|
| أسئلة وأجوبة في بيع وشراء الذهب | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: أسئلة وأجوبة في بيع وشراء الذهب الأحد 15 يناير 2017, 5:32 pm | |
| أسئلة وأجوبة في بيع وشراء الذهب
من مؤلفات فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
(رحمه الله)
www.binothaimeen.com حقوق الطبع محفوظة للمؤلف إلا لمن أراد نسخه لتوزيعه مجاناً تصميم و تطوير خدمات الانترنت والحاسب الالي www.attasmeem.com ================= بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, واشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وعلى آله وسلم...
أما بعد.. فقد شرع الله تعالي لعباده في معاملاتهم نظماً كاملة مبنية على العدل لا يساويها أي نظام أخر, وإن من الظلم في المعاملات واجتناب العدل والاستقامة أن تكون مشتملة على الربا الذي حذر الله تعالي منه في كتابه وعلى لسان رسوله صلي الله عليه وسلم واجمع المسلمون على تحريمه.
قال تعالي: (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون) (البقرة: 278-279).
وقال تعالي: (يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفةً واتقوا الله لعلكم تُفلحون واتقوا النَّار التي أعِدَتْ للكافرين وأطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ لعلكم تُرحمون) (آل عمران: 130 - 132).
وقال تعالي: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبَّطه الشيطان من المَسّ ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثلُ الربا وأحَلَّ اللهُ البيع وحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءه موعظةٌ مِن ربه فانتهي فله ما سَلَفَ وأمره إلى الله ومَنْ عاد فأولئك أصحاب النَّار هم فيها خالدون يمحقُ اللهُ الرّبا ويُربي الصَّدقات واللهُ لا يحب كل كفَّار أثيم) (البقرة: 275 - 276).
ولقد ثبت في صحيح مسلم(1) من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم لَعَنَ آكِلُ الرّبا ومُوكله وكاتبه وشاهديه وقال: (هم سواء) واللعنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالي, والله تعالي إنما خلق الجن والإنس, وأودع فيهم العقول والإدراك, وبعث فيهم الرُّسُلَ وبَثَّ فيهم النُّذُر ليقوموا بعبادته والتذلل له بالطاعة مقدّمين أمره وأمر رسوله على ما تهواه أنفسهم.
فان ذلك هو حقيقة العبادة ومقتضي الإيمان بالله سبحانه وتعالي كما قال الله تعالي: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي اللهُ ورسولهُ أمرًا أن يكون لهم الخِيَرَةُ من أمرهم ومَن يعص اللهَ ورسولهُ فقد ضَلَّ ضلالًا مبينًا) (الأحزاب: 36).
فلا خِيَارَ للمؤمن إن كان مؤمناً حقاً في أمر قضاهُ اللهُ ورسولهُ, وليس أمامه إلا الرّضا والتسليم التام سواء وافق هواه أم خالفه, وإلا فليس بمؤمن كما قال الله تعالي: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحَكِمُوكَ فيما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا حرجًا مِمَّا قضيتَ ويسلمُوا تسليمًا) (النساء: 65).
إذا تبين هذا فاعلم أن أوامر الله تعالي تنقسم إلي قسمين: * قسمٌ يختص بمعاملته سبحانه وتعالي كالطهارة والصلاة والصيام والحج, وهذا لا يستريب أحد في التعبُّد لله تعالي به.
* وقسمٌ يختص بمعاملة الخلق وهي المعاملة الجارية بينهم من بيع وشراء وإيجار ورهن وغيرها, وكما أن تنفيذ أوامر الله تعالي والتزام شريعته في القسم الأول أمر معلوم وجوبه لكل أحد.
فكذلك تنفيذ أوامره والتزام شريعته في القسم الثاني أمر واجب إذ الكل من حكم الله تعالي على عباده, فعلى المؤمن تنفيذ حكم الله والتزام شريعته في هذه وذاك...
وبعد.. فهذه أسئلة عن البيع وشراء واستعمال الذهب(2) موجهةً لشيخنا محمد بن صالح العثيمين تفضَّل بالإجابة عليها سائلاً اللهَ تعالي أن ينفع بها مَنْ قرأها أو سمعها, وأنْ يُعظم الأجر والمثوبة لِمَنْ كتبها أو طبعها أو نشرها أو عمل بها وهو حسبنا ونعم الوكيل...
السؤال الاول: ما الحكم في أن كثيراً من أصحاب محلات الذهب يتعاملون بشراء الذهب المُستعمل (الكسر) ثم يذهبون به إلى تاجر الذهب ويستبدلونه بذهب جديد مصنع وزن مقابل وزن تماماً, يأخذون عليه أجرة التصنيع للذهب الجديد؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. ثبت عن النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب, والفضة بالفضة, والبر بالبر, والشعير بالشعير, والتمر بالتمر, والملح بالمح, مثلاً بمثل, سواءً بسواءٍ, يداً بيدٍ) (1) وثبت عنه انه قال: (من زاد أو استزاد فقد أربى) (2) وثبت عنه (أنه أتي بتمر جيد فسأل عنه فقالوا: كنا نأخذ الصاع بصاعين, والصاعين بثلاثة, فامر النبي صلي الله عليه وسلم برد البيع وقال: هذا عين الربا) ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الردئ, ثم يشتروا بالدراهم تمراً جيداً (3).
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما انه أمر محرم لا يجوز, وهو داخل في الربا الذي نهي النبي صلي الله عليه وسلم عنه، والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق, وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشئ الجديد, والأفضل أن يبحث عن الشئ الجديد في مكان أخر, فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشتري بالدراهم وإذا زادها فلا حرج, المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من اجل الصناعة.
هذا إذا التاجر تاجر بيع, أما إذا كان التاجر صائغاً فله ان يقول خذ هذا الذهب اصنعه ليّ على ما يريد من الصنعة أعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة, فلا بأس. *** السؤال الثاني: ما رأي فضيلتكم أن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون باستبدال الذهب الجديد لديهم مقابل ذهب مستعمل من الراغب في الشراء منهم ويأخذون عليه أجرة تصنيع؟
الجواب: لا يظهر لي فرق بين هذا السؤال والذي قبله والحكم فيهما واحد. *** السؤال الثالث: إن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون بشراء الذهب بالأجل معتقدين إن هذا حلال وحجتهم إن هذا من عروض التجارة ولقد نوقش كبارهم على إن مثل هذا العمل لا يجوز فأجاب بان أهل العلم ليس لهم معرفة بمثل هذا العمل؟
الجواب: إن هذا أعني بيع الذهب بالدراهم إلى أجل حرام بالإجماع, لأنه ربا نسيئة, وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عبادة بن الصامت حين قال: (الذهب بالذهب والفضة، بالفضة... الخ) الحديث قال: (فان اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ) (4) هكذا أمر النبي صلي الله عليه وسلم.
وأما قوله إن أهل العلم لا يعلمون ذلك فهذا اتهام لأهل العلم في غير محله, لان أهل العلم كما وصفهم أهل علم والعلم ضد الجهل, فلولا أنهم يعلمون ما صحّ أن يسميهم أهل العلم, وهم يعلمون حدود ما انزل الله على رسوله, ويعلمون إن مثل هذا العمل عمل محرم لدلالة النص على تحريمه. *** السؤال الرابع: ما الحكم في إن بعض محلات الذهب يشترط على البائع للذهب المستعمل أن يشتري منه جديداً.
الجواب: هذا أيضا لا يجوز, لان هذا حيلة على بيع الذهب بالذهب مع التفاضل، والحيل ممنوعة في الشرع, لأنها خداع وتلاعب بأحكام الله.
السؤال الخامس: هل يلزم أن يكون التوكيل لفظا بين أصحاب محلات الذهب أم يكفي بمثل أن يأخذ منه على ما اعتادوا بينهم من انه سيبيعه بالسعر المعروف؟
الجواب: الوكالة عقد من العقود تنعقد بما دلّ عليها من قول أو فعل, فإذا جرت العادة بين أهل الدكاكين إن السلعة التي لا توجد عند احدهم إذا وقف عنده المشتري فذهب إلي جاره واخذ منه السلعة على انه يبيعها له, وكان الثمن معلوما عند هذا الذي أخذها وباعها لصاحبها بالثمن المعلوم بينهم, فان هذا لا باس به, لان الوكالة كما قال أهل العلم تنعقد بما دلّ عليها من قول أو فعل. *** السؤال السادس: ما الحكم فيما إذا أتي المشتري واشتري بضاعة الذهب ثم اشترط إذا لم تصلح يردها للمحل للاستبدال أو استرداد قيمتها, وماهي الطريقة المشروعة في مثل هذا الحالة حيث إن بعضهم قد يكون بعيد المسافة عن المدينة مما يستحيل العودة بنفسه إلى المحل في نفس اليوم أو اليوم الثاني؟
الجواب: الأفضل في مثل هذا والأحسن أن يأخذ السلعة الذهبية قبل أن يتم العقد, ويذهب بها إلى أهله, فان صلحت رجع إلي صاحب الدكان وباع معه واشتري من جديد هذا هو الأفضل. أما إذا اشتراها منه وعقد العقد ثم اشترط الخيار له إن صلحت لأهله والا ردها, فهذه محل خلاف بين أهل العلم, فمنهم من أجاز ذلك وقال: إن المسلمين على شروطهم, ومنهم من منع ذلك وقال: إن هذا الشرط يحل حراما وهو التفرق قبل تمام العقد على وجه لازم. والأول ظاهر اختيار شيخ الإسلام بن تيمية, والثاني هو المشهور من المذهب, وإن كل عقد يشترط فيه التقابض فانه لا يصح فيه شرط الخيار.
وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن تبرأ ذمته ويسلم فليسلك الطريقة الأولي أن يأخذها ويشاور عليها قبل أن يتم العقد.
ما معني قبل أن يتم العقد؟
أي يعطهم دراهم رهناً أو أي سلعة يستوثقون بها لا على إنها ثمن للذهب الذي اشتراه. *** السؤال السابع: ما الحكم في إن بعض أصحاب محلات الذهب يشتري ذهبا مستعملا نظيفا ثم يعرضه للبيع بسعر جديد. فهل يجوز مثل هذا أو يلزمه تنبيه المشتري بأنه مستعمل أو لا يلزمه حيث أن بعض المشتريين لا يسأل هل هذا جديد أم لا؟
الجواب: الواجب عليه النصيحة, وان يحب لأخيه ما يحب لنفسه, ومن المعلوم لو أن شخصا باع عليك شيئا مستعملا خفيفا لم يؤثر فيه وباعه عليك على انه جديد لعددت ذلك غشا منه وخديعة, فإذا كنت لا ترضي أن يفعل بك الناس هذا فكيف تسوغ لنفسك أن تفعله بغيرك.
وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يفعل مثل هذا الفعل حتى يبين للمشتري ويقول له: إن هذا قد استعمل استعمالا خفيفا أو ما أشبه ذلك. *** السؤال الثامن: ما الحكم فيمن سلم ذهبه لمصنع الذهب ليصنعه فربما اختلط ذهبه مع ذهب غيره حال صهر الذهب في المصنع ولكن عند استلامه من المصنع يستلمه بنفس الوزن الذي سلمه؟
الجواب: يجب على المصنع أن لا يخلط أموال الناس بعضها ببعض, وان يميز كل واحد على حده فإذا كان عيار الذهب يختلف.
أما إذا كان عيار الذهب لا يختلف فلا حرج أن يجمعها لا نه لا يضر. *** س: وهل يلزم تسديد أجرة التصنيع عند استلام الذهب أو نعتبره حساب جاري؟
الجواب: لا يلزم أن يسدد لان هذه الأجرة على عمل, فان سلمها حال القبض فذالك والا متي سلمها صح.
السؤال التاسع: ما رأي فضيلتكم حيث إن بعض المشتريين للذهب يسال عن سعر الذهب ثم إذا علم بسعره قام واخرج ذهبا مستعملا معه وباعه, وعند استلامه الدراهم يقوم ويشتري بضاعة جديدة؟
الجواب: هذا لا باس به إذا لم يكن هناك اتفاق ومواطأة من قبل الا أن الإمام احمد رحمه الله يري انه في مثل هذه الحالة يذهب ويطلب من جهة أخري فيشتري منها, فان لم يتيسر له ذلك رجع إلي الذي باع عليه أولا ليشتري منه حتى يكون ذلك ابعد عن الشبهة, شبهة الحيلة. *** السؤال العاشر: ما الحكم فيمن باع ذهبا على صاحب المحل ثم يشتر يذهبا أخر من صاحب المحل بمبلغ مقارب للمبلغ الذي باع عليه به مثلا, ثم يسدد له قيمة الذهب الذي اشتراه من قيمة الذهب الذي باعه وهو لم يستلمها؟
الجواب: هذا لا يجوز, لأنه إذا باع شيئا بثمن لم يقبض واعتاض عن ثمنه ما لا يحل بيعه به نسيئة, فقد صرح الفقهاء بان هذا حرام ,لأنه قد يتخذ حيله على بيع ما لا يجوز فيه النسيئة بهذه الصفة بدون قبض,وإذا كان من جنسه صار حيلة على ربا الفضل(1) وربا النسيئة(2). *** |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أسئلة وأجوبة في بيع وشراء الذهب الأحد 15 يناير 2017, 6:15 pm | |
| السؤال الحادي عشر: ما حكم مَنْ اشتري ذهباً وبقي عليه من قيمته وقال آتي بها عليك متى تيَّسر؟
الجواب: لا يجوز هذا العمل, وإذا فعله صح العقد فيما قبض عوضه, وبطل فيما لم يقبض, لان النبي صلي الله عليه وسلم قال في بيع الذهب بالفضة: (بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ) (3). *** السؤال الثاني عشر: ما الحكم فيمن اشتري ذهباً وتم البيع عليه ثم سدد القيمة وبقي عليه جزء من المبلغ فهل يجوز أن يذهب إلي أي مكان ليأتي بالباقي بعد قليل مثلاً من (السيارة أو البنك) ولم يستلم الذهب إلا بعد أن أتي بالباقي, فهل يصح هذا العمل؟ والا يلزم إعادة العقد بعدما أتي بالباقي؟
الجواب: الأولي أن يعاد العقد بعد أن يأتي بالباقي, وهذا لا يضر ماهو الا إعادة الصيغة فقط مع مراعاة السعر إن زاد أو نقص, وإن تم العقد على السعر الاول فلا باس, وإن ترك العقد حتى يأتي بباقي الثمن كان أولي, لأنه لا داعي للعقد قبل إحضار الثمن, والله الموفق. *** السؤال الثالث عشر: هنالك بعض أصحاب محلات الذهب يذهب إلي تاجر الذهب ويأخذ منه ذهباً جديداً بوزن كيلو مثلاً, ويكون هذا الذهب مخلوطاً به فصوص سواء كانت من أحجار كريمة المسماة بالماس أو الزراكون أو غيرها, ويعطيه المشتري مقابل هذا الكيلو ذهباً صافياً وزناً بوزن, ولكنه ليس فيه فصوص, ثم إن البائع يأخذ زيادة على ذلك تسمَّي أجرة التصنيع، فيكون عند البائع زيادتان أولهما زيادة ذهب مقابل وزن الفصوص, وثانيهما زيادة أجرة التصنيع لأنه تاجر ذهب وليس مصنع ذهب، فما حكم هذا العمل وفقكم الله؟
الجواب: هذا العمل مُحَرَّمٌ لأنه مشتمل على الرّبا، والرّبا فيه كما ذكر السائل من وجهين...
الوجه الأول: زيادة الذهب حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهباً وهو شبيه بالقلادة التي ذكرت في حديث فضالة بن عبيد حيث أشتري قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر ديناراً, ففصلها فوجد فيه أكثر, فقال النبي صل الله عليه وسلم: (لا تباع حتى تفصل)(1).
أما الوجه الثاني: فهو زيادة أجرة التصنيع, لأن الصحيح إن زيادة أجرة التصنيع لا تجوز, لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل, وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم أن يشتري صاع التمر الطيب بصاعين من التمر الردئ (2) والواجب على المسلم الحر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب. *** السؤال الرابع عشر: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلاً محرمة أو غشاً أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟
الجواب: العمل عند هولاء الذين يتعاملون بالرّبا أو بالغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة, العمل عند هولاء محرم, لقول الله تعالي: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة: 2)، ولقوله: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكْفَرُ بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذًا مثلُهم). ولقول النبي صلي الله عليه وسلم: (مَنْ رأي منكم منكراً فليُغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه, فان لم يستطع فبقلبه)(3).
والعامل عندهم لم يُغيّر لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فيكون عاصياً للرسول صلي الله عليه وسلم. *** السؤال الخامس عشر: ما حكم التعامل بالشيكات في بيع الذهب إذا كانت مستحقة السداد وقت البيع حيث إن بعض أصحاب الذهب يتعامل بالشيكات خشية على نفسه ودراهمه أن تسرق منه؟ الجواب: لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب أو الفضة, وذلك لان الشيكات ليست قبضاً وإنما هي وثيقة حوالة فقط بدليل إن هذا الذي اخذ الشيك لو ضاع منه لرجع على الذي أعطاه إياه, ولو كان قبض لم يرجع عليه.
وبيان ذلك إن الرجل لو اشتري ذهباً بدراهم فاستلم البائع الدراهم فضاعت منه لم يرجع على المشتري, ولو أنه أخذ من المشتري شيكاً ثم ذهب به ليقبضه من البنك ثم ضاع منه فإنه يرجع علي المشتري بالثمن.
وهذا دليل على أن الشيك ليس بقبض, وإذا لم يكن قبضاً لم يصح البيع, لان النبي صلي الله عليه وسلم أمر أن يكون بيع الذهب بالفضة يداً بيد.
إلا إذا كان الشيك مُصدَّقاً من قِبَلِ البنك واتصل البائع بالبنك وقال ابقي والدراهم عندك وبيع لي, فهذا قد يرخص فيه. والله اعلم.
*** السؤال السادس عشر: ما حكم بيع الذهب الذي يكون فيه رسوم أو صور مثل فراشة أو رأس ثُعبان أو ما شابه ذلك؟
الجواب: الحلي الذهب أو الفضة المجعول على صورة حيوان حرام بيعه وحرام شراءه وحرام لبسه, وحرام اتخاذه, وذلك لأن الصور يجب على المسلم أن يطمسها ويزيلها.
كما في صحيح مسلم, عن أبي الهياج إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم؟: ألا تدع صورة إلا طمستها, ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)(1) وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة(2).
وعلى هذا فيجب على المسلمين أن يتجنبوا استعمال هذا الحلي وبيعه وشراءه. *** السؤال السابع عشر: ما حكم حجز الذهب وذلك بدفع بعض قيمته وتأمينه عند التاجر حتى تسدد القيمة كاملة؟
الجواب: ذلك لا يجوز لأنه إذا باعها فإن مقتضى البيع أن ينتقل ملكها من البائع إلي المشتري بدون قبض الثمن, وهذا حرام لا يجوز, بل لابد أن يقبض الثمن كاملاً ثم إن شاء المشتري أبقاها عند البائع وإن شاء أخذها.
نعم لو سامه منه ولم يبع عليه ثم ذهب وجاء بباقي الثمن ثم تم العقد والقبض بعد ذلك, فهذا جائز لأن العقد لم يكن إلا بعد إحضار الثمن. *** السؤال الثامن عشر: ما حكم إخراج الذهب قبل استلام ثمنه, وإذا كان لقريب يُخشى من قطيعة رحمه مع علمي التام انه سيسدد قيمتها ولو بعد حين.
الجواب: يجب أن تعلم القاعدة العامة بل إن بيع الذهب بدراهم لا يجوز أبداً إلا باستلام الثمن كاملاً, ولا فرق بين القريب والبعيد, لأن دين الله لا يُحابي فيه أحد.
وإذا غضب عليك القريب في طاعة الله عز وجل فليغضب, فإنه هو الظالم الآثم الذي يريد منك أن تقع في معصية الله عز وجل وأنت في الحقيقة قد بررت حين منعته أن يتعامل معك المعاملة المُحرَّمة, فإذا غضب أو قاطعك لهذا السبب فهو الآثم وليس عليك من إثمه شئ. *** السؤال التاسع عشر: ما حكم أخذ التاجر ذهباً مقابل ذهب يريد المشتري أن يشاور عليه, وهذا الذهب الذي أخذه التاجر رهن إلي أن يرد المشتري ما أخذ منه مع العلم أنه لابد من اختلاف في الوزن بينما ما أخذه ورهنه؟
الجواب: هذا لا بأس به مادام إنه لم يبعه إياه وإنما قال: هذا الذهب رهناً عندك حتى أذهب وأشاور ثم أعود إليك ونتبايع من جديد, ثم إذا تبايعنا سلّمه الثمن كاملاً وأخذ ذهبه الذي أخذه رهناً عنده. *** السؤال العشرون: رجل اشتري قطعة ذهبية بمبلغ مائتي دينار, واحتفظ بها مدةً من الزمن إلي أن زادت قيمة الذهب أضعافاً فباعها بثلاثة ألاف دينار, فما حكم هذه الزيادة؟
الجواب: هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج, ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشراءهم يشترون السلع وينتظرون زيادة القيمة, وربما يشترونها بأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جداً ورأوا الفرصة في بيعها باعوها مع إنهم لم يكن عندهم نية في بيعها من قبل, والمهم إن الزيادة متى كانت تبعاً للسوق فانه لا حرج فيها لو زادت أضعافاً مضاعفة.
لكن لو كانت الزيادة في الذهب بادل به في ذهب أخر واخذ زيادة في الذهب الأخر فهذا حرام لان بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزناً بوزن ويداً بيد كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم, فإذا بعت ذهباً بذهب ولو اختلافاً في طيب يعني أحدهما أطيب من الأخر فإنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل سواءً بسواءٍ يدٍ بيد.
فلو أخذت من الذهب عيار (18) مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار (24) فإن هذا حرام ولا يجوز, لأنه لابد من التساوي.
ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخَّر القبض في أحدهما فإنه لا يجوز أيضاً, لأنه لابد من القبض في مجلس العقد, ومثل ذلك بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة, فإنه إذا اشتري الإنسان ذهباً من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة إذ إن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة.
وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض قبل التفرق, لقول الرسول عليه والصلاة والسلام: (إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)(1). *** السؤال الحادي والعشرون: ما حكم بيع الخواتم من الذهب المخصصة بلبس الرجال إذا تيقن التاجر إن المشتري سيلبسها؟
الجواب: بيع الخواتم من الذهب للرجال إذا علم البائع إن المشتري سوف يلبسها أو غلب على ظنه انه يلبسها, فإن بيعها عليه حرام, لأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة, فإذا باعه على مَنْ يعلم أو يغلب على ظنه أنه يلبسه فقد أعان على الإثم, وقد نهي الله عز وجل عن التعاون على الإثم والعدوان, قال تعالي: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة: 2)، ولا يحل للصائغ أن يصنع الخواتم الذهب ليلبسها الرجال. *** السؤال الثاني والعشرون: ما هي العلّة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم إن دين الإسلام لا يُحرّم على المسلم إلا كل شئ فيه مضرَّة عليه, فما هي المضرَّة المترتبة على التَّحلي بالذهب للرجال؟
الجواب: اعلم أيها السائل وليعلم كل مَنْ يستمع هذا البرنامج(2) أن العلَّة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله, لقوله تعالي: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي اللهُ ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (الأحزاب: 36).
فأي واحد يسألنا عن إيجاب شئ أو تحريم شئ دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول العلة في ذلك كافية لكل مؤمن ولهذا لما سألت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت: (كان يصيبنا ذلك فنأمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)(3).
لأن النص من كتاب الله أو من سنة رسوله علة موجبة لكل مؤمن, ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان الحكمة, وان يتلمس الحكمة في أحكام الله, لأن ذلك يزيده طمأنينة, ولأن ذلك يبين سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها, ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر أخر لم ينص عليه، فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاثة.
ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ: أنه ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث, ووجه ذلك إن الذهب أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به, فهو زينة وحلية, والرجل ليس مقصوداً له الأمر.
أي ليس إنساناً يتكمًل بغيره أو يكمل بغيره, بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرُّجولة, ولأنه ليس بحاجة إلي أن يتزيَّن لشخص آخر بخلاف المرأة, لأن المرأة ناقصة تحتاج إلي تكميل جمالها, ولأنها بحاجة إلي التجمل بأعلى أنواع الحُلي حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها.
ولهذا أبيح للمرأة أن تتحلّي بالذهب دون الرجل, قال تعالي في وصف المرأة: (أوَمَن يُنَشُؤا في الحِليةِ وهو في الخصام غيرُ مبين) (الزخرف: 18).
وبهذا يتبيَّن حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال. وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتُلوا من الرجال بالتحلّي بالذهب, فإنهم بذلك عصوا اللهَ ورسولهُ, والحقوا أنفسهم بالإناث, وصاروا يضعون في أيديهم جمرةً من النار يتحلون بها كما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم, فعليهم أن يتوبوا إلي الله سبحانه وتعالي, وإن شاءوا أن يتختموا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك, وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل إلى حد السرف أو الفتنة. والحمد لله رب العالمين, وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. *** |
| | | | أسئلة وأجوبة في بيع وشراء الذهب | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |