منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 (أسود القادسية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

(أسود القادسية) Empty
مُساهمةموضوع: (أسود القادسية)   (أسود القادسية) Emptyالإثنين 06 فبراير 2017, 8:16 am

(أسود القادسية) Z

"ابتعثنا اللَّهُ لنخرح العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد"
(أسود القادسية)

" ورجال من المسلمين لا نعلمهم اللَّه بهم عالم، كانوا يدوون بالقرآن إذا جَنَّ عليهم الليل دوي النَّحل، وهم آساد لا يشبههم الأسود"
(سعد بن أبي وقاص)

أجد نفسي أمام مهمة صعبة للغاية، ألا وهي مهمة إنصاف عظماء الأمة، وخاصة الذين لم يأخذوا حقهم في التاريخ بالتأريخ لهم، فقلّما تجد أحدًا يعرف شيئًا عن أبطال القادسية الذين دمَّرُوا الإمبراطورية الفارسية التي عجزت جيوش الإغريق والرُّومان على تدميرها على مدار مئات السنين.

وأخشى ما أخشاه أن هناك مَنْ لم يسمع أصلًا عن قائد القادسية سعد بن أبي وقاص فضلًا أن يعرف الاثنين والثلاثين ألفا من جنودها!

والحقيقة أنني أردت أن أكتب عن جندي واحد من جنود القادسية اسمه "ربعي بن عامر" ليكون نموذجًا عن ذلك الجيش، ولكني فوجئت عند قراءتي لأحداث يوم القادسية أن هناك 32000 نموذج بطولي في هذه المعركة كلٌ منها يختلف عن الآخر.

لذلك آثرت أن أضم ذلك الجيش بأسره لقائمة العظماء المائة، فلقد خلَّد أولئك الأسود أنفسَهم بأنفسِهم في سجل الخلود الإنساني بحروفٍ من نور بعدما قدَّموا للبشرية أعظم صور الفداء والتضحية.

فكانوا رحمهم اللَّه كما وصفهم قائدهم سعد بن أبي وقّاص في رسالة النصر التي بعثها إلى الخليفة عمر كالأسود المفترسة صباحًا في ميدان المعركة، وفي الليل كالنَّحل من كثرة قراءتهم للقرآن.

فمن حق هؤلاء الأبطال علينا أن نذكرهم ولو قليلًا، فلقد كان شهداء القادسية أكثر شهداء الفتوحات الإسلامية عددًا على الإطلاق، فتعالوا نستعرض معًا قصة أولئك العظماء، ولنبدأها من بداية القصة، قبل معركة القادسية بعشرات السنوات، أو لنقل قبل القادسية بمئات السنوات، مع بداية تكون الأمة الفارسية...

في عام 1500 ق. م. هاجرت قبيلتان رئيسيتان من الآربيين من أبناء (يافث بن نوح) من "نهر الفولغا" شمال "بحر قزوين" واستقرا في "إيران" الحالية، وهاتان القبيلتان هما "الفارسيون" و"الميديون".

فأسَّسَ الميديون الذين استقروا في الشمال الغربي "مملكة ميديا".

وعاشت الأخرى في الجنوب في منطقة أطلق عليها الإغريق فيما بعد اسم "بارسيس" "Persis" ومنها اشتق اسم فارس!

في عام 559 ق. م. أسَّسَ الفُرسُ "الأخمينيون" إمبراطورية عظيمة، امتدت من حدود أفغانستان إلى حدود ليبيا، ومن اليونان إلى الهند، وقام ملكها (قورش) بتحرير اليهود الذين استعبدهم (نبوخذ نصر) الملك البابلي الشهير (ومنذ ذلك التاريخ بدأت العلاقات الفارسية اليهودية التي ستستمر بعد ذلك إلى لأبد!).

في عام 226م أسَّسَ الفُرسُ "الإمبراطورية الساسانية" نسبة إلى الكاهن الزردشتي (ساسان)، الذي كان جد أول ملوك الساسانيين (أردشير الأول) وهذه الإمبراطورية هي نفسها التي سَيُدَمِّرُهَا صحابة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة 651م لتنتهي بذلك أسطورة أرض فارس الكبرى إلى الأبد.

والآن وبعد أن أخذنا صورة سريعة عن التاريخ السياسي، للدولة التي أبادها "أسود القادسية".

دعونا نتحول سوية إلى الجانب الثقافي لهذه الدولة لنستعرض، تاريخها الديني والإجتماعي:
كانت "الزرادشتية" أو "المجوسية" هي الديانة الرسمية للدولة الفارسية (وما زالت!).

والمجوس يعبدون النار من دون اللَّه، ويحرصون على أن تظل مشتعلة طيلة الوقت، وكتاب المجوس المقدس هو "الأفيستا" وقد كان من أهم مميزات الفرس المجوس الدينية إيمانهم بـ "عصمة الأكاسرة!

"فكسرى كان بمثابة الإله، وقسَّم الفرس أنفسهم إلى عدة أقسام: أعلاها "السيد" وهو الذي يحمل دماءً ملكية، وأدناها عامة الشعب الذين يُربطون بالسلاسل كالكلاب، وانتشر الانحطاط الجنسي بين الفرس بدرجة مخيفة كانت تعيِّرهم بها الإغريق.

فلقد انتشرت "المتعة" الجنسية بينهم بشكل يدعو للاشمئزاز، فلقد كان كسرى (يزدجرد الثاني) يتمتع بأمه جنسيًا، وكان كسرى (بهرام جوبين) يتمتع بأخته، وغير ذلك من النجاسات القذرة التي لا أريد أن أذكرها في كتابٍ به أسماءُ أناسٍ طاهرين من أمثال عمر بن الخطاب!

والآن جاء الوقت لنبدأ حكاية الصراع الإسلامي الفارسي:
البداية كانت بعد "صُلح الحُديبية" مباشرة، في شهر شوال من العام السادس للهجرة (مارس 628م).

والبداية لم تكن عسكرية كما يظنها البعض، بل البداية كانت برسالة رقيقة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى كسرى (خُسرو الثاني) يدعوه بها للإسلام، فقام كسرى بتمزيق رسالة رسول رب العالمين، ومحاولة قتل حامل الرسالة الصحابي الجليل (عبد اللَّه بن حذافة) الذي نجح بالهرب من غدر كسرى.

ولمَّا عَلِمَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بفعلته دعا عليه وقال "مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ مِثْلَ مَا مَزَّقَ الكِتَابْ" وفعلًا ما هي إلا أيام حتى قتله ابنه (شيركويه)، وما هي إلا سنوات حتى مَزَّقَ اللَّهُ إمبراطوريته على يد أسود القادسية.

الغريب أنني وجدت شيئًا مثيرًا للعجب عبر قراءتي لتفاصيل الصراع الإسلامي الفارسي، ألا وهو أن الفُرسَ كانوا دائمًا هم الذين يتحرَّشون بالمسلمين عبر جميع مراحل التاريخ.

والمضحك أيضًا أنهم كانوا دائمًا ينهزمون من المسلمين في كل حِقب التاريخ!

فلقد تحرَّش كسرى برسول اللَّه شخصيًا حين أرسل إليه عامله في اليمن لكي يعتقله ويربطه بالسلاسل!

وتحرَّش الفُرسُ بعد ذلك بالمسلمين في عهد الفاروق لدرجة جعلت الفاروق يقول: "ليت بيننا وبين فارس جبل من نار، لا يأتون إلينا ولا نأتي إليهم!

"فالمسلمون لم يطلبوا الاحتكاك بالفُرس أبدًا، بل على العكس، هم الذين جهزوا جيش الإمبراطورية الفارسية للتوجه للمدينة لإنهاء الإسلام بالكلية، ممَّا اضطر المسلمين لمحاربتهم في القادسية وسحقهم.

والشيء الغريب أن الفُرسَ لم يتعلموا من هزائمهم شيئًا على ما يبدو، فمنذ أن رجع (الخميني) إلى إيران عام 1979م (على ظهر طائرة عسكرية فرنسية!).

والفُرس لا يفتأون يتحرَّشون بالمسلمين ومشاعرهم، فتارةً يلعنون أصحاب نبينا، وتارة أخرى يسبُّون نساء نبينا، وتارة يثيرون الفتن، وتارة يحتلون جزر الإمارات العربية، وتارة يغدرون بالعراق، فيا أهل فارس كُفّوا عنا شركم، وتعلموا من التاريخ!

فلقد بلغ السيل الزبى، ولكم في القادسية عبرة يا آل فارس، ولكم في أسود القادسية اثنان وثلاثون ألف عبرة!

والآن لنبقى مع بعض أسود معركة القادسية المجيدة والذين أذَلَّ اللَّهُ بهم ربع مليون فارسي قذر:

زهرة بن الحُوِيَّة:
طلب قائد الفرس (رَستم) -بفتح الراء- أن يتفاوض مع المسلمين قبل المعركة، فتقدم له أول الأسود وهو الليث العربي (زهرة بن الحُوِيَّة).

فقال له رستم:
أنتم جيراننا، وكنتم تأتوننا وتطلبون منا الطعام، وكنا نعطيكم ولا نمنعكم، وكنا نحسن جواركم، وكنا نُظِلُّكم بظلِّنا، ونطعمكم من طعامنا، ونسقيكم من شرابنا، وكنتم تأتوننا ولا نمنعكم من التجارة في أرضنا، فَلِمَ جئتم الآن تحاربوننا؟

فتبسَّم زهرة وقال:
صدقت في قولك عمَّن كانوا قبلنا، فلقد كانوا يطلبون الدنيا، ولكن نحن نطلب الآخرة!

كنا كما تقول حتى بعث اللَّه إلينا رسولًا، وأنزل عليه كتابًا، فدخلنا معه في دينه، وقال له اللَّه: إني مسلِّطٌ هذه الفئة على مَنْ خالفني، ولم يَدِنْ بديني، فإني مُنتقِمٌ منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مُقرِّين بي!

ربعي بن عامر:
في اليوم التالي أرسل رستم يطلب من المسلمين التفاوض للمرة الثانية، فانطلق ربعي على فرسه الصغير ذي الذيل القصير، وذهب به لمقابلة رستم، وقد ربط سيفه في وسطه بشيء غنمه من الفُرْسِ (إمعانًا باحتقارهم).

فدخل بفرسه ووقف على باب خيمة رستم، فطلب منه الفرس أن ينزع سلاحه، فقال: لا، أنتم دعوتموني، فإن أردتم أن آتيكم كما أُحِبُّ، وإلا رَجعتُ!

فأخبروا رستم بذلك، فقال: ائذنوا له بالدخول.

فدخل بفرسه على البُسُطِ الممتدة أمامه، وعندما دخل بفرسه وجد الوسائد المُوَشَّاة بالذهب؛ فقطع إحداها، ومرر لجام فرسه فيها وربطه به!

ثم أخذ رمحه، واتجه صوب رستم وهو يتكئ عليه، والرمح يدب في البسط فيقطعها، فلم يترك بساطًا في طريقه إلا وقطعه، ووقف أهل فارس في صمت عجبًا من ثقة هذا العربي الذي يحتقرهم في عقر دارهم، فبدأ رستم بالكلام.

فقال له رستم:
ما جاء بكم؟

فقال له:
لقد إبتعثنا اللَّهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه، وإن لم يقبل قبلنا منه الجزية، وإن رفض قاتلناه حتى نظفر بالنصر!

فقال رستم:
قد تموتون قبل ذلك.

فقال:
وعدنا اللَّه عز وجل أن الجنة لمن مات منا على ذلك، وأن الظفر لمن بقي منا.

فقال:
فهل لك أن تؤجلنا حتى نأخذ الرأي مع قادتنا وأهلنا؟

فقال له ربعي بكل استخفاف:
نعم، أعطيك، كم تحب: يومًا أو يومين؟

فأحس قائد الجيش الإمبراطوري الفارسي رستم بأنه صار هُزْأةٌ بين فرسان العرب وهو الذي يقدسه كل أهل فارس، لكنه تحامل على نفسه.

قال مستعطفًا ربعي بن عامر:
أعطني أكثر!

فقال ربعي:
إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سنَّ لنا أن لا نمكن آذاننا من الأعداء، وألا نؤخرهم عند اللقاء أكثر من ثلاث!

حذيفة ابن محصن:
في اليوم التالي بعث رستم برسالة إلى المسلمين يطلب فيها مقابلة ربعي من جديد، فأرسل المسلمون له رجلًا ثالثًا، وكأنهم يتبارون أيهم يُهين الفرس أكثر من غيره!

فدخل عليه حذيفة ابن محصن وهو راكب فرسه (دلالة على شدة الاستهانة بهم)، ودخل حذيفة بجواده يمشي به على البُسط، وظل راكبًا حتى وصل إلى رستم بجواده!!!

ولنا أن نتخيل هذا الموقف:
حذيفة فوق حصانه يكلمه.

فقال له رستم:
انزل يا عربي.

فقال له ذلك العربي:
لا أنزل؛ أنتم دعوتموني، فإن أردتم أن آتيكم كما أُحِبُّ، وإلا رجعت!

فقبل رستم على مضض ثم قال له:
ما جاء بكم؟

فقال له:
إن اللَّه عز وجل مَنَّ علينا بدينه، وأرانا آياته فعرفناه، وكنَّا له منكرين، ثم أمرنا بدعاء الناس إلى ثلاث فأيُّها أجابوا قبلناه: الإسلام وننصرف عنكم، أو الجزاء (أي الجزية)، أو المنابذة.

فقال له رستم:
هل من الممكن أن تعطينا فرصة؟

فقال له حذيفة:
نَعَمْ، ثلاثة أيام.

فقال:
إذن تقاتلونا في اليوم الرابع.

فقال الأسد العربي بكل عزة وثقة:
ثلاثة أيام ليس من اليوم بل من أمس!!!

المغيرة بن شعبة:
في اليوم الثالث طلب رستم التفاوض من جديد، فجاء الدور على صاحب رسول اللَّه المغيرة بن شعبة الثقفي لكي يُهين الفُرس قليلًا بطريقته الخاصة.

وعلى الرغم من أن المغيرة يتقن الفارسية، إلا أنه لم يتكلم معهم إلا بالعربية، من شدة عزته بلغة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدخل عليه المغيرة بن شعبة وقد ترك حصانه بالخارج؛ ففرح رستم وظن أنه سيحترمه هذه المرة ولن يكون كسابقيه من الرُّسُل.

فظل المغيرة يمشي حتى وصل إلى رستم، فجلس بجانبه على السرير المُذهَّب، فصرخ الفُرس في وجهه، إذ أن الفُرْسُ جميعهم يقفون بعيدًا جدًّا عن رستم، حتى لا يلوّثوا الهواء من حوله!

فقامت الحاشية بسرعة لكي تجذبه من مكانه.

فقال لهم المغيرة:
"واللَّه جلوسي جنب أميركم لم يزدني شرفًا! ولم ينقصه شيئًا، واللَّه يا أهل فارس إنَّا كانت تبلغنا عنكم الأحلام (أي نسمع عنكم أنكم عقلاء)، ولكني أراكم أسفهَ قوم، واللَّهِ الآن أدركتُ أن أمركم مُضمحلٌّ، وأن أمر الغَلَبَة والمُلك لا يقوم على مثل ما أنتم عليه".

فسمع المغيرة الحاشية من خلفه وهي تقول بالفارسية: واللَّهِ صَدَقَ العربي!

ثم قال المغيرة لرستم:
"فنحن ندعوكم إلى واحدة من ثلاث:
إما الإسلام، وإما الجزية عن يدٍ وأنت صاغر، وإن أبيت فالسيف".

فقال له رستم:
وكيف يدفع المرء الجزية وهو صاغر؟

فقال له:
"أن يقوم أحدكم على رأس أميرنا فيطلب منه أن يأخذ الجزية، فيحمده إن قبلها، فكن يا رستم عبدًا لنا تعطينا الجزية؛ نكف عنك ونمنعك!

وعندما سمع رستم من المغيرة "كن عبدًا لنا" لم يتحمل رستم أكثر من هذه الإهانات اليومية المتكررة من فرسان العرب، فاستشاط غضبًا، واحمرَّت عيناه وقال له: واللَّهِ ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا الكلام من عربي!

ثم حلف بالشمس أن لا يرتفع الصباح حتى يدفنهم في القادسية، ثم قال له: ارجع إلى قومك، لا شيء لكم عندي، وغدًا أدفنكم في القادسية.

فرجع المغيرة وأثناء مروره على القنطرة أرسل رستم رجلًا يناديه، فنظر إليه، فقال له: مُنَجِّمُنا يقول: إنك تُفقَأ عينُك غدًا. (وذلك ليخوفه).

فتبسَّم تلميذ محمد بن عبد اللَّه -صلى الله عليه وسلم- الصحابي البطل المغيرة بن شعبة الثقفي وقال للفارسي القذر:
"واللَّهِ لولا أني أحتاج الأخرى لقتال أشباهكم، لتمنيّت أن تذهب الأخرى في سبيل اللَّه"!

والآن وبعد أن أخذنا خلفية بسيطة عن النفسية العربية التي دمرت الإمبراطورية الفارسية، جاء الوقت لكي نأخذ صورة عن الخلفية العسكرية لأولئك الأبطال.

فبعد هذه المفاوضات التي أذل بها أسود العرب قادة الفرس، جاء الوقت لبدء العملية العسكرية الحاسمة التي سيخلدها التاريخ لكونها جعلت من شيءٍ اسمه الإمبراطورية الفارسية مجرد ذكريات في كتب التاريخ المنسية!

فلقد بدأت هذه المعركة الفاصلة بسلاحٍ من أسلحة الدمار الشامل الإسلامي، والذي لا تنتجه إلا المصانع العسكرية المحمدية، هذا السلاح استخدمه أيضًا بعد ذلك الجيش المصري البطل في معركة العاشر من رمضان عام 1973م، وفي نفس وقت الظهيرة الذي حارب به أبطال القادسية أيضًا، وإن كان العدو وقتها آل فارس، والذين لا يختلفون كثيرًا عن آل صهيون.

هذا السلاح استخدمه قائد أركان الجيش المصري السابق (سعد الدين الشاذلي) في حرب رمضان هو نفسه السلاح الذي استخدمه (سعد بن أبي وقاص)، هذا السلاح الذي استخدمه السعدان هو سلاح: اللَّه أكبر!

"خطة اللَّه أكبر الرباعية الأبعاد":
جمع القائد الإسلامي سعد بن أبي وقاص قادة جيوشه قبل بدء الزحف الإسلامي الكبير على جحافل الفرس ليحدد لهم خطة سير المعركة الحربية الفاصلة فقال لهم: "اعلموا عباد اللَّه أن اللَّه رزقكم التكبير، وأن التكبير لم يُعطه أحدٌ من قبلكم، واعلموا أنكم أعطيتموه تأييدًا لكم، فإذا صلّيت الظهر، فإني سأكبر أربعًا، تكون فيها إشارة الهجوم الإسلامي الكبير بعد التكبيرة الرابعة"!

وفعلًا صلّى المسلمون الظهر ليكبر بعدها سعد بن أبي وقاص أربع تكبيرات، لتكون التكبيرة الرابعة هي كلمة السر لانطلاق الزحف الإسلامي العظيم الذي سيخلده التاريخ إلى يوم الدين.

فَعَلَتْ صيحة اللَّه أكبر في علياء السماء، وبدأت ملحمة القادسية، لتبرز بطولات أسود القادسية القتالية والتي كان من أبطالها:

القبائل العربية:
كانت القبائل العربية الأصيلة هي بطلة "يوم أرماث"، وهو اليوم الأول من أيام القادسية الأربعة، فقد كانت القبائل العربية هي خط الهجوم الأول على جيوش الإمبراطورية الفارسية، فبرزت قبائل عربية عظيمة مثل قبيلة "دجيلة" وقبيلة "تميم" وقبيلة "الأسد" وقبيلة "كندة"، فصد فرسان العرب هجومًا مباغتًا حاول فيه الفرس أن يحطموا فيه الصفوف الأمامية بواسطة 13 فيل هائج مدرب على القتال.

فاستطاعت تلك القبائل الأصيلة أن تقطع وضون الفيلة (والوضون هي الأحزمة التي تربط مراكب الجنود فوق الفيلة) فسقط جنود فارس من فوقها، فقطعهم مجاهدي يعرب بسيوفهم تقطيعًا، لتكون هذه بداية دمار فارس (ولعل هذا هو سبب حقد الفرس على القبائل العربية إلى يوم الناس هذا!).

الخنساء:
برزت الخنساء في اليوم الثاني من أيام القادسية والذي سُمِّي بـ "يوم أغواث"، فقد باتت الخنساء ليلتها السابقة تحفز أبناءها الأربعة على الجهاد في سبيل اللَّه، فقاتل الأبطال الأربعة قتالًا ما عرفت العرب مثله، فاستشهد الأربعة جميعًا، فلمَّا وصلها خبر استشهادهم، رفعت يدها إلى السماء وقالت: "الحمد للَّه الذي شرفني باستشهادهم، وإني لأرجو اللَّه أن يجمعني بهم في الجنّة"!

والذي لا يعرف مَنْ هي الخنساء، فله أن يعلم أن هذه السيدة العربية هي نفسها التي أتحفت الشعر العربي بقصائد الرثاء عندما مات أخوها (صخر) في جاهليتها، وها هي الآن تحمد اللَّه على استشهاد أبناءها الأربعة!

الأخوان: القعقاع بن عمرو وعاصم بن عمرو
أحَسَّ الفُرسُ باقتراب نهايتهم، فحاولوا محاولة أخيرة لتغيير مسار المعركة، فقاموا بتطوير خطة الهجوم في اليوم الثالث من أيام القادسية والذي عُرف بـ "يوم عماس"، فقاموا بربط المراكب على الفيلة، ولكنهم هذه المرة وضعوا حرس حول الفيلة، ليحولوا دون قطع المسلمين لأحزمتها.

وكان قائد هذه الفيلة فيلٌ أبيض مجنون، درَّبه الفُرس على الحروب، فأصبح يفتك في صفوف المسلمين فتكًا، فتقدم الصحابيان الأخوان القعقاع وعاصم ابنا عمرو -رضي اللَّه عنهم- نحو الفيل الأبيض، فتوجه أحدهما نحو الميمنة، وتقدم الآخر نحو الميسرة، ليرفع كل منهما رمحه، ثم يُكَبِّرَا في نفس الوقت، ليفقأ البطل الأسطوري القعقاع العين اليمنى للفيل الأبيض، ويفقأ أخوه البطل عاصم عين الفيل اليسرى، لتتفجر الدماء شلالًا من رأس الفيل الأبيض، قبل أن يترنح يمينا وشمالًا، ليلحقه القعقاع بضربة من حسامه قطع به خرطومه، ليسقط ذلك الفيل العملاق على الأرض سقطة اهتزت لها أرض اليرموك، لتتخبط بقية الفيلة بعد مقتل كبيرها الفيل الأبيض، ولتهرب فيلة الفرس من أسود المسلمين!

دريد بن كعب النخاعي:
كان هذا الرجل شيخ قبيلة "نخاع" العربية، فأراد أن ينافس القبائل العربية الأخرى، ولكنه لم ينافسها بقصائد الفخر والرقص الشعبي، بل نافسها بمسابقة "مَنْ سيربح الجنّة أولًا".

فجمع شباب قبيلته نخاع في عتمة الليل بعد غروب شمس اليوم الثالث، وقال لهم بخفية من أمره: "إن المسلمين تهيأوا للمزاحفة، فاسبقوا المسلمين الليلة إلى اللَّه والجهاد، فإنه لا يسبق الليلة أحد إلا كان ثوابه على قدر سبقه، نافسوهم بالشهادة، وطيبوا بالموت نفسًا، فإنه أنجى من الموت إن كنتم تريدون الحياة، وإلا فالآخرة من أردتم".

ولأول مرة في تاريخ المعارك الحربية على الإطلاق، قامت هناك معركة كبيرة في منتصف الليل، قام بها أسودٌ من شباب قبيلة نخاعة في تلك الليلة التي سُمِّيَتْ في التاريخ بـ "ليلة الهرير" لكثرة القتال فيها (الذي علا فيه هرير الأسلحة).

فلما رأى شباب القبائل العربية الأخرى ذلك، غاروا منهم، فهبُّوا على صفوف الفُرس يدكُّونها دكًا، ليتطاير شرر السُّيوف في عتمة الليل، فعلت سحابة من الغبار فوق سماء المعركة، ولم يعلم بقية المسلمين مصير أولئك الفدائيين حتى جاء الفجر، فرأوا شباب الإسلام يرجعون من هناك وهم يضحكون بعد أن قتلوا آلاف الفرس.

هلال بن علفة:
وفي اليوم الرابع للقتال والذي عُرف بـ "يوم القادسية"، وأثناء اشتداد القتال بالقرب من البغال التي تحمل مؤونة الجيش الفارسي، تقدَّم أسَدٌ عربي اسمه هلال بن عُلَّفة ليدكدك بسيفه جمامجم الفرس كالأسد في قفاره.

وفجأة وعن طريق الصدفة البحتة، طاش سيفه وهو يضرب به، فقطع حملًا من أحمال هذه البغال، فسقط هذا الحمل على الأرض، ليسمع هلال بن علفة صراخًا كصراخ النساء من خلف البغل، ليتفاجأ هلال أن ذلك الصراخ لم يصدر من امرأة، بل كان مصدره رجلًا فارسيًا مختفيًا وراء البغال!

فصُعق ذلك الرجل عندما رأى وجهًا عربيًا أمامه، فأخذ يصرخ صراخ النساء ويسرع بالفرار وكأنه رأى وحشًا من وحوش الأرض!

فنظر إليه هلال بن علفة مستغربًا من هذا الفزع الذي حلَّ به، ولكنه لاحظ عليه مظاهر الأبهة والعظمة، فقال لنفسه: أهو هو؟!

إنه رستم قائد الفرس!!!

فلما رآه هلال بن علفة يجري بهذه السرعة وهذه الأبهة التي كانت عليه، قال: لا أفْلَحْتُ إن نَجَا!

وبالفعل أسرع وراءه حتى يلحق به، ورستم يجري!

وتخيَّلوا معي ذلك المنظر المضحك، فارسٌ عربي بثيابٍ ممزقة يجري خلف قائد الإمبراطورية الفارسية العظمى رستم وهو يهرب كالكلب الطريد لابسًا تاجه الذهبي وثوبه الحريري الأحمر.

عندها أخذ رستم يلتفت وهو يجري ويصرخ فيه: "بابيه!" (ومعناها بالفارسية: قِفْ كما أنت!).

ولكن هلالًا ظل يجري وراءه كالأسد المفترس الذي يجري وراء طريدته مُصَمِّمًا على الظفر بها بمخالبه، فقذفه رستم برمح كان في يده، فأصاب قدم هلال بن علفة فأصابها، فوقع هلال أرضًا من شدة الإصابة، ولكنه في لحظة من الزمن... عاد ليقف على رجله المصابة، ليستمر في مطاردة رستم، فقذف رستم نفسه في النهر، وبدأ يعوم، فتحول ذلك الفارس العربي من أسدٍ بري إلى تمساحٍ مائي!

فسبح وراءه، ورستم يسبحُ بكل قوته، والتمساح الإسلامي من ورائه، حتى أحس رستم بيدٍ تجذبه من قدمه إلى خارج النهر، لقد كانت هذه يد البطل العربي هلال بن علفة، وهي نفسها اليد التي سترتفع عاليًا في السماء، حاملة سيفًا إسلاميًا لامع النّصل، لتضرب رستم بضربة على رأسه، لتقسم جسمه إلى قسمين متماثلين.

عندها وقف هلال بن علفة على كرسي القيادة الذهبي في موكب رستم، ورفع سيفه في عنان السماء، وصاح بصوت كاد يهز الجبال: اللَّه أكبر، قتلت رستم ورب الكعبة، إليَّ أيها المسلمون!

فانهارت معنويات الفرس بذلك، وحاولوا الهرب بعبور دجلة، ولكنهم كانوا مقيدين بالسلاسل كالكلاب من قبل قادتهم، فاندفع 30 ألفًا من قطعان آل فارس في النهر هربًا من أسود العرب، فغرقوا بسلاسلهم الحديدية في أعماق دجلة، ليصبحوا طعامًا شهيًا لأسماك النهر، بعد أن كانوا فريسة لأسود البر!

وبأسودٍ مثل هؤلاء الأسود، انتصر العرب المسلمون على آل فارس المجوس، فدمَّروا بذلك الإمبراطورية الساسانية إلى الأبد، ولكن انتصارهم هذا ولَّد حقدًا تاريخيًا دفينًا ظل مغروسًا في وجدان الفُرس!

فلماذا يؤمن الشيعة الفرس بأن المهدي سيقتل القبائل العربية عن بكرة أبيها عند خروجه من السرداب؟
ولماذا يعتقد اليهود في التلمود أن اللَّه ندم على خلقه أبناء إسماعيل "العرب"؟!
فما هي قصة العرب؟
ولماذا اختار اللَّه العرب من دون سائر البشر ليبعث من بين إحدى قبائلهم أعظم مخلوقٍ في الكون؟
فلماذا يُعتبر حب العرب دليلًا على حب الإسلام؟
ولماذا يُعتبر كره العرب دليل نفاق؟

يتبع...
يتبع إن شاء الله...



(أسود القادسية) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
(أسود القادسية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: 100 من عظماء الإسلام-
انتقل الى: