(جيل الصحوة)
"إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم. قالوا: يا نبي اللَّه أو منهم؟! قال: بل منكم!"
(رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)
تختلف أمة الإسلام عن باقي الأمم أنها أمة خالدة، فهي أمة تضعف في بعض الأحيان، ولكنها لا تموت أبدًا!
فأين الفراعنة الشداد؟
وأين ثمود وعاد؟
وأين التتار الذين ملكوا العالم من كوريا إلى بولندا؟
وأين حضارة البابليين؟
أين اختفى شعب الإنكا؟
أين ذهب الفايكنج؟
ماذا بقي من حضارة الرومان غير مسارحهم التي كانوا يعبثون فيها مع العبيد؟
ماذا بقي من الإغريق غير دولةٍ فقيرة متخمة بالديون؟
أين كسرى يزدجرد؟
ماذا ترك خلفه غير مجموعة من الحمقى الذين يحاولون عبثًا استعادة مجد فارس؟
أين اختفى هتلر الذي احتل أوروبا بأسرها؟
أين إمبراطورية بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس؟
ماذا حل بالبرتغال التي احتلت أراضٍ في أربع قارات؟
لماذا لم نعد نسمع عنها غير أخبار منتخبها الكروي؟
أين تبخَّر الهكسوس؟
أين اختفت الإمبراطورية البيزنطية؟
لماذا انقرضت اللاتينية والهيروغليفية والآرامية؟
أين الإتحاد السوفيتي؟
أين إمبراطورية غانا؟
أين إمبراطورية الصين؟
أين إمبراطورية اليابان؟
أين تلاشى شعب الأبرجين في أستراليا؟
أين تبخَّرت إمبراطورية الأنغكور الكمبودية التي حكمت شرق آسيا 600عام؟
لماذا اختفى كل هؤلاء ولم يبقَ إلا المسلمون وقرآنهم وعربيتهم؟!!
الشيء الأغرب من هذا كله أن أمة الإسلام هي الأمة الوحيدة في تاريخ الإنسانية التي تعرضت لغزوات متلاحقة من جميع الأمبراطوريات العظيمة التي مرت على تاريخ الأرض!
والشيء الأغرب والأغرب من ذلك أن جميع تلك الإمبراطوريات قد انهارت لتبقى أمة الإسلام!!
فلقد حارب المسلمون كلًا من:
(1) الإمبراطورية الساسانية الفارسية.
(2) الإمبراطورية الرومانية الشرقية البيزنطية.
(3) الإمبراطورية الرومانية الغربية المقدسة.
(4) الإمبراطورية المغولية التترية.
(5) الأمبراطورية الغانية الأفريقية.
(6) إمبراطورية الحبشة.
(7) إمبراطورية جويتا الهندية.
(8) الإمبراطورية النمساوية المجري.
(9) الإمبراطورية الصربية.
(10) الإمبراطورية الروسية القيصرية.
(11) الإمبراطورية الإنجليزية.
(12) الإمبراطورية الفرنسية.
(13) الإمبراطورية الإسبانية القشتالية.
(14) الإمبراطورية البرتغالية.
(15) الإمبراطورية الهولندية الأورانجية.
(16) تحالف ممالك الصليبيين.
(17) الفايكنج.
(18) الدولة العبيدية "الفاطمية" الشيعية.
(19) دولة القرامطة الشيعة.
(19) الدولة الصفوية الشيعية الأولى.
(20) الدولة الصفوية الشيعية الثانية "الخمينية".
(21) الدولة البويهية الشيعية.
(23) مملكة القوط الغربيين.
(22) إمبراطورية إيطاليا الفاشية.
(23) الإتحاد السوفييتي...
وغيرها الكثير الكثير من الدول والممالك التي اصطدمت بالمسلمين عبر جميع مراحل التاريخ الإسلامي.
والشيء اللافت للنظر أن جميع هذه الدول قد فشلت في تدمير الأمة الإسلامية، بالرغم من استخدامها لأبشع وسائل القتل والتدمير، إلا أن اللافت للنظر أيضاً، أن الأمة الإسلامية لم تسلم من هجمات أولئك الغزاة فحسب، بل خرجت كل مرة من محنتها أقوى من قبل.
فبعد كل مرة يقوم فيها الغزاة بمجازر وجرائم يظنون من خلالها أنهم استطاعوا القضاء على الإسلام كليةً، تنهض الأمة الإسلامة الغبار عن نفسها لتلملم أوصالها من جديد وترمم جروحها، وكأنها "قنديل البحر الهيدرواني"، المخلوق الوحيد الذي يستطيع الرجوع إلى المراحل الحياتية الأولى من نموه وتجديد جميع أعضائه المصابة ليعيد تكوين جسمه كاملًا مرارًا وتكرارًا.
لذلك طوَّر الغزاة في القرن الماضي وسيلة جديدة لتدمير الأمة الإسلامية، هي من الخبث بمكان، بحيث يتم تدمير الأمة الإسلامية من الداخل بدون الحاجة لاستخدام الوسائل العسكرية التي لا تجدي أصلًا مع المسلمين، فنجحوا في هذه الخطة القذرة من تدمير الخلافة الإسلامية، واعتقد الجميع أن الإسلام قد انتهى، ولأول مرة في التاريخ الإسلامي، لم يعد هناك خليفة لرسول اللَّه!
فقد استطاع الغُزاة لأول مرة في التاريخ الإسلامي منذ خلافة أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- من القضاء على الخلافة الاسلامية بواسطة عملاء مندسّين في الأمة، واستطاعوا بعدها القضاء على حكم الشريعة الإسلامية وإبدالها بدساتير مستوردة من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا بواسطة عملائهم الذين زرعوهم خلفهم عقب مرحلة الاستخراب (الاستعمار).
وفعلًا انصرف المسلمون حكامًا وشعوبًا عن المنهج الإسلامي، فصارت الجوامع شبه خالية إلا من كبار السن، وخلعت المرأة المسلمة لأول مرة في التاريخ الحجاب، حتى صارت المرأة المحجبة في فترة الستينات من القرن الماضي وكأنها غريبة دار! وتحول الشباب المسلم إلى الشيوعية تارة، وإلى الإشتراكية تارة أخرى، ودخلت الأمة الإسلامية في نفقٍ مظلمٍ من الهزائم العسكرية والتخلف العلمي، حتى حدث شيءٌ عجيببٌ...!
ففي نهاية الستينات، نبتت عضلة إسلامية صغيرة في الأمة الإسلامية، والعجيب في الأمر أن هذه العضلة نبتت في مختلف الأقطار الإسلامية بشكل متزامن يدعو إلى العجب!
ففي مصر وعقب نكسة 1967م تحوَّل الشعب المصري شيئاً فشيئاً إلى الاتجاه الإسلامي، وفي تركيا رجع الأذان بالعربية لأول مرة منذ سقوط الخلافة، وبدأ الشباب التركي يستمع سرًا لإذاعات القرآن الكريم ويقرأ كتابات الشيخ الكردي البطل (بديع الزمان النورسي) رحمه اللَّه.
وفي الخليج رجع شباب الصحوة ليملأوا المساجد، وفي أندونيسيا بدأت الحركة الإسلامية في النشاط، وفي باكستان أصبحت الشريعة من جديد أساسًا للقضاء، وفي الجزائر التي اعتقدت فرنسا أنها قضت على الإسلام فيها، بدأ الحراك الإسلامي ينشط من جديد على أرضها الممزوجة بدماء الشهداء.
وفي الشام رجع الناس إلى التمسك بشريعة اللَّه، وفي أفريقيا نشطت حركة الدعوة إثر بعثات الأزهر ثم بعثات الدعاة الخليجيين جزاهم اللَّه كل خير، وفي أوروبا وأمريكا انتشر الإسلام بشكلٍ لافت على يد المهاجرين العرب والأتراك والهنود.
والآن وبعد مرور كثير من ثلاثين عامًا على تلك الصحوة الإسلامية، أصبحت المساجد عامرة بالمصلين الذين يمثل الشباب منهم القسم الأعظم، ورجعت المرأة المسلمة للحجاب الذي أمرها اللَّه به رجوعًا جميلًا، فصارت أغلب النساء المسلمات محجبات.
ونشطت الفضائيات الدينية، وظهر شبابٌ مثل الورود لا هم لهم إلا نشر المواد العلمية على شبكة "الإنترنت" وأصبحت مساجد أوروبا عامرة بالمصلين الأوروبيين من أهل البلاد الأصليين.
وبعد سنوات من انتشار فكر الإسلام البدعي من جهة وفكر الإسلام التكفيري من جهة أخرى، بدأ الناس يرجعون إلى الإسلام الحقيقي القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين.
ورغم كل التشويه الذي يتعرض له الإسلام، أصبح الإسلام أسرع الأديان انتشارًا على وجه الأرض!
في ظاهرةٍ عجيبة حيَّرت علماء الجغرافيا البشرية، وفي دراسات حديثة قامت بها الأمم المتحدة يعتقد العلماء أنه إذا استمرت الدعوة الإسلامية بهذا النجاح المنقطع النظير، فسوف يصبح نصف عدد البشر من المسلمين عما قريب!
والآن وبعد أن انتهينا من الإبحار في قصص تسعة وتسعين عظيمٍ إسلامي في هذا الكتاب، حان الوقت لكي نكشف الستار عن العظيم المائة!
يتبع...
يتبع إن شاء الله...