126
" ما من شيء إلا له توبة , إلا صاحب سوء الخلق , فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد
في شر منه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 248 ) :
$ موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 114 ) و الأصبهاني في " الترغيب "
( 151 / 1 ) من طريق عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم
التيمي عن أبيه عن # عائشة # مرفوعا .
و قال الطبراني : لم يروه عن يحيى إلا عمرو , و لا يروى عن عائشة إلا بهذا
الإسناد .
قلت : و هو موضوع , فإن عمرا هذا قال النقاش : أحاديثه موضوعة و كذبه يحيى بن
معين و قال ابن عدي : كان يتهم بالوضع , و منه تعلم أن قول الحافظ العراقي في
" تخريج الإحياء " ( 3 / 45 ) بعد أن عزاه للطبراني : و إسناده ضعيف , قصور إلا
أن يلاحظ أن الموضوع من أنواع الضعيف كما هو مقرر في المصطلح .
و قال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 25 ) : رواه الطبراني في
" الصغير " , و فيه عمرو بن جميع و هو كذاب .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية أبي الفتح الصابوني في
" الأربعين " عن عائشة و يعترض عليه من وجهين .
الأول : إيراده فيه مع أنه ليس على شرطه لتفرد الكذاب به !
الآخر : اقتصاره في العزو على الصابوني فأوهم أنه ليس عند من هو أشهر منه !
ثم إن الحديث أورده العراقي شاهدا للحديث الذي قبله و ليس بصواب لأمرين .
الأول : أنه ليس فيه " أن سوء الخلق ذنب لا يغفر " .
الآخر : أنه ليس فيه : " و سوء الظن خطيئة تفوح " و هو تمام الحديث قبله .
127
" صلاة بعمامة تعدل خمسا و عشرين صلاة بغير عمامة , و جمعة بعمامة تعدل سبعين
جمعة بغير عمامة , إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين , و لا يزالون يصلون على
أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 249 ) :
$ موضوع .
أخرجه ابن النجار بسنده إلى محمد بن مهدي المروزي أنبأنا أبو بشر بن سيار الرقي
حدثنا العباس بن كثير الرقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال لي مهدي بن ميمون :
دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر و هو يعتم , فقال لي : يا أبا أيوب ألا أحدثك
بحديث تحبه و تحمله و ترويه ? قلت : بلى , قال : دخلت على # عبد الله بن عمر #
و هو يعتم فقال : يا بني أحب العمامة , يا بني اعتم تجل و تكرم و توقر , و لا
يراك الشيطان إلا ولى هاربا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره , قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " ( 3 / 244 ) : هذا حديث موضوع
و لم أر للعباس بن كثير في " الغرباء " لابن يونس و لا في " ذيله " لابن الطحان
ذكرا , و أما أبو بشر بن سيار فلم يذكره أبو أحمد الحاكم في " الكنى " و ما
عرفت محمد بن مهدي المروزي , و لا مهدي بن ميمون الراوي للحديث المذكور عن سالم
و ليس هو البصري المخرج في " الصحيحين " و لا أدري ممن الآفة .
و نقله السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 110 ) و أقره و تبعه ابن عراق
( 159 / 2 ) .
ثم ذكر السيوطي أنه أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق عيسى بن يونس
و الديلمي من طريق سفيان بن زياد المخرمي كلاهما عن العباس بن كثير به .
قلت : ثم ذهل عن هذا السيوطي فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن
عساكر عن ابن عمر , و تعقبه المناوي في شرحه بأن ابن حجر قال : إنه موضوع
و نقله عنه السخاوي و ارتضاه .
قلت : و لو تعقبه بما نقله السيوطي نفسه في " الذيل " عن ابن حجر كان أولى كما
لا يخفى , و كلام السخاوي المشار إليه في " المقاصد " ( ص 124 ) .
و نقل الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 51 ) عن المنوفي أنه قال : هذا
حديث باطل .
ثم تعقبه القاري بأن السيوطي أورده في " الجامع الصغير " مع التزامه بأنه لم
يذكر فيه الموضوع و نقل العجلوني نحوه عن النجم .
قلت : و هذا تعقب باطل تغني حكايته عن إطالة الرد عليه , و ما جاءهم ذلك إلا من
حسن ظنهم بعلم السيوطي , و عدم معرفتهم بما في " الجامع الصغير " من الأحاديث
الموضوعة التي نص هو نفسه في غير " الجامع " على وضع بعضها كهذا الحديث و غيره
مما سبق و يأتي , فكن امرءا لا يعرف الحق بالرجال , بل اعرف الحق تعرف الرجال .
و قد علمت مما سبق أن الحافظ ابن حجر إنما حكم بوضع هذا الحديث من قبل ما فيه
من مبالغة في الفضل لأمر لا يشهد له العقل السليم بمثل هذا الأجر , و لولا هذا
لاكتفى بتضعيفه لأنه ليس في سنده من يتهم , فإذا عرفت هذا أمكنك أن تعلم حكم
الحديث الذي بعده من باب أولى , و هو :
128
" ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1 / 251 ) :
$ موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن
# جابر #! و كان حقه أن يورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " كما صنع بالحديث
الذي قبله , لأنه أشد مبالغة في فضل الصلاة بالعمامة من ذاك فكان الحكم عليه
بالوضع أولى و أحرى .
هذا و قال المناوي في " شرح الجامع " : و رواه عن جابر أيضا أبو نعيم و من
طريقه و عنه تلقاه الديلمي , فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى , ثم إن فيه طارق بن
عبد الرحمن , أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : قال النسائي : ليس بقوى عن
محمد بن عجلان ذكره البخاري " في الضعفاء " , و قال الحاكم : سيء الحفظ و من ثم
قال السخاوي : هذا الحديث لا يثبت .
قلت : محمد بن عجلان ثقة حسن الحديث , فلا يعل بمثله هذا الحديث , و طارق بن
عبد الرحمن اثنان أحدهما البجلي الكوفي روى عن سعيد بن المسيب و نحوه , و هو
ثقة من رجال الشيخين و الآخر القرشي الحجازي يروي عن العلاء بن عبد الرحمن
و نحوه قال الذهبي : لا يكاد يعرف , قال النسائي : ليس بالقوي , فالظاهر أن هذا
هو المراد و ليس الأول لأنه في طبقته و ذكره ابن حبان في " الثقات " فلعله هو
علة الحديث و إلا فمن دونه .
و يؤسفني أنني لم أقف على سند الحديث لأنظر فيه مع أن المناوي ذكر فيما تقدم أن
أبا نعيم رواه أيضا , و لم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للشيخ
عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري فالله أعلم .
ثم رأيت بخط الحافظ ابن رجب الحنبلى في قطعة من شرحه على الترمذي ( 83 / 2 ) ما
نصه : سئل أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل عن شيخ نصيبي يقال : محمد بن نعيم
قيل له : روى شيئا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" صلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة " , قال : هذا كذاب , هذا باطل .
ثم رأيت رواية أبي نعيم , فتأكدت أن آفة الحديث ممن دون طارق بن عبد الرحمن ,
فخرجته فيما سيأتي ( برقم 5699 ) .
129
" الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 253 ) :
$ موضوع .
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 111 ) من رواية الديلمي
( 2 / 256 ) بسنده إلى أبان عن # أنس # مرفوعا .
و قال : أبان متهم و تبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 257 / 2 ) .
قلت : و قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( ص 124 ) تبعا لشيخه الحافظ ابن
حجر : إنه موضوع و قال المنوفي : إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ
القاري ( ص 51 ) .
و لا شك عندي في بطلان هذا الحديث و كذا الحديثين قبله , لأن الشارع الحكيم يزن
الأمور بالقسطاص المستقيم , فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر
صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها ! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة و صلاة
الجماعة , فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها : إنها مستحبة , و الراجح
أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة , أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها :
إنها سنة مؤكدة , و قيل : إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها , و الصواب
أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد , فكيف يليق بالحكيم العليم أن
يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات ! و لعل الحافظ
ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة و توجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين
يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه على هذا
الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه و يزكيها ! و من العجائب أن ترى
بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص
يلحقهم بسبب تساهلهم هذا و لا يهمهم ذلك أبدا , أما الصلاة في العمامة فأمر لا
يستهان به عندهم ! و من الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم
يرضوه حتى يتعمم , و إذا تقدم متعمم و لو كان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك
و لم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه , و أوجبوا , أو كادوا
أن يوجبوا ما أباحه , و العمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية ! و يتميز بها عن غيره من المواطنين ,
و ليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة , فما
يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه ! و المسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر و لا سيما
في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي
المسلم السلام على من عرف و من لم يعرف , فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة
النافعة إلى العمامة المبتدعة , و سول لهم أن هذه تكفي و تغني عن تلك و عن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم :
" خالفوا المشركين احفوا و في رواية قصوا الشوارب و أوفوا اللحى " , رواه
الشيخان و غيرهما عن ابن عمر و غيره و هو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "
( ص 93 ـ 95 ) .
و ما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية
مستعارة عند القيام إليها ! و لئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا
فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين . فقد
قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد ( 2485 ) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364
هـ ما نصه : لندن ـ عندما اشتدت وطأة الحر , و انعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح
لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة ! فهل من معتبر ? .
130
" إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه سود الحدق " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 255 ) :
$ موضوع .
أخرجه الديلمي , أنبأنا بنجير بن منصور عن جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري و عن
علي بن أحمد الحروري عن جعفر بن أحمد الدقاق عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن
عمرو بن مرزوق عن شعبة عن قتادة عن # أنس # مرفوعا .
أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 113 ـ 114 ) , عند كلامه على الحديث الآتي
بعد هذا , كأنه ساقه شاهدا له , و سكت عنه , فرأيت أن أتكلم عنه و أكشف عن علته
و لا سيما و قد سألني عنه أقرب الناس إلي و هو والدي رحمه الله و جزاه الله عني
خير الجزاء , فأقول : علة هذا الحديث من الرقاشي فمن دونه , و كلهم مجهولون لم
أجد لهم ذكرا في شيء من كتب الرجال التي تحت يدي إلا الرقاشي فإنه من رجال ابن
ماجه و له ترجمة واسعة في " تهذيب التهذيب " ( 6 / 419 - 421 )
و " تاريخ بغداد " ( 10 / 425 ـ 427 ) و يتلخص مما جاء فيها أنه في نفسه صدوق ,
لكنه اختلط حين جاء بغداد فكثر خطؤه في الأسانيد و المتون , فلعل هذا الحديث من
تخاليطه ! و إلا فهو من وضع أحد أولئك المجهولين , و قال ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 1 / 174 ) : في سنده جعفر بن أحمد الدقاق , و هو آفته فيما أظن ,
والله أعلم .
قلت : و لست أشك في بطلان هذا الحديث لأنه يتعارض مع ما ورد في الشريعة , من أن
الجزاء إنما يكون على الكسب و العمل *( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره , و من
يعمل مثقال ذرة شرا يره )* لا على ما لا صنع و لا يد للإنسان فيه كالحسن أو
القبح , و إلى هذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن الله لا ينظر إلى
أجسادكم و لا إلى صوركم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " رواه مسلم ( 8 / 11
) , و غيره و هو مخرج في " غاية المرام " ( 415 ) , و راجع التعليق عليه في
مقدمتي على " رياض الصالحين " للنووي ( ص : ل ـ ن ) , فإنه مهم جدا , و مثل هذا
الحديث الموضوع في البطلان الحديث الآتي و هو :
131
" عليكم بالوجوه الملاح و الحدق السود فإن الله يستحي أن يعذب وجها مليحا
بالنار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 256 ) :
$ موضوع .
أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 282 ـ 283 ) في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا
بإسناده عن شعبة عن توبة العنبري عن أنس رفعه و أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " , و قال : آفته الحسن بن علي بن زكريا العدوي يضع الحديث , قال
السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 113 ) : هو أحد المعروفين بالوضع , و قال الشيخ
القاري ( ص 110 ) : فلعنة الله على واضعه الخبيث , ثم وجدت له طريقا أخرى فقال
لاحق بن محمد في " شيوخه " , ( 114 / 1 / 2 ) : أخبرنا أبو مسعود حدثنا لاحق بن
الحسين المقدسي حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي درة القاضي حدثنا محمد بن طلحة
العروقي حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن
# أنس بن مالك # مرفوعا به .
قلت : و هذا كالذي قبله أو شر منه , و فيه علل :
1 - الزيات هذا قال ابن عدي : ليس بالقوي .
2 - و العروقي , و الراوي عنه محمد القاضي لم أعرفهما .
3 - لاحق هذا و هو آفة الحديث فإنه كذاب وضاع , و قال الإدريسى الحافظ : كان
كذابا أفاكا يضع الحديث على الثقات , لا نعلم له ثانيا في عصرنا مثله في الكذب
و الوقاحة .
و قال الشيرازي في " الألقاب " : حدثنا أبو عمر لاحق بن الحسين بن أبي الورد
فذكر خبرا موضوعا ظاهر الكذب , متنه : " عليكم بالوجوه الملاح ... " فذكره .
قلت : و من أحاديث هذا العدوي الكذاب الحديث الآتي .
132
" النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر , و النظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 257 ) :
$ موضوع .
أخرجه الخطيب ( 3 / 226 ) و من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 162 ـ
163 ) من طريق الحسن بن علي بن زكريا البصري حدثنا بشر بن معاذ حدثنا بشر بن
الفضل عن أبيه عن أبي الجوزاء عن # ابن عباس # مرفوعا .
و رواه محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي عن الحسن بن علي بن زكريا بإسناد
آخر عن أنس مرفوعا , لكنها رواية أخطأ فيها الطرازي هذا و قد روى مناكير و
أباطيل , و الصواب عن الحسن بن زكريا الرواية الأولى كما قال الخطيب ,
و الحسن هذا قال ابن عدي : عامة ما حدث به إلا القليل موضوعات و كنا نتهمه بل
نتيقن أنه هو الذي وضعها , و قال ابن حبان : لعله حدث عن الثقات بالأشياء
الموضوعات ما يزيد على ألف حديث , و قال ابن الجوزى : لا نشك أن أبا سعيد هو
الذي وضعه و مثله :
133
" النظر إلى وجه المرأة الحسناء و الخضرة يزيدان في البصر " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 258 ) :
$ موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 201 - 202 ) و عنه الديلمي ( 4 / 106 ) من
طريق أحمد بن الحسين الأنصاري حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي حدثنا ابن
أبي فديك حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن # جابر # مرفوعا .
إبراهيم هذا لم أجد من ترجمه و كذا الراوي عنه أحمد بن الحسين , لكن تابعه محمد
ابن يعقوب عن أبي الشيخ في " التاريخ " ( 236 ) إلا أنه قال : حدثنا إبراهيم بن
سلام المكي و تابعه أيضا محمد بن أحمد القاضي البوراني قال : حدثنا إبراهيم بن
حبيب بن سلام به , رواه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 1 /
116 ) و البوراني هذا ترجمه الخطيب ( 1 / 295 ) و روي عن الدارقطني أنه قال
فيه : لا بأس به , و لكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء .
قلت : فالظاهر أن إبراهيم شيخ البوراني في هذا الحديث من أولئك الشيوخ الضعفاء
فهو آفة هذا الحديث و قد ذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة محمد بن
عبد الرحمن أبي الفضل بسنده عن ابن أبي فديك به , و قال : خبر باطل .
قلت : و أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 7 ) , و قال ابن القيم :
هذا الحديث و نحوه من وضع الزنادقة .
قلت : و هو و ما بعده مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " و قد أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " و لكن بلفظ آخر و هو .
134
" ثلاثة يزدن في قوة البصر : النظر إلى الخضرة , و إلى الماء الجاري , و إلى
الوجه الحسن " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 259 ) :
$موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 163 ) من طريق وهب بن وهب القرشي عن
جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن علي بن الحسين عن جده # علي بن أبي طالب #
مرفوعا .
و قال ابن الجوزي : باطل , وهب كذاب .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 115 - 117 ) بأن له طرقا أخرى يرقي
الحديث بها عن درجة الوضع , ثم ساقها من حديث ابن عمرو و بريدة و عائشة و جابر
و قد تقدم قبل هذا و أبي سعيد الخدري و ابن عباس موقوفا عليه .
قلت : و كل من هذه الطرق فيها ضعيف أو مجهول أو متهم , و بيان ذلك مما يطول به
الكلام جدا فاكتفيت بالإشارة , و الحكم على هذا الحديث و ما في معناه بالوضع من
قبل معناه أقوى من الحكم عليه به من جهة الإسناد , فقد قال ابن القيم
رحمه الله في رسالته " المنار " : فصل : و نحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون
الحديث موضوعا , ثم ذكر في بيان ذلك فصولا قيمة جدا نقلها عنه الشيخ على القاري
في " خاتمة الموضوعات " قال ( ص 109 ) : فصل : و منها أن يكون الحديث لا يشبه
كلام الأنبياء بل لا يشبه كلام الصحابة كحديث : " ثلاثة يزدن في البصر : النظر
إلى الخضرة , و الوجه الحسن " , و هذا الكلام مما يجل عنه أبو هريرة و ابن عباس
بل سعيد بن المسيب و الحسن , بل أحمد و مالك .
و تعقبه الشيخ القاري بأنه ضعيف لا موضوع .
قلت : لا تعارض بين قوليهما فهو ضعيف سندا موضوع متنا , و قد سبق لهذا بعض
الأمثلة .
135
" إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا , و إذا سمعتم برجل تغير عن خلقه فلا
تصدقوا به , و إنه يصير إلى ما جبل عليه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 260 ) :
$ ضعيف .
أخرجه أحمد ( 6 / 443 ) من طريق الزهري أن # أبا الدرداء # قال : بينما نحن عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم , الحديث .
و هذا إسناد منقطع , و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 696 )
و تبعه المناوي في " شرح الجامع الصغير " فقال : قال الهيثمي : رجاله رجال
الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء , و قال السخاوي : حديث منقطع , و به
يعرف ما في رمز المؤلف لصحته .
قلت : و كأن الشيخ العجلوني اغتر بالرمز المشار إليه فإنه قال في " الكشف "
( 1 / 87 ) , رواه أحمد بسند صحيح " ! و من عجيب أمره أنه ذكره في موضع آخر
( 1 / 82 ) برواية أحمد و سكت عليه فلم يصححه , ثم أورده في مكان ثالث ( 1 /
259 ) و نقل عن " المقاصد " أنه منقطع ! , و هذا من الأدلة الكثيرة على أن
العجلوني مقلد ناقل , و هذا الحديث يستشم منه رائحة الجبر و أن المسلم لا يملك
تحسين خلقه لأنه لا يملك تغييره ! , و حينئذ فما معنى الأحاديث الثابتة في الحض
على تحسين الخلق كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن
حسن خلقه " رواه أبو داود ( 2 / 288 ) و غيره في حديث .
و سنده صحيح , فهذا يدل على أن حديث الباب منكر , والله أعلم .
136
" من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 261 ) :
$ باطل .
أخرجه تمام في " الفوائد " ( 148 / 2 ) و كذا الترمذي الحكيم و أبو يعلى
و الطبراني في " الأوسط " و ابن شاهين من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن
أبي الزناد عن الأعرج عن # أبي هريرة # مرفوعا , و أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 3 / 77 ) من طريق ابن شاهين ثم قال : باطل تفرد به معاوية
و ليس بشيء , و تابعه عبد الله بن جعفر المديني أبو علي عن أبي الزناد ,
و عبد الله متروك .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 286 ) بأحاديث أوردها , بعضها مرفوعة
و بعضها موقوفة , ثم إن بعضها في فضل العطاس مطلقا فلا يصلح شاهدا لو صح .
و أما قول النووي رحمه الله في فتاويه ( ص 36 - 37 ) بعد أن عزاه لأبي يعلى :
إسناده جيد حسن , كل رجاله ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه , و أكثر
الحفاظ و الأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين , و هو يروي هذا الحديث عن معاوية
ابن يحيى الشامي .
قلت : فهذا من أوهامه رحمه الله فإن بقية معروف بالتدليس و قد رواه عن معاوية
معنعنا و قد قال النسائي و غيره : إذا قال :حدثنا و أخبرنا فهو ثقة , و قال غير
واحد : كان مدلسا فإذا قال : عن فليس حجة , و لهذا قال أبو مسهر : أحاديث بقية
ليست نقية فكن منها على تقية , ذكره الذهبي ثم قال : و بقية ذو غرائب
و مناكير , أقول هذا لبيان حال بقية و إلا فالظاهر من كلام السيوطي في
" اللآليء " أنه لم يتفرد به عن معاوية , فعلة الحديث هو معاوية هذا فإنه ضعيف
جدا قال ابن معين : هالك ليس بشيء , و قال أبو حاتم : ضعيف في حديثه إنكار ,
و قال النسائي : ليس بثقة , و قال الحاكم أبو أحمد : يروي عنه الهقل بن زياد عن
الزهري أحاديث منكرة شبيهة بالموضوعة , و قال الساجي : ضعيف الحديث جدا ,
و هكذا باقي أقوال الأئمة كلها متفقة على تضعيفه ليس فيهم من وثقه , فانظر كيف
انصرف النووي عن علة الحديث الحقيقية , و أخذ يدافع عن بقية مع أنه لم يحمل
عليه في هذا الحديث أحد ! فلولا أن النووي رحمه الله وهم لما جاز له أن يصف
يحيى هذا بالثقة و الإتقان , و قد علم أنه متفق على تضعيفه ! و الحديث رواه
البيهقي أيضا و قال : إنه منكر , كما في " شرح المناوي " و قال الهيثمي في
" المجمع " ( 8 / 59 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و قال : لا يروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد و أبو يعلى , و فيه معاوية بن يحيى الصدفي
و هو ضعيف , و قد قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 342 ) : سألت أبي عن
حديث رواه داود بن رشيد عن بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد .. عن النبي
صلى الله عليه وسلم : " من حدث بحديث فعطس عنده فهو حق " ? قال أبي : هذا حديث
كذب , فبعد شهادة مثل هذا الإمام النقاد أنه حديث كذب , فما يفيد المتساهلين
محاولتهم إنقاذ إسناد هذا الحديث من الوضع إلى الضعف أو الحسن لأنها محاولات لا
تتفق مع قواعد الحديث في شيء , و ما أحسن ما قاله المحقق ابن القيم رحمه الله
فيما نقله عنه الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 106 ـ 107 ) : و هذا الحديث
و إن صحح بعض الناس سنده فالحس يشهد بوضعه , لأنا نشاهد العطاس و الكذب يعمل
عمله , و لو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يحكم بصحته بالعطاس , و لو عطسوا عنده بشهادة رجل لم يحكم بصدقه , و تعقبه هو
و الزركشي من قبل و غيرهما بقولهم : إن إسناده إذا صح و لم يكن في العقل ما
يأباه وجب تلقيه بالقبول .
قلت : أنى لإسناده الصحة و فيه من اتفقوا على ضعفه و يشهد الإمام أبو حاتم بأن
حديثه هذا كذب ? ! ثم العقل يأباه كما بينه ابن القيم فيما سبق و لو صح هذا
الحديث لكان يمكن الحكم على كل حديث نبوي عطس عنده بأنه حق و صدق , و لو كان
عند أئمة الحديث زورا و كذبا ? و هذا ما لا يقوله فيما أظن أحد .