مدخـــــــــــــــــــــل:
إن الحمد للَّه، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه مَن يهده اللَّه فلا مضل له، ومَن يُضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
ثم أما بعد...
ففي عام 1978م... قام أحد أساتذة التاريخ في أمريكا ويُدعى البروفيسور (مايكل هارت) بتأليف كتابٍ أسماه: "المائة الأكثر تأثيرًا في التاريخ" اختار فيه هذا المؤرخ الأمريكي الشهير مائة شخصية في التاريخ البشري على مستوى العالم ليكونوا أبطالًا لكتابه.
العجيب في الأمر أن مايكل هارت لم يكتفِ بذكر أسماء مائة شخصية يرى هو من وجهة نظره البحتة -كأستاذٍ للتاريخ الإنساني- إنها أعظم مائة شخصية أثرت في التاريخ، بل قام أيضًا بإعطاء الحق لنفسه بترتيب أسماء أولئك المائة بمنهاجٍ يراعي تفاوتهم في العظمة... أو ما يعتقد هو أنها عظمة!
وللإنصاف التاريخ أرى أن كتاب هذا العالم الأمريكي (اليهودي) يحتوي على قدرٍ كبيرٍ من المعلومات القيمة التي تدل على سعة اطلاعٍ وحيادية تاريخية كبيرة، ولكن الأمر الذي يدعو للاستغراب يكمن في ردة فعل المسلمين على هذا الكتاب، فلقد احتفى المسلمون وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها احتفالًا بتكرُّم السيد هارت عليهم بوضع اسم نبيهم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- على رأس قائمة المائة، وكأننا اكتشفنا اكتشافًا جديدًا لم نكن نعرفه من قبل!...
أو كأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينتظر شهادة تقدير من هذا المؤرخ الأمريكي بعد أن شهد له اللَّه -رب البشر- بالعظمة والسُّمو الإنساني!!!
وبعد طول دراسة ومتابعة... وجدت أن ذلك الاحتفال الإسلامي بهذا الكتاب إنما يكمن في معاناة المسلمين من نقصٍ معرفيٍ مخيف بتاريخهم الإسلامي بشكل خاص، والتاريخ الإنساني بشكل عام!
فلو قام أحد أولئك المحتفلين بقراءة ذلك الكتاب الذي يحتفل به، لوجد أن البروفيسور مايكل هارت وضع رجالًا مجرمين مثل (جنكيز خان) و (هتلر) في قائمة المائة التي يترأسها نبينا المصطفى!
بل إن هارت يذكر في كتابه بكل صراحة أن (بوذا) -والذي صُنّف كرابع البشر في العظمة- كان يستحق أن يتربع على عرش العظماء لو أن أتباعه كانوا بكثرة أتباع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-!
ولست واثقًا تمامًا إن كان هذا المؤرخ الأمريكي يعلم وهو يكتب مثل هذا الكلام السخيف أن بوذا مات منتحرًا في غياهب كهوف آسيا بعد أن فقد عقله وأصبح مجنونًا!
ولكن الشيء الذي أنا واثقٌ منه تمام الثقة... هو أننا كمسلمين نُصنّف محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كأعظم المخلوقات التي خلقها اللَّه في التاريخ.
لذلك...
خطر ببالي أن أكتب كتابًا أستعرض فيه تاريخ الإسلام بشكلٍ شاملٍ... أضم بين ثناياه جميع الأحداث المهة التي مرت بأمة الإسلام... منذ نشأتها... وحتى يوم الناس هذا!
ولا أقصد بـ"أمةِ الإسلام" المفهوم الضيق المتعارف عليه بين معظم المسلمين والذي يُقصد به أتباع الرسول العربي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما أقصد بـ"الأمة" المفهومَ الأوسع لها، والذي يشمل كلَّ المسلمين الموحدين عبر جميع مراحل التاريخ البشري!
في هذا الكتاب... أصطحب القارئ الكريم في رحلة تاريخية ممتعة، نسافر فيها عبر جميع حقبات التاريخ الإنساني، ونكسر فيها حاجزي الزمان والمكان، لنتنقل سوية إلى بقاعٍ مختلفة في الكرة الأرضية، من اليابان شرقًا، إلى تشيلي غربًا، ومن السويد شمالًا، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا، لنسبر أغوار 100 عظيمٍ في أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ!
هؤلاء العظماء المائة -الذين لا أزعم أبدًا أنهم الأعظم- سيكونون على أشكالٍ مختلفة، فالعظيم في هذا الكتاب قد يكون رجلًا، أو امرأة، مجموعة اجتماعية، أو قومية عرقية، قائدًا أو جنديًا، عربيًا كان أو أعجميًا، أو قد يكون ذلك العظيم عالمًا مخترعًا، أو شاعرًا أديبًا، شهيرًا يشار إليه بالبنان، أو مجهولًا ضاع في غياهب النسيان، مرتبًا أسماءهم بمنهاجٍ -أزعم أنه مبتكر- لا يُراعى فيه تفاوتهم في الفضل أو العظمة، فضلًا على أن يُراعى فيه بُعدا الزمان والمكان، ليقصَّ لنا كل عظيمٍ منهم قصة الإسلام في الزمان الذي ظهر فيه، والبلاد التي خرج منها، حتى إذا ما وصلنا إلى العظيم المائة، نكون قد أخذنا صورة شاملة لتاريخ الإسلام...
وبالرغم من يقيني الكامل أن هذه الصورة إنما هي صورة مصغرة للتاريخ الإسلامي (الذي اكتشفت بعد انتهائي من كتابة هذا العمل أنه تاريخٌ أوسع بكثيرٍ مما توقعت!)، وبالرغم من إدراكي التام أن عظماء الإسلام لا يمكن حصرهم أبدًا، حاولت مجتهدًا على مدى أكثر من عام من العمل المتواصل أن أختار مائة نموذج إسلامي نستطيع من خلالهم استعراض قصة الإسلام على مرِّ العصور.
آخذًا في عين الاعتبار أن يكون عرضي التاريخي لكل عظيم منهم مناسبُا لطبيعة الغرض المصاحب له، فتارة يكون الغرض هو السَّرد التاريخي البحت، وتارة يكون الغرض هو الدفاع عن صاحب تلك الشخصية، وتارة يكون الغرض منصبًا في الأساس على رد الشُّبهات الخطيرة التي ألقيت جزافًا على الإسلام، وتارة أخرى يكون غرضي هو الهجوم على أعداء الأمة!
في هذا الكتاب...
سنحاول الإبحار في تاريخ السيرة النبوية، وحكايات الصحابة، وقصة دول الخلافة المتعاقبة، وقصة الدول المستقلة، وقصة الصليبيين، وقصة التتار، وقصة الاستخراب (الاستعمار) الأوروبي في القرنين الأخيرين، وقصة الفتنة، وقصة الردة، وقصة الفتوحات، وسنحاول جاهدين معرفة سر الشيعة، بدايتهم، خصائصهم السبع، عقيدتهم، خطرهم، مخططاتهم المستقبلية.
وسنحاول في هذا الكتاب دراسة قصة الحضارة الإسلامية، مميزاتها، منجزاتها، أهم علمائها، سندرس كيفية بناء الإمم، وكيفية انحدارها، وسنأخذ تاريخ الأندلس كمثالٍ حي على ذلك، سنفصل تاريخ الأندلس بشكل مستفيضٍ إلى حدٍ ما، سندرس قصة الفتح الإسلامي في هذا البلد، وسنعرج على قصة الإمارة الإسلامية هناك، ومن ثم على قصة الخلافة الإسلامية في قرطبة، وقصة ممالك الطوائف، ثم نفصل قليلًا في قصة إمبراطورية المرابطين، فالموحدين.
ثم ندرس سقوط الأندلس، أسبابه، ارهاصاته، ثم ندرس حال المسلمين الأندلسيين بعد السقوط، وقصة الانتفاضة الشعبية الكبرى هناك، وأخيرًا نتطرَّق إلى قصة محاكم التفتيش المرعبة في الأندلس، نتسلل من خلالها إلى أقبيتها السرية، وآلات التعذيب المخيفة، ثم نبحر في هذا الكتاب مع الأسطول الإسلامي العملاق، لندرس حكاية "معركة بروزة الخالدة" أكبر معركة بحرية في تاريخ الإسلام، ثم نستمر بالإبحار في هذا الأسطول الإسلامي العثماني، حتى نصل سوية إلى شواطئ الأمريكيتن، لندرس هناك قصة الهنود الحمر، ونذكر أسرارًا خطيرة تكشف لأول مرة عن تاريخهم وعن علاقتهم بالإسلام.
سندرس في أمريكا الجنوبية قصة الإرهاب الإسباني البرتغالي البشع، وسندرس في أمريكا الشمالية أبشع قصة عرفتها الإنسانية، قصة الاستعباد، ثم ندرس قصة تحرر الأفارقة السود، وعلاقة الإسلام بحركة التحرر تلك، قبل أن نرجع مرة أخرى إلى العالم القديم لندرس حكاية العثمانيين الأتراك بالتفصيل، لنتطرق إلى الأسباب التي أدت إلى قيامهم، والأسباب التي أدت إلى سقوطهم، بعد أن نكون قد درسنا قصة فتوحاتهم، وأهم معاركهم، لنرفق في نهاية هذا الكتاب رسالة سرية بخط يد الخليفة عبد الحميد الثاني يبين فيها علاقة اليهود بعزله.
سندرس في هذا الكتاب قصة "يهود الدَّونمة" وعلاقتهم بالدولة التركية الحديثة، سندرس في هذا الكتاب قصة الصعود الإسلامي الجديد لتركيا، تاريخه، أبطاله، أهدافه المستقبلية القادمة، سنفصل في هذا الكتاب قصة الإسلام في الهند، بعد أن نأخذ لمحة تاريخية عن تاريخ الهند الديني والاجتماعي.
سندرس في هذا الكتاب تاريخ الفرس، منذ بداية نشوء الحضارة الفارسية اللآرية وحتى تكون الدولة الخمينية الحديثة، سنحاول أيضًا فهم سر الحقد الدفين ضد العرب بالتحديد، بعد أن نكون قد أخذنا لمحة تاريخية عن تاريخ العرب كأمة حاضنة للإسلام، نشأتهم، قبائلهم، نظامهم السياسي والاجتماعي قبل الإسلام، تاريخهم الديني والثقافي.
سندرس في هذا الكتاب سر اللغة العربية، وسر الهجوم المخيف عليها في السنوات الأخيرة، سنذكر في هذا الكتاب أيضًا قصيدة عجيبة لأعظم شاعرٍ في تاريخ الجنس البشري، سندرس في هذا الكتاب حكاية حركات التحرر العربية ضد الاستخراب الأوروبي في القرنين الأخيرين، وسنتطرق إلى أبطال التحرر في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر وفلسطين.
وسنفصل في هذا الكتاب مفهوم التوحيد بشكلٍ موسع، بعد أن ندرس قصة ثلاثة أبطالٍ للتوحيد ظهروا في نجد والحجاز وموريتانيا، سندرس في هذا الكتاب تاريخ فلسطين، وتاريخ الصراع الإسلامي الصليبي، والصراع الإسلامي المجوسي.
سنحاول في هذا الكتاب دراسة الخصائص العامة التي تجمع عظماء الإسلام، والخصائص العامة التي تجمع علماء المسلمين، سنحاول شرح بنود نظرية تاريخية جديدة تحاول شرح مفهوم الغزو التاريخي، سنحاول في هذا الكتاب قطف زهرة من بستان كل زمن في تاريخ المسلمين، أي أننا في نهاية هذا الكتاب سنكون قد أخذنا لمحة لا بأس بها عن قصة الإسلام...
في هذا الكتاب سنحاول الإجاجة عن هذه الأسئلة:
ما هي بنود نظرية الغزو التاريخي؟
ومن هم غزاة التاريخ؟
من هو الخالد الأول في أمة الإسلام؟
ومن هو العدو الأول لغزاة التاريخ؟
ما قصة الأخوان بربروسا؟
ومن هم الفرسان الثلاثة؟
ومن هو الرجل الغامض آريوس؟
وما قصة مجمع نيقية؟
ما حكاية القادسية؟
ومن هم أسودها؟
ما حكاية معركة الزلاقة؟
ومن هو قائد معركة الأرك الخالدة؟
من هم المرابطون؟
وكيف أسَّسوا أكبر إمبراطورية في تاريخ أفريقيا؟
من هو الداعية الصعيدي الذي فتح اليابان؟
ومن هو الشيخ البربري الذي فتح 20 دولة أفريقية بمفرده؟
من هو المحارب الثالث عشر؟
وما حكاية مغامرته في القطب الشمالي؟
من هم أصحاب الملابس البيضاء؟
ومن هم أصحاب الملابس السوداء؟
من هو نسر تونس العملاق؟
ومن هو إمام الجزائر العظيم؟
وما حكاية أسطورة المغرب الإسلامي؟
كيف انتشر الإسلام في أدغال أفريقيا وفي أحراش الهند وفي سهول أوروبا؟
مَنْ هو العالم الإسباني الذي اكتشف أكبر سر موجودٍ في الكتاب المقدس؟
وما هو ذلك السر الخطير الذي يمكنه أن يغير خارطة العالم؟
ما هي حكاية غزوة بدر؟
وما هي أحداث غزوة تبوك؟
من هم أبطال اليمن السعيد؟
وما هي حكاية أهل الشام؟
وكيف أنقذ المصريون الإسلام من أكبر خطرٍ مرَّ على الأمة الإسلامية؟
ما قصة رسالة رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل؟
وكيف كان هرقل قاب قوسين أو أدنى من أن يُسلم؟
ولماذا امتنع في اللحظة الأخيرة عن ذلك؟
ما حكاية محاكم التفتيش المرعبة؟
وما قصة العبيد في أمريكا؟
كيف دمَّر المسلمون الإمبراطورية الفارسية إلى الأبد؟
ولماذا سُمِّي الفرس بهذا الاسم؟
وما قصة رسل الإسلام لرَستم قائد جيوش فارس؟
من هم الصفويون؟
كيف جاءوا؟ وكيف اختفوا؟ وكيف عادوا من جديد؟
ومن هم العثمانيون؟
كيف جاءوا؟ وكيف اختفوا؟ وكيف عادوا من جديد؟
من هو الرئيس الأمريكي الذي كان مسلمًا؟ ولماذا أخفى إسلامه؟
وهل كان الهنود الحمر مسلمين قبل أن تأتيهم سفن كولومبس الصليبية؟
من هم التتار؟
من أين جاءوا؟ وكيف انتهت إمبراطوريتهم؟ ومن هم الصليبيون؟
وما هي الأسباب الخفية للحملات الصليبية على الإسلام؟
من هو أعظم شاعر في تاريخ الإنسانية؟
ومن هو الرجل الذي يُبعث أمة وحده يوم القيامة بين محمد وعيسى؟
من أين جاء الأنصار؟
وكيف كان اليهود سببًا في إسلامهم السريع؟
ماذا كتب هارون الرشيد على ظهر رسالة نقفور؟
وماذا كتب المعتمد ابن عبَّاد على ظهر رسالة ألفونسو؟
من هو الأمير الأفريقي المسلم الذي أصبح عبدًا في أمريكا لمدة أربعين عامًا؟
ومن هو (×)؟ وكيف تغيرت حياته بعد زيارته لمكة؟
من هي أقوى امرأة في تاريخ نساء الأرض؟
ومن هي المرأة التي يعني اسمها بالعبرية "العابدة"؟
وما حكاية ماشطة بنت فرعون؟
من هو قائد قوات الكوماندوز المحمدية؟
ومن هو البطل الإسلامي الذي نزل جيش كامل من الملائكة على نفس هيأته؟
من هو صاحب بشارة رسول اللَّه؟ وكم دولة أوروبية فتح؟
ما حكاية حروب الردة؟
وما قصة حديقة الموت؟
ومن هو الخائن الذي كان أشد خطرًا على المسلمين من مسيلمة الكذاب نفسه؟
لماذا يُهاجم تاريخ الإسلام بكل شراسة في السنوات الأخيرة بالذات؟
للإجابة على كل هذه التساؤلات وغيرها من الأحداث المثيرة والشيقة... تابعوا معنا أحداث هذا الكتاب!