أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: ضرب المرأة بين الأمر والإباحة! الثلاثاء 21 مارس 2017, 10:46 pm | |
| ضرب المرأة بين الأمر والإباحة! ================== السؤال: بعض المستشرقين وأعداء الإسلام يأخذون على الإسلام ضرب المرأة بأنه نوع من الوحشية، فكيف يأمر الله به؟
الجواب: نقول لمن غابت عنه الحكمة الإلهية في الآية الكريمة: إن الله تبارك وتعالى لم يأمر بضرب النساء ولكن أباحه، وفرق كبير ـ كما قلنا ـ بين الأمر والإباحة، لقد جعله مرحلة ثالثة بعد الوعظ والتذكير بشرع الله وبعد الهجر في الفراش، مما يؤكد لنا أن المرأة هنا تكون مصرّة على فعل ما يَكرهه زوجها، وأن الموعظة معها لم تُجْدِ والهجرَ في الفراش لم ينفع وكلَّ الوسائل لم تأت بنتيجة.
والشرع هنا يشترط أن يكون الضرب غير مبرِّح، أي مجرد إيلام خفيف، بعد أن فشلت كل الطرق في إصلاحها وردها إلى الصواب.
فالله سبحانه وتعالى أوجب على المرأة طاعة زوجها؛ لما يبذله من الجهد وما يتحمله من المشقة ولما يتعرض لكثير من المضايقات، بحيث يعود إلى بيته متعَبًا منهَكًا لا يتحمل مزيدًا من المتاعب والعناد.
إن من واجب الزوجة في هذه الحالة أن تكون سكنًا لزوجها تُزيل عنه إرهاق الحياة ومتاعبها لا أن تَزيد متاعبه وتعانده؛ فإن ذلك يجعل الحياة بالنسبة له مستحيلة ويؤثر على عمله ورزقه.
والضرب ليس معناه الكراهية، ولكن معناه إظهارُ عدم الرضا عن شيء يَحدُث يُسبِّب ألمًا نفسيًّا للرجل يُقابَل بألم بدنيّ خفيف للمرأة.
قد يقول بعض الناس: إن ضرب الزوج لزوجته معناه الكراهية.
ونقول لهؤلاء: ألَا يضرب الأبُ ابنَه! أيَكرَه الأبُ ابنَه الذي هو قطعة منه!
بالطبع لا، بل إنه لا يحب شيئًا في الدنيا أكثر من ابنه، ولكنه يريد مصلحته، وقد يُسبب له ألمًا خفيفًا لِيَقيَه آلامًا كثيرة سيتعرض لها لو استمر في الطريق الخاطئ الذي يسير فيه.
إن المجتمعات الإسلامية هي أقل المجتمعات إيذاءً للنساء، لأن الشرع الحنيف يَحُضّ الأب والزوج على الترفّق بهنَّ لضعفهنَّ وقلة حيلتهنَّ (أخرج البخاريّ 5204 عن عبد الله بن زَمْعَة رضي الله تعالى عنه عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يَجلدُ أحدكم امرأتَه جَلْدَ العبد ثم يجامعها في آخر اليوم".
وقد ترجم له إمام المحدِّثين محمد بن إسماعيل البخاريّ بقوله: باب: ما يُكره من ضرب النساء، وقول الله تعالى (واضربوهنَّ) أي: ضربًا غير مبرِّح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباريّ 1/379 ـ 380: وفي الحديث جواز تأديب الرقيق بالضرب الشديد، والإيماءُ إلى جواز ضرب النساء دون ذلك، وإليه أشار المصنف بقوله: "غير مبرِّح" وفي سياقه استبعادُ وقوع الأمرَين من العاقل؛ أن يبالغ في ضرب امرأته ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته، والمجامعة أو المضاجعة إنما تُستحسَن مع ميل النفس والرغبة في العشرة، والمجلود غالبًا يَنفِر ممّن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذمّ ذلك، وأنه إن كان لا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير بحيث لا يحصل منه النفور التام، فلا يفرّط في الضرب ولا يفرّط في التأديب.
قال المهلَّب: بيَّن ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله "جَلْدَ العبد" أن ضرب الرقيق فوق ضرب الحرِّ لِتَبايُن حالتَيهما، ولأن ضرب المرأة إنما أُبيح من أجل عصيانها زوجَها فيما يجب من حقه عليها اهـ.
وقد جاء النهيُ عن ضرب النساء مطلقًا، فعند أحمد وأبي داود والنسائيّ، وصححه ابن حبان والحاكم، من حديث إياس بن عبد الله بن أبي ذُبَاب، بضم المعجَمة وبموحَّدَتَين الأولى خفيفة: "لا تَضرِبوا إماءَ الله" فجاء عمر فقال: قد ذَئِرْنَ النساءُ على أزواجهنَّ. فأَذِنَ لهم فضرَبوهنَّ، فأطاف بآل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نساءٌ كثير، فقال: "لقد أطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعون امرأة كلُّهنَّ يَشكينَ أزواجَهنَّ، ولا تَجدون أولئك خيارَكم". رواه أبو داود 2146 والدارميّ 2/198/ 2219 وصححه الألبانيّ في صحيح أبي داود 1879. وله شاهد من حديث ابن عباس في صحيح ابن حبان، وآخر مرسل من حديث أم كلثوم بنت أبي بكر عند البيهقيّ.
وقوله: "ذَئِرَ" بفتح المعجَمة وكسر الهمزة بعدها راء، أي نَشَز، بنون ومعجَمة وزاي. وقيل: معناه :غضب واستَبّ.
قال الشافعيّ: يَحتمل أن يكون النهيُ على الاختيار والإذنُ فيه على الإباحة، ويَحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهنَّ ثم أذن بعد نزولها فيه.
وفي قوله: "لن يَضرب خيارُكم" دلالة على أن ضربهنَّ مباح في الجملة، ومحلُّ ذلك أن يضربها تأديبًا إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعتُه، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكَنَ الوصولُ إلى الغرض بالإيهام لا يَعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله.
وقد أخرج النسائيّ في الباب حديث عائشة: ما ضرَب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ امرأةً له ولا خادمًا قط، ولا ضرَب بيده شيئًا قطّ إلا في سبيل الله، أو تُنتَهَكَ حُرُمات الله فيَنتَقمَ لله) رواه النسائيّ في الكبرى 5/370/ 9164 والحديث في مسلم 2328/ 79 ولفظه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما ضرَب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئًا قطّ بيده ولا امرأةً ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله. وما نيل منه شيءٌ قط فيَنتَقمَ من صاحبه، إلا أن يُنتَهكَ شيءٌ من محارم الله فيَنتَقمَ لله عز وجل. |
|