرٍ به يحتاج إلى فاعل وإلى قابل للفعل.

وسبق أن ضربتُ مثلاً بمَنْ يشرب الشاي؛ فينفخ فيه لِيُبرده قليلاً؛ ونفس هذا الإنسان حين يخرج في صباح شتوى فهو ينفخ في يديه لِيُدفئهما، وهكذا ينفخ مرة ليبرد شيئاً؛ وينفخ أخرى مُستدعياً الدفء.

والمسألة ليستْ في أمر النفخ؛ ولكن في استقبال الشاي للهواء الخارج من فَمِك، الشاي أكثر حرارة من حرارة الجسم فيبرد بالنفخ، بينما اليد في الشتاء تكون أكثر برودة من الجسم؛ فتستقبل النفخ لها برفع درجة حرارتها لتتساوى مع حرارة الجسم.

وهكذا تجد أن القرآن واحدٌ؛ لكن المؤمن يسمعه فيفرح به، والكافر يسمعه فيتعب ويرهق منه.

وسبحانه يقول: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) (محمد: 16).

وهكذا نجد مَنْ يستقبل القرآن، ولا ينصاع إلى معانيه؛ ونجد مَن يستمع إلى القرآن فيخشع قلبه وينفعل بالاستجابة لِمَا يوُصي به الحق سبحانه إذن: عرفنا الآن أن اللغة بدأتْ توقيفية وانتهتْ اصطلاحية؛ فقد أخذنا من الله ما علَّمه لآدم من أسماء؛ وتغيَّرت الألسن من جماعة إلى أخرى، وهكذا اختلفتْ ألسنة الرُّسُل حَسْب القوم المرسلين إليهم.

وكل رسول يُبيِّن للقوم منهجَ الله؛ فإذا بيَّن هذا المنهج، استقبله البعض بالإيمان بما جاء به والهداية، واستقبله البعضُ الآخر بالكُفْر والضَّلال.

 فالذي هداه الله استشرف قلبُه إلى هذا المنهج؛ وأخرج من قلبه أيّ عقيدة أخرى، وبحثَ فيما جاء به الرسول، وملأ قلبه بالمنهج الذي ارتاح له فهماً وطمأنينة.

وهو عكس مَنْ تسكن قلبه قضية مخالفة، ويُصِرُّ عليها، لا عن قناعة، ولكن عن عدم قدرة على التمحيص والدراسةَ والاستشراف.

وكان عليه أنْ يُخرِج القضية المُضِلة من قلبه، وأن يبحث ويقارن ويستشف ويُحسِن التدبر؛ ثم يُدخل إلى قلبه القضية الأكثر قبولاً، ولكنه لا يفعل، عكس مَنْ هداه الله.

ولا يقولن أحد "ما دام قد أضلنا الله فلم يعذبنا؟" ولكن ليعلم كل إنسان أن المشيئة لقابلية الإيمان موجودة، ولكنه لم يَسْتدعها إلى قلبه.

والحق سبحانه يقول: (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ...) (محمد: 17).

ويقول: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَاسِقِينَ) (البقرة: 26).

أي: أن الفسق قد صدر منهم، لأنهم ملأوا أفئدتهم بقضايا باطلة؛ فجاءت قضايا الحق فلم تجد مدخلاً.

وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول سبحانه: (فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ) (إبراهيم: 4).

فمَنْ يُقبِل على الضلال يزيده الله ضلالاً؛ فلن يزيد إيمانُه مُلْكَ الله شيئاً، ومَنْ يؤمن فهو يضمن لنفسه سلامة الحياة وما بعد الموت؛ وهو في الحياة عنصر خَيْرٍ؛ وهو من بعد الموت يجد الحياة مع نِعَم المُنعِم سبحانه العزيز الذي لا يُغَلب؛ والحكيم الذي قَدَّر لكلِّ أمر ما يشاء.

ويقول سبحانه من بعد ذلك: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ...).



سورة إبراهيم الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 01-05   سورة إبراهيم الآيات من 01-05 Emptyالإثنين 09 ديسمبر 2019, 10:25 pm

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والآيات التي أرسلها الله مع موسى -عليه السلام- والمعجزات التي حدثت معه وبيَّنها وأظهرها لقومه كثيرة، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- نزل ومعه معجزة واحدة وهي القرآن، أما بقية المعجزات الحسية التي حدثتْ مع رسول الله؛ فهي قد جاءت لتثبيت فؤاد المؤمنين برسالته، ولم يَبْقَ لها أثر من بعد ذلك إلا الذكرى النافعة التي يأتنس بها الصالحون من عباد الله.

وكثرة المعجزات التي جاءت مع موسى -عليه السلام- تبين أن القوم الذين أُرسِل لهم قوم لَجج وجدل، وحين عَدَّد العلماء المعجزات التي جاءت مع موسى وجدها بعضٌ من العلماء تسع آيات؛ ووجدها غيرهم ثلاث عشرة معجزة؛ ووجدها بعضٌ ثالث أربع عشرة.

وفي التحقيق لمعرفة تلك الآيات علينا أن نُفرِّق بين الآيات التي صدرت بالنسبة لفرعون؛ والآيات التي جاءتْ لبني إسرائيل.

فالعصا التي انقلبت حيَّة تسعى، واليد التي تُضيء هي لفرعون، وعدَّد القرآن الآيات التي جاءت مع موسى لفرعون بتسع آيات، يقول الحق سبحانه: (فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) (النمل: 12).

ولم يكن موسى يطلب من فرعون أن يؤمن؛ فهو لم يُرْسَل لهدايته؛ ولكنه جاء لِيُفحمه وليأخذ بني إسرائيل المُرْسَلُ إليهم، والآيات هي: العصا وَوَضْع اليد في الجيب لتخرج بيضاء، ونَقْص الأنفس والثمرات؛ والطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم، هذه هي الآيات التسع الخاصة بفرعون.

أما بقية الآيات التي جاء بها موسى -عليه السلام- لبني إسرائيل فهي كثيرة مثل: (وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) (الأعراف: 171).

وأيضاً: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ) (البقرة: 57).

وكذلك قوله الحق: (وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ) (البقرة: 57).

ولذلك أجمل الحق سبحانه الآيات التي جاءت مع موسى لقومه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ..) (إبراهيم: 5).

أي: أَعِدْ إلى بُؤْرة شعورهم ما كان في الحاشية؛ وأنْ يستدعوا من الذاكرة أيام الله، والمراد ما حدث في تلك الأيام، مثلما نقول نحن "يوم بدر" أو "يوم ذي قار" أو "السادس من أكتوبر" أو "العاشر من رمضان”.

وهنا في القول الكريم إما أن يكون التذكير بتلك الأيام الخاصة بالوقائع التي حدثتْ للأقوام السابقين عليهم كقوم نوح وعاد وثمود، ذلك أن الحق سبحانه قد أعلمهم بقصص الأقوام السابقة عليهم؛ وما حدث من كل قوم تجاه الرسول المُرْسل إليه من الله.

أو أن يكون التذكير بالأيام التي أنعم الله فيها على بني إسرائيل بنعمه، أو ابتلاهم فيها بما يُؤلِمهم؛ ذلك أن الحق سبحانه قال: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (إبراهيم: 5).

والصبَّار هو مَنْ يُكثِر الصبر على الأحداث؛ وهي كلمة تُوحِيِ بأن هناك أحداثاً مؤلمة وقَعتْ، وتحتاج إلى الصبر عليها، كما تُوحِي كلمة "شكور" بحوادث منعمة تستحق الشكر.

وهكذا نجد أن المؤمن يحتاج إلى أمرين؛ صَبْر على ما يُؤلِم، وشُكْر على ما يُرضي، وحين تجتمع هاتان الصفتان في مؤمن؛ يكون مُكتمِلَ الإيمان.

وقد قال الحق سبحانه: إن تلك الآيات هي أدلة تُوضِّح الطريق أمام المؤمن، وتُعطي له العِبْرة، لأنه حين يعلم تاريخ الأقوام السابقة؛ ويجد أنَ مَنْ آمنَ منهم قد عانى من بعض الأحداث المؤلمة؛ لكنه نال رضا الله ونعمه؛ ومَنْ كفر منهم قد تمتع قليلاً، ثم تلَّقى نقمة الله وغضبه.

هنا يُقبِل المؤمن على تحمُّل مَشَاقِّ الإيمان؛ لأنه يثق في أن الحق سبحانه لا يُضِيع أجْر مؤمنٍ؛ ولا بُدَّ لموكب الإيمان أنْ ينتصر؛ ولذلك فالمؤمن يصبر على المحن، ويشكر على النِّعَم.

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة إبراهيم الآيات من 01-05
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة إبراهيم الآيات من 31-35
» سورة إبراهيم الآيات من 26-30
» سورة إبراهيم الآيات من 06-10
» سورة إبراهيم الآيات من 21-25
» سورة إبراهيم الآيات من 11-15

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: إبراهيم-
انتقل الى: