منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الطلاق قبل الدخول:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52697
العمر : 72

الطلاق قبل الدخول: Empty
مُساهمةموضوع: الطلاق قبل الدخول:   الطلاق قبل الدخول: Emptyالأحد 02 أبريل 2017, 5:04 pm

الطلاق قبل الدخول:
===========
يقول الحق سبحانه وتعالى: (لا جُناحَ عليكم إن طلَّقتم النساءَ ما لم تَمَسُّوهنَّ أو تَفرِضوا لهنَّ فريضةً ومَتِّعوهنَّ على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه متاعًا بالمعروفِ حقًّا على المحسنين) (البقرة: 236).

المرأة غير المدخول بها نوعان؛ فإما أن تكون لم يَدخل بها زوجها ولم يَفرض لها صداقًا، وإما أن يكون الزوج لم يَدخل بها وقد فرَض لها صداقًا، وهذه الآية تعالج اللون الثانيَ، فالزوج قد يطلِّق الزوجة قبل الدخول بها أو قد يَتوفَّاه الله قبل الدخول بها، وهذه الأمور لها أحكام واضحة.

قبل الدخول بالمرأة له حُكمان: إما أن يكون الرجل قد فرَض لها فريضةً، أي قدَّم لها الصداق، أو لم يقدِّم لها صداقًا، وهكذا نعلم أن فَرْضَ الصداق ليس شرطًا في النكاح، فإذا تزوج الرجل بامرأة ولم يَفرض لها صداقًا فإن الذي يَثبُت للزوجة هو مهرُ المِثل، والدليل على ذلك قول الحق سبحانه وتعالى: (لا جناحَ عليكم إن طلَّقتم النساءَ) إن هناك امرأةً قد صارت مطلَّقةً بعد أن كانت في حكم الزوجة.

أما قول الحق: (ما لم تَمَسُّوهنَّ أو تَفرِضوا لهنَّ فريضةً) فمعنى ذلك أن عدم الدخول بالزوجة لا يَعُوق أن يَفرِض لها الزوج فريضة، لذلك فإن لم يَفرِض لها فلها مهرُ المِثل.

وإذا تأملنا قول الحق: (ما لم تَمَسُّوهنَّ) فقد نسأل: ما المَسُّ؟
إن المعنى يؤدي إلى اللمس ويؤدي إلى الملامسة، والمَسّ حين تسمعه فقد تسمعه من رجل مَسَّ شيئًا فلا يتأثر هذا الرجل بالشيء الممسوس، فحين يُطلَق فلا بد من الإحساس. أما الملامسة فهي تعني حدوث تداخُل، بمعنى المعاشرة الزوجية.

هنا نجد ثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى: وهي المس.
المرحلة الثانية: وهي اللمس.
المرحلة الثالثة: وهي الملامسة.


وكلمة "المس" في هذه الآية الكريمة تعني الدخول بالزوجة والوطءَ.

ولقد ذكر الحق سبحانه وتعالى الكلمة التي تدل على أخف أنواع اللمس ولم يستخدم كلمة مثل "باشرتم".

ولنا أن نعرف أن هناك سياقًا قرآنيًّا في مكان آخر هو إيضاح لمعنًى يجب أن نفهمه ونحن نتناول هذه الآية بالشرح، ولنفهم كلمة "المس" في هذا القول الكريم (ما لم تَمَسُّوهنَّ أو تَفرِضوا لهنَّ فريضةً) على ضوء ما جاء به القرآن في قصة السيدة مريم (قالت أنَّى يكونُ لي غلامٌ ولم يَمْسَسْني بَشَرٌ ولم أَكُ بَغيًّا) (مريم: 20).

إن القرآن الكريم يوضح على لسان السيدة مريم أن أحدًا من البشر لم يتصل بها الاتصال الذي ينشأ عنه غلام، والتعبير في منتهى الدقة.

لماذا؟
لأن النص يتعرض لأمر يَخُصّ عورة، فجاء الحق سبحانه بأخف لفظ يدل على هذه الكلمة، فالحق سبحانه وتعالى أراد أن يُثبت للسيدة مريم العفافَ حتى في اللفظ، فلم يقُل على لسانها "لم يُباشرني أحد" أو "لم يُلامسني بشر" لكن المقصود هو المباشرة.

وكذلك هنا نجد الأدب القرآنيّ يرتفع بكرامة المرأة فيتناول المسألة التي تَخُصّ العورة بلفظ يؤدي نهاية المفهوم عنه بأخف تعبير.

ويقول الحق سبحانه وتعالى: (وإن طلَّقتموهنَّ من قبلِ أن تَمَسُّوهنَّ وقد فرَضتم لهنَّ فريضةً فنصفُ ما فرَضتم) [البقرة: 237] (أباح تبارك وتعالى طلاق المرأة بعد العقد عليها وقبل الدخول بها، قال ابن عباس وغيره: المسّ النكاح.

بل ويجوز أن يطلقها قبل الدخولِ بها والفرضِ لها إن كانت مفوِّضة، وإن كان في هذا انكسار لقلبها، ولهذا أمر تعالى بإمتاعها، وهو تعويضُها عما فاتها بشيء تُعطاه من زوجها بحسب حاله "على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه" وقال ابن عباس: متعةُ الطلاق أعلاه الخادمُ، ودون ذلك الوَرِقُ، ودون ذلك الكسوةُ.

ومتَّع الحسنُ بن عليٍّ بعشرة آلاف، ويُروَى أن المرأة قالت: متاعٌ قليلٌ من حبيبٍ مفارِقٍ.

وقد اختلف العلماء أيضًا:
هل تجب المتعة لكل مطلَّقة أو إنما تجب المتعة لغير المدخول بها التي لم يُفرَض لها؟ على أقوال:
أحدها:
أنه تجب المتعة لكل مطلقة، لعموم قوله تعالى: "وللمطلَّقاتِ متاعٌ بالمعروفِ حقًّا على المتَّقين" [البقرة: 241] ولقوله تعالى: "يا أيها النبيّ قل لأزواجِك إن كُنتنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدنيا وزينتَها فتَعَالَينَ أُمتِّعْكنَّ وأُسرِّحْكنَّ سَرَاحًا جميلًا" [الأحزاب: 28] وقد كُنَّ مفروضًا لهنَّ ومدخولًا بهنَّ.

وهذا قول سعيد بن جبير والحسن البصريّ وهو أحد قولَي الشافعيّ. ومنهم من جعله الجديد الصحيح. فالله أعلم.

الثاني:
أنه تجب للمطلَّقة إذا طُلِّقَت قبل المَسيس وإن كانت مفروضًا لها، لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكَحتم المؤمناتِ ثم طلَّقتموهنَّ من قبلِ أن تَمَسُّوهنَّ فما لكم عليهنَّ من عدَّةٍ تَعتَدُّونها فمَتِّعوهنَّ وسَرِّحوهنَّ سَرَاحًا جميلًا" [الأحزاب: 49].

قال سعيد بن المسيب: نسَخَت هذه الآيةُ التي في الأحزاب التي في البقرة.

وقد روى البخاريّ في صحيحه عن سهل بن سعد وأبي أُسَيد أنهما قالا: تزوج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُميمة بنت شَراحيل، فلما أُدخلَت عليه بسَط يده إليها، فكأنما كَرِهَت ذلك، فأمَرَ أبا أُسَيد أن يجهِّزها ويَكسُوَها ثوبَين رازِقيَّين أخرجه البخاريّ [5256، 5257]

الثالث:
أن المتعة إنما تجب للمطلَّقة إذا لم يَدخُل بها ولم يَفرِض لها، فإن كان قد دخَل بها وجَب لها مهرُ مِثْلِها إذا كانت مفوِّضة، وإن كان قد فرَض لها وطلَّقها قبل الدخول وجَب لها عليه شطرُه، فإن دخَل بها استقرَّ الجميعُ وكان ذلك عوضًا لها عن المتعة، وإنما المُصابة التي لم يُفرَض لها ولم يُدخَل بها فهذه التي دلّت هذه الآية الكريمة على وجوب متعتها، وهذا قول ابن عمر ومجاهد.

ومن العلماء من استحبّها لكل مطلَّقة ممَّن عدا المفوِّضة المفارَقة قبل الدخول، وهذا ليس بمنكور، وعليه تُحمل آيةُ التخيير في الأحزاب، ولهذا قال تعالى: "على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه متاعًا بالمعروفِ حقًّا على المحسنين" "وللمطلَّقات متاعٌ بالمعروفِ حقًّا على المتقين" ومن العلماء من يقول: إنها مستحَبة مطلقًا.

وروَى ابن أبي حاتم عن أبي إسحاق عن الشعبيّ، قال: ذكَروا له المتعة؛ أيُحبَس فيها؟ فقرأ: "على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه" قال الشعبيّ: واللهِ ما رأيت أحدًا حبَس فيها، واللهِ لو كانت واجبةً لحبَس فيها القُضاة. عمدة التفسير 2/132: 133).

هناك فرق بين مجرد إجراء عقد الزواج وبين الدخول بالزوجة بعد إجراء العقد، فما دام الزوج لم يتمتع بزوجته ولم يدخل بها فليس لها حق في أن تأخذ المهر كله، وإنما تأخذ فقط نصف المهر تعويضًا عما قد يَلحَق بها من ضرر نتيجةَ عقد القِران وعدمِ إتمام الزواج.

ويجب على القوم أن يقرِّروا نصف مهر المِثلِ لمن لم يُسَمَّ لها مهر، إنه متعة مقرَّرة من الحق سبحانه وتعالى للمطلَّقة التي لم يُسَمَّ لها مهر، أما المرأة التي فرَض الرجل لها مهرًا فلها نصف ذلك المهر.

وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: (إلّا أن يَعفُونَ أو يَعفوَ الذي بيدِه عقدةُ النكاحِ وأن تَعفُوا أقربُ للتقوى ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم إن اللهَ بما تعملون بصيرٌ) (البقرة: 237).

إن العفو هنا يكون بيد المرأة أو بيد الرجل، إن بعض الجهلة يقولون، والعياذ بالله: إن القرآن الكريم فيه لحن. وظنوا أن الصحيح في اللغة أن يأتيَ القول "إلّا أن يَعفوَ" بدلًا من "إلّا أن يَعفُونَ" ولكن هذا اللون من الجهل لا يفرّق بين "واو" الفعل و "واو" الجمع، إنها هنا "واو" الفعل، ولم تسقط النون هنا لأنها ضمير وليست علامة إعراب، فقول الحق: "إلّا أن يَعفُونَ" مأخوذة من الفعل "عفا يعفو" والعفوُ المقصود هنا هو أن تعفوَ المرأة عن النصف المقرَّر لها.

ولْنُلاحظْ أن وليَّ المرأة ليس له أن يعفوَ في مسألة مهر المرأة.

لماذا؟
لأن مهر المرأة هو حقها الخالص، إنه مال حلال تمامًا.

إن الرزق الحلال تمامًا في حياة الناس هو ثمنُ البُضع، أي المهر، ولذلك يُروَى أن بعض الصالحين حين يتمّ فرضُ صَداق لامرأة منهم فإنهم لا يتصرفون في هذا المهر بل يدخرونه بحيث إذا مرض واحد منهم فإنهم يشترون له الدواء من هذا الصداق؛ لأن هذا هو الرزق الحلال الذي ليس فيه تدليس ولا غش، لذلك تحلّ البركة به.

والمرأة المؤمنة التي وهبها الله سعة من الرزق هي وأهلَها إنما تَحتفظ بهذا المهر لتعطيَ منه البركةَ لمن يقَع في ضيق أو مرض.

ولكن لماذا قال الحق: (أو يَعفوَ الذي بيدِه عقدةُ النكاح)؟
إن المقصود به هو الزوج، فلا يجعل الأَرْيَحيّة للمرأة فقط ولكن يقرِّرها للرجل أيضًا، فلَا عزمَ على المرأة ولا عزمَ على الرجل، إنما هو الفضل الذي يجب أن يسود العلاقة بين الاثنين إذا حدث طلاق لأيّ سبب، إنه فضل يزرع التراضيَ النفسيَّ والاجتماعيَّ.

والفضلُ كما نعرف هو فوق العدل (لذلك كان من دعاء فضيلة الشيخ الإمام: اللهم عامِلْنا بالإحسان لا بالميزان، وبالفضل لا بالعدل، وبالجبر لا بالحساب) والحق سبحانه وتعالى قد وضع في هذه الآيات الحكم بقانون العدل، ولكنه يطلب أن ننظر إلى الأمور بحكم الفضل.

وقد ذهب اثنان إلى قاضٍ وقالَا له:
احكُم بيننا بالعدل.

فقال القاضي:
أتريدان أن أحكُم بينكما بالعدل أم بما هو خير من العدل؟

فسأل الرجلان القاضيَ:
وهل يوجد خير من العدل؟

قال القاضي:
نعم، إنه الفضل.

إن العدل يُعطي لكل ذي حق حقَّه، لكن الفضل يجعل صاحبَ الحق يتنازل عن حقه.

إذًا فالتشريع الإلهيّ حينما يضع موازين العدل لا يريد أن يحرم المجتمع الإيمانيَّ من أَرْيَحيّة العدل، لذلك يقول الحق سبحانه: (وأن تَعفُوا أقربُ للتقوى ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم إن اللهَ بما تعملون بصيرٌ).

لماذا؟
لأن عملية إقامة العدل وحدها قد تَستبقي المشاحنةَ في النفوس، لكن إقامة الفضل جديرة بأن تُزيل المشاحنة من النفوس تمامًا.

إن أيَّ طرفين يقَعان في خلافٍ ما فإن كُلًّا منهما يظن أنه صاحب الحق، ومن الجائز أن يكون لكل منهما ظروف تزيِّن هذا التصور بأنه صاحب الحق، لذلك فحين يتمسك كل منهما بإقامة العدل فقد يصلان إلى هذا العدل، ولكن لن يصل أيٌّ منهما إلى مبلغ التراضي النفسيّ والاجتماعيّ، أما إذا ما قَبِلَ الطرفان إقامةَ الفضل فإن كُلًّا منهما يصل إلى درجة التراضي النفسيّ والاجتماعيّ.

لذلك فسياق الآيات يجعلنا نفهم أن على المؤمنين ألّا يَنسَوا الفضل بينهم، وأن يتقابل الرجل والمرأة في العفو، فإن عَفَت المرأة عن النصف الذي لها أو عفَا الرجل عن النصف الذي له كان ذلك أقربَ إلى التقوى، ولذلك يقول الحق عز وجل: (وأن تَعفُوا أقربُ للتقوى ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم إن اللهَ بما تعملون بصيرٌ).

لماذا؟
إنه من الجائز جدًّا أن يَظنّ طرف أنه ظالم أو مظلوم ولو أخَذ النصفَ المقرَّرَ له، ولهذا فإن الحق سبحانه وتعالى يقرر أنه من الأسلمِ والأقربِ للتقوى ألّا يأخذ أحدٌ شيئًا من هذا المال. إننا هنا نجد أن الحق يوصي بالفضل في مقام الاختلاف الذي يؤدي إلى أن يفترق رجل عن امرأة لم يدخل بها.

الحق سبحانه وتعالى يأمر ألّا نجعل من هذه المواقف إشعالًا لفتنة الحقد أو الكراهية.

ولْنَعلَمْ أن بعض الأحداث كالطلاق مثلًا إنما يُقرُّها الحق سبحانه وتعالى كأسباب لمقدور لم يَعلمه البشر، وهذا النوع من التسليم لله هو الذي يحمى الإنسانَ من الوقوع في الاعتقاد الخاطئ بأن أسبابَ الإنسان هي الفاعلة، إنما الأسبابُ كلُّها يُجريها الله سبحانه وتعالى.

ويقول الحق سبحانه وتعالى: (ومَتِّعوهنَّ على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه متاعًا بالمعروفِ حقًّا على المحسنين) إن الحق يأمر بأحقية المرأة في المتعة إن حدث طلاق قبل الدخول بها أو قبل فرض الصداق (قال العلامة ابن كثير في تأويل قول الله تعالى "وإن طلَّقتموهنَّ من قبلِ أن تَمَسُّوهنَّ.." الآيةِ.

هذه الآية الكريمة مما يدل على اختصاص المتعة بما دلّت عليه الآية الأولى، حيث إنما أوجَبَ في هذه الآية نصفَ المهر المفروض إذا طلَّق الزوج قبل الدخول، فإنه لو كان ثَمَّ واجبٌ آخر من متعةٍ لَبَيَّنَها، لا سيما وقد قَرَنها بما قبلها من اختصاص المتعة بتلك الآية، والله أعلم.

وتشطيرُ الصداق والحالةُ هذه أمر مُجمَع عليه بين العلماء لا خلاف بينهم في ذلك، فإنه متى كان قد سمَّى لها صداقًا ثم فارَقَها قبل دخوله بها فإنه يجب نصفُ ما سمَّى من الصداق، إلا أن عند الثلاثة أنه يجب جميعُ الصداق إذا خَلَا بها الزوج وإن لم يدخل بها، وهو مذهب الشافعيّ في القديم وبه حكَم الخلفاء الراشدون.

لكن روَى الشافعيّ عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلُو بها ولا يَمَسُّها ثم يطلِّقُها: ليس لها إلا نصفُ الصداق؛ لأن الله يقول: (وإن طلَّقتموهنَّ من قبلِ أن تَمَسُّوهنَّ وقد فرَضتم لهنَّ فريضةً فنصفُ ما فرَضتم) قال الشافعيّ: بهذا أقول، وهو ظاهر الكتاب.

وقوله: (إلّا أن يَعفُونَ) أي النساء عما وجَب لها على زوجها، فلا يجب لها عليه شيء.

قال ابن عباس: إلا أن تَعفوَ الثيِّب فتَدَعَ حقَّها.

ورُوي عن شُريح وسعيد بن المسيب وعكرمة ومجاهد وقتادة وغيرهم نحوُ ذلك.

وقوله: (أو يَعفُوَ الذي بيده عقدةُ النكاح) قال ابن أبي حاتم: ذُكر عن ابن لَهِيعة: حدثني عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "وليُّ عقدة النكاح الزوجُ".

وهكذا أسنده ابن مَرْدَوَيْهِ من حديث عبد الله بن لَهِيعة به.

وقد أسنده ابن جرير عن ابن لَهِيعة عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره ولم يقل "عن أبيه عن جده" فالله أعلم وهكذا ذكَر البيهقيّ في السنن الكبرى [14454] رواية ابن لَهِيعة معلَّقة كما صنع ابن أبي حاتم، ورواية الطبريّ [5355 شاكر] منقطعة.

فهو حديث ضعيف على كل حال ثم روَى ابن أبي حاتم عن شُريح قال: سألني عليُّ بن أبي طالب عن الذي بيده عقدةُ النكاح فقلت له: هو وليُّ المرأة. فقال عليٌّ: لا، بل هو الزوج رواه البيهقيّ في السنن الكبرى [14445] والطبريّ في التفسير [5315].

ثم نقَل عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبيّ وغيرهم أنه الزوج. قلت: وهذا هو الجديد من قولَي الشافعيّ، ومذهبُ أبي حنيفة وأصحابه والثوريّ، واختاره ابن جرير.

ومأخَذُ هذا القول أن الذي بيده عقدةُ النكاح حقيقةً الزوجُ، فإن بيده عَقْدَها وإبرامَها ونَقضَها وانهدامَها، وكما أنه لا يجوز للوليِّ أن يَهَبَ شيئًا من مال المُوَلِّيَةِ للغير فكذلك في الصداق.

وقوله: "وأن تَعفُوا أقربُ للتقوى" قال ابن جرير: قال بعضهم: خُوطب به الرجالُ والنساءُ.

ورُوي عن ابن عباس قال: أقربُهما للتقوى الذي يعفُو.

وكذا رُوي عن الشعبيّ وغيره.

وقال مجاهد والنخعيّ والضحاك وغيرهم: الفضلُ هاهنا أن تَعفُوَ المرأة عن شطرها أو إتمامُ الرجلِ الصداقَ لها، ولهذا قال: "ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم" أي: الإحسان. قاله سعيد.

وقال الضحاك وقتادة والسُّدِّيُّ: المعروف. يعني: لا تُهملوه بينكم.

وروَى ابن مَرْدَوَيْهِ عن عليّ بن أبي طالب قال: "لَيَأتيَنَّ على الناسِ زمانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ الموسِرُ على ما في يده ويَنسَى الفضلَ، وقد قال الله تعالى: "ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم" شرارٌ يبايعون كل مضطَّرٍّ، وقد نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بيع المضطَّرٍّ وعن بيع الغَرَر، فإن كان عندك خيرٌ فَعُدْ به على أخيك ولا تَزِدْهُ هلاكًا إلى هلاكه، فإن المسلم أخو المسلم لا يَحزُنُه ولا يَحرِمُه" رواه أحمد في المسند [1/116] وقال الشيخ شاكر [937]: إسناده ضعيف.

وأبو داود [3382] بإسناد آخر عن شيخ من بني تميم قال: خطبنا عليٌّ.. فذكر معناه، وضعَّفه الألبانيّ في ضعيف أبي داود [731] عمدة التفسير 2/133 ـ 135) والمتعة هي نصف مهر المثل في هذه الحالة، والمتعة إنما تكون بما يناسب حال الزوج، فالموسِعُ ـ أي الذي وسَّع الله عليه ـ يجب أن يوسِّع في المتعة للزوجة المطلَّقة تطييبًا لخاطرها وجبرًا لوحشة الفِراق، فالموسِعُ هو من أفاض الله عليه في الرزق.

وهذه الكلمة من الألفاظ المُوحيَة التي إن نظر الإنسان إليها بدقة فسوف يجد فيها أن الحق يطلب من الإنسان أن يوسِّع حركته في الحياة، وعلى قدر حركتك يكون عطاء الله لك.

والقرآن الكريم يقول للإنسان: لقد خلق الله سبحانه لك الأسباب فخُذْ منها ما يوسِّع لك.

وهل رأيتم واحدًا أخَذ بالأسباب ثم أفشَلَه الله؟

لا، لا بد أن يُعطيَ اللهُ مَن يأخذ بالأسباب، لكن قد نجد إنسانًا يجتهد وتأتي الأمور كما لا يَشتهي، ورغم ذلك فالقاعدة أن الله تعالى يُعطي على قدر العمل.

وقد نجد في بعض الأحيان أن الحق قد يُعطي بلا حساب ليعرف الخلقُ أن للحق طلاقةَ قدرة لا تحكمها الأسباب، ويكون هذا العطاء بلا حسابٍ اختبارًا لمن أعطاه الله هذا الرزق الوفير، وهل يتعامل الإنسان مع هذا الرزق الوفير بما يُرضي اللهَ أم لا، إنه امتحان من الحق للخلق، وذلك آية للخلق في أن يَعرفوا طلاقةَ قدرة الخلاق الأكرم.

إذًا فعلى الموسِعِ أن يُعطيَ متعةً للمطلقة التي لم يدخُل بها على قدر سعة رزقه، والمُقتِرُ عليه أن يُعطيَ متعةً للمطلقة على قدر طاقته.

إذًا فنصفُ مهر المثل في حالة الاحتكام إلى العدل أو القضاء، أما في حالة الاحتكام إلى الفضل امتثالًا لأمر الحق "ولا تَنسَوا الفضلَ بينكم" فالمتعةُ على قدر الوُسع والطاقة.

إن الحق سبحانه وتعالى حين يطلب حكمًا تكليفيًّا لا يطلب إنفاذ الحكم على المطلوب منه فقط ولكنه يوزع المسؤولية في الحق الإيمانيّ العام، يقول سبحانه: (لا جُناحَ عليكم إن طلَّقتم النساءَ ما لم تَمَسُّوهنَّ أو تَفرِضوا لهنَّ فريضةً ومَتِّعوهنَّ على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقتِرِ قَدَرُه متاعًا بالمعروفِ حقًّا على المحسنين) ومعنى ذلك أن المجتمع المؤمن مسؤول عن تنفيذ هذا الحكم الإيمانيّ، ولا بد أن يتكاتف المؤمنون بالله على تنفيذ أمر الله في أن يمتِّع أيُّ رجل زوجتَه التي طلَّقها قبل أن يدخل بها.

لقد جاء الأمر بشأن الإمتاع بصيغة الجمع كدليل على ضرورة تكاتف الأمة المؤمنة في إنفاذ أحكام الله، فالمُوسِعُ عليه إمتاعُ الزوجة المطلَّقة التي لم يدخل بها على قدره.

وقوله: "المُقتِر" إننا نسمع في بعض الأحيان عن إنسان يمر بشارع فيه محلّ لشواء اللحم، وهذا الإنسان يشمّ رائحة اللحم المشويّ ولا يقدر على أن يشتريَها، وهذه الرائحة هي التي تُسمَّى "قُتَار" لأنه غير قادر على شراء اللحم المشويّ، إذًا فكلمة "مُقتِر" مأخوذة من العجز والقلة.

قتَر ـُ قَتْرًا: ضاق عيشه. وعلى عياله: ضيَّق عليهم في النفقة.

وفي التنزيل العزيز "والذين إذا أنفَقُوا لم يُسْرِفوا ولم يَقْتُروا" [الفرقان: 67] واللحمُ: انتشر قُتَارُه. وللأسد: وضع له في المصيدة لحمًا يجد قُتَارَه.

والشيءَ والأمرَ: لَزِمَه.

والشيءَ: ألقاه على قُتْرِه؛ جانبه. و ـ ضَمَّ بعضَه إلى بعض.

والدرعَ: جعل لها قَتيرًا؛ مسمارًا.

قَتِرَ البخورُ واللحمُ وغيره قَتَرًا: انتشر قُتَارُه.

أقتَرَ الرجل: ضاق عيشه.

وفي التنزيل العزيز "وعلى المُقتِرِ قَدَرُه" والمرأةُ: أحرقَت العود وتبخرَت به.

والصائدُ أو الصيدُ: دخل القُتْرة.

واللهُ رِزقَ فلان: ضيَّقه.

والنارَ: جعلها تدخِّن.

قتَّر على عياله: بَخِلَ وضيَّق عليهم في النفقة.

والشواءُ: انتشَر قُتَارُه.

ويقال: قتَّر الرجل الشواء: هيَّج قُتَارُه.

والصيادُ للأسد: قتَر.

والأشياءَ وبَيْنَها: قارَبَ بينها وهيّأها للاستعمال.

وفي الحديث عن أنس أن أبا طلحة كان يرمي والنبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقتِّر بين يديه؛ يسوِّي له النصال ويجمع له السهام.

وفلانًا: صرَعه على قُتْرِه.

أقتَر الصائد في قُترته: استتر فيها.

تَقاتَرَ القوم: تَخاتَلوا.

تقتَّر فلان: غضب وتهيَّأ للمخاصمة.

وللصيدِ: استتر في القُترة ليخدعه ويصيده.

وعنه: تنحَّى.

وفلانًا: حاول خداعه عن غفلة.

القاتر: الضعيف.

القُتَارُ: دخان ذو رائحة خاصة ينبعث من الطبيخ أو الشواء أو العظم المحروق أو البَخور. المعجم الوسيط 2/741).


الطلاق قبل الدخول: 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الطلاق قبل الدخول:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أسباب الطلاق
» سورة الطلاق
» سورة الطلاق
» سورة الطلاق
» سورة الطلاق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـقـــــــه الــدنــيــــا والديـــــن :: فتاوى النِّساء للشَّعراوي-
انتقل الى: