من الأخطاء الشائعة في رمضان
 من الأخطاء الشائعة في رمضان Untit297
اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة

من الأخطاء الشائعة في رمضان
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
إن تحقيق القيام بأمر الله تعالى في الصيام والقيام أمرٌ متعين، ويكون كمال هذا التحقيق بشرطين مهمين؛ هما: الإخلاص لله تعالى في الأعمال، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق العمل وتنفيذه، وهذان الشرطان هما لكل عبادة، ومنها صيام رمضان وقيامه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)؛ رواه البخاري.

فكان لزامًا على المسلم أن يتعرف على ما تكمل به عبادته، وتكون خالية من الأخطاء، وسأسوق في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- عشرين ملحوظة في شهر الصيام قد جُمعت من الواقع العملي لبعض الصائمين، والمقصود منها التنبيه والتصحيح، ولتكون وقاية لمن لم يقع فيها ألا يقع فيها.

الملاحظة الأولى:
عدم القراءة عن أحكام الصيام ومسائله ومعرفتها قبل دخول الشهر المبارك، فاقرأ حتى يكون العمل عن علم ودليل وكل بحسبه من القراءة والاطلاع، فهناك كتب مطولة، وهناك كتيبات مختصرة ومطويات كُتبت بعناية، يَحسُن بالمسلم الاطلاع عليها وتثقيف نفسه، ومن حوله بها، فهي علم يُطلب، وكم هو جميل أن تعقد الأسرة حلقة ذكر في البيت لمدارسة أحكام الصيام وتعريف الأولاد بها.

الملاحظة الثانية:
تعجيل السحور وتأخير الإفطار، وهذا لا شك أنه خلاف السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر وأخَّروا السحور)، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعض الناس قد يؤخر وجبة العشاء، فيكتفي بها عن تناول وجبة للسحور، ولا جناح عليه، لكن لو تناول شيئًا خفيفًا ولو تمرات قُبيل الفجر، لكان قد أتى بالسنة.

الملاحظة الثالثة:
بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن لا يصوم عن لحوم البشر، فخلال صيامه قد يتحدث ويجره الحديث إلى غيبة فلان وفلان، وإلى قول الزور والنميمة والكذب والسب والشتم، ونحو ذلك من آفات اللسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)؛ رواه البخاري.

وليس هذا مبيحًا له في الطعام والشراب، ولكن وعيد على هذا المتحدث، فينبغي الكف عن ذلك ورد كلام المغتاب أو مفارقة هذا المجلس؛ حتى يسلم لك صيامُك.

الملاحظة الرابعة:
تضييع الساعات في السهر السلبي ليلًا، أو كثرة النوم بالنهار، فإن المسلم مطالب بالمحافظة على لحظات هذا الشهر وساعاته، فهي كنوز عظيمة، فخُذ راحتك الكافية في نومك، ولكن لا يكُن على حساب كسبك للحسنات والأجور، فكن مرتبًا لنومك ويقظتك، واعلَم أنك إن بقيت في ليلك إلى الثلث الآخر، فاقدر لهذه الساعة قدرها، وادعُ واستغفر، فهي ساعة إجابة ووقت نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وعظمته.

الملاحظة الخامسة:
قلة وضَعف الاستبشار بقدوم شهر رمضان وبلوغه، فبلوغه نعمة عظيمة، فالاستبشار والفرح بذلك يدفع النفس معنويًّا وحسيًّا إلى استثمار هذا الشهر المبارك، ووضع البرامج العملية لهذه الاستثمار.

الملاحظة السادسة:
بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن جوارحه قد تنطلق في مشتهياتها، فالعين تنظر ما حرَّم الله، والأذن تسمع ما حرَّم الله، وقد تمشي القدم إلى ما حرم الله، ونحو ذلك، فعلى المسلم أن تصوم جوارحه عن الحرام كل وقت، وفي شهر رمضان يتأكد ذلك، فإن للصيام تأثيرًا على الجوارح إذا كان حقيقيًّا، أما الصيام الصوري قد لا تتأثر به الجوارح تأثيرًا واضحًا، واعلَم أن هذه الجوارح مسؤولة عما فعلت، فأقلل أو أكثر، واعلم أن التوبة تَجُب ما قبلها من الإثم وتُزيله، فابدأ مشروعك في التوبة مع هذا الشهر المبارك، تُفلح في الدنيا والآخرة.

الملاحظة السابعة:
يُلاحظ على بعض أحبابنا حرصُهم على صلاة التراويح، لكنهم ينصرفون منها قبل انتهائها، وهؤلاء أدركوا خيرًا، لكن فاتهم خيرٌ كثير وكبير، وهو كتابة قيام الليل لهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة)؛ رواه البخاري.

فهؤلاء ربما انصرفوا قبل نهايتها بقليل فليُنتبه لذلك ولا ننصرف إلا بعد نهاية الصلاة.

الملاحظة الثامنة:
من الأخطاء التلفظ بالنية؛ كقوله: (نويت أن أصوم هذا اليوم)، ونحو ذلك، فإن النية مكانها القلب وليس اللسان، فالتلفظ بها باللسان لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة ولا السلف، ولم يؤثر عن أحد من أهل العلم أنه تلفظ بالنية للأعمال، بل إن علمك أنك ستفعل هذا الشيء هو النية من دون تلفظ بها.

الملاحظة التاسعة:
عدم الاستشعار لفضائل هذا الشهر المبارك في الأقوال والأفعال، فإن استمرار هذا الاستشعار يدفع المسلم إلى المحافظة والازدياد من العمل الصالح، فهو دائمًا يتذكر ذلك فيدفعه إلى الرغبة فيه، فلا يُفرط فيه فهو رصيده لآخرته، وهو موسمه الكبير.

الملاحظة العاشرة:
قد يدخل شهر رمضان، ويخرج وقد لا يتغيَّر شيءٌ من السلبيات القولية أو الفعلية لدى بعض الناس، فهذا خطأ كبير، فشهر رمضان فرصة عظيمة للتغيير الإيجابي، فلاحظ ما عندك من سلبيات وحاوِل تركها، وهذا من أرباحك في هذا الشهر المبارك، فقد تهيأت لك الأسباب وصُفدت الشياطين، واقترَبت أنت من ربِّ العالمين، ودعاؤك أكثر من ذي قبل وغير ذلك من الأسباب، فناقش هذا مع نفسك.

الملاحظة الحادية عشرة:
التساهل في سؤال أهل العلم عما أشكل في مسائل الصيام والقيام، فقد يقع في الخطأ ويتساهل عن السؤال، ثم تتراكم عليه الأخطاء، فعبادة الصيام ركن من أركان الإسلام يعتريها مسائل وأحكام، فلا تَضعُف عزيمتُك عن معرفتها، فإنك بذلك تطلب العلم وتُزيل الجهل عن نفسك وعن غيرك، وكم هو جميل أن تحمل في جيبك دفترًا صغيرًا تكتب فيه ما يرِد عليك من الإشكالات الشرعية، سواء سمعتها في الإذاعة أو الخطبة، أو المحاضرة أو بمناقشة مع أهلك وزملائك، فسجِّل هذه الإشكالات في هذا الدفتر الصغير واسأل عنها أهل العلم، فستحصل على خير عظيم، وهي طريقة مجربة وناجحة ومفيدة.

الملاحظة الثانية عشرة:
بعض الناس اعتاد أن يدفع زكاته في رمضان، فيدفعها إلى شخص أو أشخاص معينين كل سنة، وربما أن أحوال هؤلاء تغيرت وتحسَّنت، ولكن لا يزال يدفعها إليهم، فليَنتبه هذا وأمثاله أنها لا تُجزئ إذا وقعت في غير مكانها الصحيح.

الملاحظة الثالثة عشرة:
قلة قراءة القرآن عند بعض الناس مع الترغيب فيه في النصوص النبوية، في حين أنهم مع وسائل التواصل جعلوا لها نصيبًا أوفرَ، وهذا نقص في ضبط الموازين، فالعاقل الحكيم يستثمر الفُرص ولا يُضيعها، وليُعطِ كلًّا حقَّه من الأهمية، فلا يطغى جانبٌ على جانب، ولنا أسوة بالجادين في السابق واللاحق، فنجد أحدهم في وقتنا الحاضر يختم القرآن في رمضان كل يوم مرة، فاضبط منهجيَّتك مع القرآن، فالحرف بعشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء.

الملاحظة الرابعة عشرة:
بعض الناس إذا أكل أو شرِب ناسيًا، استمرَّ في ذلك ظانًّا أنه قد فسد صومه، وليس الأمر كذلك، فإن الناسي إذا تذكَّر أو ذُكِّر، وقَف عن أكله وشربه، وصومُه صحيح.

الملاحظة الخامسة عشرة:
مزاحمة النساء للرجال في الخروج من صلاة التراويح أو القيام، فينبغي أن يكون لكل منهم طريقٌ محدد ومعين، وعندما يحرص القائمون على المسجد في ترتيب ذلك مع بذل الجهد، فسيوفقون لحل ناجح في هذا المجال.

الملاحظة السادسة عشرة:
التبرج من بعض النساء عند خروجها لصلاة التراويح والقيام، وهذا يناقض أن تذهب إلى عبادة وهي متلبسة بمعصية، فعليها بالتخلية قبل التحلية، فاجتنبي يا أختي المباركة يا رعاك الله ذلك التبرجَ والتعطر؛ ليضاعف لك الأجر بإذن الله تعالى.

الملاحظة السابعة عشرة:
إفطار بعض المدخنين على هذه السجائر، وربما إمساكهم في السحر كان معتادًا، فعياذًا بالله تعالى من هذا الصنيع أن يمسك أو يُفطر على معصية، فمتى يفيق هؤلاء؟!

فيا أخي المبارك، إن شهر رمضان فرصة عظيمة للإقلاع، فاستعنْ بالله تعالى ثم باللجان المنتشرة؛ ليساعدوك على ذلك، فيَسلَم لك دينُك ومالُك وخَلْقُك وخُلقك، وأُخراك وصحتُك، فهي أيام قلائل، وتكون بإذن الله تعالى وتوفيقه ورحمته من قائمة المعافين من هذا الشر الخطير.

الملاحظة الثامنة عشرة:
الإسراف في المأكول والمشروب وتنويعه وتشكيله أكثر من اللازم، فهناك كِباد جائعة، فكُل واشرَبْ من غير سرفٍ ولا مخيلة، ويا ليتَه إذا بقي شيء من هذه المأكولات أن يُستفاد منه بأي طريقة كانت، وجميل وضعه في صناديق بلاستيكية والتصدق به على الفقراء، فهم بانتظارك!

الملاحظة التاسعة عشرة:
اصطحاب الأطفال الصغار وغير المميزين لصلاة التراويح وإشغال المصلين بهم، فالأطفال هؤلاء بيوتهم خيرٌ لهم.

الملاحظة العشرون:
النوم عن بعض الصلوات وجمعها من غير عذرٍ، وهذا خطرٌ عظيم جدًّا؛ قال الله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

فهل لهؤلاء طاقة بعذاب الله تعالى؟ وهل يهنئون بنومهم وهم يقرؤون ويسمعون مثل هذا؟ نعوذ بالله تعالى من ذلك.

هذه عشرون من الأخطاء على الصائمين اجتنابها والحذر منها، والتحذير منها، وانظُر في نفسك وأولادك فاتَّقوها.

أسال الله تعالى لنا التوفيق والسداد والهدى والرشادَ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

رابط الموضوع:
https://www.alukah.net/sharia/0/134190/#ixzz5pXif7h4f