سؤال مهم
هل تعدل كفالة اللقيط ومجهول النسب وتربيته نفس أجر كفالة اليتيم التي حثَّ عليها الرسول عليه الصلاة والسلام؟
الجواب:
هؤلاء المجهولون حرموا حرماناً عاماً، وحاجتهم إلى الرعاية والعناية شديدة جداً بصفتهم أيتاماً، والأجر في ذلك عظيم كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله في الفتوى رقم 20711 بتاريخ 24 /12 /1419هـ.
وجاء في الفتوى:
(إن مجهولي النَّسب في حُكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجةً للعناية والرعاية من معروفي النَّسب لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة.
وعلى ذلك فإن مَنْ يكفل طفلاً من مجهولي النَّسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: [أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسَّبَّابة والوسطى وفرج بينهما شيئا] رواه البخاري.
لاشك أخي المسلم أن الله قد أنعم عليك بنعمة عظيمة إذا قمت بكفالة أحد الأيتام، فقد ضمن لك الرسول صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة متى توفرت شروطها وأهمها الإخلاص لله -عز وجل- في كفالتك لهذا اليتيم ومُراقبة الله فيه وحُسن تربيته والعطف عليه.
وإليك بعض النقاط الأساسية التي أرى ضرورة أخذها بعين الاعتبار والعناية مِمَنْ أكرمه الله بوجود يتيم في بيته وبعض هذه التوجيهات وردت في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 21145 والمؤرخة في 22 / 10 / 1420هـ ومن ذلك:
(1) محاولة إرضاع الطفل رضاعة شرعية تتحقق بها المحرمية فور أخذه وقبل تجاوزه سن الرضاعة وهي السنتين من عمره، ويكون الإرضاع أكثر من خمس مرات من أخت الزوجة أو الزوجة أو قريبة يأخذ بالرضاع منها المحرمية.
(2) لا تجوز نسبة اللقيط إلى حاضنه من ذكر أو أنثى ونسبته إلى الحاضن تُعَدُّ من المُحرَّمات وكبائر الذنوب عند الله لقوله تعالى: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم).
وما يحصل من تسجيل بعض حاضني مجهول النَّسب لهم في حفائظ نفوسهم وبطاقات عوائلهم خطأ محض وتزويرٌ صِرفٌ وتجاوزٌ لحُدود الله وكذب على المسئولين في الدولة بما هو خلاف الواقع، ولا يثبت بهذا التسجيل والإلحاق نسبٌ ولا إرثٌ مِمَنْ نسبه إليه، ومَنْ فعله فعليه التَّوبة إلى الله تعالى وتصحيح ذلك التسجيل بالإلغاء.
(3) مَنْ قام بحضانة أكثر من طفل مجهول النَّسب فلا يجوز توحيد الاسم التالي لاسم كل منهما، لإيهام الأخّوة بينهما في النَّسب وفي ذلك من المحاذير الشرعية من التلبيس على الناس، والآثار في النَّسب والمواريث ما يعظم ضرره ويكثر خطره.
- فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في كتاب فتاوى إسلامية، جمعها محمّد المسند، دار الوطن، الجزء 4، ص 352.
(4) لا تجوز نسبة مجهول النَّسب إلى قوم من قبيلة أو أسرة، لما في ذلك من الكذب والإيهام والتلبيس على الناس، وما ينتج عنه من اختلاط الأنساب.
(5) يجب أن يعرف حاضن مجهول النَّسب أنه بعد بلوغ الطفل سن الرُّشد فإن المحضون أجنبي عنه كبقية الناس من حيث النظر والخلوة والحجاب بين الرجال والنساء وغير ذلك من الأحكام.
وإذا وُجد رضاع محرماً شرعاً للمحضون فانه يكون محرماً لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم به النَّسب.
(6) لا يجوز للحاضن أن يُخفي على مَنْ حضنه من مجهولي النَّسب حاله، بل الواجب هو إخباره بذلك، وتخفيف مصيبته وأنه ليس أولاً ولا آخراً، وأن ذلك لا يضرُّه شرعاً إذا استقام على دين الله.
(7) يجب أن يكون إخبار الطفل مجهول النَّسب عن واقعه الحقيقي متدرجاً وفي مرحلةٍ مبكرةٍ من عمره واختيار الوقت والظرف المناسبين حتى لا يُصدم المحضون أو تنتكس حالته إذا علمه بشكل مفاجئ أو من الآخرين.
وعلى سبيل المثال يمكن أن يخبره أن والداه فُقِدَا في حادث مروري أو حريق أو غرق كارثة من الكوارث، أو غيرها من الحوادث.
(8) يجوز لِمَنْ قام بكفالة أحد الأيتام أو مجهول النَّسب أن يتصرَّف في أمواله بما ينفع اليتيم ويحقّق الغبطة له قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) فولي اليتيم يتصرَّف في مال اليتيم بما ينميِّه وما هو من مصلحته، أمَّا أن يتصرَّف فيه بما يُنقصه أو يضرُّه فهذا لا يجوز ([1]).
وقد كانت عائشة -رضي الله عنها- تُعطي أموال مَنْ تكفُلُهُم من اليتامى إلى مَنْ يتَّجر فيها، ومن صور الإضرار بأموال اليتيم ما يفعله بعض الناس من وضع أموال اليتيم في البنوك الربوية واستثمارها واخذ الفوائد الربوية المُحرَّمة شرعاً بحجة حفظ حق اليتيم وتنمية أمواله.
(9) لابد من مُراعاة إخراج الزكاة عن أموال مَنْ تحت ولايتك من الأيتام ومَنْ في حكمهم، ففي الموطأ أن القاسم بن محمّد قال: (كانت عائشة تليني أنا وأخاً لي ويتيمين في حِجرها فكانت تُخرج من أموالنا الزكاة.
فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم -رحمه الله- في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، جمعها محمّد بن قاسم، الجزء 8، ص 29.
(10) اعلم أخي المُوَّفق أن الطفل الذي قمت بكفالته من الأيتام أو مجهولي النَّسب لا يستحق شيئاً من الميراث بعد وفاتك، ومتى رغبت أن تهب له شيئاً من مالك في حياتك فلا مانع.
ومَنْ أراد أن يجعل له شيئاً من تركته بعد وفاته فالطريقة الشرعية أن يوصي له بما يريد بشرط أن يكون من الثلث فأقل، ولا يتجاوز ثلث التركة مع بقية وصاياه إن كان له وصايا أخرى.
- فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم -رحمه الله-، المرجع السابق، الجزء 9، ص 20.
المصدر:
http://www.islamweb.net/fatwa/