منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه Empty
مُساهمةموضوع: سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه   سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه Emptyالأحد 30 أبريل 2017, 12:11 am

سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه 11-24-2015_1150amifbmpnAhr6ijglgxH4

سعـــد بن أبي وقـــاص - الأســد في براثنه
=======================
أقلقت الأنباء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرس على المسلمين.. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد.. وبنقض أهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه ليقود جيوش المسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس.

وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينة علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه.. ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعض أصحابه أن يعود، وينتدب لهذه المهمة واحداً غيره من أصحابه..

وتبنّى هذا الرأي عبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلام يعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد..

وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورى ونودي: -الصلاة جامعة- واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيث كان أمير المؤمنين وأصحابه.. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقرر المجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائداً آخر من المسلمين..

ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه:
فمن ترون أن نبعث الى العراق..؟

وصمتوا قليلا يفكرون..

ثم صاح عبد الرحمن بن عوف:

وجدته..!!

قال عمر:

فمن هو..؟

قال عبد الرحمن:
"الأسد في براثنه.. سعد بن مالك الزهري.."

وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بن مالك الزهري "سعد بن أبي وقاص" وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش..

فمن هو الأسد في براثنه..؟
من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبه قائلاً: "هذا خالي.. فليرني امرؤ خاله"..!!

انه سعد بن أبي وقاص.. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم..

لقد عانق الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكراً...

وانه ليتحدث عن نفسه فيقول:
".. ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام"..!!
يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام..

ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعن الدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به.. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول الله مبايعا..

وانّ كتب التاريخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه.. ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والزبير ابن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله.. ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا..

وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر..

بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين..

أولهما:
أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رمي أيضا..

وثانيهما:
أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد:
"ارم سعد فداك أبي وأمي"..

أجل كان دائما يتغنى بهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول:
"والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله".

ويقول علي ابن أبي طالب:
"ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحداً بأبويه إلا سعداً، فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي"..

كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه..

اذا رمى في الحرب عدوّاً أصابه.. واذا دعا الله دعاءً أجابه..!!

وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له.. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة.. "اللهم سدد رميته.. وأجب دعوته".

وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا الى الله أمره.

من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول:
"رأى سعد رجلاً يسب علياً، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له: اذن أدعو عليك، فقال ارجل: أراك تتهددني كأنك نبي..!! فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال: اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواماً سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة..

فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها.. وما زالت تتخبطه حتى مات"..

ان هذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه.

وكذلكم كان سعد، روحه حر.. ويقينه صلب.. واخلاصه عميق.. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارة من شبهة..

ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد.. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب.. وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله..

في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا: "يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي..؟
قال النبي: لا.
قلت: فبنصفه؟
قال النبي: لا.
قلت: فبثلثه..؟
قال النبي: نعم، والثلث كثير.. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك"..

ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين..
**********
وكان سعد كثير البكاء من خشية الله... وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره.. وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول..

ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا.. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم: "يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة".. وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ.. وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص.

ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى.. فقال له سعد: "لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد.. غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغناً ولا سوءاً".

هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف.. وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم.. كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين.. انه مستجاب الدعوة.. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه..

زانه عفّ الطعمة.. عف اللسان.. عف الضمير.. وانه واحد من أهل الجنة.. كما تنبأ له الرسول..

وانه الفارس يوم بدر. والفارس يوم أحد.. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..

وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان..

ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول.. يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله.. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه..

لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك..

كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياة أمه..

وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت..

وذهب سعد ورأى مشهداً يذيب الصخر.. بيد أن ايمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه: "تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء.. فكلي ان شئت أو لا تأكلي"..!!

وعدلت أمه عن عزمها..

ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول:
(وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ..

أليس هو الأسد في براثنه حقا..؟

اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه... وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدربين... المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح.. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها..

أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة.. خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير.. في أيديهم رماح.. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت والى الشهادة..!!



سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 14 أبريل 2021, 5:27 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه Empty
مُساهمةموضوع: رد: سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه   سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه Emptyالأحد 30 أبريل 2017, 12:17 am

سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه 250px-%D8%B3%D8%B9%D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A3%D8%A8%D9%8A_%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%B5
والتقى الجمعان... ولكن لا.. لم يلتق الجمعان بعد.. وأن سعداً هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته.. وها هو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وهدى: "يا سعد بن وهيب.. لا يغرّنّك من الله، أن قيل: خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سوء.. الله ربهم، وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة.

فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر".

ثم يقول له: "اكتب إليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟ وأين يكون عدوّكم منكم.. واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم"..!!

ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه.

وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشاً وشعباً، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم"..

ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين:
"لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل النظر والرأي والجلد، يدعونه الى الله.. واكتب اليّ في كل يوم..".

ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلاً:
" ان رستم قد عسكر بساباط وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا".

ويجيبه عمر مطمئناً مشيراً:
ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح.. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي.. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه.. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتاباً، ويتبادل معه والمعركة الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي...

ذلك أن سعداً يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحجه.. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسول الله.. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواها، لاسيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم..
**********
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفراً من صحابه يدعونه الى الله والى الاسلام..

ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقول قائلهم:
"ان الله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكام الى عدل الاسلام.. فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله..".

ويسأل رستم:
وما وعد الله الذي وعدكم اياه..؟؟

فيجيبه الصحابي:
"الجنة لشهدائنا، والظفر لأحيائنا".

ويعود الوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنها الحرب.. وتمتلىء عينا سعد بالدموع.. لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلاً، أو تقدمت قليلاً.. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته.. وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلاً أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغة الضراوة والقسوة..!!

فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أو لو أنها تأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم.. أما الآن.. ولكن، لا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم: لو. لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبداً..

عندئذ هَبَّ الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيباً، مستهلاً خطابه بالآية الكريمة:
(بسم الله الرحمن الرحيم.. ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..

وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّراً أربعاً: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..

ودوّى الكون وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسهم النافذ مشيراً إلى العدو، وصاح في جنوده: هيا على بركة الله.. وصعد وهو متحامل على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزا لقيادته..

وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة... وباب داره مفتوح.. وأقل هجوم من الفرس على الدار يسقطه في أيديهم حياً أو ميتاً.. ولكنه لا يرهب ولا يخاف..

دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح.. ويصدر أوامره لهؤلاء: أن تقدّموا صوب الميمنة.. ولأولئك: أن سدوا ثغرات الميسرة.. أمامك يا مغيرة.. وراءهم يا جرير.. اضرب يا نعمان.. اهجم يا أشعث.. وأنت يا قعقاع.. تقدموا يا أصحاب محمد..!!

وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فرد، جيشاً بأسره.. وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح... وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار..!!

وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهم وخيرة جنودهم، وطاردهم كالجيش المسلم عتى نهاوند.. ثم المدائن فدخلوها ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا..!!
**********
وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاءً عظيماً..

وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعت كل فلول الجيش الفارسي وبقاياه في المدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل.. وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه... فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه..

هنا موقف يثبت فيه سعد حقاً كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه..!!

ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم..!!

وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهر دجلة.. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر.. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة..

وقبل أن يبدأ الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العدو حولها.. وعندئذ جهز كتيبتين..

الأولى:
واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم ابن عمرو.

والثانية:
اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابن عمرو..

وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم.. ولقد أدوا العمل بمهارة مذهلة.. ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون.. نجاحا أذهل سعد بن أبي وقاص نفسه..

وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول: "ان الاسلام جديد.. ذلّلت والله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ.. والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا"..!!

ولقد كان.. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجاً، خرجوا منه أفواجاً لم يخسروا جندياً واحداً، بل لم تضع منهم شكيمة فرس..

ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعزَّ عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه..!!

وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبرون دجلة، فتقول:
[أمر سعد المسلمين أن يقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملأوا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدثون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعيده وتأييده]..!!

ويوم ولى عمر سعداً امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر.. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة..

وذات يوم شكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين.. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا: "ان سعدا لا يحسن يصلي"..!!

ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول:
"والله اني لأصلي بهم صلاة رسول الله.. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين"..

ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره.. وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا: "أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة"..؟ ويؤثر البقاء في المدينة..

وحين اعْتُدِيَ على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلاً انه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض.. وكان من بينهم سعد بن أبي وقاص.

بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختاراً للخلافة واحداً من الصحابة لاختار سعداً.. فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم: "ان وليها سعد فذاك.. وان وليه غيره فليستعن بسعد".
**********
ويمتد العمر بسعد.. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئاً من أخبارها.. وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له: يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر.

فيجيبه سعد:
"أريد من مائة ألف سيف، سيفاً واحداً.. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئاً، واذا ضربت به الكافر قطع"..!!

ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه..

وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعداً:
مالك لم تقاتل معنا..؟

فأجابه:
"اني مررت بريح مظلمة، فقلت: أخ.. أخ.. واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني..".

فقال معاوية:
ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى:
(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)..
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية.

أجابه سعد قائلاً:
"ما كنت لأقاتل رجلاً قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".
**********
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيق يتهيأ لقاء الله.

ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول:
أبي في حجري، وهو يقضي، فبكيت وقال: ما يبكيك يا بنيّ..؟
[color=#00cc00]ان الله لا يعذبني أبدا وأني من أهل الجنة]..!!


ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة الموت وزلزاله... ولقد بشَّره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق ايمان... واذن ففيم الخوف..؟ [إن الله لا يعذبني أبداً، وإني من أهل الجنة].

بيد أنه يريد أن يلقى الله وهو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله.. ومن ثمّ فقد أشار الى خزانته ففتحوها، ثم أخرجوا منها رداءً قديماً قد بلي وأخلق، ثم أمر أهله أن يكفنوه فيه قائلاً: [لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم]..!!

اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب.. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشها صاحبها مؤمناً، صادقاً شجاعاً!!

وفوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى الله، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه.
**********
وداعاً يا سعد..!!
وداعاً يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس إلى الأبد..!!


سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: رجـال حـول الرسـول-
انتقل الى: