ضيف الحلقة :
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
موضوع الحلقة :
أسماء الله الحسنى ( الوارث جل جلاله )
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، اللهم لم الحمد كما تحب وترضى نحمدك الساعة حمدا نبتغي به الرضا ونشكرك الساعة شكرا نبتغي به المزيد.
إخواني وأخواتي يتجدد اللقاء بكم مرة أخرى اللقاء القدسي اللقاء العلوي اللقاء الروحي فنقول بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في رحلة مباركة نستأنس بها ومعها كيف لا والحديث عن ملك الملوك والكلام عن الله جل في علاه عندما نتكلم عن الله فالنفوس تأنس وعندما نتكلم عن الله الأجساد تضطرب وعندما نتكلم عن الله عز وجل القلوب تفرح وعندما نذكر الله بألسنتنا فإننا نؤمل في ربنا جل في علاه أن يذكرنا في الملأ الأعلى سبحانه وتعالى قيا رب الساعة الساعة نريدك أن تذكرنا في نفسك يا الله اللهم الساعة الساعة كفانا أن تذكرنا في نفسك الساعة الساعة وأن تذكرنا في ملئ خير من الملأ الذي نحن فيه فارفع قدرنا جميعا وطيب حياتنا جمعيا وأعظم أجرنا جميعا يا رب العالمين.
إخواني وأخواتي الأسماء الحسنى بداية التعرف على الله عز وجل سبحانه وتعالى وبداية المعرفة بالله عز وجل أن نعرف صفات الكمال وصفات الجمال وصفات الجلال فإذا عرفناه فإننا سنحبه جل في علاه وإذا عرفناه حق المعرفة فلاشك بداية الحب وبداية الرجاء وبداية الخوف وبداية الاستعانة وبداية التوكل كل هذه الأمور مرتبطة بالمعرفة لذلك أركز مع نفسي ومعكم أن نستأنس في هذه اللحظات بمعرفة اسم الله (الوارث جل في علاه ) الوارث اسم من أسماء الله الحسنى وأعود مرة أخرى أذكركم بهذا الحديث العظيم الحديث الذي هو مفتاح من مفاتيح الجنة يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة ) فنحن الآن في مجلس أو في باب من أبواب الجنة أن نحصي هذا الاسم الوارث جل في علاه وحتى تحصي هذا الاسم فلابد من معرفته ولابد من العلم به ثم بعد ذلك الفهم عن الله ورسوله ثم أن تعرف الأسرار والأبعاد والأغوار عن هذا الاسم ثم تبدأ في التطبيق الحقيقي العملي في التعبد بهذا الاسم في أن تستظل تحت ظلال هذا الاسم العظيم الوارث جل في علاه فما معنى الوارث؟
الوارث إخواني وأخواتي الباقي الذي يبقى بعد فناء خلقه سبحانه وتعالى ، الوارث في اللغة العربية من تؤول إليه الأشياء من تؤول إليه الممتلكات من تؤول إليه كل شيء ملكه من كان قبله فالميراث بعد أن يموت فلان ويموت الآخر فإن الورثة هم الذين يرثون الأموال يرثون العقارات يرثون هذه الأمور ثم بعد ذلك يأتي الذي بعده والذي بعده والذي بعده وهكذا وفي النهاية كل هذه الأشياء إنما هي ملكية ليست حقيقية إنما هي ملكية مجازية بمعنى أن الله جل في علاه هو المالك الحقيقي هو المتصرف الحقيقي هو المالك خلقا وتصرفا وأمرا ومصيرا كذلك فماذا يعني ذلك أنه الوارث الباقي الذي يرث كل الخلائق وهناك آيات مباركات من خلال تلاوة هذه الآيات تتضح المعالم بأوسع من هذا المفهوم الذي نتكلم عنه فاسمع يا رحمك الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ) الوارث يرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( صراط الله الذي له مافي السماوات ومافي الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ) تصير لمن إذا لم يكن الأمر لله سبحانه وتعالى الوارث هو الباقي بعد فناء خلقه فهو الملك المتصرف خلقا وأمرا وتصرفا وتدبيرا وفي النهاية تصير الأمور إليه سبحانه وتعالى .
إخواني كثير من سلوكياتنا تتغير وتتبدل عندما ندرك ونفهم هذا المفهوم العظيم أن ندرك يا أخواني ويا أخواتي أننا نعيش في هذه الحياة ونتصرف في هذه الدنيا وكأننا نملك الأمر لكن يوم أن تضح الحقيقة أن البيت ليس بيتك المال ليس مالك هذا الجسد الذي أنت تتنعم به أمانة عندك سيسترجع في يوم من الأيام بيتك مملكتك الصغيرة أرضك الملك الذي أنت فيه كل هذه الأشياء ستؤول إلى الله الواحد الوارث سبحانه وتعالى ، انظروا هذا الأعرابي البسيط الذي يرعى الإبل كيف يعلمنا هذا المبدأ العجيب ومن خلال هذا المبدأ تتغير مفاهيمنا تماما سئل أحد الأعراب الذين يرعون الإبل قيل له لمن الإبل قال لله وهي في يدي أمانة ، الله أكبر قال لله وهي في يدي أمانة قال لله وهي في يدي أمانة انظروا هذا المفهوم لو أن الدنيا تدرك هذا المعنى من هذا الراعي البسيط أن جسدك أمانة هل ستورث الله عز وجل شيئا يأتي يوم القيامة والله عز وجل يجد فيه خللا لا يمكن ذلك هذا اللسان الذي تتكلم به تحب أن يأتي يوم القيامة وهو نظيف من ذكر الله أقصد نظيف وطاهر وطيب بذكر الله عز وجل تحب كذلك أن تأتي العيون والآذان والأيدي والأرجل والأقدام وكل الجسم هذا وقد عبد الله ويأتي إلى الله عز وجل سبحانه وتعالى والله هو الوارث ماذا يرث يرث منك كل شيء صوابا لأنه أعطاك إياه أعطاك إياه صوابا وأمنك إياه فيجب أن يعود كما أراد الله عز وجل يقول أحد السلف نقلا من حديث أو من أثر من أثر يقول فيه ( كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ) هذا الأثر نقلا عن أحد السلف عن حديث قدسي عن الله عز وجل سبحانه وتعالى .
اسمعوا كذلك يا أخواني هذه الآية المباركة ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ) مما جعلكم مستخلفين فيه فالأمر لا نملكه إنما ماذا نملك نملك أننا سنعود إلى الله وأن الله عز وجل هو الوارث .
يا إخواني كلكم يدعو الله عز وجل بهذا الدعاء الذي ندعو به دائما ونسمعه كثيرا ( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ) وبعدين ( ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ) واجعله الوارث منا هل أدركنا ماهذا المعنى سنعود إليه بعد قليل لكن اسمعوا هذه الآية ( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله ) طيب أنا لو فهمت أن الأمر سيعود إلى الله وأنه هو الوارث ما التصرف الطبيعي ( فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون )
إخواني سلوكيات كثيرة عندنا سوف تتغير وتتبدل لو علمنا وأدركنا البعد في اسم الله الوارث سبحانه وتعالى ما الذي يجعل أحدنا يتردد في النفقة لأنه في شعوره أن هذا المال سيخرج منه ولا يعود وفي شعوره أن هذا المال لن يعود إليه وفي شعوره كذلك أنه هو الذي جمع المال وهو الذي أتى بالمال وهو المتصرف في المال وأن المال ملكه وأنه حر في التصرف فيه وأنه وأنه لكن يوم أن يدرك ، اسمعوا ماذا يقول الله ( ومالكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض ) اسمع هذه الآية المباركة وتنعم بهذا المعنى الجميل ( إنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ) ويظهر هذا المعنى بجلاء يوم القيامة اسمعوا ماذا يقول الله ( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) سبحانه وتعالى فالله عز وجل سبحانه وتعالى هو الوارث سبحانه جل في علاه ، السؤال الذي أطرحه دائما على نفسي وأطرحه على إخواني وأخواتي كيف نعيش باسم الله الوارث في حياتنا اليومية نحن نعلم أن الله هو الوارث لكن كيف نعيش به أولا هذا الاسم مقياس لتصرفاتك الحقيقية مقياس لتصرفاتك الدقيقة في الحياة فإذا عرفت أن الله هو الوارث فلتدرك تماما أنك وجسدك وتصرفاتك وحياتك كل شيء أمانة عندك إذا أتقن هذه الأمانة وأحسن إلى هذا الجسد وأحسن إلى من حولك ليعود كل شيء إلى الوارث الحقيقي وهو الله عز وجل أم أنك تريد أن تلقى الله عز وجل بوجه لا يحبه الله أم أنك تريد أن تورث الله عز وجل شيئا لا يحبه الله عز وجل منك الله يرث الحسنات ، السيئات ، الأعمال ، الممتلكات، كل شيء في الوجود فلتعلم انك عائد إليه إذا ستبدأ التصرفات تتغير عندك ، مثال بسيط أنت أيها المدخن هذا اللسان لو أيقنت – كمثال فقط – أن هذا اللسان إنما وجد ليذكر الله وأنه سيورث أي أنك ستأتي به أمام الله عز وجل هل ستواصل هذا الأمر ما أعتقد ذلك أبدا إذا دائما خذ هذه القاعدة أن الله هو الوارث سبحانه وتعالى.
إخواني ووقت الحلقة الآن على النهاية ولا يسعني إلا أن أذكر نفسي وإخواني بأننا سنعود إلى الله عز وجل فلابد من حساب ولابد من وقفة ولابد من تأمل ولا بد من وقوف مع الذات وأستودعكم الله عز وجل سبحانه وتعالى ولكم مني في هذه الساعة الحب ولكم مني في هذه الساعة الدعاء الخالص بأن يحفظنا الله عز وجل وأن نلقاه يوم القيامة وهو راض عنا والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.