منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض Empty
مُساهمةموضوع: الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض   الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض Emptyالأربعاء 26 أبريل 2017, 5:57 pm

الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض
======================
السؤال: لماذا أمرنا الله سبحانه وتعالى باجتناب النساء أثناء الحيض؟

الجواب:
لما سأل المؤمنون رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الحيض نزلت الآية الكريمة: (ويسألونك عن المَحِيضِ قل هو أذًى فاعتَزِلوا النساءَ في المَحِيضِ ولا تَقرَبُوهنَّ حتى يَطهُرنَ فإذا تَطَهَّرنَ فَأْتُوهنَّ من حيثُ أمَرَكم اللهُ إن اللهَ يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين) (البقرة: 222).

وسؤال المؤمنين عن المَحيض هو رغبة في معرفة هل من الحلال معاشرة الزوجة أثناء فترة المحيض، وعندما نتأمل هذا القول الحكيم فإننا نجد أن الحق سبحانه قد قسم قضية الحيض إلى مقدمات تتبعها نتائج، فعندما سأل البعضُ، بعض المؤمنين، عن المَحيض قال الحق: (قل هو أذًى) وحين تسمع كلمة (أذًى) فمعنى ذلك أن الحق قد أعطَى الحكم، والحق هو الخالق الأعلم بأسرار خلقه، والمَحيض يُطلق على المكان وزمان الحيض.

وحين يقول الحق عن المَحيض أنه أذًى فمعنى ذلك أنه يهيئ الذهن إلى أن هناك حكمًا يترتب على قوله (هو أذًى) والحكم هو الحظر.

(قال العلامة ابن كثير: روى الإمام أحمد عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحابُ النبيّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله عز وجل: "ويسألونك عن المَحِيضِ قل هو أذًى فاعتَزِلوا النساءَ في المَحِيضِ ولا تَقرَبُوهنَّ حتى يَطهُرنَ" حتى فرغ من الآية، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهودَ فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يَدَعَ من أمرنا شيئًا إلا خالَفَنا فيه!

فجاء أُسيد بن حضير وعبّاد ابن بشر فقالا: يا رسول الله، إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا نجامعهنَّ؟‍ فتغير وجه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى ظنَنَّا أن قد وجَد عليهما، فخرَجَا، فاستقبَلَهما هديةٌ من لبن إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأرسَلَ في آثارهما فسقَاهما، فعَرَفَا أن لم يَجِدْ عليهما أخرجه مسلم [302/ 16] وأحمد في المسند [3/133]، عن أنس رضي الله تعالى عنه، وأبو داود [2165] وابن ماجه [644] عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقوله: "فاعتَزِلوا النساءَ في المَحيض" يعني: الفرج.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه تجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.

روى أبو داود عن عكرمة عن بعض أزواج النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقَى على فرجها ثوبًا رواه أبو داود [272] وصححه الألبانيّ في صحيح أبي داود [242].

وروى ابن جرير أن مسروقًا ركب إلى عائشة فقال: السلام على النبيّ وعلى أهل بيته، فقالت عائشة: أبو عائشة، مرحبًا، فَائذَنُوا له، فدخل، فقال: إني أريد أن أسألكِ عن شيء وأنا أستحي، فقالت: إنما أنا أمك وأنت ابني، فقال: ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت: له كل شيء إلا فرجَها رواه الطبريّ [4245] وقال الشيخ شاكر: وإسناده صحيح، وروَى معناه عن عائشة قبلَه وبعدَه بأسانيد صحاح.

وهذا وإن إن كان موقوفا لفظًا فهو مرفوع في المعنى؛ لأن الصحابيّ إذا حكَى عما يَحلّ ويحرُم فالثقةُ به ألَّا يحكيَ ذلك إلا عمّن يؤخذ عنه الحلال والحرام، وهو معلِّم الخير ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أن تدل دلائل على أن الصحابيَّ يقوله من عند نفسه اجتهادًا.

ثم الرواية عن عائشة هنا قرائنها تدل على الرفع، فلم يكن مسروق لِيَتجشَّمَ سؤالها في أدقّ شؤون النساء ـ مما يستحي الرجل أن يواجه به المرأة، وخاصة بالنسبة لأمهات المؤمنين ـ إلا أن يكون ذلك ليعرف الحكم عن مصدر التحليل والتحريم لا ليعرف رأيَها الخاصَّ واجتهادَها والصحابةُ إذا ذاك كثيرون متوافرون وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة.

قلت: وتَحِلُّ مضاجعتها ومؤاكلتها بلا خلاف. قالت عائشة: كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض أخرجه البخاريّ [301] ومسلم [297/8] بلفظ: وكان يُخرج رأسه إليَّ وهو معتكف فأغسله وأنا حائض وكان يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن أخرجه البخاريّ [297] ومسلم [301/15].

وفي الصحيح عنها قالت: كنت أتعرَّقُ العَرْقَ وأنا حائض فأعطيه النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيضعُ فمه في الموضع الذي وضعتُ فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب أخرجه مسلم [300/14] وأبو داود [259] واللفظ له.

والعَرْقُ ـ بفتح العين وسكون الراء ـ العظم إذا أُخذ عنه معظم اللحم وبَقيَت عليه بقية وقال آخرون: إنما تحلّ له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار، كما ثبت في الصحيحين عن ميمونة بنت الحارث الهلالية قالت: كان النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمَرَها فَأْتَزَرَت وهي حائض. وهذا لفظ البخاريّ أخرجه البخاريّ [303] ومسلم [294/3]، ولهما عن عائشة نحوه أخرجه البخاريّ [300، 302] ومسلم [293/3] فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحلّ له ما فوق الإزار منها.

وهو أحد القولين في مذهب الشافعيّ رحمه الله الذي رجّحه كثير من العراقيين وغيرهم، ومأخذهم أنه حَريم الفرج، فهو حرام؛ لئلَّا يتوصل إلى تعاطي ما حرم الله عز وجل الذي أجمع العلماء على تحريمه وهو المباشرة في الفرج.

ثم من فعل ذلك فقد أثم، فيستغفر الله ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟

فيه قولان:
أحدهما: نعم. لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار أو نصف دينار" رواه أحمد في المسند [1/286] وقال الشيخ شاكر [2595]: إسناد صحيح. والنسائيّ في المجتبَى بنحوه [289] وأبو داود [264] وصححه الألبانيّ في صحيح أبي داود [237].

وفي لفظ الترمذيّ: "إذا كان دمًا أحمرَ فدينارٌ، وإذا كان دمًا أصفرَ فنصفُ دينار" رواه الترمذيّ [137] وقال الألبانيّ في صحيح الترمذيّ [118]: الصحيح عنه بهذا التفصيل موقوف.

وللإمام أحمد أيضًا عنه أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل في الحائض تُصاب دينار، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصفُ دينار رواه أحمد في المسند [1/367] وقال الشيخ شاكر [3473]: إسناد صحيح. وأبو داود [2169] بنحوه، وقال الألبانيّ في صحيح أبي داود [1901]: صحيح موقوف.

والثاني، وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعيّ وقول الجمهور، أنه لا شيء في ذلك بل يستغفر الله عز وجل.

لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد رُويَ مرفوعًا كما تقدم، وموقوفًا وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث.

فقوله تعالى: "ولا تَقرَبُوهنَّ حتى يَطهُرنَ" تفسير لقوله: "فاعتَزِلوا النساءَ في المَحيض" ونهيٌ عن قُربانِهنَّ بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حلُّه إذا انقطَع. عمدة التفسير 2/94 ـ 96).

إن عملية الحيض هي عملية كيانية ضرورية للمرأة، والذي يحدث هو أن الحق قد خلق رحم المرأة وفي مِبْيَضها عددٌ محدود من البويضات معروف له وحده سبحانه وتعالى، وعندما يفرز أحدُ المِبْيَضَين البويضةَ فقد لا يتم تلقيح البويضة؛ لأن بطانة الرحم المكوَّنة من أنسجة دموية تقلُّ فيها نسبة الهرمومات التي كان تثبِّت بطانة الرحم، وعندما تقل نسبة الهرومات يحدث الحيض.

الحيض هو دم يحتوي على أنسجة غير حية، ويصبح المهبل والرحم في حالة تهيج، وهذا الدم المحتوي على أنسجة غير حية يجعل هذه المنطقة حساسة جدًّا لنمو الميكروبات ومسبِّبًا للالتهابات، سواء للمرأة أو للرجل لو جامع الرجل زوجته في فترة الحيض، كما أن مناعة جسم المرأة في فترة الحيض تقل، لذلك نجد أن الحق سبحانه شرَع للمرأة في فترة الحيض أن تُفطر إن كانت صائمة وألَّا تصليَ.

إن جسد المرأة تضعف مقاومته للأمراض في هذه الفترة، ولذلك فإن الجماع بين الرجل والمرأة في هذه الفترة هو أذًى للطرفين للمرأة وللرجل أيضًا، فلو اقترب الرجل من زوجته بالجماع في فترة الحيض فهناك احتمال انتقال ميكروب من المهبل إلى جسم الزوج مما يسبب التهابات وأضرارًا سواء للزوجة أو للزوج، ولذلك جاء الحكم بالتعميم على أن المَحيض أذًى للطرفين.

ولنا أن نَلحَظ أن من أسرار الخلق أن المشيمة تكون من الأنسجة التي تبطِّن جدار الرحم، والمشيمة كما نعرف هي التي تختص بنقل الغذاء من الأم إلى الجنين، ولذلك فعندما لا يتم تلقيح البويضة تنزل هذه الأنسجة مع دم الحيض، ولذلك جاء قول الحق: (ويسألونك عن المَحِيضِ قل هو أذًى فاعتَزِلوا النساءَ في المَحِيضِ ولا تَقرَبوهنَّ) حمايةً للرجل والمرأة معًا.

(قال الدكتور عليّ مطاوع: ما من حكم ربانيّ إلا وله من الحكم والفوائد والثمرات ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وما ذاك بغريب ولا بعجيب؛ لأن الذي شرع هو الحكيم الخبير العليم القدير.

يقول الحق تبارك وتعالى: "ويسألونك عن المَحِيضِ قل هو أذًى فاعتَزِلوا النساءَ في المَحِيضِ ولا تَقرَبوهنَّ حتى يَطْهُرْنَ فإذا تَطهَّرنَ فَأْتُوهنَّ من حيثُ أمرَكم اللهُ إن اللهَ يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين" فذكر عز وجل العلة لوجوب الاعتزال كونُ دم الحيض أذًى، والأذى في اللغة: ما يُكره من كل شيء.

وقال عطاء وقتادة والسُّدِّيُّ: "أذًى" أي قذر.

وهنا نتساءل: أليس دمُ الحيض كريهَ الرائحة؟ فهو أذًى إذًا.

أليس دمُ الحيض متعِبًا للمرأة ومنفِّرًا للرجل؟ فهو أذًى إذًا.

أليس دم الحيض يَحتدِم؟ احتَدَم الدم، إذا اشتدَّت حُمرته حتى يَسوَدَّ. لسان العرب [12/118] فهو أذًى إذًا. 


قوله تعالى: "قل هو أذًى" هو شيء تتأذى به المرأة وغيرها، أي برائحة دم الحيض، والأذى كناية عن القذر على الجملة، ويُطلق على القول المكروه.

لكن ماذا قال الطب الحديث؟
يحدثنا الطب الحديث أنه في أثناء العادة الشهرية للمرأة ونزول دم الحيض فإن الجسم يفتِّت الغشاء المبطِّن للرحم ويقذف به كاملًا مع الدم، وبفحص دم الحيض تحت المجهر وُجد أنه به قِطَعٌ من الغشاء المبطِّن للرحم، ومن ثَمَّ فإن الرحم يكون ملتهبًا جدًّا متقرحًا، أو يكون أشبَهَ بالمنطقة التي سُلخ جلدها، فتقلّ مقاومته لعدوان الميكروبات التي قد تغزوه ويكون بيئة صالحة ومناسبة جدًّا لتكاثر ونموِّ هذه الميكروبات، لأن الدم كما هو معلوم أفضل بيئة لذلك، فمن أجل ذلك يُمنع الوطء أثناء الحيض؛ إنه يسمح بدخول الميكروبات إلى الرحم الضعيف، وتكون المقاومة للغزو الجرثوميّ في أضعف وأدنى حالاتها، كما تقل المواد المطهِّرة أثناء الحيض.

أي أن أجهزة المقاومة التي تعمل في الحالات المعتادة تتوقف أثناء الحيض فتنمو الميكروبات وتتكاثر ويكون الأذى الذي نهانا الخالق الحكيم عنه.

ليس هذا فحسب، بل قد تمتد الالتهابات إلى قناتَي الرحم فتَسُدُّها، أو تؤثر على شعيراتهما التي تدفع البويضة بدورها من المِبْيَض إلى الرحم، وانسداد قناتَي الرحم باب واسع إلى الإصابة بالعقم أو إلى الحمل خارج الرحم، وهو من أشد أنواع الأذى؛ لأنه قد يؤدي إلى انفجار هذه القناة فتسيل الدماء في أقتاب البطن فتحدث الوفاة.

وقد يمتد الالتهاب إلى القناة البولية، وبالتالي إلى الجهاز البوليّ، الذي يلتهم بدوره عنق الرحم، هذا النسبة للنساء.

وبالنسبة للرجال فإنه الأذى المحقَّق؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى تكاثر الميكروبات والتهاب قناة مجرى البول ونمو الميكروبات السبحية والعنقودية فيها، وهو أذًى كذلك؛ لأنه ليس فيه مراعاة لحالة المرأة النفسية والجسمية.

فالمحيض أذًى للمرأة كما نص عليه القرآن العزيز وكما أثبت الطب الحديث فيما بعد وكما يُرى في الواقع.

وقد يسبب الحيض صداعًا نصفيًّا وفقرًا في الدم، فضلًا عما يسببه من إزعاجات نفسية وشعورية ومزاجية وآلام وأوجاع، فتصاب المرأة بشيء من الكسل والفتور وانخفاض في ضغط الدم، ويصحب ذلك عزوف جنسيّ لا محالة من ذلك، ولهذا وغيره نهى الإسلام عن إتيانها أثناء الحيض.

وتقول آخر الأبحاث الطبية عن أذى المحيض: إن السبب في أذى المحيض يرجع إلى مادة "البروستاجلاندين" في منيّ الرجل، وهذه المادة إذا امتُصَّت ووصلت إلى الدورة الدموية فإنها تسبب نقص المناعة، فإن إفرازات الرحم تحتوي على مادة مضادة لمادة "البروستاجلاندين" الموجودة في منيّ الرجل، فإذا وُضع المنيّ في مهبل المرأة فإن مادة "البروستاجلاندين" لن تصل إلى الدورة الدموية، لأنها سوف تتعادل مع المادة المضادة الموجودة في إفرازات الرحم.

ووجود هذه المادة في المنيّ يفسر السبب في اعتزال النساء في أثناء الحيض؛ لأنه أثناء الحيض يسقط الغشاء المخاطيّ للرحم ليُستبدَل بآخر جديد، وفي أثناء ذلك لا توجد المادة المضادة "للبروستاجلاندين" الموجودة في المنيّ، وبهذا يكون هناك خطورة من امتصاص "البروستاجلاندين" وحصول مرض نقص المناعة المكتسب.

ولهذا أمر الله جل شأنه باعتزال النساء في المحيض، ولمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى "المحيض بين إشارات القرآن والطب الحديث" للدكتور محمد الشرقاويّ) إذًا فالمحرّم الاقترابُ من المرأة في زمان الحيض هو مكان الحيض، أما الاقتراب من المرأة فوق السّرّة فجائز.

إذًا فللمرأة رعاية وصيانة، فلا تُطرد من المنزل أثناء الحيض ولا حرمة لتناول الطعام معها كما كان يفعل اليهود‍‍!

وهكذا نجد أن الجاهلية ارتضت لنفسها وضعًا غير طبيعيّ في السلوك الإنسانيّ، وهو جماع المرأة وقت الحيض، إلى حد الطرد من المنزل وعدم مشاركتها الطعام، وذلك إهدار لكرامة المرأة.

أما الإسلام فقد أبان أن الاقتراب من مكان المحيض في زمان الحيض هو الأذى، ولكن للمرأة مكانتها في بيت الزوج أو الأب.

هكذا ارتقى الإسلام بالمرأة صيانةً واحترامًا بكرامة، فلا إفراطَ جاهلياًّ ولا إهدارَ بعدم الوجود معها في المنزل.

يقول الحق سبحانه: (ولا تَقرَبوهنَّ حتى يَطْهُرْنَ فإذا تَطهَّرنَ فَأْتُوهنَّ من حيثُ أمرَكم اللهُ إن اللهَ يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين) ودقة القرآن الكريم تتجلى في استخدام لفظ "الطُّهر" والتطهير والطُّهر معناه انتهاء الحيض، والتطهير هو الاغتسال والاستحمام بعد انتهاء الحيض.

وقد يقول قائل: هل بمجرد انتهاء الحيض يمكن أن يباشر الرجل المرأة، أم من الضروريّ ومن الأفضل ومن المحتَّم أن تَستحمَّ؟

إن العلماء أخذوا ضرورة التطهير، أي انتهاء الحيض والاغتسال، فذلك أفضل وأطهر وأنقى لنفس الرجل ولنفس المرأة، ولذلك فنحن نستنبط الحكم من مادة كلمة "طهر".

وعندما نقرأ قول الحق سبحانه: (إنه لقرآنٌ كريمٌ. في كتابٍ مكنونٍ. لا يَمَسُّه إلا المطهَّرون) (الواقعة: 77ـ 79) بعض العلماء قالوا: المقصود بقوله تعالى (لا يَمَسُّه إلا المطهَّرون) هم الملائكة.

على أساس أنه الكتاب الذي في السماء.

ونحن نقول إن الحق سبحانه هو الذي طهَّر الملائكة خَلْقًا، والحق سبحانه هو الذي طهَّر الإنسان تشريعًا (قال الماورديّ: "لا يَمَسُّه إلا المطهَّرون" تأويله يختلف باختلاف الكتاب،.

فإن قيل: إنه كتاب في السماء ففي تأويله قولان:
أحدهما:
لا يَمَسُّه في السماء إلا الملائكة المطهَّرون. قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.

والثاني:
لا يُنزِله إلا الرسلُ من الملائكة إلى الرسل من الأنبياء. قاله زيد بن أسلم.

وإن قيل: إنه المصحف الذي في أيدينا ففي تأويله ستة أقاويل:
أحدها:
لا يمسه بيده إلا المطهرون من الشرك. قاله الكلبيّ.
الثاني:
إلا المطهرون من الذنوب والخطايا. قاله الربيع بن أنس.
الثالث:
إلا المطهرون من الأحداث والأنجاس. قاله قتادة.
الرابع:
لا يجد طعم نفعه إلا المطهرون أي المؤمنون بالقرآن. حكاه الفراء.
الخامس:
لا يمس ثوابه إلا المؤمنون. رواه معاذ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
السادس:
لا يلتمسه إلا المؤمنون. قاله ابن بحر. النكت والعيون 5/464).

وهكذا نستطيع أن نأخذ الآية على إطلاقها، بمعنى أن الاقتراب لا يتمّ إلا بالطُّهر، أي بعد انتهاء الحيض، والتطهر هو الاغتسال والاستحمام (قال العلامة ابن كثير: وقوله "فإذا تَطَهَّرنَ فَأْتُوهنَّ من حيث أمَرَكم اللهُ" فيه ندب وإرشاد إلى غشياهنَّ بعد الاغتسال.

وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله: "فإذا تَطَهَّرنَ فَأْتُوهنَّ من حيث أمَرَكم اللهُ" وليس له في ذلك سند؛ لأن هذا أمر بعد الحظر.

وفيه أقوال لعلماء الأصول:
منهم من يقول إنه للوجوب كالمطلق، وهؤلاء يحتاجون إلى جواب ابن حزم.

ومنهم من يقول إنه للإباحة ويجعلون تقدُّمَ النهي قرينةً صارفةً له عن الوجوب. وفيه نظر.

والذي ينهض عليه الدليل أنه يُرَدُّ الحكم إلى ما كان عليه الأمر قبل النهي، فإن كان واجبًا فواجب، كقوله: "فإذا انسلَخَ الأشهرُ الحرُمُ فاقتُلوا المشرِكين" [التوبة: 5] أو مباحًا فمباح، كقوله: "وإذا حَلَلتُم فاصطادوا" [المائدة: 2] وقوله: "فإذا قُضيَتِ الصلاةُ فانتَشِروا في الأرض" [الجمعة: 10] وعلى هذا القول تجتمع الأدلة وهو الصحيح.

وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا تَحِلّ حتى تغتسل بالماء أو تتيمم إن تَعذَّرَ ذلك عليها بشرطه.

إلَّا أن أبا حنيفة يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، وهو عشرة أيام عنده، أنها تَحِلّ بمجرد الانقطاع ولا تفتقر إلى غسل. والله أعلم.

وقال ابن عباس: "حتى يَطهُرنَ" أي من الدم "فإذا تَطَهَّرنَ" أي بالماء. وكذا قول مجاهد وعكرمة والحسن وغيرهم.

وقوله: "من حيثُ أمَرَكم اللهُ" قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: يعني الفرج.

وفيه دلالة حينئذٍ على تحريم الوطء في الدبر..

وقال ابن رَزين وعكرمة والضحاك وغير واحد: "فَأتُوهنَّ من حيثُ أمَرَكم اللهُ" يعني طاهرات غير حُيَّض.
ولهذا قال "إن اللهَ يحبُّ التوَّابين" أي من الذنب وإن تكرَّر غشيانه "ويحبُّ المتطهِّرين" أي المتنزِّهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نُهُوا عنه من إتيان الحائض أو في غير المَأتَى. عمدة التفسير 2/96 ـ 97).

وهكذا يكون التطهُّر بفعل إنسانيّ، وهو بأمر من الحق سبحانه وتعالى الذي طهَّر الإنسان بالتشريع.

وهكذا نجد أن التطهُّر والطُّهر متساويان، ولا يكون الجماع إلا من حيث أمر الله، وشرطُه أن يتم بعد الحيض والطُّهر، أي انتهاء الحيض والتطهر.

إن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يُدخل عليك أيها المؤمن النعمةَ فطلَب منك أن تتطهر ماديًّا بالاغتسال والاستحمام وطلب منك أيضًا أن تتطهر معنويًّا بالتوبة.

نحن نعلم أن الحق قد حرَّم إتيان المرأة في الدبر؛ لأن في ذلك فُحشًا كفُحش قوم لوط، وقد كان اليهود يُثيرون أن الرجل إذا أتَى امرأتَه من خلفٍ ولو في قُبُلها جاء الولد أحوَلَ، كما كان يفعل قوم لوط، وكان هذا الإشكال الذي آثاره اليهود لا أساس له من الصحة، فقد أراد الحق أن يردّ على هذه المسألة فقال: (نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم وقدِّموا لأنفسِكم واتقوا اللهَ واعلَموا أنكم مُلَاقُوه وبشِّرِ المؤمنين) [البقرة: 223].

الحق سبحانه وتعالى يبيح مجال التمتع للرجل والمرأة على أيّ وجه من الأوجه شريطةَ أن يتمّ الإتيان في محل الإنبات.

وقد ذكر الحق كلمة (حرث) هنا ليوضح أن الحرث يكون في مكان إتيان الإنبات، أي مكان رزع الولد، فمحلّ استنبات الولد هو قُبُل المرأة لا دُبُرها.

وللرجل أن يأتيَ المرأة بأيّ وضع يشاء وترضاه المرأة بشرط أن يكون الحرث في القُبُل وهو مكان الإنبات (قال العلامة ابن كثير وقوله: "نساؤُكم حَرْثٌ لكم" قال ابن عباس: الحرث موضع الولد "فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" أي كيف شئتم، مُقبِلةً ومُدبِرةً في صمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث.

وروى البخاريّ عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول. فنزلت "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" ورواه مسلم وأبو داود أخرجه البخاريّ [4528] ومسلم [1435/5] وأبو داود [2163].

وفي حديث معاوية بن حَيدة القشيريّ أنه قال: يا رسول الله، نساؤنا ما نأتي منها وما نَذَر؟ قال: "حَرْثُك، ائت حَرْثَك أنَّى شئتَ، غير ألَّا تضرب الوجه ولا تقبِّح ولا تهجر إلا في البيت" الحديث رواه أحمد وأهل السنن رواه أحمد في المسند [5/3] وأبو داود [2143] وقال الألبانيّ في صحيح أبي داود [1876]: حسن صحيح.

وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن سابط قال: دخلت على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت: إني سائلُكِ عن أمر وأنا أستحي أن أسألكِ.

قالت: فلا تستحي يا بن أخي.

قال: عن إتيان النساء في أدبارهنَّ.

قلت: حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا لا يُجِبُّون النساء التَّجبِية: أن يقوم الإنسان قيام الراكع. مختار الصحاح [57] وكانت اليهود تقول: إنه من جبَّى امرأتَه كان ولده أحوَلَ.

فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار فجبَّوْهُنَّ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت: لن تفعل ذلك حتى آتيَ الرسول صلى الله عليه وسلم.

فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت: اجلسي حتى يأتيَ رسول الله.

فلما جاء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ استحيَت الأنصارية أن تسأله فخرَجَت، فحدَّثَت أمُّ سلمة الرسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "ادعِي الأنصارية" فدُعيَت فتلَا عليها هذه الآية: "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" صمامًا واحدًا. ورواه الترمذيّ وقال: حسن رواه أحمد في المسند [6/305].

وقال الشيخ شاكر في عمدة التفسير: إسناده صحيح. والترمذيّ [2979] مختصرًا جدًّا. وصححه الألبانيّ في صحيح الترمذيّ [2380].

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: جاء عمر بن الخطاب إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، هَلَكتُ؟ قال: "وما الذي أهلَكَكَ؟" قال: حولتُ رحلي البارحة. قال: فلم يردَّ عليه شيئًا. قال: فأوحى الله إلى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الآية: "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم"، "أَقبِلْ وأَدبِرْ، واتَّق الدُّبُر والحيضة" ورواه الترمذيّ وقال: حسن غريب رواه أحمد في المسند [1/297] وقال الشيخ شاكر [2703]: إسناده صحيح. والترمذيّ [2980] وحسنه الألبانيّ في صحيح الترمذيّ [2381].

وروى أبو داود عن ابن عباس قال: إن ابن عمر ـ والله يغفر له ـ أوهَمَ، إنما كان هذا الحيّ من الانصار وهم أهل وثنٍ مع هذا الحيّ من يهود وهم أهل كتابٍ، وكانوا يَرَون لهم فضلًا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حَرف، وذلك أسترُ ما تكون المرأة، فكان هذا الحيّ من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحيّ من قريش يَشرَحون النساء شرحًا منكرًا شرَح جاريته: إذا وَطِئَها نائمة على قفاها. لسان العرب [2/498] ويتلذّذون بهنَّ مُقبِلَات ومُدبِرات ومستلقِيات، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك فأنكَرَته عليه وقالت: إنما كنا نؤتَى على حرف، فاصنَع ذلك وإلا فاجتَنِبْني. فسرَى أمرهما، فبلَغ الرسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله: "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" أي مُقبِلَات ومُدبِرات ومستلقِيات. يعني بذلك موضع الولد. تفرد به أبو داود رواه أبو داود [2164] وحسنه الألبانيّ في صحيح أبي داود [1896] ويشهد له بالصحة ما تقدم من الأحاديث، ولا سيما رواية أم سلمة فإنها مشابهة لهذا السياق.

وقول ابن عباس "إن ابن عمر ـ والله يغفر له ـ أوهَمَ" كأنه يشير إلى ما رواه البخاريّ عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يومًا، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان، قال: أتدري فيم أُنزلَت؟ قلت: لا. قال: أُنزلَت في كذا وكذا. ثم مضى أخرجه البخاريّ [4526] وروى ابن جرير عن نافع قال: قرأت ذات يوم "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" فقال ابن عمر: أتدري فيم نزلت؟ قلت: لا. قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهنَّ رواه الطبريّ في تفسيره [2/394] وقال الشيخ شاكر [326]: وهذا الإسناد صحيح جدًّا وهذا محمول على ما تقدم، وهو أنه يأتيها في قُبُلها من دُبُرها، لما رواه النسائيّ عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنه قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى أن يؤتَى النساءُ في أدبارهنَّ!

قال: كذَبوا عليَّ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر، إن ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده، حتى بلغ: "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم" فقال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا. قال: إنا كنا ـ معشرَ قريش ـ نُجبِّي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكَحنَا نساءَ الأنصار أردنَا منهنَّ مثل ما كنا نريد فإذا هنَّ قد كَرِهنَ ذلك وأعظَمنَه، وكانت نساء الأنصار قد أخَذنَ بحال اليهود، إنما يؤتَينَ على جنوبِهنَّ، فأنزل الله "نساؤُكم حَرْثٌ لكم فأتُوا حَرْثَكم أنَّى شئتم". وإسناده صحيح. ورواه ابن مَردَوَيهِ.

وقد رُوِّينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحًا وأنه لا يباح ولا يحلّ.. وإن كان قد نُسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب "السر" وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه الله.

وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه، فروى الحسن بن عرفة عن جابر قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "استحيُوا فإن الله لا يستحيي من الحق، لا يَحلّ أن تأتوا النساء في حُشُوشهنَّ" قال الشيخ شاكر: إسناد صحيح. وقد رواه الدارقطني أيضًا في سننه [3708] من طريق الحسن بن عرفة، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص [3/181] عن الدارقطني وابن شاهين.

وفي مجمع الزوائد [4/302] عن جابر بن عبد الله أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن مَحَاشّ النساء. رواه الطبرانيّ ورجاله ثقات. والحشوش والمَحَاشّ: الأدبار. وأصل الحُشّ بضم الحاء وفتحها: النخل المجتمع. وكذلك المَحَشّ. وكانوا يقضون حاجتهم في تلك المواضع، فكنَّى بالمَحَاشِّ والحشوش عن الأدبار؛ لأنها مجتمع الغائط.

وروى أحمد عن خزيمة بن ثابت الخطميّ أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يستحي الله من الحق، لا يستحيي الله من الحق" ثلاثًا "لا تأتوا النساء في أعجازهنَّ" ورواه النسائيّ وابن ماجه من طرق عن خزيمة بن ثابت، وفي إسناده اختلاف كثير رواه أحمد في المسند [5/215] وابن ماجه [1924] وصححه الألبانيّ في صحيح ابن ماجه [1561].

وروى الترمذيّ والنسائيّ عن ابن عباس قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأةً في الدبر". ثم قال: هذا حديث حسن غريب رواه الترمذيّ [1165] وحسنه الألبانيّ في صحيح الترمذيّ [930] وهكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه، وصححه ابن حزم أيضًا، ولكن رواه النسائيّ أيضًا موقوفًا.

وروى عبد بن حميد عن طاووس أن رجلًا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها فقال: تسألني عن الكفر! إسناده صحيح. وكذا رواه النسائيّ نحوه.

وروى الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى" رواه أحمد في المسند [2/182،210] وقال الشيخ شاكر [6706، 6967، 6968]: إسناد صحيح وعن أبي الدرداء قال: وهل يفعل ذلك إلا كافر! رواه أحمد في المسند [2/210] وقال الشيخ شاكر [6968م]: إسناد صحيح، وهذا وإن كان موقوفًا لفظًا إلا أنه مرفوع حكمًا؛ لأن الصحابيَّ لا يَحكم على عمل بأنه كفر إلا أن يكون قد علمه من المعصوم المبلِّغ الرسالة عن ربه، فمثلُ هذا مما لا يقال بالرأي ولا القياس.

وقد رُويَ حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو موقوفًا من قوله قال الشيخ شاكر: هكذا أعلَّ الحافظ ابن كثير الحديثَ المرفوع بالرواية الموقوفة، وتبعه في ذلك الحافظ ابن حجر في التلخيص [3/181] وهذا منهما ترجيح للموقوف على المرفوع دون دليل، والرفع زيادة من ثقة، بل من ثقات، فهو مقبول صحيح وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه" رواه أحمد في المسند [2/272،344] وقال الشيخ شاكر [7670، 8513]: أسانيده صحاح وفي لفظ له: "ملعون من أتى امرأته في دبرها" ورواه أبو داود والنسائيّ وابن ماجه بنحوه رواه أحمد في المسند [2/444، 479] وأبو داود [2162] وحسنه الألبانيّ في صحيح أبي داود [1894].

وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن أبي هريرة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "من أتى حائضًا أو امرأةً في دبرها أو كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه أحمد في المسند [2/408] والترمذيّ [135] وصححه الألبانيّ في صحيح الترمذيّ [113] وقال الشيخ شاكر: وكذلك رواه البخاريّ في التاريخ الكبير [2/1/16] من طريق حكيم الأثرم، ثم قال: هذا حديث لا يُتابع عليه، ولا يُعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة وقال الترمذيّ: ضعّف البخاريّ هذا الحديث.

والذي قاله البخاريّ في حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة: لا يُتابع في حديثه. وروى النسائيّ عن أبي هريرة قال: إتيان الرجال والنساء في أدبارهنَّ كفر. هكذا رواه النسائيّ عن أبي هريرة موقوفًا قال الشيخ شاكر: هذا وإن كان موقوفًا لفظًا فهو مرفوع حكمًا، كما بيّنّا في حديث أبي الدرداء آنفًا.

وقد جاء مرفوعًا أيضًا، ففي الزوائد [4/302] عن أبي هريرة قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أتى النساء في أعجازهنَّ فقد كفر" رواه الطبرانيّ ورجاله ثقات.

وقد أشار الحافظ ابن كثير إلى رواية أخرى مرفوعة وقال: والموقوف أصح وقد ثبت عن ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عمرو تحريمُ ذلك، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر أنه يحرِّمه.

روى الدارميّ عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري، أنحمِّض لهنَّ؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدبر‍، فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين! وإسناده صحيح الدارميّ [1142] وهو نص صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يَحتمل ويَحتمل فهو مردود إلى هذا الحكم. وروى معن بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام.

وروى أبو بكر النيسابوريّ عن مالك بن أنس أنه سئل: ما تقول في إتيان النساء في أدبارهنَّ؟ قال: ما أنتم قوم عرب! هل يكون الحرث إلا موضع الزرع! لا تَعْدُ الفرج. قلت: يا أبا عبد الله، إنهم يقولون إنك تقول ذلك؟ قال: يكذبون عليَّ، يكذبون عليَّ. فهذا هو الثابت عنه.

وهو قول أبي حنيفة والشافعيّ وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة. وهو قول سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعكرمة وطاووس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف ـ أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يطلق على فعله الكفر. وهو مذهب جمهور العلماء. عمدة التفسير 2/97 ـ 102).

ومعنى قول الحق سبحانه: (وقدِّموا لأنفسكم) أنك أيها المؤمن لا يجب أن تأخذ المسألة على أنها جنس فحسب، فإن المتاع الجنسيّ والشهوة واللذة التي جعلها الله في هذه المسألة قد تعقُبها متاعبُ ومسؤوليات نتيجةَ ما ينشأ عنها من الذرية، لأن الذرية تحمل الإنسان إلى السعي في الحياة وزيادة الحركة ليحصل الإنسان على رزقه الذي قسمه الله له، ومعه رزق من يعُول.

والمرأة تتحمل بعد هذه اللذة متاعب الحمل والولادة.

ولولا أن الله خلق اللذة في اللقاء الجنسيّ لزهد الناس في مثل هذا اللقاء، لذلك شاء الحق سبحانه وتعالى أن يربط الكدح والمشقة والأولاد والعمل باللذة حتى يضمن بقاء النوع.

فإياك أيها المؤمن أن تأخذ اللقاء الجنسيَّ على أنه متعة فقط، ولكن يجب أن تقدِّم لنفسك بالعمل الذي ينفعك بعد المتعة.

إنك ـ أيها المؤمن ـ لا يجب أن تنظر إلى هذه المسألة على أن اللذة وحدها هي الغاية، لا يجب أن تقلب الوسيلة إلى غاية، إن الأصل في اللقاء بين الرجل والمرأة هو الإنجاب، ولذلك فعليك ـ أيها المؤمن ـ ألَّا تأخذ هذا الاستمتاع اللحظيِّ العاجل على أنه الغاية، بل عليك أن تمتلك بصيرةَ تحمُّلِ المسؤولية حتى لا تَشقَيَا نتيجة اللقاء الجنسيّ.


الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الحكمة في اجتناب النساء أثناء الحيـض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التعلم أثناء النَّوم
» الخروج للعمل أثناء الاعتكاف
» الإفطار أثناء صيام القضاء
» الدراسة الدينية أثناء الجنابة
» الحكمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـقـــــــه الــدنــيــــا والديـــــن :: فتاوى النِّساء للشَّعراوي-
انتقل الى: