كتاب الأربعين في فضائل
ذكــــــر رب العالمـيـــــن
تأليف: مسافر بن محمد بن حاجي الدمشقي
(المتوفى: 420هـ)
===========
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعم بالخير
الحمد لله ذي الجلال والجمال والكبرياء والكمال الجسيم النوال الشديد المحال المتطول بالطول والأفضال المتكلم بقوله تعالى: {لا إله إلا هو الكبير المتعال}، القادر على تقدير الآمال والآجال من غير انتحار سم واحتذاء مثال، العالم بما كان وما يكون وما لم يكن من غير ملال، الحي الذي لم يزل ولا يزال، المريد بما قضى به وقدر للسعيد من الرحيق والسلسال وللشقي من السلاسل والأغلال، السميع بأنين المذنبين في تقلب الأحوال، البصير بدبيب النملة السوداء في حنادس الليالي، خضعت لعظمته رقاب الأكاسرة الأقبال، وذلت لعزته جباه الجبابرة الأبطال حمدا يتجدد من إذا عسعس الليل في الإدبال وتنفس الصبح في الإقبال، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي يَسْجُدُ لَهُ {مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}.
وأشهد أن محمداً عبده الصادق في المقال ورسوله المنقذ من الضلال، والسلام على آله البررة الكرام خير الآل المنتخبين لبذل النفوس والأموال.
أما بعد
فإن الكلمات الشريفة النبوية والإشارات اللطيفة المصطفوية مما يسعى له الأحرار والعبيد ويقبل عليه المقبل السعيد لطفة المطالع بأمة المقاطع، ألفاظها جزلة رشيقة ومعانيها فائقة دقيقة، سلمت من وحشة الغرابة، وخلصت من هجنة الرذالة، جمعت إلى المسائة الحلاوة وأضافت إلى الفصاحة الطلاوة، وجدير ذلك فإنها شرح مشكاة الرسالة وشعشعة مصابيح الهداية مع ما حازت من معاقد الأحكام ومقاعد الحلال والحرام.
ولقد كنت جمعت أربعين حديثاً من غير إسناد في فضائل ذكر رب العالمين سميتها مطار الفكر في إظهار الذكر، فطالبني بعض القادة من العلماء والفحول من الفضلاء وناهيك جمع بالله يتقون وعليه يتوكلون وفيه يتحابون، ومنهم الإمام البحر ابن قدوة الأفاضل سيد المحققين مجد الملة والدين أبو محمود بن ميمون بن محمود جعله الله تعالى وإياهم من العلماء الأخيار وحصنهم بمشارب الأبرار ورواهم من مناهل المقربين الأحرار بإسنادها فرأيت أن أجدد العزم وآخذ بالجزم فخرجت هذا الأربعين في فضائل ذكر رب العالمين وسميته وسائل المولى وسائل المولى في ذكر المولى.
صدر الأربعين
1 - أخبرنا شيخنا الإمام الرباني أبو بكر عبد الله بن محمد بن شاهاور الرازي رضي الله عنه بقراءتي عليه مراراً وسماعي من لفظه الشريف أطواراً، أنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصفهاني، إذنا، أنا السلار مكي بن منصور بن غيلان، أنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، أنا جعفر بن عوف، أنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى، مَنْ كان هجرته إلى الله تعالى وإلى رسوله فهجرته إلى الله تعالى ورسوله، ومَنْ كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
حديث متفق عليه يعد في الأفراد.
وكم وجدت السادة المتقدمين قد التمسوا الفضيلة بجمعهم الحديث رغبة في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما:
2 - أخبرنا الإمام مجد الملة محمد بن أسعد بن إبراهيم الفرغاني، سنة إحدى وأربعين، أنا أبو طاهر محمد بن سلفة الأصفهاني، قراءة ثنا القاسم بن الفضل بن أحمد، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا أحمد بن الفرج، ثنا بقية، ثنا شعبة، عن عمر بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبد الله بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نضَّر اللهُ تعالى امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه عنا كما سمعه، فرُبَّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هو أفقه منه».
وخصوا من العدد الأربعين للوعد الصادر عن النبي الصادق صلى الله عليه وسلم:
3 - أخبرنا شيخنا الإمام الرباني مرارا سنة ثلاث وأربعين وثمان وأربعين، أنا منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، أنا جدي الأعلى فقيه الحرم محمد بن الفضل، أنا أبو الخير عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي، أنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، أنا الحسن بن سفيان، ثنا علي بن حجر، ثنا إسحاق بن نجيح، عن ابن جريج، عن ابن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة كتب له شفيعاً يوم القيامة».
فأحببت الاستضاء بأنوارهم والاقتفاء على آثارهم رجاء اللحوق بجملتهم والحشر في زمرتهم لما:
4 - أخبرنا شيخنا الإمام المعمر محمد بن أسعد الفرغاني، أنا..... المقرئ الواسطي بدمشق، أنا هبة الله بن يحيى البوتي، ثنا أبو نصر محمد بن علي، ثنا أبو محمد الآملي، ثنا عبد الله بن أحمد، عن أبيه، ثنا الحسن بن الصباح، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يقل عني إلى من لم يلحقني من أمتي أربعين حديثاً كُتب له في زمرة العلماء وحُشر في جملة الشهداء».
الحديث المبارك المسلسل المشهور
5 - أخبرنا شيخنا الإمام الرباني صفوة الله الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد الأسدي الرازي، وهو أول حديث سمعته من لفظه سنة أربعين وستمائة بداره بتستر، قال: أنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن الفضل الهروي، وهو أول حديث سمعته منه، أنا الإمام زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد الشحامي، وهو أول حديث سمعته منه، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وهو أول حديث سمعته منه، أنا أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان الشاهد، وهو أول حديث سمعته منه، أنا أبو نصر محمد بن طاهر الوزيري، وهو أول حديث سمعته منه، أنا أبو حامد بن هلال، وهو أول حديث سمعته منه، ثنا عبد الرحمن بن بشر، وهو أول حديث سمعته منه، ثنا سفيان بن عيينة، وهو أول حديث سمعته منه، عن عمرو بن دينار، وهو أول حديث سمعته منه، عن أبي قابوس، وهو أول حديث سمعته منه، عن عبد الله بن عمرو، وهو أول حديث سمعته منه بالشام، قال عبد الله: هذا أول حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ في الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».
ورواه جمع متصلاً إلى عمرو بن دينار، رزقناه هكذا والحمد لله رب العالمين.
الحديث الأول:
6 - أخبرنا شيخنا الإمام الرباني عبد الله بن محمد الأسدي بجميع الصحيح بقراءتي عليه، أنا به أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي بقراءة شيخنا صفوة الله أبي سعد شرف بن المؤيد البغدادي إلى باب الحيض والباقي بقراءة شيخنا وشيخ شيخنا قطب الأقطاب أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد الخيوقي يعرف بالكبرى، أنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن مظفر الداودي، أنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، ثنا الإمام قدوة المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشام، ثنا قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ الخَيْرِ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ الخَيْرِ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ الخَيْرِ».
متفق على صحته.
الحديث الثاني:
7 - أخبرنا شيخنا الإمام الرباني بقراءتي عليه، أنا أبو الحسن المؤيد الطوسي، بقراءة الشيخ أبي بكر محمد بن أبي بكر العزال، أنا فقيه الحرم محمد بن الفضل الفراوي، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أنا محمد بن عيسى الجلودي، أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، ثنا الإمام المسلم بن الحجاج القشيري، عن أبي غسان المسمعي، عن عبد الملك بن صباح، عن شعبة، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإسلام، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تعالى».
حديث صحيح متفق عليه.
الحديث الثالث:
8 - وبإسناد مسلم.......
عن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم من صلاته قال بصوته الأعلى: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون».
رواه السجستاني والنسائي أيضاً في صحيحيهما.
الحديث الرابع:
9 - وبإسناد البخاري، ثنا عبد الله بن محمد المسندي، ثنا أبو عامر عبد الملك، ثنا سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».
متفق عليه.
الحديث الخامس:
10 - بإسناد البخاري، ثنا عمر بن حفص، ثنا أبي، عن الأعمش، ح. وبإسناد مسلم، ثنا مسلم، ثنا أبو بكر بن شيبة، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه».
هذا حديث متفق عليه، ورواه البخاري في التوحيد عن أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الحديث السادس:
11 - أنا شيخنا الإمام الرباني أبو بكر عبد الله بن محمد الأسدي، بقراءتي عليه أنا أبو أحمد بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة، أنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، أنا أحمد بن محمد بن محمد الخليلي، أنا علي بن أحمد بن محمد الخزاعي، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن شريح الشاشي، ثنا الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي بكتابه، ثنا أبو كريب، ثنا أبو معاوية، ثنا عمر بن راشد، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون».
قالوا: وما المفردون يا رسول الله، قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات».
أخرجه مسلم أيضا في صحيحه.
الحديث السابع:
12 - أخبرنا الإمام الرباني عبد الله بن محمد الأسدي، أنا شيخنا الإمام الحافظ قطب الأقطاب أبو الجناب الخيوقي، أنا أبو الفضل محمد بن عثمان بن يوسف الأشناني، أنا الشيخ محمد الدوني، أنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد الكسار، أنا الإمام أحمد بن محمد بن إسحاق السني، ثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، ثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، أنا عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكثروا ذكر الله تعالى حتى يقال مجنون».
الحديث الثامن:
13 - وبالإسناد أنا أحمد بن محمد السني، ثنا أبو عروبة، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن موسى بن وردان، عن نابل صاحب العباء، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يقول حين يرد الله إليه روحه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير إلا غفر الله له ذنوبه ولو كان مثل زبد البحر».
الحديث التاسع:
14 - وبإسناد مسلم.....
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فتحت له ثمانية أبواب من الجنة ويدخل من أيها شاء".
وأورده السجستاني والنسائي والدارمي في صحاحهم.
الحديث العاشر:
15 - أخبرنا إمام الثقة العلامة عمر بن عبد العزيز بن أبي بكر الحيري، حدث غيري إملاء وأنا أكتب في جامع تستر، أنا الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني، أنا الحافظ إسماعيل بن محمد الأصفهاني، أنا الأديب أبو مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، أنا أبو بكر محمد بن أبي نصر الحسن بن محمد بن سليمان، إذنا وإجازة، أنا الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان يعرف بأبي الشيخ، أنا أبو يعلى بن المثنى، ثنا بشر بن الوليد، ثنا قزعة بن سويد، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قال لا إله إلا الله موقنا دخل الجنة».
يتبع إن شاء الله...