منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ Empty
مُساهمةموضوع: مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ   مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ Emptyالأحد 27 ديسمبر 2015, 6:09 pm

مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ
مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ Images?q=tbn:ANd9GcTZCQC4hLoI9S6UyNdofr0SLuotJLG5i0AnANyAWV2GLus7uhdb
بقلم/ حسن بن علي البار
0000000000000000
قام من نومه فزعاً!! إنها الساعة الثامنة صباحاً، ركض باتجاه خزانة ملابسه، وأخذ منها ملابس مُناسِبة، ثم توقف ونظر في المرآة، وأصلح من هندامه، واندفع نحو الباب يريد الخروج.

يا الله! تذكَّر أنه كاد أن يخرج من البيت وهو لم يغسل وجهه بعد، نعم! فاليوم هو مستعجل ومشغول، يحتاج (محمد) في هذا اليوم أن يُنجز الكثير من الأعمال مبكراً كي يفرغ في المساء، فالليلة (مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-)، وإن لم يُبكِّر في إنجاز أعماله، ربما حَلَّ عليه المساء وهو بعدُ في مشاغله فيفوته التبكير لحضور (المولد).

رجع محمد فغسل وجهه ثم خرج واستقل سيارته متوجهاً إلى عمله، وانهمك في مهامِّه ومشاغله، وفي أثناء انشغاله بإنجاز أوراق كانت بين يديه جاءته رسالة جوال.

ترك ما في يـده، وفـتح الرسـالة فـإذا فيـها: «أخي! هل تحب الله، هل تحب الرسول؟» قال في نفسه: نعم! وماذا بعد؟ واصل القراءة: «إن محبةَ الله ومحبــةَ رسوله أوثـقُ عـرى الإيمـان».

يا الله! ما أجملها من كلمات! تمضي الرسالة: «إن كانت محبتهما بهذه المنـزلة؛ فهل يمكن أن يكون (المولد) من وسائل محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يتركنا دون أن يبيّــنه لنـا؟» علَّق قـائلاً: مـا هـذا؟ ما أدري، مــاذا يقــول هــذا الرجــل؟ آهِ إنه (صالح) هداك الله يا صالح!

ترك محمد هاتفه الجوال متجاهلاً ما جاء في الرسالة وعاد لإكمال ما بيده، وفجأة تذكر أنه لم يُصَلِّ الصبح، توقَّف قليلاً، وتعجَّب من نفسه ما الذي ذَكَّره بها الآن، مع أنه في أحيان كثيرة لا يصليها!! قام محمد مباشرة وترك ما في يده، ووجد في نفسه همة ونشاطاً لأنْ يصلي الصبح لم يكن يعرف مثلها من قبل.

وفي آخر اليوم أتم محمد جميع أعماله، واستعد للذهاب إلى (المولد) وعندما ركب سيارته أطلق لفكره العنان يتذكر ما مر به في يومه من أحداث، تذكر الرسالة، وتذكر صلاته للصبح، وتذكر استعجاله للخروج حتى إنه نسي أول الأمر أن يغسل وجهه، ضحك من نفسه، ووجد في صدره راحة وأُنساً وانشراحاً؛ فحمد الله على نعمته.

رجع محمد إلى نفسه يحاسبها على هذا التقصير في سنواته الماضية في الصلوات، وخصوصاً صلاة الصبح، وبدأ يحدث نفسه: تُرى هل أجد هذا الاطمـئنان وهـذه الراحــة باسـتـمرار إن داومتُ على هذه الصلاة؟!

تذكَّر محمد الشيخ خالد الذي اتصل به وأكَّد عليه التبكير للمولد، وهذا ديدن الشيخ خالد -جزاه الله خيراً- يتصل بي سنوياً يذكِّرني بهذه المناسبة المهمة.

- نعم! حدثته نفسه: ولكنَّ الشيخ خالد هذا لم يذكِّرك مرةً بصلاة الفجر، أو يعرض عليك أن يصطحبك إليها مثلما يفعل في شأن (المولد)! إنه يظل طوال عامه مشغولاً، غير مهتم بك حتى إذا جاء هذا الوقت من كل سنة تذكَّرك!

ـ أعوذ بالله، ما هذه الخواطر المزعجة؟ إن الشيخ خالد رجل صالح، مـن أولياء الله، وهو يفعل ذلك حباً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وتعظيماً لمقامه الشريف.

ـ حُبّاً... نعم حُباً! آه ما أجمل الكلمات التي قرأتها في الرسالة اليوم! عاد محمد إلى هاتفه الجوال، واستخرج منه الرسالة التي جاءته اليوم من صديقه صالح وأعاد قراءة ما فيها: «أخي! هل تحب الله، هل تحب الرسول؟ إن محبةَ الله ومحبةَ رسوله أوثقُ عرى الإيمان».

نعم! -قال محمد-: ألم يقل -صلى الله عليه وسلم-: «أوثق عرى الإيمان الحُب في الله والبغض في الله؟»(1).

وواصل القراءة: «إنْ كانت محبتهما بهذه المنـزلة؛ فهل يمكن أن يكـون (المـولد) من وسائل محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يتركنا دون أن يبيّنه لنا؟».

ـ (صالحٌ) هذا صديق قديم، عرفتُه منذ الصغر في أيام الدراسة، وكنت أعرف فيه دائماً الجدَّ والتعَقُّلَ في الأمور كلـها، وهـو مـع احترامه للناس إلا أنه لا يوكل عقله ومهمة التفكير عنه لأحد!!
نعـم! أتذكـر مـرة لمـا قـال لـنا المدرس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخرج يده من القبر الشريف لمصافحة أحد الأولياء، وكيف أنه لـم يقتنـع، وظـل ينـاقش الأستـاذ عـن مصـدر هـذه المعلومة، ويؤكِّد أن ذلك لم يقع مع كبار الصحابة؛ فكيف يقع للأولياء بعدهم؟ وكنا نتعجب منه، ومن قوة رأيه وشخصيته.

ـ نعـم! صـالح رجـل عـاقل، ولكني أنا أيضاً عاقل، ولا أتابع صالحاً في كل ما يقول، صالح يمشي مع مشايخ متشددين لا يحبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ـ عجـبـاً والله! كيـف أقـول عـن صالح وعـن أصـحابه: لا يحـبـون رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مَن أرسل لي هذه الرسالة الرقيقة عن حبه -صلى الله عليه وسلم-؟ وأتذكَّر في الشهر الماضي أني صليت الجمعة عند أحد هؤلاء الشيوخ فوجدته ينافح ويدافع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويطلب من الناس تحمُّل مسؤولياتهم في مقاطعة كل الدول التي تُسيء إليه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن في ذلك الوقت أحدٌ من الناس يذكر هذه القضية إلا هؤلاء، ثم تتابع الناس من بعدهم في الاهتمام بهذه القضية.

وحتى الشيخ خالد لمَّا زرته لم يعرِّج على هذه القضية أبداً، وكذلك أنا أرى صالحاً وأصحابه يهتمون بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى إنه مرة أشار لي إلى واحدٍ منهم، وأخبرني أنه كتب عن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كتاباً ليس فيه إلا الأحاديث الصحيحة، وكذلك أذكر صديقنا سليمان الذي كتب مجموعة من القصص النبوي على هيئة قصص ميسَّرٍ للأطفال.

هـل هـؤلاء لا يحبون الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ هل يمكن لمسلم يفعل السنن ويجتنب البدع، ويجعلُ اتّباعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هاجسه وشاغله، ويقدِّر سنته وسيرته وشريعته حق قدرها ألا يُحبَّ هذا الرجلَ العظيمَ والرسولَ الكريمَ -صلى الله عليه وسلم-؟.. واللهِ إن صَدَّقتُ يومـاً أن هـناك مـن الناس من يكون بهـذه الدرجة من القسوة وغلظ القلب فلا يمكن أن أصدِّق أن قاسياً من الناس يكون أقسى من أن تؤثِّر فيه سيرة الرسول العطرة، وأقسى من أن تُحمد عقـباه إذا اتبـع سـننَه، وهـديَـه -صلى الله عليه وسلم-.

إي واللهِ! فبركةُ صلاتي للصبح اليوم أعقبت لي هذا الرشد، وهذه السعادة؛ فكيف بِمَنْ هو مترسِّمٌ لما جاء به -صلى الله عليه وسلم- في ليله ونهاره، علـى كل حال الاحتفال بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- فِعلُ خير، وما هو إلا ذكرٌ، وصلاةٌ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، واجتماع على الخير، وتحريمه، والقول بأنه بدعة تشددٌ لا داعي له.. تشدد لا داعي له.. تشدد لا داعي له... أخذ يُكررها متأملاً في مضمونها.

ـ لحظة! هل الذي لا داعي له، فعلُ ما تركه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-، وخيارُ المسلمين من بعده فلم يفعلوه؛ أم أن فعلَ ما تركوه هو الذي لا داعي له؟

ـ آااه! أشعر والله بإرهاق من هذا التفكير، توقف محمد، ونزل إلى حديقة عامة كي يُمضي فيها بعض الوقت، ويتناول مشروباً يُنعشه، جلس محمد جانباً، وطلب كوباً من عصير الليمون بالنعناع، وشعر بالاسترخاء، وأعجبته روعة المكـان، وأعجـبه جـمـال الحديقة وحُسن تنسيقها، ولم يكدِّر عليه صفوه إلا مجموعة من الأولاد مِمَّنْ ناهز الاحتلام، وهم يقومون بأعمال مريبة.. نظر إليهم محمد وإذا السباب والشتائم هي تحية بعضهم لبعض.

وبعد قليل وقع بينهم تشاجر ارتفعت فيه الأصوات، وانقسموا على إثره فريقين، ويا للعجب! أخرج بعضهم آلات حادة، وسكاكين للاعتداء على الآخرين، وكادت أن تقع مقتلة لولا لطف الله؛ حيث وقفت سيارة شرطة في مكان قريب، وترجل الشرطي منها قاصداً الحديقة ليشرب هـو أيضـاً كوبـاً مـن العصـير؛ فلـما رآه الصغار مقبلاً ولَّوْا مُدبرين.

ـ قال محمد لنفسه: الحمد لله... كادت أن تقع هنا مقتلة لولا أن الله سلّم، كان يجب أن يكون هنا مراقب لهذا المكان الجميل لئلا يقـع فيـه ما لا تُحمد عقباه، فإن لم يكن فإغلاق الحديقة خير من تركها لتكون مدرسة جريمة يتأذى المجتمع بخريجيها في مستقبل الأيام، نعم! الشيء الذي يغلب شره على خيره يجب أن يُنظر فيه إلى ما غلب عليه.

ـ وهنا عاد محمد يناقش نفسه: صحيح؛ وكذا الكثير من الموالد التي يكثر فيها الشر والفساد، واللهِ إنهم يشربون الخمر والحشيشة باسم مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكم يقع في بعض الموالد من هتك لحرمات الله: رقص واختلاط، واللهِ ما هذه بمحبة صادقة.

ولكن الحمد لله؛ فالمولد الذي أحضره، والذي يُقام عند أهلي وعشيرتي مولدٌ سالمٌ من كل هذه البدع! البدع.. ماذا قلتُ أنا؟ بدع!! كيف قلتُ هذه الكلمة!!... نعم! والله إنها لبدع!

ـ ولكن يا محمد! ألا تظن أن مولدكم الخالي من هذه المنكرات، قد يتضمن منكرات أخرى لا تراها أنت بدافع إلفك لها، وتعوُّدِك عليها؟ ثم ألا يمكن أن يتطور مولدكم يوماً ليلحق بالموالد التي قلت عنها إنها موالد بدع؟ بالطبع لا، وهذه موالدنا، نحن وشـيوخنـا وآبـاؤنـا منـذ سـنين طويلة لم يتغير فيها شيء، ولم نصل إلى شيء من هذه البدع والحمد لله.

ـ ألا تذكر يا محمد المولد الذي يقيمه (عبد الله)؟ أتذكر ما الذي كان عليه، وأنه كان مثل مولدكم تماماً، أما تشعر أنهم صاروا الآن يستخدمون الدفوف ضمن احتفالهم بالمولد، ولقد سمعت أحد أقارب عبد الله يتحدث عن إدخال الناي في مراسم المولد، نعم! هذا صحيح أنا أذكر ذلك، هم مُخطئون في ذلك ولا شك، ولكن لماذا هم مخطئون؟ ألا يمكن أن نكون نحن المخطئين، وأنه كان يجب علينا أن نفعل مثلهم؟

ـ لا، لا، هم المخطئون، لا أقولها تعصباً، ولكن الذي فعلوه تغييراً لما كان عليه أسلافنا، طيب أليس المولد كله تغيير لما كان عليه الأسلاف الأوائل؟! نعم! -قالها وقد ضاق بهذا النقاش ذرعاً-: هو كذلك، ولكنه فعل خير، هنا بدأ محمد يشعر بالضيق، وعدم الرغبة في الذهاب مبكراً إلى المولد، وتمنَّى لو أنه يلقى صالحاً فيناقشه في الأمر، ولكن أين صالح وكيف يمكن الوصول إليه؟!

قـلَّب محمد في رسائل هاتفه الجوال؛ فإذا رسالة قديمة كان صالح قـد أرسلها له قبل أيام، وإذا فيها: «أنـت لا تُوَكِّل غيرك في شراء سيارةٍ لك، ولا فـي اختــيار بيـت تستـأجره مما تتجـمَّل بـه ويعـبِّر عـن شخصيتك، بل تقوم بذلك بنفـسك..».

تـواصِـــلُ الرســالة: «فلِمَ توكـل إلى غيـرك اختيار ما تتجمل به أمام الله -تعالى- من أمر دينك؟»، لا، والله ! لا أريد أن أعمل أعمالاً أصرف فيها القليل من وقتي وعمري الذي أجعله للعبادة؛ ثم تكون هذه الأعمال لا نافعة، ولا مرضيَّةً عند الله!!

أليس في الواضح الأكيد، الصافي مـن كـل كدر من العبادات؟ أليس فيه غنـية عن كل متشابه، قد يكون بدعة وقد يكون سنة؟ أما آن لي أن أسمع مِمَّنْ اعتدت أن أسمع لهم من مشايخي، ولكن لا أُصِمُّ أُذنيَّ عن سماع غيرهم مِمَّنْ قد يأتي بالحق بدليله فينشرح له صدري، وتقبله نفسي؟ وهنا بدأت معالم الصورة تتضح أمام محمد، وبدأ يرسم خطة جديدة لحياته.
مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ 9k=
وإذا بالقرارات تنهال عليه وكأنه قد أعدها مسبقاً:
1 ـ أنا لن أعبد الله بالمتشابه، الذي لا أعلم أيرضاه مني أم لا؟ وفي الدين الواضح والمحجة البيضاء غنية وكفاية، وعسى أن أقوم بحقوقها وتكاليفها فإن في ذلك لَشُغلاً.

2 ـ لن أحضر احتفال المولد اليوم، ولا بعد اليوم، وقد أبدلني الله به مولداً جديداً هو مولدي أنا!! فأنا من اليوم إنسانٌ جديد، ومن اليوم سأحتفل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في كل حين؛ سأحتفل بتطبيق سنته، سأحتفل بالاقتداء به وبالمحافظة على صلاة الفجر في وقتها، وكـذا بقـية الفرائض، سأحتفل بتحكيمه -صلى الله عليه وسلم- في كل شؤون حياتي.

ووالله إني لأشعر بِلَذَّةِ ذلك من الآن، وكأنها حلاوة أتطعَّمُها في فمي، ونِعم المولد مولدٌ أعيشه وأتبع فيه حبيبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحيا معه في كل حركةٍ وسكون.

3 ـ أهل العلم يجب أن نأخذ منهم، وأن نوقِّرهم، ولكن دون أن نُلغي عقولنا؛ فالحساب يوم القيامة سيكون فردياً، يجب أن أفهم أن ما أتَّبعهم فيه يجب أن يكون سنة لا بدعة، وأن يكون مقرِّباً إلى الله؛ فالعالم قد يُخطئ وقد يتبع العادة أو الهوى، ولا، واللهِ لا أُنزل أحداً من العالمين منزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- في اتباعه في الأمر كله.

4 ـ أرجو أن ينفعـني الله بقول نبيه -صلى الله عليه وسلم-: «ما من شيء يُقرب من الجنة ويُباعد من النار إلا وقد بُيّن لكم» فماذا بقي أرجو بعد هذا؟

ومضى محمد شاكراً لنعمة الله عليه بالتبصير في الدين، وركب سيارته وأدار المذياع؛ فإذا بالشيخ سعود الشريم ينساب صوته عذباً: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإنْ هُمْ إلاَّ يَخْرُصُونَ * إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ} [الأنعام: 115- 117].

أخي الكريم! هذه قصة جرت لرجل من الناس جعل الله له نوراً بتحكيمه للسنة على نفسه، وبتعظيمه هدي المصطفى وجَعْلِهِ إماماً؛ فقد فاز -واللهِ- من اتخذ مع الرسول سبيلاً بطاعته واتباعه، وتجنب الإحداث في دينه.

إن معيار الحق والعدل الذي يحبه الله ويرضاه لا يُعرف باستحسانِ ذوق، ولا بتوارثِ أجيال، ولا بفعلِ الجم الغفير من الناس، ولا بالتحاكمِ إلى عقلٍ لم يستنر بنور الشريعة، ولا بتقليدٍ لمن لم يأتِ ببرهانٍ من الله على ما يقوله.

ولكنْ مَنْ طَلَبَ الهداية بصدق، ثم سلك طـريقـها الذي أمر اللهُ به وأمر به رسولُه -صلى الله عليه وسلم- متبعاً لا مبتدعاً فأحرِ به أن ينال مراده؛ فالله يقول: «يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهْدِكم».

ويقول عن اتِّباع الطرق غير الموصلة للحق: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]، ويقـول عـن قـوم ذامّـاً لـهـم: {إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23].

إن شـأن المولد إذا تأمل فيه مَنْ هو خـالي الذهـن غيـر مـائـلٍ لطرف من آراء الناس فيه = إذا تأمل فيه وفي أدلة كمال الشريعة، عَلِمَ أنه -أي المولد- قَصْدُ خيرٍ، ولكنه ليس بهدى ولا خير؛ فإحداث هذا الاحتفال بحدِّ ذاته إحداثٌ في الدين، ثم إنه غالباً في أكثر بلدان المسـلمين ينـضاف إلـيه أنـواع من الأمور المستنكرة والأفعال القبيحة.

وأخـفهم إحداثاً من يقوم أثناء الحضرة فجأة، وقد أعدوا العدة سابقاً لهذا القيام فيقومون قومة رجل واحد، ويُدخـلون الطيب، ويُنشِدون بصوت مُنَغَّمٍ شجي: «مرحباً يا نور عيني.. مرحباً، مرحباً، مرحباً جد الحسين.. مرحـباً مرحـباً»، وفـي مـوالد أخرى يقع ما أشارت إليه القصة من المنكرات، وفي بعضها يقع الكفر الصراح، كما نقل الشيخ عبد الرحمن الوكيل، وهـو مِمَّنْ كان له بالمتصوفة علاقـة.

ولذا فهـذه البدعة -التي يعدُّها بعض الناس يسيرة ولا تستحق النقاش- تؤول إلى أن تكون مجمعاً لبدع كثيرة لا تقوم إلا بها، ويكون المولد هو الفلك الذي تدور حوله، وهو الموسم الذي تنتشر فيه، وهذا ما يسميه أهل العلم بالبدعة المركبة.

ولمعرفة جانب مما يقع في الموالد يمكن مراجعة كتاب: (الموالد في مصر)، وهو لجندي إنجليزي يُدعى (مكفرسون) نزل مصر واستوطنها، واهتم بقضية الموالد فزار كثيراً منها، وكتـب عمَّا رأى، ووصف، وهو غير متَّـهم فيما ينقل؛ إذ كان يتحدث عن ذلك كله حـديث المُعجَـب به ويعتبره من عادات المجتـمعات الشرقية، وهو ليس له هــوى فـي إثبـــات المولـد ولا فـي نفـيه، وإنما انحـصر دوره في النـقل والوصف.

وقـد ذكر مـوالـد كثيرة شاهدها تستـغرق بمجـموعها أيام السنة بكمالها، وبمثل هذه الَّدرْوَشات تُستغرق الأعـمار، ويرضى الشـيطان، وتُضَيَّع حقــائق الديـن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يا أهـل العـلم! هـذه دعـوة للمراجعة والتصحيح، ولا يمنعنكم رأي ارتــأيتـمـوه فــيما مضـى مـن الأيـام إن استبان لكم الحق في غيره أن تراجـعوا الحـق فـإن الحق قديم، والحق أحق أن يُتَّبع. إن المحبة عمل قلبي تظهر آثاره بما تنبعث به الجوارح، وليست ادعاءات بأن قوماً يحبون الرسـول أكـثر مـن غيـرهم، أو أن من لا يفعل فعلنا فهو غير مُحِبٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد مضى الزمن الذي يُصدِّق الناس فيه ما يقال عن (أهل السنة) دون تمحيص، كيف وقد ملؤوا السهل والجبل، وأقاموا الدين في كل ناد، وقاموا في مقامات الصدق في نصرة دين الله وحبيب الله -صلى الله عليه وسلم-.

وليس على هذا المعوَّل في التزكية، ولكنه على الاتباع، وحُسن التأسي، وإنما أردنا مخاطبة القوم بالطريقة التي يعرفون، وليس أضر على الإسلام من المنافحة بالباطل، والتعصُّب لما يحبه قوم، أو ضد ما يأمر به قوم آخرون، وأي لُعبة يفرح بها الشيطان ويتلعَّب بها بالإنسان أعظم من هذه؟! إنَّ مِن إخلاص العبودية لله أن تقبل الحق، وإن كان مُرّاً، وأن تأخذ به ولو جاء به أبغضُ الناس إليك؛ وكذا أن تردَّ الباطل ولو كانت لك فيه مصلحة أو شهوة، وأن لا تلتفت إليه وإن قام به أبوك وأخوك وأقربوك.

وإياك أن تَضِن بهؤلاء أن يكونوا أخطؤوا الحق، وأن ذلك يُزري بك وبهم؛ فيحملك ذلك على أن تتابعهم في الباطل؛ فإن جدالك عَمّا هم عليه بعدما تبيَّن هو الذي يُزري بك وبهم، ويمد المستكبر في عمايته، ويزيده طغياناً كبيراً، والعياذ بالله.

قال -جل شأنه-: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 20 - 24].

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ تَأَمَّر عليكم عبد، وإنه مَنْ يعشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

وقال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: «كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تتــعـبـدوا بـها؛ فإن الأول لـم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء! خذوا طريق من كان قبلكم» (2).

وقال ابن الماجشون: «سمعت مالكاً يقول: مَنْ ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- خان الرسالة؛ لأن اللّه يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذٍ ديناً، فلا يكون اليوم ديناً» (3).

«اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عَالِمَ الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.. اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
_____________________
(1) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده 1/ 101، وهو حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، رقم 2539.

(2) الاعتصام للشاطبي 1/ 386.
(3) الاعتصام للشاطبي 1/ 23.


مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
مَـــــــوْلِدٌ جَـــدِيـــدٌ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: شهـــــر ميــــــلاد الـمـصـطـفـى-
انتقل الى: