أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: "خال المؤمنين" (معاوية بن أبي سفيان) السبت 26 نوفمبر 2016, 10:48 pm | |
| {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} " خال المؤمنين" (معاوية بن أبي سفيان)
" يا محمد! إن اللَّه يأمرك أن تستأجر معاوية، إن خير من استكتبت القوي الأمين" (جبريل -عليه السلام-).
"اللهم علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب" "اللهم اجعلهُ هادِيًا مَهديًّا واهده واهدِ به" (محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).
"معاوية سترٌ لأصحاب محمد، فإذا كشف الرجلُ الستر اجترأ على ما وراءه" (البداية والنهاية).
"ما رأيت أحداً قط بعد رسول اللَّه كان أسود (أكثر سيادة) من معاوية" (عبد اللَّه بن عمر).
"ما رأيت رجلاً كان أخلق للمُلك من معاوية" (عبد اللَّه بن عباس).
"ما رأيت أشبه صلاة برسول اللَّه من معاوية" (أبو الدرداء).
"ما رأيت أحدًا بعد عثمان أقضى بحق من معاوية" (سعد بن أبي وقاص).
"رأيت معاوية مردفاً عبده على بغلة في سوق دمشق عليه قميصٌ مرقَّع الجيب!" (يونس بن حلبس).
"ما رأيت أحدًا أعظم حلمًا ولا أكثر سؤددًا ولا أشبه سريرة بعلانية مثل معاوية" (قبيصة بن جابر).
"معاوية عندنا مِحْنة، فَمَنْ رأيناه ينظر إليه شزَرًا اتهمناه على الصحابة!" (عبد اللَّه بن المبارك).
لو جاءني أحدٌ وسألني عن معاوية بن أبي سفيان قبل سنيّات معدودة لسمع مني مختلف ألوان السَّب والطعن في هذا الرجل! بل لسمع مني تشكيكًا في إسلامه وإسلام أبيه من قبله!!!
هذه حقيقة أشهدُ اللَّه عليها، فلقد كنت للتشيع يومئذٍ أقرب مني لمذهب أهل السنة والجماعة، وربما يعجب البعض من ذلك بعد أن لاحظ تركيزي على خيانات الشيعة عبر التاريخ في هذا الكتاب، والحقيقة أني لم أذكر شيئًا بعد عن خيانات أولئك القوم بعد، فالقادم في صفحات هذا الكتاب أكثر بكثير!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: مَنْ الذي كان سيتحمل المسؤولية أمام اللَّه لو أنني ارتددت إلى دين الشيعة؟
ومَنْ الذي كان سيشفع لي أمام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما ألاقيه يوم القيامة وقد سَبَبْتُ أصحابه واتهمت زوجاته بالزّنا وآمنت بتحريف القرآن كما يفعل الشيعة اليوم؟
لا شك وقتها أنني سأكون المسؤول الأول عن ارتدادي أمام اللَّه، ولكن هناك نفر مسؤولون أيضًا سيقفون بلا شك بين يدي اللَّه ليتحمَّلوا جزءً كبيرًا عن كل شابٍ تشيع من أهل السنة والجماعة ليسُبَّ عِرْضَ النبي وأصحابه الكرام.
هؤلاء النَّفر هم علماء أهل السنة والجماعة الذين لم يُبَيِّنُوا للناس الحقيقة الكاملة لقصة الفتنة الكبرى، فلقد حاولت جهدي أن أجد أجوبةً لأسئلتي الكثيرة المتعلقة بموضوع الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية رضي اللَّه عنهما وأرضاهما.
فذهبت إلى العلماء أستفسر منهم حقيقة ما جرى بعد أن عجزت عن إيجاد الأجوبة المُقنعة من خلال مناهج التاريخ المدرسية البالية، فكنت أجد جوابًا يتكرَّر كثيرًا على مسامعي..
ذلك الجواب هو مقولة الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه عندما سُئل عن الفتنة حيث قال: "تلك فتنة عصم اللَّه منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا!".
لذلك لم أجد جوابًا يُذكر للسؤال الذي كان يحيرني دومًا: مَنْ الذي كان ظالمًا... ومَنْ الذي كان مظلومًا؟
حتى جاء ذلك اليوم الذي استمعت فيه عن طريق الصدفة في إحدى الإذاعات الشيعية إلى عالمٍ شيعي كان يروي قصة الفتنة.
أذكر حينها جيدًا أن دُموعي سالت بغزارة وأنا أستمع إليه وهو يَقُصُّ باكيًا كيف تعرَّض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الغدر والخيانة من قِبَلِ عائشة وأصحاب رسول اللَّه.
ولكن الشيء الذي لم أكن أعلمه وقتها أن كل ما كان يرويه ذلك الشيخ الباكي إنما هو مجرد أكاذيبٍ وخرافاتٍ!
والحق أقول: أنني تأثرت بهذه القصة الحزينة، وقلت وقتها لنفسي: لابد أن الشيعة على حق!
وربما يكون هذا هو السبب الذي يدفع علماء السنة إلى عدم الخوض في موضوع الفتنة!
ثم مرت الأيام... وازداد فيها يقيني بصدق الطرح الشيعي، وببطلان القصة التي يرويها أهل السنة والجماعة، وكم كنت أغضب حينما كنت أجد أحدًا من أصدقائي يتعرض للشيعة بكلمةٍ تمسُّهم بسوء، وكنت أردد دائمًا: لماذا هذه النعرة الطائفية؟
ألا يتوجَّب علينا بدلًا من ذلك التركيز على العدو الخارجي؟
ثم جاء غزو العراق... ورأيت خيانة الشيعة هناك، ثم رأيت مذابحهم بأهل السنة والجماعة في شوارع بغداد، ثم رأيت ما فعله "حزب اللَّه" الشيعي في بيروت عام 2008م، وكيف أنهم أغلقوا مساجد السُّنَّةَ ومنعوا المسلمين من الصلاة في مساجد بيروت.
ثم أخذتُ أتابع الفضائيات الشيعية التي تدعو إلى تحريف القرآن، وعند ذلك لجأت إلى كتب التاريخ الأصلية عَلِّي أجد تفسيرًا لِمَا يدور من حولي من ألغاز، فوجدت جميع الأجوبة التي أبحث عنها، والتي سأنقلها في الصفحات القليلة القادمة إن شاء اللَّه!
أزعم أن لدي من الجرأة ما يدفعني لكي أقول أن زمن تلك المقولة لـ (عمر بن عبدالعزيز) رحمه اللَّه قد انتهى، فزمن الأمويين الذي كان يعيش فيه عمر بن عبد العزيز كان زمن سلامٍ وفتوحات إسلامية لا مجال فيه لنكئ الجراح.
أمّا الآن فنحن نواجه حربًا ضروسًا يجب أن نتسلح لها جيدًا بالعلم، فمقدساتنا تُنتهك، وأصحاب النبي يُسبّون ليل نهار، وزوجات محمد يُتَّهمن بشرفهن، والمدُّ الإيراني الصفوي يتمدد كالأخطبوط، وشبابنا يضيعون أمام أعيننا، وكتاب اللَّه أصبح عرضةً للتحريف، وإسلامنا أصبح في مهب الريح، دين اللَّه أصبح في خطر، دين محمد وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية أصبح في خطر!!!
ولعل مقولة للإمام المجاهد الشيخ (عبد اللَّه بن المبارك) هي المقولة التي تناسب زماننا، حين سُئل الإمام أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان، أم عمر بن عبد العزيز؟
قال: "واللَّه إن الغبار الذي دخل فى أنف معاوية مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل من عمر بألف مرة، صلّى معاوية خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: سمع اللَّه لِمَنْ حمده، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد. فما بعد هذا؟!".
وأعجبتني مقولة نقلها الحافظ (ابن كثير) في كتابه "البداية والنهاية" نقلًا عن إمامٍ من أئمة السلف قوله: "معاوية سِتْرٌ لأصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا كَشَفَ الرجلُ الستر اجترأ على ما وراءه!".
ولكي نعرف مدى خطورة الطَّعن في ذمة هذا الصحابي الجليل الذي يطعن به أئمة الشيعة ليلاً نهاراً، علينا أن نعلم جيدًا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى قد أمَّنه على أخطر مهمةٍ على وجه الأرض، مهمة كتابة كلام اللَّه عز وجل!
ولمَنْ لم يدرك بعد معنى هذا الكلام الخطير أكرر له أن معاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهما وأرضاهما هو الذي حَوَّلَ الكلمات التي قالها الرَّبُّ الذي خلق السماوات والأرض إلى كلماتٍ مكتوبةٍ يقرؤها بنوا الإنسان.
ولمَنْ لم يستوعب بعد، فعليه أن يعلم أن آية الكرسي التي نَتَعَبَّدُ بها اللهَ نزلت على الشكل التالي: من اللَّه عز وجل إلى جبريل -عليه السلام- إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى معاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهما وأرضاهما إلى البشر أجمعين!
فهل أدركت الآن مدى عظمة هذا الإنسان؟
هل تعلم الآن مدى خطورة الطعن في معاوية بالذات؟
إن الطعن في ذمة معاوية ليس طعنًا في رسول اللَّه فحسب بل هو طعن في اللَّه!
فهو الذي اختار معاوية لكي يكتب لنا كلامه المنزّل على البشر، فإذا كان معاوية بن أبي سفيان رجلًا منحرفًا كما يُرَوّجُ له علماء الشيعة، يصبح هذا القرآن الذي بين أيدينا قرآنًا مُحرَّفًا، ويصبح هذا الدين الذي ملأ الأرض شرقًا وغربًا دينًا باطلًا، ونصيح أنا وأنت في النهاية مجرد أشباحٍ بلا وجودٍ أو كيانٍ!
ومعاوية بن أبي سفيان جمع صفات الجمال كلها، فكان أبيض الوجه ناصع البياض، طويل القامة، جميل الهيأة، ومع ذلك كان جميل الأخلاق والطّباع بدرجة جعلته يمتلك قلوب الناس بسرعة البرق.
ولقد توسَّم أعرابيٌ ملامح العظمة في قسمات وجه معاوية منذ صغره فقال لأمِّهِ (هند بنت عتبة): إنه سيملك قومه يومًا ما، فابتسمت أمُّهُ بكل ثقة وقالت: ليعدمني إن لم يملك سوى قومه فقط!
ومعاوية هو أعظمٍ ملكٍ في تاريخ الحضارة الإسلامية بأسرها، إلّا أنه كان مصباحًا من مصابيح الإسلام، سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها، فغلبت أنوارها على نوره، فهو كما يصفه الصحابي الجليل (عبد اللَّه ابن عمر بن الخطاب) رضي اللَّه عنهما وأرضاهما أنه أفضل من حكم المسلمين بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ولَمَّا سُئِلَ إن كان معاوية أفضل في الحكم من أبيه ومن أبي بكر أجاب الفصيح بن الفصيح عبد اللَّه بن عمر بقوله: هما يفوقانه بالفضل ولكنه أفضل منهما في الحكم!
ولا عجب، فهذا سليل "بني أمية" أفضل عائلة ساسَت العرب قبل الإسلام وبعده، فهم أهل السياسة في الجاهلية والإسلام، وهذا فضل اللَّه يؤتيه مَنْ يشاء، وقد كان خلفاء بني أمية أعظم من ملكوا الأرض من المسلمين، وحتى بعد انتهاء دولتهم.
أقام بنو أمية على يد (عبد الرحمن الداخل) "صقر قريش" دولةً مهيبة للإسلام في أوروبا، وكان (عبد الرحمن الناصر) من بعده أعظم ملكٍ في تاريخ أوروبا في العصور الوسطى.
والحق أقول: أنني تعجَّبتُ مِمَّا قرأته عن بني أمية وأنا أجمع مادة هذا الكتاب التاريخية من أمهات كتب التاريخ الإسلامي، فلقد شَوَّهَ المستشرقون ومَنْ معهم من المنافقين تاريخ هذه العائلة العظيمة التي قدَمت الكثير للإسلام.
والحق أقول: أنني تعجبت أكثر للمعلومات التي حصلت عليها البارحة فقط وأنا أهُمُّ بالكتابة عن معاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهما وأرضاهما.
فالرجل ليس مثلما صُوِّرَ لنا في مدارسنا بأنه ذلك الملك المُتجبر المُتغطرس المُترف، بل كان رجلًا زاهدًا ومتواضعًا إلى حدٍ أذهلني بالفعل.
والذين لا يعرفون سيرة معاوية يستغربون إذا سمعوا بأنه كان من الزاهدين والصفوة الصالحين.
فقد روى الإمام أحمد بسنده إلى علي بن أبي حملة عن أبيه قال: "رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه ثوبٌ مرقوع!" وقد كان رحمه اللَّه يركب بغلته ويدور على أهل الشام بنفسه يذكّرهم بالصلاة.
والشيء الملفت في تاريخ معاوية أنه كان ملكًا عادلًا حليمًا إلى أبعد الحدود!
وواللَّه إن المرء ليعجب وهو يقرأ سيرة هذا الخليفة الإسلامي المظلوم، ففي عزّ مجد الانتصارات الإسلامية التي جعلت من معاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهما وأرضاهما خليفة يملكها من الصين شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، ومن جبال القوقاز شمالًا إلى أدغال أفريقيا جنوبًا، وصلته رسالة شديدة اللهجة من (عبد اللَّه بن الزبير) -رضي اللَّه عنهما- فيها تجاوز كبير في حق أعظم ملكٍ على وجه الأرض وقتها، يهدد فيها الخليفة من أجل اختلاف بسيطٍ حول قطعة أرض صغيرة، فيقول في رسالته: "أما بعد.. فيا معاوية (معاوية باسمه فقط، من دون لقب، لا أمير المؤمنين، ولا خليفة المسلمين، ولا شيء من هذا القبيل) أما بعد.. فيا معاوية: إن رجالك قد دخلوا أرضي فانهَهُم عن ذلك، وإلا كان لي معك شأن، والسلام".
فدفع معاوية بكتابه إلى ابنه يزيد، فقال له: "يا يزيد ماذا نصنع؟ "فلما قرأ يزيد الكتاب غلا الدم في عروقه القرشية الأصيلة وقال: "أرى أن تُرسل له جيشًا أوله عنده، وآخره عندك، يأتونك برأسه".
فابتسم معاوية في وجه ابنه وأراد أن يُعلّمه درسًا في الحلم، فقال له: "يا بني غيرُ ذلك أفضلُ؛ أملى على الكاتب، اكتبْ: أما بعد.. فقد وقفتُ على كتابِ وَلَدِ حواري رسول اللَّه، ولقد ساءني ما ساءه، والدنيا كلها هيّنةٌ جنب رضاه، وهذه أرضي كلها ومَنْ عليها هدية لك!".
فلمَّا وصل الجواب إلى ابن الزبير، خجل من أدب خليفة المسلمين وحلمه، فَرَدَّ عليه بكتاب رقيق جاء فيه: "أما بعد.. فيا أمير المؤمنين، أطال اللَّهُ بقاءك ولا أعدمك الرِّأي الذي أحلّك من قومك هذا المحل".
فاستدعى معاوية ابنه يزيد، وقال له وهو عيناه تبتسمان من السعادة: "يا بني.. مَنْ عَفَا سَادَ، ومَن حلم عظُم، ومَن تجاوز استمال إليه القلوب".
ثم قال له قولة هي أساس التعامل الإسلامي بين الإخوة في أوقات الاختلاف، هذه المقولة نحتاج جميعنا أن نكتبها على ورقة ونعلقها في بيوتنا لكي تصبح منهاجًا لحياتنا، فقد قال معاوية لابنه يزيد: يا بني... "تطأطأ لهَا تَمُرْ!".
أما بالنسبة إلى مناقشة موضوع الفتنة... فالأمر أبسط مما يتخيله المرء!
فلقد بعثت السيدة (نائلة بنت الفرافصة) -رضي اللَّه عنها- زوجة (عثمان بن عفان) -رضي اللَّه عنه- بصندوقٍ به القميص الذي قُتِلَ فيه عثمان -رضي اللَّه عنه- وعليه دماؤه، مرفقًا بأصابعها، وكفَّها التي قُطِعَتْ، وهي تُدافع عن زوجها أمام أولئك الإرهابيين.
فبعثت بهذا الصندوق إلى معاوية بن أبي سفيان عنهما في الشام بصفته كبير عائلة بني أمية التي ينتمي إليها عثمان بن عفان، وبما أن معاوية كان وليَّ دم عثمان، فقد طلبت السيدة نائلة منه أن يأخذ هو بالقصاص العادل من أولئك المجرمين.
فلما وصلت هذه الأشياء إلى معاوية -رضي اللَّه عنه-، علّقها على المنبر في المسجد، وبكى بُكَاءً شديدًا، وأقسم أن ينتقم لخليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يثأر له، فنشر القميص المُلطخ بالدماء في المسجد، وجمع أهل الشام الشرفاء، ودعا إلى الطلب بدم ابن عمه وخليفة المسلمين.
فقام أهل الشام الأبطال ووقفوا وقفة رجل واحد وقالوا: كلنا معك هو ابن عمك وأنت وليه ونحن الطالبون معك، ووافقه أهل الشام جميعًا على ذلك، فوافقه الكثير من الصحابة، كالصحابي الورع (أبي الدرداء)، والصحابي البطل (عبادة بن الصامت) وغيرهم الكثير من الصحابة رضوان اللَّه عليهم جميعًا، وكان أبو الدرداء قاضي الشام، رمن أعلم أهلها، فأفتى -رضي اللَّه عنه- بوجوب أخذ الثأر من قتلة عثمان -رضي اللَّه عنه-.
فجلس سبعون ألف رجل من رجال الشام الأشداء يبكون تحت قميص عثمان بن عفان ويقسمون على الأخذ بثأره (وسنجد الفرق الكبير بعد ذلك بين موقف أهل الشام الأبطال مع معاوية، وموقف أهل العراق الخونة مع علي!).
وانضمَّت أمُّنا عائشة -رضي اللَّه عنها- للرأي المُطالب بالأخذ بالثأر من المجرمين، وانضم لهذا الرأي أيضًا جارا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنة: (طلحة بن عُبيد اللَّه) و (الزُّبير بن العوام) رضي اللَّه عنهما وأرضاهما.
أمّا (علي بن أبي طالب) رضي اللَّه عنه وأرضاه فقد كان يرى وجوب القصاص من أولئك المجرمين، إلّا أنه كان يرى أن الوقت لم يكن مناسبًا في ذلك الوقت المتوتر، وأنه يجب التريث قليلًا حتى تهدأ الأمور، ثم بعد ذلك يتم قتال المنافقين.
والحقيقة أن وجهة نظر علي -رضي اللَّه عنه- كانت الأقرب إلى الحق من وجهة نظر معاوية وعائشة والزُّبير وطلحة وأبي الدرداء رضي اللَّه عنهم أجمعين، فكان الخلاف فقط في موضوع الوقت الذي يجب فيه محاربة المرتدين من أتباع (ابن سبأ).
أمّا موضوع الخلافة فلم يكن محل نقاشٍ أبدًا على عكس ما درسناه في مناهجنا، بل إنني وجدت مقولة لمعاوية بن أبي سفيان -رضي اللَّه عنهما- يبيّن فيها موقفه بكل صراحة، يقول فيها في حق علي: "واللَّه إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً وأنا ابن عمه والطالب بدمه؟! فائتوه فقولوا له فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا عليًا فكلموه".
فرفض معاوية وعلي الاتفاق على الجدول الزمني لقتال خونة العراق، فكان ذلك هو سبب الفتنة الرئيسي، أما ما أشيع عن التنافس بين علي ومعاوية حول الخلافة، فهو باطل بالكلية، وهذا أمر لا يليق برجالٍ تربوا على يد محمد رسول اللَّه!
ولكن... كيف تطورت الأحداث بعد ذلك؟ وكيف وقعت أحداث الفتنة الكبرى؟ ومَنْ هي الفئة الثالثة التي كانت الفئة الوحيدة المُحقَّة بالكلية في موضوع الفتنة؟ وما هي قصة استشهاد جاري رسول اللَّه في الجنة: طلحة والزُّبير؟ وما هي حكاية الشيعة؟ وكيف غدروا بعلي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-؟ ومَنْ تكون تلك الطائفة الخطيرة من الإرهابيين التي انبثقت من جيش الشيعة؟ ولماذا أطلق عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل موته لقب "كلاب أهل النار"؟
للإجابة عن كل تلك التساؤلات وغيرها ينبغي علينا أن نتابع معًا حكاية القائد الأول لكتيبة شباب محمد الثلاثة...! يتبع... يتبع إن شاء الله... |
|