أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: أما إذا افترضنا التسلسل الجمعة 07 ديسمبر 2012, 12:26 am | |
| أما إذا افترضنا التسلسل: فإنا سنصل في النهاية إلى ما وصلنا إليه سابقاً إما أن يكون جميع أفراد السلسلة عاجزين فقراء محتاجين إلى من يخلقهم وليس غير هذه السلسلة (سلسلة الخلق) -أستغفر الله- والمخلوقات إلا العدم، إذاً ليس موجوداً من يخلق هذه المخلوقات التي نحن منها إذاً فالجميع عدم ولا وجود لهذا الكون، ولا وجود لنا أيضاً، وإلغاء وجودنا مستحيل وباطل، وما لزم من المستحيل فهو مستحيل وباطل.
وأما انتهاء هذه السلسلة بالخالق القادر الغني عن غيره الذي تفتقر المخلوقات إليه ولا يفتقر إلى غيره الذي له من الصفات العليا ما لا تتصف به مخلوقاته، وعندئذ تتحول باقي السلسلة (سلسلة الخلق) إلى نطاق المخلوقات لهذا الخالق الصمد الواحد الأحد فلا يكون الأمر إذاً إلا أن مخلوقاته تفتقر في وجودها إلى خالق خلقها وأوجدها، صمد غني لا يفتقر إلى غيره، له صفات الكمال العليا "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ".
"قُلْ هُوَ اللُّه أَحَدٌ (1) اللُّه الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)" سورة الإخلاص: 1-4.
ومن أبى الإيمان بهذا فعقله يلزمه أن ينكر وجوده، ووجود كل ما في هذا الكون البديع من مخلوقات، قل له أيها المسلم إن لقيته كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آمنت بالله الغني الصمد الواحد الأحد الذي يفتقر إليه كل مخلوق ولا يفتقر إلى أحد) وليس غريباً على العقول أن تؤمن بأن صفات الخالق غير صفات مخلوقاته، بل إن العقول توجب علينا الإيمان بمخالفة صفات الله عن صفات مخلوقاته، وإلا لكان الجميع شيئاً واحداً، عندئذ لن يكون هناك خالق أو مخلوق، ويعبر عن هذا الدكتور (ماريت ستانلي كونجده) عضو الجمعية الأمريكية الطبيعية، والأخصائي في الطبيعة وعلم النفس فيقول: (ومما لا شك فيه أننا نحتاج في محاولتنا إلى وصف الخالق ومعرفة صفاته إلى مصطلحات ومعان تختلف اختلافاً بيناً عن تلك التي نستخدمها عندما نصف عالم الماديات، وبخاصة بعد أن تبين لنا أن هذا الكون الذي نعيش فيه لا يمكن أن يكون مادة صرفاً وإنما هو مادة وروح ونار، أو مادة وغير مادة ولا نستطيع أن نصف الأشياء غير المادية بالأوصاف المادية وحدها).
إن صفات الله العليا وكماله القدسي حقيقة قائمة، يشهد بها كل ما في الكون وتتحدث بها الفطرة البشرية، فكل إنسان منا يشعر أن فيه نقصاً دون الكمال وكما يشعر عندما يرى أي شيء أن هناك ما هو أكمل منه فهذا الشعور الذي نحسه بوجود نقص في كل ما نشاهده، باعثه الأصلي في النفس إحساس الفطرة بوجود من يتصف بالصفات العليا وله الأسماء الحسنى، حتى رأت كل شيء ناقصاً إحساساً منها بوجود الكامل العظيم سبحانه، وتلك هي الفطرة الإنسانية المؤمنة التي فطرها الله على الإيمان.
وصدق رسولنا الكريم القائل: (كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أما نحن المسلمين، فإن علمنا بصفات الله وأسمائه الحسنى يقوم على أساس التعليم المباشر، والتعريف الكامل منه سبحانه، وذلك بواسطة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي نقل إلينا كلام خالقنا عن نفسه وما أراد لنا الخالق أن نعرف عنه من صفات.
قال تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" الشورى: 11.
"قُلْ هُوَ اللُّه أَحَدٌ (1) اللُّه الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)" سورة الإخلاص: 1-4.
"اللُّه لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرضَ ولا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)" سورة البقرة: 255.
"شَهِدَ اللُّه أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)" سورة آل عمران: 18.
"وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)" سورة الأنعام: 133.
"هُوَ الأوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" الحديد: 3.
"ذَلِكُمْ اللُّه رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير (103)" سورة الأنعام: 102 - 103.
"هُوَ اللُّه الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ والأرضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)" سورة الحشر: 24.
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللِّه وَاللُّه هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللِّه بِعَزِيزٍ (17) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصلاة وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللِّه الْمَصِيرُ (18) وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ (20) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ إِن َّاللَّه يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَى أَن َّاللَّه أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِن َّاللَّه عَزِيزٌ غَفُور (28)" سورة فاطر: 15 - 28.
الواحد الأحد دلائل الوحدانية: 1 – من تأمل في نظام الكون المستقر، وأحداثه المنسقة، وسيره المنتظم، وجد أن ما في الكون الثابت يشهد له: أنه تحت نفوذ إرادة واحد وتحت تصرف حاكم واحد.
"لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللُّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللِّه رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ" الأنبياء: 22.
2 – إن هذا الارتباط المحكم، الدائم بين أجزاء الكون يشهد: بأنه تحت سيطرة مالك واحد ولو كان مع الله آلهة أخرى لفصل كل إله ما خلق، ولشاهدنا عمليات الانفصال، والتجزئة ظاهرة في هذا الكون.
وكم تكون الحياة سيئة لو أن للشمس إلهاً منع عنا ضوءها، وأن للشجر إلهاً منع عنا ثمارها، وأن للسحب إلهاً منع عنا قطرها.
قال تعالى: "مَا اتَّخَذَ اللُّه مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (91)" سورة المؤمنون: 91.
3 – ولو كان مع الله آلهة أخرى، لحاول بعضهم أن يستعلي على غيره، وعندئذ يشهد الكون حروباً مروعة، مدمرة، ويكون الملكوت ميداناً لصراع جبار بين الآلهة المتنازعة! أو لحاول الضعاف من هذه الآلهة المتنازعة أن يتعاونوا على من له القوة والنفوذ في هذا الملكوت..!!
قال تعالى: "قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (43)" سورة الإسراء: 42 ، 43.
الربوبية والألوهية: وإذا كان الله سبحانه هو الخالق الواحد، فإنه هو الرب الواحد والإله الواحد.
ومما يأتي من الآيات الكريمة يتبين لنا ما يريد القرآن من كلمة رب وكلمة إله: قال تعالى: "قُلْ لِمَنْ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لله قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)" سورة المؤمنون: 84 - 90.
وقال سبحانه: "وَإِذَا مَس َّالإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُم َّإِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ له أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ (8)" سورة الزمر: 8.
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللِّه عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللِّه يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)" سورة فاطر: 3.
"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللُّه سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللِّه يَأْتِيكُمْ بِهِ (46)" سورة الأنعام: 46.
"وَهُوَ اللُّه لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللُّه عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللِّه يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللُّه عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللِّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72)" سورة القصص: 70 - 72.
"يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاث ذَلِكُمْ اللُّه رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)" سورة الزمر: 6.
"أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللِّه بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءِلَهٌ مَعَ اللِّه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَر َّإِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللِّه قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءِلَهٌ مَعَ الله تَعَالَى اللُّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُم َّيُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأرضِ أَءلَهٌ مَعَ الله قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)" سورة النمل: 60 - 64.
"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُل َّشَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأنَفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلاَ يمْلِكُونَ مَوْتًا ولا حَيَاةً وَلا نُشُورًا (3)" سورة الفرقان: 2، 3.
وإذا تأملنا في الآيات السابقة وجدنا الرب هو: الحاكم المطلق لهذا الكون، وهو مالكه وآمره، ومنشئه وموجهه الواحد الذي لا شريك له.
وسترى من الآيات أن الإله هو المالك: الذي يملك جميع السلطات والصلاحيات في السموات والأرض، فالخلق مختص به، والنعمة كلها بيده والأمر له وحده، والقوة والحول في قبضته وكل ما في السموات والأرض قانت له، ومطيع لأمره طوعاً وكرهاً ولا سلطة لأحد سواه، ولا ينفذ فيها الحكم لأحد غيره وما من أحد دونه يعرف أسرار الخلق، والنظم والتدبير أو يشاركه في صلاحيات حكمه، ومن ثم لا إله في حقيقة الأمر إلا هو.
العبادة: لذلك كله فقد استحق الله وحده العبادة دون سواه.
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)" سورة البقرة: 172.
"وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللِّه لَهُمْ الْبُشْرَى (17)" سورة الزمر: 17.
"الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)" سورة الرحمن: 5 - 6.
"تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرضُ وَمَنْ فِيهِن َّوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (44)" سورة الإسراء: 44.
"قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللِّه لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)" سورة غافر: 66.
"وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِن َّالَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)" سورة غافر: 60.
"وَلله غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123)" سورة هود: 123.
والعبادة قد اشتملت على الشكر والإنابة والسجود، والتسبيح ، والخضوع، والاستسلام، والدعاء، والتوكل، كما تشمل النذر، والاستغاثة الغيبية، والذبح والخوف من الله.
وقد استحق الله العبادة لأنه الخالق الواحد المالك الرب الواحد في هذا الوجود.
وقال تعالى: "ذَلِكُمْ اللُّه رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)" سورة الأنعام: 102.
وقال تعالى: "قُلْ أَغَيْرَ اللِّه أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ (164)" سورة الأنعام: 164.
معنى العبادة: وقد وردت العبادة في القرآن بمعانٍ كثيرة ولعل التعريف الجامع لكل صور العبادة هو أنها: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
لا يجوز صرف شيء من العبادة لغير الله: قال تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)" سورة البينة: 5.
وقال تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِن َّوَالإنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (45)" سورة الذاريات: 56.
"فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)" سورة الكهف: 110.
الشرك: الشرك ضد التوحيد ومعناه إثبات شريك لله تعالى فيما هو من خصائص الألوهية والربوبية، باتخاذ شريك لله في ذاته القدسية، أو في صفاته العليا أو في أفعاله.
والشرك أنواعه أربعة: 1- عبادة غير الله، من حجارة، أو أصنام، أو أشجار، أو حيوان، أو قبور، أو أجرام سماوية، أو قوى طبيعية، أو اتخاذ البشر آلهة، أو أن الله قد حل ببشر، أو أن له سبحانه بنين وبنات.
2- إشراك بعض المخلوقات في بعض صفات الله، كالاعتقاد بالتثليث وأن الابن وروح القدس كما يزعم النصارى لهما صفة الأبدية، والقدرة الإلهية والعلم الإلهي، أو أن هناك خالقاً للشر وخالقاً للخير، أو أن للمادة صفة أبدية التي لا بداية لها كما يزعم الماديون.
3- اتخاذ بعض الناس بعضهم أرباباً، ويؤثر أنه عندما نزل قول الله تعالى في شأن أهل الكتاب من يهود ونصارى:
"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللِّه (31)" سورة التوبة: 31..
قال عدي بن حاتم وكان مسيحياً قبل دخوله في الإسلام للرسول صلى الله عليه وسلم: إن النصارى واليهود لم يعبدوا أحبارهم ورهبانهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بلى إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فتلك عبادتهم إياهم) ذلك لأن الكون مخلوق لله ومملوك له فليس لأحد غيره أن يتصرف في شيء إلا بإذنه، وليس لأحد من الناس أن يحلل ويحرم في ملك الله بدون إذنه، وليس لأحد أن يحكم في ملك الله بدون إذن المالك لهذا الوجود.
قال تعالى: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللُّه (21)" سورة الشورى: 21.
وقال سبحانه: "وَهُوَ اللُّه لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)" سورة القصص: 70.
وليس لأحد أن يحكم في جزء من ملك الله ومخلوقاته بما يناقض حكم الله. قال تعالى: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللُّه فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)" سورة المائدة: 44.
وقال تعالى: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللِّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)" سورة المائدة: 50.
وقال تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُم لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)" سورة النساء: 65.
وقد ذكر سبحانه الأنواع الثلاثة السابقة في قوله تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّه وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللِّه (64)" سورة آل عمران: 64.
4- اتباع الهوى وطاعته، فلا يهوى الإنسان شيئاً إلا اتبعه قال تعالى: "أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ (43)" سورة الفرقان: 43.
وقد جعل الله اتباع الهوى شركاً، لأن طاعة غير الله فيما لم يرض به الله تعالى يعد شركاً.
الشرك جهالة كبرى: إذا تأمل الإنسان في الكون وجد آيات الوحدانية شاهدة بأن رب هذا الكون واحد، وإذاً فلا يكون الشرك بالله إلا ضرباً من السفه والجنون وسبباً لغضب الله الملك الحق المبين، الإله الواحد سبحانه.
قال تعالى: "إِن َّاللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (48)" سورة النساء: 48.
وقال تعالى: "ثُم َّيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَآقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِن َّالْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (86)" سورة النحل: 86.
وقال تعالى: "وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَق َّعَلَيْهِمْ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوْا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِم الأنباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ (67)" سورة القصص: 62 -67.
جهالة حول مقام الأولياء: ولقد وقع بعض المسلمين فيما وقع فيه من قبلهم من الأمم، الذين أخذوا يرفعون من مقام الأولياء والأنبياء والصلحاء، من درجة العبودية لله تعالى إلى درجة تقارب الألوهية، وتصل إلى مقامها، وذلك باعتقاد أن الأولياء أو الأنبياء أو الصلحاء يتصفون بصفات لا تكون إلا لله: مثل القدرة على الإعانة الغيبية، وكشف الضر، ومنح الأولاد، والإغاثة بقوة غيبية تخرج عن السنن والقوانين التي يسير عليها الكون، مما يدفعهم ذلك إلى القيام بين أيديهم، أو على قبورهم بشعائر التكريم أو التعظيم مما يكاد يكون تألها وقنوتاً، ولقد نعى القرآن الكريم على الذين يسلكون هذا المسلك الباطل.
قال تعالى: "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللِّه فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ (18)" سورة الفرقان: 17 - 18.
ولقد قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المكذبين بالساعة العابدين الأوثان، وما يعبدون من دون الله من الملائكة والإنس والجن.. ولا يغيبن عن ذهنك أن أولياء الله أول من يرفض هذه المكانة التي يرفعهم الجاهلون إليها، كما أنهم يجب أن يكونوا قدوة لنا نتبع طريقهم، وننهج نهجهم في عبادتهم لربهم فإن لأولياء الله لدرجة العالية عند الله ولهم البشرى في الحياة الدنيا ويوم القيامة وهم السالمون من الخوف والحزن.
قال تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللِّه لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللِّه ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)" سورة يونس: 62 - 64.
وأنت ترى من الآية أن الولي هو المؤمن حقاً، والمتقي حقاً، والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، والعمل هو اتباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه.
ذلك معنى الولاية. أما البشرى التي لهم في الحياة الدنيا فقد فسرها حديث صححه الحاكم: بأنها الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له.
رسول الله عيسى عليه السلام: أرسل الله رسوله عيسى -صلى الله عليه وسلم- وأيده بمعجزات عظيمة كان منها إحياء الموتى، غير أنه لم تنته مدة رسالته على الأرض حتى تعرض علماء النصارى إلى الاضطهاد اليوناني وكان (نريون) [24] يطلي أجساد العلماء القطران ويشعل النار في أجسادهم ليستضيء بهم في حديقته.
وبغياب العلماء وبعدهم عن الجماهير، أخذت الخرافات تنتشر بين الناس حول شخصية عيسى عليه السلام، وضاع إنجيل عيسى وظهرت بدلاً منه عدة أناجيل بلغ عددها أكثر من سبعين إنجيلاً.
ومنع النصارى تداول الكثير من الأناجيل إلا إنجيل (متى) وإنجيل (يوحنا) وإنجيل (مرقص) وإنجيل (لوقا)، وظهر أخيراً إنجيل من الأناجيل التي منعت من سابق هو إنجيل (برنابا) وهو يتفق اتفاقاً كبيراً مع ما جاء في القرآن حول كثير من الأمور، وهكذا أخذ النصارى عقائد الوثنيين السابقين وأدخلوها في دينهم.
وزعموا أن عيسى ابن الله، وكانت حجتهم الكبرى أنه قد ولد من أم بغير أب.
ولقد رد القرآن على فريتهم هذه فقال سبحانه: "إِن َّمَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللِّه كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُم َّقَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون (59)" سورة آل عمران: 59.
أي إذا كانت حجتكم هذه أيها النصارى فتذكروا أباكم آدم، لقد خلقه الله من غير أب وأم.
وهل يعني ذلك أنه ابن الله؟ وهل لا يقدر الله بظنكم أن يخلق إنساناً إلا إذا كان بواسطة أب وأم؟، إن قدرة الله أعظم مما تتصورون فهو إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون.
فإذا أراد الله إنساناً من غير أب وأم قال له: كن. فكان آدم.
وإذا أراد الله إنساناً من غير أم قال له: كن. فكان حواء.
وإذا أراد الله إنساناً من غير أب قال له: كن. فكان عيسى.
نقاش بين علماء المسلمين والنصارى: 1 – قال أحد المسلمين لقسيس: إن بعض الناس أخبرني أن رئيس الملائكة قد مات، فقال له القسيس: إن ذلك كذب، لأن الملائكة خالدون لا يموتون، فقال له المسلم: وكيف؟ وأنت تقول الآن في وعظك: إن الإله قد مات على خشبة الصلب، فكيف يموت الإله وتخلد الملائكة؟ فبهت القسيس ولم ينطق بكلمة.
2 – وقال أحد العلماء المسلمين: إن عقائد النصارى ضد بديهيات العقل فلقد زعموا أن 1= 3 لأنهم يقولون: الأب والابن والروح القدس إله واحد.
وقال البوصيري في قصيدته: جعلوا الثلاثة واحداً ولو اهتدوا لم يجعـــــــلوا العدد الكثير قليلاً
3 – وقال أحد شعراء المسلمين: عجباً للمسيح بني النصارى أسلموه إلى اليهود وقالـــوا فلئن كان ما يقولون حقاً فإذا كان راضياً بأذاهــــم وإذا كان ساخطاً غير راض وإلى الله والداً نسبــــــــــوه إنهم بعد قتله صلـبوه فسلوهم أين كان أبوه فاشكروهم لأجل ما صنعوه فاعبدوهم لأنهــــــــم غلبوه
ولقد أخذ كثير من علماء النصارى يتراجعون عن التثليث كما ظهرت مخطوطات تاريخية تقول: إن عيسى كان (مسيا) [25] المسيحيين وأن هناك مسياً آخر.. كما أن الله سبحانه قد بين أنه لا يمكن أن يكون إله من كان محتاجاً إلى طعام وشراب، ثم هو بعد ذلك لا شك يحتاج إلى التخلص من باقي الطعام والشراب من جسمه.
"مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلان الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الْآيَاتِ ثُم َّانظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)" سورة المائدة: 75.
جهالات وخرافات: 1 – ادعاء علم الغيب: هذه خرافة يمارسها كثير من المشعوذين لابتزاز أموال الناس، ولو كان هؤلاء يعلمون الغيب لكسبوا لأنفسهم الخير الكثير، ودفعوا عن أنفسهم الشر. ولكنهم يقعون في الخطر كغيرهم، ويفوتهم الربح وكثير من الخيرات كغيرهم، والله قد بين لنا أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير خلق الله لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله قال تعالى: "قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إلا مَا شَاءَ اللُّه (188)" سورة الأعراف: 188. ومن صدق عرافاً أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
2 – التعلق بالأحجار أو الأشجار: وهذه جهالة وخرافة أخرى تجعل بعض الناس يظن أن الحجر أو الشجر يضر وينفع لأن فيه بركة فلان أو لأنه مكان مبارك وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقال تعالى: "قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللُّه (188)" سورة الأعراف: 188.
3 – السحر: وهذا ضلال كبير يقع فيه بعض الجهلة ولقد بين الله أن هذه الأسحار لا تضر المؤمن إلا بإذن الله، وأن ممارستها من فعل اليهود الكافرين قال تعالى: "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِين عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِن َّالشَّيَاطِين كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (102)" سورة البقرة: 102.
الخلاصة: من دلائل وحدانية الله: ثبات الكون واستقراره على نظام محكم دون أن يتسرب إليه فساد مما يشهد أنه يسير تحت إرادة واحدة، كما يشهد ترابط الكون وتناسقه أنه تحت يد مالك واحد.
وعدم وجود صراع بين أجزاء الكون يشهد أنه لا توجد آلهة أخرى غير الله تتصارع على السيادة في الكون.
*الرب: هو المالك المطلق، والموجود والمنشئ الوحيد الذي لا شريك له.
*الإله: هو المالك الذي يملك جميع الصلاحيات والسلطات في السموات والأرض، فالحق مختص به، والنعمة كلها بيده، والأمر وحده والقوة والحول في قبضته، وكل ما في السموات والأرض قانت له، مطيع لأمره طوعاً وكرهاً ولا سلطة لأحد سواه.
ولا ينفذ في الكون حكم لغير إلا برضاه.
وتشتمل العبادة على الشكر، والإنابة، والسجود، والتسبيح والخضوع، والاستسلام، والدعاء، والتوكل، ولا يستحق أحد العبادة سوى الله.
*الشرك: هو إشراك غير الله في الذات الإلهية، أو الصفات الإلهية، أو الأفعال الإلهية.
وهو أربعة أنواع: -1 عبادة الأوثان كالأحجار والنجوم. -2 اعتقاد أن الله ثاني اثنين، أو ثلاثة أو أكثر. -3 الخضوع عن رضا لغير حكم الله، واتباع هدى غير هداه. -4 اتباع الهوى.
*الشرك ظلم عظيم للحق وللنفس، وإن غفر الله ذنوب المذنبين، فإنه لا غفران لمن أشرك بربه غيره وهو يعلم الحق.
*غالى الجهال في مقام الأولياء، والأنبياء، والصالحين، حتى رفعوهم إلى مقام لا يليق إلا بالله وحده.
*بعد أن اضطهد الرومان علماء النصارى، فشت الخرافات بين النصارى وضاع إنجيل عيسى، ونسج الوهم والخيال: أن عيسى ابن الله، بحجة أنه لا أب له، وعرف الله النصارى في كتابه، أن الله قادر على خلق إنسان من أم بغير أب، كما أنه خلق آدم من قبل بغير أب ولا أم، كما عرف النصارى أن الرب لا يحتاج إلى طعام وشراب وبالتالي قضاء الحاجة، كما هو حال سيدنا عيسى.
*لقد ظهر إنجيل أخفاه البابوات هو إنجيل (برنابا) يتفق مع القرآن في كثير من الأمور: منها نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم، وبشرية عيسى عليه السلام، وجاءت المخطوطات التاريخية تؤيد ما في هذا الإنجيل.
*هناك جهالات وخرافات شاعت بين الناس يحاربها الإسلام مثل: ادعاء علم الغيب، واعتقاد الضر والنفع في بعض الأحجار والأشجار المباركة (بزعم الجهلة) والسحر والشعوذة.
الوثن الأكبر.. الطبيعة أصل الوثنية: كلما انحرف الناس عن عبادة ربهم، ونسوا إرشاد رسلهم، حاولوا أن يجعلوا لله رمزاً في الأرض مجسداً، يعتقدون فيه، أولاً أن فيه من العناية الإلهية، أو فيه سر إلهي خاص، فيقدسونه، وتمر الأيام وهم يزدادون مغالاة في تقديس هذه المخلوقات، حتى ينسب إليها الأعمال الخارقة تجعل شريكاً لله في التقديس والعبادة.
كما حكى الله عن مشركي العرب وقولهم عن أوثانهم: "مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللِّه زُلْفَى (3)" سورة الزمر: 3.
وقد تزداد الجهالة فتتخذ هذه الأصنام آلهة من دون الله، ولقد حفظ التاريخ البشري أنواعاً متعددة من الوثنيات: كعبادة الفراعنة، أو عبادة العجول والأبقار، أو عبادة النجوم، أو الأحجار، أو البحار، أو الرعد، أو الشمس، أو القمر، أو المطر، أو غير ذلك من مظاهر الطبيعة.
الوثن الأكبر: ولقد كان الوثن الجديد، هو مجموعة الأوثان السابقة: الطبيعة التي تحتوي على النجوم بخصائصها، وعلى القمر بخصائصه، وعلى الإنسان بخصائصه، وعلى الحيوان بخصائصه، وعلى الماء بخصائصه، فجمعت الأوثان السابقة في وثن واحد، هو الوثن الأكبر.
وزعم الوثنيون الجدد أنه الخالق.
نظرية التوليد الذاتي: وكان مما ساعد على انتشار النظرية الجديدة، هو ما شاهده العلماء الطبيعيون من تكون (دود) على براز الإنسان أو الحيوان، وتكون بكتريا تأكل الطعام فتفسده: ها هي ذي حيوانات تتولد من الطبيعة وحدها وراحت هذه النظرية التي مكنت للوثن الجديد في قلوب الضالين، التائهين بعيداً عن هدى الله الحق، لكن الحق ما لبث أن كشف باطل هذه النظرية على يد العالم الفرنسي المشهور (باستر) الذي أثبت أن الدود المتكون، والبكتريا المتكونة المشار إليها لم تتولد ذاتياً من الطبيعة، وإنما من أصول صغيرة سابقة لم تتمكن العين من مشاهدتها، وقام بتقديم الأدلة التي أقنعت العلماء بصدق قوله فوضع غذاء وعزله عن الهواء وأمات البكتيريا بالغليان، فما تكونت بكتريا جديدة ولم يفسد الطعام، وهذه هي النظرية التي قامت عليها فكرة الأغذية المحفوظة (المعلبات).
الإنسان أرقى من الطبيعة وإذا تأمل الإنسان في نفسه وجد: أنه عاقل، والطبيعة لا عقل لها. أنه عالم، والطبيعة لا علم لها. أنه مريد، والطبيعة لا إرادة لها. أنه سميع، والطبيعة لا سمع لها. أنه بصير، والطبيعة لا بصر لها. أنه صاحب مشاعر وأحاسيس والطبيعة لا مشاعر لها ولا أحاسيس.
يحكم الأعمال والطبيعة لا حكمة لها، صاحب خلق والطبيعة لا أخلاق لها.
فهل يصدق عاقل أن يكون المخلوق أرقى من خالقه؟
وهل يعقل أن يكون العقل في الإنسان مما لا عقل له، والعلم في الإنسان مما لا علم له؟
والإرادة في الإنسان مما لا إرادة له؟
والسمع في الإنسان مما لا سمع له؟
والبصر في الإنسان مما لا بصر له؟
والمشاعر والأحاسيس في الإنسان مما لا مشاعر له ولا أحاسيس؟
وإحكام العمل في الإنسان مما لا حكمة له؟
والأخلاق في الإنسان مما لا خلق له؟
كيف وفاقد الشيء لا يعطيه؟
قال تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللُّه سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللِّه يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُم َّهُمْ يَصْدِفُونَ (46)" سورة الأنعام: 46. وقال سبحانه: "قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللِّه مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللُّه هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)" سورة المائدة: 76.
الطبيعة في خدمة الإنسان: ولقد سخر الله الطبيعة للإنسان وذللها، فسخر الهواء والبحار والشمس والقمر والنجوم والتراب والرياح، واستخدم الإنسان المعادن والنبات والحيوانات (قوانين) يسير عليها الكون لمنفعته:
قال تعالى: "أَلَمْ تَرَوْا أَن َّاللَّه سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللِّه بِغَيْرِ عِلْمٍ ولا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِير (20)" سورة لقمان: 20.
ولكن الكافرين في غرور وضلال، يرون أنه قد سخر لهم ما في السموات وما في الأرض فلا يشكرون النعمة للمنعم سبحانه، ولكنهم يقولون: قهرنا الطبيعة في الوقت الذي يزعمون فيه أنها خلقتهم فعجباً لهذا الإله الحقير الذي يخلق من يقهره ويذله ويتحكم فيه كيفما شاء!!
إن الإله الذي لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى طفل ليس بإله، ولقد عاد أحد الوثنيين السابقين إلى رشده عندما شاهد بَوْلَ ثعلب يقطرُ من رأس صنمه فأنشد قائلاً: أرَبٌ يَبُــــــولُ الثعلبَانُ برَأسِهِ لقد ذلَّ مَنْ بَالتْ عَلَيْهِ الثعَالِبُ
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللِّه لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)" سورة الحج: 73. وقال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّذِي خَلَقَهُنَّ (37)" سورة فصلت: 37.
الخلاصة: *تبدأ الوثنية باعتقاد باطل أن لله أسراراً في بعض مخلوقاته، فيعظمها الناس ويقدسونها، حتى يعتقدوا أن لهذه المخلوقات قداسة ذاتية فيشكرونها مع الله وقد تزداد جهالتهم فيعبدونها من دون الله.
*عبد الوثنيون السابقون أجزاء من الطبيعة، وزعم الوثنيون الجدد أن مجموع الأوثان السابقة الطبيعة هي الإله الذي خلقهم.
*ساعد انتشار نظرية التوليد الذاتي على نشر وثنية الطبيعة حتى جاء العالم الفرنسي (باستير) وأثبت بطلان هذه النظرية.
*في الإنسان عقل، وعلم، وإرادة، وسمع، وبصر، ومشاعر، وأحاسيس وإحكام في العمل، وأخلاق ولا تملك الطبيعة شيئاً من ذلك، ومن المستحيل أن تهب الطبيعة ما لا تملك، ولا أن يكون المخلوق أرقى من خالقه!!
*لقد سخر الله الطبيعة للإنسان، وزعم الكافرون أنهم قهروها فعجباً لمخلوق يقهر خالقه، وعجباً لخالق لا يستطيع رد الأذى عن نفسه!! يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحــمــد لــبــن AhmadLbn في الجمعة 21 أكتوبر 2016, 4:58 pm عدل 1 مرات |
|