أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب السابع والأربعون: باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا الجمعة 23 أكتوبر 2015, 1:26 pm | |
| الباب السابع والأربعون: باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا ----------------------------------------------------------- وهو شيء لطيف غريب فمن ذلك قوله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر " أي: فمن شهده منكم صحيحا بالغا. ومن ذلك قوله في الصفة: " وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةً وله أخٌ أو أخت " والتقدير: وله أخ أو أخت من أم فحذف الصفة. وقال: " وأوتيت من كل شيء " " وفتحنا عليهم أبواب كل شيء " كان المعنى: كل شيء أحبته وكل شيء أحبوه. وقال في الريح: " ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرميم ". وقال: " تدمر كل شيء " ولم تجتح هودا والمسلمين معه. وقوله: " وكذب به قومك " يعني الكافرين لأن فيهم حمزة وعلياً وجعفرا. وقال: " حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً " أي: شيئا مما ظنه وقدره يبين ذلك قول العباس بن مرداس: وقد كنت في الحرب ذاتدرأ فلم أعط شيئاً ولم أمنع أراد شيئاً مما قدرت إعطائي إياه. وبعد هذا البيت: إلا أفائل أعطيتها عديد قوائمه الأربع فقال: لم أعط شيئا. ثم قال: إلا أفائل أعطيتها. وعلى هذا قولهم: ما أنت بشيء أي: شيء يقع به اعتداد. فهذا قريب من قولهم: تكلمت ولم تتكلم. وقريب من هذا قول الكميت: كأنه لم يعط عطاء يكون له موضع أو يكون له اعتداد. وقريب من هذا قوله تعالى: " فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى " والذي لا يموت يحيا والذي لا يحيا يموت ولكن المعنى: لا يحيى حياة طيبة يعتد بها ولا يموت موتا مريحا مما دفعوا إليه من مقاساة العذاب وكأن الإحياء للعذاب ليس بحياة معتدٍّ بها. قال عثمان: وأما حذف الحال فلا يحسن وذلك أن الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها وما طريقه طريق التوكيد غير لائقٍ به الحذف لأنه ضد الغرض ونقيضه ولأجل ذلك لم يجز أبو الحسن تأكيد الهاء المحذوف من الصلة نحو: الذي ضربت نفسه زيد على أن يكون نفسه توكيدا للهاء المحذوفة من ضربت وهذا مما يترك مثله كما يترك إدغام الملحق إشفاقا من انتقاض الغرض بإدغامه. فأما ما أجزناه من حذف الحال في قوله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " أي: فمن شهده صحيحا بالغا فطريقه: أنه لما دلت الدلالة عليه من الإجماع والسنة جاز حذفه تخفيفا. وإما إذا عريت الحال من هذه القرينة وتجرد الأمر دونها لما جاء حذف الحال على وجه. وحكى سيبويه: سير عليه ليل وهم يريدون: ليل طويل وكأن هذا إنما حذفت فيه الصفة لما دل من الحال على موضعها وذلك أنك تحس في كلام القائل لذلك من التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم ما يقوم مقامه قوله: طويل ونحو ذلك وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته وذلك أن يكون في مدح فتقول: كان والله رجلاً فتزيد في قوة اللفظ بالله هذه الكلمة وتمكن في تمطيط اللام وإطالة الصوت عليها أي: رجلا فاضلا شجاعا أو كريما أو نحو ذلك وكذلك تقول: سألناه فوجدناه إنسانا وتمكن الصوت بإنسان وتفخمه فتستغنى بذلك عن وصفه وتريد: إنسانا سمحا أو جوادا أو نحو ذلك وكذلك إن ذممته ووصفته بالضيق قلت: سألناه وكان إنسانا. وتزوى وجهك وتقطبه فيغنى عن ذلك قولك: إنسانا لئيما أو بخيلا أو نحو ذلك. فعلى هذا وما يجري مجراه تحذف الصفة. فأما إن عريت من الدلالة عليها من اللفظ أو الحال فإن حذفها لا يجوز ألا تراك لو قلت: وردنا البصرة فاجتزنا بالأبلة على رجل أو رأينا بستانا وسكت لم تفد بذلك شيئا لأن هذا ونحوه مما لا يعرى منه ذلك المكان وإنما المتوقع أن تصف من ذكرت وما ذكرت فإن لم تفعل كلفت علم ما لا يدل عليه وهو لغو من الحديث وتجوز في التكليف. ومن ذلك ما يروى في الحديث: " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ". أي: لا صلاة كاملة أو فاضلة ونحو ذلك. ومثله: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي عليه السلام. باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية فمن ذلك قوله تعالى: " فإن كان له إخوةٌ فلأمه السدس ". وأجمعوا غير ابن عباس أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس خلافا له فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة. ومن ذلك قوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " أي: يديهما. ومن ذلك قوله: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " أي: قلباكما. مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استتغناء بالمضاف إليه وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية. وقالوا: كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع كقولك: ضربت رءوس الزيدين وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من رأسيهما كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع لأن التثنية جمع في المعنى لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ فهو يقع على القليل والكثير وأنشدوا: ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل طهور الترسين فأما قوله تعالى: " فلا أقسم برب المشارق والمغارب " فقيل: هو من هذا الباب لقوله: " رب ومعنى " رب المشرقين ورب المغربين " قيل: المشرقان: الشتاء والصيف وكذا المغربان. عن ابن عباس. وقيل. مشرق الشمس والفجر ومغرب الشمس والشفق. قوله: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين. قيل: معناه: بعد المشرق والمغرب. فهذا كالقمرين والعمرين. وقيل: مشرق الشتاء والصيف. وأما قوله تعالى: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ". وهم لم يدعوا إلهية مريم كما ادعوا إلهية المسيح فيما يزعمون فإن ذلك يجيء على: لنا قمراها والنجوم الطوالع والعجاجان لرؤبة والعجاج والأسودان للماء والتمر أطلق على أحدهما اسم الآخر وإن لم يكن ذلك اسما له. واعلم أنه قد جاءت التثنية يراد بها الكثرة والجمع كما جاء الجمع يراد به التثنية. قال الله تعالى: " بل يداه مبسوطتان ". وقال: " ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ". أي: كرتين اثنتين. وإنما ذاك بكراتٍ وكأنه قال: كرة بعد كرة كما قالوا: لبيك أي: إلبابا بعد إلباب وإسعادا بعد إسعادٍ في: سعديك وحنانيك: تحننا بعد تحنن قال: ضرباً هذاذيك وطعناً وخضا أي هذا بعد هذٍ. وأنشدوا للكميت: وأنت ما أنت في غبراء مظلمةٍ إذا دعت ألليها الكاعب الفضل أي: أللا بعد ألل. وهذا حديث يطول. وأما قوله تعالى: " ولمن خاف مقام ربه جنتان ". الفراء يريد به المفرد كقوله: ومهمهين ثم قال: قطعته وهذا لا يصح كقوله " وجنى الجنتين " وقوله: " جنةً وحريرا " " ودانيةً " وقوله " قطعته " كقوله: " معين بسواد " في الرد إلى الأول. ومن ذلك قوله: " أولئك مبرءون " يعني: عائشة وصفوان. وقال: " وألقى الألواح " وفي التفسير: كان معه لوحان. وقال: " وكنا لحكمهم شاهدين " والمتقدم: داود وسليمان. وأما قوله تعالى: " إن المتقين في جناتٍ ونهر في مقعد صدق ". هو على حذف المضاف أي: في وكذا قراءة من قرأ " في مسكنهم " أي: في موضع سكناهم لأن الاستغناء بالجمع عن المضاف إليه أكثره في الشعر نحو: " في حلقكم عظم " و " بعض بطنكم ". نقل فارسهم. |
|