منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 حتى لا نخسر رمضان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

حتى لا نخسر رمضان Empty
مُساهمةموضوع: حتى لا نخسر رمضان   حتى لا نخسر رمضان Emptyالإثنين 13 يونيو 2016, 12:06 am

حتى لا نخسر رمضان
مجدي الهـــــــــــلالي
===========
حتى لا نخسر رمضان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فعندما يذهب شخص إلى الطبيب شاكياً من علة ما، فالمتوقع أن يستمع الطبيب إلى شكواه ثم يقوم بالكشف السريري عليه، ثم يكتب له الدواء الذي يراه مناسبًا لحالته.

ولن يفوت الطبيب تذكير مريضه بطريقة أخذ الدواء؛ فهذا قبل الأكل وهذا بعده، وذاك قبل النوم.. ثم ينصحه بالانتظام في تناوله، وفي النهاية يطلب منه مراجعته بعد عدة أيام.

ومن المتوقع أن أول سؤال سيسأله الطبيب لمريضه عند المقابلة الثانية سيكون عن مدى تحسن حالته الصحية، فإن وجد تحسنًا ملحوظًا فسيطلب منه الاستمرار على أخذ الأدوية -كلها أو بعضها- مدة زمنية أخرى حتى يتم له الشفاء -بإذن الله- وإن لم يلحظ هذا التحسن فسيتوجه إلى مريضه بالسؤال عن مدى جديته في تناول الدواء بالطريقة الصحيحة، فإن وجد منه التزاماً في هذا الأمر فسيتجه تفكيره نحو تغيير جرعات الدواء، أو استبداله بآخر، وكيف لا وهو يعلم بأن هدف مجيء المريض إليه هو بحثه عن الشفاء بإذن الله، ويعلم كذلك أن الأدوية ما هي إلا وسائل لتحقيق هذا الهدف.

إن العلاقة بين الأدوية والعافية تمثل العلاقة بين الوسائل والأهداف، فالوسائل ليست مطلوبة لذاتها بل لتتحقق الأهداف من خلالها.

ومن العجيب أن هذا التصور لتلك العلاقة نمارسه بصورة تلقائية، وفي أمور كثيرة فيما يخص أمور دنيانا أما أمور ديننا فالأمر يختلف، بمعنى أن الأهداف في كثير من الأحوال تُنسى، وذلك حين تتحول الوسائل إلى أهداف وغايات.

حياة القلب بالإيمان هي الهدف:
لقد خلقنا الله عز وجل، وأسكننا الأرض لنقوم بمهمة عظيمة، ألا وهي ممارسة العبودية له سبحانه (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56].

هذه العبودية لها حقيقة ينبغي أن يعيش المرء في أجوائها، وأن تظهر آثارها على سلوكه وتعاملاته ..

فالعبودية لله عز وجل معناها الانكسار والاستسلام التام له سبحانه، وطاعة أوامره، ودوام خشيته، والشعور بالاحتياج المطلق، والافتقار التام إليه، ومن ثمَّ دوام سؤاله، والتمسكن بين يديه، و التوكل عليه، وإخلاص التوجه له، مع حبه، وإيثار محابه ومراضيه على كل شيء... لينعكس ذلك على السلوك فيصبح همُّ المرء فعل كل ما يرضي مولاه ويستجلب به رحمته وفضله وجزاءه الذي وعد به عباده المتقين فيزداد سعيه لكل ما يقربه من الجنة ويبعده عن النار.

فالعبودية الحقيقية تعني غلبة الإيمان بالله على قلب المرء ومشاعره، فيصير حبه سبحانه أحب الأشياء لديه، وخشيته أخوف الأشياء عنده.

يطمئن إليه، ويثق فيه وفي قدرته الغير متناهية، وقربه، وعلمه وإحاطته بكل شيء، ومن ثم يتوكل عليه ويتقيه، ويحبه، ويشتاق إليه، و...

فالتوكل على الله عز وجل، ومحبته، وخشيته دليل على قوة الإيمان به والعبودية له: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) [المائدة: 23]، (فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين) [التوبة: 13]، (واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) [المائدة: 57].

وكلما تمكن الإيمان من القلب تحسن السلوك تبعاً لذلك كما قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) (1) (2).
__________
(1) متفق عليه

(2) الفهرس
__________

فالإيمان هو الدافع للاستقامة وللسلوك الصحيح (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من إمرهم) [الأحزاب: 36]، (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) [الأنفال: 1]، (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج: 32].

العبادات وسائل:
فإن كانت حياة القلب بالإيمان هي الهدف الذي به تتحقق العبودية لله عز وجل فكيف يصل المسلم لهذا الهدف؟!

أرشدنا الله عز وجل إلى الوسائل التي من شأنها أن تبلِّغنا هذا الهدف.. هذه الوسائل هي العبادات بقسميها القلبية والبدنية (يآيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 21].

فالعبادات أدوية ناجحة تحقق للقلب عبوديته التامة لله عز وجل ..

فالصلاة من شأنها أن تُشعر المسلم بخضوعه وانكساره لربه، وهي وسيلة عظيمة للاتصال به سبحانه، ومناجاته، واستشعار القرب منه، والأنس به، والشوق إليه فتكون نتيجتها زيادة خضوع المشاعر لله (واسجد واقترب) [العلق: 19]، (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) [الاسراء: 109].

وبهذا يزداد الإيمان من خلال تلك الصلاة، وتظهر آثاره في دوافع المرء وسلوكه، فتزداد مسارعته لفعل الخير، ويقوى وازعه الداخلي ومقاومته لفعل المعاصي أو الاقتراب منها فيحقق قوله تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت: 45].

والصدقة عبادة عظيمة تقوم بمعالجة القلب من داء حب الدنيا والتعلق بها .. أي أنها تطهر القلب وتزيده قوة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها) [التوبة: 103].

والصيام يساعد المرء على السيطرة على نفسه وإلزامها تقوى الله (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183].

والذكر يهدف إلى تذكُّر الله.. تذكُّر عظمته وجلاله وجماله وإكرامه فيزداد به المرء اطمئناناً وثقة وإيماناً (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 28].

وهكذا في بقية العبادات القلبية والبدنية، والتي تشكل منظومة متكاملة، يتحقق من خلال القيام الصحيح بها الهدف العظيم من وجودنا على الأرض ..

فما من عبادة أرشدنا الله إليها إلا وتُعد بمثابة وسيلة و"مَركبة" تنقلنا إلى الأمام في اتجاه القرب منه سبحانه حتى نصل إلى الهدف العظيم في الدنيا (أن تعبد الله كأنك تراه) وفي الآخرة (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم) [الزمر: 61].

تهيئة الأجواء لتحقيق الهدف:
والمتأمل لتوجيهات الشرع يجد أنها تحثنا وتساعدنا على تهيئة الأجواء المناسبة للتفاعل القلبي مع العبادات ومن ثم زيادة الإيمان من خلالها، فعلى سبيل المثال: الصلاة.. نجد أن الشرع يحثنا على تفريغ الذهن من الشواغل وعدم تعلق القلب بشيء من شأنه أن يمنعنا من التركيز فيها، فإذا حضر الطعام مع دخول وقت الصلاة يفضل البدء بالطعام حتى يدخل المرء إلى الصلاة وذهنه غير مشغول به.

وكذلك عند مدافعة الأخبثين.. قال صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) (1).

ولا ينبغي للمرء أن يُسرع في خطواته إلى المسجد ليدرك الصلاة، بل عليه أن يمشي في سكينة وهدوء، فالإسراع من شأنه أن يجعله يذهب إلى الصلاة وهو مضطرب فيصعب عليه جمع قلبه..

والحث على التبكير في الذهاب للمسجد قبل إقامة الصلاة له دور مهم في صرف شواغل الدنيا عن الذهن..

وكذلك فإن الحث على تذكر الموت قبل الصلاة من شأنه أن يستجيش المشاعر نحو الرجاء والطمع في عفو الله والخوف والرهبة من عقوبته..
__________
(1) رواه مسلم

__________

يقول صلى الله عليه وسلم:
(اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريٌّ أن يُحسن صلاته، وصلِّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها..) (1).

كل ذلك وغيره يهيء المسلم للاستفادة من الصلاة وما فيها من قراءةٍ للقرآن، وذكر، ودعاء في تحقيق هدفها بزيادة الإيمان وتحسين السلوك..

غياب الرؤية:
عندما تغيب هذه الرؤية ويصبح الهدف هو أداة العبادة، بأي شكلٍ كانت، فإن ثمرة العبادة لا تكاد تظهر للوجود، ومن ثمَّ يظل العبد في مكانه؛ فلا يتقدّم في مضمار سباق السائرين إلى الله، ولا يجد حلاوة الإيمان، ولا يشعر بتحسن ملحوظ في سلوكه، لتكون النتيجة: إنسانًا ذو شخصيتين متناقضتين؛ فقد تجده كثير الصلاة والصيام والحج والاعتمار، ومع ذلك تجده لا يؤدي الأمانة، ولا يتحرى الصدق، ويسيء معاملة الآخرين، ويحسدهم على كل خير يبلغهم.. يصاب بالهلع والفزع إذا ما تعرَّضت أمواله وممتلكاته أو دنياه لمكروه...

هذه المظاهر السلبية وغيرها تدل على أن صاحبها لم يَسْتَفِد من عباداته، ولم يتحسن إيمانه من خلالها، وبالتالي لم ينتج منها الأثر الصحيح الذي من شأنه أن يصلح السلوك والمعاملات..

وتأكيدًا لهذا التشخيص، لك أخي القارئ أن تتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورُبَّ قائم حظه من قيامه السهر" (2)..

وكذلك قوله:
(واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء قلب غافل لاه) (3).

وقوله: (ليجيئن أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار، قالوا: يا رسول الله مصلين؟ قال: (نعم كانوا يصلون ويصومون ويأخذون هنة من الليل فإذا عُرض عليهم شيء من الدنيا وثبوا عليه) (4).

فالمقصد من العبادة ليس فقط أداؤها من الناحية الشكلية، بل المهم والأهم هو أداؤها بطريقة تحقق هدفها؛ فإراقة دماء الهَدْي في الحج على سبيل المثال ليست مقصودة لذاتها، بل المقصود هو زيادة الإيمان والتقوى من خلال أداء هذه الشعيرة {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (الحج: 37).

إحسان العمل أولاً:
من هنا نقول بأنه ينبغي علينا أن نهتم بتحسين العمل ليتحقق من خلاله مقصود العبادة، ويزداد الإيمان في القلب..

وفي هذا المعنى يقول الحافظ بن رجب:
كان السلف يوصون بإتقان العمل وتحسينه دون الإكثار منه، فإن العمل القليل مع التحسين والإتقان، أفضل من الكثيرمع الغفلة وعدم الإتقان.

وقال بعضهم:
إن الرجلين ليقومان في الصف، وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض.

ولهذا قال ابن عباس وغيره: صلاة ركعتين في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساهٍ.

إن القلب هو محل نظر الله عز و جل، ومن ثمَّ فإن الأعمال تتفاضل عنده سبحانه بتفاضل مافي القلوب من إيمان ومحبة وإخلاص وخشية له، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة موافقة هذه الأعمال للشرع..

ولئن كان السير إلى الله والقرب منه إنما يكون بالقلوب، فإن وسائل ذلك هي العبادات والأعمال الصالحة التي دلنا عليها القرآن والسنة، ولكي تتم الاستفادة من هذه الوسائل في تحقيق الهدف لابد من تحسينها والاهتمام بتفاعل القلب معها، أما إذا تم التعامل معها على أنها غايات فسيصبح همّ المرء إتيانها والإكثار منها بأي شكل كان دون النظر لحضور القلب وانتفاعه بها، فيؤدي هذا إلى غياب الأثر الإيجابي للعبادات والأعمال الصالحة في حياة الفرد.
__________
(1) صحيح الجامع الصغير (849)

(2) صحيح الترغيب و الترهيب (1070)
(3) السلسلة الصحيحة (594)
(4) أخرجه أبو نعيم في الحلية.


حتى لا نخسر رمضان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

حتى لا نخسر رمضان Empty
مُساهمةموضوع: رد: حتى لا نخسر رمضان   حتى لا نخسر رمضان Emptyالإثنين 13 يونيو 2016, 12:12 am

سل الواقع
ولعل الواقع الحالي للمسلمين خير دليل على أن هناك حلقةً مفقودةً بين العبادات وأثرها؛ فعلى الرغم من كثرة عدد المصلين في المساجد، وعلى الرغم من كثرة المتطوعين بالصيام والصدقات، والمتنفلين بالحج والعمرات، إلا أننا لا نرى الأثر المتوقع لهذه العبادات..

فما أسهل أن تجد مصليًا يكذب من أجل تحقيق مصلحة أو دفع مضرة! وما أكثر أن تجد قارئًا للقرآن متقنًا لتلاوته يسيء معاملة أهله ويذيقهم الويلات تلو الويلات!... وما أكثر وما أكثر.

إن وجود هذا الانفصال بين العبادات وأثرها مردُّه -بالأساس- لتعاملٍ غير صحيح مع العبادات بحيث يفرغها من مضمونها الحقيقي، ويقصرها فقط على الناحية الشكلية.

ولعل من أسباب هذا التعامل:
- تسليط الضوء على الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال، وعدم ربطها بمقاصدها في تحقيق العبودية وزيادة الإيمان..

- كذلك فإن من أسباب هذا التعامل:
سهولة القيام بالطاعات من الناحية الشكلية فقط.. فالاجتهاد في تحقيق التجاوب القلبي مع البدني يحتاج إلى جهد -قد لا يريد الكثيرون بذله- وبالتالي يستسهلون ذلك التعامل الخاطئ.

- ومنها أيضًا:
الشعور بالرضا عن النفس عند إنجاز (كَمّ) معتبر من العبادات، فالملاحظ أنه كلما نجح المرء في الانتهاء من أداء عمل شعر بالرضا عن نفسه، وهذا الشعور يدفعه دفعًا إلى الاستمرار في هذا الطريق.

ولعل أبلغ مثال يؤكد هذا الأمر هو تلاوة القرآن في رمضان، فالتسابق في إنجاز أكبر عدد من الختمات دون فهم ولا تدبر من أسبابه الشعور بالزهو والرضا عن النفس كلما ختم المسلم ختمة فيدفعه ذلك للبدء في ختمة أخرى وسرعة الانتهاء منها، وهكذا...

تحصيل الثواب
ولئن كانت أسباب اهتمامنا بالقيام بظاهر العبادة دون جوهرها كثيرةً و متعددةً، إلا أن أهم تلك الأسباب هي الرغبة في تحصيل الثواب المترتب عليها؛ فعلى سبيل المثال قراءة القرآن، هذه العبادة العظيمة التي من شأنها أن تحييَ القلب وتنيره وتشفيَه من أسقامه، قد تحوَّلت على ألسن الكثير من المسلمين إلى ألفاظ تُقرأ بلا فهم ولا تدبر ولا تأثر، بل أصبحت الغاية من التلاوة هي قطع المسافة بين فاتحة المصحف وخاتمته في أقل وقت ممكنٍ؛ أملاً في تحصيل الثواب، وذلك عملاً بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (ألم) حرف، ولكن (ألف) حرف، و(لام) حرف، و(ميم) حرف" (1).

ومما يثير العجب أن هناك العديد من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن تدبر القرآن لتحصيل العلم والهداية والشفاء، وتذم من يقرؤه بلا فهم أو تدبر كقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: من الآية 29)، وقوله: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24)، وقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} (الفرقان: 73)).

وتأمل قوله صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عمرو بن العاص و هو يوضح له سبب نهيه لقراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام: (لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث) (2).

ورأى صلى الله عليه وسلم يومًا بعض الصحابة يقرءون القرآن فقال لهم: "الحمد لله.. كتاب الله واحد، وفيكم الأخيار، وفيكم الأحمر والأسود.. اقرءوا القرآن، اقرءوا قبل أن يأتي أقوام يقرءونه، يقيمون حروفه كما يقام السهم لا يجاوز تراقيَهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه" (3).
__________
(1) صحيح الجامع الصغير (6469)

(2) صحيح الجامع الصغير (1157)
(3) رواه ابن حبان في صحيحه
__________

ومن أقواله- صلى الله عليه وسلم-:
"إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يَدْرِ ما يقول فلينصرف، فليضطجع" (1).

وعندما نزلت آيات سورة آل عمران:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} (آل عمران: 190) قال صلى الله عليه وسلم: "ويل لمَن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر بها" (2).

وتأمل معي قوله صلى الله عليه وسلم:
"ستكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القول ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيَهم" (3).

وأقوال الصحابة في ضرورة تدبر القرآن كثيرة:
منها قول عبد الله بن مسعود:
"لا تهُذُّوا القرآن هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن همُّ أحدكم من السورة آخرها".

وقول علي بن أبي طالب:
"لا خير في قراءة ليس فيها تدبر"،

وقول الحسن بن علي:
"اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه".

وقال رجل لابن عباس:
إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: "لأن اقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحبُّ إليَّ من أن أقرأ كما تقول" (4).

وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها تسمع رجلاً يقرأ القرآن قراءة سريعة، فقالت: ما قرأ هذا وما سكت (5).

إذن فالنصوص التي تؤكد ضرورة تدبر القرآن وتفهمه وترتيله كثيرة، فلماذا لا يتم التركيز إلا على الأحاديث التي تسرد الثواب المترتب على القراءة فقط دون غيرها؟!

لا شك أن من أهداف تلاوة القرآن تحصيل الأجر، ولكن من خلال القراءة المتدبرة التي تزيد الإيمان وتُذكِّر القارئ بما ينبغي عليه فعله أو تركه فيصير القرآن حجة له لا عليه.

يقول ابن القيم:
"لو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها؛ فقراءة آية بتفكر خير من ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وتذوق حلاوة القرآن" (6).

أين الثمرة؟
لقد جرَّبنا القراءة السريعة، وكان هَمُّ الواحد منا الانتهاء من ختم القرآن، بل كان بعضنا يتنافس في عدد مرات الختم، خاصةً في رمضان، فأي استفادة حقيقية استفدناها من ذلك؟! ماذا غيَّر فينا القرآن؟! أيُّ تحسُّن حدث في أخلاقنا ومعاملاتنا نتيجة كثرة القراءة باللسان والحناجر فقط؟
__________
(1) صحيح الجامع الصغير (717)

(2) رواه ابن حبان في صحيحه
(3) رواه الإمام أحمد في مسنده
(4) فضائل القرآن لأبي عبيد الهروي
(5) الزهد لابن المبارك (1197)
(6) مفتاح دار السعادة لابن القيم
__________

إحسان ثم إكثار:
ليس معنى هذا الكلام هو الزهد في الأجر والثواب المترتب على أداء العبادات، بل المقصد هو إحسان العبادة أولاً، مع الاجتهاد في حضور العقل وتفاعل القلب معها، ثم لنكثر منها بعد ذلك ما شئنا، فنجمع بين الأمرين وننال الخيرين.

بل إن الثواب المترتب على الأعمال يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحضور القلب أثناء القيام بها...

يقول ابن القيم:
"وكل قول رتَّب الشارع ما رتَّب عليه من الثواب، إنما هو القول التام، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائة مرة حُطَّت عنه خطاياه، أو غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر"، وليس هذا مترتبًا على قول اللسان فقط..

نعم، من قالها بلسانه غافلاً عن معناها معرضًا عن تدبرها، ولم يواطئ قلبه لسانه، ولا عرف قدرها وحقيقتها، راجيًا مع ذلك ثوابها، حُطَّت من خطاياه بحسب ما في قلبه؛ فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدًا وبين صلاتهما ما بين السماء والأرض (1).

الفهم الصحيح أولاً
إن الفهم الصحيح لمقاصد العبادات، وأنها وسائل لا غنى عنها لإحياء القلب بالإيمان، هو الخطوة الأولى على طريق الاستفادة الحقيقية من تلك العبادات، وسيكون من نتاج ذلك الفهم- بإذن الله- البحث عن كيفية إحسان العبادة.

ففي الصلاة:
سيكون الهمُّ هو حضور القلب فيها، وهذا يستدعي التبكير إلى المسجد، والتفكر في الآيات المقروءة، والاطمئنان في الركوع والسجود، وكثرة المناجاة والدعاء والتبتل و...

وفي الذكر:
سُيقرنه الذاكر بالتفكر فيه، فيستغفر مستحضرًا ذنوبه وتقصيره في جنب الله، نادمًا على ما أسلف، مستحضرًا عظمة مَن عصاه، وسيقرن التسبيح متفكرًا في مظاهر عظمة الله وقدرته وإبداعه، كما يقول الحسن البصري: "إن أهل العقل لم يزالوا يعودون بالذكر على الفكر وبالفكر على الذكر حتى استنطقوا القلوب فنطقت بالحكمة" (2).

حتى لا يضيع علينا رمضان
إذا أسقطنا هذا المفهوم على رمضان فإن تعاملنا معه سيختلف عن ذي قبل و سنجتهد في الانتفاع الحقيقي به.

إن هذا الشهر يمثل فرصة ذهبية لإحياء القلب وعمارته بالإيمان وانطلاقه في رحلة السير إلى الله، لما قد اجتمع فيه من عبادات متنوعة مثل الصيام، والصلاة، والقيام، وتلاوة القرآن، والصدقة، والاعتكاف، والذكر، والاعتمار، و...

هذه العبادات إذا ما أحسنَّا التعامل معها فإن أثرها سيكون عظيمًا في إحياء القلب وتنويره وتأهيله للانطلاق في أعظم رحلة: "رحلة السير إلى الله".

أما إن تم التعامل معها بصورة شكلية محضة فسيبقى الحال على ما هو عليه.. ستبقى الأخلاق هي الأخلاق، والنفوس هي النفوس، والاهتمامات هي الاهتمامات... والواقع هو الواقع، وستستمر الشكوى بعد رمضان من الفتور وضعف الهمة والتثاقل نحو الأرض..
__________
(1) مدارج السالكين لابن القيم

(2) إحياء علوم الدين
__________

الغنيمة الباردة:
ولعل من أهم الامور التي تُعين المسلم بإذن الله على الاستفادة من رمضان هو إدراكه أن هذا الشهر يُعد بمثابة (الغنيمة الباردة) التي يمكنه من خلالها إيقاظ الإيمان و تجديده في قلبه والتزود بالتقوى، وأن هذه الغنيمة لا يمكن إدراكها من خلال القيام بأشكال العبادات دون تحرك القلب معها، وهذا يستدعي منه تفرغاً -إلى حد ما- من الشواغل التي تشوش على عقله، وتصرفه عن الحضور التجاوب القلبي مع الأداء البدني للعبادات.

ويحتاج الأمر كذلك إلى عدم إجهاد البدن قدر المستطاع، فكلما أُجهد البدن ثقلت العبادة وغاب أثرها على القلب.

ومما يدعو للأسف أن البعض يظن أن قيامه بنوافل العبادات -كصلاة القيام- و هو في حالة من الإجهاد البدني والشعور الشديد بالتعب أفضل من عدم قيامه بها، لأنه لو تركها وأخلد للراحة بصورة مؤقتة فستفوته تلك النافلة مع الجماعة، وهذا -بلا شك- نتيجة لغياب الفهم الصحيح لحقيقة العبودية، ولقد مر علينا قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فلينصرف، فليضطجع) وليس معنى هذا هو سرعة الاستسلام للشعور بالتعب والإجهاد، ولكن لابد من إعطاء البدن حقه من الراحة حتى نستطيع -بعون الله- القيام بالعبادة و عقولنا وقلوبنا حاضرة معها قدر المستطاع.

ولك -أخي القارئ- أن تتأمل قوله تعالى:
(ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) [النساء: 43] ففي مرحلة التدرج في تحريم شرب الخمر، كان التوجيه بعدم شربها قبل الصلاة حتى لا تُذهب العقل فلا يدري المصلي ما يقول، أي أن التركيز في الصلاة وفهم ما يقوله المرء أو يسمعه أمر ضروري يتحقق من خلاله مقصودها.

فماذا تقول عمن يدخل إلى الصلاة وهو شارد الذهن ويغلبه النعاس فيبدأ الصلاة وراء الإمام برفع يديه بالتكبير ثم يفاجأ بالتسليم؟! هل بهذا الشكل يزداد الإيمان والتقوى؟!

في رمضان العمل مع أنفسنا أهم واجباتنا:
فإن قلت: ولكن ماذا أفعل وفي رمضان تزداد الأعمال الخدمية والاجتماعية مما يؤثر بالسلب على إتقان العبادة؟

إن الحركة وسط الناس مطلوبة لتوجيههم ودعوتهم إلى الله، ومساعدتهم، وإسداء الخير لهم، ولكي يستفيد المسلم من هذه الحركة لابد وأن تنطلق من إيمان حي، ونفس مزكاة، فإن لم يحدث هذا كانت النتيجة سلبية كما قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يعلم الناس الخير، وينسى نفسه، مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها) (1).

ويقول الرافعي:
إن الخطأ أكبر الخطأ أن تنظم الحياة لمن حولك وتترك الفوضى في قلبك..

وشهر رمضان فرصة عظيمة لشحن القلب بالإيمان، وترويض النفس وتزكيتها، فإن ضاعت من المسلم هذه الفرصة فأي حال سيكون عليه قلبه وإيمانه؟

فمن لم يحيي قلبه في رمضان فمتى يحييه؟ ومن لم يتزود بالإيمان في رمضان فمتى يتزود؟

من هنا نقول أنه ينبغي علينا الإستفادة من شهر رمضان على المستوى الفردي أكثر من المستوى الاجتماعي حتى نستطيع أداء واجباتنا الاجتماعية طيلة العام..

وليس معنى هذا هو الاعتكاف التام عن الناس طيلة الشهر، ولكن المقصد هو تخفيف الجرعة، وهذا يستدعي منا إنهاء ما يمكن إنهاؤه من واجبات اجتماعية وخدمية قبل قدوم رمضان أو بعد رحيله، والإقلال قدر المستطاع من الزيارات العائلية، والإفطارات المجمعة، وكيف لا وشهر رمضان (أياماً معدودات) سرعان ما تنقضي.

لقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل عام العشر الأواخر من رمضان، وفي العام الذي تُوفي فيه اعتكف عشرين يوماً.. أي ثلثي الشهر، فماذا تقول بعد ذلك وأي حجة ستسوقها لتبرر لنفسك عدم التركيز في العبادة وتحصيل الزاد من خلال منظومة العبادات في شهر رمضان؟!

إن التخطيط الجيد لتنفيذ الأعمال الاجتماعية، والمساعدات الخيرية، والحرص الشديد على الوقت وتنظيمه يساعد بإذن الله على تحقيق مصلحة الفقراء دون الإخلال ببرنامج الاستفادة الحقيقية من رمضان وبهذا نجمع الخيرين.
__________
(1) صحيح الجامع الصغير (5837).


حتى لا نخسر رمضان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

حتى لا نخسر رمضان Empty
مُساهمةموضوع: رد: حتى لا نخسر رمضان   حتى لا نخسر رمضان Emptyالإثنين 13 يونيو 2016, 12:55 am

فكل نبي يدعو قومه إلى التقوى وجاء القرآن كله دعوة إلى التقوى وهداية المتقين كما في مطلع القرآن الكريم: {ألم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}، وبيَّن نوع هدايتهم وطريقة عبادتهم: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

فبين أن الكتاب الكريم كله إنما هو هداية للمتقين وبيان أعمالهم في العقائد والعبادات وأنها مرتبطة بالتقوى وارتبطت بها نتائج عظام عاجلا وآجلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} حتى طريق العلم: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} ولو وقع في مأزق جاءته التقوى فأخرجته: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} ولأن التقوى تمنح معية نصر الله للمتقين: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.

وعلى هذا تكون التقوى مصاحبة لهم في الدنيا تصونهم وتحفظهم وتكون لهم وقاية وسترا وكلما جاء الصوم جددها وقواها واكتسبت حصانة ووقاية إلى عام قادم وهكذا كل عام في رمضان فإذ انتقل من الدنيا لازمته التقوى وساقته إلى أقصى غايته وأمانيه ابتداء من المحشر فيساق إلى الجنة: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} وبعد دخولهم الجنة تأتي التقوى فتحلهم مقاما أمينا: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} ثم تنزلهم منزلة عزٍ لا يتطلعون إلى غيره: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}.

وصدق الشاعر في قوله:
ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد
وتقــــوى الله خير الزاد ذخرا ... وعند الله للأتقى مزيد


ومن نعم الله على هذه الأمة أن يجعل ذلك لنا في الصوم وجعله جُنة نتقي بها كل ما نخشاه وننال بها كل ما نتمناه وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصوم جُنة" كما في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين ..."، إلى آخر الحديث..

وعند النسائي: "الصوم جنة ما لم يخرقها"، زاد في الأوسط: قيل بم يخرقها؟ قال: "بكذب أو غيبة" ولعل هذا إشارة إلى الكف عن جميع المعاصي كما نبه عليه حديث: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

وهنا في جُنة الصائم لم يطالب بترك الزور والعمل به فحسب لأن ذلك مطالب به في كل وقت ولكنه طولب بترك ما هو له من حق الرد على المعتدي وإسكاته والانتصار لنفسه فإن شاتمه أحد يترك حق الرد عليه وإن كان حقا له ومباحا له إلا أن حق الصيام مقدم وأثر الصوم له فعاليته فكما ترك الطعام والشراب وغيرهما المباحين ومحض حلال له فكذلك يترك حق الرد على من سبه أو شتمه أو قاتله ويرد عليه بقوله: "إني صائم" أن ممسك عن ذلك وفيه وقاية من مجاراة السفهاء والمعتدين لأن الصائم إنسان مثالي ومسلم مسالم بجميع جوارحه لأن التقوى تملأ قلبه فيفيض إخلاصا ومحبة وخشية وخشوعا، ويطهر من الحقد والحسد، والتقوى ستظهر في منطوق لسانه فيكف عن الكذب والغيبة وعن المسابة والمشاتمة بل وعن الرد على من يسبه أو يشتمه..ويقابل الإساءة بالإحسان: "إني صائم".

ومثله العين تجللها الوقاية وتحجبها عن النظر المحرم وكذلك الأذن في سماعها وتسمعها وهكذا بقية الجوارح تصبح في وقاية تامة عن كل منهي عنه على ما سيأتي بيانه فيما ينبغي على الصائم فعله أو تركه وكفى بالصوم خصاصية أن اختصه تعالى لنفسه دون بقية الأعمال كما في الحديث القدسي: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".

وللصيام منزلة خاصة بين الأعمال؛ ومما أجمع عليه المسلمون أن الصيام أفضل العبادات وتقدم بيان عظم نتائجه من تقوى الله تعالى.. ومما يدل على علو منزلته وعظم مكانته أن الله تعالى اختصه لنفسه دون سائر الأعمال وتولى الجزاء عليه لعظيم أجره كما في الحديث القدسي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" ويعد هذا الحديث أعظم مبرز ومظهر لفضل الصيام وبيان منزلته عند الله وهذا الجزء من الحديث يشتمل مسألتين، الأولى بيان أجر الأعمال ومضاعفتها.

والثانية منزلة الصوم عند الله تعالى؛ أما مضاعفة الأعمال فقد نص هنا عن الحسنة بعشر أمثالها وهذا مبدأ عام تقرر ليلة الإسراء والمعراج لما فرض الله على الأمة خمسين صلاة وراجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه في التخفيف حتى استقرت إلى خمس وقال الحسنة بعشر أمثالها فكانت الصلوات الخمس بدلاً من الخمسين صلاة الأولى وتقرر مبدأ في الإسلام وحداً أدنى لمضاعفة الأجر عند الله.

أما الحد الأقصى فلا حد له فقد يضاعف الأجر بحسب الأعمال أو باعتبار حال أهلها فمنها ما يضاعف إلى مائة ومنها إلى سبعمائة. بل وأضعاف كثيرة وإلى ما لا يعلم قدره إلا الله فمن الأعمال التي تضاف إلى سبعمائة وأكثر الإنفاق في سبيل الله لعظم منزلة الجهاد لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}.

وقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال عند الله عز وجل سبع: عملان موجبان، وعملان بأمثالهما, وعمل بعشر أمثاله, وعمل بسبعمائة, وعمل لا يعلم ثوابه إلا الله عز وجل؛ فأما الموجبان فمن لقي الله يعبده لا يشرك به شيئا وجبت له الجنة. ومن لقي الله قد أشرك به وجبت له النار. ومن عمل سيئة جزي بها. ومن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها جزي مثلها، ومن عمل حسنة جزي عشرا. ومن أنفق ماله في سبيل الله ضعفت له نفقته الدرهم بسبعمائة والدينار بسبعمائة، والصيام لله لا يعلم ثواب عامله إلا الله عز وجل".

ففي هذا الحديث تفاوت الأعمال موجبان للجنة أو النار كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} وقال صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة" وعملان بمثلهما السيئة بواحدة ما لم يتب منها والعزم على الحسنة ما لم يتمكن من فعلها له حسنة فإن فعلها فله عشر حسنات؛ وفي الحديث: "من هم بسيئة ولم يعملها وكان تركه إياها لوجه الله فإن له بهذا الترك حسنة".

أما الإنفاق في سبيل الله فإنه يضاعف مئات المرات بحسب إخلاص العبادة وقوة رغباتهم وطواعيتهم وإيثارهم لما عند الله تعالى وتقديم غيرهم على أنفسهم ثقة منهم بما عند الله عز وجل ولو كانوا في حاجة ماسة لأن الإنفاق وقت الحاجة والفقر أعظم منه عند السعة والغنى كما قال صلى الله عليه وسلم في فضل الإنفاق أنه جهد المقل وفي الصحة والشباب وهو يرجو الغنى ويخشى الفقر لأنه يغالب شح النفس ومصداق ذلك في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

لأن مقياس الإنفاق بحسب دوافع النفس وأحاسيسها لا بكثرة المال وتعداده كما قال صلى الله عليه وسلم: "درهم سبق مائة ألف درهم" فقال رجل: كيف يا رسول الله؟ قال: "رجل له مال كثير فأخذ من عرضه -أي من جانبه- مائة ألف تصدق بها ورجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به".

فلم يسبق الدرهم الواحد هنا مائة ألف لتميزه عنها في جنسه ولا لغلاء سعره فهو وإن كان نسبته واحدا من مائة ألف بالنسبة للإنفاق إلا أنه من جهة أخرى نسبة واحد من اثنين أي نصف مال صاحبه فكأنه تصدق بنصف ما يملك في هذا الدرهم الواحد أما صاحب المائة ألف فإن نسبة ما تصدق به نسبة جزء من كل وقد لا يؤثر عليه ولا يشعر به فهذه منزلة الأعمال عمومها وخصوصها من حسنة إلى سبعمائة إلى مائة ألف بحسب الدوافع ونوازع النفس.

أما بالنسبة إلى الصوم لأنه فوق هذا كله وهو داخل في خصوص قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: "الصوم نصف الصبر".

أما المنزلة العظمى للصوم فهي في قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، مع أن جميع الأعمال لله وجميع الجزاء عليها من الله تعالى ولكنه خص الصوم بهذه الإضافة فقيل في ذلك إنها إضافة تشريف كالإضافة في "بيت الله".

وقيل لأن الصائم ليس عليه رقيب إلا الله كما في الحديث: "يدع طعامه وشرابه من أجلي" وقيل لأن الله يحفظه لصاحبه يوم القيامة إذا تقاضى الناس بالحسنات وأخذ ممن عليه الحق من حسناته توفية لصاحب الحق حتى تنفذ فلم يبق إلا حسنات الصوم فيقول الله: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" إلى غير ذلك مما يعظم جوانبها كلها من مراقبة الله تعالى وإخلاص العمل إليه واستشعاره طيلة صومه أنه في عمل اختصه الله لنفسه قيل أيضا إن الله اختصه لنفسه لأن الصائم يتصف بصفة من صفات الله تعالى وهي عدم الطعام والشراب وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخل الجنة فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به، قال: "عليك بالصوم فإنه لا مثل له".

وفي الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله ومن دخله لم يظمأ أبدا" وإذا كانت هذه منزلة الصوم عند الله تعالى فإنها لمن صان صومه وحفظه كما تقدم عنه صلى الله عليه وسلم: "والصوم جُنة ما لم يخرقها" أي بكذب أو غيبة.

ولأن الصوم يتفاوت أيضاً بحسب الأشخاص وشدة المراقبة والإخلاص وليس هو مجرد الإمساك عن الطعام والشراب فحسب بل عن كل ما نهى عنه ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" أي إذا لم يصم لسانه أو بصره أو سمعه بل ولا قلبه وعموم جوارحه لأن الصوم في حقيقته عبادة البدن كله طيلة اليوم كله.

فالصائم في مجاهدة النفس من الفجر إلى الليل شهرا كاملا وقد جمعت له الصلاة في قيام الليل والزكاة في منتهاه فخص هذا الشهر المبارك بثلاثة أركان الإسلام ولذا فإن المسلم فيه ينعم في رحاب الجَنَّة نهاره صائم وليله قائم ومنتهاه إنفاق في سبيل الله.

وهنا نسوق حديث ابن عباس مرفوعا روي عنه: "إن الجنة لتزين من السنة إلى السنة لشهر رمضان فإذا دخل شهر رمضان قالت الجنة: اللهم اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك سكانا وتقول الحور العين: اللهم اجعل لنا من عبادك أزواجا من صان نفسه في شهر رمضان فلم يشرب فيه مسكرا ولم يرم فيه مؤمنا بالبهتان ولم يعمل خطيئة زوجه الله كل ليلة مائة حوراء... إلى قوله: فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله أن تفرِّطوا فيه فقد جعل الله لكم أحد عشر شهرا تتنعمون فيها وتتلذذون وجعل لنفسه شهر رمضان فاحذروا شهر رمضان".

وفقنا الله جميعا لحفظه والوفاء بحقه وأسكننا فسيح جنانه ولعظم منزلة هذا الشهر فإن له آدابا وأحكاما.

آداب الصيام وأحكامه
كل عمل جليل له آدابه وأحكامه أداء لحقه وحفاظا عليه ورجاء لفضله ومن ذلك الصيام وقد تقدم لنا من آدابه صوم جميع الجوارح في النطق والعمل بل وفي التفكير.. يصوم المسلم عن جميع ما نهى الله بل وعن بعض ما أباحه الله له.

أما أحكامه فمحلها كتب ودروس الفقه وتأتي حسب السؤال والاستفتاء بحسب ما يعرض للإنسان.

إلا أن هناك أحكاما عامة تتصل بالآداب من جهة مراعاتها مما ينبغي تذكير الصائم بها.. وهي تتعلق بمأكله ومشربه وأفعاله وأقواله. من ذلك التحري للمأكل الحلال ليكون عونا على طاعة الله. وليكون ذلك تعويدا على كسب الحلال والتحري عن الشبه طيلة العام فيرجح إذا وزن ويوفي إذا كال ولا يطفف إذا اكتال ولا يغش ولا يدلس ولا يختلس إلى غير ذلك من أنواع النقص في المعاملات التي تُدخل عليه مالا حراما.

إذ الواجب عليه المطعم الحلال دائما وفي رمضان بالأخص لأنه لا يليق به الصوم عن الحلال وإباحته لنفسه الكسب الحرام.

ثم يأتي بعد ذلك آداب وأحكام المطعم والمشرب وهما وجبتا السحور والإفطار يعتبر السحور في رمضان خصوصية من خصوصيات هذه الأمة لأنه لم يكن للأمم الماضية في صيامهم سحور ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "فرق ما بيننا وبينهم أكلة السحر".

إذا كان الصيام عند من قبلنا وفي أول الإسلام يحرم على الصائم الأكل والشرب والوطأ من حين ينام أو يصلي العشاء فأيهما حصل أولا حصل به التحريم، فيمسكون من صلاة العشاء إلى الغد حتى تغرب الشمس، وتكون مدة الإفطار هي مدة ما بين المغرب والعشاء فقط. وإذا نام بعد المغرب وقبل العشاء حرم عليه الأكل، إلى أن جاء رجل من مزرعته بعد المغرب فذهبت زوجته تحضر له الطعام، فغلبته عينه فنام فلم يستطع أن يأكل ولا يشرب، وأمسك لليوم الثاني وأصبح صائما فأغمي عليه في النهار فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم..

ووقع من رجل أن جاء إلى أهله فقالت إني قد نمت فظنها تمنع عليه فواقعها ثم تبين له أنه اختان نفسه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى قوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.

ونسخ المنع السابق وأبيح لنا الأكل والشرب والنساء، ومع إباحة الأكل والشرب طيلة الليل إلا أنه عمل عادي لكن أكلة السحر هي الرئيسية المرتبطة بالصوم ولذا أكدها النبي صلى الله عليه وسلم لأنها رخصة من الله امتن بها علينا ومن هنا يستحب تأخيرها لتحقق معنى امتداد الإباحة إلى آخر الليل فجاء عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بها: "تسحروا فإن في السحور بركة".

والأمر بتأخيرها لتكون عونا على صيام النهار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "إنها بركة أعطاكم الله فلا تدعوها" وقال: "استعينوا بطعام السحر على صيام النهار والقيلولة على قيام الليل" ونهى صلى الله عليه وسلم عن تقديمه في قوله: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور".

وإن ذلك يحصل ولو بالقليل من الطعام أو الشراب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين".

وكان سحور السلف قبل الآذان بما يتسع لقراءة خمسين آية مع أنه يجوز إلى قبيل الفجر بلحظات.

أما الإفطار فينبغي تعجيله عند أول لحظة من الليل أي عند تحقق دخول الوقت كما تقدم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه البخاري ومسلم.

فلا يصح لإنسان بعد ذلك أن يؤخر الفطر إمعانا في التأكد فقد حذر صلى الله عليه وسلم من التأخير إلى طلوع النجوم في حديث سهل ابن سعد عند ابن حبان: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم".

وفي حديث أنس أيضا: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلى المغرب حتى يفطر ولو على شربة ماء".

أما على أي شيء يكون إفطاره فجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور".

وجاء أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر على ثلاث تمرات أو شيء لم تصبه النار.

ووردت أدعية وأذكار عند الفطر لأنه جاءت نصوص في أن للصائم دعوة عند فطره ومن الأذكار: "اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت".

وفي المبادرة إلى الفطر سر لطيف هو الإشعار بأن العبد ضعيف وكان ممنوعا من رزق الله وقد جاء له الإذن بتناوله فلا يجمل به التأخر بل يبادر فرحا بنعمة الله عليه كما جاء في الحديث: "للصائم فرحتان إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه".

ويستحب له أن يفطر غيره معه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من فطَّر صائما كان له كأجر صيامه لا ينقص من أجورهما شيئا ويحصل ذلك ولو بمزقة لبن أو نحوه".

أما ما بين السحور والإفطار فيجتنب شبهات الإفطار أو ما يؤدي إليه ومن ذلك المبالغة في الاستنشاق خشية أن يسبقه الماء إلى حلقه.

ومنها الحجامة سواء الحاجم أو المحجوم أما الحاجم فخشية أن يتسرب الدم إلى فمه والمحجوم فخشية أن يضعف ويحتاج إلى الفطر وهذا ما عليه الجمهور وعند الحنابلة رواية أنها تفطر لما ورد من الأحاديث المتعددة فحملها الجمهور على الكراهية وحملها الحنابلة على التحريم ولهذا بحث مستقل إن شاء الله.

كما عليه أن يتجنب مثيرات القيء لأن إثارته مفطرة أما إذا جاءه عفوا وغلبه فإنه لا يفطر.

كما عليه أن يتجنب مداعبة أهله إذا خشي من نفسه كما قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل نسائه وهو صائم وأيكم أملك لأربه" أي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد نهى صلى الله عليه وسلم الشباب عن التعرض لما يخشى وقوعه.

كما أن عليه أن يكثر من تلاوة القرآن كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام كان يدارسه القرآن في رمضان كل سنة مرة وفي السنة الأخيرة دارسه القرآن مرتين إحياء لبدء نزوله في رمضان.

وأن يكثر من الصدقات كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود ما يكون في رمضان حينما يدارسه جبريل القرآن.
وللقرآن منهج خاص في تشريع الصيام آمل أن ييسر الله تقديمه والاستفادة منه.

والله نسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


حتى لا نخسر رمضان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
حتى لا نخسر رمضان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لماذا نخسر اشخاصاً نــريــدهم في حيــاتنا ؟
» تاسعًا: لماذا أعْتَمِرُ في رمضان؟ (نِيَّة العُمرة في رمضان)
» لعله آخر رمضان رمضان فرصة ربما لا تعوض
» غرة رمضان
» أدرك رمضان وعليه قضاء رمضان آخر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: شـهــــــر رمـضـــــــان الـمـبـــــــارك :: الكـتـابـات الرمضـانيـة-
انتقل الى: