أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الباب الثامن والسبعون: ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم الجمعة 23 أكتوبر 2015, 10:47 pm | |
| الباب الثامن والسبعون: ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم --------------------------------------------------------------------- وهي مسألة نازع صاحب الكتاب أبو العباس نحو: مررت بصاحبك هذا وهكذا نازعه في العلم: نحو مررت بزيد هذا فمنع من ذلك خلافا لصاحب الكتاب. وقد قال الله تعالى: " إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم " فجعل هذا نعتا لقوله " من فورهم " وكأنه قال: من فورهم المشار إليه. وقال الله تعالى: " لقينا من سفرنا هذا نصباً " وقال: " وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا " وقال: " بعد عامهم هذا ". فأما قوله: " ولباس التقوى ذلك خير " فجوزوا أن يكون ذلك نعتا لقوله: " لباس التقوى " ويجوز أن يكون فصلا وأن يكون ابتداء وخبرا أعنى: خبرا. فأما قوله: " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا " فالفراء ذهب فيه إلى أن هذا نعت ل " مرقدنا " الحاضر فقيل له: فما موضع: " ما وعد الرحمن " فقال: ثم ابتداء " ما وعد الرحمن " أي: بعثنا وعد الرحمن فحمل ما على المصدرية مرفوعا بفعل مضمر. وليس العجب هذا إنما العجب من جرجانيكم جاء بإحدى خطيئات لقمان فزعم أن هذا نعت ل " مرقدنا " وأن قوله " ما وعد " موصول أي: ما وعده الرحمن ولم يقل: ما موضع ما وهو يتكلم على كلمات السورة. فهذه آي كما تراها ولعلها خفيت على أبي العباس والذاب عنه لما يحملها على البدل. قال أبو العباس: هاتين المسألتين: إن المبهم أخص من العلم فوجب ألا يوصف به العلم قياسا على قولك: مررت بالرجل أخيك وذلك أن المضاف عند سيبويه أخص من الألف واللام فمنع أن يوصف الألف واللام به لما كان أبهم منه لقربه من النكرة نحو: إني لأمر بالرجل مثلك وغيرك فكذلك وجب ألا يوصف بالمبهم العلم لكونه أخص منه ولهذا المعنى قال من قال: إن هذين ليست تثنية هذا لما كان في غاية المعرفة وأجمعوا أن الزيدين تثنية زيد والتثنية لا محالة توجب التنكير فلما أجمعوا على جواز تثنية زيد واختلفوا في تثنية هذا علم أن هذا أخص وجب ألا يجرى صفة على ما ليس بأخص منه وهذا لأن البداية ينبغي أن تقع بالأخص فإن عرف وإلا زيد ما هو أعم ليقع به البيان وفي جواز: مررت بزيد هذا عكس ذلك المعنى فوجب ألا يجوز. واحتج سيبويه بأن ذكر هذا وذاك بعد العلم وبعد صاحبك يذهب به مذهب الحاضر والشاهد والقريب وكذلك مذهب البعيد أو المتنحى ولهذا قال سيبويه: وإنما صار المبهم بمنزلة المضاف لأنك تقرب به شيئا أو تباعده وتشير إليه فإذا قيل: مررت بزبد هذا وبصاحبك هذا وكأنه قال: مررت بزيد الحاضر ولم يغير هذا تعريف زيد ولا تعريف صاحبك وباقترانه معهما لأنه لا يتغير زيد عن تعريف العلم ولا صاحبك عن تعريف الإضافة باقترانها بهذا ولأنا نقول: إن وضع الاسم العلم في أول أحواله لشيء بينٌ به من سائر الأشخاص كوضع هذا في الإشارة لشيء بعينه فاجتمع في معنى ما وصفنا في المعرفة وفصله العلم بثبات له بذكر حال أو زوال الاسم عن المشار إليه في الغيبة. باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره وذكر سيبويه هذا في كتابه وحكى عنهم: " من كذب كان شرًّا له " وتلا الآية " لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم " فقال: التقدير: البخل خيرا لهم وكنى عنه بقوله " يبخلون ". وقد تقدم شرح هذا في هذا الكتاب. ومن ذلك قوله: " اعدلوا هو أقرب للتقوى " أي " العدل هو أقرب للتقوى. وقال: " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة " أي: الاستعانة. وقال: " فبهداهم اقتده " في قراءة الدمشقي أي: اقتد اقتداء. وفي بعض القراآت: " ولكل وجهة هو موليها " بإضافة كل إلى " وجهة ". وزعم الفارسي أن الهاء كناية عن المصدر في موليها أي: مولى التولية. ولا يكون " لكل وجهة " لأن الفعل إذا تعدى باللام إلى المفعول لا يتعدى بغير اللام ولا ما أنشده صاحب الكتاب: هذا سراقة للقرآن يدرسه أي: يدرس الدرس ولا يكون للقرآن لما ذكرنا. ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه أي: نلت النيل ولا يكون لكل لما ذكرنا. وقيل في قوله تعالى: " ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه " أي: يذرأ الذرء فالهاء كناية عن المصدر. وقال: " وإن تفعلوا فإنه فسوقٌ بكم ". فأما قول القائل لامرأته: إن خرجت من الدار إلا بإذني فأنت طالق فقد قالوا: إن التقدير: إن خرجت من الدار إلا خروجا بإذني فأضمر الخروج فلإن خرجت يدل عليه والباء من صلة المصدر وكأن التقدير: إلا خروجا بإذني فيحتاج في كل خرجة إلى الإذن. ولو قال: إلا أن آذن فأبو زكريا يجعله بمنزلة إلا بإذني " لإن إن آذن بمنزلة إذنى. وأبو حنيفة يجعل إلا أن آذن بمنزلة حتى آذن فيكفى المرة الواحدة لأن حتى آذن غاية فيجرى إلا أن آذن مجراه. وأما قوله تعالى: " ولا تقولن لشيء إني فاعلٌ ذلك غداً إلا أن يشاء الله " فالتقدير إلا قولا بمشيئة الله أي: قولا مقترنا بمشيئة الله وهو أن نقول: أفعل إن شاء الله ومثل هذا أعنى إضمار المصدر قول أبي قيس الأسلت الأنصاري: إذا نهى السفيه جرى إليه يخالف والسفيه إلى خلاف لم أر قوماً مثلنا خير قومهم أقل به منا على قومه فخراً أي: أقل بالخير فالهاء يعود إلى الخير الذي هو مصدر ولا يعود إلى خير قومهم لأنه اسم ف قوما هو المفعول الأول ومثلنا من نعته و خير قومهم بدل و أقل هو المفعول الثاني وفخرا تمييز. أي: أقل فخرا بالخير منا على قومنا يعنى: نحن لا نبكي على قومنا فليس هناك أقل فخرا بالخيرية على قومه منا. |
|