أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الباب السادس: ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال الخميس 22 أكتوبر 2015, 10:18 pm | |
| الباب السادس: ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال ------------------------------------------------------------------ وهي أبواب ذكرها سيبويه نحو: صه ومه ورويد والنجاء وإياك وعليك وهاك وهلم. كما تراه في الكتاب. فهذه كلها أسماء سميت بها الأفعال. وقد أبطلنا قول من قال: هي قسم رابع في غير كتاب من كتبنا. فمما جاء في التنزيل من ذلك قولهم في الدعاء بعد الفاتحة آمين. وفيه لغتان: أمين وآمين بالقصر والمد وكلاهما اسم ل استجب كما أن صه اسم ل اسكت ومه كذلك. وفي آمين ضمير المخاطب. قال أبو علي في التذكرة: لو قال قائل إنه ليس بأعجمي لأنه لا يخلو لو كان أعجمياً من أن يكون اسم جنس أو منقولاً من معرفة وليس باسم جنس ولا منقولاً من معرفة فإذا لم يخل من هذين الوجهين في العجمة وليس واحداً منهما ثبت أنه ليس بأعجمي فهو وجه. فإن قلت: إنه وزن جاء في الأعجمية. قيل: لا ينكر وإن كان جاء في الأعجمي: مثل هابيل أن يجئ هذا عربياً ويكون إفراده في الأبنية العربية مثل: درى ومرنق ونحو ذلك من الأبنية التي تجئ مفردة نحو: انقحل وما أشبهه. فبعضهم لا يصرفه لتوهم العجمة وبعضهم يصرفه ويجعله مثل: قيراط وفيروز. قال أبو علي في موضع آخر: اختلف في آمين فقال قائلون: إنه اسم من الأسماء التي سمي بها الفعل نحو: صه ومه وإيه ورويد وما أشبه ذلك. وقال قائلون: هو اسم من أسماء الله. فمما يدل على أنه سمي به الفعل: ما روى حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قال: أمن هارون على دعاء موسى عليه السلام فقال الله: " قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ". وكما أن قول موسى: " ربنا اطمس على أموالهم " جملة مستقلة وكلام تام كذلك قول هارون آمين جملة مستقلة وكلام تام. ولولا أنه كذلك لم يكن هارون داعياً لأن من تكلم باسم مفرد أو كلمة مفردة لم يكن داعياً كما لا يكون آمرا ألا ترى أن الدعاء لفظه كلفظ الأمر فيقول القائل: اللهم اغفر لي في الأمر لي كقوله لصاحبه: اذهب بي. إلا أنه استعظم في الدعاء أن يقال إنه أمر. كما أن قولهم: صه بمنزلة: اسكت ومه بمنزلة: اكفف. كذلك في الدعاء: آمين بمنزلة: استجب. وفيه ضمير مرفوع بأنه فاعل. كما أن في سائر هذه الأسماء التي سمي بها الفعل أسماء مضمرة مرتفعة. ويدل على ذلك ما رواه عبد الوهاب عن إسماعيل بن مسلم قال: كان الحسن إذا سئل عن آمين قال: تفسيرها: اللهم استجب. عبد الوهاب عن عمر بن عبيد عن الحسن في آمين: ليكن ذلك. ومن حيث كان دعاء كما ذكرنا أخفى في قول أبي حنيفة وأصحابه في الصلاة ولم يجهر به لأن المسنون في الدعاء الإخفاء بدلالة قول الله تعالى: " ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ". ولما روى من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله أنه قال لقوم رافعي أصواتهم بالدعاء: إنكم لا تنادون أصم ولا غائباً وإن الذي تنادونه أقرب إليكم من رءوس مطيكم. ومما يدل على أن هذه الأسماء المسمى بها الفعل فيها ضمير فاعل كما أن في قولنا اضرب وما أشبهه من أمثلة الأمر ضمير فاعل إنك لما عطفت عليه المضمر المرفوع أكدته كما أنك لما عطفت على الضمير المرفوع في مثال الأمر أكدته. وذلك نحو قوله تعالى: " مكانكم أنتم وشركاؤكم " لما عطف الشركاء على مكانكم وكان قوله: مكانكم بمنزلة قولك: اثبتوا واسما لهذا الفعل أكد بأنتم كما أنه لما عطف على المضمر المرفوع في مثال الأمر أكد في قوله تعالى: " فاذهب أنت وربك فقاتلا " " اسكن أنت وزوجك الجنة ". فإذا ثبت احتمال هذه الأسماء المسمى بها الفعل الضمير كما احتملته أمثلة الأمر ثبت أنها جمل. وإذا كانت جملاً لم تصح أن تكون من أسماء الله سبحانه وأن القائل بذلك مخطئ لا دعائه ما لا دليل عليه. وقد قامت الدلالة على فساده. ألا ترى أن أسماء الله ليس فيها ما هو جملة وأنها كلها مفردة وهي على ضربين: أحدهما ما كان صفة نحو: عالم وقادر وخالق ورازق. والآخر ما كان مصدراً نحو الإله والسلام والعدل. فإذا لم تخل من هذين الضربين ولم يكن آمين من واحد من هذين ولا اسما غير وصف ولا مصدراً كقولنا شئ ثبت أنه ليس منها. فأما ما روى عن جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن مجاهد أنه قال: آمين اسم من أسماء الله تعالى. فعندنا هذا الاسم لما تضمن الضمير المرفوع الذي وصفنا وذلك الضمير مصروف إلى الله سبحانه قال: إنه اسم الله على هذا التقدير ولم يرد أن الكلمة اسم من أسماء الله دون الضمير كعالم ورازق. فإذا احتمل هذا الذي وصفت لم يكن فيما روى عنه حجة لمن قال: إن جملة الكلمة اسم. ومما يدل على أنه ليس باسم من أسماء الله تعالى وأنه من أسماء الأفعال على ما ذكرت أنه مبني كما أن هذه الأسماء الموضوعة للأمر مبنية. وليس في أسماء الله تعالى اسم مبني. على هذا الحد. فلما كان هذا الاسم مبنياً كصه وإيه ونحوهما. دل ذلك على أنه بمنزلتهما وليس من أسماء القديم سبحانه إذ ليس في أسمائه اسم مبني على هذا الحد. فإن قال قائل: فقد حكى سيبويه وعامة البصريين في: لاه أبوك. أنهم يريدون لله أبوك. وهذا الاسم مبني. لأنه لا يخلو من أن يكون على قول من قال: لاه لأفعلن. فأضمر حرف الجر واختص به. أو على قول من قال: ألا رب من قلبي له الله ناصح لأنه ليس بمنون فأوصل الفعل لما حذف الجار وأعمله فبين أنه ليس على إضمار حرف الجر إذ هو مفتوح في اللفظ. وليس في نحو: إبراهيم وعمر. فيكون مفتوحاً في موضع الجر أو منصوباً بلا تنوين نحو: رأيت عمر لتعرى الاسم مما يمنع الصرف. فإذا لم يكن على شئ من هذه الأنحاء التي ينبغي أن يكون المعرب عليها. ثبت أنه مبني وإذا كان مبنياً لم يمتنع أن يكون آمين اسما مثله وإن كان مبنياً. قيل له: إنما بني هذا الاسم الذي حكاه سيبويه لتضمنه معنى الحرف ال للتعريف. ألا ترى أنه زعم أنهم أرادوا: لله أبوك فلما لم يذكر لام المعرفة وتضمن الاسم معناها بني كما بني آمين لما تضمن معنى الألف واللام وكما بني خمسة عشر لما تضمن معنى حرف العطف وكم وكيف وأين لما تضمنت معنى الاستفهام أغنت عن حروف الاستفهام. والاسم إذا تضمن معنى الحرف بني. فأما آمين لم يتضمن معنى الحرف على هذا الحد ولا على نحو كيف وكم بني كما بني صه ومه ونزال وحذار ونحو ذلك من الأسماء التي تستعمل في الأمر للخطاب. وحكى قطرب: له أبوك بإسكان الهاء. وهذا صحيح في القياس مستقيم وذلك أنه لما وجب البناء وحرك الآخر منه بالفتح لالتقاء الساكنين ثم حذف منه حرف اللين الواقع موقع اللام كما حذف في نحو: يد ودم وبقي على حرفين زال التقاء الساكنين فبني على السكون لزوال ما فإن قال: فهلا بني على الحركة وإن كان على حرفين لأنه قد جرى متمكناً في غير هذا الموضع كما بني عل عند سيبويه على الحركة في قولهم: من عل. وإن كان على حرفين تجربه غير متمكن مجراه متمكناً قبل حال البناء. قيل: لم يشبه هذا عل لأن عل ونحوه مما يلحقه الإعراب في التمكن على اللفظ الذي هو عليه. وله من قولهم: له أبوك لحقه الحذف من شئ لم يتمكن قط في كلامهم. فإذا كان كذلك لم يلزم أن يكون مثل عل لمفارقته ل عل في أنه لم يجر الاسم المحذوف هذا عنه متمكناً فلما كان كذلك صار بمنزلة حذفهم مذ في منذ في أن المحذوف مبني كما أن المحذوف منه كذلك وفي أن المحذوف أسكن لزوال ما كان له حرك بالحذف وهو التقاء الساكنين. فأما قوله تعالى: " مكانكم أنتم وشركاؤكم " فالقول أنه مبني غير معرب من حيث صار اسماً للفعل كما كان صه وهلم ونحوهما مبنية. فإن قلت: إن مكانكم منصوب والنصب فيه ظاهر. قيل: ليست هذه الفتحة بنصب وذلك أن انتصابه لا يخلو من أن يكون بعامل عمل فيه بعد أن جعل اسما للفعل أو أن يكون بعد التسمية به في الانتصاب على ما كان عليه قبل ذلك فلا يجوز أن يكون انتصابه الآن وقد سمي به الفعل على ما كان قبل ألا ترى أن تقديره معمولاً لذلك العامل واتصاله به لا يصح كما يصح اتصاله به في هذه المواضع التي لا تكون أسماء للفعل وذلك قولك: زيد مكانك والذي مكانك زيد فهذا سد مسد الفعل الذي عمل فيه وأغنى من حيث كان تقدير العامل الذي تعلق به الظرف في الأصل غير ممتنع نحو: زيد استقر مكانك أو مستقر والذي استقر مكانك. وقدرت هذا العامل في الموضع الذي سميت الفعل به لم يتعلق به على حد تعلق الظرف في المعمولات بعواملها. ألا ترى أنك إن علقته بها على أنه ظرف بطل أن يكون جملة وزال عنه معنى الأمر فإذا كان كذلك لم يتصل به بعد أن صار اسما للفعل كما كان يتصل به قبل. وإذا لم يتصل به لم يكن معمولاً له ولم يجز أن يكون وهو اسم للفعل معرباً بالإعراب الذي كان يعرب به قبل. ولا يجوز أيضاً أن يكون انتصابه بعامل عمل فيه بعد أن جعل اسما للفعل وذلك أنه بمنزلة الأمر وهو نفسه العامل كما أن أمثال الأمر نفس العامل وكما أنه لا عمل لشئ في أمثلة الأمر كذلك ما أقيم مقامه. فإن قلت: إن الأفعال المضارعة عاملة في فاعليها ولم يمنعها ذلك من أن تكون معمولة لعوامل أخر فكذلك ما تنكر ألا يمنع كون مكانك ونحوه عاملاً في الفاعل المضمر فيه أن يكون هو نفسه أيضاً معمولاً لغيره كما لم يمنع المضارع أن يكون معمولاً لغيره وإن كان عاملاً في فاعله. قيل: إن المضارع لما أشبه الأسماء ووقع موقعها في بعض المواضع تعرف للمشابهة التي بينه وبين الاسم على ما ذكر في مواضع ذلك. وهذه الأسماء إذا سمي بها الفعل تخرج بذلك عن أن تقع مواقع الأسماء فوجب بناؤها لوقوعها موقع مالا يكون إلا مبنياً كما بني قولهم: فدى لك في قوله: مهلاً فداء لك يا فضاله أجره الرمح ولا تهاله لما وقع موقع الأمر وكما بني المضارع في قول أبي عثمان لما وقع موقع فعل الأمر. كذلك بني دونك وحذرك ونحوه لوقوعه موقع فعل الأمر ألا ترى أنهم بنوا رويد في هذا الباب مع أنه مصغر. فما عداه من هذه الأسماء أجدر بالبناء. وإذا كان كذلك لم يجز أن يتعرب مكانك بإعراب بعد ما سمي به الفعل فإذا لم يجز أن يتعرب بما كان متعرباً قبل أن سمي به الفعل ولم يجز أن يعرب بشئ بعدما سمي به ثبت أنه غير معرب. وهذا مذهب أبي الحسن الأخفش. وإذا لم يكن معرباً كان مبنياً ولم يجز أن يكون في موضع رفع ولا نصب ولا جر لأن ما يعمل في الأسماء لا يعمل فيه الآن عامل. فأما ما يعمل في الفعل فلا يعمل فيه أيضاً لأنه ليس بفعل فإذا كان كذلك ثبت أنها غير فأما تحرك بعض هذه الأسماء بحركة قد يجوز أن يكون للإعراب نحو: مكانك وحذرك وفرطك فإن ذلك لا يدل على أنها معربة. ألا ترى أن الحركات قد تتفق صورها وتختلف معانيها كقولك: يا منص في ترخيم رجل اسمه منصور على قول من قال: يا حارِ ويا حاٌر. وكذلك من قال: درع دلاص وأدرع دلاص لا تكون الكسرة التي في الجمع الكسرة التي في الواحدة لأن التي في الواحد مثل التي في كناز وضناك والتي في الجمع مثل في شراف وظراف. وكذلك قوله تعالى: " في الفلك المشحون " فضمة الفاء مثل ضمة قفل وبرد. وقوله تعالى: " والفلك التي تجري في البحر " ضمة الفاء فيه للجمع على حد أسَدِ وْأسْدِ و وَثٍن و وُثْنٍ. وكذلك لا ينكر أن تتفق الحركات في مكانك ويختلف معناها لما ذكرنا من الدلالة على ذلك فتكون إذا كان ذلك ظرفاً أو مصدراً حركة إعراب وإذا كان اسما للفعل حركة بناء ونحوه. ألا ترى اتفاق حركة الإعراب وحركة البناء في: يا بن أم ولا رجل عندك فكذلك اتفاقهما في مكانك. وفي آمين لعتان: قصر ومد فالمقصور عربي لكثرة فعيل في العربي. والممدود مختلف فيه وقد حكينا عن الأخفش أنه أعجمي لما لم ير هذا المثال في العربي. أحدهما: نحو: اللجام. والآخر: نحو: إبراهيم وإسماعيل. وهذا ليس واحداً منهما فإذن هو عربي. والمد فيها لإشباع الفتح كإشباع منتزاح ولا ترضاها وأنظور والصياريف وغير ذلك. وكما لا يجوز لأحد أن يقول إن هذه الكلمات أعجميات لخروجها عن كلامهم فكذلك لا يقال في آمين. وإذا كان هذا للإشباع فيها فكذلك في آمين. وقال محمد بن يزيد: آمين مثل عاصين. وأراد به أن الميم خفيفة كالصاد ولم يرد به أنه جمع لأنه إن كان اسماً من أسماء الله فالجمع فيه كفر وإن كان اسماً للفعل فإنه نائب عن الجملة فلا يجوز جمعه. وأما قول الأخفش: إنك إذا سميت ب آمين رجلاً لم تصرفه. فإن قال قائل: فأحذ السببين المانعين من الصرف التعريف فما السبب الثاني المنضم إلى التعريف وليس آمين بمنزلة هابيل في أنه اسم جرى معرفة في كلام العجم فيمنعه الصرف كما يمنع إبراهيم ونحوه قيل: يجوز أن تقول: إنه ما لم يكن اسم جنس ك شاهين أشبه الأسماء المختصة. فامتنع من الصرف كما امتنعت عنده عريط. وهذا الشبه فيما لا ينصرف معمل. ألا ترى أنهم شبهوا عثمان في التعريف بسكران. ومن كان آمين عنده عربياً فالقياس أن يصرفه إذا سمي به رجلاً على قول بني تميم ولا يمنعه خروجه عن أبنية كلامهم من الانصراف لأنه يصير بمنزلة عربي لا ثاني له من دونه نحو إنقحل. وعلى قياس قول أهل الحجاز ينبغي أن يحكى ألا ترى أنهم لو سموا رجلا بفعال نحو: حذام وقطام لحكوه ولم يعربوه. فهذا هو القول في آمين. ومن ذلك قوله تعالى في قول الكسائي: " كتاب الله عليكم " والتقدير عنده: عليكم كتاب الله. كقوله تعالى " عليكم أنفسكم " أي: احفظوها. هذا عندنا لا يصح لأن معمول عليك لا يتقدم عليه وإنما كتاب الله نصب مصدر مؤكد ما تقدم. وسأعد لك من أخواته معه ما يفهم به صحته. فإن قلت: فقد جاء ذلك في قولها: يأيها الماتح دلوى دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا قال: التقدير: دونك دلوى وهذا عندنا مبتدأ وخبر. ليس كما قالوا. فأما وقف من وقف على قوله تعالى: " فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح " ثم يبتديء فيقرأ عليه أن يطوف بهما فليس بالمتجه لأن سيبويه قال: إن هذا يكون في الخطاب دون الغائب فلا يجوز حمله على الإغراء. وهذا لفظ سيبويه. قال: حدثني من سمعه: أن بعضهم قال: عليه رجلاً ليسنى. هذا قليل شبهوه بالفعل. يعني أنه أمر غائباً فقال: عليه. وأما ما روى عن النبي عليه السلام أنه قال: " من استطاع منكم الباءة فليتزوج وإلا فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". وإنما أمر الغائب بهذا الحرف على شذوذه لأنه قد جرى للمأمور ذكر فصار بالذكر الذي جرى له كالحاضر فأشبه أمر الحاضر. وإنما قوله عليه خبر لا أي: لا إثم عليه في التطوف بينهما والطواف ليس بفرض. وأما قوله تعالى: " هيت لك " فقد قالوا: معناه: هلم لك. قال رجل لعلي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه: أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا أي: هلم إلينا وقد كسر قوم الهاء وهو لغة في ذا المعنى ورفعت في ذا المعنى. قال: وقراءة أهل المدينة: هيت لك في ذا المعنى الهاء مكسورة والتاء مفتوحة. والمعروف: هَيْتُ هيتَ بضم التاء وفتحها. وحكى الكسر أيضاً. وهو اسم للفعل. ولك على هذا للتبيين بمنزلة لك في قولهم: هلم لك. ومثل تبيينهم: رويدك بالكاف في رويدك. وتبيينهم هآء وهآء بقولهم: هاك وهاك. ولك في هلم لك متعلق بهذا الاسم الذي سمي به الفعل. ولا يجوز أن يتعلق بمضمر لأنك لو علقته بمضمر لصار وصفاً. وهذه الأسماء التي سميت الأفعال بها لا توصف لأنها بمنزلة مثال الأمر وكما لا يوصف مثال الأمر كذلك لا توصف هذه الأسماء. ومن ذلك هلم في قوله: هلم شهداءكم وفي قوله: هلم إلينا. وهي ها ضمت إلى لم فجعلا كالشئ الواحد. وفيه لغتان. أحدهما وهو قول أهل الحجاز ولغة التنزيل أن يكون في جميع الأحوال للواحد والواحدة والآثنين والآثنتين والجماعة من الرجال والنساء على لفظ واحد لا تظهر فيه علامة تثنية ولا جمع كقولهم: هلم إلينا فيكون بمنزلة: رويد وصه ومه ونحو ذلك نحو الأسماء التي سميت بها الأفعال وتستعمل للواحد والجمع والتأنيث والتذكير على صورة واحدة. والأخرى: أن تكون بمنزلة رد في ظهور علامات الفاعلين على حسب ما تظهر في رد وسائر ما أشبهها من الأفعال. وهي في اللغة الأولى وفي اللغة الثانية إذا كانت للمخاطب مبنية مع الحرف الذي بعدها على الفتح. كما أن هل تفعلن مبنى مع الحروف على الفتح. وإن اختلف موقع الحرفين في الكلمتين فلم يمنع الاختلاف من البناء على الفتح. ولخفة ها المنبهة لكون الأمر موضعا للاستعطاف كما لحقت يا ألا يا اسجدوا وها هاأنتم فحذف لكثرة استعمال الألف من ها ك لا أدري ولم أبل. ولأن الألف حذفت لما كانت اللام في نية السكون وكأنه. هلمم. والساكن معتبر بدليل. جيل ومول فلم يعلوا اعتباراً بسكون الياء والواو في موئل وجيأل. وحسن حذف الألف جعلها مع لم كخمسة عشر بدلالة اشتقاقهم الفعل منه. فيما حكى الأصمعي: إذا قيل لك. هلم. فقال: ما أهلم فاشتقاقهم الفعل نظير أهريق زيادة لا معنى له. ويكون اشتقاق: هلل وحوقل وهو أحسن لأنهم لم يغيروه في التثنية والجمع. وقال الفراء: إن: أصله: هل أم. وأم من قصدت. والدليل على فساد هذا القول: أن هل لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون بمعنى: قد وهذا يدخل في الخبر. وأما أن يكون بمعنى الاستفهام وليس لواحد من الحرفين تعلق بالأمر. وإن قلت: هو خبر بمعنى الأمر فإن ذلك لا يدخل عليه هل لأن من قال: رحم الله لا يقول: هل رحم الله والفتح فيه كالفتح في ليقومن وليس لالتقاء الساكنين كالفتح في رد لأن رد يجوز فيه الأوجه الثلاثة وهلم لا يجوز فيه إلا الفتح على لغة أهل الحجاز. ومن ذلك أفٍّ في قوله تعالى: " فلا تقل لهما أف " وقوله: " أف لكم ". وفي قوله: " والذي قال لوالديه أف لكما ". وفيه لغات: والمقروء منها الكسر بلا تنوين والكسر بتنوين عن نافع وحفص والفتح بلا تنوين ويجوز في العربية الضم بلا تنوين والضم بتنوين. وفي لغة سابعة أفي مثل: أمليت وأمللت. ومعنى كله: نتناً وذفراً. وقد سمي الفعل به فبني. وهذا في البناء على الفتح كقولهم: سرعان ذا إهالة لما صار اسماً ل يسرع وكذلك أف لما كان اسماً لما يكره أو يضجر منه ونحو ذلك. فمن نون نكرة ومن لم ينون كان عنده معرفة مثل: صَهْ وصَهٍ ومَهْ ومَهٍ إلا أن أف في الخبر وصه في الأمر. فإن قلت: ما موضع أف في هذه الآى بعد القول هل يكون موضعه نصباً كما ينتصب المفرد بعده أو كما تكون الجمل وكذلك لو قلت: أف وإذا لم يكن مع أف لك كان ضعيفاً ألا ترى أنك لو قلت: ويل لم يستقم حتى توصل به لك فيكون في موضع الجر. إحداها: هاك للرجل وهاك للمرأة. والكاف للخطاب. يدل على ذلك أن معنى: هاك زيدا أي: خذ زيداً فزيداً هو منصوب بهذا الفعل ولا يتعدى إلى مفعولين. ويدلك على أن الكاف في هاكَ وهاكِ حرف لا اسم إيقاعهمم موقعها ما لا يكون اسما على وجه وذلك قولك: هاؤم. وعلى هذا قوله تعالى: " هاؤم اقرءوا كتابيه ". وعلى هذا قالوا للاثنين: هاؤما وللنساء. هاؤن كما يقال: هاك وهاكما وهاكم وهاكن. وفيها لغة ثالثة وهي أن تترك الهمزة مفتوحة على كل حال وتلحقها كافاً مفتوحة للمذكر ومكسورة للمؤنث فتقول: هاءك وهاءكما وهاءكم وهاءك وهاءكما وهاءكن. وفيها لغة رابعة: وهي قولك للرجل: هأ بوزن: هع. وللمرأة: هانى بوزن: هاعى وللاثنين: هاءا بوزن: هاعا وللمذكرين: هاءوا بوزن: هاعوا. وللنساء: هأن بوزن: هعن. فهذه اللغة تتصرف تصرف خف وخافي وخافا وخافوا وخفن وهي لغة مع ما ذكرناه قليلة. فأما قول علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه: أفاطم هانى السيف غير ذميم فلست برعديد ولا بلئيم وسيفي بكفي كالشهاب أهزه أجذ به من حالق وصميم وما زلت حتى فض ربي جموعهم وأشفيت منهم صدر كل حطيم والوجه أن يكون على قول من كسر الهمزة للمؤنث لأن القرآن بهذه اللغة نزل وهو أفصح اللغات. ويجوز أن يكون على قول من قال: هائى بوزن خافى. فحذف الياء لالتقاء الساكنين. وفيه لغة خامسة وهو أن يقال للواحد والواحدة والتثنية والجمع على صورة واحدة. والذي ينبغي أن يحمل هذا عليه أن يجعل بمنزلة صه و مه ورويد و إيه. وأما رويداً من قوله عز وجل: " فمهل الكافرين أمهلهم رويداً " فإن رويداً في الآية ليست بمبنية. اسما ل ارفق نحو رويد علياً ولكنه صفة مصدر مضمر أي: أمهلهم إمهالاً رويدا ويجوز أن يكون حالاً. وفي كلا الوجهين تصغير إرواد تصغير الترخيم أو تصغير رود. فأما قوله تعالى: " قيل ارجعوا وراءكم " فالتقدير: ارجعوا ارجعوا و وراءكم لا موضع له لأنه تكرير. ألا ترى قولهم: وراءك أوسع لك. وأما قوله تعالى: " هيهات هيهات لما توعدون " فهيهات مبنية على الفتح. وهو اسم ل بعد. والفاعل مضمر فيه. والتقدير: هيهات إخراجكم لأنه تقدم أنكم تخرجون. ولا يصح قول من قال: إن التقدير: البعد لما توعدون أو البعيد لما توعدون لأن هذا التقدير لا يوجب لها البناء على الفتح وإنما يوجب بناءه كونه في موضع بعد كسرعان في موضع سرع وقد ذكرته في المختلف. وأما قولهم إيها وقوله عليه السلام: إيها أصيل دع القلوب تقر. فإيها مبني على الفتح وهو بالتنوين اسم لكف وهو نكرة. |
|