أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: اليوم الحادي والعشرون: إحرص على اغتنام ليلة القدر الثلاثاء 31 أغسطس 2010, 5:30 am | |
|
اليوم الحادي والعشرون: إحرص على اغتنام ليلة القدر بقلم: الشيخ عوينات محي الدين هاهي أيام العشر الأخيرة من رمضان التي كان رسولنا صلى الله عليه وسلم ينتظرها ويهتم بها اهتماماً كبيراً يلتمس فيها هذه الليلة المباركة التي جعلها رب العالمين منحة ربانية لهذه الأمة التي قصرت أعمارها عن أعمار الأمم السابقة، حيث إن أعمارهم تراوح بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك كما أخبر الصادق المصدوق، عوضهم ربهم عن قصر الأعمار بهذه الليلة، وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، أي إن قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر من غيرها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وقد سميت ليلة القدر بهذا الاسم لشرفها وعظيم قدرها عند الله. وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من مقادير العام من آجال وأرزاق وإحياء وإماتة وغير ذلك، لقوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم). وقيل لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً. وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر. والراجح أنها سُمِّيَتْ بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها، والله أعلم. يدل على فضل هذه الليلة العظيمة وعظيم قدرها وجليل مكانتها في الإسلام نزول سورة كاملة فيها، وهي سورة القدر، وبيان أن الأعمال فيها خير من الأعمال في ألف شهر ما سواها. وقال تعالى: (فيها يُفرق كل أمر حكيم * أمراً من عندنا إنا كنا منزلين)، حيث يقدر فيها كل ما هو كائن في السنة، وفي الحديث: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر ويجتهد في هذه الليلة المرجوة ما لا يجتهد في غيرها من ليالي رمضان ولا غيره، حيث كان صلى الله عليه وسلم كما صح عن عائشة رضي الله عنها: "إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". تلتمس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الوتر منها وأرجحها ليلة سبع وعشرين. فعن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فَمَنْ كان متحرِّيها فليتحرَّها في السبع الأواخر". متفق عليه. وعند مسلم: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي". وعن عائشة رضي الله عنها كذلك: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" متفق عليه. ذهب علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة من الصحابة، والشافعي وأهل المدينة ومكة من الأئمة إلى أن أرجى لياليها ليلتا إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وقد رجح ذلك ابن القيم رحمه الله. وذهب أبي بن كعب رضي الله عنه إلى أنها ليلة سبع وعشرين، وكان يحلف على ذلك، ويقول: "بالآية أو العلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها". رواه مسلم. وعن ابن عمر يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين"، أو قال: "تحروها ليلة سبع وعشرين". وأنا أرشد إخوتي إلى الاجتهاد في العشر جميعها وذلك لأنه قد يحدث هناك خطـأ في رؤية الهلال يترتب عليه اضطراب في تحري ليلة القدر. أحب الأعمال لِمَنْ وفق وحظي بليلة القدر ما يأتي: 1. أداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين، سيما الصبح والعشاء. 2. القيام، أي الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". 3. الدعاء. 4. قراءة القرآن. 5. اجتناب المحرمات، دقيقها وجليلها. ويمكن للمرء أن يجمع بين هذه كلها في الصلاة إذا أطال القيام، وسأل الله الرحمن واستعاذ به من النيران كلما مر بآية رحمة أو عذاب. قال سفيان الثوري رحمه الله: (الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة، قال: وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق). قال ابن رجب: (ومُراده -أي سفيان- أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم؛ وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها؛ وقال الشافعي في القديم: أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها). أفضل ما يقال فيها من الدعاء أفضل ما يقال فيها من الدعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني؛ يردده ويكثر منه داخل الصلاة وبين تسليمات القيام وفي سائر ليلها ونهارها. فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيتَ إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". الترمذي. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك". رواه مسلم. وبما يسره الله له من الدعاء والذكر. وهناك بعض العلامات التي يستدل بها البعض على ليلة القدر، ويعوزها كلها الدليل القاطع، وإنما هي اجتهادات وتخمينات لا يعتمد عليها.. فمن تلك العلامات: 1- طلوع الشمس في صبيحتها من غير شعاع، كما استدل على ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه. 2- وكان عبدة بن لبابة يقول: هي ليلة سبع وعشرين؛ ويستدل على ذلك بأنه قد جرب ذلك بأشياء وبالنجوم، والشرع لا يثبت بالتجارب، وروي عنه كذلك أنه ذاق ماء البحر ليلة سبع وعشرين فإذا هو عذب. 3- أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة. 4- أن الكلاب لا تنبح فيها وكذلك الحمير لا تنهق فيها. 5- أن يرى نور. 6- الملائكة تطوف بالبيت العتيق فوق رؤوس الناس. 7- استجاب الله دعاء البعض في ليلة سبع وعشرين، وإجابة الدعاء ليست دائماً علامة صلاح، فالله كريم يجيب دعوة المضطر ولو كان فاسقاً أو فاجراً، وربما تكون إجابة الدعاء في بعض الأحيان من باب الاستدراج. وأخيراً احذر أخي الصائم أن ينسلخ رمضان ولم تكن من المغفور لهم، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: "آمين، آمين، آمين!"، قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت "آمين، آمين، آمين"، قال: "إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين". ابن خزيمة. واعلم أن الأعمال بخواتيمها، فإذا فاتك الاجتهاد في أول الشهر فلا تغلب على آخره، ففيه العوض عن أوله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير عباد الله أجمعين، وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرين الطيبين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوه وفضله وكرمه، آمين.
|
|