برنامج الأخت المسلمة في رمضان
نبذة في فضائل الصيام
أخية... لعلك قد اطلعت في غير ما كتاب، أو سمعت في غير ما شريط عن فضائل الصيام الكثيرة.... وغنائمه الكبيرة.. ولعل العلم بتلك الفضائل هو الخطوة الأم التي تحفز النفس وتبعثها على نيل خيرات رمضان العظيمة.

ولقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كلمة جامعة فضائل الصيام... وجعلها تحفيزا وتحريضا للمؤمنين والمؤمنات على استثمار هذا الشهر في الخير... وقضائه في الفضل والإحسان.. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي, وأنا أجزي به» [رواه مسلم بطوله] فهذا الحديث فيه دلالة على أن الصائم المخلص في صيامه بإيمان وإحسان، يجزي على الصيام جزاء بغير حساب.

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله في ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني في الترغيب].

أضيف أنت حل على الأنام
وأقسم أن يحيا بالصيام
قطعت الدهر جوابا وفيا
يعود مزاره في كل عام
تخيم لا يحد حماك ركن
فكل الأرض مهد الخيام
نسخت شعائر الضيفان لما
قنعت من الضيافة بالمقام


أختي المسلمة:...
تذكري أن شهر رمضان يتميز عن باقي الشهور بأمرين:
الأول: أنه شهر فرض فيه الصيام.
الثاني: أنه شهر استحب الله فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها وأنواعها وجعل الثواب عليها مضاعفا.


 ومن هنا فإن قضاء شهر رمضان وفق هذين الأمرين يقتضي منك – أخية:
أولا: الحرص على تمام صحة الصيام بمراعاة شروطه وواجباته ومستحباته، وباجتناب مضاره وقوادحه ومفسداته.
ثانيا: الحرص على الفضائل والقربات في نهار رمضان وليله لاسيما ما ثبت في السنة الحرص عليه، وما كان عليه السلف الصالح من حال في رمضان.

وهذان المقتضيان يستلزمان اطلاع المسلمة على أحكام الصيام وآدابه وسننه.. وتعلم ذلك كله بالسؤال والمطالعة وسماع الدروس المفيدة وحضور حلقات العلم التي تخص هذا الشأن، وكل ما من شأنه أن يكون وسيلة لتعلم تلك الأحكام.

وإليك أخية... اقتراحا يمثل (برنامجا) قد ينفع المسلمة في قضاء يومها في رمضان.

برنامج الأخت المسلمة في رمضان
أولا: برنامج ليلة رمضان
وليلة رمضان تبدأ من ظهور هلال رمضان بعد غروب الشمس ذلك اليوم، ويشرع في تلك الليلة القيام والسحر وغيرها من العبادات الثابتة بالدليل.

وبرنامج الأخت المسلمة في ليالي رمضان يختلف باختلاف تلك الليالي ذاتها، فالليالي العشر في رمضان أكثر فضلا وأدعى للحرص على العبادة فيها.

وعموما فإن برنامج ليلة رمضان كالتالي:
القيام: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه مسلم].

فالحديث: دليل على فضل رمضان، وأنه من أسباب مغفرة الذنوب، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان، والمغفرة مشروطة بقوله: «إيمانا واحتسابا».

ومعنى (إيمانا): أي حال قيامه مؤمنا بالله تعالى، وبرسوله -صلى الله عليه وسلم- ومصدقا بوعد الله وبفضل القيام وعظيم أجره عند الله تعالى.

(احتسابا) أي: محتسبا الثواب عند الله تعالى لا يقصد آخر من رياء ونحوه فهذه فضائل القيام، وتلك شروطها، وإذا تأملت أختي المسلمة في قوله «إيمانا» فإنه دال على وجوب الاتباع في القيام؛ لأن الاتباع من مقتضى الإيمان بالله ربا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا.

فمتى يكون القيام وكيف يكون؟
وقت القيام وصفته: والسنة في القيام أن يكون أول الليل.

وليس من السنة تأخيره، فإذا رغبت المسلمة في الصلاة وقت السحر بعد القيام في أول الليل فذلك السنة أيضا.

قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: (يؤخر القيام يعني التراويح في آخر الليل. قال لا، سنة المسلمين أحب إلي) [مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص62].

ولكن على الأخت المسلمة إذا صلت في أول الليلة ورغبت الصلاة آخره أن لا توتر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا وتران في ليلة» [رواه الترمذي والنسائي].

ومعنى ذلك أن الوتر يكون في القيام المتأخر دون المتقدم، أو في المتقدم دون المتأخر.

وإذا حضرت –أخية- القيام في المسجد فلا ينبغي لك الانصراف قبل الإمام ولو زاد على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه أبو داود والترمذي].

وإذا انتهيت من الوتر تقولين: سبحان الملك القدوس ثلاثا (3) كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورواه أبو داود والنسائي.

ولكن ينبغي لك الحرص على آداب المشي إلى المسجد من الحشمة والوقار والستر والعفاف حتى لا يكون ذهابك فتنة تضرين بها الرجال.

وأما صفة القيام فعليك أختي المسلمة أن تحافظي فيه على تمام الركوع والسجود، وأن تكثري في سجودك من الاستغفار والدعاء، فعن عائشة –رضي الله عنها- حين سُئلت عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان، فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: «يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي». [رواه البخاري].

وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: (كانت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة ركعة -يعني الليل) [رواه البخاري ومسلم].

فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام أو قصره قاله شيخ الإسلام ابن تيمية.

ويستحب لك أختي المسلمة الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فإن وقت السحر أوقات مباركة تفيض فيها رحمات الله على خلقه في رمضان وفي غيره، وبعد القيام لا بأس أن تأخذي قسطا من الراحة يكون لك عونا على الدين والدنيا إلا أن (البرنامج) العام للنوم في رمضان لا ينبغي أن يتجاوز ثماني ساعات حتى لا يضر بالبدن ولا يلهي عن فضائل العبادات في شهر رمضان المبارك، ويكفي الأخت المسلمة أن تنام خمس ساعات بالليل بحسب الاستطاعة وساعتان في أول النهار ووسطه، كل بحسب قدرته وهمته، لاسيما إذا استعانت الأخت المسلمة بأذكار النوم التي تعطي قوة للبدن سائر اليوم ومن ذلك التسبيح ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والتكبير أربعا وثلاثين قبل النوم.

السحور:
والسحور: هو الأكلة الختام في آخر الليل، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد حرصا عليه، وكان يسميه الغذاء المبارك، وكان يرغب فيه أمته ويقول: «عليكم بغذاء السحور فإنه الغذاء المبارك» [رواه النسائي].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «تسحروا فإن في السحور بركة» [رواه البخاري].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء. فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [رواه مسلم وأحمد].

ومما يجعل بركة السحور حاضرة فيه اتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن من هديه تأخيره إلى آخر الليل، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» [رواه البخاري ومسلم].

وتشمل بركة السحور بركة الدين والدنيا، فهو قوة على الصيام والتقوي فيه إن شاء الله تعالى.

ولذا أختي المسلمة عليك بالحرص عليه وتحريه بدقة بالغة دون إفراط ولا تفريط، وإياك أن يلهيك سهر الليل في الحديث أو غيره عن القدرة على القيام إلى هذه البركة الربانية، فإن العبادات تتفاضل بالأوقات، فالسحور أفضل العبادات في وقت السحور، وهو أفضل من القيام وقراءة القرآن في وقتها.
أبو الحسن بن محمد الفقيه
منتدى البيارق