منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 يُوْنُس عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

يُوْنُس عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: يُوْنُس عليه السلام   يُوْنُس عليه السلام Emptyالثلاثاء 12 أكتوبر 2010, 1:24 pm


يُوْنُس عليه السلام

نُبْذَة:


أَرْسَلَه الْلَّه إِلَى قَوْم نِيْنَوَى فَدَعَاهُم إِلَى عِبَادَة الْلَّه وَحْدَه وَلَكِنَّهُم أَبَوْا وَاسْتَكْبَرُوَا فَتَرَكَهُم وَتَوَعَّدَهُم بِالْعَذَاب بَعْد ثَلَاث لَيَال فَخَشُوا عَلَى أَنْفُسِهِم فَآَمَنُوا فَرَفَع الْلَّه عَنْهُم الْعَذَاب، أَمَّا يُوْنُس فَخَرَج فِي سَفِيْنَة وَكَانُوْا عَلَى وَشَك الْغَرَق فَاقْتَرَعُوا لِكَي يُحَدِّدُوا مَن سَيُلْقَى مِن الْرِّجَال فَوَقَع ثَلَاثا عَلَى يُوْنُس فَرَمَى نَفْسَه فِي الْبَحْر فَالْتَقَمَه الْحُوْت وَأَوْحَى الْلَّه إِلَيْه أَن لَا يَأْكُلُه فَدَعَا يُوْنُس رَبَّه أَن يُخْرِجَه مِن الْظُّلُمَات فَاسْتَجَاب الْلَّه لَه وَبَعَثَه إِلَى مِائَة أَلْف أَو يَزِيْدُوْن

سِيْرَتِه:

كَان يُوْنُس بْن مَتَّى نَبِيّا كَرِيْمَا أَرْسَلَه الْلَّه إِلَى قَوْمِه فَرَاح يَعِظُهُم، وَيَنْصَحُهُم، وَيُرْشِدُهُم إِلَى الْخَيْر، وَيُذَكِّرْهُم بِيَوْم الْقِيَامَة، وَيُخَوِّفَهُم مَن الْنَّار، وَيُحَبِّبَهُم إِلَى الْجَنَّة، وَيَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوْف، وَيَدْعُوَهُم إِلَى عِبَادَة الْلَّه وَحْدَه. وَظِل ذُو الْنُّوْن -يُوْنُس عَلَيْه الْسَّلام- يُنْصَح قَوْمِه فَلَم يُؤْمِن مِنْهُم أَحَد.
وَجَاء يَوْم عَلَيْه فَأُحِس بِالْيَأْس مِن قَوْمِه.. وَامْتَلَأ قَلْبُه بِالْغَضَب عَلَيْهِم لِأَنَّهُم لَا يُؤْمِنُوْن، وَخَرَج غَاضِبَا وَقَرَّر هَجْرِهِم وَوَعَدَهُم بِحُلُوْل الْعَذَاب بِهِم بَعْد ثَلَاثَة أَيَّام. وَلَا يَذْكُر الْقُرْآَن أَيْن كَان قَوْم يُوْنُس. وَلَكِن الْمَفْهُوْم أَنَّهُم كَانُوْا فِي بُقْعَة قَرِيْبَة مِن الْبَحْر. وَقَال أَهْل الْتَّفْسِيْر: بَعَث الْلَّه يُوْنُس عَلَيْه الْسَّلام إِلَى أَهْل (نِيْنَوَى) مِن أَرْض الْمُوْصِل. فَقَادَه الْغَضَب إِلَى شَاطِىْء الْبَحْر حَيْث رَكِب سَفِيْنَة مَشْحُوْنَة. وَلَم يَكُن الْأَمْر الْإِلَهِي قَد صَدَر لَه بِأَن يَتْرُك قَوْمِه أَو يَيْأَس مِنْهُم. فَلَمَّا خَرَج مِن قَرْيَتِه، وَتَأَكَّد أُهِل الْقَرْيَة مِن نُزُوْل الْعَذَاب بِهِم قَذَف الْلَّه فِي قُلُوْبِهِم الْتَّوْبَة وَالْإِنَابَة وَنَدِمُوا عَلَى مَا كَان مِنْهُم إِلَى نَبِيِّهِم وَصَرَّخُوْا وَتَضَرَّعُوْا إِلَى الْلَّه عَز وَجَل، وَبَكَى الْرِّجَال وَالْنِّسَاء وَالْبَنُوْن وَالْبَنَات وَالْأُمَّهَات. وَكَانُوْا مِائَة أَلْف يَزِيْدُوْن وَلَا يَنْقُصُوْن. وَقَد آَمَنُوْا أَجْمَعِيْن. فَكَشَف الْلَّه الْعَظِيْم بِحَوْلِه وَقُوَّتِه وَرَأْفَتِه وَرَحْمَتِه عَنْهُم الْعَذَاب الَّذِي اسْتَحَقُّوَه بِّتَكْذِيْبِهِم.

أَمَر السَّفِيْنَة:

أَمَا السَّفِيْنَة الَّتِي رَكِبَهَا يُوْنُس، فَقَد هَاج بِهَا الْبَحْر، وَارْتَفَع مِن حَوْلِهَا الْمَوْج. وَكَان هَذَا عَلَامَة عِنْد الْقَوْم بِأَن مِن بَيْن الرِّكَاب رَاكِبَا مَغَضُوْبا عَلَيْه لِأَنَّه ارْتَكَب خَطِيْئَة. وَأَنَّه لَا بُد أَن يُلْقَى فِي الْمَاء لِتَنْجُو السَّفِيْنَة مِن الْغَرَق. فَاقْتَرَعُوا عَلَى مَن يَلْقَوْنَه مِن السَّفِيْنَة . فَخَرَج سَهْم يُوْنُس -وَكَان مَعْرُوْفَا عِنْدَهُم بِالْصَّلَاح- فَأَعَادُوْا الْقُرْعَة، فَخَرَج سَهْمَه ثَانِيَة، فَأَعَادْوَاهَا ثَالِثَة، وَلَكِن سَهْمَه خَرَج بِشَكْل أَكِيْد فَأَلْقُوه فِي الْبَحْر -أَو أَلْقَى هُو نَفْسُه. فَالْتَقَمَه الْحُوْت لِأَنَّه تَخَلَّى عَن الْمُهَمَّة الَّتِي أَرْسَلَه الْلَّه بِهَا, وَتَرْك قَوْمِه مُغَاضِبا قَبْل أَن يَأْذَن الْلَّه لَه. وَأُحْى الْلَّه لِلْحُوت أَن لَا يَخْدِش لِيُوْنُس لَحْما وَلَا يَكْسِر لَه عَظْما. وَاخْتُلِف الْمُفَسِّرُوْن فِي مُدَّة بَقَاء يُوْنُس فِي بَطْن الْحُوْت، فَمِنْهُم مَّن قَال أَن الْحُوْت الْتَقَمَه عِنْد الْضُّحَى، وَأَخْرَجَه عِنْد الْعِشَاء. وَمِنْهُم مَن قَال انَّه لَبِث فِي بَطْنِه ثَلَاثَة أَيَّام، وَمِنْهُم مَن قَال سَبْعَة.

يُوْنُس فِي بَطْن الْحُوْت:

عِنْدَمَا أَحَس بِالَضِيِق فِي بَطْن الْحُوْت، فِي الْظُّلُمَات -ظُلْمَة الْحُوْت، وَظُلْمَة الْبَحْر، وَظُلْمَة الْلَّيْل- سَبَّح الْلَّه وَاسْتَغْفِرْه وَذَكِّر أَنَّه كَان مِن الْظَّالِمِيْن. وَقَال: (لَّا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن). فَسَمِع الْلَّه دُعَاءَه وَاسْتَجَاب لَه. فَلَفَظَه الْحُوْت. (فَلَوْلَا أَنَّه كَان مَن الْمُسَبِّحِيْن لَلَبِث فِي بَطْنِه إِلَى يَوْم يُبْعَثُوْن). وَقَد خَرَج مِن بَطْن الْحُوت سَقَيْمَا عَارِيّا عَلَى الْشَّاطِىء. وَأَنْبَت الْلَّه عَلَيْه شَجَرَة الْقَرْع. قَال بَعْض الْعُلَمَاء فِي إِنْبَات الْقَرْع عَلَيْه حِكَم جَمَّة. مِنْهَا أَن وَرَقَه فِي غَايَة الْنُعُوْمَة وَكَثِيْر وَظَلَّيل وَلَا يَقْرَبَه ذُّبَاب، وَيُؤْكَل ثَمَرَه مِن أَوَّل طُلُوْعِه إِلَى آَخِرِه نَيّا وَمَطْبُوخَا، وَبِقشِّرِه وبِبِزَرِه أَيْضا. وَكَان هَذَا مِن تَدْبِيْر الْلَّه وَلُطْفِه. وَفِيْه نَفْع كَثِيْر وَتَقْوِيَة لِلْدِّمَاغ وَغَيْر ذَلِك. فَلَمَّا اسْتَكْمَل عَافَيْتَه رَدَّه الْلَّه إِلَى قَوْمِه الَّذِيْن تَرَكَهُم مُغَاضِبا.

لَقَد وَرَدْت أَحَادِيْث كَثِيَرَة عَن فَضْل يُوْنُس عَلَيْه الْسَّلام، مِنْهَا قَوْل الْنَّبِي‏ ‏صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: "‏لَا يَنْبَغِي لِعَبْد أَن يَقُوْل أَنَا خَيْر مِّن ‏‏ يُوْنُس بْن مَتَّى" وَقَوْلُه عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام: "مَن قَال أَنَا خَيْر مِّن ‏‏ يُوْنُس بْن مَتَّى ‏ ‏فَقَد كَذَّب".

ذَنْب يُوْنُس عَلَيْه الْسَّلام:

نُرِيْد الْآَن أَن نَنْظُر فِيْمَا يُسَمِّيْه الْعُلَمَاء ذَنْب يُوْنُس. هَل ارْتَكَب يُوْنُس ذَنْبَا بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِي لِلْذَّنْب؟ وَهَل يُذْنِب الْأَنْبِيَاء. الْجَوَاب أَن الْأَنْبِيَاء مَعْصُوْمُوْن.. غَيْر أَن هَذِه الْعِصْمَة لَا تَعْنِي أَنَّهُم لَا يَرْتَكِبُوْن أَشْيَاء هِي عِنْد الْلَّه أُمُوْر تَسْتَوْجِب الْعِتَاب. الْمَسْأَلَة نِسْبِيَّة إِذَن.

يَقُوْل الْعَارِفُوْن بِالْلَّه: إِن حَسَنَات الْأَبْرَار سَيْئَات الْمُقَرَّبِيْن.. وَهَذَا صَحِيْح. فَلْنَنْظُر إِلَى فِرَار يُوْنُس مِن قَرْيَتِه الْجَاحِدَة الْمُعَانَدَة. لَو صَدَر هَذَا الْتَّصَرُّف مِن أَي إِنْسَان صَالِح غَيْر يُوْنُس.. لَكَان ذَلِك مِنْه حَسَنَة يُثَاب عَلَيْهَا. فَهُو قَد فَر بِدِيْنِه مِن قَوْم مُّجْرِمِيْن.
وَلَكِن يُوْنُس نَبِي أَرْسَلَه الْلَّه إِلَيْهِم.. وَالْمَفْرُوْض أَن يَبْلُغ عَن الِلَّه وَلَا يَعْبَأ بِنِهَايَة الْتَّبْلِيْغ أَو يَنْتَظِر نَتَائِج الْدَّعْوَة.. لَيْس عَلَيْه إِلَّا الْبَلَاغ.

خُرُوْجِه مِن الْقَرْيَة إِذَن.. فِي مِيْزَان الْأَنْبِيَاء.. أَمَر يَسْتَوْجِب تَعْلِيْم الْلَّه تَعَالَى لَه وَعِقَابِه.
إِن الْلَّه يُلَقَّن يُوْنُس دَرْسَا فِي الْدَّعْوَة إِلَيْه، لِيَدْعُو الْنَّبِي إِلَى الْلَّه فَقَط. هَذِه حُدُوْد مُهِمَّتِه وَلَيْس عَلَيْه أَن يَتَجَاوَزُهَا بِبَصَرِه أَو قَلْبِه ثُم يَحْزَن لِأَن قَوْمِه لَا يُؤْمِنُوْن.

وَلَقَد خَرَج يُوْنُس بِغَيْر إِذْن فَانْظُر مَاذَا وَقَع لِقَوْمِه. لَقَد آَمَنُوْا بِه بَعْد خُرُوْجِه.. وَلَو أَنَّه مُكْث فِيْهِم لَأُدْرِك ذَلِك وَعَرَّفَه وَاطْمَأَن قَلْبُه وَذَهَب غَضَبِه.. غَيْر أَنَّه كَان مُتَسَرِّعا.. وَلَيْس تَسَرُّعُه هَذَا سِوَى فَيْض فِي رَغْبَتُه أَن يُؤْمِن الْنَّاس، وَإِنَّمَا انْدَفَع إِلَى الْخُرُوْج كَرَاهِيَة لَهُم لِعَدَم إِيْمَانِهِم.. فَعَاقِبْه الْلَّه وَعَلِمَه أَن عَلَى الْنَّبِي أَن يَدْعُو لِلَّه فَحَسْب. وَاللَّه يَهْدِي مَن يَشَاء.

يُوْنُس عَلَيْه الْسَّلام في القرآن

{ فُلُوّلا كَانَت قَرْيَة آَمَنَت فَنَفَعَهَا إِيْمَانُهَا إِلَا قَوْم يُوْنُس لَمَّا آَمَنُوْا كَشَفْنَا عَنْهُم عَذَاب الْخِزْي فِي الْحَيَاة الْدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُم إِلَي حِيْن } (سُوْرَة يُوْنُس:98)

وَقَال تَعَالَى فِي سُوْرَة الْأَنْبِيَاء:

{ وَذَا الْنُّوْن إِذ ذَهَب مُغَاضِبا فَظَن أَن لَّن نَّقْدِر عَلَيْه فَنَادَى فِي الْظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن * فَاسْتَجَبْنَا لَه وَنَجَّيْنَاه مِن الْغَم، وَكَذَلِك نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْن } (سُوْرَة الْأَنْبِيَاء:87ـ88)

وَقَال تَعَالَى فِي سُوْرَة الْصَّافَّات:

{ وَإِن يُوْنُس لَمِن الْمُرْسَلِيْن * إِذ أَبَق إِلَي الْفُلْك الْمَشْحُوْن * فَسَاهَم فَكَان مِن الْمُدْحَضِيْن * فَالْتَقَمَه الْحُوْت وَهُو مُلِيْم * فَلَوْلَا أَنَّه كَان مِن الْمُسَبِّحِيْن * لَلَبِث فِي بَطْنِه إِلَي يَوْم يُبْعَثُوْن * فَنَبَذْنَاه بِالْعَرَاء وَهُو سَقِيْم * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْه شَجَرَة مِّن يَقْطِين * وَأَرْسَلْنَاه إِلَي مِائَة أَلْف أَو يَزِيْدُوْن * فَآَمِنُوا فَمَتَّعْنَاهُم إِلَي حِيْن } (سُوْرَة الْصَّافَّات:139ـ148)

وَقَال تَعَالَى فِي سُوْرَة نُوُن:


{ فَاصْبِر لِحُكْم رَبِّك وَلَا تَكُن كَصْحَاب الْحُوْت إِذ نَادَى وَهُو مَكْظُوْم * لَوْلَا أَن تَدَارَكَه نِعْمَة مِّن رَّبِّه لَنُبِذ بِالْعَرَاء وَهُو مَذْمُوْم * فَاجْتَبَاه رَبُّه فَجَعَلَه مِن الْصَّالِحِيْن } (الْقْلُم:48ـ50)
قَال عُلَمَاء الْتَّفْسِيْر: بَعَث الْلَّه يُوْنُس ، عَلَيْه الْسَّلَام ـ إِلَي أَهْل "نَيْنَوَي" مِن أَرْض الْمُوْصِل، فَدَعَاهُم إِلَي الْلَّه عَز وَجَل، فَكَذَّبُوْه وَتَمَرَّدُوا عَلَى كُفْرِهِم وَعِنَادِهِم، فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْه مِن أَمْرِهِم خَرَج مِن بَيْن أَظْهُرِهِم، وَوَعَدَهُم حُلُوْل الْعَذَاب بِهِم بَعْد ثَلَاث.

قَال ابْن مَسْعُوْد وَمُجَاهِد وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة، وَغَيْر وَاحِد مِن الْسَّلَف وَالْخَلَف: فَلَمَّا خَرَج مِن بَيْن ظَهْرَانَيْهِم، وَتَحَقَّقُوْا مِن نُزُوْل الْعَذَاب بِهِم قَذَف الْلَّه فِي قُلُوْبِهِم الْتَّوْبَة وَالْإِنَابَة، وَنَدِمُوا عَلَى مَا كَان مِنْهُم إِلَي نَبِيُّهُم، فَّلَبِسُوْا الْمُسُوح وَفَرِّقُوْا بَيْن كُل بَهِيْمَة وَوَلَدِهَا، ثُم عُجُّوا إِلَي الْلَّه عَز وَجَل، وَصَرَّخُوْا، وَتَضَرَّعُوْا إِلَيْه، وَتَمَسْكَنُوا لَدَيْه، وَبَكَى الْرِّجَال وَالْنِّسَاء وَالْبَنُوْن وَالْبَنَات وَالْأُمَّهَات، وَجَأَرَت الْأَنْعَام وَالْدَّوَاب وَالْمَوَاشِي: فَرَغْت الْإِبِل وفَصْلانُهَا، وَخَارَت الْبَقَر وَأَوْلادُهَا، وَثَّغَب الْغَنَم وَحُمِلانُهَا، وَكَانَت سَاعَة عَظِيْمَة هَائِلَة. فَكَشَف الْلَّه الْعَظِيْم ـ بِحَوْلِه وَقُوَّتِه وَرَأْفَتِه وَرَحْمَتِه ـ عَنْهُم الْعَذَاب؛ الَّذِي كَان قَد اتَّصَل بِهِم سَبَبُه، وَدَار عَلَى رُءُوْسِهِم كَقِطَع الْلَّيْل الْمُظْلِم.
وَلِهَذَا قَال تَعَالَى:
{ فُلُوّلا كَانَت قَرْيَة آَمَنَت فَنَفَعَهَا إِيْمَانُهَا } (سُوْرَة يُوْنُس:98)
أَي: هَلْا وُجِدَت فِيْمَا سَلَف مِن الْقُرُوْن قَرْيَة آَمَنَت بِكَمَالِهَا، فَدَل عَلَى أَنَّه لَم يَقَع ذَلِك،
بَل كَمَا قَال تَعَالَى: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَة مِّن نَّبِي إِلَا قَال مُتْرَفُوْهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِه كَافِرُوْن } (سُوْرَة سَبَأ:34)

وَقَوْلُه تعالى:

{ إِلَا قَوْم يُوْنُس لَمَّا آَمَنُوْا كَشَفْنَا عَنْهُم عَذَاب الْخِزْي فِي الْحَيَاة الْدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُم إِلَي حِيْن } (سُوْرَة يُوْنُس:98)
أَي: آَمَنُوْا بِكَامَلَهُم. وَقَد اخْتَلَف الْمُفَسِّرُوْن: هَل يَنْفَعُهُم هَذَا الإِيْمَان فِي الْدَّار الْآَخِرَة، فَيُنْقِذُهُم مِن الْعَذَاب الْأُخْرَوِي كَمَا أَنْقَذَهُم مِن الْعَذَاب الْدُّنْيَوِي؟ عَلَى قَوْلَيْن:
الْأَظْهَر مِن السِّيَاق: نَعَم، وَالْلَّه أَعْلَم.
كَمَا قَال تَعَالَى: (لِمَا آَمَنُوْا) وَقَال تَعَالَى: { وَأَرْسَلْنَاه إِلَي مِائَة أَلْف أَو يَزِيْدُوْن * فَآَمِنُوا فَمَتَّعْنَاهُم إِلَي حِيْن } (سُوْرَة الْصَّافَّات:147ـ148)
وَهَذَا الْمَتَاع إِلَي حِيْن لَا يَنْفِي أَن يَكُوْن مَعَه غَيْرُه مِن رَفَع الْعَذَاب الْأُخْرَوِي، وَالْلَّه أَعْلَم. وَقَد كَانُوْا مِائَة أَلْف لَا مَحَالَة، وَاخْتَلَفُوَا فِي الْزِّيَادَة، فَعَن مَكْحُوْل عَشْرَة آَلِاف،

وَرَوَّى الْتِّرْمِذِي وَابْن جَرِيْر وَابْن أَبِي حَاتِم مِن حَدِيْث زُهَيْر عَمَّن سَمِع أَبَا الْعَالِيَة؛ حَدَّثَنِي أَبِي بْن كَعْب، أَنَّه سَأَل رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم عَن قَوْلُه:
{ وَأَرْسَلْنَاه إِلَي مِائَة أَلْف أَو يَزِيْدُوْن } (سُوْرَة الْصَّافَّات:147)
قَال: "يَزِيْدُوْن عِشْرِيْن أَلْفا". فَلَوْلَا هَذَا الْرَّجُل الْمُبْهَم لَكَان هَذَا الْحَدِيْث فَاصِلَا فِي هَذَا الْبَاب وَعَن ابْن عَبَّاس: كَانُوْا مِائَة أَلْف وَثَلَاثِيَن أَلْفَا، وَعَنْه: وَبِضْعَة وَثَلَاثِيْن أَلْفَا، وَعَنْه: وَبِضْعَة وَأَرْبَعِيْن أَلْفَا.

وَقَال سَعِيْد بْن جُبَيْر: كَانُوْا مِائَة أَلْف وَسَبْعِيْن أَلْفَا. وَاخْتَلَفُوَا: هَل كَان إِرْسَالَه إِلَيْهِم قَبْل الْحُوْت أَو بَعْدَه؟ أَو هُمَا أُمَّتَان؟ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال، هِي مَبْسُوْطَة فِي الْتَّفْسِيْر. وَالْمَقْصُوْد أَنَّه عَلَيْه الْسَّلَام لَمَّا ذَهَب مُغَاضِبا بِسَبَب قَوْمِه، رَكِب سَفِيْنَة فِي الْبَحْر فَلَجْت بِهِم، وَاضْطَرَبَت، وَمَاجَت بِهِم، وَثَقُلَت بِمَا فِيْهَا، وَكَادُوْا يَغْرَقُون عَلَى مَا ذَكَرَه الْمُفَسِّرُوْن.

وَقَالُوْا: فَتَشَاوَرُوْا فِيْمَا بَيْنَهُم عَلَى أَن يَقْتَرِعُوا، فَمَن وَقَعَت عَلَيْه الْقُرْعَة أَلْقُوْه مِن السَّفِيْنَة لِيَتَخَفَّفُوا مِنْه. فَلَمَّا اقْتَرَعُوا وَقَعَت الْقُرْعَة عَلَى نَبِي الْلَّه يُوْنُس فَلَم يَسْمَحُوا بِه، فَأَعَادُوْهَا ثَانِيَة فَوَقَعَت عَلَيْه أَيْضا، فَشَمِّر لِيُخْلَع ثِيَابَه وَيُلْقِي بِنَفْسِه، فَأَبَوْا عَلَيْه ذَلِك، ثُم أَعَادُوْا الْقُرْعَة ثَالِثَة فَوَقَعَت عَلَيْه أَيْضا، لِمَا يُرِيْدُه الْلَّه بِه مِن الْأَمْر الْعَظِيْم.

قَال الْلَّه تَعَالَى:

{ وَإِن يُوْنُس لَمِن الْمُرْسَلِيْن * إِذ أَبَق إِلَي الْفُلْك الْمَشْحُوْن * فَسَاهَم فَكَان الْمُدْحَضِيْن * فَالْتَقَمَه الْحُوْت وَهُو مُلِيْم } (سُوْرَة لْصَافَّات:139ـ143)
وَذَلِك أَنَّه لَمَّا وَقَعَت عَلَيْه الْقُرْعَة أَلْقَى فِي الْبَحْر، وَبَعَث الْلَّه عَز وَجَل حُوْتا عَظِيْمَا مِن الْبَحْر الْأَخْضَر فَالْتَقَمَه، وَأَمَرَه الْلَّه تَعَالَى أَلَا يَأْكُل لَه لَحْمَا، وَلَا يُهَشِّم لَه عَظْمَا، فَلَيْس لَك بِرِزْق، فَأَخَذَه فَطَاف بِه الْبِحَار كُلَّهَا، وَقِيْل: إِنَّه ابْتُلِع ذَلِك الْحُوْت حَوَت آَخَر أَكْبَر مِنْه.
وَأَنَّه تَعَالَى بِفَضْل مِنْه نَجَّى يُوْنُسَا وَقَد بَات فِي أَضْعَاف حَوَت لَيَالِيَا
وَقَال سَعِيْد بْن أَبِي الَحَسَن وَأَبُو مَالِك: مُكْث فِي جَوْفِه أَرْبَعِيْن يَوْمَا، وَالْلَّه أَعْلَم كَم مِقْدَار مَا لَبِث فِيْه.

وَالْمَقْصُوْد أَنَّه لَمَّا جَعَل الْحُوْت يَطَّوَّف بِه قَرَار الْبِحَار الْلُّجِّيَّة، وَيَقْتَحِم بِه لُجَّج الْمَوْج الْأَجَاجِي، فَسَمِع تَسْبِيْح الْحِيَتَان لِلْرَّحْمَن، وَحَتَّى سَمِع تَسْبِيْح الْحَصَى لِفَالِق الْحَب وَالْنَّوَى وَرَب الْسَّمَاوَات السَّبْع وَالْأَرَضِيْن الْسَّبْع وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْت الْثَّرَى. فَعِنْد ذَلِك وَهُنَالِك؛ قَال مَا قَال بِلِسَان الْحَال وَالْمَقَال، كَمَا أَخْبَر عَنْه ذُو الْعِزَّة وَالْجَلال؛ الَّذِي يَعْلَم الْسِّر وَالْنَّجْوَى، وَيَكْشِف الْضُّر وَالْبَلْوَى، سَامِع الْأَصْوَات وَإِن ضَعُفَت، وَعَالِم الْخَفِيَّات وَإِن دَقَّت، وَمُجَيَّب الْدَّعَوَات وَإِن عَظُمَت، حَيْث قَال فِي كِتَابِه الْمُبِيْن، الْمَنْزِل عَلَى رَسُوْلِه الْأَمِيْن، وَهُو أَصْدَق الْقَائِلِيْن وَرَب الْعَالَمِيْن وَإِلَه الْمُرْسَلِيْن:
{ وَذَا الْنُّوْن إِذ ذَهَب } (سُوْرَة الْأَنْبِيَاء:87)
{ مُغَاضِبَا فَظَن أَن لَّن نَّقْدِر عَلَيْه فَنَادَى فِي الْظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن * فَاسْتَجَبْنَا لَه وَنَجَّيْنَاه مِن الْغَم وَكَذَلِك نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْن } (سُوْرَة الْقَلَم:48ـ50)
(فَظَن أَن لَّن نَّقْدِر عَلَيْه) أَن نُضَيِّق عَلَيْه، وَقِيْل مَعْنَاه: نَّقْدِر عَلَى الْتَّقْدِيْر وَهِي لُغَة مَشْهُوْرَة، قُدِّر وَقَدَّر كَمَا قَال الْشَّاعِر:
فَلَا عَائِد ذَاك الْزَّمَان الَّذِي مَضَى تَبَارَكْت، وَتُقَدِّر يَكُن، فَلَك الْأَمْر
(فَنَادَى فِي الْظُّلُمَات) قَال ابْن مَسْعُوْد وَابْن عَبّاس وَعَمْرَو بِن مَيْمُوْنَة وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَالْحَسَن وَقَتَادَة الْضَّحَّاك: ظُلْمَة الْحُوْت وَظُلْمَة الْبَحْر وَظُلْمَة الْلَّيْل. وَقَال سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد: ابْتُلِع الْحُوْت حَوَت آَخَر فَصَارَت ظُلْمَة الحُوَتَين مَع ظُلْمَة الْبَحْر.

وَقَوْلُه تَعَالَى:

{ فَلَوْلَا أَنَّه كَان مِن الْمُسَبِّحِيْن * لَلَبِث فِي بَطْنِه إِلَي يَوْم يُبْعَثُوْن } (سُوْرَة الْصَّافَّات:143ـ144)
قِيَل مَعْنَاه: فَلَوْلَا أَنَّه سَبَّح الْلَّه هُنَالِك، وَقَال مَا قَال مَن الْتَّهْلِيْل وَالتَّسْبِيْح، وَالاعْتِرَاف لِلَّه بِالْخُضُوْع، وَالْتَّوْبَة إِلَيْه وَالْرُّجُوْع؛ لَلَبِث هُنَالِك إِلَي يَوْم الْقِيَامَة، وَلَبُعِث مِن جَوْف ذَلِك الْحُوْت. هَذَا مَعْنَى مَا رُوِي عَن سَعِيْد بْن جُبَيْر فِي إِحْدَى الْرِّوَايَتَيْن عَنْه.

وَقِيْل مَعْنَاه: (فَلَوْلَا أَنَّه كَان) مِن قَبْل أَخَذ الْحُوْت لَه (مَن الْمُسَبِّحِيْن) أَي: الْمُطِيْعِيْن الْمُصَلِّيْن الْذَّاكِرِيْن الْلَّه كَثِيْرا، قَالَه الْضَّحَّاك بْن قَيْس وَابْن عَبَّاس وَأَبُو الْعَالِيَة وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَالْسُّدِّي وَعَطَاء بْن الْسَّائِب وَالْحَسَن الْبَصْرِي وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد، وَاخْتَارَه ابْن جَرِيْر.

وَشَهِد لِهَذَا مَا رَوَاه الْإِمَام احْمَد وَبَعْض أَهْل الْسُّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال لَه: "يَا غُلَام إِنِّي مُعَلِّمُك كَلِمَات: احْفَظ الْلَّه يَحْفَظْك، احْفَظ الْلَّه تَجِدْه تُجَاهَك، تَعْرِف إِلَي الْلَّه فِي الْرَّخَاء يَعْرِفْك فِي الْشِّدَّة"

وَرَوَّى ابْن جَرِيْر فِي تَفْسِيْرِه، وَالْبَزَّار فِي مُسْنَدِه مِن حَدِيْث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَمَّن حَدَّثَه، عَن عَبْد الْلَّه بْن رَافِع مَوْلَى أُم سَلَمَة قَال: سُمِعَت أَبَا هُرَيْرَة يَقُوْل: قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: "لَمَا أَرَاد الْلَّه حَبْس يُوْنُس فِي بَطْن الْحُوْت أَوْحَى الْلَّه إِلَي الْحُوْت: أَن خُذْه وَلَا تَخْدِش لَه لَحْمَا وَلَا تَكْسِر لَه عَظْمَا، فَلَمَّا انْتَهَى بِه إِلَي أَسْفَل الْبَحْر سَمِع يُوْنُس حَسّا، فَقَال فِي نَفْسِه: مَا هَذَا؟ فَأَوْحَى الْلَّه إِلَيْه وَهُو فِي بَطْن الْحُوْت: إِن هَذَا تَسْبِيْح دَوَاب الْبَحْر، قَال: فَسَبِّح وَهُو فِي بَطْن الْحُوت فَسَمِعَت المَلَائِكَة تَسْبِيْحَه فَقَالُوَا: يَا رَبَّنَا إِنَّا نَسْمَع صَوْتَا ضَعِيْفا بِأَرْض غَرِيْبَة! قَال: ذَلِك عَبْدِي يُوْنُس عَصَانِي فَحَبَسْتُه فِي بَطْن الْحُوْت فِي الْبَحْر، قَالُوْا: الْعَبْد الْصَّالِح؛ الَّذِي كَان يَصْعَد إِلَيْك مِنْه فِي كُل يَوْم وَلَيْلَة عَمَل صَالِح؟ قَال: نَعَم، قَال: فَشَفَعُوا لَه عِنْد ذَلِك، فَأَمَر الْحُوت فَقَذَفَه فِي الْسَّاحِل"

كَمَا قَال الْلَّه:

{ فَنَبَذْنَاه بِالْعَرَاء وَهُو سَقِيْم } (سُوْرَة الْصِّفَات:145)
هَذَا لَفْظ ابْن جَرِيْر إِسْنَادِا وَمَتْنَا، ثُم قَال الْبَزَّار: لَا نَعْلَمُه يَرْوِي عَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَا بِهَذَا الْإِسْنَاد. كَذَا قَال.

وَقَد قَال ابْن أَبِي حَاتِم فِي تَفْسِيْرِه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الْلَّه احْمَد بْن عَبْد الْرَّحْمَن ابْن أَخِي وَهْب، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْر، أَن يَزِيْد الْرَّقَاشِي قَال: سُمِعَت أَنَس بْن مَالِك، وِلَا أَعْلَم إِلَّا أَن أَنَسَا يَرْفَع الْحَدِيْث إِلَي رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَقُوْل: "إِن يُوْنُس الْنَّبِي عَلَيْه الْسَّلَام حِيْن بَدَا لَه أَن يَدْعُو بِهَذِه الْكَلِمَات وَهُو فِي بَطْن الْحُوْت قَال: الْلَّهُم لَا إِلَه إِلَا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن. فَأَقْبَلَت هَذِه الْدَّعْوَة تَحْت الْعَرْش فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَب صَوْت ضَعِيْف مَعْرُوْف مِن بِلَاد غَرِيْبَة، فَقَال: أَمَّا تَعْرِفُوْن ذَاك؟ قَالُوْا: لَا يَا رَب، وَمَن هُو؟ قَال: عَبْدِي يُوْنُس، قَالُوْا: عَبْدُك يُوْنُس الَّذِي لَم يَزَل يُرْفَع لَه عَمَل مُتَقَبَّل وَدَعْوَة مُجَابَة؟ قَالُوْا: يَا رَبَّنَا أَو لَا تَرْحَم مَا كَان يَصْنَعُه فِي الْرَّخَاء فَتُنْجِيَه مِن الْبَلَاء؟ قَال: بَلَى: فَأَمَر الْحُوت فَطَرَحَه فِي الْعَرَاء".
وَرَوَاه ابْن جَرِيْر عَن يُوْنُس عَن وَهْب بِه

زَاد أَبِي حَاتِم: قَال أَبُو صَخْر حُمَيْد بْن زِيَاد، فَأَخْبِرْنِي ابْن قُسَيْط وَأَنَا أُحَدَّثُه هَذَا الْحَدِيث، أَن سَمِع أَبَا هُرَيْرَة يَقُوْل: طُرِح بِالْعَرَاء، وَأَنْبَت الْلَّه عَلَيْه الْيَقْطِيْنَة، قُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَة وَمَا الْيَقْطِيْنَة؟ قَال: شَجَرَة الْدُّبَّاء، قَال أَبُو هُرَيْرَة: وَهَيَّأ الْلَّه أُرْوِيَّة وَحْشِيَّة تَأْكُل مِن خَشَاش الْأَرْض، أَو قَال: هَشَاش الْأَرْض، قَال: فَتُفْسَخ عَلَيْه فَتَرْوِيْه مِن لَبَنِهَا كُل عَشِيَّة وَبُكْرَة حَتَّى نَبَت.

وَقَال أُمَيَّة بْن أَبِي الْصَّلْت فِي ذَلِك بَيْتَا مِن شَعْر:
فَأَنْبَت يَقْطِيْنا عَلَيْه بِرَحْمَة مِن الْلَّه لَوْلَا الْلَّه أَصْبَح ضَاوِيّا
وَهَذَا غَرِيْب أَيْضا مَن هَذَا الْوَجْه، وَيَزِيْد الْرَّقَاشِي ضَعِيْف، وَلَكِن يَتَقَوَّى بِحَدِيْث أَبِي هُرَيْرَة الْمُتَقَدِّم، كَمَا يَتَقَوَّى ذَاك بِهَذَا، وَالْلَّه أَعْلَم. وَقَد قَال الْلَّه تَعَالَى: (فَنَبَذْنَاه) أَي: أَلْقَيْنَاه (بِالْعَرَاء) وَهُو الْمَكَان الْقَفْر الَّذِي لَيْس فِيْه شَيْء مِن الْأَشْجَار، بَل هُو عَار مِنْهَا، (وَهُو سَقِيْم) أَي: ضَعِيْف الْبَدَن، قَال ابْن مَسْعُوْد: كَهَيْئَة الْفَرْخ لَيْس عَلَيْه رِيَش، وَقَال ابْن عَبَّاس وَالْسُّدِّي وَابْن زَيْد: كَهَيْئَة الْصَّبِي حِيْن يُوْلَد وَهُو الْمَنْفُوْس عَلَيْه شَيْء. (وَأَنْبَتْنَا عَلَيْه شَجَرَة مِّن يَقْطِين) قَال ابْن مَسْعُوْد وَابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَمُجَاهِد وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَهِلَال بْن يَسَاف وَعَبْد الْلَّه بْن طَاوُوْس وَالْسُّدِّي وَقَتَادَة وَالْضَّحَّاك وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي وَغَيْر وَاحِد: هُو الْقَرْع. قَال بَعْض الْعُلَمَاء: فِي إِنْبَات الْقَرْع عَلَيْه حُكْم جَمَّة، مِنْهَا أَن وَرَقَة فِي غَايَة الْنُعُوْمَة، وَكَثِيْر وَظَلَّيل، وَلَا يَقْرَبَه ذُّبَاب، وَيُؤْكَل ثَمَرَه مِن أَوَّل طُلُوْعِه إِلَي آَخِرِه، نَيّا وَمَطْبُوخَا، وَبِقشِّرِه وبِبِذرَه أَيْضا، وَفِيْه نَفْع كَثِيْر وَتَقْوِيَة لِلْدِّمَاغ وَغَيْر ذَلِك.

وَتُقَدِّم كَلَام أَبِي هُرَيْرَة فِي تَسْخِيْر الَلّه تَعَالَى لَه تِلْك الْأُرْوِيَّة الَّتِي كَانَت تُرْضِعُه لَبَنُهَا وَتَرْعَى فِي الْبَرِّيَّة، وَتَأْتِيْه بُكْرَة وَعَشِيَّة، وَهَذَا مِن رَحْمَة الْلَّه بِه وَنِعْمَتِه عَلَيْه وَإِحْسَانَه إِلَيْه، وَلِهَذَا قَال تَعَالَى: (فَاسْتَجَبْنَا لَه وَنَجَّيْنَاه مِن الْغَم) أَي: الْكَرْب وَالْضِّيْق الَّذِي كَان فِيْه: (وَكَذَلِك نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْن) أَي: وَهَذَا صَنِيعُنا بِكُل مَن دَعَانَا وَاسْتَجَار بِنَا.

قَال ابْن جَرِيْر: حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار الْكَلَاعِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن صَالِح، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْن عَبْد الْرَّحْمَن، حَدَّثَنِي بِشْر بْن مَنْصُوْر، عَن عَلِي بْن زَيْد، عَن سَعِيْد ابْن الْمُسَيَّب قَال: سُمِعَت سَعْد بْن مَالِك ـ وَهُو ابْن أَبِي وَقَّاص ـ يَقُوْل: سُمِعَت رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَقُوْل: "اسْم اللَّه الَّذِي إِذَا دُعِي بِه أَجَاب، وَإِذَا سُئِل بِه أَعْطَى، دَعْوَة يُوْنُس بْن مَتَّى"، قَال: فَقُلْت يَا رَسُوْل الْلَّه هِي لِيُوْنُس خَاصَّة أَم لِجَمَاعَة الْمُسْلِمِيْن؟ قَال: "هِي لِيُوْنُس خَاصَّة وَلِلْمُؤْمِنِيْن عَامَّة إِذَا دُعُوٓا بِهَا، أَلَم تَسْمَع قَوْل الْلَّه تَعَالَى: (فَنَادَى فِي الْظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن * فَاسْتَجَبْنَا لَه وَنَجَّيْنَاه مِن الْغَم وَكَذَلِك نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْن) فَهُو شَرْط مَن الْلَّه لِمَن دَعَاه بِه"

وَقَال ابْن أَبِي حَاتِم: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْد الْأَشَج، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن كَثِيْر ابْن زَيْد، عَن الْمُطَّلِب بْن حَنْطَب قَال: قَال أَبُو خَالِد: أَحْسَبُه عَن مُصْعَب ـ يَعْنِي ابْن سَعْد ـ عَن سَعْد قَال: قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: "مَن دَعَا بِدُعَاء يُوْنُس اسْتُجِيْب لَه"

قَال أَبُو سَعِيْد الْأَشَج: يُرِيْد بِه: (وَكَذَلِك نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْن). وَهَذَان طَرِيْقَان عَن سَعْد.
وَثَالِث أَحْسَن مِنْهُمَا، قَال الْإِمَام احْمَد: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْل بْن عُمَيْر، حَدَّثَنَا يُوْنُس ابْن أُبَي إِسْحَاق الْهَمْدَانِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، حَدَّثَنِي وَالِدِي مُحَمَّد، عَن أَبِيْه سَعْد ـ وَهُو ابْن أَبِي وَقَّاص رَضِي الْلَّه عَنْه ـ قَال: مَرَرْت بِعُثْمَان بْن عَفَّان فِي الْمَسْجِد فَسَلَّمْت عَلَيْه، فَمَلَأ عَيْنَيْه مِنِّي ثُم لَم يَرْدُد عَلَي الْسَّلَام، فَأَتَيْت عُمَر بْن الْخَطَّاب، فَقُلْت: يَا أَمِيْر الْمُؤْمِنِيْن؛ هَل حَدَث فِي الْإِسْلَام شَيْء؟ قَال: لَا، وَمَا ذَاك؟ قُلْت: لَا، إِلَا أَنِّي مَرَرْت بِعُثْمَان آَنِفَا فِي الْمَسْجِد فَسَلَّمْت عَلَيْه فَمَلَأ عَيْنَيْه مِنِّي ثُم لَم يَرُد عَلَي الْسَّلام، قَال: فَأَرْسَل عُمَر إِلَي عُثْمَان فَدَعَاه فَقَال: مَا مَنَعَك أَن لَا تَكُوْن رُّدِدْت عَلَى أَخِيْك الْسَّلام؟ قَال: مَا فَعَلَت، قَال سَعْد: قُلْت: بَلَى، حَتَّى حَلَف وَحَلَفْت.

قَال: ثُم إِن عُثْمَان ذَكَر فَقَال: بَلَى، وَاسْتَغْفِر الْلَّه وَأَتُوْب إِلَيْه، إِنَّك مَرَرْت بِي آَنِفا، وَأَنَا أُحَدِّث نَفْسِي بِكَلِمَة سَمِعْتُهَا مِن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: لَا وَالْلَّه مَا ذَكَرْتُهَا قَط إِلَا تُغَشِّي بَصَرِي وَقَلْبِي غِشَاوَة.

قَال سَعْد: فَأَنَا أُنْبِئُك بِهَا، إِن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ذُكِر لَنَا أَوَّل دَعْوَة، ثُم جَاء أَعْرَابِي فَشَغَلَه حَتَّى قَام رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَاتَّبَعْتُه، فَلَمَّا أَشْفَقْت أَن يَسْبِقَنِي إِلَي مَنْزِلِه ضَرَبْت بِقَدَمِي الْأَرْض، فَالْتَفَت إِلَي رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَقَال: "مِن هَذَا؟ أَبُو إِسْحَاق" قَال: قُلْت: نَعَم يَا رَسُوْل الْلَّه، قَال: "فَمِه؟" قُلْت: لَا وَالْلَّه، إِلَّا أَنَّك ذَكَرْت لَنَا أَوَّل دَعْوَة، ثُم جَاء هَذَا الْأَعْرَابِي فَشَغَلَك، قَال: "نَعَم، دَعْوَة ذِي الْنُّوْن إِذ هُو فِي بَطْن الْحُوْت (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَك إِنِّي كُنْت مِن الْظَّالِمِيْن). فَإِنَّه لَم يَدْع بِهَا مُسْلِم رَبَّه فِي شَيْء قَط إِلَّا اسْتَجَاب لَه".
وَرَوَاه الْتِّرْمِذِي وَالْنَّسَائِي مِن حَدِيْث إِبْرَاهِيْم بْن مُحَمَّد بْن سَعْد.



يُوْنُس عليه السلام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
يُوْنُس عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: قـصــص الأنـبـيـــــاء-
انتقل الى: