ضيف الحلقة :
فضيلة الشيخ الدكتور محمد موسى الشريف
موضوع الحلقة :
أثر المرء في دنياه شخصيات تركت أثراً (4)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين إخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد ،
ما زلت أواصل سرد سير العظماء من بلاد الإسلام تركوا أثاراً جليلة رائعة في الأرض وأتمنى من إخواني وأخواتي عندما يسمعون مني هذا أن ينووا النية فقط النية أريد النية الآن أن ينووا أن يتأسوا بأولئك العظماء أن يسلكوا طريقهم وأن يتبعوا طريقتهم وأن يقتفوا أثارهم وينووا أن يعملوا مثل عملهم وعظيمنا اليوم إنما قلت هذا حتى نستفيد حتى لا تكون مجرد قصص تتلى على الأذان والأسماع ثم لا يكون شيء بعد ذلك ليس هذا من منهاج هذه الحلقات إنما أتيت هنا وسردت هذه الحلقات لأجل أن تكون منهاج حياة للمسلم إن شاء الله تعالى عظيمنا اليوم الذي ترك أثراً واضحاً هو الجنيد ابن محمد النهاوندي القواريري الخزاز البغدادي رحمه الله تعالى ورضي عنه الجنيد ترك أثراً جميلاً جداً وجيداً جداً وهو أحد أعلام الصوفية المشهورين وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ثناءً عطراً جداً قال كان الجنيد رضي الله تعالى عنه هكذا نص كلامع كان الجنيد رضي الله تعالى عنه سيد الطائفة إمام هدى اسمعوا ثناء شيخ الإسلام ابن تيمية عليه كان الجنيد رضي الله تعالى عنه سيد الطائفة أي الصوفية وإمام هدى وغير ذلك من الكلمات وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى ثناءً عطراً في المدارج وغيرها وأثنى عليه تاج الدين السبكي والحافظ الذهبي ثناءً ليس بعده ثناء إذاً لماذا هذا الثناء كله لأن هذا الرجل العظيم ترك أثراً عظيماً في دنيا الناس ما هو هذا الأثر الجنيد أحد الصوفية الأوائل والصوفية الأوائل تقل فيهم البدع جداً ويكثر فيهم الإتباع يعني الصوفية تمر بمراحل ثلاث سريعاً أذكرها للإفادة المرحلة الأولى هي مرحلة الإتباع والتزكية والتصفية والأنوار والذكر والروحانيات والبعد عن الشطح والشطط والصفاء وهذه المراحل لم أضعها أنا من عندي إنما فهمتها من كلام العلماء الكبار العظماء أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والحافظ الذهبي والسخاوي والحافظ السخاوي والحافظ ابن حجر هؤلاء تكلموا عن هذه المراحل كلها ثم المرحلة الثانية بدأت البدعة تختلط بطريقتهم وتسمى المرحلة الوسطى ثم المرحلة الأخيرة للأسف يوم دخلت عقائد سيئة وخطيرة مثل الاتحاد والحلول وأمور خطيرة دخلت فيها والتواكل والرضا بالاستخراب العالمي عند كثير من طوائف الصوفية قضايا كثيرة جداً وغلب عليهم البدع إلى أخره أما الإمام الجنيد فهو من أوائل الطائفة وعظيمها وسيدها والمقدم فيها لماذا ما هو الأثر الذي تركه هذا الرجل ماذا عمل حتى نفهم يعني هذا الرجل أيها الإخوة والأخوات وضع قواعد للصوفية وليس فقط للصوفية بل لكل زاهد ولكل محب للتصفية الروحية وهذا من أهم المهمات التي تركها الجنيد رحمه الله ذاك أن الإنسان الذي يريد أن يسلك طريق الآخرة وأن يصفي روحه من أدرانها وأن يعتاد ذكر الله تبارك وتعالى وأن يقترب منه وأن يرزق الإخلاص واليقين وأن يرزق التوكل الحسن إلى أخر الصفات الرائعة أن يرزق مرتبة الإحسان باختصار هذا الإنسان يعرض له الشيطان في طريقه يستدرجه يسحبه يضره يحاول معه حتى يبتعد عن الطريق السوية ويسلك طريق الضلال والبدع والخرافات في أثناء الطريق يوسوس له الشيطان يضيعه قد يضيعه الشيطان والعياذ بالله الجنيد كان الأثر العظيم الذي تركه بأن ترك لأتباعه بل للمسلمين جميعاً ترك لهم القواعد المنضبطة الشرعية في هذه القضية مثلاً ماذا يقول يقول علمنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ القرآن ولم يقرأ الحديث لا يقتدى به عندنا الله أكبر هذه من القواعد المهمة
من لم يحفظ القرآن ولم يقرأ الحديث لا يقتدى به عندنا يعني لا يحفظ القرآن يقرأ حديث فقط هكذا إنما يحفظ القرآن حفظ فاهم ويقرأ الحديث قراءة متيقن فاهم ضابط للقواعد الشرعية هنالك يقتدى به ويتبع نعم هذا هو الأمر المطلوب ويقول مراراً كان مراراً يقول من لم يقرأ القرآن ولم يقرأ الحديث فليس له أن يسلك طريقنا وليس هو منا كرر هذا في مواضع رحمه الله تعالى وينقل ابن القيم شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عنه في المدارج وهو الكتاب الرائع مدارج السالكين شرح منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين وهو شرح رائع جليل لشيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى ينقل عن الجنيد الإمام الكبير رحمه الله تعالى قوله ربما ترد النكتة علي اسمعوا أيها الإخوة والأخوات والنكتة يعني الخاطر الإلهام الفكرة سمها ما شئت ربما ترد يعني أن يكون الخاطر والإلهام والفكرة يكون دقيقاً هنا يسمى نكتة والنكتة الشيء الدقيق ربما ترد النكتة علي فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة الله أكبر لا أقبل النكتة إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة لا يقبل الفكرة ولا الخاطرة ولا الشيء الذي ألهمه إلا أن يشهد عليه شاهدا عدل الكتاب والسنة هذه قواعد مهمة للغاية لأن بها صان الطريق من أن يتسرب إليه الأوهام أو أن يأتيه الشيطان بعد ذلك كل صوفي بل كل سالك يحاسب إلى هذه الطريق يحاسب إلى كلام الجنيد يحاسب بكلام الجنيد فمن اقتدى بالكتاب والسنة يرفع ويعظم ومن خالف الكتاب والسنة يوضع من قدره ويغض من شأنه مهما كان هذه قواعد عندنا ما نملك لأننا إذا خالفنا هذه القواعد هلكنا وضيعنا وأضاعنا الشيطان والعياذ بالله لذلك يقول أحد الصوفية لا تغتر بمن يطير في الهواء ولا يمشي على الماء حتى ترى حاله من الأوامر والنواهي أي الشرعية إذا كانوا متبعين الأوامر الشرعية مجتنباً المناهي الشرعية هنا يؤخذ بكلامه وهنا يقتدى به ويتبع ويتأسى أما إن كان مضيعاً الكتاب والسنة إن كان جعل الكتاب والسنة خلف ظهره ودبر أذنه ثم بعد ذلك يقتدى ويتبع لا ولا كرامة ما يقبل هذا الإنسان أبداً لذلك من عمل الجنيد الرائع أنه كان قدوة للصوفية وإماماً لهم وسيداً عندهم وسيداً للزهاد وليس فقط عند الصوفية فقط وفي الوقت نفسه كان عمله منضبطاً هذا الانضباط وهذه القواعد التي وضعها أثرت في الأجيال بعده كل التأثير وأعادت كل صوفي منحرف إلى جادة الشريعة لأن كل صوفي لا يملك إلا أن يقول الجنيد سيد الطائفة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان رضي الله عنه سيد الطائفة إمام هدى لا يملك إلا أن يسلم للجنيد حاله والجنيد نص على هذه الضوابط فمن خرج عن هذه الضوابط فليس بصوفي وليس بزاهد وليس يقتدى به والصوفية بالمناسبة طائفة من طوائف المسلمين كما أخبر شيخ الإسلام ابن تيمية مراراً وشيخ الإسلام ابن القيم مراراً طائفة من طوائف المسلمين فيها خير وفيها شر يؤخذ ما فيها من خير يترك ما عندها من شر هذه هي القاعدة الذهبية في جميع طوائف المسلمين جميع طوائف المسلمين ليست معصومة فيها خير وفيها شر نأخذ ما عندها من خير ونترك ما عندها من شر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ربما نظر الفقيه إلى الصوفية فلا يعدهم شيئاً ويعد عملهم ضلالاً وربما نظر الصوفي إلى الفقهاء لا يعدهم شيئاً ويعد عملهم زيادة أو زائداً أو فضولاً والصحيح أن هؤلاء من طوائف المسلمين فيهم خير وفيهم شر أو كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وهذه قاعدة ذهبية في الصوفية يعمل معهم بموجب هذه القاعدة في كل زمان ومكان والجنيد من أعماله الجليلة وله أعمال جليلة في الإخلاص واليقين والكلمات الرائعة الجميلة لكن أجل أعماله على الإطلاق وضع الضوابط لجماعته بل وضع الضوابط لجميع الزهاد من زمانه إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها وما أتى بهذه الضوابط هو من بنات أفكاره إنما أتى بها من الكتاب والسنة لماذا لأنه كان عالماً بالكتاب عالماً بالسنة درس الحديث على المشايخ وأخذ الحديث ودرس الفقه على المشايخ وكان له مشايخ معتبرون وكان له تلاميذ معتبرون بهذا سود رحمه الله تعالى وبهذا ترك الأثر العظيم أسأل الله تعالى أن يغفر لجنيد وأن يرحمه وأن يرفع درجته في العلين وأن يجعلنا جميعاً سالكي طريقه متبعي أثاره إنه ولي ذلك والقادر عليه هذا والله تعالى أعلم وأحكم وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وإلى اللقاء إن شاء الله تعالى مع تارك أثر أخر والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .