العشرون:
أن فيه ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل الله عبد مسلم فيها شيئًا إلا أعطاه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وقال: بيده يقللها» (25).
وقد اختلف الناس في وقت هذه الساعة فمنهم مَنْ قال أنها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومَنْ قال أنها عند الزوال، وذكروا أنها إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة، وورد أنها الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة، وقيل أنها ما بين العصر إلى غروب الشمس... وغيره.
وأرجح هذه الأقوال:
قولان تضمنتها الأحاديث الثابتة، وأحدهما أرجح من الآخر.
الأول:
أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة.
وصحة هذا القول:
حديث أبي بردة بن أبي موسى، أن عبد الله بن عمر قال له: أسمعت أباك يتحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن ساعة الجمعة شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضي الصلاة» (26).
والقول الثاني:
أنها بعد العصر، وهذا أرجح القولين وهو قول عبد الله ابن سلام، وأبي هريرة، والإمام أحمد وخلق.
وحجة هذا القول:
حديث أبي سعيد وأبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه وهي بعد العصر» (27).
وعن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الجمعة اثنا عشر ساعة، فيها ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر» (28).
وعن عبد الله بن سلام قال:
قلت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس: إنا لنجد في كتاب الله (يعني التوراة) في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله عز وجل شيئًا إلا قضى الله له حاجته، قال عبد الله فأشار إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أو بعض ساعة» قلت: صدقت يا رسول الله، أو بعض ساعة، قلت: أي ساعة هي؟ قال: «هي آخر ساعات النهار» قلت: إنها ليست ساعة صلاة، قال: «بلى، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة، فهو في صلاة» (29).
وكان السَّلف يحرصون على إدراك فضل تلك الساعة والدعاء فيها، وقد ذُكِرَ عن سعيد بن جبير أنه إذا صلّى العصر من يوم الجمعة لم يكلم أحدًا حتى تَغْرُبُ الشمس.
الحادية والعشرون:
أن فيه صلاة الجمعة التي خُصَّتْ من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها من الاجتماع والعدد المخصوص، واشتراط الإقامة والاستيطان والجهر بالقراءة، وقد جاء في التشديد فيها ما لم يأت نظيره إلا في صلاة العصر.
ففي السنن الأربعة من حديث أبي الجعد الضمري وكانت له صحبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ ترك ثلاث جُمَعٍ تهاونًا طَبَعَ اللهُ على قلبه» (30).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات أو ليختمن على قلوبهم ثم ليكونُنَّ من الغافلين» (31).
وأجمع المسلمون على أن الجُمعة فرض عين (32).
الثانية والعشرون:
أن فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده والشهادة له بالوحدانية ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، وتذكير العباد بأيامه وتحذيرهم من بأسه ونقمته.
ووصيتهم بما يقربهم إليه وإلى جناته ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره، فهذا المقصود من الجمعة والاجتماع لها.
الثالثة والعشرون:
أنه اليوم الذي يُستحب أن يتفرغ فيه للعبادة وله على سائر الأيام مزية بأنواع العبادات واجبة ومستحبة، وهذا اليوم في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان.
الرابعة والعشرون:
أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام وكان العيد مشتملاً على صلاة وقربان، وكان يوم الجمعة يوم صلاة، جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القربات، وقائمًا مقامه فيجتمع فيه للرائح الصلاة والقربات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة، ومَنْ راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرة، ومَنْ راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا أقرن» (33).
قال الشافعي:
ولو بَكَّرَ إليها بعد الفجر وقبل طلوع الشمس كان حسنًا.
الخامسة والعشرون:
أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور.
عن ابن عباس قال:
اجتمع أبو هريرة وكعب، فقال أبو هريرة: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم في صلاة يسأل الله عز وجل شيئًا إلا آتاه إياه.
فقال كعب:
أنا أحدثكم عن يوم الجمعة، أنه إذا كان يوم الجمعة فزعت له السموات والأرض، والبر والبحر والجبال والشجر والخلائق كلها، إلا ابن آدم والشياطين وحفت الملائكة بأبواب المسجد فيكتبون مَنْ جاء الأول فالأول حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، فَمَنْ جاء بعد جاء لحق الله، كما كتب عليه (34).
وحق على كل حالم أن يغتسل يومه كاغتساله من الجنابة والصدقة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام، ولم تطلع الشمس ولم تغرب على مثل يوم الجمعة.
فقال ابن عباس:
هذا حديث كعب وأبي هريرة وأنا أرى إن كان لأهله طيب أن يمس منه (35).
السادسة والعشرون:
أنه يومٌ يتجلَّى الله عز وجل فيه لأوليائه المؤمنين في الجنة، وزيارتهم له، فيكون أقربهم منه أقربهم من الإمام، وأسبقهم إلى الزيارة أسبقهم إلى الجمعة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله عز وجل: "وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ" [ق: 35]، قال: يتجلَّى لهم في كل جمعة (36)، وعن علقمة بن قيس قال: رحت مع عبد الله بن مسعود إلى جمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، ثم قال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله على قدر رواحهم إلى الجمعة الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع» ثم قال: وما أربع أربعة ببعيد (37).
السابعة والعشرون:
أنه قد فسَّر الشَّاهد الذي أقسم اللهُ به في كتابه بيوم الجمعة، قال حميد زنجويه: حدثنا عبد الله بن موسى أنبأنا موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: هو يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، ما طلعت شمس ولا غربت على أفضل من يوم الجمعة، فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو اللهَ فيها بخير إلا استجاب له، أو يستعيذه من شر إلا أعاذه منه» (38).
الثامنة والعشرون:
أنه اليوم الذي تفزع فيه السماوات والأرض والجبال والبحار والخلائق كلها إلا الإنس والجن، روى أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تطلع الشمس ولا تغرُبُ على أفضل من يوم الجمعة، وما من دابةٍ إلا وهي تفزع ليوم الجمعة إلا هذين الثقلين من الجن الإنس» (39).
التاسعة والعشرون:
أنه اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمَّة، وأضل عنه أهل الكتاب قبلهم، كما روى أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة، هدانا الله له وضل الناس عنه، فالناس لنا فيه تبع، هو لنا، ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد» (40).
الثلاثون:
أنه خِيرَةُ الله من أيام الأسبوع، كما أن شهر رمضان خيرته من شهور العام، وليلة القدر خيرته من الليالي، ومكة خيرته من الأرض، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- خيرته من خلقه.
الحادية والثلاثون:
أن الموتى تدنوا أرواحهم من قبورهم، وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومَنْ مَرَّ بهم وسلّم عليهم.
ذُكِرَ عن سفيان الثوري قال:
بلغني عن الضحَّاك أنه قال: مَنْ زار قبرًا يوم السبت قبل طلوع الشمس، علم الميت بزيارته فقيل له: كيف ذلك؟ قال: لمكان يوم الجمعة (41).
الثانية والثلاثون:
أنه يُكره إفراده بالصوم، قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهي عن أن يُفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يُفرد فلا.
فعن جويرية بنت الحارث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: «أصمت أمس؟» فقالت: لا، فقال: «فتريدين أن تصومي غدًا؟» فقالت: لا، قال: «فأفطري» (42).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تخُصُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخُصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» (43).
والحكمة من النَّهي عن صيامه أنه يوم عيد كما ورد في الأحاديث.
الثالثة والثلاثون:
أنه يوم اجتماع الناس وتذكيرهم بالمبدأ والمعاد وقد شرع الله سبحانه وتعالى لكل أمَّةٍ في الأسبوع يومًا يتفرغون فيه للعبادة ويجتمعون فيه لتذكر المبدأ والمعاد والثواب والعقاب ويتذكرون به اجتماعهم يوم الجمع الأكبر قيامًا بين يدي رب العالمين.
وهكذا كانت قراءته -صلى الله عليه وسلم- في المجامع الكبار كالأعياد والجمع بالسور المشتملة على التوحيد وقصص الأنبياء مع أممهم وما عامل الله به من كذب وكفر من الهلاك والشقاء ومَنْ آمن منهم وصدق بالنجاة والعاقبة الحسنة.
هَدْي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة
كان إذا خطب: احمرت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: «صبَّحكم ومسَّاكم» ويقول: «بُعثتُ أنا والسَّاعة كهاتين» ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: «أما بعد. فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهَدي هَدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور مُحدثاتُها وكل بدعة ضلالة..» يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، مَنْ ترك مالاً فلأهله، ومَنْ ترك دينًا أو ضياعًا فإليّ وعليّ» (44).
وفي لفظ:
«يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: مَنْ يهدِ اللهُ، فلا مُضلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله».
وفي لفظ للنسائي:
«وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار».
وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد:
«أما بعد» (45).
وكان يقصر الخطبة، ويطيل الصلاة، ويكثر الذكر، ويقصد الكلمات الجوامع، وكان يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته، مئنة من فقهه» (46).
وكان يُعَلّمْ أصحابه في خطبته قواعد الإسلام، وشرائعه، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر، أو نهي، كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين (47).
ونهى المُتخطّي رقاب الناس عن ذلك، وأمَرَهُ بالجُلوس (48).
وكان يقطع خطبته للحاجة تعرض، أو السؤال من أحد من أصحابه، فيجيبه ثم يعود إلى خطبته فيتمها وكان ربما ينزل عن المنبر للحاجة، ثم يعود فيتمّها، كما نزل أخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فأخذهما ثم رقى بهما المنبر فأتم خطبته (49).
وكان يدعو الرجل في خطبته:
تعال يا فلان، اجلس يا فلان، صلّ يا فلان، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته، فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة أمرهم بالصدقة، وحضهم عليها (50).
وكان يشير بأصبعه السبابة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه (51).
وكان يستقي بهم إذا قحط المطر في خطبته (52).
وكان يمهل يوم الجمعة حتى يخرج الناس، فإذا اجتمعوا خرج إليهم.
الرابعة والثلاثون:
أن مَنْ مات يوم الجمعة وُقِيَ فتنة القبر، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» (53).
بعض الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة (54)
1- الغُسل سُنَّةٌ مؤكدة، وقال بعض العلماء بالوجوب، والأفضل في غُسل الجمعة أن يكون قبل التهيؤ والتوجه إلى المسجد.
2- غُسل الجنابة يكفي عن غُسل الجمعة إذا كان في النهار، وينويهما جميعًا.
3- لا يجوز لمَنْ كان في بيته حجز الأماكن، فالمسجد لِمَنْ تقدَّم.
4- الواجب على الآباء عدم إحضار أبناء دون السابعة لئلا يشوّشوا على المصلين.
5- إذا تقدَّم الصبيان إلى الصف الأول فإنه لا يجوز تأخيرهم؛ لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم، وفي تأخيرهم تنفيرًا لهم من الصلاة.
6- ليس هناك دليل على استحباب ركعتين بعد الأذان الأول.
7- السُّنَّةُ عند دخول المسجد أن يُصلّي الدَّاخل ركعتين تحية المسجد ولو كان الإمام يخطب ويتجوَّز فيهما.
8- ليس للجمعة سُّنَّةٌ راتبة قبلها في أصح قولي العلماء، ولكن يشرع للمسلم إذا أتى المسجد أن يصلي ما يسَّر اللهُ له، يسلم من كل اثنتين وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة أن المشروع للمسلم إذا أتى المسجد يوم الجمعة أن يصلي ما قسم له، وأما بعدها فلها سنة راتبة أقلها اثنتان وأكثرها أربع.
9- يُشرع للمتلاقين في الصف أن يسلم أحدهما على الآخر وأن يتصافحا لعموم الأحاديث في فضل السلام.
10- لا يجوز للمسلم أن يرفع صوته بالقراءة في المسجد أو في غيره إذا كان يشوِّش على غيره من المصلين والقُّرَّاء، والسنة أن يقرأ قراءة لا يؤذي بها أحد.
11- إذا مَرَّ الخطيبُ بذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يشرع للمستمع أن يُصلّي ويُسلّم عليه.
12- يُسَنُّ الإنصات للخطبة وترك السّواك وسائر العبث «كالعبث بالجوَّال أو غيره» من حيث الشروع فيها إلى أن يفرغ منها.
13- لا يُشرع تشميت العاطس أثناء الخطبة وإذا عطس فليحمد الله في نفسه.
14- لا يُشرع رفع اليدين عند دعاء الخطيب لا للإمام ولا للمأموين وإنما يكون التأمين بينه وبين نفسه من دون رفع صوت، وإنما يشرع رفع اليدين عند الاستسقاء فقط.
15- إذا سلَّم عليك أحد في أثناء الخطبة ومَدَّ يده فإنك تمد يدك إليه من غير سلام ولا كلام.
16- يجوز الكلام أثناء سكوت الإمام بين الخطبتين إذا دعت الحاجة إليه، ولا بأس بالإشارة لِمَنْ يتكلّم والإمام يخطب أن يسكت، كما تجوز الإشارة في الصلاة إذا دعت الحاجة إليه.
17- تجوز صلاة الجمعة قبل الزَّوال ولكن الأفضل بعد الزوال خروجًا من الخلاف وتيسيرًا على الناس، حتى يحضروا جميعًا وحتى تكون الصلاة في الجوامع في وقت واحد وهو أولى وأحوط.
18- لا يُشترط لإقامة الجمعة أربعون شخصًا وأقل، فالواجب لإقامتها ثلاثة.
19- مَنْ أدرك ركعةً مع الإمام فإنه يدرك الجمعة، أما مَنْ جاء وقد رفع الإمام من الركوع في الركعة الثانية فإنه يصلّيها ظُهرًا.
20- مَنْ لم يُصَلِّ الجمعة مع الإمام لعُذر شرعي كالمسافر والمريض وكذا المرأة، فإنه يصلّيها ظهرًا وهكذا سكان البادية، ومَنْ تركها عمدًا فعليه التوبة ويصلّيها أيضًا ظهرًا.
21- لا يجوز أن يَصِلْ صلاة الجمعة بصلاة أخرى حتى يتكلم أو يخرج، وهذا عام في جميع الصلوات والكلام يكون بالاستغفار والذكر وغيره.
22- إذا صادف يوم الجمعة عيدًا فإنه على الإمام أن يقيمها، ومَنْ شَهِدَ العيد مع الإمام فهو بالخيار، إن شاءَ أن يصلّيها مع الإمام أو يصلّي ظهرًا جماعةً أو فُرادى، لكن مَنْ لم يُصَلِّ العيد جماعةً وجبت عليه الجمعة.
23- ليس من شرط الجمعة أن يكون الإمام عَدْلاً معصومًا، بل يجب أن تُقام مع البَرّ والفاجر ما دام مسلمًا لم يُخرجه فُجُورُهُ عن دائرة الإسلام.
24- لا يصح جمع السُّجناء على إمام واحد في صلاة جمعة أو جماعة يقتدون به بواسطة مكبر الصوت، لكن إن أمكنهم الحضور لأداء صلاة الجمعة في مسجد السّجن وإلا فإنها تسقط عنهم ويصلّيها ظهرًا.
25- يَحْرُمْ تَعَدُّدْ الجمعة في قرية واحدة إلا من حاجة، وهذا قول جمهور أهل العلم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تكن تُقام في عهده إلا جمعة واحدة في المدينة، وهكذا في عهد الخلفاء الراشدين، وهذا لما في اجتماع المسلمين في مكان واحد كالجمعة والعيد من التعاون على البر والتقوى وإقامة شعائر الإسلام والائتلاف بين المسلمين والمودة والتعارف والتفقه في الدين وتأسي بعضهم ببعض في الخير، ولما في ذلك من زيادة الفضل والأجر بكثرة الجماعة وإغاظة أعداء الإسلام من المنافقين وغيرهم.
26- لا يجوز إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة وهذا من البدع المُحدَثة، وهذا يفعله البعض ويقولون إنما نفعل ذلك احتياطًا من عدم صحة الجمعة؛ لزعمهم أن الجمعة لا تقام إلا بإمام عادل معصوم، وهذا كله مخالف للكتاب والسنة وفعل السلف.
27- يجوز ترجمة خطبة الجمعة؛ لأن المقصود وعظهم وتذكيرهم وتعليمهم أحكام الشريعة، ولا يحصل إلا بالترجمة.
28- يجوز أن يتولّى الخطبة شخص والصلاة شخص آخر إذا دعت الحاجة.
29- الجمعة إلى الجمعة تكون كفارة لما بينهما إذا اجتنب العبد الكبائر.
30- السُّنَّةُ أن يقرأ الإمام بسورة السَّجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة، ولا يكون مُصيبًا مَنْ اقتصر على أحدهما؛ لقول بعض المأمومين أن ذلك يشق عليهم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أرحم الناس وأرأفهم بأمَّته، ولم يكن يدعهما.
31- مَنْ (55) صلّى الجمعة فلا يجوز له أن يجمع معها العصر حتى ولو كان مِمَّنْ يُباح له الجمع بسفر أو غيره ولكن يصلّيها ظهرًا ويجمع معها العصر.
32- المسافر (56) إذا كان مسافرًا فإنه لا يلزمه السعي إلى الجمعة، أما ما يفعله كثير من المسافرين إذا دخل عليهم وقت الجمعة أنهم يتوقفون ويصلّون الجمعة، فإنه خلاف الأولى وهي تجزئهم.
-----------------------------------------
الفهرس
مقدمة
أول جمعة في الإسلام
أول جمعة صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم-
خصائص يوم الجمعـة
هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة
بعض الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة
الفهرس