منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ Empty
مُساهمةموضوع: قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ   قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ Emptyالأحد 10 أكتوبر 2010, 6:36 am


قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ

بَعَثَ الْلَّهُ فِيْهِمْ رَجُلا مِنْهُمْ، وَهُوَ عَبْدُ الْلَّهِ وَرَسُوْلُهُ، صَالِحٌ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ماشُخَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَاجِرٍ بْنِ ثَمُوْدَ بْنَ عَاثِرٌ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوَحِّ، فَدَعَاهُمْ إِلَيَّ عُبَادَةَ الْلَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَنْ يَخْلَعُوا الْأَصْنَامَ وَالْأَنْدَادً وَلَا يُشْرِكُوْا بِهِ شَيْئا، فَآَمَنَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَكَفِّرْ جُمْهُوْرِهِمْ، وَنَالُوْا مِنْهُ بِالْمَقَالِ وَالْفَعَّالُ، وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ، وَقُتِّلُوْا الْنَّاقَةِ الَّتِيْ جَعَلَهَا الْلَّهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ. فَأَخَذَهُمْ الْلَّهْ أَخْذَ عَزِيْزٍ مُقْتَدِرٍ.

وَالْمَقْصُوْدُ الْآَنَ ذِكْرِ قِصَّتَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَكَيْفَ نَجَّى الْلَّهُ نَبِيَّهُ صَالِحَا عَلَيْهِ الْسَّلَامُ وَمَنْ آَمَنَ بِهِ، وَكَيْفَ قِطَعُ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِيْنَ ظَلَمُوَا بِكُفْرِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ، وَمُخَالَفَةِ رَسُوْلُهُمْ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ كَانُوْا عُرُبَا، وَكَانُوْا بَعْدِ عَادٍ وَلَمْ يَعْتَبِرُوْا بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ:
{ اعْبُدُوْا الْلَّهَ مَالَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ، قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيْنَهُ مَنْ رَبَّكُمْ، هَذِهِ نَاقَةُ الْلَّهِ لَكُمْ آَيَةً، فَذَرُوْهَا تَأْكُلْ فِيْ أَرْضِ الْلَّهِ، وَلَا تَمَسُّوْهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ * وَاذْكُرُوْا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِيْ الْأَرْضِ تَتَّخِذُوْنَ مِنْ سُهُوْلِهَا قُصُوْرا وَتَنْحِتُوْنَ الْجِبَالَ بُيُوْتا فَاذْكُرُوْا آَلَاءَ الّهِ وَلِّا تَعْثَوْا فِيْ الْأَرْضِ مُفْسِدِيْنَ } (سُوْرَةُ الْأَعْرَافِ:73ـ74)

أَيُّ: إِنَّمَا جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِمْ لِتَعْتَبِرُوْا بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَتَعْمَلُوَا بِخِلَافِ عَمَلِهِمْ. وَأَبَاحَ لَكُمْ فِيْ هَذِهِ الْأَرْضِ تَبْنُوْنَ فِيْ سُهُوْلِهَا الْقُصُورِ، { وَتَنْحِتُوْنَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوْتَا فَارِهِيْنَ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:149)

أَيُّ: حَاذِقِيْنَ فِيْ صَنْعَتِهَا وَإِيقَانُهَا وَإِحْكَامِهَا، فَقَابَلُوَا نِعْمَةَ الْلَّهِ بِالْشُّكْرِ وَالْعَمَلُ الْصَّالِحُ، وَالْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكُ لَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَمُخَالَفَتِهِ وَالْعُدُولِ عَنِ طَاعَتِهِ، فَإِنَّ عَاقِبَةِ ذَلِكَ وَخَيْمَةِ.

وَلِهَذَا وَعَظَّمَهُم بِقَوْلِهِ:

{ أَتُتْرَكُوْنَ فِيْ مَا هَاهُنَا آمِنِيْنَ * فِيْ جَنَّاتٍ وَعُيُوْنٍ * وَزُرُوْعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيْمٌ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:146ـ148)
أَيُّ: مُتَرَاكِمِ كَثِيْرٍ حُسْنُ بَهِيَّ نَاضِجٌ.

{ وَتَنْحِتُوْنَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوْتَا فَارِهِيْنَ * فَاتَّقُوا الْلَّهَ وَأَطِيْعُوْنِ * وَلَا تُطِيْعُوْا أَمْرَ الْمُسْرِفِيْنَ * الَّذِيْنَ يُفْسِدُوْنَ فِيْ الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُوْنَ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:149ـ152)

وَقَالَ لَهُمْ أَيْضا:
{ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الْلَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ، وَهُوَ أَنْشَأَكُمْ مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيْهَا } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:61)

أَيُّ: هُوَ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ فَأَنشَأَكُمْ مَنْ الْأَرْضِ، وَجَعَلَكُمْ عُمَّارُهَا، أَيُّ: أَعْطَاكُمُوْهَا بِمَا فِيْهَا مِنْ الْزُّرُوْعِ وَالْثِّمَارِ، فَهُوَ الْخَلْقُ الْرَّازِقُ، فَهُوَ الَّذِيْ يَسْتَحِقّ الْعِبَادَةِ لَا مَا سِوَاهُ (فَاسْتَغْفَرُوَا ثُمَّ تُوْبُوْا إِلَيْهِ) أَيُّ: أَقْلَعُوْا عَمَّا أَنْتُمْ فِيْهِ وَأَقْبَلُوَا عَلَىَ عِبَادَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْكُمْ وَيَتَجَاوَزُ عَنْكُمْ
{ إِنَّ رَبِّيَ قَرِيْبٌ مُّجِيْبٌ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:61)
{ قَالُوْا: يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِيْنَا مَرْجُوّا قَبْلَ هَذَا } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:62)

أَيُّ: قَدْ كُنَّا نَرْجُوْ أَنْ يَكُوْنَ عَقْلِكَ كَامِلَا قَبْلَ أُنِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَهِيَ دَعْوَتَكَ إِيَّانَا إِلَيَّ إِفْرَادِ الْعِبَادَةِ، وَتَرَكَ مَا كُنَّا نَعْبُدُهُ مِنَ الْأَنْدَادِ، وَالْعْدُولْ عَنْ دِيَنِ الْآَبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، وَلِهَذَا قَالُوْا:
{ أَتَنْهَانَا أَنْ نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِيْ شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُوْنَا إِلَيْهِ مُرِيْبٍ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:62)

{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنَّ كُنْتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّنَ رَّبِّيَ وَأَتَانِيَ نَمَّهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنُصُرُنِيْ مِنَ الْلَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَمَا تَزِيْدُوْنَنِيْ غَيْرَ تَخْسِيرٍ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:63)

وَهَذَا تَلَطَّفْ مِنْهُ لَهُمْ فِيْ الْعِبَارَةِ، وَلَيِّنْ الْجَانِبِ، وَحُسْنُ تَأْتِ فِيْ الْدَّعْوَةِ لَهُمْ إِلَيَّ الْخَيْرِ، أَيُّ: فَمَا ظَنُّكُمْ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا أَقُوْلُ لَكُمْ وَأَدْعُوُكُمْ إِلَيْهِ؟ مَاذَا عُذْرَكُمْ عِنْدَ الْلَّهِ؟ وَمَاذَا يُخَلِّصَكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْتُمْ تَطْلُبُوْنَ مِنِّيْ أَنْ أَتْرُكَ دَعَوْتُكُمْ إِلَيَّ طَاعَتِهِ؟

وَأَنَا لَا يُمْكِنُنِيْ هَذَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَىَ وَلَوْ تَرَكْتَهُ لِمَا قُدِّرَ أَحَدٌ مِنْكُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِكُمْ أَنَّ يُجِيْرَنِيْ مِنَ الْلَّهِ وَلَا يَنُصُرُنِيْ، فَأَنَا لَا أَزَالُ أَدْعُوُكُمْ إِلَيَّ الْلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، حَتَّىَ يَحْكُمَ الْلَّهُ بَيْنِيْ وَبَيْنَكُمْ.

وَقَالُوْا لَهُ أَيْضا:

{ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ: 153) أَيُّ: مِنْ الْمَسْحُوْرِيْنَ، يَعْنُوْنَ مَسْحُوْرَا لَا تَدْرِيْ مَا تَقُوْلُ فِيْ دَعْوَتِكَ إِيَّانَا إِلَيَّ إِفْرَادِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَخَلَعَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ، وَهَذَا الْقَوْلِ عَلَيْهِ الْجُمْهُوْرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَحْرِينَ: الْمَسْحُوْرِيْنَ.

وَقِيْلَ: (مَنْ الْمُسَحَّرِينَ): أَيُّ مِمَّنْ لَهُ سِحْرٌ ـ وَهُوَ الْرَّئِىُّ ـ كَأَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ إِنَّمَا أَنْتَ بَشَرٌ لَهُ سِحْرٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ هَذَا:
{ مَا أَنْتَ إِلَا بَشَرٌ مِّثْلُنَا } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:154)
سَأَلُوْا مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِخَارِقِ يَدُلُّ عَلَىَ صِدْقِ مَا جَاءَهُمُ بِهِ.

{ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُوْمٍ * وَلَا تَمَسُّوْهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ يَوْمٍ عَظِيْمٍ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:155ـ156) وَقَالَ: { قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّنَ رَّبِّكُمْ، هَذِهِ نَاقَةُ الْلَّهِ لَكُمْ آَيَةً، فَذَرُوْهَا تَأْكُلْ فِيْ أَرْضِ الْلَّهِ، وَلَا تَمَسُّوْهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ أَلِيْمٍ } (سُوْرَةُ الْأَعْرَافِ:73)

وَقَالَ تَعَالَىْ:

{ وَآَتَيْنَا ثَمُوْدَ الْنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَّلَمُو?ا بِهَا } (سُوْرَةُ الْإِسْرَاءِ:59) وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُوْنَ أَنَّ ثَمُوْدَا اجْتَمَعُوْا يَوّمَا فِيْ نَادِيْهِمْ، فَجَاءَهُمْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَالِحٌ فَدَعَاهُمْ إِلَيَّ الْلَّهِ، وَذَكِّرْهُمْ وَحَذَّرَهُمْ وَوَعَظَهُمْ وَأَمْرُهُمْ، فَقَالُوَا لَهُ: إِنْ أَنْتَ أُخْرِجَتْ لَنَا مِنَ الْصَّخْرَةِ ـ وَأَشَارُوا إِلَيَّ صَخْرَةٍ هُنَاكَ ـ نَاقَةُ، مِنْ صِفَتِهَا كَيْتَ وَكَيْتَ، وَذَكَرُوَا أَوْصَافا سَمَّوْهَا وَنَعْتُوْهَا وتَعَنَتُوا فِيْهَا، وَأَنْ تَكُوْنَ عُشَرَاءَ طَوِيْلَةً، مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا..

فَقَالَ لَهُمْ الْنَّبِيُّ صَالِحَ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ، أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَجَبْتُكُمْ إِلَيَّ مَا سَأَلْتُمْ عَلَىَ الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبْتُمْ، أَتُؤْمِنُوْنَ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ وَتُصَدِّقُوْنِي فِيْمَا أُرْسِلْتُ بِهِ؟ قَالُوْا: نَعَمْ، فَأَخَذَ عُهُوْدُهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ عَلَىَ ذَلِكَ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيَّ مُصَلَّاهُ فَصَلَّىَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيْبَهُمْ إِلَيَّ مَا طَلَبُوْا، فَأَمَرَ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ الْصَّخْرَةِ أَنَّ تَنْفَطِرُ عَنْ نَاقَةٍ عَظِيْمَةً كَوْمَاءَ عُشَرَاءَ، عَلَىَ الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبُوْا، وَعَلَىَ الْصِّفَةِ الَّتِيْ نُعِتُوا.

فَلَمَّا عَايَنوّهَا كَذَلِكَ رَأَوْا أَمَراً عَظِيْمَا وَمَنْظَرَا هَائِلَا، وَقُدْرَةً بَاهِرَةً، وَدَلِيْلَا قَاطِعَا، وَبُرْهَانا سَاطِعَا، فَآَمَنَ كَثِيْرٌ مِّنْهُمْ، وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَىَ كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: (فَظَّلَمُو?ا بِهَا) أَيُّ: جَحَدُوْا بِهَا وَلَمْ يَتَّبِعُوْا الْحَقِّ بِسَبَبِهَا، أَيُّ: أَكْثَرُهُمْ وَكَانَ رَئِيْسَ الَّذِيْنَ آَمَنُوْا جُنْدُعٌ بْنِ عَمْرِوٍ بْنِ مُحَلَّاةٍ بْنِ لَبِيْدٍ بْنِ جَوَّاسٍ، وَكَانَ مِنَ رُؤَسَائِهِمْ، وَهُمْ بَقِيَّةُ الْأَشْرَافِ بِالْإِسْلَامِ..

فَصَدَّهُمْ ذُؤَابٌ بْنِ عَمْرِوٍ بْنِ لَبِيْدِ وَالْحُبَابُ صَاحِبِ أَوْثَانِهِمْ، وَرَبَابٍ بْنِ صْمَعْرُ بْنِ جُلْمسّ. وَدَعَا جُنْدُعٌ ابْنِ عَمِّهِ شِهَابٍ خَلِيْفَةً، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَهُمْ بِالْإِسْلَامِ فَنَهَاهُ أُوْلَئِكَ، فَمَالِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ فِيْ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِيْنَ يُقَالُ لَهُ مُهْرَشْ بْنِ غَنَمَةَ بْنِ الذَّمِيلِ رَحِمَهُ الْلَّهُ:

وَكَانَتْ عُصْبَةٌ مِنْ آَلِ عَمْرِوٍ عَزِيْزٌ ثَمُوْدُ كُلُّهُمْ جَمِيْعَا لَأَصْبَحَ صَالِحٍ فِيْنَا عَزِيْزَا وَلَكِنَّ الْغُوَاةِ مِنْ آَلِ حَجَرٍ إِلَيَّ دِيَنِ الْنَّبِيِّ دَعَوْا شِهَابا فَهُمْ بِأَنَّ يَجِبُ وَلَوْ أَجَابَا وَمَا عَدَلُوْا بِصَاحِبِهِمْ ذُؤَابَا وَتَوَلَّوْ بَعْدَ رُشْدِهِمْ ذِئَابٌ.

{ هَذِهِ نَاقَةُ الْلَّهِ لَكُمْ آَيَةً } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:64)
أَضَافَهَا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ إِضَافَةِ تَّشْرِيْفِ وَتَعْظِيْمِ، كَقَوْلِهِ: بَيْتِ الْلَّهِ وَعَبْدُ الْلَّهِ (لَكُمْ آَيَةً) أَيُّ: دَلِيّلا عَلَىَ صِدْقِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ

{ فَذَرُوْهَا تَأْكُلْ فِيْ أَرْضِ الْلَّهِ وَلَا تَمَسُّوْهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيْبٌ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:64)
فَاتَّفَقَ الْحَالْ عَلَىَ أَنْ تَبْقَىَ هَذِهِ الْنَّاقَةَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، تَرْعَىْ حَيْثُ شَاءَتْ مِنَ أَرْضَهُمْ، وَتَرِدُ الْمَاءَ يَوْمَا بَعْدَ يَوْمْ، وَكَانَتْ إِذَا وَرَدَتْ الْمَاءِ تَشْرَبْ مَاءً الْبِئْرِ يَوْمَهَا ذَلِكَ، فَكَانُوْا يَرْفَعُوْنَ حَاجَتَهُمْ مِنَ الْمَاءِ فِيْ يَوْمِهِمْ لِغَدِهِمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ كَانُوْا يَشْرَبُوْنَ مِنْ لَبَنِهَا كِفَايَتِهِمْ..

وَلِهَذَا تَعَالَىْ:

{ لَهَا شَرَابٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُوْمٍ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:155) وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَىْ: { إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } (سُوْرَةُ الْقَمَرِ:27) أَيُّ: اخْتِبَارَا لَهُمْ، أَيُؤْمِنُوْنَ بِهَا أَمْ يَكْفُرُوْنَ؟ وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُوْنَ: (فَارْتَقِبْهُمْ) أَيُّ: انْتَظَرَ مَا يَكُوْنُ مِنْ أَمْرِهِمْ (وَاصْطَبِرْ) عَلَىَ آذَاهُمْ فَسَيَأْتِيَكَ الْخَبَرِ عَلَىَ جَلِيَّةٍ.

{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءْ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } (سُوْرَةُ الْقَمَرِ:28) فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ هَذَا الْحَالِ اجْتَمَعَ عُلَمَاؤُهُمْ، وَاتَّفَقَ رَأَيِهِمْ عَلَىَ أَنْ يَعْقُرُوْا هَذِهِ الْنَّاقَةَ؛ لِيَسْتَرِيْحُوْا مِنْهَا وَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِمْ مَاؤُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الْشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ، وَسَوَّلَ لَهُمْ، وَأَمْلَىَ لَهُمْ.

قَالَ تَعَالَىْ:

{ فَعَقَرُوْا الْنَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوْا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنَّ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِيْنَ } (سُوْرَةُ الْأَعْرَافِ:77) وَكَانَ الَّذِيْ تَوَلَّىْ قَتَلَهَا مِنْهُمْ رَئِيْسُهُم: قَدَّارُ بْنِ سَالِفَ بْنِ جُنْدُعٌ، وَكَانَ أَحْمَرُ أَزْرَقُ أَصْهَبُ. وَكَانَ يُقَالُ إِنَّهُ وُلِدَ زَنْيَةً ولد عَلَيْ فِرَاشِ سَالِفِ، وَهُوَ مِنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ صَّبَّانَ. وَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ جَمِيْعُهُمْ، فَلِهَذَا نَسَبَ الْفِعْلَ إِلَيْهِمْ كُلِّهُمْ.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيْرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفَسِّرِيْنَ: أَنْ امْرَأَتَيْنِ مِنْ ثَمُوْدَ اسْمَ أَحَدُهُمَا: "صَدُوْقٌ" ابْنَةُ الْحَيَا بْنِ زُهَيْرٍ بْنِ الْمُخْتَارِ، وَكَانَتْ ذَاتَ حَسَبٍ وَمَالَ..

وَكَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَسْمَ فَفَارَقْتُهُ، فَدَعَتْ ابْنِ عَمَّ لَهَا يُقَالُ لَهُ مِصْدَعٌ بْنِ مُهَرِّجٍ بْنِ الْمَحْيَا وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا إِنْ هُوَ عَقَرَ الْنَّاقَةَ، وَاسْمُ الْأُخْرَى: "عُنَيْزَةٍ" بِنْتِ غُنْمٌ بْنَ مِجْلَزٍ، وَتَكْنِيَ: أَمْ غَنِيّمَةً، وَكَانَتْ عَجُوَزا كَافِرَةٌ، لَهَا بَنَاتِ مِنْ زَوْجِهَا ذُؤَابٌ بْنِ عَمْرِوٍ أَحَدٌ الْرُّؤَسَاءِ..

فَعَرَضْتُ بَنَاتُهَا الْأَرْبَعِ عَلَىَ قَدَّارُ بْنِ سَالِفَ؛ إِنْ هُوَ عَقَرَ الْنَّاقَةَ فَلَهُ أَيُّ بَنَاتُهَا شَاءَ، فَانْتَدَبَ هَذَا الْشَّابَّانِ لِعَقْرُهَا وَسَعَوْا فِيْ قَوْمِهِمْ بِذَلِكَ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ سَبْعَةُ آَخَرُونَ فَصَارُوْا تِسْعَةً، وَهُمْ الْمَذْكُوْرُونَ

فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَىْ:


{ وَكَانَ فِيْ الْمَدِيْنَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُوْنَ فِيْ الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُوْنَ } (سُوْرَةُ الْنَّمْلِ:48)
وَسَعَوْا فِيْ بَقِيَّةِ الْقَبِيْلَةِ وَحَسنُوْا لَهُمْ عُقْرَهَا، فَأَجَابُوْهُمْ إِلَيَّ ذَلِكَ وَطَاوَّعُوَهُمْ فِيْ ذَلِكَ، فَانْطَلَقُوْا يَرْصُدُونَ الْنَّاقَةَ..

فَلَمَّا صَدَرْتُ مِنَ وِرْدِهَا كَمَنْ لَهَا "مَصْرَعُ" فَرَمَاهَا بِسَهْمٍ فَانْتَظَمَ عَظُمَ سَاقَهَا، وَجَاءَ الْنِّسَاءِ يُذْمَرْنَ الْقَبْيَلَةِ فِيْ قَتْلِهَا، وَحَسِرْنَ عَنْ وَجَوههْنَ تَرْغِيْبِا لَهُمْ فِيْ ذَلِكَ فَابْتدِرِهُمْ قَدَّارُ بْنِ سَالِفَ، فَشَدَّ عَلَيْهَا بِالْسَّيْفِ فَكَشَفَ عَنْ عُرْقُوْبِهَا فَخَرْتُ سَاقِطَةٍ عَلَىَ الْأَرْضِ..

وَرَغَتْ رْغَاةِ وَاحِدَةٍ عَظِيْمَةٍ تُحَذِّرُ وَلَدِهَا، ثُمَّ طَعَنَ فِيْ لَبَّتِهَا فَنَحَرَهَا، وَانْطَلَقَ سَقْبِهَا ـ وَهُوَ فَصِيْلِهَا ـ فَصَعِدَ جَبَلَا مَنِيْعا، وَرَغَا ثَلَاثَا.
وَرَوَّىْ عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ أَيْنَ أُمِّيَّ؟ ثُمَّ دَخَلَ فِيْ صَخْرَةٍ فَغَابَ فِيْهَا. وَيُقَالُ: بَلْ اتَّبَعُوْهُ فَعَقَرُوْهُ أَيْضا.

قَالَ تَعَالَىْ:

{ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىْ فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِيّ وَنُذُرِ } (سُوْرَةُ الْقَمَرِ:29ـ30) وَقَالَ تَعَالَىْ: { إِذَا انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُوْلُ الْلَّهِ نَاقَةَ الْلَّهِ وَسُقْيَاهَا } (سُوْرَةُ الْشَّمْسِ:12ـ13)
أَيُّ: احْذَرُوهُا.

{ فَكَذَّبُوْهُ فَعَقَرُوْهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَّبِّهِمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وِلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } (سُوْرَةُ الْشَّمْسِ:14ـ15) قَالَ الْإِمَامُ احْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْلَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ ـ هُوَ أَبُوْ عُرْوَةَ ـ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْنَّاقَةَ وَذَكَرَ الَّذِيْ عَقَرَهَا فَقَالَ: (إِذَا انْبَعَثَتْ أَشْقَاهَا) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيْزٌ مُتِيْعٌ فِيْ رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِيْ زَمْعَةَ"
أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيْثٌ هِشَام بِهِ. عَارِمٌ: أَيُّ شَهْمٌ. عَزِيْزٌ: أَيُّ رَئِيْسُ. مَنِيْعٍ: أَيُّ مُطَاعٍ فِيْ قَوْمِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِيْ يَزِيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ بْنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: "أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَشْقَىَ الْنَّاسِ"؟ قَالَ: بَلَىَ، قَالَ: "رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا أُحَيْمِرُ ثَمُوْدَ الَّذِيْ عَقَرَ الْنَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يَا عَلِيُّ عَلَىَ هَذَا ـ يَعْنِيْ قَرْنَهُ ـ حَتَّىَ تَبْتَلُّ مِنْهُ هَذِهِ ـ يَعْنِيْ لِحْيَتَهُ ـ". رَوَاهُ ابْنُ أَبِيْ حَاتِمٍ.

وَقَالَ تَعَالَىْ: { فَعَقَرُوْا الْنَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوْا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنَّ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِيْنَ } (سُوْرَةُ الْأَعْرَافِ:77)
فَجَمَعُوا فِيْ كَلَامِهِمْ هَذَا بَيْنَ كُفْرٍ بَلِيْغٌ مِنْ وُجُوْهٍ:
مِنْهَا: أَنَّهُمْ خَالَفُوُا الْلَّهَ وَرَسُوَلُهُ فِيْ ارْتِكَابِهِمْ الْنَّهْيُ الْأَكِيدُ فِيْ عُقْرِ الْنَّاقَةَ؛ الَّتِيْ جَعَلَهَا الْلَّهُ لَهُمْ آَيَةً. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ اسْتَعْجَلُوا وُقُوْعِ الْعَذَابَ بِهِمْ، فَاسْتَحِقُوهُ مِنْ وَجْهَيْهِ: أَحَدُهُمَا: الْشَّرْطِ عَلَيْهِمْ فِيْ قَوْلِهِ: { وَلَا تَمَسُّوْهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيْبٌ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:64)

وَفِيْ آَيَةِ:
{ عَظِيْمٌ } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ:156)
وَفِيْ الْأُخْرَى:
{ أَلِيْمٌ } (سُوْرَةُ الْأَعْرَافِ:73)
وَالْكُلُّ حَقٌ. وَالْثَّانِيْ: اسْتِعْجَالَهُمْ عَلَىَ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ كَذَّبُوُا الْرَّسُوْلَ الَّذِيْ قَامَ الْدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَىَ نُبُوَّتِهِ وَصِدْقَهُ، وَهُمْ يَعْلَمُوْنَ ذَلِكَ عِلْمَا جَازِمَا، وَلَكِنَّ حَمَلَهُمْ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَالْعِنَادِ عَلَىَ اسْتِبْعَادِ الْحَقِّ وَوُقُوْعِ الْعَذَابِ بِهِمْ.

قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ:

{ فَعَقَرُوْهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِيْ دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوْبٍ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:65)
وَذَكَرُوَا أَنَّهُمْ لَمَّا عَقَرُوْا الْنَّاقَةَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ سَطَا عَلَيْهَا قَدَّارُ بْنِ سَالِفَ ـ لَعَنَهُ الْلَّهُ ـ فَعَرْقَبَهَا فَسَقَطَتْ إِلَيَّ الْأَرْضِ، ثُمَّ ابْتَدَرُوْهَا بِأَسْيَافِهِمْ يطُعُونَهَا، فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ سَبَقَهَا ـ وَهُوَ وَلَدِهَا ـ شرِدَ عَنْهُمْ فِعْلَا أَعْلَىَ الْجَبَلِ هُنَاكَ، وَرَغَا ثَلَاثٍ مَرَّاتٍ.

فَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: (تَمَتَّعُوا فِيْ دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيُّ: غَيْرَ يَوْمِهِمُ ذَلِكَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ أَيَضَا فِيْ هَذَا الْوَعْدُ الْأَكِيدُ، بَلْ لَمَّا أَمْسَوْا هَمُّوْا بِقَتْلِهِ وَأَرَادُوَا ـ فِيْمَا يَزْعُمُوْنَ ـ أَنَّ يُلْحِقْوَهُ بِالْنَّاقَةِ. (قَالُوْا تَقَاسَمُوْا بِالْلَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أَيُّ: لنكِبِسِنّهُ فِيْ دَارِهِ مَعَ أَهْلِهِ فَلَنَقْتُلِنّهُ، ثُمَّ لنَجحَدِنَ قَتَلَهُ، ولِنُنْكُرْنَ ذَلِكَ، إِنَّ طَالَبَنَا أَوْلِيَاؤُهُ بِدَمِهِ..

وَلِهَذَا قَالُوْا:

{ ثُمَّ لَنَقُوْلَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُوْنَ } (سُوْرَةُ الْنَّمْلِ:49)

قَالَ تَعَالَىْ:

{ وَمَكَرُوْا مَكْرَا وَمَكَرْنَا مَكْرَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُوْنَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِيْنَ * فَتِلْكَ بُيُوْتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوَا، إِنَّ فِيْ ذَلِكَ لَآَيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُوْنَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا وَكَانُوْا يَتَّقُوْنَ } (سُوْرَةُ الْنَّمْلِ:50ـ53)

وَذَلِكَ أَنَّ الْلَّهَ تَعَالَىْ أَرْسَلَ عَلَىَ أُوْلَئِكَ الْنَّفَرِ الَّذِيْنَ قَصَدُوْا قتلَ صَالِحٍ حِجَارَةً رَضَخْتِهُمْ فَأَهْلَكَهُمْ سلفا وَتَعْجِيْلا قَبْلَ قَوْمَهُمْ، وَأَصْبَحَتْ ثَمُوْدُ يَوْمَ الْخَمِيْسِ ـ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنَ أَيَّامٍ الْنَّظْرَةَ ـ وَوُجُوْهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ؛ كَمَا أَنْذَرَهُمْ صَالِحَ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ، فَلَمَّا أَمْسَوْا نَادُوْا بِأَجْمَعِهِمْ أَلَا قَدْ مَضَىْ يَوْمُ مِنْ الْأَجَلِ..

ثُمَّ أَصْبَحُوا فِيْ الْيَوْمِ الْثَّانِيَ مِنْ أَيَّامِ الْتَّأْجِيْلُ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ـ وَوُجُوْهُهُمْ مُحَمَرَّةُ، فَلَمَّا أَمْسَوْا نَادُوْا: أَلَا قَدْ مَضَىْ يَوْمَانِ مِنْ الْأَجَلِ، ثُمَّ أَصْبَحُوا فِيْ الْيَوْمِ الْثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الْمَتَاعِ وَهُوَ يَوْمُ الْسَّبْتِ ـ وَوُجُوْهُهُمْ مَسْوَدَّةٌ، فَلَمَّا أَمْسَوْا نَادُوْا: أَلَا قَدْ مَضَىْ الْأَجَلُ.

فَلَمَّا كَانَ صَبِيّحَةَ يَوْمِ الْأَحَدِ تَحَنَّطُوا وَتَأَهَّبُوا وَقَعَدُوا يَنْتَظِرُوْنَ مَاذَا يَحُلُّ بِهِمْ مِنْ الْعَذَابَ وَالنَّكَالِ وَالْنَّقِمَةِ لَا يَدْرُوْنَ كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِمْ وَلَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ يأْتِيَهِمْ الْعَذَابِ.

فَلَمَّا أَشْرَقَتِ الْشَّمْسُ جَاءَتْهُمْ صَيْحَةً مِنْ الْسَّمَاءِ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَرَجْفَةٌ شَدِيْدَةٍ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَفَاضَتْ الْأَرْوَاحْ، وَزَهَقَتِ الْنُّفُوْسُ، وَسَكَنَتِ الْحَرَكَاتُ، وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَحُقَّتْ الْحَقَّائِقِ، فَأَصْبَحُوْا فِيْ دَارِهِمْ جَاثمِينَ، جُثَثَا لَا أَرْوَاحَ فِيْهَا وَلَا حِرَّاك بِهَا، قَالُوْا: وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَا جَارِيَةٌ كَانَتْ مُقْعَدَةٌ وَاسْمُهَا "كَلْبَةٌ" ابْنَةُ الْسِّلْقِ ـ وَيُقَالُ لَهَا الْذَّرَيْعَةَ ـ وَكَانَتْ شَدِيْدَةٍ الْكُفْرِ وَالْعَدَاوَةُ لِصَالِحِ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْعَذَابَ أُطْلِقَتْ رِجْلَاهَا، فَقَامَتْ تَسْعَىَ كَأَسْرَعَ شَيْءٍ، فَأَتَتْ حَيا مِنْ الْعَرَبِ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِمَا رَأَتْ وَمَا حَلَّ بِقَوْمِهَا وَاستَّسَقَتِهُمْ مَاءً، فَلَمَّا شَرِبْتُ مَاتَتْ.

{ أَلَا أَنْ ثَمُوْدَ كَفَرُوَا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدَا لِّثَمُوْدَ } (سُوْرَةُ هُوْدٍ:68) أَيُّ: نَادَى عَلَيْهِمْ لِسَانِ الْقَدْرِ بِهَذَا.

قَالَ الْإِمَامُ احْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْلَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِيْ الْزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لِمَا مَرَّ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَرِ قَالَ: "لَا تَسْأَلُوا الْآَيَاتِ وَقَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ صَالِحٍ، فَكَانَتْ ـ يَعْنِيْ الْنَّاقَةَ ـ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ تُصَدَّرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، فَعَتَوْا عَلَىَ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوْهَا، فَكَانَتْ تَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمَا وَيَشْرَبُوْنَ لَبَنَهَا يَوْمَا، فعَقرَوْهَا فَأَخَذَتْهُمُ صَيْحَةً أُهْمَدَ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا مِنَ تَحْتَ أَدِيْمِ الْسَّمَاءِ مِنْهُمْ إِلَا رَجُلا وَاحِدَا كَانَ فِيْ حَرَمٍ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" فَقَالُوَا: مَنْ هُوَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ؟ قَالَ: "هُوَ أَبُوْ رِغَالٍ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ". وَهَذَا الْحَدِيْثُ عَلَىَ شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ فِيْ شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ السِّتَّةَ، وَالْلَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْرَّزَّاقِ أَيْضا: قَالَ مَعْمَرٌ: أَخْبَرَنِيْ إِسْمَاعِيْلُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ أَبِيْ رِغَالٍ، فَقَالَ: "أَتَدْرُوْنَ مَنْ هَذَا؟" قَالُوْا: الْلَّهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "هَذَا قَبْرُ أَبِيْ رِغَالٍ؛ رَجُلٌ مِنْ ثَمُوْدَ، كَانَ فِيْ حَرَمِ الْلَّهِ مَنَعَهُ حَرَّمُ الْلَّه مِنْ عَذَابِ الْلَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ فَدُفِنَ هَاهُنَا، وَدُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَنَزَلَ الْقَوْمُ فَابْتَدَرُوْهُ بِأَسْيَافِهِمْ، فَجَثَوْا عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْنِ" قَالَ عَبْدُ الْرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الْزُّهْرِيُّ: أَبُوْ رِغَالٍ أَبُوْ ثَقِيْفٍ. هَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ آَخَرَ مُتَّصِلَا كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٍ بْنِ إِسْحَاقُ فِيْ الَسِّيَرَةِ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ أُمَيَّةَ عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِيْ بُجَيْرٍ، قَالَ: سُمِعَتْ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ عُمَرٍ يَقُوْلُ: سُمِعَتْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِيْنَ خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَيَّ الْطَّائِفِ، فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ؛ فَقَالَ: "إِنِ هَذَا قَبْرُ أَبِيْ زِغَالٍّ وَهُوَ أَبُوْ ثَقِيْفٍ؛ وَكَانَ مِنْ ثَمُوْدَ؛ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يُدْفَعُ عَنْهُ؛ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيْهِ، وَآَيَةً ذَلِكَ أَنّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوُهُ مَعَهُ" فَابْتَدَرَهُ الْنَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا مِنَ الْغُصْنِ. وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُوْ دَاوُدَ مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُوْ الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ رَحِمَهُ الْلَّهُ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ عَزِيْزٌ. قُلْتُ: تَفَرَّدَ بِهِ بُجَيْرٍ بْنِ أَبِيْ بُجَيْرٍ هَذَا، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيْثِ، وَلَمْ يُرْوِ عَنْهُ سِوَىْ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ شَيْخُنَا: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَهُمْ فِيْ رَفْعِهِ، وَإِنَّمَا يَكُوْنُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنَ زَامِلَتَيْهِ. وَالْلَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: لَكِنْ فِيْ الْمُرْسَلِ الَّذِيْ قَبْلَهُ، وَفِيْ حَدِيْثِ جَابِرٍ، شَاهِدٌ لَهُ، وَالْلَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَىْ:
{ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّيَ وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنَّ لَا تُحِبُّوْنَ الْنَّاصِحِيْنَ } (سُوْرَةُ الْقَمَرِ:29ـ30)

إِخْبَارٌ عَنْ صَالِحِ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ، أَنَّهُ خَاطَبَ قَوْمِهِ بَعْدَ هَلْاكِهِمْ، وَقَدْ أَخَذَ فِيْ الْذَّهَابِ عَنْ مَحَلَّتَهُمْ إِلَيَّ غَيْرَهَا قَائِلا لَهُمْ: (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّيَ وَنَصَحْتُ لَكُمْ) أَيُّ: جَهَدْتُ فِيْ هَدَيْتُكُمْ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَنِي، وَحَرِصْتُ عَلَىَ ذَلِكَ بِقَوْلِيَ وَفِعْلِيْ وَنِيَّتِي. (وَلَكِنَّ لَا تُحِبُّوْنَ الْنَّاصِحِيْنَ)

أَيُّ: لَمْ تَكُنْ سَجَايَاكُمْ تَقَبَّلْ الْحَقِّ وَلَا تُرِيْدُهُ، فَلِهَذَا صِرْتُمْ إِلَيَّ مَا أَنْتُمْ فِيْهِ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، الُمَسْتَمِرٌّ بِكُلِّ الْمُتَّصَلِ إِلَيَّ الْأَبَدِ، وَلَيْسَ لِيَ فِيْكُمُ حِيْلَةً وَلَا لِيَ بِالْدَّفْعِ عَنْكُمْ يَدَانِ، وَالَّذِي وَجَبَ عَلَيَّ مِنْ أَدَاءِ الْرِّسَالَةِ وَالْنُّصْحِ لَكُمْ قَدْ فَعَلْتُهُ وَبِذْلَتِهِ لَكُمْ، وَلَكِنَّ الْلَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيْدُ.

وَهَكَذَا خَطَبَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ قَلِيْبِ بَدْرٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ لَيَالٍ؛ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، وَأْمُرْ بِالْرَحِيْلِ مِنْ آَخِرِ الْلَّيْلِ، فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقا؟ فَإِنِّيَ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّيَ حَقا" وَقَالَ لَهُمْ فِيْمَا قَالَ: "بِئْسَ عَشِيْرَةُ الْنَّبِيّ كُنْتُمْ لِنَبِّيكُم، كَذَّبْتُمُونِيَ وَصَدَّقَنِي الْنَّاسُ، وَأَخْرَجْتُمُونِيْ وَآَوَانِيُّ الْنَّاسُ، وَقَاتَلْتُمُوْنِيّ وَنَصَرَنِي الْنَّاسُ، فَبِئْسَ عَشِيْرَةِ الْنَّبِيِّ كُنْتُمْ لِنَبِّيكُم".

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ تَخَاطِبُ أَقْوَامُا قَدْ جَيَّفُوْا؟ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِيْ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُوْلُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُجِيِبُونَ". وَسَيَأْتِيَ بَيَانُهُ فِيْ مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ الْلَّهُ.. وَيُقَالُ: إِنَّ صَالِحَا ـ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ ـ انْتَقَلَ إِلَيَّ حَرَّمَ الْلَّهُ، فَأَقَامَ بِهِ حَتَّىَ مَاتَ.

قَالَ الْإِمَامُ احْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، وَحَدَّثَنَا زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنٍ عَبَّاسٍ قَالَ: لِمَا مَرَّ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِيْ عُسْفَانَ حِيْنَ حَجَّ قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ أَيُّ وَادٍ هَذَا؟" قَالَ: وَادِيْ عُسْفَانَ، قَالَ: "لَقَدْ مَرَّ بِهِ هُوْدٌ وَصَالِحٌ عَلَيْهِمَا الْسَّلامُ عَلَىَ بَكَرَاتٍ خَطْمِهَا اللِّيْفِ، أُزُرُهُمْ الْعَبَاءُ، وَأَرْدِيَتِهِمْ الْنِّمَارِ يُلَبُّونَ يَحَجُّونَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ". إِسْنَادٌ حَسَنٌ



قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: قـصــص الأنـبـيـــــاء-
انتقل الى: