منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة يونس الآيات من 086-090

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يونس الآيات من 086-090   سورة يونس الآيات من 086-090 Emptyالإثنين 14 أكتوبر 2019, 3:51 am

وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهنا توضح الآية الكريمة أنهم إن كانوا مشغولين بأمر الغير من الكافرين فهذا يعني أنهم طمعوا في إيمان العدو؛ لعل هذا العدو يعود إلى رشد الإيمان.

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

وهم أرادوا إيمان العدو رغم أنه ظالم.

وهكذا يعلّم الحق -سبحانه وتعالى- الخلق أنه من حُمْق العداوة أن يدعو الإنسان على عدوِّه بالشر؛ لأن الذي يتعبك من عدوك هو شرُّه، ومن صالحك أن تدعو له بالخير؛ لأن هذا الخير سيتعدى إليك.

وعلى المؤمن أن يدعو لعدوِّه بالهداية، لأنه حين يهتدي؛ فلسوف يتعدَّى النفع إليك، وهذه من مميزات الإيمان أن نفعه يتعدَّى إلى الغَيْر.

وهم حين دعوا ألاَّ يجعلهم الله فتنةً للقوم الظالمين، فإن ذلك يوضّح لنا أن الظلم درجاتٌ، وأن فرعون وملأه كانوا في قمة الظلم؛ لأن الحق سبحانه وتعالى هو القائل: (.. إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: 13).

فقمة الظلم أن تأخذ حَقَّ الغير وتعطيه لغير صاحب الحق.

وفرعون وملؤه أشركوا بالله -سبحانه وتعالى- فظن فرعون أنه إله، وصدَّقه من حوله.

فقمة الظلم هو الشرك بالله سبحانه، ثم بعد ذلك يتنزل إلى الظلم في الكبائر، ثم في الصغائر.

وقولهم في دعائهم للحق سبحانه: (وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ) (يونس: 86).

أي: اجعلنا بنجوةٍ من هؤلاء.

وكان الذي يخيف الأقدمين هو سيول المياه، حين تتدفَّق، ولا ينجو إلا مَنْ كان في ربوةٍ عالية -والنجوة هي المكان المرتفع- وهذا هو أصل كلمة "النجاة".

وهنا يقول الحق سبحانه على لسانهم: (وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ) (يونس: 86).

والرحمة هي الوقاية من أن يجيء الداء.

والحق سبحانه يقول: (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ) (الإسراء: 82).

والشفاء إذا وُجد الدَّاء، والرحمة هي ألاَّ يجيء الداء.

وأراد الحق سبحانه أن يكرم -بعد ذلك- موسى عليه السلام وقومه فقال سبحانه وتعالى: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ...).



سورة يونس الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 086-090   سورة يونس الآيات من 086-090 Emptyالإثنين 14 أكتوبر 2019, 3:52 am

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وأوضحنا من قبل أن موسى وهارون عليهما السلام رسولان برسالة واحدة، وأن الوَحْي قد جاء للاثنين برسالة واحدة.

فالحق سبحانه ساعة يختار نبيّاً رسولاً، فإنما يختاره بتكوينٍ وفطرةٍ تؤهّله لحَمْل الرسالة والنطق بمرادات الله تعالى وإذا كان الخَلْق قد صنعوا آلات ذاتية الحركة من مواد جامدة لا فكر لها ولا رَويّة، مثل الساعة التي تُؤذِّن، أو المذياع الذي يذيع في توقيت محدد، إذا كان البشر قد صنعوا ذلك فما بالنا بالله سبحانه الخالق لكل الخلق والكون ومرسل الرسل؟

إنه سبحانه وتعالى يختار رسله بحيث يسمح تكوين الرسول أن يؤدي المهمة الموكولة إليه في أي ظرف من الظروف.

وقول الحق سبحانه هنا: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ) (يونس: 87).

يبيِّن لنا أن الوحي شمل كلاً من موسى وهارون عليهما السلام، بحيث إذا جاء موقف من المواقف يقتضي أن يتكلم فيه موسى، فهارون أيضاً يمكن أن يتكلم في نفس الأمر؛ لأن الشحنة الإيمانية واحدة، والمنهج واحد.

وقد حدث ذلك بعد أن غرق فرعون وقومه، وخلا لهم الجو، فجاء لهم الأمر أن يستقروا في مصر، وأن يكون لهم فيها بيوت.

ولكن لنا أن نسأل: هل فرعون هذا هو شخص غرق وانتهى؟

لا..

إن فرعون ليس اسماً لشخص، بل هو تصنيف لوظيفة، وكان لقب كل حاكم لمصر قديماً هو "فرعون"؛ لذلك لا داعي أن نشغل أنفسنا: هل هو تحتمس الأول؟

أو رمسيس؟

أو ما إلى ذلك؟

فهب أن فرعون المعنيَّ هنا قد غرق، ألا يعني ذلك مجيء فرعون جديد؟

نحن نعلم من التاريخ أن الأسر الحاكمة توالت، وكانوا فراعنة، وكان منهم من يضطهد المؤمنين، ولابد أن يكون خليفة الفرعون أشد ضراوةً وأكثر شحنةً ضد هؤلاء القوم.

وقول الحق سبحانه وتعالى في الآية الكريمة التي نحن بصدد خواطرنا عنها: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً) (يونس: 87).

نجد فيه كلمة "مصر" وهي إذا أطلقت يُفهم منها أنها "الإقليم".

ونحن هنا في بلدنا جعلنا كلمة "مصر" علماً على الإقليم الممتد من البحر المتوسط إلى حدود السودان، أي: وادي النيل.

ومرة أخرى جعلنا من "مصر" اسماً لعاصمة وادي النيل.

ونحن نقول أيضاً عن محطة القطارات في القاهرة: "محطة مصر".

وقول الحق سبحانه هنا: (.. أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا) (يونس: 87).

نفهم منه أن التبؤُّ هو اتخاذ مكان يعتبر مباءةً؛ أي: مرجعاً يبوء الإنسان إليه.

التبؤُّ -إذن- هو التوطن في مكان ما، والإنسان إذا اتخذ مكاناً كوطن له فهو يعود إليه إن ذهب إلى أي بلد لفترة.

ويعتبر الخروج من الوطن مجرد رحلة تقتضي العودة، وكذلك البيت بالنسبة للإنسان؛ فالواحد منا يطوف طوال النهار في الحقل أو المصنع أو المكتب، وبعد ذلك يعود إلى البيت للبيتوتة.

والبيوت التي أوصى الله سبحانه وتعالى بإقامتها لقوم موسى وهارون -عليهما السلام- كان لها شرط هو قول الحق سبحانه: (وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس: 87).

والقِبلة هي المتجَه الذي نصلي إليه.

ومثال ذلك: المسجد، وهو قبلة مَنْ هو خارجه، وساعة ينادي المؤذن للصلاة يكون المسجد هو قبلتنا التي نذهب إليها، وحين ندخل المسجد نتجه داخله إلى القبلة، واتجاهنا إلى القبلة هو الذي يتحكم في وضعنا الصفِّي.

والأمر هنا من الحق سبحانه: (وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ) (يونس: 87).

فإقامة البيوت هنا مشروطة بأن يجعلوا بها قبلة لإقامة الصلاة بعيداً عن أعين الخصوم الذين يضطهدونهم، شأنهم شأن المسلمين الأوائل حينما كان الإسلام -في أوليته- ضعيفاً بمكة، وكان المسلمون حين ذاك يصلون في قلب البيوت، وهذا هو سر عدم الجهر بالصلاة نهاراً، وعدم الجهر يفيد في ألا ينتبه الخصوم إلى مكان المصلين.

وأما الجهر بالصلاة ليلاً وفجراً، فقد كان المقصود به أن يعلمهم كيفية قراءة القرآن.

وهنا يقول الحق سبحانه: (أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس: 87).

وقد يكون المقصود بذلك أن تكون البيوت متقابلة.

وإلى يومنا هذا أنت إن نظرت إلى ساحات اليهود في أي بلد من بلاد الدنيا تجد أنهم يقطنون حيّاً واحداً، ويرفضون أن يذوبوا في الأحياء الأخرى.

ففي كل بلد لهم حي يسكنون فيه، ويسمى باسم "حي اليهود".

وكانت لهم في مصر "حارات" كل منها تسمى باسم "حارة اليهود".

وقد شاء الحق -سبحانه وتعالى- ذلك وقال في كتابه العزيز: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ) (البقرة: 61).

وهم يحتمون بتواجدهم معاً، فإن حدث أمر من الأمور يفزعهم؛ يصبح من السهل عليهم أن يلتقوا.

أو (وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس: 87).

أي: أن يكون تخطيط الأماكن والشوارع التي تُبنى عليها البيوت في اتجاه القبلة.

وأي خطأ معماري مثل الذي يوجد في تربيعة بناء مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، هذا الخطأ يوجب الاتجاه إلى اليمين قليلاً مما يسبب بعض الارتباك للمصلين؛ لأن الانحراف قليلاً إلى اليمين في أثناء الصلاة يقتضي أن يقصر كل صف خلف الصف الآخر.

وحين نصلي في المسجد الحرام بمكة، نجد بعضاً من المصلين يريدون مساواة الصفوف، وأن تكون الصفوف مستقيمة، فنجد من ينبه إلى أن الصف يعتدل بمقدار أطول أضلاع الكعبة، ثم ينحني الصف.

وكذلك في الأدوار العليا التي أقيمت بالمسجد الحرام نجد الصفوف منحنية متجهة إلى الكعبة.

ولذلك أقول دائماً حين أصلي بالمسجد الحرام: إن معنى قول الإمام: "سووا صفوفكم" أي: اجعلا مناكبكم في مناكب بعضكم بعض، أما خارج الكعبة فيكفي أن نتجه إلى الجهة التي فيها الكعبة، ونحن خارج الكعبة لا نصلي لعين الكعبة، ولكننا نصلي تجاه الكعبة؛ لأننا لو كنا نصلي إلى عين الكعبة لما زاد طول الصف في أي مسجد عن اثني عشر متراً وربع المتر، وهو أطول أضلاع الكعبة.

وقول الحق سبحانه هنا: (وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس: 87).

أي: خططوا في إقامة البيوت أن تكون على القبلة، وبعض الناس يحاولون ذلك، لكن تخطيط الشوارع والأحياء لا يساعد على ذلك.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ) (يونس: 87).

وهذا الأمر نفهم منه أن الصلاة فيها استدامة الولاء لله تعالى، فنحن نشهد ألا إله إلا الله مرة واحدة في العمر، ونُزكِّي -إن كان عندنا مال- مرة واحدة في السنة، ونصوم -إن لم نكن مرضى- شهراً واحداً هو شهر رمضان، ونحج -إن استطعنا- مرة واحدة في العمر.

ويبقى ركن الصلاة، وهو يتكرر كل يوم خمس مرات، وإن شاء الإنسان فَلْيُزِد، وكأن الحق سبحانه وتعالى هنا ينبه إلى عماد الدين وهي الصلاة.

ولكن مَن الذي اختار المكان في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها؟

هل هو موسى وأخوه هارون؟

أم أن الخطاب لكل القوم.

نلحظ هنا أن الأمر بالتبوّء هو لموسى وهارون -عليهما السلام- أما الأمر بالجعل فهو مطلوب من موسى وهارون والأتباع؛ لذلك جاء الجعل هنا بصيغة الجمع.

ويُنهي الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: (.. وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 87).

وفي هذا تنبيه وإشارة إلى أن موسى هو الأصل في الرسالة؛ لذلك جاء له الأمر بأن يحمل البشارة للمؤمنين.

ونلحظ هنا في هذه الآية أن الحق سبحانه جاء بالتثنية في التبوء، وجاء بالجمع في جعل البيوت، ثم جاء بالمفرد في نهاية الآية لينبهنا إلى أن موسى -عليه السلام- هو الأصل في الرسالة إلى بني إسرائيل.

والبشرى على الأعمال الصالحة تعني: التبشير بالجنة.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ...).



سورة يونس الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 086-090   سورة يونس الآيات من 086-090 Emptyالإثنين 14 أكتوبر 2019, 3:54 am

وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والزينة: هي الأمر الزائد عن ضروريات الحياة ومقوماتها الأولى، فاستبقاء الحياة يكون بالمأكل لأي غذاء يسدُّ الجوع، وبالمشرب الذي يروي العطش.

أما إن كان الطعام منوَّعاً فهذا من ترف الحياة، ومن ترف الحياة الملابس التي لا تستر العورة فقط، بل بالزي الذي يتميز بجودة النسج والتصميم والتفصيل.

وكذلك من ترف الحياة المكان الذي ينام فيه الإنسان، بحيث يتم تأثيثه بفاخر الرياش، ولكن الضرورة في النوم يكفي فيها مكان على الأرض، وأي فراش يقي من برودة الأرض أو حرارتها.

إذن: فالزائد عن الضرورات هو زينة الحياة، والزينة تأتي من الأموال، والرصيد الأصيل في الأموال هو الذهب، ثم تأخذ الفضة المرتبة الثانية.

ومن مقومات الاقتصاد أن الذهب يعتبر قيمة الرصيد لغنى أية دولة، مهما اكتشفوا من أحجار أغلى من الذهب.

وهذه الأحجار الكريمة -كالماس مثلاً- إن كُسِرت أو خُدِشت تقل قيمتها، لكن الذهب مهما تفتَّت فأنت تعيد صَهْرَه، فتستخلَص ذهباً مُجمَّعاً.

وكان الفراعنة الأقدمون يحكمون مصر حتى منابع النيل، وكانوا يسخِّرون الناس في كل الأعمال، حتى استخراج الذهب سواء من المناجم أو من غربلة رمال بعض الجبال لاستخلاص الذهب منها.

وأنت قد تستطيع استخلاص الذهب من أماكن معينة، ولكن الفرق دائماً إنما يكون في القيمة الاقتصادية لاستخراج الذهب، فحين يكون المنجم وفير العطاء، فيه كثير من عروق الذهب، هنا يصبح استخراج الذهب مسألة مربحة اقتصادياً.

أما إن كانت التكلفة أعلى من القيمة الاقتصادية للذهب المستخرج، فلا أحد يستخرج هذا الذهب.

وأنت إن نظرت إلى زينة الفراعنة تجد قناع "توت عنخ آمون" آية في الجمال، وكذلك كانت قصورهم في قمة الرفاهية، ويكفي أن ترى الألوان التي صنعت منها دهانات الحوائط في تلك الأيام؛ لتعرف دقة الصنعة ومدى الترف، الذي هو أكثر بكثير من الضرورات.

وفي هذه الآية الكريمة يقول الحق سبحانه: (وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ) (يونس: 88).

وهم لم يَضِلُّوا فقط بل أرادوا أن يُضِلّوا غيرهم؛ لذلك تحملوا وِزْر ضلالهم، ووزر إضلال غيرهم.

فهل أعطاهم الله سبحانه المال والزينة للضلال والإضلال؟

لا، فليس ذلك علة العطاء، ولكن هناك لام العاقبة، مثلما تعطي أنت إبنك عشرة جنيهات وتقول له: افعل بها ما تريد، وأرجو أن تتصرف فيها تصرفاً يعود عليك بالخير.

وقد ينزل هذا الابن ليشتري شيئاً غير مفيد ولا يشتري -مثلاً- كتباً تفيده.

هنا أنت أعطيت هذا الابن قوة شرائية لكنه لم يحسن التصرف فيها، وغاية الاختيار هَدَتْه إلى اللعب.

وهذا ما يسمى لام العاقبة، ولام العاقبة لا يكون المقصود بها سبب الفعل، ولكنها تأتي لبيان عاقبة الفعل.

وحين أراد الحق سبحانه وتعالى أن ينجي موسى -عليه السلام- في طفولته من القتل أوحى إلى أم موسى -عليهما السلام- بقوله تعالى: (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ) (القصص: 7).

ولا توجد أم تُقبل على تنفيذ مثل هذا الأمر؛ لأنه موت محقق؛ لأن الابن إن خُطِف أو فُقِد فهذا كله موت مظنون، أما إلقاؤه في الماء فليس فيه موت مظنون، بل موت مؤكد، إن لم يُنجِّه الله تعالى ولكن أم موسى -لإيمانها بالله- فعلت ما أوحى به الله -سبحانه وتعالى- لها؛ لأن الوارد من الله تعالى لا يجد في الفطرة منازعاً له.

أما نزغات الشيطان فهي تجد ألف منازع لها في النفس، وكذلك هواجس النفس.

ولذلك نفَّذت أم موسى ما أوحى الله تعالى به إليها، وإن كان مخالفاً للعقل والمنطق.

وحين التقطه آل فرعون، وقد كانوا يقتلون الأطفال، وألقى الحق سبحانه وتعالى محبة موسى في قلوبهم، قال: (.. وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي) (طه: 39).

فهم ساعة رؤيتهم لموسى -عليه السلام- وهو طفل، أحبُّوه فلم يقتلوه، وهكذا نفذت مشيئة الله تعالى ووعده لأمه: (.. إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ) (القصص: 7).

أي: أن لموسى -عليه السلام- مهمة مسبقة أرادها له الحق سبحانه ولذلك نجد أن هناك أوامر متتابعة جاء بها القرآن الكريم في مسألة إلقاء أم موسى لابنها، فقال الحق سبحانه: (إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ * أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ) (طه: 38-39).

وكلها أوامر من الحق سبحانه، فتراه زوجة فرعون فتقول لزوجها: (قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ) (القصص: 9).

فهل كان فرعون يعلم أن هذا الطفل الذي التقطه سيكون عدوّاً له؟

لا.

لقد التقطه وأعطاه حياة الترف؛ ليكون قُرَّة عين له، وهذه علة الالتقاط، ولكن العاقبة انتهت إلى أن يكون عدوّاً؛ ولو كانت العلة هي العداوة لما التقطه فرعون أو لقتله لحظة الالتقاط.

ولذلك يترك الحق سبحانه وتعالى في كونه أشياء تكسر مكر البشر؛ فأخذه فرعون وربَّاه، وكانت العاقبة غير ما كان يتوقع فرعون.

وقول الحق سبحانه هنا في الآية التي نحن بصددها: (لِيُضِلُّواْ) نفهم منه أن -سبحانه وتعالى- لم يُعْطِهم المال ليضلوا، ولكنهم هم الذين اختاروا الضلال.

وقد أعطى الله سبحانه وتعالى الكثير من الناس مالاً وجاهاً وأرادوا به الخير، وهكذا نرى اختيار الإنسان، إن له أن يضل أو يهتدي.

وقد قال موسى عليه السلام تنفيساً عن نفسه: (رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ) (يونس: 88).

ومعنى الطمس أي: إخفاء المعالم؛ مثل قول الحق سبحانه: (مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ) (النساء: 47).

ومعنى الطمس هنا: إخفاء معالم تلك الوجوه؛ فتكون قطعة واحدة بلا جبهة أو حواجب أو عينين أو أنف أو شفاه أو ذقن.

إذن: فالطمس هو إهلاك الصورة التي بها الشيء.

ودعوة موسى -عليه السلام- هنا: (ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ) (يونس: 88).

أي: امسخها.

وقال بعض الرواة أنها مُسخت، فمن كان يملك بعضاً من سبائك الذهب وجدها حجارة، ومن كان يملك أحجاراً كريمة كالماس وجدها زجاجاً.

أو أن (ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ) (يونس: 88).

أي: أذهبهما؛ لأن الأموال كانت وسيلة إضلال.

وقوله عليه السلام بعد ذلك: (.. وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ) (يونس: 88).

أي: أحْكمْ يا رب الأربطة على تلك القلوب؛ فلا يخرج ما فيها من كفر، ولا يَدخل ما هو خارجها من الإيمان؛ لأن هؤلاء قد افتروا افتراءً عظيماً، وأن تظل الأربطة على قلوبهم؛ حتى يروا العذاب الأليم.

ولماذا دعا موسى -عليه السلام- على آل فرعون هذا الدعاء، ولم يَدْعُ مثلما دعا سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون"؟

والإجابة: لابد أن الحق سبحانه وتعالى قد أطلعه على أن هؤلاء قوم لن تفلح فيهم دعوة الإيمان.

وكان خوف موسى -عليه السلام- لا من ضلال قوم فرعون، ولكن من استمرار إضلالهم لغيرهم.

إذن: فقد دعا عليهم موسى -عليه السلام- بما جاء في هذه الآية: (.. رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ) (يونس: 88).

وفي موضع آخر من القرآن الكريم يقول الحق سبحانه: (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا) (غافر: 85).

وهكذا يتبين لنا الفارق بين إيمان الإلجاء والقصر وبين إيمان الاختيار.

فحين يأتي الرسول داعياً إلى الإيمان يصبح من حق السامع لدعوته أن يؤمن أو أن يكفر؛ لأن الله تعالى قد خلق الإنسان وله حق الأختيار، أما إيمان الإلجاء والقصر فهو لا ينفع الإنسان.

ومثال ذلك: فرعون، فساعة أن جاءه العذاب أعلن الإيمان.

فالحق سبحانه وتعالى يقول: (.. حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ) (يونس: 90).

وإذا كان موسى -عليه السلام- قد دعا على قوم فرعون، فقد سبقه نوح عليه السلام في مثل هذا الدعاء مما أورده القرآن في قوله: (.. رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً) (نوح: 26-27).

واستجاب الحق سبحانه لدعوة موسى عليه السلام: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا...).



سورة يونس الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 086-090   سورة يونس الآيات من 086-090 Emptyالإثنين 14 أكتوبر 2019, 3:55 am

قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ويلاحظ أن الذي دعا هو موسى عليه السلام، ولكن قوله سبحانه: (قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا) (يونس: 89) يدل على أن هارون -عليه السلام- قد دعا مع موسى.

وقد قلنا من قبل: إننا إن نظرنا إلى الأصالة في الرسالة لوجدنا موسى -عليه السلام- هو الأصيل فيها، وجاء هارون ليشد عضده، وإن نظرنا إلى طبيعة الاثنين فكل منهما رسول، والاثنان لهما رسالة واحدة.

وما دام الحق سبحانه قد أرسل الاثنين لمهمة واحدة، فإن انفعل واحد منهما لشيء فلابد أن ينفعل الآخر لنفس الشيء؛ لذلك فلا يوجد ما يمنع أن هارون ساعة سمع أخاه داعياً بمثل هذا الدعاء، قد دعا هو أيضاً بالدعاء نفسه، أو أنه -أي: هارون- قد دعا بهذا الدعاء سِرّاً.

والدعاء معناه: أنك تفزع إلى من يقدر على تحقيق ما لا تقدر عليه، فأنت لا تدعو إلا في أمر عَزَّتْ عليك أسبابه؛ فتقول: إن لي ربّاً أومن به، وهو يقدر على الأسباب لأنه خالق الأسباب، وقادر على أن يعطي بلا أسباب، والمؤمن الحق يستقبل الأحداث، لا بأسبابه، ولكن بقدرة مَنْ آمن به، وهو المسِّبب الأعلى سبحانه ولذلك تجد موسى عليه السلام ومعه قومه حين وصلوا إلى شاطىء البحر، وكان من خلفهم قوم فرعون يطاردونهم، فقال قوم موسى: (.. إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء: 61).

فَرَدَّ موسى عليه السلام: (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62).

أي: لا ترتِّبوا الأمر بترتيب البشر؛ لأن معي رب البشر، فجاءه الإنقاذ: (فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ) (الشعراء: 63).

إذن: فالدعاء إنما يكون فزعاً إلى من يقدر على أمر لا تقدر عليه.

والموضوع الذي كان يشغل موسى وهارون عليهما السلام هو بقاء آل فرعون على ضلالهم وإصرارهم على إضلال غيرهم، فلابد أن يدعو كل منهما نفس الدعاء، ومثل هذا نجده في غير الرسل ونسميه "التخاطر"، أي: التقاء الخواطر في لحظة واحدة.

ومثال ذلك في التاريخ الإسلامي، لحظة أن كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مشغولاً بالتفكير في جيش المسلمين المقاتل في إحدى المعارك، وكان عمر في المدينة يخطب على المنبر، فإذا به يقول فجأة: "يا سارية الجبل" وهي كلمة لا موضع لها في منطق الخطبة، ولكن كان فكره مشغولاً بالقائد الذي يحارب، وسمع القائد - وهو على البعد - الأمر؛ فانحاز إلى الجبل.

ويقال في هذه المسألة: إن الخاطر قد شغل مع الخاطر، مثلما تطلب أحداً في الهاتف فيرد عليك الشخص الذي تريد الكلام معه قائلاً: لقد كنت على وشك أن أتصل بك هاتفيّاً، وهذا يعني أن الخاطرين قد انضبطا معاً.

وإذا كان هذا ما يحدث في حياتنا العادية، فما بالنا بما يحدث في الأمور الصفائية؛ وفي أرقى درجاتها وهي النبوة؟

أو أن الذي دعا هو موسى وما كان هارون إلا مؤمِّناً، والمؤمِّن هو أحد الداعيين، وما دام الحق سبحانه قد قَبِل دعوة موسى عليه السلام، فقد قَبِل أيضاً دعوة المؤمِّن معه.

ويظن بعض الناس أن إجابة الدعوة هي تحقيق المطلوب فور الدعاء، ولكن الحقيقة أن إجابة الدعوة هي موافقة على الطلب، أما ميعاد إنجاز الطلب، فقد يتأجل بعض الوقت، مثلما حدث مع دعوة موسى عليه السلام على فرعون وملئه، فحين دعا موسى، وأمَّن هارون، جاءت إجابة الدعاء: (قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا) (يونس: 89) بعد أربعين عاماً، ويحقق الله سبحانه الطمس على المال.

فالسماء ليست موظفة عند من يدعو، وتقبل أي دعاء، ولكن قبول الدعوة يقتضي تحديد الميعاد الذي تنفذ فيه.

وهذه أمور من مشيئة الله سبحانه؛ فالحق سبحانه وتعالى منزَّه عن أن يكون منفِّذاً لدعاء ما، ولكنه هو الذي بيده مقاليد كل أمر، فإذا ما أجيبت دعوة ما، فهو سبحانه بمشيئته يضع تنفيذ الدعوة في الميعاد الملائم؛ لأنها لو أجيبت على الفور فقد تضر.

والحق سبحانه وتعالى هو القائل: (وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإسراء: 11).

لذلك يحدد الحق سبحانه ميعاد تطبيق الدعوة في مجال التنفيذ والواقع.

وهو سبحانه وتعالى يقول: (.. سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء: 37).

والإنسان يعرف أنه قد يكون قد دعا بأشياء، فحقق الله سبحانه الدعاء وكان شرّاً، وكم من شيء يدعو به الإنسان ولم يحققه الله تعالى وكان عدم تحقيقه خيراً.

إذن: فالقدرة العليا رقيبة علينا، وتعلم ما في صالحنا؛ لأننا لسنا آلهة تأمر بتنفيذ الدعوات، بل فوقنا الحكيم الأعلى سبحانه ولذلك نقول في بيان قول الحق سبحانه: (وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) (يونس: 11).

لأن الإنسان قد يدعو بالشر على نفسه، ألا تسمع أمّاً تدعو على ابنها أو ابنتها رغم حبها لهما، فلو استجاب الله لدعائها على أولادها الذين تحبهم أليس في ذلك شر بالنسبة للأم.

والولد قد يقول لأمه مغاضباً: يا رب تحدث لي حادثة؛ حتى تستريحي مني.

فهَبْ أن الله استجاب لهذا الدعاء، أيرضي ذلك من دعا على نفسه أو يرضي أمه؟

طبعاً لا.

فإذا كان الله سبحانه قد أبطأ عليك بدعاء الشر فهذا خير لك، فعليك أن تأخذ إبطاء الله سبحانه عليك بدعاء الخير على أنه خير لك.

ولذلك شاء الحق سبحانه أن يقول لموسى وهارون عليهما السلام: (.. قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) (يونس: 89).

أي: ابقيا على الطريق السوي، ولا تُدْخِلا نفسيكما فيما لا علم لكما به.

أليس الحق سبحانه هو القائل: (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ * قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ) (هود: 45-46).

أي: كُنْ مؤدَّباً مع ربك حين تدعو وتنفِّس عن نفسك، ودَعْ لحكمة الحكيم الإجابة أو عدمها، وقد تكون الإجابة فورية أو مؤجَّلة إلى حين أوانها، وكلاهما خير.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه...).



سورة يونس الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 086-090   سورة يونس الآيات من 086-090 Emptyالإثنين 14 أكتوبر 2019, 3:57 am

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قال الحق سبحانه: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ) (يونس: 90) لأن الاجتياز لم يكن بأسباب بشرية، بل بفعل يخرج من أسباب البشر، فلو أن موسى عليه السلام قد حفر نفقاً تحت الماء، أو لو كان قد ركب سفناً هو وقومه لكان لهم مشاركة في اجتياز البحر، لكن المجاوزة كانت بأسباب غير ملحوظة بالنسبة للبشر، فالحق سبحانه هو الذي أوحى لموسى: (أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ) (الشعراء: 63).

ومياه البحر كأية مياه أخرى تخضع لقانون السيولة، والاستطراق هو وسيلة السيولة، وهي عكس التجمد الذي يتسم بالتحيز.

والاستطراق هو الذي قامت عليه أساليب نقل المياه من صهاريج المياه التي تكون في الأغلب أعلى من طول أي منزل، ويتم ضخ المياه إليها؛ لتتوزع من بعد ذلك حسب نظرية الأواني المستطرقة على المنازل، أما إذا كانت هناك بناية أعلى طولاً من الصهريج، هنا يقوم سكان المبنى بتركيب مضخة لرفع المياه إلى الأدوار العالية.

وإذا كان قانون البحر هو السيولة والاستطراق، فكيف يتم قطع هذا الاستطراق؟

يقول الحق سبحانه: (.. فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ) (الشعراء: 63).

فكيف تحول الماء إلى جبال يفصل بينها سراديب وطرق يسير فيها موسى عليه السلام وقومه؟

كيف يسير موسى وقومه مطمئنين؟

لابد أنها معية الله سبحانه التي تحميه، وهي تفسير لقول الحق سبحانه: (.. إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62).

ورغم ذلك يتبعهم فرعون وجنوده لعله يدركهم، وأراد سيدنا موسى -عليه السلام- بمجرد نجاحه في العبور هو وقومه أن يضرب البحر بعصاه؛ ليعود إلى قانون السيولة، ولو فعل ذلك لما سمح لفرعون وجنوده أن يسيروا في الممرات التي بين المياه التي تحولت إلى جبال، ولكن الله -سبحانه وتعالى- يريد غير ذلك، فقد أراد الحق سبحانه أن ينجي ويهلك بالشيء الواحد، فأوحى لموسى عليه السلام: (وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ) (الدخان: 24).

أي: اترك البحر على حاله؛ فينخدع فرعون وجنوده، وما إن ينزل آخر جندي منهم إلى الممر بين جبال الماء؛ سيعود البحر إلى حالة السيولة فيغرق فرعون وجنوده، وينجو موسى وقومه.

ويقول الحق سبحانه: (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ) (يونس: 90).

فهل كان هذا الإتباع دليل إرادة الشر؟

أكان من الممكن أن تكون نية الفرعون أن يدعو موسى وقومه إلى العودة إلى مصر ليستقروا فيها؟

لا.

لم تكن هذه هي نية الفرعون؛ لذلك قال الحق سبحانه عن هذا الإتباع: (بَغْياً وَعَدْواً) (يونس: 90).

أي: أنه اتباع رغبة في الانتقام والإذلال والعدوان.

ويصور القرآن الكريم لحظة غرق فرعون بقوله: (حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ) (يونس: 90).

والإدراك: قصد للمدرك أن يلحق بالشيء، والغرق معنى، فكيف يتحول المعنى إلى شيء يلاحق الفرعون؟

نعم، فكأن الغرق جندي من الجنود، وله عقل ينفعل؛ فيجري إلى الأحداث: (.. حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ) (يونس: 90).

والإيمان إذا أطلق فهو الإيمان بالقوة العليا، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى قد قال: (قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا) (الحجرات: 14).

لأن الإيمان يتطلب انقياد القلب، والإسلام يقتضي اتباع أركان الإسلام، فالإيمان كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قل آمنت بالله ثم استقم".

وفي هذا القول ذكر محدد بأن الإيمان إنما يكون لله الأعلى.

لكن لو قلت -مثلاً-: "آمنت أنك رجل طيب" فهذا إيمان له متعلق، أما إذا ذُكِر الإيمان بإطلاق فهو ينصرف إلى الإيمان بالله تعالى؛ ولذلك قال الله سبحانه للأعراب: (وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا) (الحجرات: 14).

وهنا يأتي القول على لسان فرعون: (.. آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ) (يونس: 90).

والخلاف هنا كان بين الفرعون كجهة كفر، وبين موسى وهارون وقومهما كجهة إيمان، وأعلن فرعون إيمانه، وقال أيضاً: (.. وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ) (يونس: 90).

ولم يقبل الله ذلك منه بدليل قوله الحق سبحانه: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ...).



سورة يونس الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يونس الآيات من 086-090
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: يونس-
انتقل الى: