منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام  Empty
مُساهمةموضوع: قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام    قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام  Emptyالإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:09 am


قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام

كَان لُوْط قَد نَزَح عَن مَحَلَّة عَمِّه الْخَلِيْل عَلَيْهِمَا الْسَّلام بِأَمْرِه لَه وَإِذْنِه، فَنَزَل بِمَدِيْنَة سَدُوْم مِن أَرْض غَوْر زُغَر، وَكَان أَم تِلْك الْمَحَلَّة، وَلَهَا أَرْض وَمُعْتَمْلَات وَقَرِّى مُضَافَة إِلَيْهَا، وَلَهَا أَهْل مِن أَفْجَر الْنَّاس، وَأَكْفَرُهُم وَأَسْوَئِهِم طَوِيَّة، وَأَرِدْئِهُم سَرِيْرَة وَسِيْرَة، يَقْطَعُوْن الْسَّبِيل، وَيَأْتُون فِي نَادِيْهِم الْمُنْكَر، وَلَا يَتَنَاهَوْن عَن مُنْكَر فَعَلُوْه لَبِئْس مَا كَانُوْا يَفْعَلُوْن.

ابْتَدَعُوْا فَاحِشَة لَم يَسْبِقْهُم إِلَيْهَا أَحَد مِن بَنِي آَدَم، وَهِي إِتْيَان الْذُّكْرَان مِن الْعَالَمِيْن، وَتَرَك مَا خَلَق الْلَّه مِن الْنِّسَاء لِعِبَادِه الْصَّالِحِيْن.

فَدَعَاهُم لُوْط إِلَي عِبَادَة الْلَّه تَعَالَى وَحْدَة لَا شَرِيْك لَه، وَنَهَاهُم عَن تَعَاطِي هَذِه الْمُحَرَّمَات، وَالْفَوَاحِش وَالْمُنْكَرَات، وَالأَفَاعِيل المُسْتَقَبِحَات، فَتَمَادَوْا عَلَى ضَلَالِهِم وَطُغْيَانُهُم، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى فُجُوْرِهِم وَكُفْرَانِهُم، فَأَحَل الْلَّه بِهِم مِن الْبَأْس الَّذِي لَا يُرَد مَا لَم يَكُن فِي خَلَدِهِم وحُسْبَانِهُم وَجَعَلَهُم مُثْلَة فِي الْعَالَمِيْن، وَعِبْرَة يَتَّعِظ بِهَا الْأَلِبَّاء مَن الْعَالَمِيْن.

أَن لُوْطا عَلَيْه الْسَّلَام لَمَّا دَعَاهُم إِلَي عُبَادَة الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه، وَنَهَاهُم عَن تَعَاطِي مَا ذَكَر الْلَّه عَنْهُم مِن الْفَوَاحِش، لَم يَسْتَجِيْبُوْا لَه وَلَم يُؤْمِنُوَا بِه حَتَّى وَلَا رَجُل وَاحِد مِنْهُم، وَلَم يَتْرُكُوْا مَا عَنْه نُهُوْا، بَل اسْتَمِرُّوْا عَلَى حَالِهِم، وَلَم يَرْعَوُوا عَن غَيِّهِم وَضَلَالِهِم، وَهَمُّوا بِإِخْرَاج رَسُوْلُهُم مِن بَيْن ظَهْرَانَيْهِم.

وَمَا كَان حَاصِل جَوَابُهُم عَن خِطَابِهِم ـ إِذ كَانُوْا لَا يَعْقِلُوْن إِلَا أَن قَالُوْا: { أَخْرِجُوَا آَل لُوْط مِّن قَرْيَتِكُم إِنَّهُم أُنَاس يَتَطَهَّرُوْن } (سُوْرَة الْنَّمْل:56)
فَجَعَلُوْا غَايَة الْمَدْح ذَمّا يَقْتَضِي الْإِخْرَاج! وَمَا حَمَلَهُم عَلَى مَقَالَتِهِم هَذِه إِلَا الْعِنَاد وَاللَّجَاج.

فَطَهَّرَه الْلَّه وَأَهْلَه إِلَا امْرَأَتَه، وَأَخْرَجَهُم مِنْهَا أَحْسَن إِخْرَاج، وَتَرَكَهُم فِي مَحَلَّتِهِم خَالِدِيْن لَكِن بَعْد مَا صَيَّرَهَا عَلَيْهِم بُحَيْرَة مُنْتِنَة ذَات أَمْوَاج، لَكِنَّهَا عَلَيْهِم فِي الْحَقِيقَة نَار تَتَأَجَّج، وَحُر يَتَوَهَّج، وَمَاؤُهَا مِلْح أُجَاج.

وَمَا كَان هَذَا جَوَابهِم إِلَّا لَمَّا نَهَاهُم عَن ارْتِكَاب الْفَاحِشَة الْعُظْمَى وَالْفَاحِشَة الْكُبْرَى، الَّتِي لَم يَسْبِقْهُم إِلَيْهَا أَحَد مِن أَهْل الْدُّنْيَا، وَلِهَذَا صَارُوْا مُثْلَة فِيْهَا، وَعِبْرَة لِمَن عَلَيْهَا.

وَكَانُوْا مَع ذَلِك يَقْطَعُوْن الْطَّرِيْق، وَيَخُوْنُوْن الْرَّفِيْق، وَيَأْتُون فِي نَادِيْهِم، وَهُو مُجْتَمَعُهُم وَمَحَل حَدِيِثِهِم وَسَمَرِهِم، الْمُنْكَر مِن الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال عَلَى اخْتِلَاف أَصْنَافِه.

حَتَّى قِيَل: إِنَّهُم كَانُوْا يَتَضَارَطُون فِي مَجَالِسِهِم، وَلَا يَسْتَحْوُن مِن مَجَالِسِيْهُم، وَرُبَّمَا وَقَع مِنْهُم الْفَعَلَة الْعَظِيْمَة فِي الْمَحَافِل وَلَا يَسْتَنْكِفُون، وَلَا يَرْعَوُون لْوَعْظ وَاعِظ وَلَا نَمِيْمَة مِن نَاقْل، وَكَانُوْا فِي ذَلِك وَغَيْرِه كَالْأَنْعَام بَل أَضَل سَبِيْلَا، وَلَم يُقْلِعُوْا عَمَّا كَانُوْا عَلَيْه فِي الْحَاضِر، وَلَا نَدِّمُوَا عَلَى مَا سَلَف مِن الْمَاضِي وَلَا رَامُوْا فِي الْمُسْتَقْبَل تَّحْوِيْلا فَأَخَذَهُم الْلَّه أَخْذَا وَبِيْلا.

وَقَالُوْا لَه فِيْمَا قَالُوْا: { ائْتِنَا بِعَذَاب الْلَّه إِن كُنْت مِن الْصَّادِقِيْن } (سُوْرَة الْعَنْكَبُوْت:29)
فَطَلَبُوا مِنْه وُقُوْع مَا حَذّرَهُم عَنْه مِن الْعَذَاب الْأَلِيم، وَحُلُوْل الْبَأْس الْعَظِيْم، فَعِنْد ذَلِك دَعَا عَلَيْهِم نَبِيِّهِم الْكَرِيْم، فَسَأَل مَن رَّب الْعَالَمِيْن وَإِلَه الْمُرْسَلِيْن أَن يَنْصُرَه عَلَى الْقَوْم الْمُفْسِدِيْن..

فَغَار الْلَّه لِغَيْرَتِه، وَغَضِب لِغَضْبَتِه، وَاسْتَجَاب لِدَعْوَتِه، وَأَجَابَه إِلَي طَلَبْتُه، وَبَعَث رُسُلُه الْكِرَام، وَمَلَائِكَتَه الْعِظَام، فَمَرُّوا عَلَى الْخَلِيْل إِبْرَاهِيْم وَبَشَّرُوه بِالْغُلَام الْعَلِيْم وَأَخْبَرُوْه بِمَا جَاءُوَا لَه مِن الْأَمْر الْجَسِيْم وَالْخَطْب الْعَمِيم:

{ قَال فَمَا خَطْبُكُم أَيُّهَا الْمُرْسَلُوْن * قَالُوْا إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَي قَوْم مُّجْرِمِيْن * لِنُرْسِل عَلَيْهِم حِجَارَة مِّن طِيْن * مُسَوَّمَة عِنْد رَبِّك لِلْمُسْرِفِيْن } (سُوْرَة الْذَّارِيَات :31ـ34) وَقَال: { وَلَمَّا جَاءَت رُسُلُنَا إِبْرَاهِيْم بِالْبُشْرَى قَالُوْا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْل الْقَرْيَة، إِن أَهْلَهَا كَانُوْا ظَالِمِيْن * قَال إِن فِيْهَا لُوْطا قَالُوْا نَحْن أَعْلَم بِمَن فِيْهَا، لَنُنَجِّيَنَّه وَأَهْلَه إِلَا امْرَأَتَه كَانَت مِن الْغَابِرِيْن } (سُوْرَة الْعَنْكَبُوْت:31ـ32)

وَقَال الْلَّه تَعَالَى:

{ فَلَمَّا ذَهَب عَن إِبْرَاهِيْم الْرَّوْع وَجَاءَتْه الْبُرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْم لُوْط } (سُوْرَة هُوْد:74)
وَذَلِك أَنَّه كَان يَرْجُوْا أَن يُجِيْبُوا أَو يُنِيْبُوْا وَيُسَلِّمُوْا وَيَقْلَعُوا وَيَرْجِعُوَا،

وَلِهَذَا قَال تَعَالَى:

{ أَن إِبْرَاهِيْم لَحَلِيْم أَوَّاه مُّنِيْب * يَا إِبْرَاهِيْم أَعْرِض عَن هَذَا إِنَّه قَد جَاء أَمْر رَبِّك وَإِنَّهُم آَتِيْهِم عَذَاب غَيْر مَرْدُوْد } (سُوْرَة هُوْد:75ـ76)
أَي: أَعْرَض عَن هَذَا وَتَكَلَّم فِي غَيْرِه، فَإِنَّه قَد حُتِم أَمْرِهِم، وَوَجَب عَذَابِهِم وَتَدْمِيْرِهُم وَهَلَاكِهِم.
(إِنَّه قَد جَاء أَمْر رَبِّك) أَي: قَد أَمَر بِه مَن لَا يَرُد أَمْرِه، وَلَا يُرَد بَأْسُه، وَلَا مُعَقِّب لِحُكْمِه، (وَإِنَّهُم آَتِيْهِم عَذَاب غَيْر مَرْدُوْد).

وَذَكَر سَعِيْد بْن جُبَيْر وَالْسُّدِّي وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق: أَن إِبْرَاهِيْم عَلَيْه الْسَّلام جَعَل يَقُوْل: أَتَهْلِكُون قَرْيَة فِيْهَا ثَلَاثُمِائَة مُؤْمِن؟ قَالُوْا: لَا، قَال: فَمِائَتَا مُؤْمِن؟ قَالُوْا: لَا، وَقَال: فَأَرْبَعُوْن مُؤْمِنَا؟ قَالُوْا: لَا، قَال: فَأَرْبَعَة عَشَر مُؤْمِنَا؟ قَالُوْا: لَا، قَال ابْن إِسْحَاق: إِلَي أَن قَال: أَفَرَأَيْتُم إِن كَان فِيْهَا مُؤْمِن وَاحِد؟ قَالُوْا: لَا
{ قَال إِن فِيْهَا فوَطا، قَالُوْا نَحْن أَعْلَم بِمَن فِيْهَا } (سُوْرَة الْعَنْكَبُوْت:32)

وَعِنْد أَهْل الْكِتَاب أَنَّه قَال: يَا رَب أَتُهْلِكَهُم وَفِيْهِم خَمْسُوْن رَجُلا صَالِحَا؟ فَقَال الْلَّه: لَا أُهْلِكَهُم وَفِيْهِم خَمْسُوْن صَالِحَا، ثُم تَنَازَل إِلَي عَشْرَة، فَقَال الْلَّه: لَا أُهْلِكَهُم وَفِيْهِم عَشْرَة صَالِحُوْن.

قَال الْلَّه تَعَالَى:
{ وَلَمَّا جَاءَت رُسُلُنَا لُوْطا سَيِّئ بِهِم وَضَاق بِهِم ذَرْعَا وَقَال هَذَا يَوْم عَصِيْب } (سُوْرَة هُوْد:77)
وَقَال الْمُفَسِّرُوْن: لِمَا فُصِّلَت الْمَلَائِكَة مِن عِنْد إِبْرَاهِيْم ـ وَهُم جِبْرِيْل وَمَكَائِيل وَإِسْرَافِيْل ـ أَقْبَلُوَا حَتَّى أَتَوْا أَرْض سَدُوْم، فِي صُوَر شُبّان حِسَان، اخْتِبَارَا مِن الْلَّه تَعَالَى لِقَوْم لُوْط وَإِقَامَة لِلْحُجَّة عَلَيْهِم، فَاسْتَضَافُوا لُوْطا ـ عَلَيْه الْسَّلَام ـ وَذَلِك عِنْد غُرُوْب الْشَّمْس، فَخَشِي إِن لَم يُضِفْهُم أَن يُضَيِّفَهُم غَيْرِه، وَحَسْبُهُم بُشْرَا مَن الْنَّاس، و (سَيِّئ بِهِم ذِرْعَا وَقَال هَذَا يَوْم عَصِيْب)

قَال ابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق: شَدِيْد بَلَاؤُه، وَذَلِك لِمَا يَعْلَم مِن مُدَافَعَتِه الْلَّيْلَة عَنْهُم، كَمَا كَان يَصْنَع بِهِم فِي غَيْرِهِم، وَكَانُوْا قَد اشْتَرَطُوا عَلَيْه أَلَا يُضَيِّف أَحَدا، وَلَكِن رَأَي مَن لَا يُمْكِن الْمُحّيَّد عَنْه.

وَذَكَر قَتَادَة: أَنَّهُم وَرَدُّوْا عَلَيْه وَهُو فِي أَرْض لَه يَعْمَل فِيْهَا، فَتُضَيَّفُوا فَاسْتَحْيَا مِنْهُم وَانْطَلَق أَمَامَهُم، وَجَعَل يُعَرِّض لَهُم فِي الْكَلَام لَعَلَّهُم يَنْصَرِفُون عَن هَذِه الْقَرْيَة وَيَنْزِلُوْن فِي غَيْرِهَا، فَقَال لَهُم فِيْمَا قَال: وَاللَّه يَا هَؤُلَاء مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض أَهْل بَلَد أَخْبَت مِن هَؤُلَاء، ثُم مَشَى قَلِيْلَا، ثُم أَعَاد ذَلِك عَلَيْهِم حَتَّى كَرَّرَه أَرْبَع مَرَّات، قَال: وَكَانُوْا قَد أُمِرُوَا أَلَا يُهْلِكُوْهُم حَتَّى يَشْهَد عَلَيْهِم نَبِيُّهُم بِذَلِك.

وَقَال الْسُّدِّي: خَرَجَت الْمَلَائِكَة مِن عِنْد إِبْرَاهِيْم نَحْو قَرْيَة لُوْط. فَأْتُوْهَا نِصْف الْنَّهَار، فَلَمَّا بَلَغُوْا نَهْر سَدُوْم لَقُوْا ابْنَة لُوْط تَسْتَقِي مِن الْمَاء لِأَهْلِهَا، وَكَانَت لَه ابْنَتَان: اسْم الْكُبْرَى "أّرَّيْثَا" وَالصُّغْرَى "زْغَرْتَا". فَقَالُوَا لَهَا: يَا جَارِيَة، هَل مِن مَنْزِل؟ فَقَال لَهُم: نَعَم مَكَانَكُم لَا تَدْخُلُوَا حَتَّى آَتِيَكُم، فَرَّقْت عَلَيْهِم مِن قَوْمَهَا، فَأَتَت أَبَاهَا فَقَالَت: يَا أَبَتَاه! أَرَادَك فَتَيَان عَلَى بَاب الْمَدِيْنَة، مَا رَأَيْت وُجُوْه قَوْم قَط هِي أَحْسَن مِنْهُم، لَا يَأْخُذُهُم قَوْمَك فَيَفْضَحُوَهُم. وَقَد كَان قَوْمُه نَهَوْه أَن يُضَيِّف رَجُلَا فَقَالُوَا: خِل عَنَّا فَلْنُضَيِّف الْرِّجَال فَجَاء بِهِم فَلَم يَعْلَم أَحَد إِلَّا أَهْل الْبَيْت، فَخَرَجَت امْرَأَتَه فَأَخْبَرَت قَوْمَهَا؛ فَقَال: إِن فِي بَيْت لُوْط رِجَالْا مَا رَأَيْت مِثْل وُجُوْهِهِم قَط، فَجَاءَه قَوْمَه يُهْرَعُوْن إِلَيْه.

وَقَوْلُه: (وَمَن كَانُوْا يَعْمَلُوْن الْسَّيِّئَات) أَي: هَذَا مَا سَلَف لَهُم مِن الْذُّنُوب الْعَظِيْمَة الْكَبِيْرَة الْكَثِيْرَة { قَال يَا قَوْم هَؤُلَاء بَنَاتِي هُن أَطْهَر لَكُم } (سُوْرَة هُوْد:78) يُرْشِدُهُم إِلَي غِشْيَان نِسَائِهِم وَهْن بَنَاتِه شُرَّعَا؛ لِأَن الْنَّبِي لِلْأُمَّة مَنْزِلِه الْوَالِد، كَمَا وَرَد فِي الْحَدِيْث،

كَمَا قَال تَعَالَى:

{ الْنَّبِي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِيْن مِن أَنْفُسِهِم وَأَزْوَاجُه أُمَّهَاتُهُم } (سُوْرَة الْأَحْزَاب:6)
وَفِي قَوْل بَعْض الْصَّحَابَة وَالْسَّلَف: وَهُو أَب لَهُم. وَهَذَا كَقَوْلِه:
{ أَتَأْتُون الْذُّكْرَان مِن الْعَالَمِيْن * وَتَذَرُوَن مَا خَلَق لَكُم رَبُّكُم مِن أَزْوَاجِكُم، بَل أَنْتُم قَوْم عَادُوْن } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء:165ـ166)

وَهَذَا هُو الَّذِي نَص عَلَيْه مُجَاهِد وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَالرَّبِيْع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالْسُّدِّي وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق، وَهُو الْصَّوَاب. وَالْقَوْل الْآَخَر خَطَأ مَأْخُوْذ مِن أَهْل الْكِتَاب، وَقَد تَصَّحُف عَلَيْهِم كَمَا أَخْطَأُوْا فِي قَوْلِهِم: إِن المَلَائِكَة كَانُوْا اثْنَيْن، وَإِنَّهُم تَعَشَّوْا عِنْدَه، وَقَد خَبْط أَهْل الْكِتَاب فِي هَذِه الْقِصَّة تَّخَبِيْطا عَظِيْمَا . { فَاتَّقُوا الْلَّه وَلَا تُخْزُوْن فِي ضَيْفِي أَلَيْس مِنْكُم رَجُل رَّشِيد } (سُوْرَة هُوْد:78)

نَهَى لَهُم عَن تَعَاطِي مَا لَا يَلِيْق مِن الْفَاحِشَة، وَشَهَادَة عَلَيْهِم بِأَنَّه لَيْس فِيْهِم رَجُل لَه مَسْكَة وَلَا فِيْهِم خَيْر، بَل الْجَمِيْع سُفَهَاء، فَجَرَة أَقْوِيَاء، كَفَرَة أَغْبِيَاء. وَكَان هَذَا مِن جُمْلَة مَا أَرَاد الْمَلَائِكَة أَن يَسْمَعُوْه مِنْه قَبْل أَن يَسْأَلُوْه عَنْه.

فَقَال قَوِّمْه عَلَيْهِم لَعْنَة الْلَّه الْحَمِيْد الْمَجِيْد، مُجِيْبِيْن لِنَبِّيِهِم فِيْمَا أَمَرَهُم بِه مِن الْأَمْر الْسَّدِيْد:
{ لَقَد عَلِمْت مَا لَنَا فِي بَنَاتِك مِن حَق وَإِنَّك لَتَعْلَم مَا نُرِيْد } (سُوْرَة هُوْد:79)
يَقُوْلُوْن ـ عَلَيْهِم لَعَائِن الْلَّه ـ: عُلِّمْت يَا لُوْط أَنَّه لَا أَرَب لَنَا فِي نِسَائِنَا، وَإِنَّك لَتَعْلَم مُرَادُنَا وَغَرَضُنَا. وَاجَهُوْا بِهَذَا الْكَلَام الْقَبِيْح رَسُوْلُهُم الْكَرِيْم، وَلَم يَخَافُوْا سَطْوَة الْعَظِيْم، ذِي الْعَذَاب الْأَلِيم. وَلِهَذَا قَال عَلَيْه الْسَّلَام

{ لَو أَن لِي بِكُم قُوَّة أَو آَوَى إِلَي رُكْن شَدِيْد } (سُوْرَة هُوْد:80) وَد أَن لَو كَان لَه بِهِم قُوَّة، أَو لَه مَنَعَة وَعَشِيْرَة يَنْصُرُوْنَه عَلَيْهِم، لِيَحُل بِهِم مَا يَسْتَحِقُّوْنَه مِن الْعَذَاب عَلَى هَذَا الْخِطَاب.
وَقَد قَال الْزُّهْرِي، عَن سَعِيْد بْن الْمُسَيَّب وَأَبِي سَلَمَة، عَن أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوْعَا: "نَحْن أَحَق بِالْشَّك مِن إِبْرَاهِيْم، وَيَرْحَم الْلَّه لُوْطا؛ لَقَد كَان يَأْوِي إِلَي رُكْن شَدِيْد، وَلَو لَبِثْت فِي الْسِّجْن مَا لَبِث يُوْسُف لَأَجَبْت الْدَّاعِي".

وَرَوَاه أَبُو الْزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أَبِي هُرَيْرَة. وَقَال مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة، عَن أَبِي سَلَمَة، عَن أَبِي هُرَيْرَة أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: "رَحْمَة الْلَّه عَلَى لُوْط، لَقَد كَان يَأْوِي إِلَي رُكْن شَدِيْد ـ يَعْنِي: الْلَّه عَز وَجَل ـ فَمَا بَعَث الْلَّه بَعْدَه مِن نَبِي إِلَّا فِي ثَرْوَة مِن قَوْمِه"

وَقَال تَعَالَى:
{ وَجَاء أَهْل الْمَدِيْنَة يَسْتَبْشِرُوْن * قَال إِن هَؤُلَاء ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُوْن * وَاتَّقُوا الْلَّه وَلَا تُخْزُوْن * قَالُوْا أَو لَم نَنْهَك عَن الْعَالَمِيْن * قَال هَؤُلَاء بَنَاتِي إِن كُنْتُم فَاعِلِيْن } (سُوْرَة الْحِجْر:67ـ71) فَأَمَرَهُم بِقُرْبَان نِسَائِهِم، وَحَذَّرَهُم الاسْتِمْرَار عَلَى طَرِيْقَتِهِم وَسَيِّئَاتِهِم.

هَذَا وَهُم فِي ذَلِك لَا يَنْتَهُوْن لَا يَرْعَوُون، بَل كُلَّمَا نَهَاهُم يُبَالِغُوْن فِي تَحْصِيْل هَؤُلَاء الْضِّيْفَان وَيَحْرِصُوْن، وَلَم يَعْلَمُوَا مَا حَم بِه الْقَدَر مِمَّا هُم إِلَيْه صَائِرُوْن، وَصَبِيْحَة لَيْلَتَهُم إِلَيْه مُنْقَلِبُوْن. وَلِهَذَا قَال تَعَالَى مُقَسَّمَا بِحَيَاة نَبِيِّه مُحَمَّد صَلَوَات الْلَّه وَسَلَامُه عَلَيْه: { لَعَمْرُك إِنَّهُم لَفِي سَكْرَتِهِم يَعْمَهُوْن } (سُوْرَة الْحِجْر:72)

وَقَال تَعَالَى:
{ وَلَقَد أَنْذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُر * وَلَقَد رَاوَدُوْه عَن ضَيْفِه فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُم فَذُوْقُوْا عَذَابِي وَنُذُر * وَلَقَد صَبَّحَهُم بُكْرَة عَذَاب مُّسْتَقِر } (سُوْرَة الْقَمَر:36ـ38)

ذِكْر الْمُفَسِّرُوْن وَغَيْرِهِم: أَن نَبِي الْلَّه لُوْطا عَلَيْه الْسَّلَام جَعَل يُمَانِع قَوْمِه الْدُّخُوْل وَيُدَافَعَهُم وَالْبَاب مُغْلَق، وَهُم يَرْمُوْن فَتْحَه وَوُلُوجُه، وَهُو يَعِظُهُم وَيَنْهَاهُم مِن وَرَاء الْبَاب، وَكُل مَا لَهُم فِي إِلْحَاح وَإِنحاح، فَلَمَّا ضَاق الْأَمْر وَعَسُر الْحَال وَقَال مَا قَال:
{ لَو أَن لِي بِكُم قُوَّة أَو آَوَى إِلَي رُكْن شَدِيْد } (سُوْرَة هُوْد:80)

لَأَحْلَلْت بِكُم النَّكَال. قَال الْمَلَائِكَة: { يَا لُوْط إِنَّا رُسُل لَن يَصِلُوٓا إِلَيْك } (سُوْرَة هُوْد:81)
وَذَكَرُوَا أَن جَبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلَام خَرَج عَلَيْهِم، فَضَرَب وُجُوْهِهِم خَفْقَة بِطَرَف جَنَاحِه فَطُمِسَت أَعْيُنُهُم، حَتَّى قِيَل إِنَّهَا غَارَت بِالْكُلِّيَّة وَلَم يَبْق لَهَا مَحَل وَلَا عَيْن وَلَا أَثَر، فَرَجَعُوَا يَتَحَسَّسُون مَع الْحِيْطَان، وَيَتَوَعَّدُون رَسُوْل الْرَّحْمَن، وَيَقُوْلُوْن إِذَا كَان الْغَد كَان لَنَا وَلَه شَأْن!.

قَال الْلَّه تَعَالَى:

{ وَلَقَد رَاوَدَه عَن ضَيْفِه فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُم فَذُوْقُوْا عَذَابِي وَنُذُر * وَلَقَد صَبَّحَهُم بُكْرَة عَذَاب مُّسْتَقِر } (سُوْرَة الْقَمَر:37ـ38)
فَذَلِك أَن الْمَلَائِكَة تَقَدَّمَت إِلَي لُوْط، عَلَيْه الْسَّلَام، آَمِرِيْن لَه بِأَن يَسْرِي هُو وَأَهْلُه مِن آَخِر الْلَّيْل: { وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُم أَحَد } (سُوْرَة هُوْد:81)
يَعْنِي عِنْد سَمَاع صَوْت الْعَذَاب إِذَا حَل بِقَوْمِه، وَأَمَرُوْه أَن يَكُوْن سَيْرِه فِي آَخِرَهِم كَالسَّاقَة لَهُم.

وَقَوْلُه:
{ إِلَا امْرَأَتَك } (سُوْرَة هُوْد:81)
عَلَى قِرَاءَة الْنَّصْب؛ يَحْتَمِل أَن يَكُوْن مُسْتَثْنَى
مِن قَوْلِه: (فَأَسْر بِأَهْلِك) كَأَن يَقُوْل إِلَّا امْرَأَتَك فَلَا تَسِر بِهَا، وَيَحْتَمِل أَن يَكُوْن مِن قَوْلِه: (وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُم أَحَد إِلَا امْرَأَتَك) أَي: فَإِنَّهَا سَتَلْتَفت فَيُصِيْبُهَا مَا أَصَابَهُم، وَيَقْوَى هَذَا الِاحْتِمَال قِرَاءَة الْرَّفْع، وَلَكِن الْأَوَّل أَظْهَر فِي الْمَعْنَى. وَالْلَّه أَعْلَم. قَال الْسُّهَيْلِي: وَاسْم امْرَأَة لُوْط "وَالِهَة" وَاسْم امْرَأَة نُوْح "وَالِغَة".

وَقَالُوْا لَه مُبَشِّرِيْن بِهَلَاك هَؤُلَاء الْبُغَاة الْعُتَاة، الْمَلْعُوْنِيْن النُّظَرَاء، وَالْأَشْبَاه الَّذِيْن جَعَلَهُم الْلَّه سَلَفَا كُل خَائِن مُرِيْب: { إِن مَوْعِدَهُم الْصُّبْح أَلَيْس الْصُّبْح بِقَرِيْب } (سُوْرَة هُوْد:81)
فَلَمَّا خَرَج لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام بِأَهْلِه، وَهُم ابْنَتَاه، لَم يَتْبَعْه مِنْهُم رَجُل وَاحِد، وَيُقَال: إِن امْرَأَتَه خَرَجْت مَعَه. فَاللَّه أَعْلَم. فَلَمَّا خَلَصُوا مِن بِلَادِهِم وِطْلِعِت الْشَّمْس فَكَانَت عِنْد شُرُوْقِهَا، جَاءَهُم مِن أَمْر الْلَّه مَا لَا يُرَد، وَمَن الْبَأْس الْشَّدِيْد مَا لَا يُمْكِن أَن يَصُد.

وَعِنْد أَهْل الْكِتَاب: أَن الْمَلَائِكَة أَمَرُوْه أَن يَصْعَد إِلَي رَأْس الْجَبَل الَّذِي هُنَاك فَاسْتَبَعْدِه وَسَأَل مِنْهُم أَن يَذْهَب إِلَي قَرْيَة قَرِيْبَة مِنْهُم فَقَالُوَا: اذْهَب فَإِنَّا نَنْتَظِرُك حَتَّى تَصِيْر إِلَيْهَا وَتَسْتَقِر فِيْهَا، ثُم نَحْل بِهِم الْعَذَاب، فَذَكَرُوا أَنَّه ذَهَب إِلَي قَرْيَة "صُوْعَر" الَّتِي يَقُوْل الْنَّاس: غَوْر زُغَر، فَلَمَّا أَشْرَقَت الْشَّمْس نَزَل بِهِم الْعَذَاب.

قَال الْلَّه تَعَالَى:
{ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا وَسَافَلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَة مِّن سِجِّيْل مَّنْضُوْد * مُسَوَّمَة عِنْد رَبِّك، وَمَا هِي مِن الْظَّالِمِيْن بِبَعِيْد } (سُوْرَة هُوْد:82ـ83)
قَالُوْا: اقْتَلْعُهُن جِبْرِيْل بِطَرَف جَنَاحِه مِن قَرَارِهِن ـ وَكُن سَبْع مُدُن ـ بِمَن فِيْهِن مِن الْأُمَم، فَقَالُوَا: إِنَّهُم كَانُوْا أَرْبَعَمِائَة أَلْف نَسَمَة، وَقِيْل أَرْبَعَة آَلِاف أَلْف نَسَمَة، وَمَا مَعَهُم مِن الْحَيَوَانَات، وَمَا يَتَّبِع تِلْك الْمُدُن مِن الْأَرْض وَالْأَمَاكِن وَالْمُعْتَمْلَات.

فَرَفَع الْجَمِيع حَتَّى بَلَغ بِهِن عَنَّان الْسَّمَاء، حَتَّى سَمِعْت الْمَلَائِكَة أَصْوَات دِيَكَتِهِم وَنُبَاح كِلَابِهِم ثُم قَلَبَهَا عَلَيْهِم، فَجَعَل عَالِيَهَا سَافِلَهَا، قَال مُجَاهِد: فَكَان أَوَّل مَا سَقَط مِنْهَا شُرُفَاتِهَا.
{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم حِجَارَة مِّن سِجِّيْل } (سُوْرَة هُوْد:82) وَالْسِّجِّيل: فَارِسِي مُعَرَّف، وَهُو الْشَّدِيْد الْصُّلْب الْقَوِي، مَّنْضُوْد: أَي يَتَّبِع بَعْضُهَا بَعْضَا فِي نُزُوْلَهَا عَلَيْهِم مِّن الْسَّمَاء، مُسَوَّمَة: أَي مُعَلِّمَة مَكْتُوْب عَلَى كُل حَجَر اسْم صَاحِبِه الَّذِي يَهْبِط عَلَيْه فَيَدْمَغُه

ثُم قَال:
{ مُسَوَّمَة عِنْد رَبِّك لِلْمُسْرِفِيْن } (سُوْرَة الْذَّارِيَات:34)

وَكَمَا قَال تَعَالَى:
{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مِّطَرَا فَسَاء مَطَر الْمُنْذَرِيْن } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء:173)

وَقَال تَعَالَى:
{ وَالْمُؤْتَفِكَة أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشِي } (سُوْرَة الْنَّجْم:53ـ54)
يَعْنِي: قَلْبِهَا فَأَهْوَى بِهَا مُنَكِّسَة عَالِيَهَا سَافِلَهَا، وَغَشَّاهَا بِمَطَر مِن حِجَارَة مِن سِجِّيْل، مُتَتَابِعَة، مُسَوَّمَة، مَّرْقُوْم عَلَى كُل حَجَر اسْم صَاحِبِه الَّذِي سَقَط مِن الْحَاضِرِيْن مِنْهُم فِي بَلَدِهِم، وَالْغَائِبِيْن عَنْهَا مَن الْمُسَافِرِيْن وَالنَّازِحِين وَالشَاذِين مِنْهَا.

وَيُقَال: إِن امْرَأَة لُوْط مَكَثَت مَع قَوْمَهَا، وَيُقَال: أَنَّهَا خَرَجَت مَع زَوْجِهَا وَبْنَتِيُّهَا، وَلَكِنَّهَا لَمَّا سَمِعْت الْصَّيْحَة وَسُقُوْط الْبَلْدَة، الْتَفَتَت إِلَي قَوْمَهَا وَخَالَفْت أَمْر رَبِّهَا قَدِيْمَا وَحَدِيْثا، وَقَالَت: وَاقَوْمَاه! فَسَقَط عَلَيْهَا حَجَر فدْمَغَهَا وَأَلْحِقْهَا بِقَوْمِهَا؛ إِذ كَانَت عَلَى دِيْنِهِم، وَكَانَت عَيْنَا لَهُم عَلَى مَن يَكُوْن عِنْد لُوْط مِن الْضِّيْفَان.

{ ضَرَب الْلَّه مَثَلا لِّلَّذِيْن كَفَرُوَا امْرَأَة نُوْح وَامْرَأَة لُوْط، كَانَتَا تَحْت عَبْدَيْن مِن عِبَادِنَا صَالِحَيْن فَخَانَتَاهُمَا فَلَم يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِن الْلَّه شَيْئا وَقِيْل ادْخُلَا الْنَّار مَع الْدَّاخِلِيْن } (سُوْرَة الْتَّحْرِيْر:10)
أَي: خاتْنَاهُما فِي الْدِّيْن فَلَم يَتَبِعَاهُما فِيْه.

وَلَيْس الْمُرَاد أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى فَاحِشَة، حَاشَا وَكَلَا، فَإِن الْلَّه لَا يَقْدِر عَلَى نَبِي قَط أَن تَبْغِي امْرَأَتَه، كَمَا قَال ابْن عَبَّاس وَغَيْرُه مِن أَئِمَّة الْسَّلَف وَالْخَلَف: مَا بَغَت امْرَأَة نَبِي قَط، وَمَن قَال خِلَاف هَذَا فَقَد أَخْطَأ خَطَأ كَبِيْرَا.

قَال الْلَّه تَعَالَى فِي قِصَّة الْإِفْك، لَمَّا أَنْزَل بَرَاءَة أَم الْمُؤْمِنِيْن عَائِشَة بِنْت الْصِّدِّيق، زَوْج رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم، حِيْن قَال لَهَا أَهْل الْإِفْك مَا قَالُوْا، فَعَاتَب الْلَّه الْمُؤْمِنِيْن وَأَنَّب وَزَجَر، وَوَعَظ وَحَذَّر، وَقَال فِيْمَا قَال:
{ إِذ تَلَقَّوْنَه بِأَلْسِنَتِكُم وَتَقُوْلُوْن بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْس لَكُم بِه عِلْم وَتَحْسَبُوْنَه هَيِّنَا وَهُو عِنْد الْلَّه عَظِيْم * وَلَوْلَا إِذ سَمِعْتُمُوْه قُلْتُم مَّا يَكُوْن لَنَا أَن نَّتَكَلَّم بِهَذَا سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَان عَظِيْم } (سُوْرَة الْنُّوْر:15ـ16)

أَي: سُبْحَانَك أَن تَكُوْن زَوْجَة نَبِيِّك بِهَذِه الْمَثَابَة. وَقَوْلُه هَاهُنَا:
{ وَمَا هِي مِن الْظَّالِمِيْن بِبَعِيْد } (سُوْرَة هُوْد:83)

أَي: وَمَا هَذِه الْعُقُوْبَة بِبَعِيْدَة مِمَّن أَشْبَهَهُم فِي فِعْلِهِم. وَلِهَذَا ذَهَب مِن ذَهَب مِن الْعُلَمَاء إِلَي أَن اللّائِط يُرْجَم؛ سَوَاء كَان مُحْصَنَا أَو لَا، وَنَص عَلَيْه الْشَّافِعِي وَاحْمَد بْن حَنْبَل وَطَائِفَة كَثِيْرَة مِن الْأَئِمَّة.

وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رَوَاه الْأَمَام احْمَد وَأَهْل الْسُّنَن مِن حَدِيْث عَمْرِو بْن أَبِي عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: "مِن وَجَدْتُمُوْه يَعْمَل عَمَل قَوْم لُوْط فَاقْتُلُوْا الْفَاعِل وَالْمَفْعُوْل بِه" وَذَهَب أَبُو حَنِيْفَة إِلَي أَن اللّائِط يُلْقِي مِن شَاهِق جَبَل وَيَتَّبِع بِالْحِجَارَة كَمَا فَعَل بِقَوْم لُوْط.. لِقَوْلِه تَعَالَى: { وَمَا هِي مِن الْظَّالِمِيْن بِبَعِيْد } (سُوْرَة هُوْد:83)

وَجَعَل الْلَّه مَكَان تِلْك الْبِلاد بُحَيْرَة مُنْتِنَة لَا يُنْتَفَع بِمَائِهَا، وَلَا بِمَا حَوْلَهَا مَن الْأَرَاضِي الْمُتَاخِمَة لِفَنَائِهَا، لِرَدَاءَتِهَا وَدَنَاءتْهَا، فَصَارَت عِبْرَة وَمُثْلَة وَعِظَة وَآَيَة عَلَى قُدْرَة الْلَّه تَعَالَى وَعَظَمَتِه، وَعِزَّتِه فِي انْتِقَامَه مِمَّن خَالَف أَمْرَه، وَكَذَّب رُسُلِه، وَاتَّبَع هَوَاه، وَعِصِي مَوْلَاه، وَدَلِيْل عَلَى رَحْمَتِه بِعِبَادِه الْمُؤْمِنِيْن فِي إِنْجَائِه إِيَّاهُم مِن الْمُهْلِكَات، وَإِخْرَاجُه إِيَّاهُم مِن الْظُّلُمَات إِلَي الْنُّوْر..

كَمَا قَال تَعَالَى: { إِن فِي ذَلِك لَآَيَة، وَمَا كَان أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِيْن * وَإِن رَبَّك لَهُو الْعَزِيْز الْرَّحِيْم } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء:174ـ175) وَقَال الْلَّه تَعَالَى: { فَأَخَذَتْهُم الْصَّيْحَة مُشْرِقِيْن * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم حِجَارَة مِّن سِجِّيْل * إِن فِي ذَلِك لَآَيَات لِلْمُتَوَسِّمِيْن * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيْل مُّقِيْم * إِن فِي ذَلِك لَآَيَة لِّلْمُؤْمِنِيْن } (سُوْرَة الْحِجْر:73ـ77)

أَي: مَن نَظَر بِعَيْن الْفِرَاسَة وَالتَّوَسُّم فِيْهِم، كَيْف غَيَّر الْلَّه بِتِلْك الْبِلَاد وَأَهْلُهَا وَكَيْف جَعَلَهَا بَعْد مَا كَانَت آَهِلَة عَامِرَة هَالِكَة غَامِرَة.
كَمَا رُوِي الْتِّرْمِذِي وَغَيْرُه مَرْفُوْعا: "اتَّقُوْا فِرَاسَة الْمُؤْمِن فَإِنَّه يَنْظُر بِنُوْر الْلَّه". ثُم قَرَأ: { إِن فِي ذَلِك لَآَيَات لِلْمُتَوَسِّمِيْن } (سُوْرَة الْحِجْر:75) وَقَوْلُه: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيْل مُّقِيْم) أَي: لَّبِطَرِيْق مَهْيَع مَسْلُوك إِلَي الْآَن.

كَمَا قَال: { وَإِنَّكُم لَتَمُرُّوْن عَلَيْهِم مُّصْبِحِين * وَبِاللَّيْل، أّفّلا تَعْقِلُوْن } (سُوْرَة الْصَّافَّات: 13ـ 138) وَقَال تَعَالَى: { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آَيَة بَيِّنَة لِّقَوْم يَعْقِلُوْن } (سُوْرَة الْعَنْكَبُوْت:35) وَقَال تَعَالَى: { فَأَخْرَجْنَا مَن كَان فِيْهَا مِن الْمُؤْمِنِيْن * فَمَا وَجَدْنَا فِيْهَا غَيْر بَيْت مِّن الْمُسْلِمِيْن * وَتَرَكْنَا فِيْهَا آَيَة لِّلَّذِيْن يَخَافُوْن الْعَذَاب الْأَلِيم } (سُوْرَة الْذَّارِيَات:35ـ37)
أَي: تَّرَكْنَاهَا عِبْرَة وَعِظَة لَمِن خَاف عَذَاب الْآَخِرَة، وَخَشِي الْرَّحْمَن بِالْغَيْب، وَخَاف مَقَام رَبِّه، وَنَهَى الْنَّفْس عَن الْهَوَى، فَانْزَجَر مِن مَحَارِم الْلَّه وَتَرَك مَعَاصِيْه، وَخَاف أَن يُشَابِه قَوْم لُوْط.

و"مَن تَشَبَّه بِقَوْم فَهُو مِنْهُم"، وَإِن لَم يَكُن مِن كُل وَجْه، فَمَن بَعْض الْوُجُوْه، كَمَا قَال بَعْضُهُم
فَإِن لَم تَكُوْنُوْا قَوْم لُوْط بِعَيْنِهِم فَمَا قَوْم لُوْط مِّنْكُم بِبَعِيْد.. فَالْعَاقِل الْلَّبِيب الْخَائِف مِن رَبِّه الْفَاهِم، يَتَمَثَّل مَا أَمَرَه بِه الْلَّه عَز وَجَل، وَيُقَبِّل مَا أَرْشَدَه إِلَيْه رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَن إِتْيَان مَا خَلَق لَه مِن الْزَّوْجَات الْحَلَال، وَالْجَوَارِي مَن الْسَّرَارِي ذَوَات الْجَمَال، وَإِيَّاه أَن يُتَّبَع كُل شَيْطَان مَرِيْد، فَيُحِق عَلَيْه الْوَعِيْد، وَيَدْخُل فِي قَوْلِه تَعَالَى:
{ وَمَا هِي م الْظَّالِمِيْن بِبَعِيْد } (سُوْرَة هُوْد:83)



قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
قِصَّة لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: قـصــص الأنـبـيـــــاء-
انتقل الى: