أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ...} (مَرْيَمَ عليهَا السَّلام) الثلاثاء 13 ديسمبر 2016, 10:29 pm | |
| {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ...} (مَرْيَمَ عليهَا السَّلام)
{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}
الإِسلام دين يحمل في جنباته كل مقومات العظمة والسؤدد، لا يلتزم به أحد من البشر إلا وشعر بقوةٍ عجيبة تجري في دمائه كجريان النهر في وديان الصحراء، لتجعل منه إنسانًا عظيمًا تظهر عظمته في بريق عينيه المتلألأة!
فليس هناك في الإِسلام ما يدعو للخجل أبدًا، فالإِسلام دين السلام، وتحيتنا هي السلام، ودارنا في الآخرة هي دار السلام، وصلاتنا تنتهي بالسلام، ونبينا هو نبي السلام، وهو الذي كرَّم موسى عليه السلام الذي ينتسب إليه اليهود، وهو الذي كرَّم عيسى عليه السلام الذي ينتسب إليه النصارى، وهو الذي كرَّم علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- الذي ينتسب إليه مَنْ يطعنون بشرف ابن عمّه في الغداة والعشي، وهو الذي كرَّم بني الإنسان وعظّم إنسانيتهم بغض النظر عن ألوانهم وأعراقهم.
وواللَّه إننا لو أحْسَنَّا الدَّعوة لهذا الدين لمَلكنا به قلوب الناس جميعًا حتى ولو لم يعتنق هؤلاء الإِسلام!
ومريم ابنة عمران هي الإنسانة التي لم يخلق اللَّه إنسانة مثلها من لدن حواء إلى قيام الساعة!
نحن نتحدث عن العذراء البتول، وعن الطاهرة المطهرة، وعن التقية النقية، وعن العابدة القانتة، نحن نتحدث عن الإنسانة التي كرَّمها الإِسلام، فجعلها المرأة الوحيدة التي توجد سورة كاملة باسمها، والتي ورد اسمها في القرآن بأكثر من ثمانية أضعاف ما ورد فيه اسم نبي الإِسلام نفسه!
ولن نبدأ الحديث عن مريم من مولد المسيح المُعجز، ولن نبدأ من جذع النخلة التي هزته هذا المرأة البطلة، فكما اعتدنا في هذا الكتاب... نحن هنا لا نبحث عن الأبطال، بل نبحث عن سر صناعة الأبطال، وذلك لكي نصنع من أنفسنا وأبنائنا وبناتنا أبطالًا يُعيدون إحياء هذه الأمة...
وصناعة البطلة مريم بدأت مع عُصفُورة صغيرة على شجرة من أشجار أرض فلسطين المُباركة، هناك على غصون تلك الزيتونة كانت تلك العُصفُورة تطعم فرخًا صغيرًا لها، فصادف ذلك وجود سيدة كريمة من بني إسرائيل اسمها (حِنَّة بنت فاقود) كانت زوجةً لعالم جليل من بني إسرائيل اسمه (عمران) وهو رجلٌ من ذرية داود وسليمان عليهما السلام.
المهم أن حِنَّة هذه لم يكن لها ولد، فلمَّا رأت تلك العُصفُورة تطعم فرخها الصغير اشتهت الولد، فاستيقظت في داخلها عاطفة الأمُومة، فدعت اللَّهَ أن يرزقها بالولد، فاستجاب اللَّه لدعائها، فلمَّا أحسَّت بالجنين يتحرَّك في داخلها أرادت أن تشكر اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فنذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، فلما جاء المولود أنثى أسماها الزوجان باسم (مريم) وهو اسمٌ يعني (العابدة) باللغة العبرية.
ولكن عمران وزوجته احتارا في أمر مريم، فلقد كان الذكور فقط هم مَنْ يُسمح لهم بالخدمة في القُدس، ولكنهما على الرغم من ذلك ذهبا بها إلى القُدس لكي يربياها تربية تصنع منها عظيمة من عظيمات التاريخ, وهنا يأتي دور الوالدين المهم والأساسي في صناعة العظماء.
فما إن وصلا للقُدس حتى تدافع علماء بني إسرائيل نحو تلك الرضيعة كلهم يريد أن ينال شرف تربية ابنة عالمهم الشهير عمران، فاختلفوا فيما بينهم أيُّهم يَكْفُلُهَا، فاتفقوا على أن يقترعوا فيما بينهم بقُرعة عجيبة، وذلك بأن يرمي كل عالم منهم بقلمه في نهر الأردن، فيكون صاحب القلم الذي يسبح عكس التيار هو صاحب شرف تربية مريم.
فَجَرَفَ التَّيارُ كل الأقلام إلا قلمًا واحدًا وجدوه يجري عكس التَّيار، فلما أحضروا ذلك القلم وجدوه قلم رجلٍ صالحٍ يعني اسمه بالعبرية (مذكور اللَّه) وهو نبي اللَّه (زكريا)!
فربَّاها زكريا عليه السلام خير تربية، فنشأت مريم الطاهرة كوردة بيضاء في بستان طاهر، حتى أصبحت تلك العذراء العظيمة التي يعتبرها المسلمون سيدةً من نساء أهل الجنة، بينما يعتبرها اليهود امرأة زانية زنت مع رجل اسمه (يوسف النجار) لتحمل بعيسى الذي لا يعترفون بنبوته (وربما كانت الأصول اليهودية لمؤسس المذهب الشيعي عبد اللَّه بن سبأ سببًا في طعن الشيعة بزوجات الرسول وزوجة إمامهم الحسن بن علي.. العربية!).
وبسبب هذه التربية الصالحة أصبحت السيدة مريم العذراء مثالًا للعِفَّةِ والطَّهارة لكل نساء العالمين، وليختارها اللَّه بعد ذلك لكي تحمل كلمته التي ألقاها عليها جبريل، لتكون بذلك صاحبة أطهر بطن، وأصفى حمل، وأسعد ميلاد.
ولم يكتف اليهودُ بالطعن في شرف هذه السيدة الطاهرة، بل قاموا أيضًا باضطهادها وتعذيبها، حتى خرجت بوليدها الصغير هربًا إلى أرض مصر، قبل أن تعود إلى فلسطين بعد ذلك بسنوات!
وفي مصر بالتحديد... وُلدت سيدةٌ أخرى من بني إسرائيل قبل ميلاد مريم بأكثر من 1230 عام ليغيَّر اللَّهُ بهذه السيدة البطلة حال أمَّة بأسرها؟ يتبع... يتبع إن شاء الله... |
|