إنه اليقين... نعم اليقين:
كلمات عجيبة ورب الكعبة، قلت له: أخى أود منك أن توجه ثلاثة رسائل، الرسالة الأولى للأمريكان، والرسالة الثانية للمسلمين في أمريكا، والرسالة الثالثة للمسلمين في مصـر، فقـال: أما رسالتى الأولى للأمريكان هي إننا نؤمن بعيسى كما نؤمن بمحمد، سبحان الله!!
إنه فهم دقيـق عميق للدين، ولا عجب فقـد كان الرجل قسيساً، ونود أن يعلم هؤلاء أننا نُجِـلُّ عيسى ونُجِلُّ مريم عليهما السلام، قلت وجه رسالة للمسلمين في أمريكا، قال: أقـول لهم اصبروا ولا تتعجلوا فإنه لا يتحقق شىء أبداً بدون الصبر ترجمة حرفية لكلام الرجل، ثم أقول لهم إن أخطأ واحد منكم فلا ينبغى أن تفزعوا وتحزنوا فلو لم نخطأ ما احتجنا الرب سبحانه وتعالى، فإننا نخطـئ لنتوب إلى الله عز وجل.
إنها ورب الكعبة أفق رجل عميق الفكر دقيق النظر، قلت: فوجه رسالة أخـيرة للمسلمين في مصر سأنقلها على لسانك إلى الآلاف من المسلمين، فقال: قل لهم إن بعدت بيننا وبينكم آلاف الأميال فإن رحمة الله قد وسعت كل شىء، وإننا نحبكم في الله.
أيها الشباب: اعلموا أنه قد بلـغ عدد المساجد في قلب قلعة الكفر ما يقرب من ألفي مسجد، وفي ولاية نيويورك فقط مائة وخمسة وسبعين مركز ومسجد إسلامى.
ألم يقل ربنا: "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، وإن آخـر الإحصائيات تقول بأن عدد المسلمين في فرنسا يزيد على خمسة مليون مسلم، وفي بريطانيا عدد المسلمين يزيد على اثنين مليون مسلم، وفي كل سنة يدخل الإسلام من البريطانيين ما يزيد على ألفين مسلم من أصل بريطانى أرقام تبشر بالخير!!
فالإسلام دين الفطرة، وإنه لقادم لا محال مهما وُضِعت في طريقه العقبات والسدود والعراقيل قال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفي بِاللَّهِ شَهِيدًا" [الفتح: 28].
إن هؤلاء الكفرة لو سمعوا عن الإسلام وعرفوا صورته الحقيقية لجاءوا إليه مسرعين، فإنهم يعيشون حالة قلـق رهيبة، ومن سافر إلى بلاد الشرق والغرب وقف على حجم عيادات الطب النفسى عرف حجم هذا الخطر، فإنهم قد أعطـوا البدن كل ما يشتهيه، وبقيت الروح في أعمـاق أبدانهم تصرخ وتبحث عن دواءها وغذاءها ولا يعلم دواءها وغذائها إلا الله، قال جل في علاه: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" [الإسراء: 85].
وها هم العلمانيون يريدون أن يخلعوا عباءة الإسلام عن تركيا بكل قوة "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" [التوبة: 32].
ففي زيارتى الأخـيرة يقول لى أخ تركى: إن عدد المساجد في تركيا يزيد عن خمسة وستين ألف مسجد، ويقسم لى بالله أنهم في رمضان الماضى كانوا يصلون الفجر خارج المسجد كأنهم في صلاة الجمعة، ومع ذلك انظر إلى الضربات التى تكال على تركيا كيلاً، فإن أتباع أتاتورك الخبيث الهالك يريدون أن يجعلوها علمانية بعيداً عن الإسـلام، لكنهم عاجـزون، إنهم يرقصون رقصة الموت لما يرون كل يوم من شباب في ريعان الصبى، وفتيان في عمر الورود يغذون هذا المد الإسـلامى الهائل، لا أقول في مصر ولا في بلاد المسلمين بل في العالم كله.
إننا والله نرى العجب العجاب، ونرى الخير الكثـير هذا من باب قـول الله سبحانه: "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 139].
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد من حديث حذيفـة بن اليمان وهو حديث صحيح أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على مناهج النبوة)).
أسأل الله أن يعجل بالخلافة التى على منهاج النبوة، وأن يمتعنا بالعيش في ظلالها وإن لم يقـدر لنا فأسأله أن لا يحـرم أبنائنا وأولادنا إنه ولى ذلك والقادر عليه.
وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث ثوبان أن الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أن الله تعالى زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتى سيبلغ ما زوى لى منها...)).
يا أمة التوحيد: لِمَ اليأس؟!! إن اليأس سيزيد النشيط خزلاناً، وسيزيد اليائس والقانط يأسأً وقنوطاً، ((الرسول وهو في أحلك الأزمـات والأوقات وهو يُطـارد وأصحابه مهاجرون يقول الخباب بن الأرت: والله لَيُتِمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه)).
أليس الله هو القائل: "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 139].
يا أهل التوحيد: اعلموا علم اليقين بأن كل ابتلاء يزيد الإسلام صلابة ويزيد المسلمون قوة، ويخرج من الصف من ندث في صفوف المؤمنين وقلبه مملوء بالنفاق، يقول النبى -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم من حديث صهيب -رضي الله عنه- عنه -صلى الله عليه وسلم-: ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن إن إصابته سَّراء شكر، فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)).
وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه على شرط الشيخين وأقر الحاكم الذهبى وقال الألبانى بل هو صحيح على شرط مسلم من حديث تميم الدّارىّ أن الحبيب النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترُكُ الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدخله الله هذا الدين بعزٍ عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر)).
ومن جميـل ما قاله المفكر الشهير اشبنكنـز: إن للحضارات دورات فلكية فهى تغرب هنا لتشرق هناك، وإن حضارة أوشكت على الشروق في أروع صورة ألا وهى حضارة الإسلام الذي يملك وحده أقوى قوة روحانية عالمية نقية.
أيها الموحدون: والله والله ما بقى إلا أن ترتقى هذه الأمـة إلى مستوى هذا الدين وأن تعرف الأمة قدر هذه النعمة التى امتن بها علينا رب العالمين.
لقد ذكرت آنفاً أن ما وقع للأمـة وقع وفق سنن ربانيـة لا تتبدل ولا تتغير ولن تعود الأمة إلى عِزَّتها وسيادتها إلا وِفْقَ هـذه السنن التى لا يجدى معها تعجل الأذكياء ولا وهم الأصفياء، إذاً محال محال أن ينصر الله عز وجل هذه الأمة وهى خاذلة مضيغة لدينه، بل لابد أن تنصر الأمة دين الله لينصرها، أليس الله هو القائل: "… وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" [الحج: 40].
أليس الله هو القائل: "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ" [غافر: 51].
أليس الله هو القائل: ".. وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" [الروم: 47].
أليس الله هو القائل: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور: 55].
إذاً لا بد أن نقف جميعـاً على بنود هذا المنهج العملى الواجب التنفيذ، وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء و أرجىء الحديث عن هذا العنصر إلى ما بعد جلسة الاستراحة وأقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعـوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فـلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله اللهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وأحبابه، وأتباعـه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفي أثره إلى يوم الدين.
أما بعد أيها الأحبة الكرام
ثالثاً: منهج عملى واجب التنفيذ
أول خطوة عملية على طريق عودة الأمة إلى عزتها وسيادتها وعلى طريق نصرة الله لها هى أن تعود عوداً حميـداً إلى كتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعودة إلى القرآن والسنة ليست نافلة ولا تطوعاً ولا اختياراً من الأمة، بل إنها عودة واجبة بل إنها أمام حد الإسلام وشرط الإيمان، فلقد سجل الله في كتابه العزيز: "فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [النساء: 65].
فالخطـوة العملية الأولى
أن أبدأ بنفسى وتبـدأ بنفسك، ولا ينبغى أن نعلق كل ما نسمع على غيرنا، فلنبدأ من الآن قال تعالى: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ" [آل عمران: 165].
فلو بدأ كل واحد منا وحـوّل هذا الكلام في بيته وفي عمله وفي شتى أمور حياته كلها إلى واقع عملى ومنهج حياة، والله لغير الله حالنا، فليرجع كل مسلم إلى الله وإلى كتـاب الله، وإلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليعـلم كل مسلم على وجه الأرض أن شعار المنافقـين واليهود هو سمعنا وعصينا، وأن شعار المؤمنين سمعنا وأطعنا.
قال تعالى: "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا" [النور: 51].
هذا قول الله ومن أصدق من الله قولاً؟!، أما شعار أهل النفاق فقد سطر الله في كتابه عنهم: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاَّ بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا" [النساء: 60-61].
الخطوة الثانية: تمايز الصف من المؤمن والكافر.
اختر لنفسك الطريق وحدد السبيل والغاية من الآن، وقل لنفسك هل أنت متمثل لأمر الله ولأمر رسول الله –شعارك سمعنا وأطعنا، أم شعارك سمعنا وعصينا، واعلم: ((أن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).
الخطوة الثالثة: إقامة الفرقان الإسلامى
هذه هى الخطـوة العملية من بنود المنهج ليبدأ كل منـا بنفسه ليستبين سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين، مستحيل، لا نريد أن نعيش هـذه الحالة التى عليها الأمة حالة الغبش وحالة التذبذب وحالة اللا ولاء واللا براء بهذه الحالة لن نقيم لله ديناً في أرضه، بل لابد وحتماً أن توالى الله ورسوله والمؤمنين وأن تتبرأ من الشرك بكل صوره والمشركين على اختلاف أجناسهم ولغاتهم، علينا أن نُطَهِّرَ عقيدة الولاء والبراء ونربى أولادنا على هذه العقيدة.
أين الولاء لله ورسوله وللمؤمنين في كل مكان وزمان؟! وأين البراء من الشرك كله والمشركين أينما وحينما وجدوا؟! لابد من إقامة الفرقان الإسلامى حتى يستبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنـين، ومن أروع صور الولاء والبراء ما رواه ابن جرير الطبرى وغيره بسند صحيح أن النـبى -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ادعـوا لى عبد الله بن عبد الله بن أُبى بن سـلول)) فلما جاء قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا ترى ما يقول أبوك يا عبد الله؟)) فقال عبد الله: وماذا يقول أبى، بأبى أنت وأمى يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)) فقال عبد الله: لقد صدق والله يا رسول الله فأنت والله الأعز وهو الأذل أما والله لقد قدمت المدينة يا رسول الله، وإن أهل يثرب لا يعلمون أحـداً أبَرَّ بأبيه منى أما وقد قال فلتسمعن ما تَقَرُ به عينُك.
فلما قدموا المدينـة قام عبد الله على بابها بالسيف لأبيـه ثم قال: أنت القائل لئن رجعنا إلى المدينـة ليخرجن الأعز منها الأذل؟!! أما والله لتعرفن هل العزة لك أم لرسول الله، والله لا يأويك ظلها ولا تبيـتن الليلة فيها إلا بإذن من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. فصرخ عبد الله بن أُبى: يا للخـزرج ابنى يمنعنى بيتى!! فاجتمع إليه رجال فكلموه. فقال: والله لا يدخل بيته إلا بإذن من الله ورسوله. فأتوا النبى -صلى الله عليه وسلم- فأخبروه فقال: ((اذهبوا إليه فقولوا له يقول لك رسول الله خلِّه ومسكنه)) فأتوه فقالوا له ذلك فقـال: أما وقد جاء الأمر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنعم. ليعلم من الأعز ومن الأذل.
إنه الولاء لله ورسوله.. أليس الله هو القائل: "لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..." [المجادلة: 22].
رابعاً: رفع راية الجهاد
لنرفع راية الجهاد لتكون كلمة الله هى العليا لا من أجل وطنية ولا من أجل قومية ولا من أجل حرية لقول سيد البشرية -صلى الله عليه وسلم-: ((من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو في سبيل الله)).
ولن ترفع الأمة راية الجهاد إلا إذا عادت ابتداءً إلى كتاب الله وسنة رسول الله.
خامساً: تحويل الإسلام في حياتنا بأخلاقياته وسلوكياته إلى واقع عملى ومنهج حياة.
إننا نرى بوناً شاسعاً بين منهجنا وواقعنا، بين ما نتعلمه من أخلاق وما نحن عليه من أخلاق، فلابد أن نحـول هذا الدين العظيم إلى واقع عملى في بيوتنا وفي عملنا وفي شوارعنا وشتى أمور حياتنا.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
لنعلم يقيناً أن القول إذا خالف العمل بذر بذور النفاق في القلوب.
كما قال عـلام الغيوب: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ" [الصف: 2-3].
أيها الأحبة الكرام: إننا لا نخاف على الإسلام لأن الذي وعد بإظهاره على الدين كله هو الله الذي يقول للشىء كن فيكون، هو الله، وإنما نخاف على المسلمين إن هم تركوا الإسلام وضيعوا الإسـلام، نسأل الله جل في علاه أن يرد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً إنه ولى ذلك والقـادر عليه، اللهم قيد لأمة التوحـيد أمر رشد يعز فيه أهل الطاعـة ويذل فيه أهل المعصية يا رب العالمين.
الدعـــاء...