منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 شُعَيْب عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

شُعَيْب عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: شُعَيْب عليه السلام   شُعَيْب عليه السلام Emptyالأحد 10 أكتوبر 2010, 12:05 am


شُعَيْب عليه السلام

نُبْذَة:


أُرْسِل شُعَيْب إِلَى قَوْم مَدْيَن وَكَانُوْا يَعْبُدُوْن الأَيْكَة وَكَانُوْا يَنْقُصُوْن الْمِكْيَال وَالَمِيْزَان وَلَا يُعْطُوْن الْنَّاس حَقَّهُم فَدَعَاهُم إِلَى عِبَادَة الْلَّه وَأَن يَتَعَامَلُوْا بِالْعَدْل وَلَكِنَّهُم أَبَوْا وَاسْتَكْبَرُوَا وَاسْتَمَرُّوا فِي عِنَادِهِم وَتَوَعَّدُوه بِالْرَّجَم وَالْطَّرْد وَطَالَبُوْه بِأَن يُنَزِّل عَلَيْهِم كِسَفا مِّن الْسَّمَاء فَجَاءَت الْصَّيْحَة وَقَضَت عَلَيْهِم جَمِيْعا.

سِيْرَتِه:

دَعْوَة شُعَيْب عَلَيْه الْسَّلَام:


لَقَد بَرَز فِي قِصَّة شُعَيْب أَن الدَّيْن لَيْس قَضِيَّة تَوْحِيْد وَأُلُوهِيَّة فَقَط، بَل إِنَّه كَذَلِك أُسْلُوْب لْحَيَاة الْنَّاس.. أَرْسَل الْلَّه تَعَالَى شُعَيْبا إِلَى أَهْل مَدْيَن.

فَقَال شُعَيْب (يَا قَوْم اعْبُدُوا الْلَّه مَا لَكُم مِّن إِلـه غَيْرُه) نَفْس الْدَّعْوَة الَّتِي يَدْعُوْهَا كُل نَبِي.. لَا تَخْتَلِف مِن نَبِي إِلَى آَخِر.. لَا تَتَبَدَّل وَلَا تَتَرَدَّد.

هِي أَسَاس الْعَقِيْدَة.. وَبِغَيْر هَذِه الْأَسَاس يَسْتَحِيْل أَن يَنْهَض بِنَاء.
بَعْد تَبْيِيْن هَذَا الْأَسَاس.. بَدَأ شُعَيْب فِي تَوْضِيْح الْأُمُور الْاخْرَى الَّتِي جَاءَت بِهَا دَعْوَتِه: (وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْر وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُّحِيْط) بَعْد قَضِيَّة الْتَّوْحِيْد مُبَاشَرَة.. يَنْتَقِل الْنَّبِي إِلَى قَضِيَّة الْمُعَامَلَات الْيَوْمِيَّة.. قَضِيَّة الْأَمَانَة وَالْعَدَالَة..

كَان أَهْل مَدْيَن يُنْقِصُون الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، وَلَا يُعْطُوْن الْنَّاس حَقَّهُم.. وَهِي رَذِيْلَة تُمَس نَظَافَة الْقَلْب وَالْيَد.. كَمَا تَمَس كَمَال الْمُرُوءَة وَالْشَّرَف، وَكَان أَهْل مَدْيَن يَعْتَبِرُوْن بَخْس الْنَّاس أَشْيَاءَهُم.. نَوْعَا مِن أَنْوَاع الْمَهَارَة فِي الْبَيْع وَالْشِّرَاء.. وَدَهَاء فِي الْأَخْذ وَالْعَطَاء..

ثُم جَاء نَبِيُّهُم وَأَفْهِمْهُم أَن هَذِه دَنَاءَة وَسَرِقَة.. أَفْهَمَهُم أَنَّه يَخَاف عَلَيْهِم بِسَبَبِهَا مِن عَذَاب يَوْم مُحِيْط.. انْظُر إِلَى تَدَخُّل الْإِسْلَام الَّذِي بَعَث بِه شُعَيْب فِي حَيَاة الْنَّاس، إِلَى الْحَد الَّذِي يَرْقُب فِيْه عَمَلِيَّة الْبَيْع وَالْشِّرَاء.

قَال: (وَيَا قَوْم أَوْفُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْط وَلَا تَبْخَسُوا الْنَّاس أَشْيَاءَهُم وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِيْن) لَم يَزَل شُعَيْب مَاضِيا فِي دَعْوَتِه.. هَا هُو ذَا يُكَرِّر نُصْحَه لَهُم بِصُوْرَة إِيْجَابِيَّة بَعْد صُوْرَة الْنَّهْي الْسَّلْبِيَّة..إِنَّه يُوْصِيْهِم أَن يُوْفُوْا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْط.. بِالْعَدْل وَالْحَق.. وَهُو يُحَذِّرُهُم أَن يُبْخَسُوا الْنَّاس أَشْيَائِهِم.

لْنَتدْبّر مَعَا فِي الْتَّعْبِيْر الْقُرْآنِي الْقَائِل: (وَلَا تَبْخَسُوا الْنَّاس أَشْيَاءَهُم) كَلِمَة الْشَّيْء تُطْلَق عَلَى الْأَشْيَاء الْمَادِيَّة وَالْمَعْنَوِيَّة.. أَي أَنَّهَا لَيْسَت مَقْصُوْرَة عَلَى الْبَيْع وَالْشِّرَاء فَقَط، بَل تَدْخُل فِيْهَا الْأَعْمَال، أَو الْتَّصَرُّفَات الْشَّخْصِيَّة.

وَيَعْنِي الْنَّص تَحْرِيْم الْظُّلْم، سَوَاء كَان ظُلْما فِي وَزْن الْفَاكِهَة أَو الْخَضْرَاوَات، أَو ظُلْما فِي تَقْيِيْم مَجْهُوْد الْنَّاس وَأَعْمَالَهُم.. ذَلِك أَن ظَلَم الْنَّاس يُشَيِّع فِي جَو الْحَيَاة مَشَاعِر مِن الْأَلَم وَالْيَأْس وَاللامُبَالَاة، وَتَكُوْن الْنَّتِيجَة أَن يَنْهَزِم الْنَّاس مِن الْدَّاخِل، وَتَنْهَار عَلَاقَات الْعَمَل، وَتُلْحِقَهَا الْقَيِّم..

وَيُشَيِّع الاضْطِرَاب فِي الْحَيَاة.. وَلِذَلِك يَسْتَكْمِل الْنَّص تَحْذِيْرِه مِن الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِيْن) الْعُثْو هُو تَعَمَّد الْإِفْسَاد وَالْقَصْد إِلَيْه فَلَا تُفْسِدُوْا فِي الْأَرْض مُتَعَمِّدِين قَاصِدِيْن (بَقِيَّة الْلَّه خَيْر لَّكُم).. مَا عِنْد الْلَّه خَيْر لَّكُم.. (إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِيْن).

بَعْدَهَا يُخْلِي بَيْنَهُم وَبَيْن الْلَّه الَّذِي دَعَاهُم إِلَيْه.. يُنَحِّي نَفْسِه وَيُفَهِّمَهُم أَنَّه لَا يَمْلِك لَهُم شَيْئا.. لَيْس مُوَكَّلا عَلَيْهِم وَلَا حَفِيْظا عَلَيْهِم وَلَا حَارِسَا لَهُم.. إِنَّمَا هُو رَسُوْل يَبْلُغُهُم رِسَالات رَبِّه: (وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيْظ) بِهَذَا الْأُسْلُوب يَشْعُر شُعَيْب قَوْمِه بِأَن الْأَمْر جَد، وَخَطِيْر، وَثَقِيْل.. إِذ بَيْن لَهُم عَاقِبَة إِفْسَادِهِم وَتَرَكَهُم أَمَام الْعَاقِبَة وَحْدَهُم.

رَد قَوْم شُعَيْب:

كَان هُو الَّذِي يَتَكَلَّم.. وَكَان قَوْمِه يَسْتَمِعُوْن.. تَوَقَّف هُو عَن الْكَلَام وَتُحَدِّث قَوْمِه: (قَالُوَا يَا شُعَيْب أَصَلَاتُك تَأْمُرُك أَن نَّتْرُك مَا يَعْبُد آبَاؤُنَا أَو أَن نَّفْعَل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّك لَأَنْت الْحَلِيْم الْرَّشِيْد) كَان أَهْل مَدْيَن كُفَّارا يَقْطَعُوْن الْسَّبِيل، وَيَخِيْفُوْن الْمَارَّة، وَيَعْبُدُوْن الْأَيْكَة..

وَهِي شَجَرَة مِن الْأَيْك حَوْلَهَا غَيْضَة مُلْتَفَّة بِهَا.. وَكَانُوْا مِن أَسْوَأ الْنَّاس مُعَامَلَة، يُبْخَسُون الْمِكْيَال وَالْمِيزَان وَيُطَفَّفُون فِيْهِمَا، وَيَأْخُذُوْن بِالْزَّائِد وَيَدْفَعُوْن بِالْنَّاقِص.. انْظُر بَعْد هَذَا كُلِّه إِلَى حِوَارِهِم مَع شُعَيْب: (قَالُوَا يَا شُعَيْب أَصَلَاتُك تَأْمُرُك أَن نَّتْرُك مَا يَعْبُد آبَاؤُنَا)... ؟

بِهَذَا الْتَّهَكُّم الْخَفِيف وَالسُّخْرِيَة المُنْدّهْشَة.. وَاسْتَهْوَال الْأَمْر.. لَقَد تَجَرَّأْت صَلَاة شُعَيْب وَجَنَّت وَأَمَرْتُه أَن يَأْمُرَهُم أَن يُتْرَكُوَا مَا كَان يَعْبُد آَبَاؤُهُم.. وَلَقَد كَان آَبَاؤُهُم يَعْبُدُوْن الْأَشْجَار وَالْنَّبَاتَات.. وَصَلَاة شُعَيْب تَأْمُرُهُم أَن يَعْبُدُوَا الْلَّه وَحْدَه..

أَي جُرْأَة مَن شُعَيْب..؟ أَو فَلْنَقُل أَي جُرْأَة مِن صَلَاة شُعَيْب..؟ بِهَذَا الْمَنْطِق الْسَّاخِر الْهازِئ وَجْه قَوْم شُعَيْب خِطَابِهِم إِلَى نَبِيِّهِم.. ثُم عَادُوْا يَتَسَاءَلُون بِدَهْشَة سَاخِرَة: (أَو أَن نَّفْعَل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) تَخَيَّل يَا شُعَيْب أَن صَلَاتَك تَتَدَخَّل فِي إِرَادَتُنَا، وَطَرِيْقَة تَصَرَّفْنَا فِي أَمْوَالِنَا.. مَا هِي عِلَاقِة الْإِيْمَان وَالْصَّلاة بِالْمُعَامَلَات الْمَادِّيَّة؟

بِهَذَا الْتَّسَاؤُل الَّذِي ظَنَّه قَوْم شُعَيْب قِمَّة فِي الْذَّكَاء.. طَرَحُوْا أَمَامَه قَضِيَّة الْإِيْمَان، وَأَنْكَرُوْا أَن تَكُوْن لَهَا عُلَاقَة بِسُلُوك الْنَّاس وَتَعَامُلُهُم وَاقْتِصَادَهُم. هَذِه الْمُحَاوَلَة لِلْتَّفْرِيْق بَيْن الْحَيَاة الاقْتِصَادِيَّة وَالْإِسْلَام، وَقَد بَعَث بِه كُل الْأَنْبِيَاء، وَإِن اخْتَلَفَت أَسْمَاؤُه.. هَذِه الْمُحَاوَلَة قَدِيْمَة مِن عُمَر قَوْم شُعَيْب.

لَقَد أَنْكَرُوْا أَن يَتَدَخَّل الْدِّيْن فِي حَيَاتِهِم الْيَوْمِيَّة، وَسُلُوْكِهِم وَاقْتِصَادَهُم وَطَرِيْقَة إِنْفَاقِهِم لِأَمْوَالِهِم بِحُرِّيَّة.. إِن حُرِّيَّة إِنْفَاق الْمَال أَو إِهْلَاكِه أَو الْتَّصَرُّف فِيْه شَيْء لَا عَلَاقَة لَه بِالْدَّيْن.. هَذِه حُرِّيَّة الْإِنْسَان الْشَّخْصِيَّة.. وَهَذَا مَالَه الْخَاص، مَا الَّذِي أُقْحِم الْدِّيْن عَلَى هَذَا وَذَاك؟..

هَذَا هُو فَهْم قَوْم شُعَيْب لِلْإِسْلَام الَّذِي جَاء بِه شُعَيْب، وَهُو لَا يَخْتَلِف كَثِيْرا أَو قَلِيْلا عَن فَهُم عَدِيْد مِن الْأَقْوَام فِي زَمَانِنَا الَّذِي نَعِيْش فِيْه. مَا لِلْإِسْلَام وَسُلُوْك الْإِنْسَان الْشَخْصِي وَحَيَاتُهُم الاقْتِصَادِيَّة وَأُسْلُوب الْإِنْتَاج وَطُرُق الْتَّوْزِيع وَتُصْرَف الْنَاس فِي أَمْوَالِهِم كَمَا يَشَاءُوْن..؟ مَا لِلْإِسْلَام وَحَيَاتَنَا الْيَوْمِيَّة..؟

ثُم يَعُوْدُوْن إِلَى السُّخْرِيَة مِنْه وَالاسْتِهْزَاء بِدَعْوَتِه (إِنَّك لَأَنْت الْحَلِيْم الْرَّشِيْد) أَي لَو كُنْت حَلِيْمَا رَشِيْدا لِمَا قُلْت مَا تَقُوْل.
أَدْرَك شُعَيْب أَن قَوْمَه يَسْخَرُوْن مِنْه لِاسْتِبْعَادَهُم تُدْخِل الْدِّيْن فِي الْحَيَاة الْيَوْمِيَّة.. وَلِذَلِك تَلَطَّف مَعَهُم تَلَطَّف صَاحِب الْدَّعْوَة الْوَاثِق مِن الْحَق الَّذِي مَعَه، وَتَجَاوَز سُخْرِيَتِهِم لَا يُبَالِيْهَا، وَلَا يَتَوَقَّف عِنْدَهَا، وَلَا يُنَاقِشْهَا.. تَجَاوَز السُّخْرِيَة إِلَى الْجِد.. أَفْهَمَهُم أَنَّه عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّه.. إِنَّه نَبِي يَعْلَم وَهُو لَا يُرِيْد أَن يُخَالِفَهُم إِلَى مَا يَنْهَاهُم عَنْه، إِنَّه لَا يَنْهَاهُم عَن شَيْء لِيُحَقِّق لِنَفْسِه نَفْعا مِنْه، إِنَّه لَا يَنْصَحُهُم بِالْأَمَانَة ليُخُلُوا لَه الْسُّوْق فَيَسْتَفِيْد مِن الْتَّلاعُب.. إِنَّه لَا يَفْعَل شَيْئا مِن ذَلِك..

إِنَّمَا هُو نَبِي.. وَهَا هُو ذَا يُلَخِّص لَهُم كُل دَعَوَات الْأَنْبِيَاء هَذَا الْتَّلْخِيْص الْمُعْجِز: (إِن أُرِيْد إِلَا الْإِصْلاح مَا اسْتَطَعْت) إِن مَا يُرِيْدُه هُو الْإِصْلاح.. هَذِه هِي دَعَوَات الْأَنْبِيَاء فِي مَضْمُوْنِهَا الْحَقِيقِي وَعَمَّقَهَا الْبَعِيْد.. إِنَّهُم مُصْلِحُوْن أَسَاسُا، مُصْلِحُوْن لِلْعُقُوْل، وَالْقُلُوْب، وَالْحَيَاة الْعَامَّة، وَالْحَيَاة الْخَاصَّة.

بَعْد أَن بَيَّن شُعَيْب عَلَيْه الْسَّلَام لِقَوْمِه أَسَاس دَعْوَتِه، وَمَا يَجِب عَلَيْهِم الِالْتِزَام بِه، وَرَأَى مِنْهُم الاسْتِكْبَار، حَاوَل إِيقَاض مَشَاعِرُهُم بِتَذْكِيْرِهُم بِمَصِيْر مِن قَبْلِهِم مِّن الْأُمَم، وَكَيْف دَمِّرْهُم الْلَّه بِأَمْر مِنْه. فَذَكَّرَهُم قَوْم نُوْح، وَقَوْم هُوْد، وَقَوْم صَالِح، وَقَوْم لُوْط. وَأَرَاهُم أَن سَبِيِل الْنَّجَاة هُو الْعَوْدَة لِلَّه تَائِبِيْن مُسْتَغْفِرِيْن، فَالْمَوْلَى غَفُوْر رَّحِيْم.

تَحَدِّي وَتَهْدِيْد الْقَوْم لِشُعَيْب:

لَكِن قَوْم شُعَيْب أَعْرَضُوْا عَنْه قَائِلِيْن: (قَالُوَا يَا شُعَيْب مَا نَفْقَه كَثِيْرا مِّمَّا تَقُوْل وَإِنَّا لَنَرَاك فِيْنَا ضَعِيْفا) إِنَّه ضَعِيْف بِمِقِيَاسُهُم. ضَعِيْف لِأَن الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِّيْهُم فَقَط اتَّبَعُوْه، أَمَّا عُلَيَّة الْقَوْم فَاسْتَكْبَرُوَا وَأَصَرُّوا عَلَى طُغْيَانِهِم.

إِنَّه مِقْيَاس بَشَرِي خَاطِئ، فَالَقُوَّة بِيَد الْلَّه، وَالْلَّه مَع أَنْبِيَاءِه. وَيَسْتَمِر الْكَفَرَة فِي تَهْدِيْهِم قَائِلِيْن: (وَلَوَلا رَهْطُك لَرَجَمْنَاك وَمَا أَنْت عَلَيْنَا بِعَزِيْز) لَوْلَا أَهْلَك وَقَوْمَك وَمَن يَتْبَعُك لحَفَرْنا لَك حُفْرَة وقَتَلْنَاك ضَرْبَا بِالْحِجَارَة.

نَرَى أَنَّه عِنْدَمَا أَقَام شُعَيْب -عَلَيْه الْسَّلَام- الْحِجَّة عَلَى قَوْمِه، غَيِّرُوْا أُسْلُوْبِهِم، فَتَحَوَّلُوْا مِن الْسُّخْرِيَة إِلَى الْتَّهْدِيْد. وَأَظْهَرُوْا حَقِيْقَة كُرْهِهِم لَه. لَكِن شُعَيْب تَلَطَّف مَعَهُم.. تَجَاوُز عَن إِسَاءَتَهُم إِلَيْه وَسَأَلَهُم سُؤَالِا كَان هَدَفُه إِيْقَاظ عُقُوْلِهِم: (قَال يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَز عَلَيْكُم مِّن الْلَّه) يَا لِسَذَاجَة هَؤُلَاء. إِنَّهُم يُسِيْئُون تَقْدِيْر حَقِيْقَة الْقُوَى الَّتِي تَتَحَكَّم فِي الْوُجُوْد..

إِن الْلَّه هُو وَحْدَه الْعَزِيْز.. وَالْمَفْرُوْض أَن يُدْرِكُوْا ذَلِك.. الْمَفْرُوْض أَلَا يُقِيْم الْإِنْسَان وَزْنَا فِي الْوُجُوْد لِغَيْر الْلَّه.. وَلَا يَخْشَى فِي الْوُجُود غَيْر الْلَّه.. وَلَا يَعْمَل حِسَابا فِي الْوُجُوْد لِقُوَّة غَيْر الْلَّه.. إِن الْلَّه هُو الْقَاهِر فَوْق عِبَادِه.

وَيَبْدُو أَن قَوْم شُعَيْب ضَاقُوْا ذَرْعا بِشُعَيْب. فَاجْتَمَع رُؤَسَاء قَوْمِه. وَدَخَلُوا مَرْحَلَة جَدِيدَة مِن الْتَّهْدِيْد.. هُدِّدُوه أَوَّلَا بِالْقَتْل، وَهَا هُم أُوْلَاء يُهَدِّدُونَه بِالْطَّرْد مِن قَرْيَتِهِم.. خَيَّرُوه بَيْن الْتَّشْرِيد، وَالْعَوْدَة إِلَى دِيَانَتِهِم وَمِلَّتِهِم الَّتِي تَعْبُد الْأَشْجَار وَالْجَمَادَات..

وَأَفْهِمْهُم شُعَيْب أَن مَسْأَلَة عَوْدَتِه فِي مِلَّتِهِم مَسْأَلَة لَا يُمْكِن حَتَّى الْتَفْكِيْر بِهَا فَكَيْف بِهِم يَسْأَلُوْنَه تَنْفِيذِهَا. لَقَد نَجَّاه الْلَّه مِن مِلَّتَهُم، فَكَيْف يَعْوَد إِلَيْهَا؟ أَنَّه هُو الَّذِي يَدْعُوَهُم إِلَى مِلَّة الْتَّوْحِيْد.. فَكَيْف يَدْعُوَنَه إِلَى الْشِّرْك وَالْكُفْر؟ ثُم أَيْن تَكَافُؤ الْفُرَص؟ أَنَّه يَدْعُوَهُم بِرِفْق وَلِيُن وَحُب.. وَهُم يُهَدِّدُونَه بِالْقُوَّة.

وَاسْتَمَر الْصِرَاع بَيْن قَوْم شُعَيْب وَنَبِيُّهُم.. حَمَل الْدَّعْوَة ضِدَّه الْرُّؤَسَاء وَالْكُبَرَاء وَالْحُكَّام.. وَبَدَا وَاضِحَا أَن لَا أَمَل فِيْهِم.. لَقَد أَعْرَضُوْا عَن الْلَّه.. أَدَارُوْا ظُهُوْرَهُم لِلَّه. فَنَفَض شُعَيْب يَدَيْه مِنْهُم. لَقَد هَجَرُوا الْلَّه، وَكَذَّبُوُا نَبِيِّه، وَاتَّهَمُوه بِأَنَّه مَسْحُور وَكَاذِب.. فَلْيَعْمَل كُل وَاحِد.. وَلْيَنتَظُرُوا جَمِيْعا أَمَر الْلَّه.

هَلَاك قَوْم شُعَيْب:

وَانْتَقَل الْصِّرَاع إِلَى تُحِد مِن لَوْن جَدِيْد. رَاحُوْا يُطَالِبُوْنَه بِأَن يَسْقُط عَلَيْهِم كِسَفا مِّن الْسَّمَاء إِن كَان مِن الْصَّادِقِيْن.. رَاحُوْا يَسْأَلُوْنَه عَن عَذَاب الْلَّه.. أَيْن هُو..؟ وَكَيْف هُو..؟ وَلِمَاذَا تَأَخَّر..؟ سَخِرُوا مِنْه.. وَانْتَظِر شُعَيْب أَمْر الْلَّه.

أَوْحَى الْلَّه إِلَيْه أَن يَخْرُج الْمُؤْمِنِيْن وَيُخْرِج مَعَهُم مِن الْقَرْيَة.. وَخَرَج شُعَيْب.. وَجَاء أَمَرَّه تَعَالَى:
وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبا وَالَّذِين آَمَنُوُا مَعَه بِرَحْمَة مَّنَّا وَأَخَذَت الَّذِيْن ظَلَمُوَا الْصَّيْحَة فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِم جَاثِمِيْن (94) كَأَن لَّم يَغْنَوْا فِيْهَا أَلَا بُعْدا لِّمَدْيَن كَمَا بَعِدَت ثَمُوْد (94) (هُوْد)

هِي صَيْحَة وَاحِدَة.. صَوْت جَاءَهُم مِّن غَمَامَة أَظَلَّتْهُم.. وَلَعَلَّهُم فَرِحُوْا بِمَا تَصَوَّرُوْا أَنَّهَا تَحْمِلُه مِن الْمَطَر.. ثُم فُوْجِئُوْا أَنَّهُم أَمَام عَذَاب عَظِيْم لِيَوْم عَظِيْم.. انْتَهَى الْأَمْر.

أَدْرَكْتُهُم صَيْحَة جَبَّارة جُعِلْت كُل وَاحِد فِيْهِم يَجْثُم عَلَى وَجْهِه فِي مَكَانِه الَّذِي كَان فِيْه فِي دَارِه.. صُعِقْت الْصَّيْحَة كُل مَخْلُوْق حَي.. لَم يَسْتَطِع أَن يَتَحَرَّك أَو يَجْرِي أَو يَخْتَبِئ أَو يُنْقِذ نَفْسَه.. جَثَم فِي مَكَانِه مَصْرُوْعا بِصَيْحَة.

قِصَّة مَدْيَن قَوْم شُعَيْب عَلَيْه الْسَّلَام

قَال: وَيُقَال لَه بِالسُّرْيَانِيَّة يَتِرُوْن، وَفِي هَذَا نَظَر، وَيُقَال شُعَيْب بْن يُشَخِّر بْن لَاوِي ابْن يَعْقُوْب، وَيُقَال: شُعَيْب بْن نُوَيْب بْن عِيْفَا بْن مَدْيَن بْن إِبْرَاهِيْم، وَيُقَال: شُعَيْب ابْن ضَّيَفُوّر بْن عَيَّتَا بْن ثَابِت بْن مَدْيَن بْن إِبْرَاهِيْم، وَقِيْل غَيْر ذَلِك فِي نَسَبِه. وَقَال ابْن عَسَاكِر: وَيُقَال جَدَّتِه، وَيُقَال أُمُّه، بِنْت لُوْط. وَكَان مِمَّن آَمَن بِإِبْرَاهِيْم، وَهَاجَر مَعَه، وَدَخَل مَعَه دِمَشْق.

وَعَن وَهْب بْن مُنَبِّه أَنَّه قَال: شُعَيْب وَمَلَغَّم مِمَّن آَمَن بِإِبْرَاهِيْم يَوْم أَحْرِق بِالْنَّار، وَهَاجَر مَعَه إِلَي الْشَّام، فَزَوجَهُما بِنْتِي لُوْط عَلَيْه الْسَّلَام. ذَكَرَه ابْن قُتَيْبَة. وَفِي هَذَا كُلِّه نَظَر أَيْضا. وَالْلَّه أَعْلَم.
وَذَكَر عُمَر بْن عَبْد الْبَر فِي "الِاسْتِيْعَاب" فِي تَرْجَمَة سَلَمَة بْن سَعْدِي الْعِنْتَرِي: أَنَّه قَدِم عَلَى رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَأَسْلَم وَانْتَسَب إِلَي عَنَزَة، فَقَال: "نِعْم الْحَي عَنَزَة مَبْغِي عَلَيْهِم، مَنْصُوْرُوْن، رَهْط شُعَيْب وَأَخْتَان مُوْسَى"

فَلَو صَح هَذَا لَدَل عَلَى أَن شُعَيْبا صِهْر مُوْسَى، وَأَنَّه مِن قَبِيْلَة مِن الْعَرَب الْعَارِبَة يُقَال لَهُم عَنَزَة، لَا أَنَّهُم مِن عَنَزَة بْن أَسَد بْن رَبِيْعَة بْن نِزَار بْن مَعَد بْن عَدْنَان، فَإِن هَؤُلَاء بَعْدِه بِدَهْر طَوِيْل، وَالْلَّه أَعْلَم.

وَفِي حَدِيْث أَبِي ذَر الَّذِي فِي صَحِيْح ابْن حِبَّان فِي ذِكْر الْأَنْبِيَاء وَالْرُّسُل قَال: "أَرْبَعَة مِن الْعَرَب: هُوْد، وَصَالِح، وَشُعَيْب، وَنَبِيِّك يَا أَبَا ذَر".

وَكَان بَعْض الْسَّلَف يُسَمِّي شُعَيْبا خَطِيْب الْأَنْبِيَاء، يَعْنِي لِفَصَاحَتِه وَحَلْاوَة عِبَارَتِه وَبَلَاغَتِه فِي دِّعَايَة قَوْمِه إِلَي الْإِيْمَان بِرِسَالَتِه.

وَقَد رَوَى ابْن إِسْحَاق بْن بِشْر عَن جُوَيْبِر وَمُقَاتِل، عَن الْضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس قَال: كَان رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِذَا ذَكَر شَعْبِيّا قَال: "ذَاك خَطِيْب الْأَنْبِيَاء"

وَكَان أَهْل مَدْيَن كُفَّارا يَقْطَعُوْن الْسَّبِيل وَيَخِيْفُوْن الْمَارَّة، وَيَعْبُدُوْن الْأَيْكَة، وَهِي شَجَرَة مِن الْأَيْك حَوْلَهَا غَيْضَة مُلْتَفَّة بِهَا. وَكَانُوْا مِن أَسْوَأ الْنَّاس مُعَامَلَة، يُبْخَسُون الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، وَيُطَفَّفُون فِيْهِمَا، يَأْخُذُوْن بِالْزَّائِد، وَيَدْفَعُوْن بِالْنَّاقِص.

فَبَعَث الْلَّه فِيْهِم رَجُلا مِنْهُم وَهُو رَسُوْل الْلَّه شُعَيْب عَلَيْه الْسَّلَام، فَدَعَاهُم إِلَي عُبَادَة الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه، وَنَهَاهُم عَن تَعَاطِي هَذِه الْأَفَاعِيْل الْقَبِيْحَة مِن بَخْس الْنَّاس أَشْيَاءَهُم وَإِخَافَتَهُم لَهُم فِي سُبُلِهِم وَطُرُقَاتِهِم، فَآَمَن بِه بَعْضُهُم وَكَفِّر أَكْثَرُهُم، حَتَّى أُحِل بِهِم الْلَّه الْبَأْس الْشَّدِيْد، وَهُو الْوَلِي الْحَمِيْد.

كَمَا قَال تَعَالَى:

{ وَإِلَى مَدْيَن أَخَاهُم شُعَيْبا، قَال يَا قَوْم اعْبُدُوا الْلَّه مَا لَكُم مِن إِلَه غَيْرُه، قَد جَاءَتْكُم بَيِّنَة مِّن رَّبِّكُم } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:85)

أَي: دَلَالَة وَحُجَّة وَاضِحَة، وَبُرْهَان قَاطِع عَلَى صِدْق مَا جِئْتُكُم بِه وَأَنَّه أَرْسَلَنِي، وَهُو مَا أَجْرَى الْلَّه عَلَى يَدَيْه مِن الْمُعْجِزَات الَّتِي لَم تُنْقَل إِلَيْنَا تَفْصِيلَا، وَإِن كَان هَذَا الْلَّفْظ قَد دَل عَلَيْهَا إِجْمَالَا.
{ فَأَوْفُوا الْكَيْل وَالْمِيزَان وَلَا تَبْخَسُوا الْنَّاس أَشْيَاءَهُم فِي الْأَرْض بَعْد إِصْلاحِهَا } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:85)
أَمْرِهِم بِالْعَدْل وَنَهَاهُم عَن الْظُّلْم، وَتَوَعَّدَهُم عَلَى خِلَاف ذَلِك فَقَال: { ذَلِكُم خَيْر لَّكُم إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِيْن * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُل صِرَاط } أَي: طَرِيْق.
{ تُوْعَدُوْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:85ـ86)
أَي: تَتُوعَدُون الْنَّاس بِأَخْذ أَمْوَالِهِم مِن مُكَوْس وَغَيْر ذَلِك وَتُخِيفُون السُّبُل.

قَال الْسُّدِّي فِي تَفْسِيْرِه عَن الْصَّحَابَه: (وَلَا تَقْعُدُوْن بِكُل صِرَاط تُوْعِدُوْن) أَنَّهُم كَانُوْا يَأْخُذُوْن الْعُشُور مِن أَمْوَال الْمَارَّة.
وَقَال إِسْحَاق بْن بِشْر بْن الْضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس قَال: كَانُوْا طُغَاة بُغَاة يَجْلِسُوْن عَلَى الْطَّرِيْق، يُبْخَسُون الْنَّاس؛ يَعْنِي يُعِشِّرَونَهُم، وَكَانُوْا أَوَّل مَن سَن ذَلِك.

{ وَتَصُدُّوْن عَن سَبِيِل الْلَّه مَن آَمَن وَتَبْغُوْنَهَا عِوَجَا } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:86)
ذِكْرِهِم بِنِعْمَة الْلَّه تَعَالَى عَلَيْهِم فِي تَكَثِيْرِهُم بَعْد الْقِلَّة، وَحَذَّرَهُم نِقْمَة الْلَّه بِهِم إِن خَالَفُوُا مَا أَرْشَدَهُم إِلَيْه وَدَلَّهُم عَلَيْه.

كَمَا قَال لَهُم فِي الْقِصَّة الْأُخْرَى:
{ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْر وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُّحِيْط } (سُوْرَة هُوْد:85)
أَي: لَا تَرْكَبُوْا مَا أَنْتُم عَلَيْه وَتَسْتَمِرُّوْا فِيْه، فَيَمْحق الْلَّه بَرَكَة مَا بِأَيْدِيَكُم؛ وَيُفَقِرَكُم وَيُذْهِب مَا بِه يُغْنِيْكُم. هَذَا مُضَاف إِلَي عَذَاب الْآَخِرَة، وَمَن جَمَع لَه هَذَا وَهَذَا، فَقَد فَاز بِالْصَّفْقَة الْخَاسِرَة!.

فَنَهَاهُم أَوَّلَا عَن تَعَاطِي مَا لَا يَلِيْق مِن الْتَّطْفِيْف، وَحَذَّرَهُم سُلِب نِعْمَة الْلِه عَلَيْهِم فِي دُنْيَاهُم، وَعَذَابَه الْأَلِيم فِي أُخْرَاهُم، وَعَنَّفَهُم أَشَد تَعْنِيْف.

ثُم قَال لَهُم آَمِرا بَعُد مَا كَان عَن ضِدِّه زاجَرا:
{ وَيَا قَوْم أَوْفُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْط، وَلَا تَبْخَسُوا الْنَّاس أَشْيَاءَهُم وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِيْن * بَقِيَّة الْلَّه خَيْر لَّكُم إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِيْن وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيْظ } (سُوْرَة هُوْد:85ـ86)

قَال ابْن عَبَّاس وَالْحَسَن الْبَصْرِي: (بَقِيَّة الْلَّه خَيْر لَّكُم) أَي: رِزْق الْلَّه خَيْر لَّكُم مَن أَخَذ أَمْوَال الْنَّاس. وَقَال ابْن جَرِيْر: مَا فَضَّل لَكُم مِن الرِّبْح بَعْد وَفَاء الْكَيْل وَالْمِيزَان خَيْر لَّكُم مَن أَخَذ أَمْوَال الْنَّاس بِالْتَّطْفِيْف، قَال: وَقَد رُوِي هَذَا عَن ابْن عَبَّاس.

وَهَذَا الَّذِي قَالَه وَحَكَاه حُسْن، وَهُو شَبِيْه بِقَوْلِه تَعَالَى: { قُل لَا يَسْتَوِي الْخَبِيْث وَالْطَّيِّب وَلَو أَعْجَبَك كَثْرَة الْخَبِيْث } (سُوْرَة الْمَائِدَة:100)
يَعْنِي: أَن الْقَلِيل مِن الْحَلال خَيْر لَكُم مِن الْكَثِيْر الْحَرَام، فَإِن الْحَلَال مُبَارَك وَإِن قَل، وَالْحَرَام مَمْحُوْق وَإِن كَثُر.

كَمَا قَال تَعَالَى:
{ يَمْحَق الْلَّه الْرِّبَا وَيُرْبِي الْصَّدَقَات } (سُوْرَة الْبَقَرَة:276) وَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: "إِن الْرِّبَا وَإِن فَإِن مَصِيْرَه إِلَي قُل".
رَوَاه احْمَد أَي: إِلَي قِلَّة

وَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: الْبَيِّعَان بِالْخِيَار مَا لَم يَتَفَرَّقَا، فَإِن صَدَقَا وَبَيَّنَا بُوْرِك لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِن كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَت بَرَكَة بَيْعِهِمَا"
وَالْمَقْصُوْد أَن الرِّبْح الْحَلَال مُبَارَك فِيْه وَإِن قَل، وَالْحَرَام لَا يُجْدِي وَإِن كَثُر.

وَلِهَذَا قَال نَبِي الْلَّه شُعَيْب: { بَقِيَّة الْلَّه خَيْر لَّكُم إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِيْن } (سُوْرَة هُوْد:86) وَقَوْلُه: { وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيْظ } (سُوْرَة هُوْد:86)
أَي: افْعَلُوْا مَا آَمُرُكُم بِه ابْتِغَاء وَجْه الْلَّه وَرَجَاء ثَوَابِه، لَا لُأَرَاكُم أَنَا وَغَيْرِي.

{ قَالُوَا يَا شُعَيْب أَصَلَاتُك تَأْمُرُك أَن نَّتْرُك مَا يَعْبُد آبَاؤُنَا أَو أَن نَّفْعَل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء، إِنَّك لَأَنْت الْحَلِيْم الْرَّشِيْد } (سُوْرَة هُوْد:87)
يَقُوْلُوْن هَذَا عَلَى سَبِيِل الِاسْتِهْزَاء وَالْتَّنَقُّص وَالْتَّهَكُّم: أَصَلَاتُك هَذِه الَّتِي تُصَلِّيَهَا؛ هِي الْآَمِرَة لَك بِأَن تُحَجِّر عَلَيْنَا فَلَا نَعْبُد إِلَا إِلَهُك؟ وَنَتْرُك مَا يَعْبُد آبَاؤُنَا الْأَقْدَمُون وَأَسْلافَا الْأَوَّلُون؟ أَو أَنَا لَا نَتَعَامَل إِلَا عَلَى الْوَجْه الَّذِي تَرْتَضِيْه أَنْت، وَنَتْرُك الْمُعَامَلَات الَّتِي تَأْبَاهَا إِن كُنَّا نَحْن نَرْضَاهَا؟.

(إِنَّك لَأَنْت الْحَلِيْم الْرَّشِيْد) قَال ابْن عَبَّاس وَمَيْمُوْن بْن مِهْرَان وَابْن جُرَيْج وَزَيْد ابْن أَسْلَم وَابْن جَرِيْر: يَقُوْلُوْن ذَلِك أَعْدَاء الْلَّه عَلَى سَبِيِل الِاسْتِهْزَاء.

{ قَال يَا قَوْم أَرَأَيْتُم إِن كُنْت عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْه رِزْقا حَسَنَا، وَمَا أُرِيْد أَن أُخَالِفَكُم إِلَي مَا أَنْهَاكُم عَنْه، إِن أُرِيْد إِلَا الْإِصْلاح مَا اسْتَطَعْت، وَمَا تَوْفِيْقِي إِلَا بِاللَّه، عَلَيْه تَوَكَّلْت وَإِلَيْه أُنِيْب } (سُوْرَة هُوْد:88)

هَذَا تَلَطَّف مَعَهُم فِي الْعِبَارَة، وَدَعْوَة إِلَي الْحَق بِأَبْيَن إِشَارَة. يَقُوْل لَهُم: (أَرَأَيْتُم) أَيُّهَا الْمُكَذِّبُوْن (إِن كُنْتُم عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّي) أَي: عَلَى أَمْر مِن الْلَّه تَعَالَى أَنَّه أَرْسَلَنِي إِلَيْكُم (وَرَزَقَنِي مِنْه رِزْقا حَسَنَا) يَعْنِي: الْنُّبُوَّة وَالْرِّسَالَة، يَعْنِي وَعَمَى عَلَيْكُم مَعْرِفَتِهَا، فَأَي حِيْلَة لِي بِكُم؟. وَهَذَا كَمَا تَقَدَّم عَن نُوْح عَلَيْه الْسَّلَام أَنَّه قَال لِقَوْمِه سَوَاء.

وَقَوْلُه: (وَمَا أُرِيْد أَن أُخَالِفَكُم إِلَي مَا أَنْهَاكُم عَنْه) أَي: لَيْسَت آَمُرُكُم بِالْأَمْر إِلَا وَأَنَا أَوَّل فَاعِل لَه، وَإِذَا نَهَيْتُكُم عَن الْشَّيْء فَأَنَا أَوَّل مَن يَتْرُكُه. وَهَذِه هِي الْصُّفَّة الْمَحْمُوْدَة الْعَظِيْمَة، وَضِدُّهَا هِي الْمَرْدُوْدَة الْذَّمِيْمَة، كَمَا تَلْبَس بِهَا عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيْل فِي آَخِر زَمَنِهِم، وَخُطَبَاؤُهُم الْجَاهِلُوْن.

قَال الْلَّه تَعَالَى:
{ أَتَأْمُرُوْن الْنَّاس بِالْبِر وَتَنْسَوْن أَنْفُسَكُم وَأَنْتُم تَتْلُوْن الْكِتَاب أَفَلَا تَعْقِلُوْن } (سُوْرَة الْبَقَرَة:44)
وَذَكِّرْنَا عِنْدَهَا فِي الْصَّحِيْح عَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَنَّه قَال: "يُؤْتِي بِالْرَّجُل فَيُلْقَى فِي الْنَّار فَتَنْدَلِق أَقْتَاب بَطْنِه ـ أَي: تَخْرُج أَمْعَاؤُه مِن بَطْنِه ـ فَيَدُور بِهَا كَمَا يَدُوْر الْحِمَار بِرَحَاه، فَيَجْتَمِع أَهْل الْنَّار فَيَقُوْلُوْن: يَا فُلَان مَا لَك؟ أَلَم تَكُن تَأْمُر بِالْمَعْرُوْف وَتَنْهَى عَن الْمُنْكَر؟ فَيَقُوْل: بَلَى: كُنْت آَمُر بِالْمَعْرُوْف وَلَا آَتِيْه، وَأَنْهَى عَن الْمُنْكَر وَآَتِيه"

(وَمَا تَوْفِيْقِي) أَي: فِي جَمِيْع أَحْوَالِي (إِلَا بِاللَّه عَلَيْه تَوَكَّلْت وَإِلَيْه أُنِيْب) أَي: عَلَيْه أَتَوَكَّل فِي سَائِر الْأُمُور، وَإِلَيْه مَرْجِعِي وَمَصِيْرِي فِي كُل أَمْرِي. هَذَا مَقَام تَرْغِيْب. ثُم انْتَقَل إِلَي نَوْع مِن الْتَّرْهِيْب فَقَال:
{ وَيَا قَوْم لَا يَجْرِمَنَّكُم شِقَاقِي أَن يُصِيْبَكُم مِّثْل مَا أَصَاب قَوْم نُوْح أَو قَوْم هُوْد أَو قَوْم صَالِح، وَمَا قَوْم لُوْط مِّنْكُم بِبَعِيْد } (سُوْرَة هُوْد:89)

أَي: لَا تَحْمِلَنَّكُم مُخَالَفَتِي مَا جِئْتُكُم بِه عَلَى الاسْتِمْرَار عَلَى ضَلَالَكُم وَجُهَّلَكم وَمُخَالَفَتْكُم، فَيَحِل الْلَّه بِكُم مِن الْعَذَاب وَالنَّكَال، نَظِيْر مَا أَحَلَّه بِنُظَرَائِكُم وَأَشَبَاهِكُم؛ مِن قَوْم نُوْح وَقَوْم هُوْد وَقَوْم صَالِح مِن الْمُكَذِّبِيْن الْمُخَالِفِيْن.

وَقَوْلُه: (وَمَا قَوْم لُوْط مِّنْكُم بِبَعِيْد)، قِيَل مَعْنَاه: فِي الْزَّمَان، أَي: مَا بِالْعَهْد مِن قِدَم؛ مِمَّا بَلَغَكُم مَا أَحَل بِهِم عَلَى كُفْرِهِم وَعُتُوِّهِم، وَقِيْل مَعْنَاه: وَمَا هُم مِّنْكُم بِبَعِيْد فَي الْمَحَلَّة الْكُبْرَى. وَقِيْل: فِي الْصِّفَات وَالْأَفْعَال المُسْتَقَبِحَات؛ مَن قَطَع الْطَّرِيْق، وَأَخْذ أَمْوَال الْنَّاس جَهْرَة وَخُفْيَة بِأَنْوَاع الْحِيَل وَالشُّبُهَات.

وَالْجَمْع بَيْن هَذِه الْأَقْوَال مُمْكِن؛ فَإِنَّهُم لَم يَكُوْنُوْا بَعِيْدِيْن لَا زَمَانا وَلَا مَكَانْا وَلَا صِفَات.
ثُم مَزْج الْتَّرْهِيْب بِالْتَّرْغِيْب فَقَال:
{ وَاسْتَغْفِرُوْا رَبَّكُم ثُم تُوْبُوْا إِلَيْه إِن رَبِّي رَحِيْم وَدُوْد } (سُوْرَة هُوْد:90)

أَي: أَقْلَعُوْا عَمَّا أَنْتُم فِيْه، وَتُوْبُوْا إِلَي رَبِّكُم الْرَّحِيْم الْوَدُوْد، فَإِنَّه مَن تَاب إِلَيْه تَاب عَلَيْه، فَإِنَّه (رَّحِيْم) بِعِبَادِه، أَرْحَم بِهِم مِن الْوَالْدَّة بِوَلَدِهَا، (وَدُوْد) وَهُو الْمُجِيْب وَلَو بَعْد الْتَّوْبَة عَلَى عَبْدِه، وَلَو مِن الْمُوْبِقَات الْعِظَام.

{ قَالُوَا يَا شُعَيْب مَا نَفْقَه كَثِيْرا مِّمَّا تَقُوْل وَإِنَّا لَنَرَاك فِيْنَا ضَعِيْفَا } (سُوْرَة هُوْد:91)
رُوِي عَن ابْن عَبَّاس وَسَعِيْد بْن جُبَيْر وَالْثَّوْرِي أَنَّهُم قَالُوْا: كَان ضَرَيُر الْبَصَر. وَقَد رُوِي فِي حَدِيْث مَرْفُوْع: "أَنَّه بَكَى مِن حُب الْلَّه حَتَّى عَمِي، فَرَد الْلَّه عَلَيْه بَصَرَه، وَقَال: يَا شُعَيْب أَتَبْكِي خَوْفا مِن الْنَّار؟ أَو مِن شَوْقِك إِلَي الْجَنَّة؟ فَقَال: بَلَى مَن مَحَبَّتِك، فَإِذَا نَظَرْت إِلَيْك فَلَا أُبَالِي مَاذَا يَصْنَع بِي، فَأَوْحَى الْلَّه إِلَيْه: هَنِيْئَا لَك يَا شُعَيْب لِقَائِي، فَلِذَلِك أَخْدَمْتُك مُوْسَى بَن عِمْرَان كَلِيْمِي".

رَوَاه الْوَاحِدِي عَن أَبِي الْفَتْح مُحَمَّد بْن عَلِي الْكُوْفِي، عَن عَلِي بْن الْحَسَن بْن بُنْدَار، عَن أَبِي عَبْد الْلَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الْرَّمْلِي، عَن هِشَام بْن عَمَّار، عَن إِسْمَاعِيْل بْن عَيَّاش، عَن يَحْيَى بْن سَعِيْد، عَن شَدَّاد بْن أَوْس، عَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بِنَحْوِه. وَهُو غَرِيْب جِدَّا، وَقَد ضَعَّفَه الْخَطِيْب الْبَغْدَادِي.

وَقَوْلِهِم:
{ وْلَّوْلَا رَهْطُك لَرَجَمْنَاك، وَمَا أَنْت عَلَيْنَا بِعَزِيْز } (سُوْرَة هُوْد:91) وَهَذَا مِن كُفْرِهِم الْبَلِيَّغ، وَعِنَادِهِم الْشَّنِيْع، حَيْث قَالُوْا: { وَمَا نَفْقَه كَثِيْرا مِّمَّا تَقُوْل } (سُوْرَة هُوْد:91)
أَي: مَا نَفْهَمُه وَلَا نَعْقِلُه، لَأَنَا لَا نُحِبُّه وَلَا نُرِيْدُه، وَلَيْس لَنَا هِمَّة إِلَيْه، وَلَا إِقْبَال عَلَيْه. وَهُو كَمَا قَال كُفَّار قُرَيْش لِرَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم:
{ وَقَالُوْا قُلُوْبُنَا فِي أَكِنَّة مِّمَّا تَدْعُوْنَا إِلَيْه وَفِي آذَانِنَا وَقْر وَمِن بَيْنِنَا حِجَاب فَاعْمَل إِنَّنَا عَامِلُوْن } (سُوْرَة فُصِّلَت:50)

وَقَوْلِهِم: (وَإِنَّا لَنَرَاك فِيْنَا ضَعِيْفَا) أَي: مُضْطَهَدَا مَهْجُوْرَا، (وَلَوْلَا رَهْطُك) أَي: قَبِيْلَتُك وَعَشِيْرَتَك فِيْنَا (لَرَجَمْنَاك وَمَا أَنْت عَلَيْنَا بِعَزِيْز).
{ قَال يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَز عَلَيْكُم مِّن الْلَّه } (سُوْرَة هُوْد:92)

أَي: تَخَافُوْن قَبِيْلَتِي وَعَشِيْرَتِي وتَرْعُونَنِي بِسَبَبِهِم، وَلَا تَخَافُوْن جَنْب الْلَّه، وَلَا تُرَاعُوْنِي لِأَنِّي رَسُوْل الْلَّه؟ فَصَار رَهْطِي أَعَز عَلَيْكُم مِّن الْلَّه
{ وَاتَّخَذْتُمُوْه وَرَاءَكُم ظِهْرِيّا } (سُوْرَة هُوْد:92)
أَي: جَعَلْتُم جَانِب الْلَّه وَرَاء ظُهُوْرِكُم

{ إِن رَبِّي بِمَا تَعْلَمُوْن مُحِيْط } (سُوْرَة هُوْد:92)
أَي: هُو عَلِيِّم بِمَا تَعْلَمُوْنَه وَمَا تَصْنَعُوْنَه، مُحِيْط بِذَلِك كُلِّه، وَسَيَجْزِيَكُم عَلَيْه يَوْم تُرْجَعُوْن إِلَيْه.
{ وَيَا قَوْم اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُم إِنِّي عَامِل، سَوْف تَعْلَمُوْن مَن يَأْتِيَه عَذَاب يُخْزِيِه وَمَن هُو كَاذِب، وَارْتَقِبُوَا إِنِّي مَعَكُم رَقِيْب } (سُوْرَة هُوْد:93)

هَذَا أَمْر تَهْدِيْد شَدِيْد وَوَعِيْد أَكِيْد، بِأَن يَسْتَمِرُّوْا عَلَى طَرِيْقَتِهِم وَمَنْهَجُهُم وشَاكَّلْتِهُم، فَسَوْف تَعْلَمُوْن مَن تَكُوْن لَه عَاقِبَة الْدَّار، وَمَن يَحُل عَلَيْه الْهَلَاك وَالْبَوَار (مِن يَأْتِيَه عَذَاب يُخْزِيِه) أَي: فِي هَذِه الْحَيَاة الْدُّنْيَا (وَيُحِل عَلَيْه عَذَاب مُّقِيْم) أَي: فِي الْآَخِرَة (وَمَن هُو كَاذِب) أَي: مِنِّي وَمِنْكُم فِيْمَا أَخْبَر وَبَشِّر وَحَذَّر. (وَارْتَقِبُوَا إِنِّي مَعَكُم رَقِيْب)
هَذَا كَقَوْلِه: { وَإِن كَان طَائِفَة مِنْكُم آَمَنُوْا بِالَّذِي أُرْسِلْت بِه، وَطَائِفَة لَم يُؤْمِنُوَا فَاصْبِرُوَا حَتَّى يَحْكُم الْلَّه بَيْنَنَا، وَهُو خَيْر الْحَاكِمِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف: 87)

{ قَال الَمَلَأ الَّذِيْن اسْتَكْبَرُوَا مِن قَوْمِه لَنُخْرِجَنَّك يَا شُعَيْب وَالَّذِين آَمَنُوُا مَعَك مِن قَرْيَتِنَا أَو لَتَعُوْدُن فِي مِلَّتِنَا، قَال أَو لَو كُنَّا كَارِهِيْن * قُد افْتَرَيْنَا عَلَى الْلَّه كَذِبَا إِن عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْد إِذ نَجَّانَا الْلَّه مِنْهَا، وَمَا يَكُوْن لَنَا أَن نَّعُوْد فِيْهَا إِلَا أَن يَشَاء الْلَّه رَبُّنَا، وَسِع رَبُّنَا كُل شَيْء عِلْمَا، عَلَى الْلَّه تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَح بَيْنَنَا وَبَيْن قَوْمِنَا بِالْحَق وَأَنْت خَيْر الْفَاتِحِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:88ـ89)

طَلَبُوْا بِزَعْمِهِم أَن يَرُدُّوْا مَن آَمَن مِنْهُم إِلَي مِلَّتَهُم، فَانْتَصَب شُعَيْب لِلْمُحَاجَة عَن قَوْمِه فَقَال: (أَو لَو كُنَّا كَارِهِيْن؟) أَي: هَؤُلَاء لَا يَعُوْدُوْن إِلَيْكُم اخْتِيَارَا، وَإِنَّمَا يَعُوْدُوْن إِلَيْكُم ـ إِن عَادُوْا ـ اضْطِرَارِا مُكْرَهِين؛ وَذَلِك لِأَن الْإِيْمَان إِذَا خَالَطَتْه بَشَاشَة الْقُلُوْب لَا يَسْخَطُه أَحَد، وَلَا يَرْتَد أَحَد عَنْه، وَلَا مَحِيْد لِأَحَد مِنْه.

وَلِهَذَا قَال:

{ قُد افْتَرَيْنَا عَلَى الْلَّه كَذِبا إِن عَنَّا فِي مِلَّتِكُم بَعْد إِذ نَجَّانَا الْلَّه مِنْهَا، وَمَا يَكُوْن لَنَا أَن نَّعُوْد فِيْهَا إِلَا أَن يَشَاء الْلَّه رَبُّنَا، وَسِع رَبُّنَا كُل شَيْء عَلْمَا عَلَى الْلَّه تَوَكَّلْنَا } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:89)

أَي: فَهُو كَافِيْنَا، وَهُو الْعَاصِم لَنَا، وَإِلَيْه مَلْجَأُنَا فِي جَمِيْع أَمْرِنَا. ثُم اسْتَفْتَح عَلَى قَوْمِه، وَاسْتَنْصَر رَبّه عَلَيْهِم فِي تَعْجِيْل مَا يَسْتَحِقُّوْنَه إِلَيْهِم فَقَال:
{ رَبَّنَا افْتَح بَيْنَنَا وَبَيْن قَوْمِنَا بِالْحَق وَأَنْت خَيْر الْفَاتِحِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:89)

أَي: الْحَاكِمِيْن، فَدَعَا عَلَيْهِم، وَالْلَّه لَا يُرَد دُعَاء رُسُلِه إِذَا اسْتَنَصُرُوه عَلَى الَّذِيْن جَحَدُوه وَمَع هَذَا صَمَّمُوا عَلَى مَا هُم عَلَيْه مُشْتَمِلُون، وَبِه مُتَلَبِّسُون: {وَقَال الْمَلَأ الَّذِيْن كَفَرُوَا مِن قَوْمِه لَئِن اتَّبَعْتُم شُعَيْبا إِنَّكُم إِذَا لَّخَاسِرُوْن} (سُوْرَة الْأَعْرَاف: 90)
قَال الْلَّه تَعَالَى: { فَأَخَذَتْهُم الْرَّجْفَة فَأَصْبِحُوا فِي دَارِهِم جَاثِمِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:91) ذُكِر فِي سُوْرَة الْأَعْرَاف أَنَّهُم أَخَذْتُهُم رَجْفَة، أَي: رَجَفَت بِهِم أَرْضِهِم، وَزُلْزِلَت زِلْزَالَا شَدِيْدا أُزْهِقَت أَرْوَاحُهُم مِن أَجْسَادِهِم، وَصَيَّرَت حَيَوَانَات أَرْضَهُم كَجَمَادَهَا، وَأَصْبَحَت جُثَثُهُم جَاثِيَة؛ لَا أَرْوَاح فِيْهَا، وَلَا حَرَكَات بِهَا، وَلَا حَوَاس لَهَا.

وَقَد جَمَع الْلَّه عَلَيْهِم أَنْوَاعَا مِن الْعُقُوْبَات، وصُنَوْفا مَن الْمَثُلات، وَأَشْكَالِا مِن الْبَلِيّات، وَذَلِك لِمَا اتَّصَفُوْا بِه مِن قَبِيْح الْصِّفَات، وَسَلَط الْلَّه عَلَيْهِم رَجْفَة شَدِيْدَة أَسْكَنْت الْحَرَكَات، وَصَيْحَة عَظِيْمَة أُخْمِدَت الْأَصْوَات، وَظُلَّة أَرْسَل عَلَيْهِم مِنْهَا شَرَر الْنَّار مِن سَائِر أَرْجَائِهَا وَالْجِهَات.

وَلَكِن تَعَالَى أَخْبَر عَنْهُم فِي كُل سُوْرَة بِمَا يُنَاسِب سِيَاقِهَا وَيُوَافِق طِبَاقُهَا؛ فِي سِيَاق قِصَّة الْأَعْرَاف أَرْجَفُوا بِنَبِي الْلَّه وَأَصْحَابُه، وَتُوَعَدُوَهُم بِالْإِخْرَاج مِن قَرْيَتِهِم، أَو لَّيَعُوْدُوْن فِي مِلَّتِهِم رَاجِعِيْن.

فَقَال تَعَالَى:
{ فَأَخَذَتْهُم الْرَّجْفَة فَأَصْبِحُوا فِي دَارِهِم جَاثِمِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:91)
فَقَابِل الْإِرْجَاف بِالرَّجْفَة، وَالْإِخَافَة بِالْخِيفَة، وَهَذَا مُنَاسِب لِهَذَا السِّيَاق وَمُتَعَلِّق بِمَا تَقَدّمَه مَن السِّيَاق.

وَأَمَّا فِي سُوْرَة هُوْد؛ فَذَكَر أَنَّهُم أَخَذْتُهُم الْصَّيْحَة فِي دِيَارِهِم جَاثِمِيْن، وَذَلِك لِأَنَّهُم قَالُوْا لِنَبِي الَلّه عَلَى سَبِيِل الْتَّهَكُّم وَالاسْتِهْزَاء وَالْتَّنَقُّص:
{ أَصَلَاتُك تَأْمُرُك أَن نَّتْرُك مَا يَعْبُد آبَاؤُنَا وَأَن نُفَعِّل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّك لَأَنْت الْحَلِيْم الْرَّشِيْد } (سُوْرَة هُوْد:87)

فَنَاسْبَان يُذْكَر الْصَّيْحَة الَّتِي هِي كَالزَّجّر عَن تَعَاطِي هَذَا الْكَلَام الْقَبِيْح الَّذِي وَاجَهُوْا بِه هَذَا الْرَّسُوْل الْكَرِيم الْأَمِيْن الْفَصِيح، فَجَاءَتْهُم صَيْحَة أَسْكَتَتْهُم مَع رَجْفَة أسَكِتِنْهُم.

{ إِنَّمَا أَنْت مِن الْمُسَحَّرِين * وَمَا أَنْت إِلَّا بَشَر وَإِن نَّظُنُّك لَمِن الْكَاذِبِيْن * فَأَسْقِط عَلَيْنَا كِسَفَا مِن الْسَّمَاء إِن كُنْت مِن الْصَّادِقِيْن * قَال رَبِّي أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُوْن } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء:185ـ188)

قَال الْلَّه تَعَالَى وَهُو الْسَّمِيْع الْعَلِيْم:
{ فَكَذَّبُوْه فَأَخَذَهُم عَذَاب يَوْم الْظُّلَّة إِنَّه كَان عَذَاب يَوْم عَظِيْم } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء: 189)
وَمَن زَعَم مِن الْمُفَسِّرِيْن كَقَتَادَة وَغَيْرِه: أَن أَصْحَاب الْأَيْكَة أُمَّة أُخْرَى غَيْر أَهْل مَدْيَن فَقَوْلُه ضَعِيْف. وَإِنَّمَا عُمْدَتُهُم شَيْئَان:

أَحَدُهُمَا:
أَنَّه قَال: { كَذَّب أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِيْن * إِذ قَال لَهُم شُعَيْب } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء:176ـ177)
وَلَم يَقُوْل أَخُوَهُم، كَمَا قَال:
{ وَإِلَى مَدْيَن أَخَاهُم شُعَيْبا } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:85)

وَالْثَّانِي:
أَنَّه ذَكَر عَذَابِهِم بِيَوْم الْظُّلَّة، وَذَكَر فِي أُوْلَئِك الْرَّجْفَة أَو الْصَّيْحَة. وَالْجَوَاب عَن الْأَوَّل: أَنَّه لَم يَذْكُر الْأُخُوَّة بَعْد قَوْلِه: (كَذَّب أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِيْن) لِأَنَّه وَصَفَهُم بِعِبَادَة الْأَيْكَة، فَلَا يُنَاسِب ذَكَر الْأُخُوَّة هَاهُنَا، وَلَمَّا نَسَبَهُم إِلَي الْقَبِيْلَة سَاغ ذِكْر شُعَيْب بِأَنَّه أَخُوَهُم. وَهَذَا الْفَرْق مِن الْنَّفَائِس الْعَزِيْزَة الْشَّرِيْفَة.

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُم بِيَوْم الْظُّلَّة؛ فَإِن كَان دَلِيْلا بِمُجَرَّدِه عَلَى أَن هَؤُلَاء أُمَّة أُخْرَى، فَلْيَكُن تَعْدَاد الانْتِقَام بِالرَّجْفَة وَالْصَّيْحَة دَلِيّلا عَلَى أَنَّهُمَا أُمَّتَان أُخْرَيَان. فَأَمَّا الْحَدِيْث الَّذِي أَوْرَدَه الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة الْنَّبِي شُعَيْب عَلَيْه الْسَّلَام؛ مِن طَرِيْق مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة، عَن أَبِيْه، عَن مُعَاوِيَة بْن هِشَام، عَن هِشَام ابْن سَعْد، عَن شَقِيْق بْن أَبِي هِلَال، عَن رَبِيْعَة بْن سَيْف، عَن عَبْد الْلَّه بْن عَمْرِو مَرْفُوْعا: "إِن قَوْم مَدْيَن وَأَصْحَاب الْأَيْكَة أُمَّتَان بَعَث الْلَّه إِلَيْهِمَا شُعَيْبا الْنَّبِي عَلَيْه الْسَّلَام".

فَإِنَّه حَدِيْث غَرِيْب، وَفِي رِجَالِه مِن تِكْلم فِيْه، وَالْأَشْبَه أَنَّه مَن كْلْام عَبْد الْلَّه بْن عَمْرِو؛ مِمَّا أَصَابَه يَوْم الْيَرْمُوك مِن تِلْك الْزَّامِلَتَيْن مَن أَخَبَار بَنِي إِسْرَائِيْل، وَالْلَّه أَعْلَم. ثُم قَد ذَكَر الْلَّه عَن أَهْل الْأَيْكَة مِن الْمَذَمَّة مَا ذَكَرَه عَن أَهْل مَدْيَن مِن الْتَّطْفِيْف فِي الْمِكْيَال وَالْمِيزَان؛ فَدَل عَلَى أَنَّهُم أُمَّة وَاحِدَة، أَهْلِكُوا بِأَنْوَاع مِن الْعَذَاب، وَذَكَر فِي كُل مَوْضِع مَا يُنَاسِب مِن الْخَطَّاب.

وَقَوْلُه:
{ فَأَخَذَهُم عَذَاب يَوْم الْظُّلَّة إِنَّه كَان عَذَاب يَوْم عَظِيْم } (سُوْرَة الْشُّعَرَاء: 189)
ذُكِّرُوْا أَنَّهُم أَصَابَهُم حَر شَدِيْد، وَأَسْكُن الْلَّه هَبُوْب الْهَوَاء عَنْهُم سَبْعَة أَيَّام، فَكَان لَا يَنْفَعُهُم مَع ذَلِك مَاء وَلَا ظِل، وَلَا دُخُوْلِهِم فِي الْأَسْرَاب، فَهَرَّبُوْا مِن مَحَلَّتِهِم إِلَي الْبَرِّيَّة، فَأَظَلَّتْهُم سَحَابَة، فَاجْتَمَعُوْا تَحْتِهَا لْيَسْتَظَلُوا بِظِلِّهَا، فَلَمَّا تَكَامَلُوْا فِيْه أَرْسَلَهَا الْلَّه تَرْمِيْهِم بِشَرَر وَشُهُب، وَرَجْفَت بِهِم الْأَرْض، وَجَاءَتْهُم صَيْحَة مَن الْسَّمَاء، فَأَرْهَقَت الْأَرْوَاح وَخَرَجْت الْأَشْبَاح.

{ فَأَصْبَحُوْا فِي دَارِهِم جَاثِمِيْن * الَّذِيْن كَذَّبُوُا شُعَيْبا كَأَن لَّم يَغْنَوْا فِيْهَا، الَّذِيْن كَذَّبُوُا شُعَيْبا كَانُوْا هُم الْخَاسِرِيْن } (سُوْرَة الْأَعْرَاف:91ـ92)
وَنَجَّى الْلَّه شُعَيْبا وَمَن مَّعَه مَن الْمُؤْمِنِيْن، كَمَا قَال تَعَالَى وَهُو أَصْدَق ا


شُعَيْب عليه السلام 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
شُعَيْب عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: قـصــص الأنـبـيـــــاء-
انتقل الى: