أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: وداع رمضان استصحاب روحه الإثنين 19 يونيو 2017, 4:58 am | |
|
وداع رمضان استصحاب روحه للشيــخ: السيــد مــراد سـلامــة ================= الخطبة الأولى: ======== الحمد لله الذي وفَّق عبادَه المؤمنين لتلاوة كتابه الكريم، وفتح عليهم من حقائق المعارف ولطائف العلوم ما هداهم به إلى صراطه المستقيم.
وخصهم من مواهب برِّه وإحسانه بأسنى فضله العميم، ومن على من شاء بالصدق في معاملته، والله ذو الفضل العظيم أحمده سبحانه على ما أولاه من التعليم.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله النبي الكريم، اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه ومَنْ تبعهم على الدين القويم وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: وداع رمضان: أحباب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ها نَحن نُودِّع شَهْرَ القرآن والتَّقْوى والصَّبْر والرحمة والمغفرة والعتق من النار شهر القيام والتضرع والبكاء شهر الإحسان والصلة.
أيها الآباء: إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبقَ منه إلا القليل، فمن كان منكم أحسنَ فيه فعليه بالتمام، ومن كان فرَّط فليختمه بالحسنى؛ فالعمل بالختام.
كيف لا تَجري للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يَدري هل بقي له في عمره إليه الرجوع؟!
يا شهر رمضان ترفَّق فقلوب المحسِنين من ألم الفراق تشقَّق عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق... عسى أسيرُ الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يُعتق.
يَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ وَوَدِّعِي شَهْرَ الصِّيَامِ وَجَدِّدِي الْأَحْزَانَا قَدْ كَانَ شَهْرًا طَيِّبًا وَمُبَارَكًا وَمُبَشِّرًا بِالعَفْوِ مِنْ مَوْلاَنَا
هذا سيدنا علي -رضي الله عنه- كان يُنادي في آخر ليلة من رمضان: "يا ليت شعري، مَن المقبول فنهنيه، ومَنْ المحروم فنعزيه"...
نعم والله، يا ليت شعري، مَنْ المقبولُ منا فنُهَنِّئه بحسن عمله، ومَنْ المطرود منا، فنعزيه بسوء عمله.
أيها الشهر ترفق، دموع المحبين تدفق، قــلوبهم مـــن الفراق تشقق، عسى توبة تصلح ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى مستوجب النار يعتق، عسانا لرحمة المولى نوفق.
استصحاب روح مضان: ============= ليس معنى انقضاء شهر رمضان ألا نستصحب روحه التي بثها فينا فقد كان رمضان بمثابة الروح التي سرت في قلوبنا وخضعت لها جوارحنا فقد كان رمضان بعثنا للنفوس من ركام الغفلة ومن سراب الشهوة فكم أحيا فينا من نفوس كادت أن تموت وكم نبه فينا من قلوب كادت بالغفلة يعلوها الران وكم زكا فينا من أخلاق كادت إن تعوج عن الصراط المستقيم لذا عباد الله ينبغي علينا استصحاب روح ذلك الشهر طوال الدهر...
وإليكم بيان ذلك: استصحاب روح المداومة والمثابرة: ==================== إخوة الإسلام استصحبوا روح المداومة و المثابرة على الطاعات حتى يأتيكم اليقين قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: 99] يعني الموات فليس هناك راحة حتى تخرج الروح إلى باريها جل جلاله لَمَّا سُئل بشر الحافي -رحمه الله-عن أناسٍ يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون اللهَ إلا في رمضان.
وامتثل هذه: أنتَ في دارِ شتاتٍ فتأهَّبْ لشتاتِكْ واجعَلِ الدنيا كيومٍ صُمْتَه عن شَهَواتِكْ وليكن فِطْرك عند اللهِ في يومِ وفاتِكْ
عن علقمة قال قلت لعائشة: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخص من الأيام شيئا؟ قالت: لا. كان عمله ديمة وأيكم يطيق ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطيق. رواه البخاري.
روح رمضان: روح الأخلاق الكريمة فلا سب ولا هجر ولا خصومة ولا حسد: لقد كان رمضان مدرسة تربوية وتزكية أخلاقية هذبت فيها الأخلاق وسمت فيها النفوس وتجلت الأخلاق الإسلامية في حياتنا اليومية. فليس يعقل معاشر الصائمين أن نتخلى عن تلك الأخلاق الفاضلة لان ذلك ليس من أخلاق أهل الإسلام.
عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء".
فالمسلم لا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح. "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته، كهولاً كانوا أو شباناً، فقال عيينة لابن أخيه: يا بن أخي، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن، فأذن له عمر، فلما دخل قال: هي (وهي كلمة تهديد، وفي نخة: هيه وإيه، بمعنى: زدني) يا ابن الخطاب، فو الله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل، فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم): ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله تعالى.
وعن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بما يشرف الله به البنيان ويرفع الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تحلم على مَنْ جهل عليك وتعفو عمَّنْ ظلمك، وتعطى مَنْ حرمك؟ وتصل مَنْ قطعك".
روح رمضان روح الكرم والبذل والعطاء: استصحاب روح الكرم والبذل والسخاء: فكم وكم سخت النفوس وبذلت الأموال وبسطت الأيدي وكم من جائع قد ناله الشبع وكم من مريض حنى عليه الأغنياء فوفروا له الدواء وكم من يتيم وجد برد أبوة المؤمنين.
طهرت فيه النفوس وزكت فيه الأخلاق والأموال كما قال الكبير المتعال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: 103، 104].
عن أبي كبشة الأنماريّ-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ثلاثة أقسم عليهنّ وأحدّثكم حديثا فاحفظوه"، قال: "ما نقص مال عبدٍ من صدقة، ولا ظُلم عبدٌ مظلمة فصبر عليها إلّا زاده الله -عزّ وجلّ- بها عزّا ولا فتح عبدٌ باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر. وأحدّثكم حديثاً فاحفظوه"، قال: "إنّما الدّنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقه الله -عزّ وجلّ- مالاً وعلماً فهو يتّقي فيه ربّه، ويصل فيه رحمه ويعلم لله -عزّ وجلّ- فيه حقّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٌ رزقه الله -عزّ وجلّ- علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النّيّة، يقول: لو أنّ لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو نيّته، فأجرهما سواء، وعبدٌ رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتّقي فيه ربّه -عزّ وجلّ- ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقّا، فهذا بأخبث المنازل، وعبدٌ لم يرزقه الله مالاً ولا علماً، فهو يقول: لو أنّ لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيّته فوزرهما فيه سواء") الترمذي.
قال مالك ابن دينار -رحمه الله تعالى-: "المؤمن كريم في كلّ حالة لا يحبّ أن يؤذي جاره، ولا يفتقر أحد من أقربائه، قال: ثمّ يبكي مالك وهو يقول: وهو مع ذلك غنيّ القلب لا يملك من الدّنيا شيئاً، إن أزلّته عن دينه لم يزلّ، وإن خدعته عن ماله انخدع، لا يرى الدّنيا من الآخرة عوضاً، ولا يرى البخل من الجود حظّاً، منكسر القلب ذو هموم قد تفرّد بها، مكتئب حزين ليس له في فرح الدّنيا نصيب، إن أتاه منها شيء فرّقه وإن زوي عنه كلّ شيء فيها لم يطلبه ويبكي ويقول: هذا والله الكرم، هذا والله الكرم".
روح رمضان: روح العفة عما حرم الله تعالى: لقد تجلت العفة في رمضان في جميع الأحوال والأعمال والأقوال. • عفت فيه الأسماع والأبصار عما حرم العزيز الجبار. • عفت فيه الأيدي عن الرشوة والتعدي على موال المسلمين وغيرهم. • عفت فيه الألسنة عن الوقوع في أعراض المسلمين. • عفت فيه النساء عن التبرج والسفور. فقد رأينا العفة تمشي على الأرض متمثلة في أخلاق الصائمين والصائمات. فلما لا نستصحب روح رمضان في حياتنا اليومية.
تمام العفة: • لا يكون الإنسان تامّ العفّة حتّى يكون عفيف اليد واللّسان والسّمع والبصر. • فمن عدمها في اللّسان السّخرية، والتّجسّس والغيبة والهمز والنّميمة والتّنابز بالألقاب. • ومن عدمها في البصر: مدّ العين إلى المحارم وزينة الحياة الدّنيا المولّدة للشّهوات الرّديئة، • ومن عدمها في السّمع: الإصغاء إلى المسموعات القبيحة.
وعماد عفّة الجوارح كلّها ألا يطلقها صاحبها في شيء ممّا يختصّ بكلّ واحد منها إلّا فيما يسوّغه العقل والشّرع دون الشّهوة والهوى.
قال سفيان الثّوريّ -رحمه الله تعالى- لأصحابه وقد خرجوا يوم عيد: "إنّ أوّل ما نبدأ به في يومنا عفّة أبصارنا".
عفة عن المال العام: لمّا فتح المسلمون القادسيّة أخذوا الغنائم ودفعوها إلى عمر، فقال: "إنّ قوماً أدّوا هذا لأمناء، فقالوا له: عففت فعفّوا ولو رتعت يا أمير المؤمنين لرتعت أمّتك".
استصحاب روح الصيام: إنَّ الله -تعالى- قد شرع لكم بعد رمضان أعمالاً صالحةً تكن تَتْميمًا لأعمالكم، وقُربًا لكم عند مَلِيكِكم، وعلامةً على قبول أعمالكم؛ ففي "صحيح مسلم" عن أبي أيوب -رضِي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليْه وسلَّم- قال: ((مَن صام رمضان ثم أَتْبَعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر)).
ما حكمة الصيام في هذا الشهر؟ فإن سألتم عباد الله عن الحكمة من مشروعية صيام الست من شوال فاعملوا -رحمني الله وإياكم-. 1- صيام الست كالنافلة مع الفريضة: تجبر ما ثلم، وتكمل ما نقص. 2- هو دليل على عدم السآمة من رمضان، والاستعداد لمواصلة الطاعة. 3- مواصلة الطاعة علامة على قبول ما قبلها؛ حيث الحسنة تقول: أختي، أختي، والسيئة مثل ذلك. 4- صيام رمضان سبب للمغفرة بإذن الله وصيام ست من شوال شكر على هذه النعمة.
وكان -صلَّى الله عليْه وسلَّم- يصوم الاثنين والخميس ويقول: ((تُعرَض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحبُّ أنْ يُعرَض عملي وأنا صائمٌ)).
والصيام على مدار العام عامل شرعها النبي -صلى الله عليه وسلم- تعدل صيام الدهر منها صيام ثلاثة أيام من كل شهر ففي الصحيحين عن النبي -صلَّى الله عليْه وسلَّم- قال: ((صوم ثلاثة أيام من كلِّ شهرٍ صومُ الدهر كله)).
وقال -صلَّى الله عليْه وسلَّم-: ((أيها الناس، أفشُوا السلام، وأطعِمُوا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام - تَدخُلوا الجنَّة بسلام)).
فاغتَنِموا هذه الأعمال العظيمة وداوِمُوا عليها؛ فإنَّ عمل نبيِّكم -صلَّى الله عليْه وسلَّم- كان ديمةً، واسألوا الله من فضْله فإنَّه ذو الفضل العظيم، وفَّقني الله وإياكم لما يحب ويَرضَى، وسلك بنا سبيل أولي التُّقَى، وثبَّتَنا على الحقِّ في الحياة الدنيا وفي الآخِرة: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: 180 - 182].
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: ======== الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
استصحاب روح القيام: يا مَنْ تلذذت بالقيام بين يدي رب الأنام.. يا مَنْ ناجيتم الله وتذوقتم حلاوة المناجاة.. يا مَنْ قمتم رمضان إيماناً واحتساباً..
لم ينته القيام بانتهاء رمضان بل كان رمضان دورة تدريبية على الطاعات والقربات وعلى تعود القيام بين يدي الأرض والسماوات.
لقد كان رمضان دورة جماعية على القيام بتلك الطاعة ففاز كل الفوز من أثمرت تلك الطاعة مداومة عليها بعد رمضان.
واعلموا أن القيام الذي كنا نقومه في رمضان مشروع طوال العام بل هو من صفات القانتين والمتهجدين.
اسمع عبد الله.. إلى الله، وهو يصف لنا عُبَّاد الليل: ﴿كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾، ما الذي أسهرهم؟ متابعة القنوات الفضائية ؟ لا. أسهرهم قيام الليل. ويقول تبارك وتعالى عنهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: 16].
وها هي السيدة عائشة -رضي الله عنها- تصف لنا قيامه عليه الصلاة والسلام: فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سأل عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً فقالت عائشة فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر فقال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي}.
قيام الليل مفتاح النجاح.. قيام الليل مفتاح الغنى.. قيام الليل مفتاح الجنان..
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما -كما في الحديث الصحيح- سمعت الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ)).
أين الذين أثقلت كواهلهم الديون؟ أين الذين توالت عليهم الهموم؟ أين ذووا الحاجات؟ ساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه. وهذه الساعة ليست في سنة أو شهر؛ إنما هي في كل ليلة. فلا نامت أعين الكسالى.
وقد دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة للذين يقومون الليل ويوقظون أزواجهم، ففي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ)).
قيام الليل وقاية وشفاء وقاية للتوتر وشد النفس وعلاج للاكتئاب قيام الليل وقاية لارتفاع الضغط وتضخم القلب وهبوط الدورة الدموية قيام الليل وقاية من السكتات القلبية والسكتات الدماغية قيام الليل وقاية من مرض متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي قيام الليل وقاية لالتهاب الجيوب الأنفية وإذا كان مريضا بأحد هذه الأمراض فيكون أقل عرضة للمضاعفات.
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْم»، كَذَا فِى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. أخرجه الترمذي (5/552، رقم 3549).
استصحاب روح الرحيل: فكما كنا قبل أيام قلائل نستقبل شهر رمضان فنحن اليوم نودعه الحرقة والبكاء والدعاء والتضرع والرجاء.
كذلك استقبلك أبوك وأمك بالفرح والاستبشار ولكن ما هذه الدنيا بدار قرار فلابد أن ترحل منها إلى دار القرار إما إلى جنة وإما إلى نار.
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضي يدني من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا فإنما الربح والخسران في العمل
قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 34، 35].
عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب -رضي الله عنه-، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ- فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى، حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا. رواه الترمذي وحسنه.
ولما سُئِلَ -صلى الله عليه وسلم- عن أحزم الناس؟ قال: أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة. الطبراني وحسنه المنذري.
يا نفس قد أزف الرحيل وأظلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزل ينسى الخليل فيه الخليل وليركبن عليك فيه من الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعاً فلا يبقى العزيز ولا الذليل
قيل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ قال: ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة؟
وقال الحسن: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضي يوم مضي بعضك.
وقال: ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك؛ يوضعك الليل إلى النهار والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة، فمَنْ أعظم منك يا ابن آدم خطراً؟
وقال: الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوي من ورائكم.
وقال داود الطائي: إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تـُـقدِّم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو، والأمر أعجل من ذلك، فتزوّد لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بَغَـتـَـك.
وكتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي يَخيّـل لك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقاً حثيثاً، الموت متوجِّه إليك، والدنيا تطوى من ورائك.
وكل عام أنتم بخير الدعاء....... وأقم الصلاة.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/117494/#ixzz4kPUKl2zg |
|