ضيف الحلقة :
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
موضوع الحلقة :
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعوته لأهل الخير )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله أيها الإخوة والأخوات والأبناء والبنات مع هذا اللقاء الجديد ودعونا كلنا نرحل بقلوبنا وأرواحنا مع رسول الله.
مع رسول الله في دعوته دعونا نشرف على موقف له دلالة عظيمة بالغة نحتاج إلى أن نربيها في قلوبنا.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله في المدينة بعد الهجرة فداء... المدينة احتوت مع أهلها الذين كانوا فيها المهاجرين إلى الله ورسوله والذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاسمون الناس عيشهم المحدود ويصبرون في ذات الله عز وجل جميعا على اللئواء والشدة حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم في صبيحة كل يوم بين كل رجلين مدا من التمر والمد من التمر حفنة ملء كفي الرجل يقسمها بين اثنين تقيم أودهما يومهما ذلك كله وبقي النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال إلى سنة سبع وفي سنة سبع سار النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين معه لآخر جولات المنازلة التي نازل فيها النبي صلى الله عليه وسلم اليهود إلى خيبر وأتمنى لو كانت الكاميرا تنقلنا الآن إلى أودية خيبر، الذي يشرف على أودية خيبر ويطل عليها أول ما يفجعه إذا أشرف على أودية خيبر غابات مهولة من النخيل ولا تزال خيبر إلى الآن بقي فيها أثارة من هذه الحال غابات النخيل تملأ هذه الأودية جنان من النخيل أشرف النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأصحابه وهم الذين كانوا في الحلة والصفنة جوع، وجهد، وشدة فهم وهم يقفون على مشارف هذه الأودية..وهم حسب تعبيرنا الآن سلة الغذاء لكل المنطقة التي تحيط بالمدينة وهم يشرفون على هذا كله على هذا الكنز الغذائي في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هل كانت شهوة التملك؟ هل رأوا هذه الكنوز الغذائية فقالوا هذا نصيبنا وهذه ثروتنا قد وصلت إليها أيدينا وأوشكنا أن نظفر بها، هل نظروا إلى هذه الغابات المبشرة بترف غذائي فقالوا وداعا للجوع وداعا للجهد وآن الأوان لنتمتع بنعيم العيش...لا نستمر في التساؤل لقد نازل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في عدة منازلات فكانت الراية تعقد فانطلق بها أبو بكر رضوان الله عليه فلم يفتح له وانطلق بها عمر فلم يفتح له ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي فتح عليه في صبيحته قال في تلك الليلة لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه ماهي مؤهلات الرجل الذي سيفتح الله عليه؟ لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه فما هي مؤهلاته...لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فجعل الصحابة يدكون ليلتهم تلك كلهم يستشرف لهذه الملقبة العظيمة، كلهم يتشوق أن يقال له غدا تعال خذ الراية فينال شرف أن يمشي على الأرض ويعلم وهو الذي يحب الله ورسوله أن الله في عليائه يحبه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه...
يقال ليس الشأن أن تحب ولكن الشأن أن تُحب فمن هو يا ترى هذا الذي نال هذا الشرف العظيم بحيث يعلم أن الله في عليائه يحبه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه كما أن قلبه عامر بحبهما ، استشرف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الإمارة ولأخذ هذه الراية لأنها مبشرة بهذه المؤهلات حتى قال عمر ما تمنيت الأمارة إلا ليلة إذ مافي يوم من الأيام تمنيت أني أكون أمير إلا تلك الليلة تمنيت الأمارة حتى أظفر بهذه المنقبة...يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لكن هناك رجل لم يتشوف ولا ظن أنه سينالها لا لأنه ليس لذلك أهل ولكن لإعاقة تمنعه أن يكون حاملا للراية فلما أصبح الصباح إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الناس فينادي ويسمي يسمي صاحب المؤهلات يسمي صاحب البشرى يسمي صاحب الفتح الذي سيفتح على يديه أدعو لي علي بن أبي طالب وهو بها خليق لكنه معاق فقد رمدت عيناه فقالوا يا رسول الله هو رمد لا يبصر قال ائتوني به فأوتي به رضوان الله عليه وسلام الله عليه أتي به يقاد فلما أحضر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بصق النبي صلى الله عليه وسلم في إليتي راحتيه هاهنا ثم دعك بهما عيني علي فقال علي رضوان الله عليه يبصر بعينيه ما كأنه رمد ليلته تلك فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الراية وقال انفد على رسلك فحمل الراية منطلقا بها إلى من...إلى يهود فمن يهود؟ يهود هم الذين غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قينقاع وهم الذين غدروا به وأرادوا اغتياله يوم بني النضير وهم الذين غدروا به في أشد السعة شدة وأكثرها حرجا في الخندق يوم الأحزاب فغدرت به بنو قريضة وهاهو الآن يواجه غدرهم وصدودهم في لحظة معركة وساعة منازلة وخزائن بلادهم بين يديه فما كانت قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دفع الراية إلى علي إنها قضية واضحة أخذ علي الراية وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يهتف به ليجلي الحقيقة التي كانت جلية ناصعة لعلي وأصحابه ولكنه يزيدها صلى الله عليه وسلم جلاء ووضوحا وتألقا فيقول انفد على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم، ثم ادعهم هذه قضيته صلى الله عليه وسلم الدعوة...ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ليس من حق أحد من الناس ولكن من حق الله وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فــ والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم لمن يقال هذا القول؟ يقال لعلي وهو ينازل اليهود بكل خلفيتهم في العداوة وبكل خلفيتهم في الغدر وبكل خلفيتهم في الكيد وبكل خلفيتهم في الجحود والنكران والتكذيب ومع ذلك ظلت قضية النبي صلى الله عليه وسلم معهم إلى هذه اللحظة الحرص على هدايتهم...لأن يهدي الله بك رجلا...رجلا من أي الرجال..من اليهود الذين سيذهب إليهم لمنازلتهم قضيته الأولى معهم أن يهديهم الله...قضيته معهم أن يهديهم الله...لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات ما أحوجنا إلى أن نضع هذا المعنى في نفوسنا ونحييه بحيث يكون واضح جلي حي...قضية النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة فهي واضحة ولذلك فلا خزائن خيبر ولا ثروتها الغذائية ولا بساتينها ولا نخيلها هي الإغراء...الإغراء والطمع بأن يهدي الله الناس وهذا أثمن ما يظفر به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخير لهم من أثمن الكنوز، خير لهم من حمر النعم وما كانت العرب تصف شيئا بالنفاسة مثل ما تصف به حمر النعم هذه القضية.
القضية الثانية وهي عجيبة من العجائب أن اليهود برغم ما ذكرت قبلا من خلفيتهم في العداء وخلفيتهم في الجحود لم ييأس النبي صلى الله عليه وسلم من دعوتهم وبقي عمل هدايتهم حتى في لحظة المنازلة أملا يحدو النبي صلى الله عليه وسلم ويحدو من معه حتى والسيوف منتظاة والرايات معقودة والمعركة وميدان المعركة منفتح ومع ذلك يظل هاجس الهداية ملح.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذه اللحظة لحظة المنازلة بعد كل هذه الخلفية من العداوة ومن المعارك ومن الجحود ومن النكران ومن الكيد ومن محاولات الاغتيال يظل ملحا على هدايتهم فماذا أقول وماذا يقول كل مسلم وهو يدعو إخوانه المسلمين ألا تعجب عندما ترى أبا يتذمر من أبنائه ويقول تعبت منهم قصرت منهم ما خليت عنهم شي وهم أبناء فطرة ولدوا على الإسلام ومع ذلك ترى لهفة اليائس في شكاته منهم تظهر لهجة اليأس في خطابنا عن بعض عصاة المسلمين أو بعض المنحرفين أو بعض الضالين سواء فكريا أو شهوانيا لماذا توجد لهجة اليأس ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يواجه بكيد أنكى من كيد اليهود ولا بعداوة أشد من عداوتهم ومع ذلك وهو في ساح المعركة وميدان القتال والسيوف منتظاة والرايات معقودة ومع ذلك يظل هاجس الهداية حيا في نفسه ويظل ثوابها وجزاؤها هي ما يلوح به وهي الأجر الذي يعرضه على أصحابه ويشوقهم إليه لأن يهدي الله بك رجلا من يهود من يهود فالحال تبين من المقصود بالرجل...لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم.
أيها الأخ، أيتها الأخت، أيها الابن، أيتها البنت كن داعيا فهذه قضيتك وكن آملا في دعوتك لا يتسرب إليك اليأس فها نبيك بعد كل هذه الفصول المتتابعة من عدوان اليهود ظل مغمور القلب بالأمل بالهداية متشوقا إليها مطمعا بجزائها وثوابها فهل نظل نحدو قلوبنا بهذا الهدي النبوي...افعل ذلك واجعل هذا حداؤك فــ والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.