أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد النبوي والجواب عنها الخميس 17 ديسمبر 2015, 12:16 am | |
| شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد النبوي والجواب عنها أحمد محمد الصادق النجار -------------------------- بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الشبهة الأولى: على افتراض أن الدولة العبيدية أول من أحدث المولد فليس هذا دليلا على المنع؛ فقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم يوم عاشوراء من اليهود.
والرد من وجوه: الأول: الذي يُشَرِّع التعظيم والاحتفال هو الله, فكل ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يكون شرعا, سواء وافق يوما يعظمه اليهود أو لا.
وإنما محل النزاع مع المجيزين أن يُشَرِّع الاحتفال غير النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: هؤلاء المجيزون يلزم على شبهتهم أن يسووا في تشريع الشرع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الرافضة -الدولة العبيدية-, وهذا كفر نعوذ بالله من الكفر.
الثالث: تعظيم يوم عاشوراء إنما شُرِع بتشريع الله له, لا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ تشريعه من اليهود.
الرابع: الرافضة -الذين يكفرون أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة, ويطعنون في القرآن- أخرجهم الأئمة كابن المبارك وغيره من الفرق الإسلامية, فهي فرقة كافرة, فكيف يؤخذ تشريع حكم من كافر؟!
الشبهة الثانية: أن المولد بدعة حسنة.
* والرد من وجوه: الوجه الأول: أن القول بالبدعة الحسنة مخالف لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (وكل بدعة ضلالة)، ولا قول بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن القول بأن هناك بدعة حسنة يلزم منه تكذيب الله والطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكلاهما كفر.
أما تكذيب الله؛ فلأنه يقول: اليوم أكملت لكم دينكم.
والبدعة الحسنة تدل على أن الدين لم يكمل.
وأما الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم فلأن البدعة الحسنة تقتضي أن هناك عبادة لم يبلغها النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا خيانة للأمانة, ووصفه بالخيانة كفر.
الوجه الثالث: قال الشافعي رحمه الله: ((من استحسن فقد شرَّع)) أي: نصب نفسه مشرعا مع الله، وهو الاستحسان بمجرد الهوي من غير دليل شرعي, وهذه هي حقيقة البدعة الحسنة التي يدعونها.
الوجه الرابع: ما ورد عن السلف من إطلاق لفظ البدعة على ما كان مشروعا أرادوا به البدعة اللغوية لا الشرعية؛ بدليل أن الفعل الذي أطلق عليه أنه بدعة قد جاء الشرع به, فخرج عن حد البدعة الشرعية؛ لأن البدعة الشرعية هي: ما أحدث مما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن من تلبيس أهل البدع أنهم يستدلول بكلام السلف في إطلاق البدعة على المشروع على غير المشروع
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: ((وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية، لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه)).
ومن ذلك قول الشافعي: ((البدعة بدعتان بدعة خالفت كتاباً وسنة وإجماعاً وأثراً عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه بدعه ضلاله وبدعة لم تخالف شيئاً من ذلك فهذه قد تكون حسنة لقول عمر نعمت البدعة))، فأراد بالحسنة ما كان مشروعاً, وهذا خارج محل النزاع لو كانوا يفقهون.
الوجه الخامس: قال الشاطبي رداً على من قسم البدعة بحسب الأحكام الخمسة: ((هذا التقسيم أمر مخترع، لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو نفسه متدافع; لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي; لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده.
إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة; لما كان ثم بدعة، ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها، فالجمع بين كون تلك الأشياء بدعا، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين)).
الوجه السادس: أن الاحتفال بالمولد بدعة شرعية مذمومة؛ لأنه لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم, فهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل بدعة ضلالة)).
الشبهة الثالثة: أن يوم المولد فضل بالصيام فيه, فعظم النبي يوم مولده بالصيام, فيصح تعظيمه بالاحتفال.
* والرد عليهم: أن العبادات والتعظيم يقتصر فيه على ما ورد به النص من غير تجاوز له, فيعظم يوم مولده صلى الله عليه وسلم بالصيام؛ لورود النص به, دون غيره, كما أننا نصلي الظهر أربعا من غير زيادة على ذلك.
والتعظيم الذي ورد به النص متعلق بيوم الاثنين, ولهذا يصام كل اثنين من غير أن يختص بشهر معين, ولو كان صلى الله عليه وسلم يريد منا أن نعظم الشهر التي ولد فيه لحدده لنا, فلما لم يحدده دل ذلك على أن المراد تعظيم يوم الاثنين بالصيام فيه دون تخصيصه بشهر.
وقد اختلف المؤرخون في تحديد االشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم.
ثم لو كان الاحتفال مشروعاً يوم الاثنين لأرشد إلى ذلك, فلما لم يرشدهم مع وجود السبب وانتفاء المانع دل على المنع.
ونحن أهل السنة لا نعظم من الأيام إلا ما عظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا نزيد على ذلك, فنحن متبعون لا مبتدعون.
أضف إلى ذلك: أن قياس الاحتفال على الصوم قياس مصادم لإجماع السلف, فيكون فاسد الاعتبار.
الشبهة الرابعة: أن المولد يستند على أصول شرعية كالأمر بالصلاة عليه, وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
* والرد عليهم من وجوه: الأول: أن تخصيص عام أو تقييد مطلق لابد فيه من دليل, والا كان تشريعا, فلابد في العبادة من دليل خاص عليها.
الثاني: لا يجوز أن يتعدى المشروع إلى غير المشروع, فالأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة سيرته وردت مطلقة فتقييدها بوقت مخصوص من البدع التي تحتاج إلى دليل خاص.
الثالث: إجماع السلف على ترك الاحتفال مع وجود السبب وانتفاء المانع دليل على بدعيته, وأنه منكر, ولا يصح أن يعارض هذا الإجماع بالأصول العامة؛ لأنه دليل خاص على فعل خاص, والخاص يقضي على العام.
الشبهة الخامسة: أن جمهور العلماء يرون مشروعية الاحتفال بالمولد.
* والرد عليهم من وجوه: الوجه الأول: أن العبرة بالدليل الشرعي, لا بأقوال العلماء, فأقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها, وكما قال ابن مسعود: ((الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك)).
الوجه الثاني: أن إجماع السلف من القرون الثلاثة, بل إجماع العلماء إلى القرن السادس على عدم جواز الاحتفال بالمولد, فأين هؤلاء الجمهور الذين ادعوهم هؤلاء؟! فهي مجرد دعوى كاذبة.
ثم إنه إذا لم يكن هذا الاجماع حجة على من جاء بعدهم فقد لا يكون هناك إجماع يصح الاعتماد عليه؟
الوجه الثالث: غالب من يستدلون بهم على جواز الاحتفال بالمولد هم أشاعرة وصوفية, ولا عبرة بأقوالهم في هذه المسائل.
وبعتبرونهم السواد الأعظم, وكذبوا -والله- فالعلماء من القرون الستة المتقدمة على خلاف ما ادعوه إلا أن الائمة المتقدمون لا عبرة بهم عندهم!!
ثم اعلموا: أن أئمتنا في عدم جواز الاحتفال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة, وحفصة, وابن عباس وابن عمر وكل الصحابة، وابن المسيب ومجاهد, وعطاء, وكل التابعين، ومالك والشافعي واحمد، وغيرهم كثير، هؤلاء هم السواد الأعظم, وهو إجماع منهم.
وأختم بقول الفكهاني ت734هـ في المورد في عمل المولد: ((لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين؛ بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون)) وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. -------------------------------- كتبه أحمد محمد الصادق النجار 6/ربيع الأول/1436هـ في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
|