منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالثلاثاء 20 أكتوبر 2015, 1:59 am


تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Hadj10

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين

أعداد: أحمد فتحى سليمان

-------------------------------

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً دائماً إلى يوم الدين.


أما بعد..

فهذا الكتيب بين يديك محاولة متواضعة لتقريب علوم الحديث لغير المختصين فإنما الدين يقوم على معرفة كتاب الله وسنة رسوله وإن كان علمائنا الأجلاء قد قاموا بخدمة علوم الدين كافة على أكمل وجة إلا أن أغلب المؤلفات فى العلوم الشرعية أكثر عمقاً وأثقل محتوى من مستوى القارئ العامي من أمثالى ولمَّا كنت قد واجهت صعوبة فى تحصيل مقدمات علوم الحديث من المؤلفات القيمة التى نصح بها الشيوخ فقد رأيت ان أجمع مختصراً ينفعنى وقد تمنيت لو كان بيدى ليوفر علي الجهد والوقت فيكون مقدمة للتوسع فى الاطلاع و التعلم لمَنْ اراد ويعطى نبذة مختصرة لمن يريد فهم محدود لأبجديات علوم الحديث دون التعمق فإنما هو عمل عامي موجه الى نظرائه من العامة فعمدت الى بعض مؤلفات المختصين وأهل العلم والثقة فجمعت منها بعض فوائد فكان هذا الكتيب، وأسال الله العلي العظيم ان يجعل هذا العمل الضئيل نافعاً وخالصاً لوجه الكريم.


نشأة وتطور علوم الحديث:

الحديث في الأصل يطلق على الجديد من الأشياء ويطلق على الخبر، ومنه قوله تعالى: {ومَنْ أصدَقُ مِنَ اللهِ حديثاً}, وقوله: {فجعلناهم أحاديث}.


وفي الاصطلاح:

هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.


أما الحديث القدسي:

فالقدسي نسبة إلى القدس وهو الطهر.

وقد جاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم وصفاً لجبريل عليه السلام قال عز شأنه: {قل نزله روح القدسِ من ربك بالحق} وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة أي الروح المقدس أي المطهر، وهو الروح الأمين في قوله عز وجل: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} وجبريل هو الأمين على وحي الله إلى أنبيائه ورسله.


وقد أختلف العلماء في الحديث القدسي:

أهو بلفظه ومعناه من الله تبارك وتعالى أم هو لفظه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعناه بوحي من الله تعالى؟

فذهب كثير من العلماء إلى أن لفظه ومعناه من الله تعالى وأنه أوحى به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأي طريق من طرق الوحي كقذف في القلب، أو في المنام، وعلى هذا يكون الفرق بينه وبين الحديث النبوي ظاهر ذلك أن هذا لفظه من النبي -صلى الله عليه وسلم- وذاك لفظه من عند الله تبارك وتعالى وعلى هذا أيضاً يكون موافقا للقرآن الكريم من حيث كونه كل منهما نزل بلفظه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن كلاً منهما بوحي من الله تبارك وتعالى.


ويكون الفرق بينه وبين القرآن الكريم من وجوه متعددة ومنها:

أن القرآن الكريم كله موحى به عن طريق الوحي الجلي وهو جبريل عليه السلام وهذا أمر يكاد يكون مجمعاً عليه بين العلماء.


أن الصلاة لا تصح:

إلا بالقرآن الكريم أما الحديث القدسي فلا تجوز به الصلاة، وأن القرآن الكريم متعبد بتلاوته ففي الحديث الذي رواه الترمذي مرفوعًا: "مَنْ قرأ حرفاً من القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول: {الم} حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، وأما الأحاديث القدسية فلا يتعبد بتلاوتها.


أن القرآن الكريم كله منقول بالتواتر المفيد للقطع واليقين في نسبته إلى الله تبارك وتعالى، أما الأحاديث القدسية فليست كذلك، وأن القرآن الكريم مكتوب كله في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، أما الأحاديث القدسية فلا، وأن القرآن الكريم لا يجوز مسه للمحدث بغير حائل، ويحرم على الجنب قراءته وكذا الحائض والنفساء بخلاف الأحاديث القدسية.


واليك بعض المصطلحات الأساسية المستعملة فى علوم الحديث:

الخبر:

لغة: النبأ.

اصطلاحاً: فيه ثلاثة أقوال وهي:

1) هو مرادف للحديث: أي إن معناهما واحد اصطلاحاً.

2) مغاير له: فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. والخبر ما جاء عن غيره.

3) أعم منه: أي إن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عنه أو عن غيره.


الأثر:

أ) لغة: بقية الشيء.

ب) اصطلاحاً: فيه قولان هما:

1) هو مرادف للحديث: أي أن معناهما واحد اصطلاحاً.

2) مغاير له: وهو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال.


الإسناد:

له معنيان:

أ) عزو الحديث إلى قائله مسنداً.

وصلة للمتن.

وهو بهذا المعنى مرادف للسند.

ب) سلسلة الرجال.


السند:

أ) لغة: المعتمد.

وسمي كذلك لأن الحديث يستند إليه ويعتمد عليه.

ب) اصطلاحا: سلسلة الرجال الموصلة للمتن.


المتن:

أ) لغة: ما صلب وارتفع من الأرض.

ب) اصطلاحاً: ما ينتهي إليه السند من الكلام.


المسنَد: (بفتح النون)

أ) لغة: اسم مفعول من أسند الشيء إليه بمعنى عزاه ونسبه له.

ب) اصطلاحاً: له ثلاثة معان.

1) كل كتاب جمعَ فيه مرويات كل صحابي على حِدَة.

2) الحديث المرفوع المتصل سنداً.

3) إن يراد به "السند" فيكون بهذا المعنى مصدراً ميمياً.


المسنِد: (بكسر النون)

هو من يروي الحديث بسنده، سواء أكان عنده علم به، أم ليس له إلا مجرد الرواية.


المحدث:

هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية ويطلع على كثير من الروايات وأحوال ر واتها.


الحافظ:

فيه قولان:

أ) مرادف للمحدث عند كثير من المحدثين.

ب) وقيل هو أرفع درجة من المحدث.

بحيث يكون ما يعرفه في كل طبقة أكثر مما يجهله.


الحاكم:

هو من أحاط علماً بجميع الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير على رأي بعض أهل العلم.


ظهور علم الحديث:

لم تبدأ العناية بأسانيد الحديث وباقى فروع هذا العلم تباعاً إلا من بعد تباعد الزمن ووفاة الكثير من الصحابة وخشية الكذب على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يكن الصحابة يكذبون على النبى وأنما كان أن أخطأ احدهم (وأخطأهم قليلة) استدرك غيره عليه وصححه كما استدركت أم المؤمنين عائشة على أكثر من صاحبي أخطاء وقعوا بها فى النقل أو الفهم عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.


قال الإمام التابعي محمد بن سيرين:

"لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" رواه مسلم في مقدمة صحيحه ومنذ طبقة تابعى التابعين بدأ هذا العلم فى النضوج و بدأت تظهر له قواعد ثم بدأت التصانيف فيه تظهر تباعاً وهذا ما سنعرض له فيما يلى:


الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

كان معظم الصحابة رضوان الله عليهم يأخذون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوحي بطريق السماع المباشر ومن لم تمكنه ظروف حياته من التلقي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مباشرة بسبب السفر أو الاشتغال بالجهاد أو أمور المعاش أخذ عمَّن تلقى عن الرسول, فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يتناوب هو وجار له من الأنصار في الذهاب إلى مجلس الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا ينزل يوماً وذاك ينزل يوماً, فإذا نزل أحدهما جاء للآخر بخبر ذلك اليوم من الوحي والأحاديث والأخبار.


وقبائل العرب كانوا يرسلون الوفود لتأتيهم بخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والوحي قرآناً أو سنة كما فعل قوم ضمام بن ثعلبة وكوفد عبد القيس وغيرهم وفدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عن الإيمان وشرائع الإسلام فأجابهم وعلمهم وأوصاهم أن يبلغوا من وراءهم وكذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرسل مع الوفود من علماء الصحابة من يُقرئهم القرآن ويعلمهم السنة ويفقههم في الدين وذلك كما فعل مع الأنصار قبل الهجرة, فقد أرسل معهم الصحابي الجليل مصعب ابن عمير.


وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بحفظ الأحاديث والسنن وشرائع الدين وتبليغها، كقوله -صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأً سمع مني مقالة فحفظها ووعاها، فأداها كما سمعها فربَّ مبلغ أوعى من سامع"، وقال -صلى الله عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ مَنْ هو أوعى منه"، وقال -صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً, وإنما ورثوا العلم فمَنْ أخذه أخذ بحظ وافر", وغير ذلك العديد من الأحاديث التي كانت تحمل الصحابة على تعلم السنن والشرائع وتبليغها.


كتابة الصحابة عن رسول الله:

يوجد من الأدلة الكثيرة على أن تدوين السنن قد بدأ فى حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- واستمر بعد ذلك ومنها:

ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: "ما من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ولا أكتب، وما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما: أن أبا شاه اليمني التمس من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكتب له شيئاً سمعه من خطبته عام الفتح فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اكتبوا لأبي شاه، وأنه -صلى الله عليه وسلم- كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمر بن عزم وغيره وكذلك روى البخاري في صحيحه بسنده عن أنس: "أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم: هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين والتي أمر بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط..." إلى آخر الحديث، وقد اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة الأحاديث وتدوينها في الكتب فى أول الأمر فكرهها طائفة منهم وينسب هذا القول إلى: ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم أجمعين، وأباحها أو فعلها طائفة منهم: عمر, وعلي، وابنه الحسن, وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وجابر، وابن عباس, والحسن البصري, وعطاء بن أبي رباح, وسعيد بن جبير, وعمر بن عبد العزيز, وحكاه القاضي عياض عن أكثر الصحابة والتابعين.


ثم أجمعوا بعد ذلك على جوازها بل على وجوبها:

قال ابن الصلاح في مقدمته: ثم إنه زال ذلك الخلاف, وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة.


وقال الحافظ ابن حجر:

ولم يعد من السلف من كان يتحرج من الكتابة وبذلك ارتفع الخلاف الذي كان بينهم أولاً في كتابة الحديث.


واستقر الأمر, وانعقد الإجماع على جواز كتابته, بل على استحبابه, بل على وجوبه على من خشي عليه النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم.


فماذا عن الاحاديث فى النهى عن كتابة الحديث؟

قد اختلف العلماء في التوفيق بين أحاديث الإذن وحديث النهي فمنهم من قال: إن الإذن لمن خيف عليه النسيان كأبي شاه, والرجل الأنصاري, والنهي لمن أمن عليه النسيان ووثق بحفظه, وخيف اتكاله على الكتابة, فيكون النهي مخصوصًا به ومنهم من قال: إن النهي خشية أن يلتبس على البعض الحديث بالقرآن الكريم, أو أن يكون شاغلًا لهم عنه, والإذن لمن أمن عليه ذلك بأن كان قارئًا كاتبًا, ويؤمن عليه الانصراف عن القرآن والاشتغال بالسنة كعبد الله بن عمرو بن العاص وسيدنا عليّ رضي الله عنهم، ومنهم من أعل حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه مسلم ويقتضى النهى اساساً وقال إنه موقوف عليه.


ومنهم من قال:

إن أحاديث الإذن ناسخة لحديث النهي, وإن النهي كان في مبدأ الأمر حين خيف اشتغالهم بالأحاديث عن القرآن أو خيف اختلاط غير القرآن بالقرآن, ثم لما أمن ذلك نسخ, قال الحافظ في الفتح "وهو أقربها مع أنه لا ينافيها", وهذا الرأي هو الصحيح, ويؤيد القول بالنسخ, أن بعض أحاديث الإذن متأخرة التاريخ فأبو هريرة رضي الله عنه راوي حديث كتابة عبد الله بن عمرو وهو متأخر الإسلام فقد أسلم في أوائل العام السابع عقب خيبر مما يدل على أن عبد الله كان يكتب بعد إسلامه, وقصة أبي شاه كانت عام الفتح سنة ثمانٍ, وحديث طلب النبي كتابًا ليكتبوا له ما كان يريد قبيل وفاته, ولو كان حديث أبي سعيد في النهي متأخرًا عن هذه الأحاديث لعرف ذلك عند الصحابة يقينًا، إذ مثل ذلك مما لا يخفى عليهم.


ثم جاء إجماع الأمة على الكتابة بعد قرينة على أن الإذن هو الأمر الأخير, ومهما يكن من شيء فقد انقضى العصر النبوي والذين كانوا يكتبون الأحاديث من الصحابة أقل ممن كانوا لا يكتبون الحديث في عهد الصحابة وكبار التابعين أستمرت العناية بالحديث وطلبه بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكان من جمع بعض الاحاديث من الصحابة لا يضن بها على غيره ومن ذلك ما روى الدارمي والحارث في مسنديهما بسنديهما عن ابن عباس قال: "لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم اليوم كثير قال: واعجباً لك!! أترى الناس يفتقرون إليك؟ قال: فترك ذلك -يعني هذا الرجل- قال ابن عباس: وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل منهم فآتي بابه, وهو قائل فأتوسد ردائي يسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول: يابن عم رسول الله ما حاجتك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك؟! فأقول: لا أنا أحق أن آتيك. فأسأله عن الحديث, فعاش الأنصاري حتى رآني. وقد اجتمع الناس حولي يسألوني. فقال: هذا الفتى كان أعقل مني.


ثم أن عمر -رضي الله عنه- هم أن يجمع الأحاديث ويقيدها في كتب فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأشاروا عليه أن يكتبها, فطفق يستخير الله في ذلك شهراً, ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال: "إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا". رواه البيهقي في المدخل وعلى سنة التثبت في الرواية التي أشار إليها القرآن, وحث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- سار الصحابة بعده والخلفاء الراشدون.


روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث. فقال: "ما أجد لكِ في كتاب الله شيئاً, وما علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر لكِ شيئاً", ثم سأل الناس, فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس. فقال له الصديق: "هل معك أحد" فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه، على هذه السنة سار الفاروق عمر -رضي الله عنه- فقد نهج منهج الصديق في تثبته بل وزاد عليه.


روى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن أبا موسى -يعني الأشعري- سلم على عمر من وراء الباب ثلاث مرات, فلم يؤذن له, فرجع. فأرسل عمر في إثره فقال له: لم رجعت؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يجب فليرجع", قال: لتأتيني على ذلك ببينة أو لأفعلن بك, فجاء أبو موسى منتقعاً لونه, ونحن جلوس, فقلنا: ما شأنك؟ فأخبرنا, وقال: هل سمعه أحد منكم؟ قلنا: كلنا سمعه, فأرسلوا معه رجلاً حتى أتى عمر فأخبره وروي أنه قال لأبي موسى: "إن كنت لأميناً على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكني أردت أن أستثبت" وقال عمر الفاروق: "بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع" رواه مسلم في مقدمة صحيحه وهذا أبو الحسن علي رضي الله عنه يقول: "كنت إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني به, وكان إذا حدثني "غيره استحلفته فإذا حلف صدقته" ويقول: "حدثوا الناس بما يعرفون, ودعوا ما ينكرون, أتحبون أن يُكذب الله ورسوله؟.


قال الإمام الذهبي: "فقد زجر الإمام رضي الله عنه عن رواية المنكر وحث على التحديث بالمشهور وهذا أصل كبير في الكف عن بث الأشياء الواهية والمنكرة من الأحاديث في الفضائل، والعقائد, والرقائق، ولا سبيل إلى معرفة هذا من هذا إلا بالإمعان في معرفة الرجال والله أعلم".


وقد اتبع هذا المنهج أيضاً سائر الصحابة المكثر منهم والمقل, يقول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع. رواه مسلم.


وهي دعوة صادقة إلى التثبث، فإن المرء إذا حدث بكل ما سمع فإنه يقع في الكذب لا محالة إذ هو يسمع في العادة الصدق والكذب ولم تكن مراجعة بعض الصحابة لبعضهم وطلبهم راوياً أخر أو استحلافهم عند الرواية طعناً في عدالتهم ولا تكذيباً لهم ولكن ذلك كان على سبيل التحوط والتثبت من المرويات وكذلك لتكون سنة متبعة لمَنْ يأتي بعدهم تعظيماً للسنه النبوية وتقديراً لعظم أمرها وليس أدل على هذا من قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه لسيدنا أبي موسى الأشعري: إن كنت لأميناً على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكني أردت أن أستثبت.


وبلغ عدد من روى الحديث من الصحابة قرابة 1800 صحابى وصحابية منهم مَنْ روى حديث او حديثان ومنهم مَنْ أكثر من الرواية ومنهم مَنْ روى أكثر من ألف حديث وهم عائشة وابن عمر وأبى هريرة وابن عباس وجابر وسعد وأنس رضى الله عنهم أجمعين ولم يكن إكثار المكثرين من الصحابة في الرواية أستهانة بأمرها وإنما كان ذلك لعوامل متعددة كطول العمر, وجلوسهم للرواية وقلة الاشتغال بأمور الدنيا وسكنى الأمصار التي يقصدها طالبوا الحديث وإكثار مَنْ تلقوا منهم فمما لا شك فيه أن كثير من الروايات متعددة الطرق لم تصل إلينا من كافة هذه الطرق وأنما بلغ بعض من سمع من الصحابة ولم يبلغ بعضهم ما جاءهم ويلاحظ أن كثير من روايات المكثرين من الصحابة لم يسمعوها من رسول الله مباشرة وإنما جمعوها من غيرهم من الصحابة فيما يعرف بمرسل الصحابى ورواها إلى طلاب العلم من التابعين.


الرواية فى عصر التابعين:

وفى عصر التابعين رضوان الله عليهم تمت معظم الفتوحات وسكن الصحابة الذين حملوا الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمصار وتفرغ للعلم والرواية والفتوى الكثيرين وتكونت المدارس العلمية وأضحى لهذه المدارس أساتذة وأئمة, وطلاب كثيرون وكان الإقبال على التعليم شديداً وكان لرواية الأحاديث والسنن من ذلك حظ كبير مع شدة التحرز فى طلبها.


فيقول ابن سيرين التابعي الجليل:

إن هذا العلم -أي علم الحديث والرواية- دين فانظروا عمَّنْ تأخذون دينكم، ويقول عبد الله بن ذكوان فقيه أهل المدينة: أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث يقال: ليس من أهله. رواه مسلم.

والإمام عبد الرحمن بن مهدي يقول: "لا يكون الرجل إماماً يقتدى به حتى يمسك عن بعض ما سمع" رواه مسلم، ويقول ابن وهب: قال لي مالك: "اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدث بكل ما سمع" رواه مسلم في مقدمة صحيحه.

وكان الإمام مالك يقول: "لقد أدركت في هذا المسجد -أي النبوي- سبعين ممَّن يقول: قال فلان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولو أن أحدهم اؤتمن على بيت مال لكان أميناً عليه. ولكني ما أخذت عنهم؛ لأنهم ليسوا من أهل هذا الشأن"، وغير ذلك من النصوص الدالة على العناية بالأسانيد, ونقد الرواية والتثبت في الرواية الكثير.


بداية تدوين الحديث تدويناً عاماً:

روى الإمام مالك في الموطأ, أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: "أن انظر ما كان من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو سننه أو حديث عمر أو نحو هذا فاكتبه, فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء, وأوصاه أن يكتب ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية, والقاسم بن محمد بن أبي بكر" ورواه الإمام البخاري في صحيحه تعليقاً فقال: "وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: رضي الله عنهما: أن انظر ما كان عندك -أي في بلدك- من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ولتفشوا العلم, ولتجلسوا حتى يعلم مَنْ لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا"، وكان ذلك على رأس المائة الأولى.


- التدوين في القرن الثاني 100هـ:

ثم شاع التدوين في الطبقة التي تلى طبقة الزهري, وأبي بكر بن حزم فألف الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ بالمدينة كتابه "الموطأ" توخى فيه القوى من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم وألف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المتوفى سنة 150هـ وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي المتوفى سنة 156هـ وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري المتوفى سنة 161هـ وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار المتوفى سنة 176هـ ومعمر بن راشد المتوفى سنة 153هـ وهشيم بن بشير السلمي الواسطي المتوفى سنة 188هـ وجرير بن عبد الحميد المتوفى سنة 188هـ وعبد الله بن المبارك المتوفى سنة 181هـ وكثيرون من أهل عصرهم حتى أنه ما من مصر من الأمصار الإسلامية إلا وقد جمع الأحاديث فيه إمام أو أئمة, وكانت طريقة هؤلاء في التأليف مزج أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم، والأثر الباقي من كتب هذا القرن هو الموطأ قال الحافظ ابن حجر: "إن ما ذكر إنما هو بالنسبة لى الجمع في الأبواب. وأما جمع حديث إلى مثله في باب واحد فقد سبق إليه الشعبي فإنه روى عنه أنه قال: هذا باب من الطلاق جسيم. وساق فيه أحاديث.


إفراد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن غيره:

ثم رأى بعض الأئمة أن يفرد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن غيره, وكان ذلك على رأس المائتين فألفوا فيه ما يعرف بالمسانيد، فألف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي المتوفى سنة ثلاث عشرة ومائتين مسنداً، وألف مسدد بن مسرهد البصري المتوفى سنة ثمان وعشرين ومائتين مسنداً، وألف أسد بن موسى الأمور المتوفى سنة اثني عشرة ومائتين مسنداً، وألف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر المتوفى سنة ثمان وعشرين ومائتين مسنداً، ثم اقتفى الأئمة أثرهم.


فقل إمام من أئمة الحديث إلا رتب حديثه على المسانيد:

وذلك كالإمام الجليل أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241هـ إحدى وأربعين ومائتين، والإمام إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومائتين، والإمام عثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة 279هـ تسع وسبعين ومائتين وغيرهم من النبلاء، ومنهم من ألف على الأبواب وعلى المسانيد معاً كأبي بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة 230هـ 300هـ.


- التدوين في القرن الثالث 200هـ:

ويعتبر القرن الثالث الهجري أخصب القرون بالنسبة لتدوين السنة وأزهاها ففيه ظهر أصحاب الكتب الستة المشهورة التي تعتبر أهم دواوين السنة وكتبها وأوفاها وأشملها للأحاديث النبوية وقد نهج التأليف في هذا القرن منهج التأليف على الأبواب الفقهية فيبدءون بالطهارة ثم الصلاة ثم الزكاة ثم الصوم ثم الحج ثم المعاملات والحدود وهكذا, ومن هؤلاء من اقتصر على الأحكام, ومنهم من لم يقتصر على ذلك فعرض للوحي وللعلم

وللتفسير وللمغازي والسير وذلك كما فعل البخاري ومسلم ومنهم من التزم تخريج الصحيح فحسب في كتابه وذلك كصاحبي الصحيحين وهما: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري المتوفى سنة 256هـ،  والإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري المتوفى سنة 261هـ، ومنهم من لم يلتزم الصحة, فذكر في كتابه الصحيح والحسن والضعيف وقد تفاوت كتبهم في المنزلة بحسب تفاوتهم في العلم والمعرفة وذلك كأصحاب السنن الأربعة وهم: الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة 275هـ، والإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة 279هـ، والإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة 315هـ، وأبو عبد الله محمد بن بن يزيد بن ماجه القزويني المتوفى سنة 273هـ، وهناك غير هؤلاء الأئمة الستة علماء كثيرون ظهروا في هذا القرن فلا عجب أن كان هذا القرن يعتبر العصر الذهبي لتدوين السنة.


- التدوين في القرن الرابع 300

استدرك أهل هذا القرن الرابع على أهل القرن الثالث ما فاتهم وأكملوا الصرح الشامخ الذي أسسوه وبنوه بحيث لم ينته هذا القرن حتى كادت الأحاديث تكون قد جمعت كلها ودونت، كما عني بعضهم بالاستدراك عليهم في نقد الرجال وتعليل الأحاديث وأشهر الكتب المؤلفة في هذا القرن.


المعاجم الثلاثة:

الكبير والأوسط والصغير، للإمام سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360هـ رتب في الكبير الصحابة على حروف المعجم, وهو مشتمل على نحو خمسمائة وعشرين ألف حديث, ورتب في الأوسط والصغير شيوخه على الحروف أيضاً، وصحيح الإمام الكبير محمد بن إسحاق بن خزيمة المتوفى سنة 311هـ، صحيح أبي عوانة يعقوب بن إسحاق المتوفى سنة 316هـ، ومصنف الطحاوي الفقيه الحنفي المحدث المتوفى سنة 321هـ، والمنتقى لقاسم بن أصبغ محدث الأندلس المتوفى سنة 340هـ، والصحيح المنتقى لابن السكن سعيد بن عثمان البغدادي المتوفى سنة 353هـ، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة 354هـ، وسنن الإمام أبي الحسن الدارقطني المتوفى سنة 385هـ، ومستدرك الإمام أبي عبد الله الحاكم المتوفى سنة 405هـ وغيرهم كثير.


التدوين بعد القرن الرابع:

وبعد القرن الرابع انتهى عصر الرواية فقد كان طريقة مؤلفيها أنهم يهذبون كتب المتقدمين، أو يرتبوها، أو يجمعون ما تشتت منها في كتب متفرقة في كتاب واحد، أو يختصرون الأسانيد والمتون أو يتكلمون في رجالها، أو يبينون غريبها، أو يشرحون متونها، أو يجمعون الأحاديث المتعلقة بالأحكام، أو بالترغيب والترهيب في كتب مستقلة، أو يخرجون أحاديث بعض كتب الفقه والتفسير والوعظ واللغة.


ومن امثلة ذلك:

الإمام في أحاديث الأحكام ومختصره الإلمام في أحاديث الأحكام وكلاهما للإمام محمد بن علي بن دقيق العيد المتوفى سنة 702هـ وبلوغ المرام من أدلة الأحكام" للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ، الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفى سنة 656هـ، ورياض الصالحين للإمام أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676هـ.

يتبع إن شاء الله...



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 12 يونيو 2021, 2:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالإثنين 28 ديسمبر 2015, 5:05 pm

ذكر تحريم الإفتاء في دين الله بغير علم وذكر الإجماع على ذلك
قد تقدم قوله تعالى {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} وأن ذلك يتناول القول على الله بغير علم في أسمائه وصفاته وشرعه ودينه، وتقدم حديث أبي هريرة المرفوع: "من أفتي بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه".

لا ضير على من لا يعلم ان يقول الله أعلم:
وروى الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتمارون في القرآن فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا ولا يكذب بعضه بعضا فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه" فأمر من جهل شيئا من كتاب الله أن يكله إلى عالمه ولا يتكلف القول بما لا يعلمه.

وروى مالك بن مغول عن أبي حصين عن مجاهد عن عائشة "أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها قالت: فقلت ألا عذرتني عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم".

وروى أيوب عن ابن أبي مليكة قال: سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن آية فقال: "أي أرض تقلني وأي وسماء تظلني وأين أذهب وكيف أصنع إذا أنا قلت في كتاب الله بغير ما أريد الله بها".

وذكر البيهقي من حديث مسلم البطين عن عزرة التميمي قال: قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة: "وابردها على كبدي ثلاث مرات قالوا: يا أمير المؤنين وما ذاك قال: أن يسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: الله أعلم".

وذكر أيضا عن علي رضي الله عنه قال: خمس إذا سافر فيهن رجل إلى اليمن كن فيه عوضا من سفره: لا يخشى عبد إلا ربه ولا يخاف إلا ذنبه ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم ولا يستحي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد.

وقال الزهري عن خالد بن أسلم وهو أخو زيد بن أسلم: "خرجنا مع ابن عمر نمشي فلحقنا أعرابي فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم قال: سألت عنك فدللت عليك فأخبرني أترث العمة؟ قال: لا أدري قال: أنت لا تدري قال: نعم اذهب إلى العلماء بالمدينة فاسألهم فلما أدبر قبل يديه وقال: نعما قال أبو عبد الرحمن سئل عما لا يدري فقال لا أدري".

وقال ابن مسعود: "من كان عنده علم فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم فإن الله قال لنبيه {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}".

وصح عن ابن مسعود وابن عباس: "من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون".

وقال ابن شبرمة: سمعت الشعبي إذا سئل عن مسألة شديدة قال: "رب ذات وبر لا تنقاد ولا تنساق ولو سئل عنها الصحابة لعضلت بهم".

وقال أبو حصين الأسدي: "إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر".

وقال ابن سيرين: "لأن يموت الرجل جاهلا خير له من أن يقول ما لا يعلم".

وقال القاسم: "من إكرام الرجل نفسه أن لا يقول إلا ما أحاط به علمه" وقال: "يا أهل العراق والله لا نعلم كثيرا مما تسألوننا عنه ولأن يعيش الرجل جاهلا إلا أن يعلم ما فرض الله عليه خير له من أن يقول على الله ورسوله ما لا يعلم".

وقال مالك: من فقه العالم أن يقول: "لا أعلم" فإنه عسى أن يتهيأ له الخير وقال: سمعت بن هرمز يقول: "ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده لا أدري حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه".

وقال الشعبي: "لا أدري" نصف العلم.

وقال ابن جبير: "ويل لمن يقول لما لا يعلم إني أعلم".

وقال الشافعي: سمعت مالكا يقول: سمعت ابن عجلان يقول: "إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتلة" وذكره ابن عجلان عن ابن عباس.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: جاء رجل إلى مالك فسأله عن شيء فمكث أياما ما يجيبه فقال: يا أبا عبد الله إني أريد الخروج فأطرق طويلا ورفع رأسه فقال: ما شاء الله يا هذا إني أتكلم فيما أحتسب فيه الخير ولست أحسن مسألتك هذه.

وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: "العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق" قال: وكان يقال: "التأني من الله والعجلة من الشيطان" وهذا الكلام قد رواه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "التأني من الله والعجلة من الشيطان" وإسناده جيد.

وقال ابن المنكدر: "العالم بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم.

وقال ابن وهب: قال لي مالك وهو ينكر كثرة الجواب في المسائل: "يا عبد الله ما عملت فقل وإياك أن تقلد الناس قلادة سوء".

وقال مالك: حدثني ربيعة قال: قال لي أبو خلدة وكان نعم القاضي "يا ربيعة أراك تفتي الناس فإذا جاءك الرجل يسألك فلا يكن همك أن تتخلص مما سألك عنه".

وكان ابن المسيب لا يكاد يفتي إلا قال: "اللهم سلمني وسلم مني".

وقال مالك ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني: هل تراني موضعا لذلك؟ سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقيل له: يا أبا عبد الله فلو نهوك؟ قال: كنت أنتهى.

وقال ابن عباس لمولاه عكرمة: اذهب فأفت الناس وأنا لك عون فمن سألك عما يعنيه فأفته ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فإنك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس.

تكرير السؤال وفوائده:
وكان أيوب إذا سأله السائل قال له: أعد فإن أعاد السؤال كما سأله عنه أولا أجابه وإلا لم يجبه وهذا من فهمه وفطنته رحمه الله وفي ذلك فوائد عديدة: منها أن المسألة تزداد وضوحا وبيانا بتفهم السؤال ومنها أن السائل لعله أهمل فيها أمرا يتغير به الحكم فإذا أعادها ربما بينه له ومنها أن المسؤل قد يكون ذاهلا عن السؤال أولا ثم يحضر ذهنه بعد ذلك ومنها أنه ربما بان له تعنت السائل وأنه وضع المسألة فإذا غير السؤال وزاد فيه ونقص فربما ظهر له أن المسألة لا حقيقة لها وأنها من الأغلوطات أو غير الواقعات التي لا يجب الجواب عنها فإن الجواب بالظن إنما يجوز عند الضرورة فإن وقعت المسألة صارت حال ضرورة فيكون التوفيق إلى الصواب أقرب والله أعلم.

ذكر تفصيل القول في التقليد وانقسامه إلى ما يحرم القول فيه والإفتاء به وإلى ما يجب المصير إليه وإلى ما يسوغ من غير إيجاب:
فأما النوع الأول فهو ثلاثة أنواع أحدها: الإعراض عما أنزل الله وعدم الالفتات إليه اكتفاء بتقليد الآباء الثاني: تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل لأن يؤخذ بقوله الثالث التقليد بعد قيام الحجة وظهور الدليل على خلاف قول المقلد والفرق بين هذا وبين النوع الأول أن الأول قلد قبل تمكنه من العلم والحجة وهذا قلد بعد ظهور الحجة له فهو أولى بالذم ومعصية الله ورسوله.

وقد ذم الله سبحانه هذه الأنواع الثلاثة من التقليد في غير موضع من كتابه كما في قوله تعالى{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} وقال تعالى {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} وقال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} وهذا في القرآن كثير يذم فيه من أعرض عما أنزله وقنع بتقليد الآباء.

فإن قيل: إنما ذم من قلد الكفار وآباءه الذين لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ولم يذم من قلد العلماء المهتدين بل قد أمر بسؤال أهل الذكر وهم أهل العلم وذلك تقليد لهم فقال تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وهذا أمر لمن لا يعلم بتقليد من يعلم.

فالجواب أنه سبحانه ذم من أعرض عما أنزله إلى تقليد الآباء وهذا القدر من التقليد هو مما اتفق السلف والأئمة الأربعة على ذمه وتحريمه وأما تقليد من بذل جهده في اتباع ما أنزل الله وخفي عليه بعضه فقلد فيه من هو أعلم منه فهذا محمود غير مذموم ومأجور غير مأزور كما سيأتي بيانه عند ذكر التقليد الواجب والسائغ إن شاء الله.

وقال تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} والتقليد ليس بعلم باتفاق أهل العلم كما سيأتي وقال تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} وقال تعالى {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} فأمر باتباع المنزل خاصة والمقلد ليس له علم أن هذا هو المنزل وإن كان قد تبينت له الدلالة في خلاف قول من قلده فقد علم أن تقليده في خلافه اتباع لغير المنزل وقال تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} فمنعنا سبحانه من الرد إلى غيره وغير رسوله وهذا يبطل التقليد وقال تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} ولا وليجة أعظم ممن جعل رجلا بعينه مختارا على كلام الله وكلام رسوله وكلام سائر الأمة يقدمه على ذلك كله ويعرض كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة على قوله فما وافقه منها قبله لموافقته لقوله وما خلفه منها تلطف في رده وتطلب له وجوه الحيل فإن لم تكن هذه وليجة فلا ندري ما الوليجة وقال تعالى {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} وهذا نص في بطلان التقليد.

فإن قيل: إنما فيه ذم من قلد من أضله السبيل أما من هداه السبيل فأين ذم الله تقليده؟.

قيل: جواب هذا السؤال في نفس السؤال فإنه لا يكون العبد مهتديا حتى يتبع ما أنزل الله على رسوله فهذا المقلد إن كان يعرف ما أنزل الله على رسوله فهو مهتد وليس بمقلد وإن كان لم يعرف ما أنزل الله على رسوله فهو جاهل ضال بإقراره على نفسه فمن أين يعرف أنه على هدى في تقليده وهذا جواب كل سؤال يوردونه في هذا الباب وأنهم إذا كانوا إنما يقلدون أهل الهدى فهم في تقليدهم على هدى.

فإن قيل: فأنتم تقرون أن الأئمة المقلدين في الدين على هدى فمقلدوهم على هدى قطعا لأنهم سالكون خلفهم.

قيل: سلوكهم خلفهم مبطل لتقليدهم لهم قطعا فإن طريقتهم كانت اتباع الحجة والنهي عن تقليدهم كما سنذكره عنهم إن شاء الله فمن ترك الحجة وارتكب ما نهوا عنه ونهى الله ورسوله عنه قبلهم فليس على طريقتهم وهو من المخالفين لهم وإنما يكون على طريقتهم من اتبع الحجة وانقاد للدليل ولم يتخذ رجلا بعينه سوى الرسول صلى الله عليه وسلم يجعله مختارا على الكتاب والسنة يعرضهما على قوله وبهذا يظهر بطلان فهم من جعل التقليد اتباعا وإيهامه وتلبيسه بل هو مخالف للاتباع وقد فرق الله ورسوله وأهل العلم بينهما كما فرقت الحقائق بينهما فإن الاتباع سلوك طريق المتبع والإتيان بمثل ما أتي به.

الاتباع والتقليد:
قال أبو عمر في الجامع: باب فساد التقليد ونفيه والفرق بينه وبين الاتباع قال أبو عمر قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} روي عن حذيفة وغيره وقال لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم وقال عدي ابن حاتم: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال: "يا عدي ألق هذا الوثن من عنقك" وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال فقلت: يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا قال: "بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل لكم فتحرمونه" فقلت بلى: قال: "فتلك عبادتهم".

قلت: الحديث في المسند والترمذي مطولا.

وقال أبو البختري في قوله عز وجل {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: "أما إنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية".

وقال وكيع: ثنا سفيان والأعمش جميعا عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي ثابت عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة في قوله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} أكانوا يعبدونهم فقال: "لا ولكن كانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه".

وقال تعالى {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عز وجل {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} وقال تعالى معاتبا لأهل الكفر وذاما لهم {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} وقال {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع التشبيه بين المقلدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجلا فكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها كان كل واحد ملموما على التقليد بغير حجة لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه وقال الله عز وجل {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}.



قال: فإذا أبطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها وهي الكتاب والسنة وما كان في معناهما بدليل جامع ثم ساق من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لا أخاف على أمتي من بعدي إلا من أعمال ثلاثة قالوا" وما هي يا رسول الله؟ قال: أخاف عليهم زلة العالم ومن حكم جائر ومن هوى متبع" وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".

قلت: والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم ليبينوا بذلك فساد التقليد وأن العالم قد يزل ولا بد إذ ليس بمعصوم فلا يجوز قبول كل ما يقوله وينزل قوله منزلة قول المعصوم فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض وحرموه وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وفيما لم يزل فيه وليس لهم تمييز بين ذلك فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد فيحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويشرعون ما لم يشرع ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه فالخطأ واقع منه ولا بد وقد ذكر البيهقي وغيره من حديث كثير هذا عن أبيه عن جده مرفوعا: "اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته".

وذكر من حديث مسعود بن سعد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد ما أتخوف على أمتي ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم".

ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره.

فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه وكلاهما مفرط فيما أمر به وقال الشعبي: قال عمر: "يفسد الزمان ثلاثة: أئمة مضلون وجدال المنافق بالقرآن والقرآن حق وزلة العالم" وقد تقدم أن معاذا كان لا يجلس مجلسا للذكر إلا قال حين يجلس: "الله حكم قسط هلك المرتابون" الحديث وفيه "وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول الضلالة على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق" قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال لي: اجتنب من كلام الحكيم المشبهات التي يقال ما هذه ولا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله يراجع وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا.

وذكر البيهقي من حديث حماد بن زيد عن المثنى بن سعيد عن أبي العالية قال: قال ابن عباس: ويل للأتباع من عثرات العالم قيل: وكيف ذاك يا أبا العباس؟ قال: يقول العالم من قبل رأيه ثم يسمع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدع ما كان عليه وفي لفظ: فيلقى من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منه فيخبره فيرجع ويقضي الأتباع بما حكم.

وقال تميم الداري: اتقوا زلة العالم فسأله عمر: ما زلة العالم؟ قال: يزل بالناس فيؤخذ به فعسى أن يتوب العالم والناس يأخذون بقوله.

وقال شعبة: عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال معاذ بن جبل: يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث: دنيا تقطع أعناقكم وزلة عالم وجدال منافق بالقرآن فسكتوا فقال: أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وإن افتتن فلا تقطعوا منه إياسكم فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب وأما القرآن فله منار كمنارالطريق فلا يخفى على أحد فما عرفتم منه فلا تسألوا عنه وما شككتم فكلوه إلى عالمه وأما الدنيا فمن جعل الله الغني في قلبه فقد أفلح ومن لا فليس بنافعته دنياه.

وذكر أبو عمر من حديث حسين الجعفي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال: قال سلمان: "كيف أنتم عند ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وأما مجادلة المنافق بالقرآن فإن للقرآن منار كمنار الطريق فلا يخفى على أحد فما عرفتم منه فخذوه وما لم تعرفوه فكلوه إلى الله وأما دنيا تقطع أعناقكم فانظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم".

قال أبو عمر: "وتشبه زلة العالم بانكسار السفينة لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير".

قال أبو عمر: "وإذا صح وثبت أن العالم يزل ويخطىء لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه".

وقال غير أبي عمر: "كما أن القضاة ثلاثة قاضيان في النار وواحد في الجنة فالمفتون ثلاثة ولا فرق بينهما إلا في كون القاضي يلزم بما أفتى به والمفتي لا يلزم به".

وقال ابن وهب: سمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان يقول: "اغد عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك" قال ابن وهب: فسألت سفيان عن الإمعة فحدثني عن أبي الزناد عن أبي الأحوص عن أبي مسعود قال: "كنا ندعو الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيأتي معه بغيره وهو فيكم المحقب دينه الرجال".

وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري: ثنا أبو مسهر ثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه سمع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول: "إن حديثكم شر الحديث إن كلامكم شر الكلام فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل قال فلان وقال فلان ويترك كتاب الله من كان منكم قائما فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس" فهذا قول عمر لأفضل قرن على وجه الأرض فكيف لو أدرك ما أصبحنا فيه من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة لقول فلان وفلان فالله المستعان.

حديث علي لكميل بن زياد:
قال أبو عمر: وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة لكميل ابن زياد النخعي وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني عن الإسناد لشهرته عندهم: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ثم قال آه إن ههنا علما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة بل قد أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على معاصيه أو حامل حق لا بصيرة في إحيائه ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق أن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر مشغوف بما لا يدري حقيقته فهو فتنة لمن فتن به وإن من الخير كله من عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلا لا يعرف دينه.

النهي عن الاستنان بالرجال:
وذكر أبو عمر عن أبي البختري عن علي قال: إياكم والاستنان بالرجال فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة فإن كنتم لابد فاعلين فبالأموات لا بالأحياء.

وقال ابن مسعود: لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن وإن كفر كفر فإنه لاأسوه في الشر.

قال أبو عمر: وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يذهب العلماء ثم يتخذ الناس رءوسا جهالا يسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون" قال أبو عمر: "وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدى لرشده".

ثم ذكر من طريق يونس بن عبد الأعلى ثنا سفيان بن عينية قال: اضطجع ربيعة مقنعا رأسه وبكى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: رياء ظاهر وشهوة خفية والناس عند علمائهم كالصبيان في إمامهم: ما نهوهم عنه انتهوا وما أمروا به ائتمروا.

وقال عبد الله بن المعتمر: "لا فرق بين بهيمة تنقاد وإنسان يقلد".

ثم ساق من حديث جامع بن وهب: أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمر عن عمروا بن أبي نعيمة عن مسلم بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشار أخاه فأشار عليه بغير رشده فقد خانه ومن أفتى بفتيا بغير ثبت فإنما إثمها على من أفتاه" وقد تقدم هذا الحديث من رواية أبي داود وفيه دليل على تحريم الإفتاء بالتقليد فإنه إفتاء بغير ثبت فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس كما قال أبو عمر.

الرد على من أجاز التقليد بحجج عقلية:
وقد احتج جماعة من الفقهاء وأهل النظر على من أجاز التقليد بحجج نظرية عقلية بعدما تقدم فأحسن ما رأيت من ذلك قول المزني وأنا أورده قال: يقال لمن حكم بالتقليد: هل لك من حجة فيما حكمت به؟ فإن قال: "نعم" بطل التقليد لأن الحجة أوجبت ذلك عنده لا التقليد وإن قال: "حكمت به بغير حجة" قيل له: فلم أرقت الدماء وأبحت الفروج وأتلفت الأموال وقد حرم الله ذلك إلا بحجة قال الله عزوجل {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} أي من حجة بهذا فإن قال: "أنا أعلم أني قد أصبت وإن لم أعرف الحجة لأني قلدت كبيرا من العلماء وهولا يقول إلا بحجة خفيت علي" قيل له: إذا جاز تقليد معلمك لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت عليك فتقليد معلم معلمك أولى لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت على معلمك كما لم يقل معلمك إلا بحجة خفيت عليك فإن قال: "نعم" ترك تقليد معلمه إلى تقليد معلم معلمه وكذلك من هو أعلى حتى ينتهي الأمر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أبى ذلك نقض قوله وقيل له كيف تجوز تقليد من هو أصغر وأقل علما ولا تجوز تقليد من هو أكبر وأكثر علما وهذا تناقض فإن قال لأن معلمي وإن كان أصغر فقد جمع علم من هو فوقه إلى علمه فهو أبصر بما أخذ وأعلم بما ترك قيل له وكذلك من تعلم من معلمك فقد جمع علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمه فيلزمك تقليده وترك تقليد معلمك وكذلك أنت أولى أن تقلد نفسك من معلمك لأنك جمعت علم معلمك وعلم من هو فوقه إلى علمك فإن قلد قوله جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصاحب عنده يلزمه تقليد التابع والتابع من دونه في قياس قوله والأعلى للأدنى أبدا وكفى بقول يؤول إلى هذا تناقضا وفسادا.

وقال أبو عمر: قال أهل العلم والنظر: "حد العلم البتيين وإدراك المعلوم على ما هو به فمن بان له الشيء فقد علمه" قالوا: والمقلد لا علم له ولم يختلفوا في ذلك ومن ههنا والله أعلم.

قال البحتري.
عرف العالمون فضلك بالعلم… وقال الجهال بالتقليد
وأرى الناس مجمعين على فضلك… من بين سيد ومسود


وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه وذلك ممنوع منه في الشريعة والاتباع: ما ثبت عليه حجة.

وقال في موضع آخر من كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله بدليل يوجب ذلك فأنت مقلده والتقليد في دين الله غير صحيح وكل من أوجب الدليل عليك اتباع قوله فأنت متبعه والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع وقال: وذكر محمد بن حارث في أخبار سحنون بن سعيد عنه قال: كان مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم بن دينار وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز فكان إذا سأله مالك وعبد العزيز أجابهما وإذا سأله ابن دينار وذووه لا يجيبهم فتعرض له ابن دينار يوما فقال له: يا أبا بكر لم تستحل مني ما لا يحل لك فقال له: يا ابن أخي وما ذاك قال يسألك مالك وعبد العزيز فتجيبهما وأسألك أنا وذووي فلا تجيبنا فقال أوقع ذلك يا ابن أخي في قلبك قال نعم قال إني قد كبرت سني ودق عظمي وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثل الذي خالطني في بدني ومالك وعبد العزيز عالمان فقيهان إذا سمعا مني حقا قبلاه وإن سمعا خطأ تركاه وأنت وذووك ما أجبتكم به قبلتموه.

قال ابن حارث: "هذا والله الدين الكامل والعقل الراجح لا كمن يأتي بالهذيان ويريد أن ينزل قوله من القلوب منزلة القرآن".

قال أبو عمر: يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا فإن قال: "قلدت لأن كتاب الله لا علم لي بتأويله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني" قيل له: أما العلماء إذا أجمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض فما حجتك في تقليد بعضهم دون بعض وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه فإن قال: "قلدته لأني اعلم أنه على صواب" قيل له: علمت ذلك بدليل من كتاب الله أو سنة أو إجماع فإن قال: "نعم" أبطل التقليد وطولب بما ادعاه من الدليل وإن قال: "قلدته لأنه أعلم مني" قيل له: فقلد كل من هو أعلم منك فإنك تجد من ذلك خلقا كثيرا ولا تخص من قلدته إذ علتك فيه أنه أعلم منك فإن قال: "قلدته لأنه أعلم الناس" قيل له: فإنه إذا أعلم من الصحابة وكفى بقول مثل هذا قبحا فإن قال: "أنا أقلد بعض الصحابة" قيل له: فما حجتك في ترك من لم تقلد منهم ولعل من تركت قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله على أن القول لا يصح لفضل قائله وإنما يصح بدلالة الدليل عليه.

وقد ذكر ابن مزين عن عيسى بن دينار قال: عن القاسم عن مالك قال: ليس كلما قال رجل قولا وإن كان له فضل يتبع عليه لقول الله عز وجل {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} فإن قال: "قصري وقلة علمي يحملني على التقليد" قيل له: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما يتفق له على علمه فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك ولكن من كانت هذه حاله هل تجوز له الفتيا في شرائع دين الله فيحمل غيره على إباحة الفروج وإراقة الدماء واسترقاق الرقاب وإزالة الأملاك ويصيرها إلى غير من كانت في يديه بقول لا يعرف صحته ولا قام الدليل عليه وهو مقر أن قائله يخطىء ويصيب وأن مخالفه في ذلك ربما كان المصيب فيما خالفه فيه فإن أجاز الفتوى لمن جهل الأصل والمعنى لحفظه الفروع لزمه أن يجيزه للعامة وكفى بهذا جهلا وردا للقرآن وقال الله تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقال {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} وقد أجمع العلماء على أن مالم يتبين ولم يتيقن فليس بعلم وإنما هو ظن والظن لا يغني من الحق شيئا ثم ذكر حديث ابن عباس: "من أفتى بفتيا وهو يعمى عنها كان إثمها عليه" موقوفا ومرفوعا قال وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".

قال: ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد ثم ذكر من طريق ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو عثمان بن مسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العلم بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء" ومن طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء" قيل: له يا رسول الله وما الغرباء؟ قال: "الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله" وكان يقال: العلماء غرباء لكثرة الجهال ثم ذكر عن مالك عن زيد بن أسلم في قوله {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} قال: "بالعلم" وقال ابن عباس في قول الله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} قال: "يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات".

وروى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم في قوله {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} قال: "بالعلم وإذا كان المقلد ليس من العلماء باتفاق العلماء لم يدخل في شيء من هذه النصوص" وبالله التوفيق.

فصل: نهى الأئمة عن تقليدهم
وقد نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة فقال الشافعي: "مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري" ذكره البيهقي.

وقال إسماعيل بن يحيى المزني في أول مختصره: اختصرت هذا من علم الشافعي ومن معنى قوله لأقربه على من أراده مع إعلاميه نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه.

وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: "لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعي بعد الرجل فيه مخير".

وقد فرق أحمد بين التقليد والاتباع فقال أبو داود: سمعته يقول: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد في التابعين مخير" وقال أيضا: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي وخذ من حيث أخذوا" وقال: "من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال".

وقال بشر بن الوليد: قال أبو يوسف: "لا يحل لأحد ان يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا".

وقد صرح مالك بأن من ترك قول عمر بن الخطاب لقول إبراهيم النخعي أنه يستتاب فكيف بمن ترك قول الله ورسوله لقول من هو دون إبراهيم أو مثله.

وقال جعفر الفريابي: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل قال: قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله إن عندنا قوما وضعوا كتبا يقول أحدهم ثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب بكذا وكذا وفلان عن إبراهيم بكذا ويأخذ بقول إبراهيم قال مالك: وصح عندهم قول عمر قلت: إنما هي رواية كما صح عندهم قول إبراهيم فقال مالك: هؤلاء يستتابون والله أعلم.

فصل: في عقد مجلس مناظرة بين مقلد وبين صاحب حجة منقاد للحق حيث كان
قال المقلد: نحن معاشر المقلدين ممتثلون قول الله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} فأمر الله سبحانه مَنْ لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه وهذا نص قولنا وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعلم إلى سؤال من يعلم فقال في حديث صاحب الشجة: "ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال" وقال أبو العسيف الذي زنى بامرأة مستأجره: "وإني سألت أهل العلم فأخبروني أنما علي ابنى جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم" فلم ينكر عليه تقليد من هو أعلم منه وهذا عالم الأرض عمر قد قلد أبا بكر فروى شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبي أن أبا بكر قال في الكلالة: "أقضي فيها فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء هو ما دون الولد والوالد" فقال عمر بن الخطاب: "إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر" وصح عنه أنه قال له: "رأينا لرأيك تبع" وصح عن ابن مسعود أنه كان يأخذ بقول عمر.

وقال الشعبي عن مسروق: كان ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفتون الناس: ابن مسعود وعمر بن الخطاب وعلي وزيد بن ثابت وأبي ابن كعب وأبو موسى وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة كان عبد الله يدع قوله لقول عمر وكان أبو موسى يدع قوله لقول علي وكان زيد يدع قوله لقول أبي بن كعب وقال جندب: "ما كنت أدع قول ابن مسعود لقول أحد من الناس" وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن معاذا قد سن لكم سنة فكذلك فافعلوا" في شأن الصلاة حيث أخر فصلى ما فاته من الصلاة مع الإمام بعد الفراغ وكانوا يصلون ما فاتهم أولا ثم يدخلون مع الإمام.

قال المقلد: وقد أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر وهم العلماء أو العلماء والأمراء وطاعتهم تقليدهم فيما يفتون به فإن لولا التقليد لم يكن هناك طاعة تختص بهم.

وقال تعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وتقليدهم اتباع لهم ففاعله ممن رضي الله عنهم ويكفي في ذلك الحديث المشهور: "أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم".

وقال عبد الله بن مسعود: "من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
يتبع إن شاء الله...



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 12 يونيو 2021, 2:56 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالإثنين 28 ديسمبر 2015, 5:07 pm

قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وقال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" "واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد" وقد كتب عمر إلى شريح: أن اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما قضى به الصالحون وقد منع عمر عن بيع أمهات الأولاد وتبعه الصحابة وألزم بالطلاق الثلاث وتبعوه أيضا واحتلم مرة فقال له عمرو بن العاص: "خذ ثوبا غير ثوبك فقال: لو فعلتها صارت سنة" وقال أبي بن كعب وغيره من الصحابة: "ما استبان لك فاعمل به وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه".

وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي بين أظهرهم وهذا تقليد لهم قطعا إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} فأوجب عليهم قبول ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم وهذا تقليد منهم للعلماء.

وصح عن ابن الزبير أنه سئل عن الجد والإخوة فقال: أما الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذته خليلا" فإنه أنزله أبا وهذا ظاهر في تقليده له وقد أمر الله سبحانه بقبول شهادة الشاهد وذلك تقليد له وجاءت الشريعة بقبول قول القائف والخارص والقاسم والمقوم للمتلفات وغيرها والحاكمين بالمثل في جزاء الصيد وذلك تقليد محض.

وأجمعت الأمة على قبول قول المترجم والرسول والمعرف والمعدل وإن اختلفوا في جواز الاكتفاء بواحد وذلك تقليد محض لهؤلاء.

وأجمعوا على جواز شراء اللحمان والثياب والأطعمة وغيرها من غير سؤال عن أسباب حلها وتحريمها اكتفاء بتقليد أربابها ولو كلف الناس كلهم الاجتهاد وأن يكونوا علماء فضلاء لضاعت مصالح العباد وتعطلت الصنائع والمتاجر وكان الناس كلهم علماء مجتهدين وهذا مما لا سبيل إليه شرعا والقدر قد منع من وقوعه.

وقد أجمع الناس على تقليد الزوج للنساء اللاتي يهدين إليه زوجته وجواز وطئها وتقليدا لهن في كونها هي زوجته.

وأجمعوا على أن الأعمى يقلد في القبلة وعلى تقليد الأئمة في الطهارة وقراءة الفاتحة وما يصح به الاقتداء وعلى تقليد الزوجة مسلمة كانت أو ذمية أن حيضها قد انقطع فيباح للزوج وطؤها بالتقليد ويباح للولي تزويجها بالتقليد لها في انقضاء عدتها وعلى جواز تقليد الناس للمؤذنين في دخول أوقات الصلوات ولا يجب عليهم الاجتهاد ومعرفة ذلك بالدليل.

وقد قالت الأمة السوداء لعقبة بن الحارث: أرضعتك وأرضعت امرأتك فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بفراقها وتقليدها فيما أخبرته به من ذلك.

وقد صرح الأئمة بجواز التقليد فقال حفص بن غياث: سمعت سفيان يقول: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه وأنت ترى تحريمه فلا تنهه.

وقال محمد بن الحسن: يجوز للعالم تقليد من هو أعلم منه ولا يجوز له تقليد من هو مثله.

وقد صرح الشافعي بالتقليد فقال: في الضبع بعير قلته تقليدا لعمر وقال في مسألة بيع الحيوان بالبراءة من العيوب: قلته تقليدا لعثمان وقال في مسألة الجد مع الإخوة: إنه يقاسمهم ثم قال: وإنما قلت بقول زيد وعنه قبلنا أكثر الفرائض وقد قال في موضع آخر من كتابه الجديد قلته تقليدا لعطاء.

وهذا أبو حنيفة رحمه الله قال في مسائل الآبار: ليس معه فيها إلا تقليد من تقدمه من التابعين فيها وهذا مالك لا يخرج عن عمل أهل المدينة ويصرح في موطئه بأنه أدرك العمل على هذا وهو الذي عليه أهل العلم ببلدنا ويقول في غير موضع: ما رأيت أحدا أفتدي به يفعله ولو جمعنا ذلك من كلامه لطال.

وقد قال الشافعي في الصحابة: "رأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا" ونحن نقول ونصدق أن رأى الشافعي والأئمة معه لنا خير من رأينا لأنفسنا.

وقد جعل الله سبحانه في فطر العباد تقليد المتعلمين للأستاذين والمعلمين ولا تقوم مصالح الخلق إلا بهذا وذلك عام في كل علم وصناعة وقد فاوت الله سبحانه بين قوى الأذهان كما فاوت بين قوى الأبدان فلا يحسن في حكمته وعدله ورحمته أن يفرض على جميع خلقه معرفة الحق بدليله والجواب عن معارضه في جميع مسائل الدين دقيقها وجليلها ولو كان كذلك لتساوت أقدام الخلائق في كونهم علماء بل جعل سبحانه هذا عالما وهذا متعلما وهذا متبعا للعالم مؤتما به بمنزلة المأموم مع الإمام والتابع مع المتبوع وأين حرم الله تعالى على الجاهل أن يكون متبعا للعالم مؤتما به مقلدا له يسير بسيره وينزل بنزوله وقد علم الله سبحانه أن الحوادث والنوازل كل وقت نازلة بالخلق فهل فرض على كل منهم فرض عين أن يأخذ حكم نازلته من الأدلة الشرعية بشروطها ولوازمها وهل ذلك في إمكان أحد فضلا عن كونه مشروعا وهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا البلاد وكان الحديث العهد بالإسلام يسألهم فيفتونه ولا يقولون له عليك أن تطلب معرفة الحق في هذه الفتوى بالدليل ولا يعرف ذلك عن أحد منهم البتة وهل التقليد إلامن لوازم التكليف ولوازم الوجود فهو من لوازم الشرع والقدر والمنكرون له مضطرون إليه ولا بد وذلك فيما تقدم بيانه من الأحكام وغيرها.

ونقول لمن احتج على إبطاله: كل حجة أثرية ذكرتها فأنت مقلد لحملها ورواتها إذ لم يقم دليل قطعي على صدقهم فليس بيدك إلا تقليد الراوي وليس بيد الحاكم إلا تقليد الشاهد وكذلك ليس بيد العامي إلا تقليد العالم فما الذي سوغ لك تقليد الراوي والشاهد ومنعنا من تقليد العالم وهذا سمع بأذنه ما رواه وهذا عقل بقلبه ما سمعه فأذى هذا مسموعه وأدى هذا معقوله وفرض على هذا تأدية ما سمعه وعلى هذ تأدية ما عقله وعلى من لم يبلغ منزلتهما القبول منهما.

ثم يقال للمانعين من التقليد: أنتم منعتموه خشية وقوع المقلد في الخطأ بأن يكون من قلده مخطئا في فتواه ثم أوجبتم عليه النظر والاستدلال في طلب الحق ولا ريب أن صوابه في تقليده للعالم أقرب من صوابه في اجتهاده هو لنفسه وهذا كمن أراد شراء سلعة لا خبرة له بها فإنه إذا قلد عالما بتلك السلعة خبيرا بها أمينا ناصحا كان صوابه وحصول غرضه أقرب من اجتهاده لنفسه وهذا متفق عليه بين العقلاء.

قال أصحاب الحجة: عجبا لكم معاشر المقلدين الشاهدين على أنفسهم مع شهادة أهل العلم بأنهم ليسوا من أهله ولا معدودين في زمرة أهله كيف أبطلتم مذهبكم بنفس دليلكم فما للمقلد وما للاستدلال وأين منصب المقلد من منصب المستدل وهل ما ذكرتم من الأدلة إلا ثيابا استعرتموها من صاحب الحجة فتجملتم بها بين الناس وكنتم في ذلك متشبعين بما لم تعطوه ناطقين من العلم بما شهدتم على أنفسكم أنكم لم تؤتوه وذلك ثوب زور لبستموه ومنصب لستم من أهله غصبتموه فاخبرونا: هل صرتم إلى التقليد لدليل قادكم إليه وبرهان دلكم عليه فنزلتم به من الاستدلال أقرب منزل وكنتم به عن التقليد بمعزل أم سلكتم سبيله اتفاقا وتخمينا من غير دليل وليس إلى خروجكم عن أحد هذين القسمين سبيل وأيهما كان فهو بفساد مذهب التقليد حاكم والرجوع إلى مذهب الحجة منه لازم ونحن إن خاطبناكم بلسان الحجة قلتم لسنا من أهل هذه السبيل وإن خاطبناكم بحكم التقليد فلا معنى لما أقمتموه من الدليل.

والعجب أن كل طائفة من الطوائف وكل أمة من الأمم تدعى أنها على حق حاشا فرقة التقليد فإنهم لا يدعون ذلك ولو ادعوه لكانوا مبطلين فإنهم شاهدون على أنفسهم بأنهم لم يعتقدوا تلك الأقوال لدليل قادهم إليه وبرهان دلهم عليه وإنما سبيلهم محض التقليد والمقلد لا يعرف الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل.

وأعجب من هذا أن أئمتهم نهوهم عن تقليدهم فعصوهم وخالفوهم وقالوا نحن على مذاهبهم وقد دانوا بخلافهم في أصول المذهب الذي بنوا عليه فإنهم بنوا على الحجة ونهوا عن التقليد وأوصوهم إذا ظهر الدليل أن يتركوا أقوالهم ويتبعوه فخالفوهم في ذلك كله وقالوا نحن من أتباعهم تلك أمانيهم وما أتباعهم إلا من سلك سبيلهم واقتفى آثارهم في أصولهم وفروعهم.

وأعجب من هذا أنهم مصرحون في كتبهم ببطلان التقليد وتحريمه وأنه لا يحل القول به في دين الله ولو اشترط الإمام على الحاكم أن يحكم بمذهب معين لم يصح شرطه ولا توليته ومنهم من صحح التولية وأبطل الشرط وكذلك المفتي يحرم عليه الإفتاء بما لا يعلم صحته باتفاق الناس والمقلد لا علم له بصحة القول وفساده إذ طريق ذلك مسدودة عليه ثم كل منهم يعرف من نفسه أنه مقلد لمتبوعه لا يفارق قوله ويترك له كل ما خالفه من كتاب أو سنة أو قول صاحب أو قول من هو أعلم من متبوعه أو نظيره وهذا من أعجب العجب.

وأيضا فإنا نعلم بالضرورة أنه لم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلا منهم يقلده في جميع أقواله فلم يسقط منها شيئا وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها شيئا ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين فليكذبنا المقلدون برجل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم قالمقلدون لمتبوعهم في جميع ما قالوه يبيحون به الفروج والدماء والأموال ويحرمونها ولا يدرون أذلك صواب أم خطأ على خطر عظيم ولهم بين يدي الله موقف شديد يعلم فيه من قال على الله ما لا يعلم أنه لم يكن على شيء.

وأيضا فنقول لكل من قلد واحدا من الناس دون غيره: ما الذي خص صاحبك أن يكون أولى بالتقليد من غيره فإن قال: "لأنه أعلم أهل عصره" وربما فضله على من قبله مع جزمه الباطل أنه لم يجيء بعده أعلم منه قيل له: وما يدريك ولست من أهل العلم بشهادتك على نفسك أنه أعلم الأمة في وقته فإن هذا إنما يعرفه من عرف المذاهب وأدلتها وراجحها من مرجوحها فما للأعمى ونقد الدراهم وهذا أيضا باب آخر من القول على الله بلا علم ويقال له ثانيا فأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أعلم من صاحبك بلا شك فهلا قلدتهم وتركته بل سعيد بن المسيب والشعبي وعطاء وطاوس وأمثالهم أعلم وأفضل بلا شك فلم تركت تقليد الأعلم الأفضل الأجمع لأدوات الخير والعلم والدين ورغبت عن أقواله ومذاهبه إلى من هو دونه فإن قال: "لأن صاحبي ومن قلدته أعلم به فتقليدي له أوجب علي مخالفة قوله لقول من قلدته لأن وفور علمه ودينه يمنعه من مخالفة من هو فوقه وأعلم منه إلا لدليل صار إليه هو أولى من قول كل واحد من هؤلاء" قيل له: ومن أين علمت أن الدليل الذي صار إليه صاحبك الذي زعمت أنت أنه صاحبك أولى من الدليل الذي صار إليه من هو أعلم منه وخير منه أو هو نظيره وقولان معا متناقضان لا يكونان صوابا بل أحدهما هو الصواب ومعلوم أن ظفر الأعلم الأفضل بالصواب أقرب من ظفر من هو دونه فإن قلت: "علمت ذلك بالدليل" فههنا إذا قد انتقلت عن منصب التقليد إلى منصب الاستدلال وأبطلت التقليد.

ثم يقال لك ثالثا: هذا لا ينفعك شيئا البتة فيما اختلف فيه فإن من قلدته ومن قلده غيرك قد اختلفا وصار من قلده غيرك إلى موافقة أبي بكر وعمر أو علي وابن عباس أو عائشة وغيرهم دون من قلدته فهلا نصحت نفسك وهديت لرشدك وقلت هذان عالمان كبيران ومع أحدهما من ذكر الصحابة فهو أولى بتقليدي إياه.

ويقال له رابعا: إمام بإمام ويسلم قول الصحابي فيكون أولى بالتقليد.

ويقال له خامسا: إذا جاز أن يظفر من قلدته بعلم خفي على عمر بن الخطاب وعلى علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وذويهم فأحق وأحق وأجوز وأجوز أن يظفر نظيره ومن بعده بعلم خفي عليه هو فإن النسبة بين من قلدته وبين نظيره ومن بعده أقرب أقرب بكثير من النسبة بين من قلدته وبين الصحابة والخفاء على من قلدته أقرب من الخفاء على الصحابة.

ويقال سادسا: إذا سوغت لنفسك مخالفة الأفضل الأعلم لقول المفضول فهلا سوغت لها مخالفة المفضول لمن هو أعلم منه وهل كان الذي ينبغي ويجب إلا عكس ما ارتكبت؟.

ويقال سابعا: هل أنت في تقليد إمامك وإباحة الفروج والدماء والأموال ونقلها عمن هي بيده إلى غيره موافق لأمر الله أو رسوله أو إجماع أمته أو قول أحد من الصحابة فإن قال: "نعم" قال ما يعلم الله ورسوله وجميع العلماء بطلانه وإن قال: "لا" فقد كفانا مؤنته وشهد على نفسه بشهادة الله ورسوله وأهل العلم عليه.

ويقال ثامنا: تقليدك لمتبوعك يحرم عليك تقليده فإنه نهاك عن ذلك وقال: لا يحل لك أن تقول بقوله حتى تعلم من أين قاله ونهاك عن تقليده وتقليد غيره من العلماء فإن كنت مقلدا له في جميع مذهبه فهذا من مذهبه فهلا اتبعته فيه؟.

ويقال تاسعا: هل أنت على بصيرة في أن من قلدته أولى بالصواب من سائر من رغبت عن قوله من الأولين والآخرين أم لست على بصيرة؟ فإن قال: "أنا على بصيرة" قال ما يعلم بطلانه وإن قال: "لست على بصيرة" وهو الحق قيل له: فما عذرك غدا بين يدي الله حين لا ينفعك من قلدته بحسنة واحدة ولا يحمل عنك سيئة واحدة إذا حكمت وأفتيت بين خلقه بما لست على بصيرة منه هل هو صواب أم خطأ؟.

ويقال عاشرا: هل تدعى عصمة متبوعك أو تجوز عليه الخطأ؟ والأول لا سبيل إليه بل تقر ببطلانه فتعين الثاني وإذا جوزت عليه الخطأ فكيف تحلل وتحرم وتوجب وتريق الدماء وتبيح الدماء وتبيح الفروج وتنقل الأموال وتضرب الأبشار يقو من أنت مقر بجواز كونه مخطئا.

ويقال حادي عشر: هل تقول إذا أفتيت أو حكمت بقول من قلدته: إن هذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله وأنزل به كتابه وشرعه لعباده ولا دين له سواه أو تقول إن دين الله الذي شرعه لعباده خلافه؟ أو تقول: لا أدري؟ ولا بد لك من قول من هذه الأقوال ولا سبيل لك إلى الأول قطعا فإن دين الله الذي لا دين له سواه لا تسوغ مخالفته وأقل درجات مخالفه أن يكون من الآثمين والثاني لا تدعيه فليس لك ملجأ إلا الثالث فيالله الله العجب كيف تستباح الفروج والدماء والأموال والحقوق وتحلل وتحرم بأمر أحسن أحواله وأفضلها لا أدري؟

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة… وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

ويقال ثاني عشر: على أي شيء كان الناس قبل أن يولد فلان وفلان وفلان الذين قلدتموهم وجعلتم أقوالهم بمنزلة نصوص الشارع؟ وليتكم اقتصرتم على ذلك بل جعلتموها أولى بالاتباع من نصوص الشارع أفكان الناس قبل وجود هؤلاء على هدى أو على ضلالة؟ فلا بد من أن تقروا بأنهم كانوا على هدى فيقال لهم: فما الذي كانوا عليه غير اتباع القرآن والسنن والآثار وتقديم قول الله ورسوله وآثار الصحابة على ما يخالفها والتاحكم إليها دون قول فلان أو رأي فلان وإذا كان هذا هو الهدى فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تؤفكون؟ فإن قالت كل فرقة من المقلدين وكذلك يقولون: صاحبنا هو الذي ثبت على ما مضى عليه السلف واقتفى منهاجهم وسلك سبيلهم قيل لهم: فمن سواه من الأئمة هل شارك صاحبكم في ذلك أو انفرد صاحبكم بالاتباع وحرمه من عداه فلا بد من واحد من الأمرين فإن قالوا بالثاني فهم أضل سبيلا من الأنعام وإن قالوا بالأول فيقال: كيف وقفتم لقبول قول صاحبكم كله ورد قول من هو مثله أو أعلم منه كله فلا يرد لهذا قول ولا يقبل لهذا قول حتى كأن الصواب وقف على صاحبكم والخطأ وقف على من خالفه ولهذا أنتم موكلون بنصرته في كل ما قاله وبالرد على من خالفه في كل ما قاله وهذه حال الفرقة الأخرى معكم.

ويقال ثالث عشر: فمن قلدتموه من الأئمة قد نهوكم عن تقليدهم فأنتم أول مخالف لهم قال الشافعي: "مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري" وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: "لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلناه" وقال أحمد: "لا تقلد دينك أحدا".

ويقال رابع عشر: هل أنتم موقنون بأنكم غدا موقوفون بين يدي الله وتسألون عما قضيتم به في دماء عباده وفروجهم وأبشارهم وأموالهم وعما أفتيتم به في دينه محرمين ومحللين وموجبين فمن قولهم: "نحن موقنون بذلك" فيقال لهم: فإذا سألكم "من أين قلتم ذلك" فماذا جوابكم؟ فإن قلتم: جوابنا إنا حللنا وحرمنا وقضينا بما في كتاب الأصل لمحمد بن الحسن مما رواه عن أبي حنيفة وأبي يوسف من رأى واختيار وبما في المدونة من رواية سحنون عن ابن القاسم من رأى واختيار وبما في الأم من رواية الربيع من رأى واختيار وبما في جوابات غير هؤلاء من رأي واختيار وليتكم اقتصرتم على ذلك أو صعدتم إليه أو سمت هممكم نحوه بل نزلتم عن ذلك طبقات فإذا سئلتم: هل فعلتم ذلك عن امري أو أمر رسولي؟ فماذا يكون جوابكم إذا؟ فإن أمكنكم حينئذ أن تقولوا: فعلنا ما أمرتنا به وأمرنا به رسولك فزتم وتخلصتم وإن لم يمكنكم ذلك فلا بد أن تقولوا: لم تامرنا بذلك ولا رسولك ولا أئمتنا ولا بد من أحد الجوابين وكأن قد.

ويقال خامس عشر: إذا نزل عيسى بن مريم إماما عدلا وحكما مقسطا فبمذهب من يحكم؟ وبرأي من يقضي؟ ومعلوم أنه لا يحكم ولا يقضي إلا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم التي شرعها الله لعباده فذلك الذي يقضى به أحق وأولى الناس به عيسى بن مريم هو الذي أوجب عليكم أن تقضوا به وتفتوا ولا يحل لأحد أن يقضى ولا يفتي بشيء سواه البتة فإن قلتم: نحن وأنتم في هذا السؤال سواء قيل: أجل ولكن نفترق في الجواب فنقول: يا ربنا إنك لتعلم أنا لم نجعل أحدا من الناس عيارا على كلامك وكلام رسولك وكلام أصحاب رسولك ونرد ما تنازعنا فيه إليه ونتحاكم إلى قوله ونقدم أقواله على كلامك وكلام رسولك وكلام أصحاب رسولك وكان الخلق عندنا أهون أن نقدم كلامهم وآراءهم على وحيك بل أفتينا بما وجدناه في كتابك وبما وصل إلينا من سنة رسولك وبما أفتى به أصحاب نبيك وإن عدلنا عن ذلك فخطأ منا لا عمد ولا نتخذ من دونك ولا دون رسولك ولا المؤمنين وليجة ولم نفرق ديننا ونكون شيعا ولم نقطع أمرنا بيننا زبرا وجعلنا أئمتنا قدوة لنا ووسائط بيننا وبين رسولك في نقلهم ما بلغوه إلينا عن رسولك فاتبعناهم في ذلك وقلدناهم فيه إذ أمرتنا أنت وأمرنا رسولك بأن نسمع منهم ونقبل ما بلغوه عنك وعن رسولك فسمعا لك ولرسولك وطاعة ولم نتخذهم أربابا نتحاكم إلى أقوالهم ونخاصم بها ونوالي ونعادي عليها بل عرضنا أقوالهم على كتابك وسنة رسولك فما وافقهما قبلناه وما خالفهما أعرضنا عنه وتركناه وإن كانوا اعلم منا بك وبرسولك فمن وافق قوله قول رسولك كان أعلم منهم في تلك المسألة فهذا جوابنا ونحن نناشدكم الله: هل أنتم كذلك حتى يمكنكم هذا الجواب بين يدي من لا يبدل القول لديه ولا يروج الباطل عليه؟.

ويقال سادس عشر: كل طائفة منكم معاشر طوائف المقلدين قد أنزلت جميع الصحابة من أولهم إلى آخرهم وجميع التابعين من أولهم إلى آخرهم وجميع علماء الأمة من أولهم إلى آخرهم إلا من قلدتموه في مكان من لا يعتد بقوله ولا ينظر في فتاواه ولا يشتغل بها ولا يعتد بها ولا وجه للنظر فيها إلا للتمحل وإعمال الفكر وكده في الرد عليهم إذا خالف قولهم قول متبوعهم وهذا هو المسوغ للرد عليهم عندهم فإذا خالف قول متبوعهم نصا عن الله ورسوله فالواجب التمحل والتكلف في إخراج ذلك النص عن دلالته والتحيل لدفعه بكل طريق حتى يصح قول متبوعهم فيالله لدينه وكتابه وسنة رسوله ولبدعة كادت تثل عرش الإيمان وتهد ركنه لولا أن الله ضمن لهذا الدين أن لا يزال فيه من يتكلم بأعلامه ويذب عنه فمن أسوأ ثناء على الصحابة والتابعين وسائر علماء المسلمين وأشد استخفافا بحقوقهم وأقل رعاية لواجبهم وأعظم استهانة بهم ممن لا يلتفت إلى قول رجل واحد منهم ولا إلى فتواه غير صاحبه الذي اتخذه وليجة من دون الله ورسوله؟.

ويقال سابع عشر: من أعجب أمركم أيها المقلدون انكم اعترفتم وأقررتم على أنفسكم بالعجز عن معرفة للحق بدليله من كلام الله وكلام رسوله مع سهولته وقرب مأخذه واستيلائه على أقصى غايات البيان واستحالة التناقض والاختلاف عليه فهو نقل مصدق عن قائل معصوم وقد نصب الله سبحانه الأدلة الظاهرة على الحق وبين لعباده ما يتقون فادعيتم العجز عن معرفة ما نصب عليه الأدلة وتولى بيانه ثم زعمتم أنكم قد عرفتم بالدليل أن صاحبكم أولى بالتقليد من غيره وأنه أعلم الأمة وأفضلها في زمانه وهلم جرا وغلاة كل طائفة منكم توجب اتباعه وتحرم اتباع غيره كما هو في كتب أصولهم فعجبا كل العجب لمن خفي عليه الترجيح فيما نصب الله عليه الأدلة من الحق ولم يهتد إليها واهتدى إلى ان متبوعه أحق وأولى بالصواب ممن عداه ولم ينصب الله على ذلك دليلا واحدا.

ويقال ثامن عشر: أعجب من هذا كله من شأنكم معاشر المقلدين أنكم إذا وجدتم آية من كتاب الله توافق رأي صاحبكم أظهرتم أنكم تأخذون بها والعمدة في نفس الأمر على ما قاله لا على الآية وإذا وجدتم آية نظيرها تخالف قوله لم تأخذوا بها وتطلبتم لها وجوه التأويل وإخراجها عن ظاهرها حيث لم توافق رأيه وهكذا تفعلون في نصوص السنة سواء وإذا وجدتم حديثا صحيحا يوافق قوله أخذتم به وقلتم: "لنا قوله صلى الله عليه وسلم كيت وكيت" وإذا وجدتم مائة حديث صحيح بل وأكثر تخالف قوله لم تلتفتوا إلى حديث منها ولم يكن لكم منها حديث واحد فتقولون: "لنا قوله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا" وإذا وجدتم مرسلا قد وافق رأيه أخذتم به وجعلتموه حجة هناك وإذا وجدتم مائة مرسل تخالف رأيه أطرحتموها كلها من أولها إلى آخرها وقلتم لا نأخذ بالمرسل.

ويقال تاسع عشر: أعجب من هذا كله أنكم إذا أخذتم بالحديث مرسلا كان أو مسندا لموافقته رأي صاحبكم ثم وجدتم فيه حكما يخالف رأيه لم تأخذوا به في ذلك الحكم وهو حديث واحد وكأن الحديث حجة فيما وافق رأي من قلدتموه وليس بحجة فيما خالف رأيه، ولنذكر من هذا طرفا فإنه من عجيب أمرهم.

المقلدون يتضاربون في أقوالهم:
فاحتج طائفة منهم في سلب طهورية الماء المستعمل في رفع الحدث بأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة والمرأة بفضل وضوء الرجل" وقالوا: الماء المنفصل عن أعضائهما هو فضل وضوئهما وخالفوا نفس الحديث: فجوزوا لكل منهما أن يتوضأ بفضل طهور الآخر وهو المقصود بالحديث فإنه نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خلت بالماء وليس عندهم للخلوة أثر ولا لكون الفضلة فضلة امرأة أثر فخالفوا نفس الحديث الذي احتجوا به وحملوا الحديث على غير محمله إذ فضل الوضوء بيقين هو الماء الذي فضل منه ليس هو الماء المتوضأ به فإن ذلك لا يقال له فضل الوضوء فاحتجوا به فيما لم يرد به وأبطلوا الاحتجاج به فيما أريد به.

ومن ذلك احتجاجهم على نجاسة الماء بالملاقاة وإن لم يتغير بنهيه صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الدائم ثم قالوا: لو بال في الماء الدائم لم ينجسه حتى ينقص عن قلتين.

واحتجوا على نجاسته أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا" ثم قالوا: لو غمسها قبل غسلها لم ينجس الماء ولا يجب عليه غسلها وإن شاءان يغمسها قبل الغسل فعل.

واحتجوا في هذه المسألة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الأرض التي بال فيها البائل وإخراج ترابها ثم قالوا: لا يجب حفرها بل لو تركت حتى يبست بالشمس والريح طهرت.

واحتجوا على منع الوضوء بالماء المستعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: "يابني عبد المطلب إن الله كره لكم غسالة أيدي الناس" يعني الزكاة ثم قالوا: لا تحرم الزكاة على بني عبد المطلب.

واحتجوا على أن السمك الطافي إذا وقع في الماء لا ينجسه بخلاف غيره من ميتة البر فإنه ينجس الماء بقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" ثم خالفوا هذا الخبر بعينه وقالوا: لا يحل ما مات في البحر من السمك ولا يحل شيء مما فيه أصلا غير السمك.

واحتج أهل الرأي على نجاسة الكلب وولوغه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات" ثم قالوا: لا يجب غسله سبعا بل يغسل مرة ومنهم من قال ثلاثا.

واحتجوا على تفريقهم في النجاسة المغلظة بين قدر الدرهم وغيره بحديث لا يصح من طريق غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة يرفعه "تعاد الصلاة من قدر الدرهم" ثم قالوا: لا تعاد الصلاة من قدر الدرهم.

واحتجوا بحديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة في الزكاة في زيادة الإبل على عشرين ومائة أنها ترد إلى أول الفريضة فيكون في كل خمس شاة وخالفوه في اثنى عشر موضعا منه ثم احتجوا بحديث عمرو بن حزم "أن ما زاد على مائتي درهم فلا شيء فيه حتى يبلغ أربعين فيكون فيها درهم" وخالفوا الحديث بعينه في نص ما فيه في أكثر من خمسة عشر موضعا.

واحتجوا على أن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام بحديث المصراة وهذا من إحدى العجائب فإنهم من أشد الناس إنكارا له ولا يقولون به فإن كان حقا وجب اتباعه وإن لم يكن صحيحا لم يجز الاحتجاج به في تقدير الثلاث مع أنه ليس في الحديث تعرض لخيار الشرط فالذي أريد بالحديث ودل عليه خالفوه والذي احتجوا عليه به لم يدل عليه.

واحتجوا لهذه المسألة أيضا بخبر حبان بن منقذ الذي كان يغبن في البيع فجعل له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار ثلاثة أيام وخالفوا الخبر كله فلم يثبتوا الخيار بالغبن ولو كان يساوي عشر معشار ما بذله فيه وسواء قال المشتري: "لا خلابة" أو لم يقل وسواء غبن قليلا أو كثيرا لا خيار له في ذلك كله.

واحتجوا في إيجاب الكفارة على من أفطر في نهار رمضان بأن في بعض ألفاظ الحديث أن رجلا أفطر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر ثم خالفوا هذا اللفظ بعينه فقالوا: إن استف دقيقا أو بلع عجينا أو أهليلجا أو طيبا أفطر ولا كفارة عليه.

واحتجوا على وجوب القضاء على من تعمد القيء بحديث أبي هريرة ثم خالفوا الحديث بعينه فقالوا: إن تقيأ أقل من ملء فيه فلا قضاء عليه.

واحتجوا على تحديد مسافة الفطر والقصر بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع زوج أو ذي محرم" وهذا مع أنه لادليل فيه البتة على ما ادعوه فقد خالفوه نفسه فقالوا: يجوز للممولكة والمكاتبة وأم الولد السفر مع غير زوج ومحرم".

واحتجوا على منع المحرم من تغطية وجهه بحديث ابن عباس في الذي وقصته ناقته وهو محرم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا" وهذا من العجب فإنهم يقولون: إذا مات المحرم جاز تغطية رأسه ووجهه وقد بطل إحرامه.

واحتجوا على إيجاب الجزاء على من قتل ضبعا في الإحرام بحديث جابر أنه أفتى بأكلها وبالجزاء على قاتلها وأسند إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خالفوا الحديث بعينه فقالوا: لا يحل أكلها.

واحتجوا فيمن وجبت عليه ابنة مخاض فأعطى ابنة لبون تساوي ابنة مخاض أو حمارا يساويها أنه يجزئه بحديث أنس الصحيح وفيه "من وجبت عليه ابنة مخاض وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تؤخذ منه ويرد عليه الساعي شاتين أو عشرين درهما" وهذا من العجب فإنهم لا يقولون بما دل عليه الحديث من تعيين ذلك ويستدلون به على ما لم يدل عليه بوجه ولا أريد به.

واحتجوا على إسقاط الحدود في دار الحرب إذا فعل المسلم أسبابها بحديث لا تقطع الأيدي في الغزو وفي لفظ "في السفر" ولم يقولوا بالحديث فإن عندهم لا أثر للسفر ولا للغزو في ذلك.

واحتجوا في إيجاب الأضحية بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر بالأضحية وأن يطعم منها الجار والسائل" فقالوا: لا يجب أن يطعم منها جار ولا سائل.

واحتجوا في إباحة ما ذبحه غاصب أو ساق بالخبر الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعى إلى الطعام مع رهط من أصحابه فلما أخذ لقمة قال: إني أجد لحم شاة أخذت بغير حق" فقالت المرأة: يا رسول الله إني أخذتها من امرأة فلان بغير علم زوجها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطعم الأسارى" وقد خالفوا هذا الحديث فقالوا: ذبيحة الغاصب حلال ولا تحرم على المسلمين.

واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "جرح العجماء جبار" في إسقاط الضمان بجناية المواشي ثم خالفوه فيما يدل عليه وأريد به فقالوا: من ركب دابة أو قادها أو ساقها فهو ضامن لمن عضت بفمها ولا ضمان عليه فيما أتلفت برجلها.

واحتجوا على تأخير القود إلى حين البرء بالحديث المشهور "أن رجلا طعن آخر في ركبته بقرن فطلب القود فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يبرأ فأبى فأقادته قبل أن يبرأ" الحديث وخالفوه في القصاص من الطعنة فقالوا: لا يقتص منها.

واحتجوا على إسقاط الحد عن الزاني بأمة ابنه أو أم ولده بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك وخالفوه فيما دل عليه فقالوا ليس للأب من مال ابنه شيء البتة ولم يبيحوا له من مال ابنه عود أراك فما فوقه وأوجبوا حبسه في دينه وضمان ما أتلفه عليه.

واحتجوا على أن الإمام يكبر إذا قال المقيم: "قد قامت الصلاة" بحديث بلال أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبقني بآمين" وبقول أبي هريرة لمروان: "لا تسبقني بآمين" ثم خالفوا الخبر جهارا فقالوا: لا يؤمن الإمام ولا المأموم.

واحتجوا على وجوب مسح ربع الرأس بحديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مسح بناصيته وعمامته" ثم خالفوه فيما دل عليه فقالوا: لا يجوز المسح على العمامة ولا أثر للمسح عليها البتة فإن الفرض سقط بالناصية والمسح على العمامة غير واجب ولا مستحب عندهم.

واحتجوا لقولهم في استحباب مساوقة الإمام بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" قالوا: والائتمام به يقتضي أن يفعل مثل فعله سواء ثم خالفوا الحديث فيما دل عليه فإن فيه "فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون".
يتبع إن شاء الله...



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 12 يونيو 2021, 2:57 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 8:21 am

وتنقسم علوم الحديث أجمالا الى قسمين:
علم رواية: ومجالة معرفة ما نسب للرسول او من هم دونة من الصحابة والتابعين من حيث متنة خاصة.

وعلم دراية:
هو علم بأصول وقواعد يتوصل بها إلى معرفة الصحيح والحسن والضعيف، وأقسام كل منها، وما يتصل بذلك من معرفة معنى الرواية وشروطها وأقسامها.

وحال الرواة وشروطهم, والجرح والتعديل, وتاريخ الرواة ومواليدهم ووفياتهم, والناسخ والمنسوخ ومختلف الحديث وغريبه إلى غير ذلك من المباحث المتعلقة بالحديث.

وعلى هذا يمكن تعريف مصطلح الحديث بانه:
علم بقوانين يعرف به أحوال السند والمتن وموضوعه السند والمتن هكذا عرفه الشيخ عز الدين بن جماعة وغيره وقال الحافظ ابن حجر: هو معرفة القواعد المعرفة بحال الراوي والمروي أو هو علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.

و ثمرته:
تمييز الصحيح من السقيم من الأحاديث.

وله جانبين الجانب الأصطلاحى فى معرفة معنى قول الأمام او المحدث على هذا السند ضعيف أو منقطع او معضل أو حسن...  الخ.

وجانب تأصيلى بعد أن عرفنا مقصد المحدث من مصطلح ضعيف وصحيح الخ فهل هذا الحديث يعد من المقبول ام المردود.

وغايته: حفظ السنة النبوية المشرفة من أن يدخل فيها ما ليس منها وصيانتها من الكذب.

نشاة علم المصطلح
قال سبحانة وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} ( 6) سورة الحجرات، فأمر الله عز وجل بالتثبت فى النقل وكذلك أمر صلى الله عليه وسلم فكانت بواكير هذا العلم فى عهد النبوة وتثبت الصحابة رضوان الله عليهم واشتدوا في أمر الرواية صيانة للدين وحفظا للشريعة وكانوا يطلبون من الراوي أن يأتي لهم بشاهد على ما يرويه كما سبق وقصصنا عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما.

ولما قامت الفتنة بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اشتدوا أكثر في أمر الرواية، حتى لا تؤدي الفتنة إلى إفشاء الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتكلم من الصحابة كثير في أمر الرواية والجرح والتعديل، فتكلم أنس بن مالك، وابن عباس، وعبادة بن الصامت، وأم المؤمنين عائشة وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين.

ثم توالت حلقات هذا العلم، فتكلم عن بعض قواعده، من التابعين سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن البصري، وابن سيرين، وغيرهم أيضا كثير.

وتكلم من بعد ذلك أناس غيرهم، كالإمام مالك بن أنس والزهري، وسليمان التيمي، وغيرهم أيضا كثير.

وتجد قواعد هذا العلم مبثوثة بين ثنايا أقوالهم، التي نقلت عنهم وحفظتها لنا بطون الكتب الموجودة بين أيدينا الآن و تحولت التعبيرات التى استخدموها للتعبير عن حال الرواية او الرواى الى مصطلحات ذات دلالة عرفية عند أهل الحديث والمشتغلين به.

وقد أرخ بداية نشوء هذين العلمين (علم الإسناد وعلم الجرح والعديل) من علوم الحديث، أحد أئمة التابعين، وهو محمد بن سيرين (ت 110هـ)، عندما قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم.

فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر على أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم أخرجه الإمام أحمد في العلل، ومسلم في مقدمة صحيحه.

علم المصطلح في القرنين الثاني والثالث:
وجاءت مرحلة أخرى تلي ذلك دخل فيها علم أصول الحديث طوراً جديداً من أطوار تكوينه وتطوره، وذلك بتدوين بعض مباحثه بين طيات كتب العلماء، فممَّنْ كتب في بعض موضوعاته في ثنايا مؤلفاته الإمام الشافعي المتوفي سنة 204هـ، رضي الله تعالى عنه، حيث تكلم في كتابيه: الرسالة والأم عن بيان السنة والقرآن الكريم، وعن الاحتجاج بالسنة وعن حجية خبر الواحد، وشرط الحفظ في الراوي، وقبول رواية المدلس إذا صرح بالسماع وغير ذلك.

وتكلم البخاري سنة 256هـ في صحيحه وتواريخه عن بعض مباحث هذا العلم، كما تعرض الإمام مسلم رحمه الله تعالى المتوفي سنة 261هـ في مقدمة صحيحه لبعض مباحث هذا الفن، ونقل تلاميذ الإمام أحمد عنه كثيراً من آرائه المتعلقة بموضوعات علم المصطلح، وسنن الترمذي المتوفي سنة 279هـ أيضا حديث عن بعض قواعد علوم الحديث، ثم تلت ذلك حقبة أخرى دخل فيها هذا خصيصا لعلم مصطلح الحديث.

علم المصطلح بعد القرن الثالث:
ويستعرض الحافظ ابن حجر العسقلاني تلك المرحلة فيقول: فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث، قد كثرت للأئمة في القديم والحديث فمن أول من صنف في ذلك: القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه: "المحدث الفاصل"، لكنه لم يستوعب.

والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، لكنه لم يهذب، ولم يرتب.

وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجاً وأبقى أشياء للمتعقب.

ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي فصنف في قوانين الرواية كتاباً سمَّاه: "الكفاية"، وفي آدابها كتاباً سماه: "الجامع لآداب الشيخ والسامع"، وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتاباً مفرداً؛ فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه.

ثم جاء بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب.

فجمع القاضي عياض كتاباً لطيفاً سمَّاه: الألماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع.

وأبو حفص الميانجي جزءاً سمَّاه: "ما لا يسع المحدث جهله". 



وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت، وبسطت؛ ليتوفر علمها، واختصرت؛ ليتيسر فهمها.

إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح بن عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع -لما ولِّيَّ تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية- كتابه المشهور، فهذب فنونه، وأملاه شيئاً بعد شيء؛ فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره؛ فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر.



وقال أيضاً: إلا أنه لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب: بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده, وما يتعلق بالسند وحده, وما يشتركان فيه معاً وما يختص بكيفية التحمل والأداء وحده, وما يختص بصفات الرواة وحده لأنه جمع متفرقات هذا الفن من كتب مطولة في هذا الحجم اللطيف, ورأى أن تحصيله وإلقاءه إلى طالبيه أهم من تأخير ذلك, إلى أن تحصل العناية التامة بحسن ترتيبه.

وقد اعتنى العلماء بكتاب "ابن الصلاح"، وسار في فلكه جل ما ألف بعده في علوم الحديث.

فمنهم من نظمه, ومنهم من أختصره, ومنهم من اقتصر على بعض ما جاء فيه, ومنهم من استدرك عليه بعض ما فاته, ومنهم من انتصر له ونافح عنه.

فمن نظمه الحافظ "أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي" المتوفى سنة 806هـ في كتابه "ألفية الحديث" وشرحها هو بنفسه، وكذلك شرحها بعده الحافظ "السخاوي" في شرح جيد وهو أحسن شروحها.

وممن اختصره الإمام الحافظ "أبو زكريا محيي الدين النووي" المتوفى سنة 676هـ في كتاب سمَّاه "الإرشاد" ثم اختصر المختصر في كتاب سماه " التقريب.

وقد شرح كتاب ابن الصلاح الحافظ "العراقي"، وهو شرح نفيس قيم له فيه عليه إيضاحات وتفسيرات وتقييدات وزيادات, وقد سمَّاه "التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من علوم ابن الصلاح".

وقد تبعه على هذا الترتيب جماعة, منهم وابن كثير, والعراقي, والبلقيني, وغيره جماعة, كابن جماعة, والتبريزي والطيبي,
والزركشى.

وبعد ذلك ظهرت مؤلفات هامة متعددة منها:
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، صنفه جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911هـ، وهو شرح لكتاب تقريب النواوي كما هو واضح من اسمه، جمع فيه مؤلفه من الفوائد الكثير.

نظم الدرر في علم الأثر:
صنفها زين الدين عبدالرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة 806هـ ومشهورة باسم "ألفية العراقي" نظم فيها "علوم الحديث" لابن الصلاح، وزاد عليه وهي جيدة غزيرة الفوائد وعليها شروح متعددة، منها شرحان للمؤلف نفسه.

فتح المغيث في شرح ألفية الحديث:
صنفه محمد بن عبدالرحمن السخاوي المتوفى سنة 902هـ، وهو شرح على ألفية العراقي، وهو من أوفى شروح الألفية وأجودها.

نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر:
صنفه الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ، وهو جزء صغير مختصر جد اً، لكنه من انفع المختصرات وأجودها ترتيب اً، ابتكر فيه مؤلفه طريقة في الترتيب والتقسيم لم يسبق إليها، وقد شرحه مؤلفه بشرح سمَّاه "نزهة النظر" كما شرحه غيره.

المنظومة البيقونية.
صنفها عمر بن محمد البيقوني المتوفى سنة 1080هـ، وهي من المنظومات المختصرة، إذ لا تتجاوز أربعة وثلاثين بيتاً، وتعتبر من المختصرات النافعة المشهورة، وعليها شروح متعددة.

وهكذا أدت الحاجة الى حفظ السنة النبوية المشرفة وتبليغها للأجيال القادمة الى بناء هذا البنيان من العلوم التى تميز بها الاسلام دون غيره ألا وهو الإسناد وعلومه، التي أطلق عليها بعد ذلك علوم الحديث وأصوله.

الحديث من حيث عدد رواتة

الخبر المتواتر:
لغةً: هو اسم فاعل مشتق من المتواتر أي التتابع، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.

اصطلاحاً: ما رواه عدد كثير يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب.

أي هو الحديث أو الخبر الذي يرويه في كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئك الرواة قد اتفقوا على اختلاق هذا الخبر.

شروط المتواتر:
-1 أن يرويه عدد كبير على خلاف على عدد وقيل عشرة.

-2 أن تتوافر الكثرة فى كافة طبقات السند.
-3 أن تحيل العادة دون تواطؤهم على الكذب.
-4 أن يكون مستند خبرهم الحس.


كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا أو... أما إن كان مستند خبرهم العقل، كالقول بحدوث العالم مثلاً فلا يسمي الخبر حينئذ متواتراً.

حكمه:
المتواتر يفيد العلم الضروري، أي اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً كمن يشاهد الأمر بنفسه كيف لا يتردد في تصديقه، فكذلك الخبر المتواتر.

لذلك كان المتواتر كله مقبولا ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته.

وقال بعضهم:
لا يفيد العلم إلا نظرياً قال الحافظ ابن حجر: وليس بشيء لأن العلم بالمتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر كالعامي إذ النظر ترتب أمور معلومة أو مظنونة ليتوصل بها إلى علوم أو ظنون وليس في العامي أهلية ذلك فلو كان نظريا لما حصل لهم، ولاح بهذا التقرير الفرق بين العلم الضروري والعلم النظري, إذ الضروري يفيد العلم بلا استدلال، والنظري يفيده لكن مع الاستدلال على الإفادة وأن الضروري يحصل لكل سامع والنظري لا يحصل إلا لمن فيه أهلية النظر والاستدلال.

وقد خالف في إفادة المتواتر العلم بعض شواذ الرأى قال الآمدي في كتابه "الإحكام في أصول الأحكام": واتفق الكل على أن خبر المتواتر يفيد العلم خلافا للسمنية والبراهمة في قولهم: لا علم في غير الضروريات إلا بالحواس دون الأخبار وغيرها ودليل ذلك ما يجده كل عاقل من نفسه من العلم الضروري بالبلاد النائية والأمم السابقة والقرون الخالية والملوك والأنبياء والأئمة والفضلاء المشهورين والوقائع الجارية بين السلف الماضية بما يرد علينا من الأخبار حسب وجداننا كالعلم بالمحسوسات عند إدراكنا لها بالحواس ومن أنكر ذلك فقد سقطت مكالمته وظهر جنونه.

هل يعتبر التواتر فى أخبار اهل الكتاب كالأخبار على قتل اليهود لعيسى عليه السلام وصلبه؟
مرويات اهل الكتاب عامة قد تكون لها حجية نسبية إن لم تخالف أصلاً شرعياً أقوى منها وكلامهم عن عيسى عليه السلام يعارض القران الكريم المتواتر قطعاً قال تعالى: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزاً حكيماً) بينما لم يتحقق التواتر فى روايتهم فى الطبقة الاولى ولا الثانية على افتراض عدالة الرواة فلا يمكن ان يحتج بتواترهم المزعوم بعد ذلك بإزاء دليل قطعى من الكتاب او السنه بل والقياس عليهما حتى، فليس المراد بالتواتر الكثرة.

أقسامه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما، لفظي ومعنوي.

المتواتر اللفظي:
هو ما تواتر لفظه ومعناه، مثل حديث "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" رواه بضعة وسبعون صحابياً.

المتواتر المعنوي:
هو ما تواتر معناه دون لفظه وهذا هو الأغلب فى المتواتر، مثل: أحاديث رفع اليدين في الدعاء.

ويوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة، منها حديث الحوض، وحديث المسح على الخفين، وحديث رفع اليدين في الصلاة وحديث نضر الله امرأً، وغيرها وهى قليلة جداً بالنسبة لأحاديث الاحاد و قد ادعى ابن حبان ومن تبعه عدم وجود المتواتر من الحديث وقال ابن الصلاح ما خلاصته: "إن مثال المتواتر على التفسير المتقدم يعز وجوده إلا أن يدعي ذلك في حديث: "مَنْ كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وذهب العراقي والحافظ ابن حجر وغيرهما من أئمة الحديث إلى وجود المتواتر لفظاً أو معنى وجود كثرة وقد رد الحافظ ابن حجر على مَنْ قال بالقلة أو العدم فقال: "وما ادعاه من العزة ممنوع، وكذا ما ادعاه غيره من العدم به؛ لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على الكذب أو يحصل منهم اتفاقاً ومن أحسن ما يقرر به كونه المتواتر موجوداً وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقاً وغرباً المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقيني إلى قائله ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير.

وقد ذهب بعض المحققين إلى أن النزاع لفظي:
فمَنْ جزم بوجود المتواتر فيما يروي أراد المتواتر المعنوي كما يظهر من الأدلة التي ذكروها: ومن جزم بعدمه أو ندرته أراد المتواتر اللفظي.

أشهر المصنفات فيه:
لقد اعتني العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل الرجوع إليها.

فمن تلك المصنفات:
- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة: للسيوطي، وهو مرتب على الأبواب.

- قطف الأزهار للسيوطي أيضاً، وهو تلخيص للكتاب السابق.

- نظم المتناثر من الحديث المتواتر: لمحمد بن جعفر الكتانى.

خبر الآحاد:
لغة: الآحاد جمع أحد بمعني الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد.

اصطلاحاً: هو ما لم يجمع شروط المتواتر فيشمل ما رواه واحد في طبقة أو في جميع الطبقات، وما رواه اثنان وما رواه ثلاثة فصاعدا ما لم يصل إلى عدد التواتر.

حكمه:
يفيد العلم النظري، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال.

يقسم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثلاثة أقسام:
مشهور وعزيز وغريب.

- المشهور:
تعريفه: لغة: هو اسم مفعول من"شهرت الأمر" إذا أعلنته وأظهرته وسمى بذلك لظهوره.

اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة ما لم يبلغ حد التواتر.

ومثاله حديث: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه...".

المستفيض:
لغة: اسم فاعل من "استفاض" مشتق من فاض الماء وسمى بذلك لانتشاره.

اصطلاحاً: اختلف في تعريفه على ثلاثة أقوال وهي: هو مرادف للمشهور.

هو أخص منه، لأنه يشترط في المستفيض أن يستوي طرفا إسناده، ولا يشترط ذلك في المشهور.

هو أعم منه أي عكس القول الثاني.

المشهور غير الاصطلاحي:
ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر فيشمل ما له إسناد واحد، وما له أكثر من إسناد، وما لا يوجد له إسناد أصلاً.

وله انواع كثيرة أشهرها المشهور بين أهل الحديث خاصة: ومثاله حديث أنس "أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان".

مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام:
مثاله "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

مشهور بين الفقهاء:
مثاله حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".

مشهور بين الأصوليين: مثاله حديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" صححه ابن حبان والحاكم.

مشهور بين النحاة: مثاله حديث "نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصهِ" لا أصل له.

مشهور بين العامة: مثاله حديث "العجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي وحسنه وقد صنف فى هذا النوع مؤلفات عديدة منها المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي، وكشف الخفاء، ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس للعجلوني، وتمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني.

حكم المشهور:
المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح، بل منه الصحيح ومنه الحسن، والضعيف بل والموضوع، لكن إن صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب.

العزيز:
تعريفه: لغة: هو صفة مشبهة من "عز يعز" بالكسر أي قل وندر وسمي بذلك إما لقلة وجوده وندرته، وإما لقوته بمجيئه من طريق
آخر.

ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند بمعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقل من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند.

هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر وقال بعض العلماء: إن العزيز هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره.

مثاله ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة والشيخان من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين", فقد رواه من الصحابة أنس وأبو هريرة ورواه عن أنس اثنان: قتادة، وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة اثنان: شعبة، وسعيد، ورواه عن عبد العزيز اثنان: إسماعيل بن علية، وعبد الوارث ورواه عن كل منهما جماعة.

الغريب:
تعريفه: لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.

اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند، أو في بعض طبقات السند ولو في طبقة واحدة ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند، لأن العبرة للأقل يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما "غريب مطلق" و "غريب نسبى".

الغريب المطلق - أو الفرد المطلق:
وهو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده كحديث أنما الأعمال بالنيات لم يروى صحيحاً الا عن عمر بن الخطاب تفرد به وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة.

الغريب النسبي - أو الفرد النسبي:
تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.

مثاله: حديث "مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر". تفرد به مالك عن الزهري.

سبب التسمية:
وسمى هذا القسم: "الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين.

وهناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين.

وهذه الأنواع هي:
- تفرد ثقة برواية الحديث: كقولهم: لم يروه ثقة إلا فلان.

- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: "تفرد به فلان عن فلان" وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.

- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم "تفرد به أهل مكة أو أهل الشام".

- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: "تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز.

وقد قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
غريب متناً وإسناداً: وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد.

غريب إسناداً لا متناً: كحديث روى متنه جماعة من الصحابة، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر، وفيه يقول الترمذي: غريب من هذا الوجه.

تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه:
ينقسم خبر الآحاد من مشهور وعزيز وغريب بالنسبة إلى قوته وضعفه إلى قسمين وهما:

مقبول:
وهو ما ترجح صدق المخبر به وحكمه: وجوب الاحتجاج والعمل به.

مردود:
وهو ما لم يترجح صِدق المخبرِ به، وحكمه: أنه لا يحتج به ولا يجب العمل به.

وتقسيم السنة الى متواتر وآحاد مبحث أصولى أصلاً ولم يأت به رجال الحديث ذلك انهم يقسمون الحديث إلى مقبول ومردود ولكن التقسيمات الأخرى كالآحاد والمتواتر والمشهور عند الحنفية كانت لبيان مدى حجية الاحاديث والتى تختلف بحسب المذهب وشروطه.

تقسيم الحديث من حيث نسبته إلى قائله:
قسم العلماء الحديث من هذه الحيثية إلى ثلاثة أقسام: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.

المرفوع:

عرفه جمهور المحدثين بأنه ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة خِلقية أو خُلقية وسواء أكان متصلاً أم منقطعاً أم مرسلاً، وإذا أطلق المرفوع لا ينصرف إلا إلى المضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعرَّفه الخطيب البغدادي فقال: هو ما أخبر فيه الصحابي عن قول رسول الله أو فعله أو تقريره أو صفته وعلى تعريف الخطيب لا يكون المرفوع مرسلاً وهو ما سقط من سنده الصحابي.

الموقوف:
هو ما روي عن الصحابة -رضوان الله عليهم- من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم متصلاً كان إسناده أو منقطعاً, وإذا ذكر الموقوف من غير تقييد أريد به الموقوف على الصحابي, أما استعماله في غير الصحابي فلا يكون إلا مقيداً فيُقال مثلاً وقفه مالك عن نافع أو هذا موقوف على الزهري، ونافع والزهري تابعيان.

ومن العلماء مَنْ لا يدخل التقرير في الموقوف، لأن تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة بخلاف تقرير الصحابي فليس بحجة.

وأما فقهاء خراسان فيسمون الموقوف أثراً قال أبو القاسم الفوراني منهم: "الخبر ما كان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأثر: ما كان عن الصحابي، وهو اصطلاح خاص لهم، ومن ثم يسمى كثير من العلماء الكتب الجامعة لما جاء عن النبي وما جاء عن الصحابة "السنن والآثار" ككتابي البيهقي والطحاوي.

المقطوع:
هو ما جاء عن التابعين موقوفاً عليهم من أقوالهم وأفعالهم وألحق الحافظ ابن حجر في شرح النخبة بالمقطوع الموقوف على من بعد التابعين من اتباع التابعين فمن بعدهم وإن شئت قلت: موقوف على فلان.

وجمهور المحدثين والفقهاء إن المقطوع غير المنقطع فالأول من صفات المتن والثاني من صفات الإسناد وربما وقع في كلام بعض العلماء إطلاق المقطوع على المنقطع وبالعكس ومن هؤلاء الشافعي والحميدي والدارقطني والطبراني وهو تجوز وتوسع في الاصطلاح وإن كان يعتذر عن الإمام الشافعي بأن استعماله قبل استقرار الاصطلاح كقوله في بعض الأحاديث حسن وهو على شرط الشيخين أي صحيح في غاية الصحة.

اشتراك هذه الثلاثة في الصحيح والحسن والضعيف:
وهذه الأقسام الثلاثة تشترك في الصحة والحسن والضعف فما اجتمع فيه شروط الصحة منها فهو صحيح وما رواه اجتمع فيه شروط الحسن فهو حسن وما فقد شرط من شروط الصحيح والحسن فهو ضعيف.

أما ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحيحاً كان أم حسنا فهو حجة باتفاق من يعتد به من العلماء.

وأما ما ثبت عن الصحابة صحيحاً كان أم حسناً فإن أجمعوا عليه كان إجماعاً وحجة، وأما ما اختلفوا فيه فالجمهور على أنه حجة ويتخير منه ما كان أقرب إلى القرآن والسنة وخالف في حجيته البعض.

وأما ما ثبت عن التابعين ففيه خلاف من الأئمة من احتج به ومنهم مَنْ لم يحتج، ومما ذكرناه تبين سبب اعتناء بعض جامعي الأحاديث بجمع الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين.

هذا وقد خرَّج الإمام البخاري بعض الآثار الموقوفة والمقطوعة في تراجم صحيحه لا في أصل كتابه تعليقا ومنها ما هو صحيح ومنها ما ليس بصحيح.
يتبع إن شاء الله...



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 7:42 pm

ما له حكم المرفوع من الموقوف والمقطوع
وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جمع اًلا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من أول الإسناد إلى آخره وهذا أمر نظرى فى الاغلب لا اعلم له مثال.

ولا خلاف بين أهل العلم في وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان صحيحا وذلك بشروط:
- أن لا يخالفه ما هو مثله في القوة أو أقوى منه.
- وأن لا يكون منسوخاً.
- وأن تكون دلالته واضحة على المعنى المراد الاستدلال به.

واشترط بعض الفقهاء شروطاً أخرى مثل المالكية أن لا يخالف عمل أهل المدينة وكذلك اشترط الحنفية أن لا يعمل الراوي بخلاف روايته وأن لا يكون مما تعم به البلوى وان لا يكون مخالفاً للقياس ان كان الراوى غير فقيه.

الحديث من حيث القبول و الرد
ينقسم الحديث الى مقبول يعمل به و مردود لا يعمل به و نفصل القسمان فيما يلى:
أقسام المقبول:
ينقسم الحديث المقبول الى اربعة أقسام:
صحيح وصحيح لغيرة وحسن وحسن لغيرة.

الصحيح:
اصطلاحاً:
هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا عِلة.

فشروط الصحيح التي يجب توفرها حتى يكون الحديث صحيحاً خمسة وهي:
اتصال السند، عدالة الرواة، ضبط الرواة، عدم العلة، عدم الشذوذ.

اتصال السند: ومعناه أن كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
عدالة الرواة:
أي أن كل راو من رواته اتصف بكونه مسلم اً, بالغاً ,عاقلاً , غير فاسق وغير مخروم المروءة
ضبط الرواة:
أي أن كل راو من رواته كان تام الضبط، أما ضبط صدر أو ضبط كتاب
عدم الشذوذ:
أي أن لا يكون الحديث شاذ اً والشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
عدم العلة:
أي أن لا يكون الحديث معلولا، والعلة سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه.

فإذا اختل شرط واحد من هذه الشروط الخمسة فلا يسمي الحديث حينئذ صحيحاً.
وحُكْمُه وجوب العمل به كحجة شرعية عند أهل الحديث والفقة والاصول.
أول مصنف في الصحيح ارد صحيح البخاري ثم صحيح مسلم.

هل استوعبا الصحيح أو التزماه؟
لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما ولا التزماه فقد قال البخاري: " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول " وقال مسلم " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه و نقل عن البخاري أنه قال " وما تركت من الصحاح أكثر " وقوله أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح.

وقد تعرض الصحيحان للنقد وضعف بعض الاحاديث الواردة فيهما من بعض العلماء القدامى والمعاصرين كالالبانى وابن عثيمين ومحمد رشيد رضا المحدثين والسيوطى والكوثرى والسبكى والذهبى من القدامى ولا يحط ذلك من قدرهما بحال.

كم عدد الأحاديث في كل منهما؟
-1 البخاري: جملة ما فيه سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف.
-2 مسلم: جملة ما فيه اثنا عشر ألفاً بالمكررة وبحذف المكررة نحو أربعة آلاف.

المستخرجات على الصحيحان:
المستخرج هو أن يأتي المصنف إلى كتاب من كتب الحديث، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه.

أشهر المستخرجات على الصحيحين:
-1 المستخرج لأبي بكر الاسماعيلي على البخاري.
-2 المستخرج لأبي عوانة الاسفراييني على مسلم.
-3 المستخرج لأبي نعيم الأصبهاني على كل منهما.


هل التزم أصحاب المستخرجات فيها موافقة الصحيحين في الألفاظ؟
لم يلتزم مصنفوها موافقتهما في الألفاظ، لأنهم إنما يروون الألفاظ التي وصلتهم من طريق شيوخهم لذلك فقد حصل فيها
تفاوت قليل في بعض الألفاظ.

هل يجوز أن ننقل منها حديثاً ونعزوه إليهما؟
بناء على ما تقدم فلا يجوز لشخص أن ينقل من المستخرجات أو الكتب المذكورة آنفاً حديثاً ويقول رواه البخاري أو مسلم..
إلا بأحد أمرين:
-1 أن يقابِل الحديث بروايتهما.
-2 أو يقول صاحب المستخرج أو المصنف "أخرجاه بلفظه".

وللمستخرجات على الصحيحين فوائد كثيرة تقارب العشرة، ذكرها السيوطي وأهمها:
علو الإسناد:
لأن مصنف المستخرج لو روي حديثاً من طريق البخاري مثلا لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج.
الزيادة في قدر الصحيح:
 لما يقع من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث.
القوة بكثرة الطرق:
وفائدة الترجيح عند المعارضة.

ما هو المحكوم بصحته مما رواه الشيخان؟
ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته عندهما أما ما حذف من مبدأ إسناده راو أو أكثر ويسمي المعلق وهو في البخاري كثير لكنه في تراجم الأبواب ومقدمتها، ولا يوجد شيء منه في صلب الأبواب أما في مسلم فليس فيه من ذلك إلا حديث واحد في باب التيمم لم يصله في موضع آخر فحكمه كما يلي:
فما كان منه بصيغة الجزم:
كقال وأمر وذكر، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه.

وما لم يكن فيه جزم:
كيروى ويذكر ويحكي، وروي وذكر فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه، ومع ذلك فليس فيه حديث واه لإدخاله في الكتاب المسمي بالصحيح.

مراتب الصحيح
فأعلي مراتبه ما كان مروياً بإسناد من أصح الأسانيد، كمالك عن نافع عن ابن عمر.
ودون ذلك رتبة ما كان مروياً من طريق رجال هم أدني من رجال الإسناد الأول، كراوية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة.
ودون ذلك رتبة ما كان من رواية من تحققت فيهم أدني ما يصدق عليهم وصف الثقة، كرواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة.

ويلتحق هذه التفاصيل تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب وهي:
- ما اتفق عليه البخاري ومسلم (وهو أعلى المراتب المقصود بقولهم متفق عليه).
- ثم ما انفرد به البخاري.
- ثم ما انفرد به مسلم.
- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه.
- ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه.
- ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه.
- ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة كابن خزيمة وابن حبان مما لا يكن على شرطهما.

شرط الشيخين.
لم يصرح البخارى ومسلم بشروطهما ولكن ظهر للعلماء من الاستقراء لمنهجهما ما ظنوا انه شروطهم.

وأحسن ما قيل في ذلك أن المُراد بشرط الشيخين أو أحدهما أن يكون الحديث مروياً من طريق رجال الكتابين أو أحدهما مع مراعاة الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم.

الحديث الحسن
لغة:
هو صفة مشبهة من " الحسن " بمعنى الجمال.
اصطلاحاً:
اختلفت أقوال العلماء في تعريف الحسن نظراً لأنه متوسط بين الصحيح والضعيف.
تعريف الخطابي:
هو ما عرف مخرجة، واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
تعريف الترمذي:
كل حديث يروى، لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن.
تعريف ابن حجر:
قال وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته، فان خَف الضبط، فالحسن لذاته.
و تعريف ابن حجر هو المختار:
فنقول ان الحديث الحسن هو: ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.

حكمه:
هو كالصحيح في الاحتجاج به، وان كان دونه في القوة لذلك احتج به الفقهاء، وعملوا به، وعلى الاحتجاج به معظم المحدثين والأصوليين إلا من شذ من المتشددين " وقد أدرجه بعض المتساهلين في نوع الصحيح كالحاكم وابن حبان وابن خزيمة، مع قولهم بأنه دون الصحيح المبين.

الصحيح لغيره:
تعريفه:
هو الحسن لذاته إذا روي من طريق آخر مثله أو أقوى منه. وسمٌى صحيحاً لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت من انضمام غيره له.

مرتبته:
هو أعلي مرتبة من الحسن لذاته، ودون الصحيح لذاته.

مثاله:
حديث " محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".

الحسن لغيره:
هو الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو كذبه.

يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقى إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:
أن يروى من طريق آخر فأكثر، على أن يكون الطريق الآخر مثله أو أقوى منه.
أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله.

مرتبته:
الحسن لغيره أدني مرتبة من الحسن لذاته.

وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيره قدم الحسن لذاته.

حكمه:
هو من المقبول الذي يحتج به.

ومثاله:
ما رواه الترمذي وحسنه عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فرازة تزوجت على نعلين فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت نعم فأجاز.

أمَّا قول المحدثين:
" هذا حديث صحيح الإسناد " دون قولهم هذا حديث صحيح وكذلك قولهم: " هذا حديث حسن أما الإسناد " دون قولهم: " هذا حديث حسن ".

لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة فكأن المحدث إذا قال: " هذا حديث صحيح " قد تكفل لنا بتوفر شروط الصحة الخمسة في هذا الحديث أمَّا إذا قال: " هذا حديث صحيح الإسناد " فقد تكفل لنا بتوفر شروط ثلاثة من شروط الصحة وهي: اتصال الإسناد، وعدالة الرواة وضبطهم، أمَّا نفي الشذوذ ونفى العلة عنه فلم يتكفل ما لأنه لم يتثبت منهم.

لكن لو اقتصر حافظ معتمد على قوله:
" هذا حديث صحيح الإسناد " ولم يذكر له علة، فالظاهر صحة المتن لأن الأصل عدم العلة وعدم الشذوذ.

امَّا معنى قول الترمذي وغيره حديث حسن صحيح:
إن كان للحديث اسنادان فأكثر فالمعني حسن باعتبار اسناد، صحيح باعتبار اسناد آخر.

وان كان له اسناد واحد فالمعني حسن عند قوم، صحيح عند قوم آخرين فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث، أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما.

واخيراً فالحديث المقبول قسمين:
معمول به وذلك محكم الحديث: (حديث مقبول سلم من معارضة مثله)، وغير معمول به.

وهو فى نوعان من أنواع علوم الحديث وهما:
الناسخ والمنسوخ ومختلف الحديث وسنتناولهما لاحقاً.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 7:50 pm

المردود من الحديث
هو الذي لم يترجح صدق المخبرِ به وذلك بفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في بحث الصحيح أما أسباب رد الحديث فكثيرة، لكنها ترجع بالجملة إلى أحد سببين رئيسيين هما:
- سقط من الإسناد.
- طعن في الراوي.

وهو انواع متعددة نتناولها فيما يلي:
الحديث الضعيف
هو كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن ويمكن إجمال شروط الصحيح والحسن بقسميه في ستة شروط:
-1 اتصال السند.
-2 عدالة الرواة.
-3 السلامة من كثرة الخطأ والغفلة وهو الضبط.
-4 السلامة من الشذوذ.
-5 السلامة من العلة.
-6 مجيء الحديث من وجه آخر حيث كان في الإسناد مستور ليس متهما، ولا كثير الغلط على ما ذكرنا في الحسن لغيره.


فكل حديث فقدت فيه بعض هذه الشروط أو كلها هو حديث ضعيف.

والحديث الضعيف الذي لم يصل إلى حد السقوط والوضع، وهو الضعيف المحتمل فقد اختلفت فيه أنظار العلماء والذي عليه جمهور العلماء أنه يجوز العمل به في فضائل الأعمال لكن بشروط ثلاثة، أوضحها الحافظ ابن حجر وهي:
- أن يكون الضعف غير شديد.
- أن يندرج الحديث تحت أصل معمول به.
- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.

فليس مجال العمل بالضعيف العقائد كصفات الله تعالى ولا الأحكام الشرعية مما يتعلق بالحلال والحرام.

الحديث المُرسل
المرسل:
لغة مأخوذ من الإرسال بمعنى الإطلاق وعدم المنع
وأما في الاصطلاح:
فقد اختلفت في تعريفه أنظار العلماء وجمهور المحدثين على انه ما رواه التابعي, سواء أكان كبيرا أم صغيرا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله أو فعله أو تقريره.

والمُراد بالتابعي الكبير:
 من لقي كثيرا من الصحابة وجالسهم وكانت جل روايته عنهم كسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عدي بن الخيار، وقيس بن أبي حازم, وأمثالهم.

والصغير:
هو من لم يلق من الصحابة إلا العدد اليسير أو لقي جماعة ولكن جل روايته عن التابعين كالزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي حازم، وأمثالهم.

حكم المُرسل عند المحدثين:
الذي ذهب إليه جمهور المحدثين أن المرسل من قبيل الحديث الضعيف للجهل بحال المحذوف لأنه لا يتعين أن يكون التابعي رواه عن الصحابي, بل يجوز أن يكون رواه عن تابعي آخر, وهو يحتمل أن يكون ثقة أو غير ثقة.

حكم المُرسل عند الفقهاء:
أما حكم المرسل عند الفقهاء فقد احتج به مالك وأبو حنيفة وقد حكي عن الإمام أحمد الاحتجاج به في رواية بشرط أن يكون المرسل ثقة ولا يرسل إلا عن ثقة وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحل أن يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة.

وأمَّا الإمام الشافعي فقد احتج به بشروط فقال في كتابه "الرسالة": (إن مراسيل كبار التابعين حجة إن جاءت من وجه آخر ولو مرسلة أو اعتضدت بقول صحابي أو أكثر العلماء أو كان المرسل لو سمي لا يسمى إلا ثقة, فحينئذ يكون مرسله حجة، ولا ينتهض إلى رتبة المتصل، وأما مراسيل غير كبار التابعين فلا أعلم أحدا قبلها).

وقد قيل:

إن الإمام الشافعي لا يحتج بالمرسل إلا مراسيل سعيد بن المسيب؛ لأنه تتبعها فوجدها مسندة من وجوه أخر، وقد حقق الإمام النووي المسالة فقال أن الصحيح أنه يحتج بمراسيل سعيد بن المسيب وغيره إذا استكملت الشروط التي ذكرناها وليس لابن المسيب ميزة في هذا إلا أنه أصح التابعين إرسالا, على أن في مراسيله ما لم يوجد مسندا بحال من وجه صحيح.

أمَّا المُرسل عند الفقهاء والأصوليين فأعم من ذلك فعندهم أن كل منقطع مرسل على أي وجه كان انقطاعه.

مرسل الصحابي:
هو ما يرويه الصحابة من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو فعله، أو تقريره، ولم يسمعوه منه أو يشاهدوه لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه كابن عباس رضى الله عنه.

وحكمه:
أنه حجة عند المحدثين والفقهاء, وهو في حكم الموصول المسند؛ لأن أكثر روايتهم عن الصحابة, والجهالة بالصحابة لا تضر؛ لأم كلهم عدول, ثم إن بعض العلماء ذكر أن الاحتجاج به موضع إجماع، وقد ذكر ابن الأثير وغيره في ذلك خلافا في الاحتجاج به عند الفقهاء لاحتمال تلقيه عن بعض التابعين.

وقد روى جماعة من الصحابة عن التابعين كابن عباس وعبد الله بن عمر فقد رووا عن كعب الأحبار بعض المرويات, ولكن فيما لا يتعلق بالحلال والحرام، وكعب من التابعين وقد صنف الخطيب وغيره في رواية الصحابة عن التابعين, فذكر جملة من الأحاديث, والحق أن روايات الصحابة عن التابعين نادرة.

الحديث المنقطع
ذهب المحققون من المحدثين كالحافظين العراقي وابن حجر وغيرهما إلى ما يأتي:
المنقطع:
هو ما سقط منه قبل الصحابي راوٍ واحد في موضع أو في مواضع، فإن سقط منه واحد في موضع قيل له: منقطع، فإن سقط منه اثنان في موضعين قيل له: منقطع في موضعين وهكذا.

أمَّا إن سقط منه الصحابي فهو المرسل، وإن سقط منه اثنان على التوالي فهو المعضل.

كيف يعرف الانقطاع؟
يعرف الانقطاع بين الراوي والمروي عنه؛ إمَّا بعدم المعاصرة، أو بعدم الاجتماع به واللقاء، ولم تكن له منه إجازة وذلك يعرف من جهة علم "تاريخ الرجال" المبين لمواليد الرواة ووفياتهم وتعيين أوقات طلبهم وارتحالهم ولقاءاتهم.

والمنقطع ضعيف بالاتفاق بين العلماء، وذلك للجهل بحال الراوي المحذوف.

الحديث المُعضل
المعضل لغة:
مأخوذ من أعضله الأمر بمعنى أعياه.
وفي الاصطلاح:
هو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا على التوالي وهذا هو المعتبر عند المحدثين وبذلك يتميز عن المرسل: الذي سقط منه الصحابي والمنقطع: الذي سقط منه راو واحد في موضع أو في أكثر.
الإسناد المعنعن:
وهو الذي يقال فيه فلان عن فلان ما حكمه؟ أهو محمول على الاتصال؟ أم هو من قبيل المرسل والمنقطع؟

ذهب بعض العلماء إلى أنه من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله والراجح الذي عليه العمل أنه متصل محمول على السماع.

وقد أشترطوا لإفادته الاتصال شرطين:
-1 معاصرة الراوي لمن روى عنه مع ثبوت اللقاء.
-2 البراءة من وصمة التدليس, وقد اكتفى الإمام مسلم بالمعاصرة فحسب.

الحديث المُعَلَّق
التعليق لغة:
هو اسم مفعول من " علق " الشيء بالشيء أي ناطه وربطه به وجعله معلقاً.
وفي الاصطلاح:
هو الحديث الذي حذف من مبتدأ إسناده راوٍ واحد أو أكثر ولو كان السند كله.

من صوره:
أ) أن يحذف جميع السند ثم يقال مثلا " قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: كذا...
ب) ومنها أن يحذف كل الإسناد إلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي.

الحديث المعلق مردود:
لأنه فقد شرطاً من شروط القبول وهو اتصال السند وذلك بحذف راو أو أكثر من إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف.

وبينه وبين المعضل أشتراك فيجامعه في حالة حذف اثنين فصاعدا في أول السند وينفرد المعضل في حذف اثنين في وسط السند وينفرد المعلق في حذف واحد في أول السند.

المعلقات في الصحيحين:
هذا الحكم وهو أن المعلق مردود هو للحديث المعلق مطلقاً، لكن أن وجد المعلق في كتاب التزمت صحته كالصحيحين فهذا له حكم خاص أتفق عليه الكثير من العلماء وهو أن: ما ذكر بصيغة الجزم: ك " قال " و " ذكََرَ " و " حكي " فهو حكم بصحته عن المضاف إليه وما ذكر بصيغة التمريض: ك " قيل " و" ذكر " و" حُكِيَ " فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه، بل فيه الصحيح والحسن والضعيف، لكن ليس فيه حديث واه لوجوده في الكتاب المسمي بالصحيح، وطريق معرفة الصحيح من غيره هو البحث عن إسناد هذا الحديث والحكم عليه بما يليق به.

المُدلس
اللغة:
مأخوذة من الدلس "بفتح اللام", وهو: اختلاط الظلام بالنور.
وفي اصطلاح المحدثين له أقسام عدة أشهرها ثلاثة:
القسم الأول تدليس الإسناد:
وعرفه ابن الصلاح فقال هو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه, وذلك بأن يأتي بلفظ محتمل كقال فلان أو عن فلان, ونحوهما, وقد يكون بينهما واحد, وقد يكون أكثر.

أما إن أتى بصيغة صريحة في السماع أو الحديث, ولم يكن سمعه من شيخه, ولا قرأه عليه, فلا يكون تدليسا بل يكون كذبا مسقطا للعدالة.

وقد ذمة أكثر العلماء وكان شعبة من أشدهم ذما له فقال فيه أقوالا منها: التدليس أخو الكذب.

القسم الثاني تدليس الشيوخ:
وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف السامع انه مصدر الرواية.

"مثاله":
ما روي عن أبي بكر بن مجاهد المقرئ أنه روى عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني فقال: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله، وروى عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر شيخ المقرئين في عصره المتوفى سنة 351 ه, فقال: حدثنا محمد بن سند نسبه إلى جد له عالٍ.

القسم الثالث تدليس التسوية:
وهو أن يسقط المدلس غير شيخه لضعفه أو لصغره, فيصير الحديث ثقة عن ثقة, فيحكم له بالصحة، وممن اشتهر بذلك الوليد بن مسلم كان يحذف شيوخ الأوزاعي الضعفاء، وهذا النوع شر الأقسام, وفيه تغرير شديد, قال العراقي: وهو قادح فيمن تعمد فعله، وقال الحافظ ابن حجر: لا شك أنه جرح, وإن وصف به الثوري والأعمش، فلا اعتذار عنهما أما لا يفعلانه إلا في حق من يكون ثقة عندهما ضعيفا عند غيرهما.

حكم رواية المدلِس:
اختلف العلماء في قبول رواية المدلس على أقوال، أشهرها قولان:
رد رواية المدلس مطلقاً وإن بين السماع، لأن التدليس نفسه جرح.
التفصيل: وهو الراجح إن صرح بالسماع قبلت روايته، أي إن قال "سمعت" أو نحوها قبل حديثه.
وان لم يصرح بالسماع لم تقبل روايته، أي إن قال " عن " ونحوها لم يقبل حديثه.

هناك مصنفات في التدليس والمُدلسين كثيرة أشهرها:
ثلاثة مصنفات للخطيب البغدادي، واحدا في أسماء المدلسين، واسمه التبيين لأسماء المدلسين والآخران لبيان أنواع التدليس والتبيين لأسماء المدلسين: لبرهان الدين بن الحلبي وتعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ ابن حجر.

الشاذ
الشاذ في اللغة:
 من معانيه المنفرد وفي القاموس: شذ يشذ ويشذ شذا وشذوذا. ندر عن الجمهور.
وفي اصطلاح المحدثين له تعريفات أشهرها:
"الأول":
عرفه الإمام الشافعي, فقال: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس أي الحافظ الثقات، ووافق الشافعي جماعة من العلماء.
"الثاني":
 قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتابه "الإرشاد": الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان من غير ثقة, فمتروك لا يقبل, وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به فجعل الشاذ مطلق المتفرد من غير اعتبار المخالفة.
"الثالث":
وقال الحاكم أبو عبد الله: هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع لذلك وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك.

والصحيح التفصيل:
فإن كان الثقة بتفرده مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك كان ما انفرد به شاذا مردودا، وإن لم يخالف الراوي بتفرده غيره وإنما روى أمرًا لم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المتفرد, فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بحفظه, ولكن لم يبعد عن درجة الضابط كان ما انفرد به حسنا، وإن بعد من ذلك كان شاذاً منكراً.

تعريف الحافظ ابن حجر:
قال: الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات كفقه الراوي وعلو سنده قال الحافظ: وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح، والمراد بالمقبول أعم من أن يكون ثقة أو صدوقا.

ويقابل الشاذ المحفوظ, وهو ما رواه الراجح من الرواة مخالفا للمرجوح.

الحديث المنكر
ويكون الحديث منكرا إذا كان سبب الطعن في الراوي فحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق.

قال الحافظ ابن حجر:
المنكر، ما رواه الضعيف مخالفا لمن هو أولى منه.
وقال ابن الصلاح:
إن المنكر والشاذ بمعنى واحد, وإنه ينقسم إلى قسمين على ما ذكر في الشاذ.
-1 الفرد المخالف لما رواه الثقات.
-2 الفرد الذي ليس في رواته من الثقة الإتقان ما يحتمل معه تفرده.

والمعروف هو يقابل المنكر عند الحافظ ابن حجر, وعلى هذا فيعرف بأنه: ما رواه الراجح مخالفا للضعيف.

المتروك
المتروك لغة:
المرتحل عنه والمفارق رغبة عنه ففي المصباح المنير: "تركت المنزل تركا رحلت عنه, وتركت الرجل فارقته".
وفي اصطلاح المحدثين:
هو الحديث الذي لا يروى إلا من جهة المتهم بالكذب, ولا يعرف ذلك الحديث إلا من جهته, ويكون مخالفا للقواعد المعلومة من الشريعة أو رواه من عرف بالكذب في كلامه, وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 7:59 pm

المُضطرب
والاضطراب في اللغة:
الاختلاف.

وفي اصطلاح المحدثين:
هو الحديث الذي يختلف الرواة فيه, فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر أو يرويه راوٍ واحد على وجه، ومرة أخرى على وجه آخر من غير إمكان الترجيح.

أمَّا إذا ترجحت إحدى الروايتين أو الروايات بأن يكون راويها أحفظ, أو أكثر صحبة للمروي عنه, أو غير ذلك من وجوه الترجيحات كانت الراجحة صحيحة والمرجوحة شاذة أو منكرة.

حكم الاضطراب:
أنه يوجب ضعف الحديث لإشعاره بأن الراوي لم يضبط، والضبط شرط في الصحيح والحسن، إلا في حالة ذكرها شيخ الإسلام ابن حجر, وهي أن يقع الاختلاف في اسم راوٍ, أو اسم أبيه, أو نسبته مثلا, ويكون الراوي على أي حال ثقة.

المدرج
المدرج: اسم مفعول من أدرج، والإدراج في اللغة أن يدخل في الشيء ما ليس منه.
وفي اصطلاح المحدثين:
هو الحديث الذي زيد فيه ما ليس منه في السند, أو في المتن ويعرف المدرج بوروده منفصلا في رواية أخرى أو بالنص على ذلك من الراوي, أو من بعض الأئمة المطلعين أو باستحالة كونه -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك.

أقسامه: ينقسم إلى قسمين:
-1 مدرج المتن.
-2 ومدرج السند.

مدرج المتن:
هو أن يدخل في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء من كلام بعض الرواة فيتوهم من يسمع الحديث أن هذا الكلام منه، وقد يكون في أول الحديث، وقد يكون في وسطه وقد يكون في آخره, وهو الأكثر.

مدرج السند:
ومرجعه في الحقيقة إلى المتن, وهو أقسام:
الأول:
أن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف.
الثاني:
أن يكون المتن عند راوٍ إلا طرفا منه, فإنه عنده بإسناده آخر فيرويه راوٍ عنه تاما بالإسناد الأول, ومنه أن يسمع الحديث من شيخه إلا طرفا منه, فيسمعه عن شيخه بواسطة, فيرويه راوٍ عنه تاما بحذف الواسطة.
الثالث:
أن يكون عند الراوي متنان مختلفان بإسنادين مختلفين فيرويهما راو عنه مقتصرا على أحد الإسنادين أو يروي أحد الحديثين بإسناده الخاص به, لكن يزيد فيه من المتن ما ليس في الأول.

المقلوب
وهو في اللغة:
 المحول والمصروف عن وجهه الصحيح قال في المصباح "قلبته قلبا من باب ضرب حولته عن وجهه وكلام مقلوب مصروف عن وجهه، وقلبت الرداء حولته وجعلت أعلاه أسفله".
وفي اصطلاح المحدثين:
هو الحديث الذي وقع تغيير في متنه أو في سنده بإبدال أو تقديم وتأخير ونحو ذلك.

وهو قسمان:
-1 مقلوب المتن.
-2 مقلوب السند.


المطروح
لم يذكره الا الحافظ الذهبى: "فلان مطروح الحديث".
وقد عَرَّفَهُ بأنه ما كان دون الضعيف وأرفع من الموضوع.

الحديث الموضوع:
الموضوع لغة:
اسم مفعول مأخوذ من وضع الشيء يضعه وضعا، إذا حطه وأسقطه, أو مأخوذ من الضعة وهي الانحطاط في الرتبة.
وفي اصطلاح المحدثين:
هو الحديث المختلق المكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم- أو على من بعده من الصحابة أو التابعين.

حكم رواية الموضوع:
لا يحل رواية الموضوع في أي باب من الأبواب إلا مقترنا ببيان وضعه سواء في ذلك ما يتعلق بالحلال والحرام أو الفضائل أو الترغيب والترهيب والقصص والتواريخ ونحوها, ومن رواه من غير بيان فقد دخل في عداد الكذابين ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه أن رسول الله قال: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

حكم الكذب على رسول الله:
جمهور العلماء على أن الكذب على رسول الله من الكبائر، ولا يكفر فاعل ذلك إلا إذا كان مستحلا للكذب عليه هل تقبل رواية من كذب في الحديث وإن تاب؟

ذهب جمهور المحدثين إلى أن من كذب في حديث واحد فسق وردت روايته وبطل الاحتجاج به وإن تاب وحسن توبته ومن هؤلاء أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي والصيرفي والسمعاني, وخالف في ذلك النووي فقال: والمختار القطع بصحة توبته في هذا وقبول روايته بعدها إذا صحت توبته بشروطها ومذهب الجمهور ارجح قطعاً للشك و الريبة حتى لا يختلط ما رواه قبل توبتة بما قال بعدها.

أقسام الموضوع:
-1 أن يضع الواضع كلاماً من عند نفسه، ينسبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو إلى الصحابي مثال ما وضع على الرسول: "لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفع", وهو كذب باطل من صنع عباد الأوثان.

-2 أن يأخذ الواضع كلاما لبعض الصحابة أو التابعين أو الحكماء أو ما يروى في الإسرائيليات مثلا فينسبه إلى رسول الله كما يروى من حديث: "أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما", فالصحيح أنه من قول سيدنا علي رضي الله عنه.

والقول: "ما وسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن", قال فيه ابن تيمية: هو من الإسرائيليات وليس له أصل معروف عن النبي.

حركة الوضع:
كثرت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عصر التابعين و أنشغل الخلفاء من الدولة الأموية بالمنازعات السياسية عن صون الحديث و ساعدت الصراعات الحزبية والسياسية فى وضع الحديث من المتعصبين للأمويين أو العباسيين أو الشيعة ومع أتساع رقعة الأسلام دخل الأسلام أناس من جنسيات وأعراق مختلفة منهم صحيح الأيمان ومنهم المنافق الذى يعيش الحقد على الأسلام فى صدرة و يطعن فية بأفتراء الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم و صحابتة ومنهم من دفعتة الشعوبية والقبلية لأفتراء احاديث ترفع من شأن قومة او تحط من غيرهم ومع ظهور المذاهب الكلامية كالمرجئة و المعتزلة وغيرهم ذهب المتعصبون لمذاهبهم لأفتراء أحاديث دعماً لمعتقدام وكذالك كان للوعاظ اثر كبير فى وضع الحديث للترغيب فى الفضائل و الترهيب من الرزائل مثل: "كل دخان حرام" ومثل: "كل جوف يدخل الدخان فيه من أوراق السموم يخرج من الإيمان ومثل احاديث متعددة فى فضائل سور القرآن الكريم و عظم عقوبة الذنوب.

أمارات وعلامات الوضع:
للوضع امارات وعلامات ومن اهمها:
- أعتراف الواضع بوضعه وقد حدث هذا مرات متعددة من أناس كان يظن بهم أهل عصرهم خيراً فمثل ما روي عن نوح بن أبي مريم من اعترافه بوضع حديث فضائل السور.
- عدم المعاصرة قطعاً بين من يروى وشيخه الذى يروى عنه كأن يكون لم يدخل على المدينة التى كان بها أو مات قبل أن يولد أو سئل عن توقيت لقائه به فقال بتاريخ مات قبله.
- ركاكة اللفظ فلا لايدانى كلام النبوة وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم وينفر منه قلبه غالبا" ولذلك كثيرا ما تجد أقوال العلماء: "هذا ما ينكره القلب", أو: "لا تطمئن إليه النفس", أو: "عليه ظلمات، أو متنه مظلم" إلى نحو ذلك وذلك مثل ما روي: "أربع لا يشبعن من أربع: أنثى من ذكر، وأرض من مطر، وعين من نظر, وأذن من خبر" ومثل: "إن لله ملكا من حجارة، يقال له عمارة، ينزل على حمار من حجارة كل يوم يسعر".

وكذالك ركاكة المعنى يقول الإمام ابن الجوزي:
"ما أحسن قول القائل: كل حديث رأيته تخالفه العقول وتباينه النقول وتناقضه الأصول فاعلم أنه موضوع" فيكون الحديث الموضوع يجمع بين التناقضات و يخالف العقل بالضرورة أو الأستدلال مثل ما روي: "أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين" ومن ركاكة المعنى كونة يدعو لأستباحة الدماء او الأموال او الأعراض مما يخالف صحيح الفطرة و مقاصد الشريعة.

وكذلك المخالفة للحس والمشاهدة:
مثل: "الباذنجان شفاء من كل الداء" فالحس والتجارب العلمية تكذب ذلك ومثله: "عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة وقدس فيه سبعون نبيا".

وكذلك مخالفة الحديث لصريح القرآن أو السنة المتواترة أو الصحيحة أو الإجماع، حيث لا يقبل التأويل القريب المقبول مثل ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة أبناء, فإنه معارض لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى }و"إذا حدثتم بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت به أو لم أحدث", وهو مناقض لق ول النبي: "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".

ومن علامات الوضع فى الحديث:
أن يكون الحديث في فضائل علي والراوي رافضي أو يصب فى ترجيح الإرجاء والراوي مرجئ أو في القدر والراوي قدري.

وقد أضرَّت ظاهرة الوضع الأسلام والمسلمين وساهمت فى نشأة وتقوية مذاهب متعددة وأشاعت البدع والفتن وقد نسب الكثير منها الى بعض الصحابة كأبن عباس وأبن عمر بن العاص رضى الله عنهما فيما رووا من أسرائيليات و ما صح نسبته الى الصحابة هنا على قلته انما ر وى لنشر معارف أخذت من أهل الكتاب وليس باعتبارها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسربت الموضوعات الى كتب التفسير خاصة.

يقول الإمام ابن تيمية:
"وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي، والزمخشري في فضائل القرآن -يعني سوره- فإنه موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث والثعلبي في نفسه كان فيه خير ودين وكان حاطب ليل ينقل ما وجد من كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع والواحدي كان أبصر منه بالعربية لكن هو أبعد من السلامة واتباع السلف والبغوي تفسير مختصر من الثعلبي لكن صانه عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة، والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالتسمية وحديث على الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة, فإنه موضوع باتفاق أهل العلم ومثل ما روي في قوله تعالى: {ولكل قوم هاد} إنه علي، {وتعيها أذن واعية} أذنك يا علي...

أشهر المصنفات فى الموضوعات:
أ) كتاب الموضوعات: لابن الجو زي، وهو من أقدم ما صنف في هذا الفن، لكنه متساهل في الحكم على الحديث بالوضع، لذا انتقده العلماء وتعقبوه.
ب) اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة: للسيوطي، هو اختصار لكتاب ابن الجوزي وتعقيب عليه، وبه زيادات لم يذكرها ابن الجوزي.
ج) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة: لابن عراق الكناني، وهو كتاب تلخيص لسابقيه، وهو كتاب حافل مهذب مفيد.

المعنعن والمؤنن:
المعنعن
لغة:
المعنعن اسم مفعول من " عنعن " بمعنى قال عن عن.
اصطلاحاً:
قول الراوي: فلان عن فلان.

مثاله ما رواه ابن ماجه قال:
"حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف".

فهل هو من المتصل أو المنقطع؟
اختلف العلماء فيه على قولين:
قيل أنه منقطع حتى يتبين اتصاله.
والرَّاجح الذي عليه العمل، وقال به الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متصل بشروط، اتفقوا على شرطين منها، واختلفوا في اشتراط ما عداهما، أما الشرطان اللذان اتفقوا على أنه لا بد منهما ومذهب مسلم الاكتفاء ما فهما:
- أن لا يكون المعنعن مدلسا.
- أن يمكن لقاء بعضهم بعضا، أي لقاء المعنن بمن عنعنَ عنه.

وأما الشروط التي اختلفوا في اشتراطها زيادة على الشرطين السابقين فهي:
ثبوت اللقاء: وهو قول البخاري وابن المديني والمحققين.
طول الصحبة: وهو قول أبي المظفر السمعاني.
معرفته بالرواية عنه: وهو قول أبي عمرو الداني.

المؤنن:
لغة:
اسم مفعول من "أَنن" بمعني قال أن، أن.
اصطلاحا:
هو قول الراوي: حدثنا فلان أن فلاناً قال.

حكم المؤنن
أ) قال احمد وجماعة هو منقطع حتى يتبين اتصاله.
ب) وقال الجمهور: "أن" ك "عن" ومطلقه محمول على السماع بالشروط المتقدمة.

المُرسل الخفي
أن يروي عمَّن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه بلفظ يحتمل السماع وغيره ك" قال.

يعرف الإرسال الخفي بأحد أمور ثلاثة وهي:
- نص بعض الأئمة على أن هذا الراوي لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه مطلقاً.
- إخباره عن نفسه بأنه لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه شيئاً.
- مجيء الحديث من وجه آخر فيه زيادة شخص بين هذا الراوي وبين من روي عنه.

وهذا الأمر الثالث فيه خلاف للعلماء، لأنه قد يكون من نوع المزيد في متصل الأسانيد.

حكمه:
هو ضعيف، لأنه من نوع المنقطع، فإذا ظهر انقطاعه فحكمه حكم المنقطع.

أشهر المصنفات فيه:
كتاب التفصيل لمبهم المراسيل للخطيب البغدادي.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 8:06 pm

علم الجرح والتعديل
أمَّا علم الجرح والتعديل فهو:
علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ.

قال عبد الله بن المبارك:
الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
روى مسلم عن محمد بن سيرين قال:
إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
وقال القاسم بن بندار:
سمعت أبا حاتم الرازي، يقول: "لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة " فقال: له رجل: يا أبا حاتم ربما رووا حديثاً لا أصل له ولا يصح؟ فقال: " علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أم ميزوا الآثار وحفظوها، ثم قال: " رحم الله أبا زرعة، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وقال صالح بن أحمد الحافظ:
سمعت أبا بكر محمد بن أحمد يقول: بلغني أن الله، خص هذه الأمة بثلاثة أشياء، لم يعطها من قبلها الإسناد والأنساب والإعراب.

وعن شعبة بن الحجاج، قال:
كل حديث ليس فيه حدثنا، أو أخبرنا، فهو مثل الرجل بفلاة، معه البعير ليس لها خطام.

وقد نشأ علم الجرح والتعديل مع نشأة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جائز و ان تضمن الغيبة وهتك الستر وايغار الصدور ذلك لانة ان لم يكن جائزاً لما كان هناك سبيل لصيانة الحديث من أن يدخل فية ما ليس منة ولم يتميز الصادق من الكاذب والفاسق من العدل، والمغفل من الضابط، ولاختلطت الأحاديث الصحيحة بالضعيفة والموضوعة.

مناهج النقاد في الجرح والتعديل:
لم يكن الأئمة الذين تصدوا للجرح والتعديل ونقد الرجال في درجة واحدة فمنهم المشدد ومنهم المتساهل المتسامح، ومنهم المتوسط، أما المتشددون والمتساهلون فلا يؤخذ كلامهم قضية مسلمة حتى ينظر أوافقه غيره أم لا؟ وعلى أي أساس بنى نقده؟ أما المتوسطون المعتدلون فكلامهم أقرب إلى الحق وأولى بالقبول. قال الإمام السخاوي في "فتح المغيث": قسم الذهبي من تكلم في الرجال أقساما: فقسم تكلموا في سائر الرواة كابن معين وأبي حاتم الرازي، وقسم تكلموا في كثير من الرواة كمالك وشعبة، وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي.

ثم قال والكل على ثلاثة أقسام:
-1 قسم منهم متعنت في التجريح مثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث, فهذا إذا وثق شخصا فعض على قوله بنواجذك وتمسك بتوثيقه, وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه، ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا هو الذي قالوا فيه: لا يقبل فيه الجرح إلا مفسرا، يعني لا يكفي فيه قول ابن معين مثلا: ضعيف، ولم يبين سبب ضعفه، ثم يجيء البخاري أو غيره يوثقه، ومثل هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه، ومن ثم قال الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال: "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة", ولهذا كان مذهب النسائي أنه لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.
-2 وقسم منهم متسامح كالترمذي والحاكم.
3- وقسم معتدل كأحمد بن حنبل والدارقطني وابن عدي.

أمَّا المتسامح المتساهل فلا يؤخذ قوله في الجرح والتعديل إلا بعد البحث والتحري وموازنة كلامه بكلام الأئمة المعتدلين المتثبتين وقد أخذ العلماء على الحاكم أنه متساهل في التصحيح كما أخذوا على ابن حزم شدتة فى التهجم على الرواة والتساهل في الجرح
قال الترمذي وقد اختلف الأئمة من أهل العلم فى تضعيف الرجال كما اختلفوا فى سوى ذلك من العلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يشرح اسباب الخلاف:
السبب الثالث: اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره، مع قطع النظر عن طريق آخر، سواء كان الصواب معه أو مع غيره، أو معهما عند من يقول: كل مجتهد مصيب ؛ ولذلك أسباب: منها: أن يكون المحدث بالحديث يعتقده أحدهما ضعيفا ؛ ويعتقده الآخر ثقة، ومعرفة الرجال علم واسع؛ ثم قد يكون المصيب من يعتقد ضعفه؛ لاطلاعه على سبب جارح، وقد يكون الصواب مع الآخر لمعرفته أن ذلك السبب غير جارح ؛ إما لأن جنسه غير جارح؛ أو لأنه كان له فيه عذر يمنع الجرح.

وهذا باب واسع وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم.
ومنها:
ألا يعتقد أن المحدث سمع الحديث ممن حدث عنه، وغيره يعتقد أنه سمعه لأسباب توجب ذلك معروفة.
ومنها:
أن يكون للمحدث حالان: حال استقامة، وحال اضطراب؛ مثل أن يختلط أو تحترق كتبه، فما حدث به في حال الاستقامة صحيح، وما حدث به في حال الاضطراب ضعيف؛ فلا يدري ذلك الحديث من أي النوعين، وقد علم غيره أنه مما حدث به في حال الاستقامة.
ومنها:
أن يكون المحدث قد نسي ذلك الحديث فلم يذكره فيما بعد، أو أنكر أن يكون حدثه معتقدا أن هذا علة توجب ترك الحديث، ويرى غيره أن هذا مما يصح الاستدلال به، والمسألة معروفة... إلى أسباب أخر غير هذه.

شروط قبول الراوي:
أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي شرطان أساسيان هما:
العدالة:
ويعنون بها أن يكون الراوي: مسلماً, بالغاً, عاقلاً, سليماً من أسباب الفسق, سليماً من خوارم المروءة.
الضبط:
ويعنون به أن يكون الراوي، غير مخالف للثقات ولا سيء الحفظ  ولا فاحش الغلط  ولا مغفلاً  ولا كثير الأوهام.

الجرح لغة:
التأثير في الجسم بسلاح ونحوه وبابه نفع: والجرح بالضم الاسم وجرحه كجرحه بتشديد الراء ويطلق أيضا على الجرح المعنوي.
وفي الاصطلاح:
ذكر الراوي بصفات تقتضي عدم قبول روايته.

التعديل لغة:
التسوية وتقويم الشيء وموازنته بغيره.
وفي الاصطلاح:
وصف الراوي بصفات تقتضي قبول روايته فهي شهادة بالتزكية تصحح العمل بمرويه.

وتثبت العدالة بأحد أمرين:
إما بتنصيص معدلين عليها، أي أن ينص علماء التعديل أو واحد منهم على عدالة الرواى وأما بالشهرة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم، وشاع الثناء عليه كفى، ولا يحتاج بعد ذلك إلى معدل ينص عليها، وذلك مثل الأئمة المشهورين كالأئمة الأربعة والأوزاعي ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم.

قال الحاكم:
أصل عدالة المحدث أن يكون مسلما لا يدعو إلى بدعة ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين.

وقال الغزالي:
العدالة في الرواية والشهادة عبارة عن استقامة السيرة في الدين، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.

كيف يعرف ضبط الراوي؟
يعرف ضبط الراوي بموافقته الثقات المتقنين في الراوية، فان وافقهم في روايتهم غالب اً فهو ضابط، ولا تضر مخالفته النادرة لهم، فان كثرت مخالفته لهم اختل ضبطه، ظهر ضعف ظبطة ولم يحتج به.

هل يشترط ذكر السبب في الجرح والتعديل؟
قد اختلف العلماء في الجرح والتعديل هل يقبلان مبهمين من غير ذكر أسبابهما؟
فشرط بعضهم ذكر السبب في كل منهما، وشرط بعضهم السبب في التعديل دون الجرح وقيل: يقبل التعديل من غير ذكر أسباب, وأما الجرح فلا يقبل إلا مفسرا؛ لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح وقد يجرح أحدهم بما لا يعتبر جرحا, وهذا الرأي الأخير هو الذي اختاره ابن الصلاح والنووي وغيرهما, وذكر الخطيب البغدادي أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده.

ومن العلماء من يرى أنه لا يجب ذكر السبب في الجرح أو التعديل إذا كان الجارح أو المعدل عالما بأسباب الجرح والتعديل, وهو اختيار القاضي أبي بكر الباقلاني.

ولشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر تفصيل حسن, قال: إن كان من جرح مجملا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا لأنه قد ثبت له رتبة الثقة, فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي، فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي, وهم أيقظ الناس, فلا ينقض قول أحدهم إلا بأمر صريح، وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف؛ لأنه إذا لم يعدل فهو في حيز اهول وإعمال قول الجارح فيه أولى من إهماله.

وقال الأمام الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال:
"لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة".

هل يثبت الجرح والتعديل بواحد؟
أ) الراجح أنه يثبت الجرح والتعديل بواحد.
ب) وقيل لا بد من اثنين على الاقل.

إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل فأيهما يرجح؟
قال العلماء:
إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل فالجرح مقدم؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل، فكان معه زيادة علم يجب أن يؤخذ ا.

وقيل:
إن كان عدد المعدلين أكثر قدم التعديل على الجرح والصحيح الأول, وهو ما عليه الجمهور.

بم يكون الجرح؟
قال الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها:
"الطعن -يعني في الراوي - إما أن يكون:
-1 لكذبه في الحديث النبوي بأن يروي عنه -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقله متعمدا لذلك.
-2 أو مته بذلك بأن يعرف بالكذب في كلامه وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث.
-3 أو فحش غلطه.
-4 أو غفلته.
-5 أو فسقه بالفعل أو بالقول مما لا يبلغ الكفر.
-6 أو وهمه.
-7 أو مخالفته للثقات في السند أو المتن.
-8 أو جهالته عينا أو حالا أو اسما.
-9 أو بدعته وهي اعتقاد ما أحدث على خلاف المعروف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بمعاندة ومكابرة بل بنوع شبهة.
-10 أو سوء حفظه وهو من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه.

ألفاظ الجرح والتعديل ومراتبها:
مراتب التعديل وألفاظها
ذكرها الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه القيم "تقريب التهذيب" مرتبة من الأعلى إلى الأدنى، ومضافا إليها زيادات من كلام غيره من العلماء.

المرتبة الأولى:
الوصف بما يدل على المبالغة وهو الوصف بأفعل؛ مثل فلان أوثق الناس، وأعدل الناس وإليه المنتهى في التثبت ومثله قول الشافعي في ابن مهدي: لا أعرف له نظيرا في الدنيا ومثله: أيضا قول حسان بن هشام في ابن سيرين: حدثني أصدق من أدركت من البشر.
قال السيوطي:
قلت: ومنه: لا أحد أثبت منه، ومن مثل فلان؟ وفلان لا يسأل عنه، ولم أر من ذكر هذه الثلاثة وهي في ألفاظهم.

المرتبة الثانية:
ما كرر فيه أحد ألفاظ التعديل إما لفظا كثقة ثقة، أو ثبت ثبت أو حجة حجة، أو كررت بالمعنى كثقة حجة، أو ثقة حافظ، أو ثقة حجة، أو حجة حافظ إلى نحو ذلك.

المرتبة الثالثة:
ثقة، أو ثبت، أو حجة، أو إمام، أو حافظ، أو متقن، أو عدل إلى نحو ذلك.

المرتبة الرابعة:
من قصر عن درجة الثالثة قليلا وإليه الإشارة بقولهم: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به قال ابن أبي حاتم: فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه.

المرتبة الخامسة:
من قصر عن درجة الرابعة قليلا، وقد مثل لها ابن أبي حاتم بقوله: شيخ، وقال: يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية -يعني على حسب تقسيمه - وزاد العراقي في هذه الرتبة مع قولهم: محله الصدق: إلى الصدق ما هو، شيخ وسط، جيد الحديث، حسن الحديث، وزاد شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر قولهم: صدوق سيئ الحفظ، أو صدوق يهم، أو: له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة.

قال الحافظ ابن حجر:
 ويلحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع، والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره.

المرتبة السادسة:
صالح الحديث ونحو ذلك قال ابن أبي حاتم: من قيل فيه ذلك هو يكتب حديثه وينظر فيه يعني يكتب حديثه للاعتبار.

المرتبة السابعة:
قال الحافظ: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.

المرتبة الثامنة:
ما أشعر بالقرب من التجريح وهو أدنى المراتب كقولهم ليس ببعيد من الصواب، صويلح الحديث، مقارب الحديث، يكتب حديثه، ونحو ذلك، ويلاحظ أن بعض الكلمات قد يعتبرها بعض العلماء من مرتبة، والآخر يعتبرها من مرتبة أخرى و يرجع هذا إلى اختلاف الاعتبار والأنظار.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 8:12 pm

ألفاظ التجريح، ومراتبها:
أمَّا مراتب ألفاظ التجريح فهي ست، وسنرتبها من الأدنى إلى الأعلى:
المرتبة الأولى:
فلان فيه مقال، أو ضعيف، أو لين الحديث ونحوها.
المرتبة الثانية:
فلان لا يحتج به أو ضعفوه، أو منكر الحديث ونحوها.
المرتبة الثالثة:
فلان مردود الحديث، أو ضعيف جدا، أو واه بمرة ونحوها.
المرتبة الرابعة:
فلان متهم بالكذب أو الوضع أو ساقط، أو متروك أو هالك ونحوها.
المرتبة الخامسة:
فلان كذاب أو دجال، أو وضاع ونحوها.
المرتبة السادسة:

فلان أكذب الناس أو إليه المنتهى في الكذب ونحوهما.


والمراتب الأربعة الأخيرة لا يلتفت إلى من اتصف بها ولا إلى أحاديثه، ولا يعتبر بها ولا يستشهد.

ومما ينبغي أن يعلم أن بعض الأئمة كانوا يراعون العفة في القول، ويتحرجون من ألفاظ النقد الجارحة.

ومن هؤلاء الامام البخاري -رحمه الله تعالى- فإنه كان يقول: فلان فيه نظر، وسكتوا عنه، وهاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه.

ومن ألفاظهم في التجريح أيضاً:
فلان له بلايا أو هذا الحديث من بلاياه قال برهان الدين الحلبي: هو كناية عن الوضع فيما أحسب، وكذا قولهم: له طامات وأوابد، ويأتي بالعجائب قال البرهان الحلبي، فلا أدري أتقتضي ابهام المقول فيه ذلك بالكذب، أم لا تفيد غير وصف حديثه بالنكارة.

وقال أيضاً:
والظاهر أن قولهم: آفته فلان -كناية عن الوضع، ويحتمل أن يكون المراد- آفته في رده ونكارته وإن قالوا: آفته فلان فهذا محل التردد، وكذلك قولهم: "له أحاديث مناكير" لا يقتضي ترك روايته حتى تكثر المناكير فيها، وحينئذ يقال فيه: منكر الحديث، وروى مناكير.

وفي شرح الإلمام لابن دقيق العيد:
إن منكر الحديث موصوف بالترك وأما "روى أحاديث منكرة" فوصف بوقوع ذلك منه في حين من الأحيان لا دائما وذكر ابن حجر في "التقريب": "أن ابن حنبل يطلق على من يغرب على أقرانه في الحديث: أي يأتي بالغرائب: أنه منكر الحديث.

الطعن في الراوي بما يسلب عنه وصف العدالة أو الضبط، أو جميعا:
فسلب العدالة يكون ب:
الفسق بالفعل أو القول، والكذب في الحديث والتهمة به، وسرقة الحديث، والبدعة، والجهالة.
وسلب الضبط في:
سوء الحفظ، ومنه الاختلاط، وفحش الخطأ، وقبول التلقين، ويكون نسبي اً فلا يطرح معه الراوي، وكليا يسقط معه الراوي.

فلا يقدح فى الراوى كونة يرتكب ما يختلف في حلة او حرمتة فلا يقدح فى عدالتهم لأن ذالك من المختلف فية.

يقول الأمام الشافعي فى كتاب الام " والمستحل لنكاح المتعة، والمفتي بها، والعامل بها، ممن لا ترد شهادته، وكذلك لو كان موسرا فنكاح أمة مستحلا لنكاحها، مسلمة أو مشركة؛ لأنا نجد من مفتي الناس وأعلامهم من يستحل هذا، وهكذا المستحل الدينا بالدينارين، والدرهم بالدرهمين يدا بيد، والعامل به؛ لأنا نجد من أعلام الناس من يفتي به ويعمل به ويرويه، وكذلك المستحل لإتيان النساء في أدبارهن، فهذا كله عندنا مكروه محرم، وإن خالفنا الناس فيه فرغبنا عن قولهم، ولم يدعنا هذا إلى أن نحرجهم ونقول لهم: إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم؛ لأم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم، وينسبون من قال قولنا إلى أنه حرم ما أحل الله عز وجل.

بينما يجرح الكذاب ومرتكب الفواحش و المعاصى ممن ينطلق عليهم الفسق.

البدعة وحكم رواية المبتدع:
يقول الحافظ ابن حجر:
البدعة إما أن تكون بمكفر كأن يعتقد ما يستلزم الكفر، أو بمفسق.
فالأولى:
لا يقبل صاحبها الجمهور، وقيل: يقبل مطلقا، وقيل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصره مقالته قبل.
والتحقيق:
أنه لا يرد كل مكفر -بفتح الفاء المشددة- ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها, فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم ذلك تكفير جميع الطوائف فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذلك من اعتقد عكسه.

فأما من لم يكن هذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه وتقواه، فلا مانع من قبوله.

والثاني:
وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلا، وقد اختلف أيضا في قبوله ورده.

فقيل:
يرد مطلقا، وهو بعيد، وأكثر ما علل به أن في الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها بذكره، وعلى هذا ينبغي أن لا يروي عن مبتدع شيء يشاركه فيه غير مبتدع، وقيل: يقبل مطلقا إلا أن اعتقد حل الكذب كما تقدم.

وقيل:
يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته لأن تزيين بدعته قد يجمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه, وهذا هو الأصح وأما ابن حبان فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل، نعم الأكثر على قبول غير الداعية إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المذهب المختار، وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود، والنسائي، في كتابه "معرفة الرجال" فقال في وصف الراوة: "ومنهم زائغ عن الحق أي عن السنة صادق اللهجة، فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم تقو به بدعته", وما قاله متجه؛ لأن العلة التي رد لها حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية والله أعلم.

ومذاهب أهل العلم فى مرويات اهل البدع أربعة:
-1 تركهم بالكلية فلا يأخذون منهم شىء.
-2 التفرقة بينهم حسب شدة البدعة والغلوا فيها.
قال أحمد بن حنبل:
" احتملوا المرجئة في الحديث " ومثل ذالك فى القدرية وتشدد فى قبول حديث الجهمية لغلوهم والاغلب لا يردون حديث الخوارج لام لا يستحلون الكذب ترويجاً لمذهبهم بينما لا يقبلون من الشيعة الرافضة.
-3 التفرقة بين الداعى للبدعة و المتبع لها فلا يقبل من أئمة البدع و مناظروهم والساعون لنشرها و يقبل من متبعيهم.
-4 لا يعتد بالبدعة وأنما ان كان الراوى عدلاً ظابطاً قبل منة الا أن كان يستحل الكذب وهذا مذهب ابو حنيفة والشافعى وسفيان الثورى.

جهالة الراوي:
الجهالة ثلاثة أقسام.
-1 جهالة العين:
وذلك بان لا يروى عنه غير راو واحد فقط، ومن روى عنه عدلان عيناه ارتفعت جهالة عينه قال الخطيب: اهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء، ولا يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد.
وأقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهورين ونقل ابن عبد البر عن أهل الحديث نحوه وقد رد على الخطيب الشيخ الإمام ابن الصلاح بأن البخاري روى عن مرداس، الأسلمي ومسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد، وهو قيس بن أبي حازم عن الأول، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن الثاني.
ورد على ابن الصلاح الإمام النووي وصوب ما نقله الإمام الخطيب وقال: "ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة: فإما صحابيان والصحابة كلهم عدول" يعني فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعدد الرواة.
-2 جهالة الحال ظاهرا وباطنا، وذلك بأن لا يزكيه ويشهد له بالعدالة عالمان معتبران من علماء الجرح والتعديل.
-3 جهالة الحال باطنا دون الظاهر وهو ما يعرف بالمستور.

قال ابن الصلاح وتبعه النووي:
رواية مجهول العدالة ظاهرا، وباطنا لا تقبل عند الجماهير يعني من المحدثين, والفقهاء، والأصوليين.

وقيل: تقبل مطلقا، وقيل: إن كان من روي عنه، فيهم من لا يروي عن غير عدل قبل وإلا فلا.

ورواية المستور وهو عدل الظاهر خفي الباطن أي مجهول العدالة باطنا، يحتج به بعض من رد رواية الأول وهو قول بعض الشافعية كسليم الرازي قال: لأن الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي، ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظهر بخلاف الشهادة فإا تكون عند الحكام فلا يتعذر عليهم ذلك قال الشيخ ابن الصلاح: ويشبه أن يكون العمل على هذا في كثير من كتب الحديث المشهورة في جماعة من الرواة تقادم العهد بهم، وتعذرت خبرم باطنا، وكذلك صححه الشيخ النووي في "شرح المهذب".

وأما مجهول العين فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة، ورده هو الصحيح الذي عليه أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم.

وقيل:
يقبل مطلقا، وهو قول من لا يشترط في الراوي مزيدا على الإسلام.
وقيل:
إن تفرد بالرواية عنه من لا يروي إلا عن عدل كابن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، واكتفينا في التعديل بواحد قبل وإلا فلا.
وقيل:
إن كان مشهورا في غير العلم بالزهد كمالك بن دينار، أو النجدة كعمرو بن معد يكرب الزبيدي, قيل وإلا فلا واختاره ابن عبد البر.
وقيل:
إن زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قبل، وإلا فلا. قال السيوطي: واختاره أبو الحسن بن القطان، وصححه شيخ الإسلام أبن تيمية.

تعارض الجرح و التعديل
الجرح والتعديل كلاهما يعتمد على اجتهاد النقاد وتحريهم وكل ما يرجع للأجتهاد فهو مظنة للأختلاف و يقع فية الخطأ ويحتاج الأمر لمراجعة فى الرواة المختلف فيهم فيكون راى النقاد فيهم متناقضاً ولا يجتمعون على توثيق او تضعيف الراوى.

فنبدء بالتأكد من صحة نسبة النقد للناقد ثم يمنع قبول النقد من غير المعين كقولهم على محدث تكلموا فية فحتى نعرف من هم الذين تكلموا لا يمكن أعتماد قولهم فى مقابل قول نعرف صاحبة بتوثيقة ويراعى ميول الناقدالمذهبية والفكرية فكما قلنا يقبل من أهل البدع ولكن البدع تبغض اهلها لكثير من اهل العلم فيسقط أصحاا من نظرهم ولا يثقون فيهم ثم يعتبر أى الفريقين أعلى مرتبة من وثق أم من ضعف و التحقق من أخر أقوال الناقد فلربما كان ضعف الرجل ثم عدلة او العكس بعدما تبين له من أمرة ما غير رأية و يتأكد من معنى كلمات الناقد فلربما قصد معنى غير الظاهر فكلمة الكذب تحمل على الخطأ غير المقصود واستعملها العرب بمعنى الخطأ كقول ام المؤمنين عائشة الذى اخرجة البيهقى كذب ابو الدرداء كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر رداً على قولة بان لا وتر لمن أصبح.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 8:16 pm

ويمنع الجرح بعد التعديل الا بشروط ثلاث:
-1 أن يكون مفسراً وليس مجملاً فلا يكفى القول ليس بثقة و انما يبين هل الراوى يدلس هل ينسى... الخ.
-2 ان يكون الجرح بما يعتد به جارحاً فليس كل شىء يسقط عدالة الراوى.
-3 ان لا يرد الجرح من ناقد أخر بحجة.

كُتُبُ الجرح والتعديل
وهذة الكتب كثيرة ومتنوعة، فمنها المفردة لبيان الرواة الثقات، ومنها المفردة لبيان الضعفاء واروحين، ومنها كتب لبيان الرواة الثقات والضعفاء، ومن جهة أخري فان بعض هذه الكتب عام لذكر رواة الحديث بغض النظر عن رجال كتاب أو كتب خاصة من كتب الحديث، ومنها ما هو خاص بتراجم رواة كتاب خاص أو كتب معينة من كتب الحديث.

هذا ويعتبر عمل علماء الجرح والتعديل في تصنيف هذه الكتب عملا رائع اً مهم اً إذ قاموا بمسح دقيق لتراجم جميع رواة الحديث وبيان الجرح أو التعديل الموجه إليهم أولاً ثم بيان من أخذوا عنه ومن أخذ عنهم، وأين رحلوا، ومتى التقوا ببعض الشيوخ، وما إلى ذلك من تحديد زمنهم الذي عاشوا فيه بشكل لم يُسْبَقوا إليه، بل ولم تصل الأمم المتحضرة في هذا العصر إلى القريب مما صنفه علماء الحديث من وضع هذه الموسوعات الضخمة في تراجم الرجال ورواة الحديث، فحفظوا على مدى الأيام التعريف الكامل برواة الحديث ونقلته فجزاهم الله عنا خيراً وإليك بعض هذه الكتب:
- التاريخ الكبير للبخاري، وهو عام للرواة الثقات والضعفاء.
- الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، كذلك هو عام للرواة الثقات والضعفاء ويشبه الذي قبله.
- الثقات لابن حِبان، كتاب خاص بالثقات.
- الكامل في الضعفاء لابن عدي، وهو خاص بتراجم الضعفاء كما هو ظاهر من اسمه.
- الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي، كتاب عام، إلا أنه خاص برجال الكتب الستة.
- ميزان الاعتدال للذهبي، كتاب خاص بالضعفاء والمتروكين (أي كل من جُرح وإن لم يقبل الجرح فيه).
- ذيب التهذيب لابن حجر، يعتبر من ذيبات ومختصرات كتاب (الكمال في أسماء الرجال).


علم علل الحديث
هو العلم الذي يبحث فيه عن الأسباب الخفية الغامضة التي تقدح في الحديث سندا ومتنا مع أن الظاهر السلامة منها والمعلل لغة: اسم مفعول من " أعله " بكذا فهو " معل " وهو القياس الصرفي المشهور، وهو اللغة الفصيحة، لكن التعبير ب " المعلل " من أهل الحديث جاء على غير المشهور في اللغة، ومن المحدثين من عبر عنه ب " المعلول " وهو ضعيف مرذول عند أهل العربية واللغة.

والعلة في اصطلاح أئمة الحديث عبارة عن سبب غامض خفي قادح في الحديث مع أن الظاهر السلامة منها فيؤخذ من تعريف العلة هذا أن العلة عند علماء الحديث لا بد أن يتحقق فيها شرطان وهما:
- الغموض والخفاء.
- والقدح في صحة الحديث.


فإن اختل واحد منهما كأن تكون العلة ظاهرة أو غير قادحة فلا تسمى عندئذ علة اصطلاحاً ولا يكون الضعيف معلالاً بل العلة تنصرف إلى الإسناد الجامع شروط الصحة ظاهراً.

وقد تطلق العلة على غير معناها الاصطلاحي:
فيطلقون العلة أحياناً على أي طعن موجه للحديث وان لم يكن هذا الطعن خفياً أو قادحاً.

فمن النوع الأول:
التعليل بكذب الراوي، أو غفلته، أو سوء حفظه، أو نحو ذلك. حتى لقد سمي الترمذي النسخ علة.

ومن النوع الثاني:
التعليل بمخالفة لا تقدح في صحة الحديث، كإرسال ما وصله الثقة، وبناء على ذلك قال بعضهم: من الحديث الصحيح ما هو صحيح معلل.

وهذا العلم لم ينهض للكلام فيه والتأليف إلا الأئمة الكبار الجامعون للحديث والعارفون بعلله أمثال: علي بن المديني وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة الرا زي، والترمذي، والدارقطني فمعرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها، لأنه يحتاج إلى كشف العلل الغامضة الخفية التي لا يقف عليها إلا الجهابذة.

كيف تدرك العلة؟
يستعين العلماء فى الوقوف على العلل بأمور:
فتدرك العلة بتفرد الراوي وبمخالفة غيره من الثقات له مع قرائن تشير الى خطأ وقع بكشف إرسال في حديث رواه موصولاً أو وقف في حديث رواه مرفوعاً أو إدخاله حديثاً في حديث أو غير ذلك من الأوهام.

والمنهج فى معرفة المعلل هو جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، والموازنة بين ضبطهم وإتقام، ثم الحكم على الرواية المعلولة فيقول الإمام ابن المديني الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.

وقد تقع العلة فى الاسناد وهو الاغلب كالتعليل بالوقف والارسال وقد تقع فى المتن مثل حديث نفي قراءة البسملة في الصلاة.

وقد تقدح العلة فى الأسناد فى المتن مثل حالة التعليل بالأرسال وقد تقدح فى الأسناد فقط ويبقى المتن صحيحاً ومثال ذلك حديث البيعان بالخيار الذى رواة يعلي بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر فقد وقع يعلي فى الوهم والحديث عن عبد الله بن دينار و ليس عن عمرو فالمتن صحيح وان كان فى الاسناد خطأ لأن كلا من عمرو وعبد الله بن دينار ثقة ولا يضير إبدال ثقة بثقة صحة المتن وان كان سياق الإسناد خطأ.

وأحياناً لا يقوم العالم الذى أعل الحديث بإقامة الحجة على دعواه قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث الهام، ولو قلت للعالم بعلل الحديث من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لا يهتدي لذلك وقيل له أيضًا: إنك تقول للشيء هذا صحيح وهذا لم يثبت فعمن تقول ذلك؟ فقال: أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك، فقال: هذا جيد، وهذا رجع. أكنت تسأل عن ذلك، أو تسلم له الأمر؟ قال: بل أسلم له الأمر، قال: فهذا كذلك بطول المناظرة والخبرة.

وسُئِلَ أبو زرعة الرازي: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟
فقال:
الحجة أن تسألني عن حديث له علة، فأذكر علته ثم تقصد ابن وارة -يعني محمد بن محمد بن وارة- فتسأله عنه فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم -يعني الرازي- فيعلله، ثم تميز كلامنا على ذلك الحديث، فإن وجدت بيننا خلافًا فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم، ففعل الرجل ذلك فاتفقت كلمتهم فقال أشهد أن هذا العلم إلهام.

ولا تؤخذ هذه الكلمة (ان هذا العلم إلهام) على ظاهرها فالعلم قائم على موازنة و نظر بين الروايات فالعلماء الذين اشتغلوا بعلل الأحاديث لم يدعوا وسيلة من وسائل العلم بالأحاديث، والبحث عن حقائق أمورها إلا سلكوها عن طريق جمع الروايات ونقدها على حسب قواعدهم الدقيقة، والموازنة بينها والكتب التي ألفت في العلل تدل دلالة ظاهرة على سعة علم هؤلاء العلماء بالروايات، وعلى دقة أنظارهم في النقد وانما المقصود بالألهام هنا الخبرة العملية التى تجعل الخبير بالأمر يحكم علية بسرعة ودقة وقد لا تكون أدلتة حاضرة على لسانة ان سئل عنها.

من المؤلفات في علل الحديث:
-1 من أقدم ما وصلنا من هذه المؤلفات كتاب: "التاريخ والعلل" للإمام الحافظ يحيى بن معين المتوفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
-2 ومنها كتاب "العلل" للإمام علي بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة أربع وثلاثين ومائتين.

قال فيه الحافظ ابن كثير:
ومن أحسن كتاب وضع في ذلك وأجله وأفحله "كتاب العلل" لعلي بن المديني شيخ البخاري، وسائر المحدثين بعده في هذا الشأن على الخصوص.

-3 ومنها كتاب "العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد بن حنبل.

وأجمع كتاب وأشمله في هذا الباب كتاب "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للإمام الحافظ الناقد علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائه.

علم غريب الحديث
الغريب في اللغة:
يقال: غربت الكلمة غرابة إذا غمضت وخفيت معنى، وغرب الرجل يغرب غرباً إذا ذهب وبعد.

قال الإمام أبو سليمان الخطابي في شرح معنى الغريب واشتقاقه أن الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كالغريب من الناس.

ويراد به في اصطلاح العلماء:
ما وقع في متون الأحاديث من ألفاظ غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها أو لكوا من كلام العرب الضاربين في البداوة، البعيدين عن المدن والأمصار.

وهو فن مهم من فنون علوم الحديث يقبح جهله بأهل العلم بعامة، وبأهل الحديث بخاصة، وأغلب الذين تكلموا فيه كانوا من أهل اللغة الذين كانوا أئمة فيها، والبعض كانوا من العلماء الجامعين بين العلم باللغة والحديث من أمثال الإمامين الجليلين أبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي، ثم منهم من قصر كلامه على الغريب من الأحاديث المرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم من عم فذكر الغريب في كلام الصحابة والتابعين, رضوان الله على الجميع.

منشأ الغريب في الحديث
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أستعمال العسير من الألفاظ بل كان كلامة سهلاً يفهمة كل من سمعة ولكن العرب لم تكن لهجتهم واحدة بل لهم لهجات متعددة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث كل قوم بلسام ويستعمل مصطلحام وأن كانت غريبة على مسامع اهل مكة و المدينة وهذا من حصافتة وحسن خلقة فكانت الوفود تأتية فيستعمل فى خطابة معهم الفاظ يعرفوا و يستعملوا وأن غربت كقولة الذى ورد فى الصحيحين لوفد من اليمن سألوه عن الصيام فى السفر "ليس من البر الصيام في السفر" ينهاهم عن الصيام وهم على سفر.

وكان الصحابة يعرفون اغلب ما نعتبرة اليوم من الغريب بطبيعة بيئتهم فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم و دخل الناس فى دين الله أفواجاً من غير المتكلمين بالعربية دخلت العجمة في اللسان العربي ووجد جيل من بعد جيل الصحابة والتابعين استعصى عليه فهم ومعرفة معاني الكثير من الألفاظ العربية فى القرآن والسنة وبدء اللحن فى العربية وتغيَّر لسان كثير من الناس وروى الحديث الكثير من غير العرب فكان فى نقل بعض الأحاديث تغيير للألفاظ وبعض الحروف خطأ غير مقصود ولا يقصد به كذب ولا تحريف وأن كان يعد تضعيفاً للراوى لعدم ظبطة.

فأستنهض هذا همم الرجال من علماء اللغة، ومن علماء الحديث الذين جمعوا إلى حفظ الحديث التعمق في العلم باللغة العربية فبذلوا كبير الجهد فى التثبت والتيقين من الألفاظ وفى تفسير غريب اللفظ وصنفوا كتباً يبينون فيها ما هو خفي وغامض من الألفاظ القرآنية والحديثية، وما هو بعيد عن الفهم فكان هذا العلم.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 8:27 pm

التثبت في القول في غريب الحديث
كان السلف يتهيبون القول فى غريب الحديث ويتثبتون في البحث عن معاني كلماته أشد التثبت وقد روى عن الامام أحمد انه سأل فى حرف منه فقال سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن.

حتى علماء اللغة أنفسهم كانوا يتحرجون من القول في ألفاظ الأحاديث، فقد سئل الأصمعي عن معنى حديث: "الجار أحق بسقبه", فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق.

مؤلفات فى غريب الحديث
كتب غريب الحديث نادرة وقيل ان أول من ألف في ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة عشر ومائتين هجرية, ثم النضر بن شميل ثم الأصمعي.

ومن كتب غريب الحديث:
- كتاب "المغيث في غريب الحديث" لأبي موسى المديني.
- كتاب "جمع الغرائب" لعبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين.
- كتاب " الفائق في غريب الحديث" لجار الله محمود بن عمر الزمخشري.
 
علم ناسخ الحديث ومنسوخه
يطلق النسخ في اللغة على معنيين:
- الأول بمعنى الإزالة ومنه قولهم نسخت الشمس الظل أي أزالته.
- الثاني بمعنى النقل وذلك كقولك: نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر ومن هذا المعنى قوله تعالى (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون).

والنسخ في اصطلاح الأصوليين:
رفع الشارع (رب العزة سبحانه) حكما منه متقدما بحكم منه متأخر.

والمقصود برفع الحكم: إيقاف التكليف به كلياً فيختلف عن التخصيص ببيان امل والاستثناءات والرخص كقوله صلى الله عليه وسلم "أنكم ملاقوا العدو غدا والفطر أقوى لكم فأفطروا " فليس هذا نسخاً.

وهو علم هام جداً وفن صعب ولا يتأهل لمعرفته إلا الأئمة الكبار الذين لهم علم بالروايات ومقدمها ومؤخرها , ومن لا يعرف الناسخ من المنسوخ قد يقص حديث ويقضى ويفتى بناء علية وهو منسوخ بغيره.

وقد روى عن على بن أبى طالب -رضى الله عنه- انه سأل قاضياً أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال لا، فقال: هلكت وأهلكت.. أسنده الحازمي في كتابه: "الناسخ والمنسوخ من الآثار وأسند نحوه عن ابن عباس، وأسند عن حذيفة بن اليمان أنه سُئِلَ عن شيءٍ فقال: إنما يُفتي مَنْ عرف الناسخ والمنسوخ، قالوا: ومَنْ يعرف ذلك؟ قال: عمر.

وروي عن الزهري أنه قال:
"أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا الناسخ من المنسوخ، ولا يتأهل لمعرفته إلا الأئمة الكبار الذين لهم علم بالروايات ومقدمها ومؤخرها" وكان من أهم مَنْ ألموا بهذا العلم الإمام الشافعى حتى قال الامام احمد لابن وارة عندما قدم من مصر أكتبت كتب الشافعى؟ قال لا. قال فرطت ما علمنا امل من المفسر ولا ناسخ الحديث من المنسوخ حتى جالسنا الشافعى.

كيف يُعرف النسخ؟
-1 بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فكلوا ما بدا لكم وادخروا، وكنت نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرا).

-2 بتصريح الصحابى كحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار", رواه أبو داود والنسائي عن جابر.

وكقول أبي بن كعب:
"كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم أمر بالغسل", رواه أبو داود، والترمذي وصححه.

-3 ومنه ما عرف بالتاريخ كحديث شداد بن أوس مرفوعا: "أفطر الحاجم والمحجوم", رواه أبو داود، والنسائي، فقد ذكر الإمام الشافعي أنه منسوخ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مُحْرِمٌ صائم", أخرجه البخاري ومسلم، فإن ابن عباس إنما صحبه محرما في حجة الوداع سنة عشر، وقد جاء في بعض طرق حديث شداد بن أوس أن ذلك كان زمن الفتح, سنة ثمان, وبذلك عرف التاريخ, وكان المتأخر ناسخا للمتقدم.

-4 ومنه ما عرف بدلالة الإجماع: كحديث قتل شارب الخمر في الرابعة، وهو ما رواه أبو داود والترمذي من حديث معاوية رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".

قال الإمام النووي في شرح مسلم:
"دل الإجماع على نسخه ورد نسخه في السنة أيضا كما قال الترمذي من رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن شرب الخمر فاجلدوه، فإن شرب في الرابعة فاقتلوه"، ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه ولم يقتله، وقال: وكذلك روى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فرفع القتل، وكانت رخصة".

وما ما رواه الترمذي من حديث جابر قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان وقد أجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.

ولا يحكم على الحديث بالنسخ بالإجماع على ترك العمل إلا إذا عرف صحته، فلا نسخ فى الضعيف و الموضوع. وكذلك فإن الإجماع لا ينسخ بذاته وانما يدل على ناسخ أي على وجود ناسخ غيره من الادلة فلا ينعقد الاجماع بطبيعته الا بوجود أدلة قوية.

من اهم الكتب المؤلفة فى علم الناسخ و المنسوخ:
-1 كتاب "ناسخ الحديث ومنسوخه" للحافظ أبي بكر بن محمد الأثرم.
-2 كتاب "ناسخ الحديث ومنسوخه" للشيخ المحدث الحافظ أبي حفص عمر بن أحمد البغدادي المعروف بابن شاهين.
-3 وكتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"للإمام أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي الهمذاني.

علم مُختلف الحديث ومُشكله
وهو من أهم وأجل علوم الحديث ولا يقوم به الا عالماً متبحر فى الحديث والفقة و الاصول لانة يعالج قضية شائكة وهى تناقض أو تضاد بين ظواهر بعض الأحاديث مما يؤدى الى طعن الطاعنين فيها من ناحية والى إلتباس الامر على عموم المسلمين من اخرى الى ان يبحث التناقض او التضاد عالم فيحل المسالة ويزيل الاشكال بالجمع بينهما او بترجيح أحدهما على الاخر.

مختلف الحديث في اللغة:
مختلف مأخوذ من الاختلاف ضد الاتفاق ففي القاموس المحيط: "واختلف ضد اتفق", ويقال: تخالف القوم واختلفوا إذا ذهب كل واحد منهم إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر.

وفي لسان العرب لابن منظور المصري: ويقال تخالف الأمران واختلفا إذا لم يتفقا، وكل ما لم يتساو فقد تخالف واختلف.

مختلف الحديث في الاصطلاح:
أن يوجد حديثان أو أكثر متضادان في المعنى ظاهراً فيوفق بينهما أو يعتبر أحدهما ناسخاً للآخر أو يرجح أحدهما على الآخر.

والأختلاف فى الحديث حقيقة مرفوض فأنما الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما ان يكون الحديث منسوخاً أو التعارض ظاهرى وليس حقيقى او أحد الحديثين غير صحيح وقد نقل عن الأمام ابن خزيمة أنه قال: "ليس ثم حديثان متعارضان من كل وجه، ومن وجد شيئا من ذلك فليأتني لأؤلف له بينهما".

وقال الإمام الأصولي أبو بكر الباقلاني:
"وكل خبرين علم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم ما, فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين" ويقول أيضاً: "متى علم أن قولين ظاهرهما التعارض، ونفي أحدهما لموجب الآخر أنه يحمل النفي والإثبات على أما في زمانين، أو فريقين، أو على شخصين أو على صفتين مختلفتين، وهذا ما لا بد منه مع العلم بإحالة مناقضته -صلى الله عليه وسلم- في شيء من تقرير الشرع والبلاغ".

مُشكل الحديث
هو مثل المختلف من الحديث ولكنة اعم فقد يكون سببه وجود تعارض بين حديثين أو أكثر، وقد يكون سببه كون الحديث مُشكلاً في معناه لمخالفته في الظاهر للقرآن مثلا أو لاستحالة معناه أو لمخالفته لحقيقة من الحقائق المتعلقة بالأمور الكونية التي كشفت عنها العلوم والمعارف الحديثة كعلم الفلك، أو الطب.

فكل مختلف يعتبر مشكلا، وليس كل مشكل يعتبر من قبيل "مختلف الحديث" فبينهما عموم وخصوص مطلق.

وهناك شرط لا بد منه في "المختلف" و"المشكل":
وهو أنه لا يعتبر الحديث من قبيل المختلف ولا من قبيل المشكل إلا إذا كان صحيحا أو حسنا يعني مقبولا يحتج به, أما إذا كان ضعيفا أو موضوعا فلا, ففي مختلف الحديث يكون المعول عليه هو الصحيح أو الحسن بقسميه أما الضعيف والواهي والساقط والموضوع فلا يلتفت إلى شيء منها, وكذلك الحديث لا يعتبر مشكلا إلا إذا كان صحيحا أو حسنا بقسميه.

أمَّا ما سلم من المعارضة فهو المحكم من الحديث, وقد عقد له الحاكم في "علوم الحديث" بابا, وعده من الأنواع, وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية في النخبة.

ومن أمثلته:
وحديث: لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول.
وحديث: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء.
وحديث: لا شغار فى الإسلام.

وقد يظهر التعارض والتناقض فى الحديث عندما يكون فية مجازا وليس كل الفاظة مقصودها على الحقيقة.

والعربية لغة للمجاز فيها نصيب موفور, وااز أبلغ من الحقيقة كما هو مقرر في علوم البلاغة , والرسول الكريم أبلغ من نطق بالضاد وكلامه تنزيل من التنزيل, فلا عجب أن يكون في أحاديثه الكثير من اازات, المعبرة عن المقصود بأروع صورة وأن سببت أشكال فى فهم من لا تبلغ درجة بلاغتة ادراكها بسهولة.

والمُراد بالمجاز هنا: ما يشمل المجاز اللغوي والعقلي, والاستعارة والكناية, والاستعارة التمثيلية, وكل ما يخرج باللفظ أو الجملة عن دلالتها المطابقية الأصلية.

ويعرف المجاز في الكلام بالقرائن الدالة عليه , سواء كانت قرائن مقالية أم حالية.

ومن ذلك ما ينسب فيه الكلام والحوار إلى الحيوانات والطيور والجمادات والمعاني.

 وحديث “سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة” وقد ذكر ابن حزم هنا الحديث الصحيح ثم قال: وهذان الحديثان ليس على ما يظنه أهل الجهل من أن تلك الروضة قطعة منقطعة, “ومنبري روضة من رياض الجنة من الجنة، وأن هذه الأنهار مهبطة من الجنة، هذا باطل وكذب.

مثال مختلف الحديث:
حديث: "لا يوردن ممرض على مصح" وحديث: "فر من اذوم فرارك من الأسد", مع حديث: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر".

وهي أحاديث صحيحة رواها مسلم والبخارى، بعضها يثبت العدوى وبعضها ينفيها.

وهنا ياتى دور العلماء فى العمل فى التوفيق بين هذة الأحاديث التى "ظاهرها" التعارض ولهم عدة مسالك فى ذالك أحدها: أن هذا الحديث: "لا عدوى...", جاء رداً لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض مؤثرة بنفسها، فبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولا بذاا، لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض للصحيح سببا لإعدائه مرضه، وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب, وهذا المسلك هو الذي سلكه الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه "علوم الحديث" وقد تبعه على هذا التوفيق غيره، وقد سبقه إليه الإمام البيهقي.

وهذا المسلك هو أحسن المسالك وأولاها؛ لأنه لا ينفي العدوي أصالة، ولكنه ينفي أن تكون مؤثرة بذاا، وهذا لا يتنافى هو وما وصل إليه الطب الحديث من كون العدوى أصبحت أمرا مسلما، وفي الوقت ذاته فيه تصحيح للعقيدة، وهو أن تأثير العدوى إنما هو بإرادة الله تبارك وتعالى، وإذا لم يرد الله تبارك وتعالى ذلك لم تحصل العدوى مع وجود الاختلاط بالمريض مرضا معديا وليس أدل على أن التأثير متوقف على إرادة الله تعالى من أن بعض الناس يختلطون بأهليهم المرضى اختلاطا يكاد يكون تاما ومع ذلك لا يتعدى إليهم المرض.

ثانيها:
أن نفي العدوى باق على عمومه، والأمر بالفرار من باب سد الذرائع لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية, فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة، وهذا هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر في شرح النخبة.

ثالثها:
أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى فيكون معنى قوله: "لا عدوى...", أي إلا من الجذام ونحوه، فكأنه قال: لا يعدي شيء شيئًا إلا فيما تقدم تبيين له أنه يعدي، قاله ناصر السنة وقامع البدعة القاضي أبو بكر الباقلاني.

رابعها:
أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر اذوم؛ لأنه إذا رأى الصحيح تعظم مصيبته، وتزداد حسرته، ويؤيده حديث: "لا تديموا النظر إلى اذومين", قال السيوطي في "التدريب" وفيه مسالك أخرى.

أمَّا أن كان الجمع بين الحديثين غير ممكن فأن عرف المتقدم من المتأخر, فإن كان كذلك كان المتأخر ناسخًا للمتقدم وأمَّا أن لا يعلم المتقدم من المتأخر فحينئذ نسلك مسلك الترجيح فنأخذ بالراجح وندع المرجوح.

والترجيح يكون بصفات الرواة أي كون رواة أحدهما أتقن وأحفظ ونحو ذلك مما سيذكر، وكثرم في أحد الحديثين دون الآخر.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 10:35 pm

وقد بَيَّنَهَا الإمام السيوطي في "تدريب الراوي" بياناً حسناً...
وأرجعها إلى سبعة أقسام كل قسم يضم وجوهاً من الترجيحات:
القسم الأول: الترجيح بحال الراوي وذلك بوجوه:
أحدها: كثرة الرواة كما ذكره المصنف -يريد صاحب التقريب- وهو الإمام النووي، لأن احتمال الكذب والوهم على الأكثر أبعد من احتماله على الأقل.
ثانيها: قلة الوسائط: أي علو الإسناد حيث الرجال ثقات؛ لأن احتمال الكذب والوهم فيه أقل.
ثالثها: فقه الراوي سواء أكان الحديث مرويا بالمعنى أو اللفظ؛ لأن الفقيه إذا سمع ما يمتنع حمله على ظاهره عنه حتى يطلع على ما يزول به الإشكال بخلاف العامي.
رابعها: علمه بالنحو، لأن العالم به يتمكن من التحفظ عن مواقع الزلل، ما لا يتمكن منه غيره.
خامسها: علمه باللغة أقول: لأن العالم باللغة عالم بمواقع الخطاب والأساليب من غيره.
سادسها: حفظه، بخلاف من يعتمد على كتابه.
سابعها: أفضليته في أحد الثلاثة بأن يكونا فقيهين، أو نحويين، أو حافظين وأحدهما في ذلك أفضل من الآخر.
ثامنها: زيادة ضبطه، أي اعتنائه بالحديث واهتمامه به.
تاسعها: شهرته؛ لأن الشهرة تمنع الإنسان من الكذب كما تمنعه من ذلك التقوى.
-10 كونه ورعا.
-11 أو حسن الاعتقاد أي غير مبتدع.
-12 وجليسا لأهل الحديث.
-13 وغيرهم من العلماء.
-14 أو أكثر مجالسة لهم.
-15 أو ذكرا.
-16 أو حرا.
-17 أو مشه ور النسب.
-18 أو لا لبس في اسمه بحيث يشاركه فيه ضعيف، وصعب التمييز بينهما.
-19 أو له اسم واحد وكذلك أكثر ولم يختلط.
-20 أو له كتاب يرجع إليه.
-21 أن تثبت عدالته بالإخبار بخلاف من تثبت بالتزكية أو العمل بروايته أو الروية عنها إن قلنا ما.
-22 أن يعمل بخبره من زكاه، ومعارضه لم يعمل به من زكاه.
-23 أو يتفق على عدالته.
-24 أو يذكر سبب تعديله.
-25 أو يكثر مزكوه.
-26 أو يكونوا علماء.
-27 أو كثيري الفحص عن أحوال الناس.
-28 أن يكون صاحب القصة كتقديم خبر أم مسلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أصبح جنبا -يعني في رمضان- على خبر الفضل بن العباس في منعه؛ لأا أعلم منه به.
29: أن يباشر ما رواه.
30: تأخر إسلامه، وقيل عكسه لقوة أصالة المتقدم ومعرفته، وقيل: إن تأخر موته إلى إسلام المتأخر لم يرجح بالتأخير لاحتمال تأخر روايته عنه، وإن تقدم أو علم أن أكثر رواياته متقدمة على رواية المتأخر رجح.
-31 كونه أحسن سياقا واستقصاء لحديثه، أو أقرب مكانا، أو أكثر ملازمة لشيخه.
-32 أو سمع من مشايخ بلده.
-33 أو مشافها مشاهدا لشيخه حال الأخذ.
-34 أو لا يجيز الرواية بالمعنى.
-35 أو الصحابي من أكابرهم.

القسم الثاني: الترجيح بالتحمل وذلك بوجوه:
أحدها: الوقت فيرجح منهم من لم يتحمل بحديث إلا بعد البلوغ على من كان بعض تحمله قبله، أو بعضه بعده لاحتمال أن يكون هذا مما قبله والمتحمل بعده أقوى لتأهله بالضبط.
ثانيها وثالثها: أن يتحمل بحدثنا، والأخر عرضا، أو عرضا والآخر كتابة أو مناولة أو وجادة أقول وذلك على أن أعلى أنواع التحمل السماع ثم العرض ثم ما بعده.

القسم الثالث: الترجيح بكيفية الرواية وذلك بوجوه:
أحدها: تقديم المحكي بلفظه على المحكي بمعناه والمشكوك فيه على ما عرف أنه مروي بالمعنى.
ثانيها: ما ذكر فيه سبب وروده على ما لم يذكر لدلالته على اهتمام الراوي حيث عرف سببه.
ثالثها: أن لا ينكره راويه ولا يتردد فيه.
-4 أن تكون ألفاظه على الاتصال كحدثنا وسمعت.
-5 أو اتفق على رفعه.
-6 أو وصله.
-7 أو لم يختلف في إسناده.
-8 أو لم يضطرب لفظه.
-9 أو روى بالإسناد وعزى ذلك لكتاب معروف.
-10 أو عزيز والآخر مشهور.

القسم الرابع: الترجيح بوقت الورود وذلك بوجوه:
أحدها وثانيها: بتقديم المدني على المكي والدال على علو شأن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على الدال على الضعف، ثم شهرته فيكون الدال على العلو متأخرا. كبدأ الإسلام غريبا.
ثالثها: ترجيح المتضمن للتخفيف، لدلالته على التأخر؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يغلط في أول أمره زجرا عن عادات الجاهلية، ثم مال للتخفيف، كذلك قال صاحب الحاصل، والمنهاج، ورجح الآمدي، وابن الحاجب , وغيرهما عكسه, وهو تقديم المتضمن للتغليظ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- جاء أولا بالإسلام فقط ثم شرعت العبادات شيئا فشيئا.
رابعها: ترجيح ما تحمل بعد الإسلام على ما تحمله قبله أوشك؛ لأنه أظهر تأخرا.
خامسها وسادسها: ترجيح غير المؤرخ بتاريخ متقدم، قال الرازي: والترجيح ذه الستة أي إفادا للرجحان غير قوية.
القسم الخامس: الترجيح بلفظ الخبر...

وذلك بوجوه:
-1 ترجيح الخاص على العام.
-2 والعام الذي لم يخصص على المخصص لضعف دلالته بعد التخصيص على باقي أفراده.
-3 والمطلق على ما ورد على سبب.
-4 والحقيقة على المجاز.
-5 والمجاز المشبه للحقيقة على غيره.
-6 والشرعية على غيرها.
-7 والعرفية على اللغوية.
-8 والمستغني -أي عن الإضمار- على الإضمار.
-9 وما يقل فيه اللبس.
-10 وما اتفق على وضعه لمسماه.
-11 والمومئ للعلة يعني على غير المومئ.
-12 والمنطوق يعني على المفهوم.
-13 ومفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة.
-14 والمنصوص على حكمه مع تشبيهه بمحل آخر.
-15 والمستفاد عمومه من الشرط والجزاء على النكرة المنفية.
-16 أو من الجمع المعرف على من، وما.
-17 أو من الكل وذلك من الجنس المعرف.
-18 وما خطابه تكليفي على الوضعي.
-19 وما حكمه معقول المعنى.
-20 وما قدم فيه ذكر العلة.
-21 أو دل الاشتقاق على حكمه.
-22 والمقارن للتهديد.
-23 وما ديده أشد.
-24 والمؤكد بالتكرار.
-25 والفصيح.
-26 وما بلغة قريش.
-27 وما دل على المعنى المراد ب وجهين أو أكثر.
-28 وبغير واسطة.
. -29 وما ذكر معه معارضه, ك: "كنت يتكم عن زيارة القبور فزوروها" 2
-30 والنص يعني على غير النص.
-31 والقول يعني على الفعل.
-32 وقول قارنه الفعل.
-33 أو تفسير الراوي.
-34 وما قرن حكمه بصفة على ما قرن باسم.
-35 وما فيه زيادة.

القسم السادس: الترجيح بالحكم، وذلك بوجوه:
أحدها: تقديم الناقل عن البراءة الأصلية على المقرر لها وقيل عكسه.
ثانيها: تقديم الدال على التحريم على الدال على الإباحة والوجوب.
ثالثها: تقديم الأحوط.
رابعها: تقديم الدال على نفي الحد.

القسم السابع: الترجيح بأمر خا رجي:
-1 كتقديم ما وافقه ظاهر القرآن.
-2 أو سنة أخرى.
-3 أو ما قبل الشرع.
-4 أو القياس.
-5 أو عمل الأمة.
-6 أو الخلفاء الراشدون.
-7 أو معه مرسل آخر.
-8 أو منقطع.
-9 أو لم يشعر بنوع قدح في الصحابة.
-10 أو له نظير متفق على حكمه.
-11 أو اتفق على إخراجه الشيخان.

قال الإمام السيوطي:
فهذه أكثر من مائة مرجح، وثم مرجحات أخر لا تنحصر، ومثارها غلبة الظن.



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين   تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين Emptyالسبت 12 يونيو 2021, 10:40 pm

قال الإمام الحافظ ابن حجر في "النخبة وشرحها" مع التوضيح:
"فإن أمكن الترجيح تعين المصير إليه، وإن لم يمكن الترجيح فلم يتعين المصير إليه.
بل يتوقف الحكم لا له ولا عليه، فصار ما ظاهره التعارض واقعاً على هذا الترتيب:
-1 الجمع إن أمكن.
2- فاعتبار الناسخ والمنسوخ.
-3 فالترجيح إن تعين.
-4 ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين حتى يظهر حكمه ويتبين أمره، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط وذلك على ما اشتهر على الألسنة من أن الدليلين إذا تعارضا تساقطا أي تساقط حكمهما؛ لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة إلى المعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه والله أعلم.
وصدق الله حيث قال: {وفوق كل ذي علم عليم}, وأيضا فإن التعبير بالتساقط عن الأدلة الشرعية غير لائق.

وقد ألّفَ العلماء المحدثون وغيرهم في علم مختلف الحديث كتبا قيمة، كما يوجد الكثير من مسائل هذا العلم وقضاياه في كتب شروح الحديث وذلك كشرح الإمام النووي لصحيح مسلم، وشرح الكرماني على صحيح البخاري, وشرح الإمام الحافظ الكبير أحمد بن علي بن حجر لصحيح البخاري في الكتاب الجليل "فتح الباري بشرح صحيح البخاري", وشرح الإمام العلامة الشيخ العيني لصحيح البخاري في كتابه القيم: "عمدة القاري", فقد ضمنوا شروحهم الكثير من المباحث التي تتعلق بالأحاديث التي خالف ظاهرها بعضها بعضا، وما ذكروا في شروحهم يربي على ما ذكره العلماء المحدثون في كتب "علوم الحديث" و"أصوله" و"مصطلحه".

ومن أشهر هذه الكتب:
أختلاف الحديث للشافعى وهو أول ما ألف فى هذا العلم (وأن ظن البعض أنه ليس كتاباً مستقلاً وإنما جزء من أجزاء كتابه الأم), تأويل مختلف الحديث لأبن قتيبة, مشكل الاثار لأبى جعفر الطحاوى.

أمَّا التعارض بين السُّنَّة النبوية المشرفة وغيرها فيكون فى أنواع هى:
التعارض بين السُّنَّة النبوية والقرآن الكريم:
يقول ابن القيم في "إعلام الموقعين": "والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن تكون موافقة له من كل وجه، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم ال واحد من باب توارد الأدلة وتضافرها.
الثاني: أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيراً له.
الثالث: أن تكون موجبة الحكم سكت القرآن عن إيجابه أو محرمة لما سكت عن تحريمه.
ولا تخرج عن هذه الأقسام، فلا تعارض القرآن بوجه ما.

فقد تاتى السنة النبوية لتخصص عام القرآن: (القاتل لا يرث أباه الذي قتله) والعام ان حقه فى الإرث ثابت بالكتاب، وقد تُقَيِّدْ السُّنَّة المُطلق فى القرآن كتحديد خمس رضعات مُشبعات لتكون علاقة الرضاع بينما فى الكتاب مطلق: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرَّضاعة).

أمَّا ان يكون هناك تناقض بين الكتاب والسنة ومثاله في البخاري: قال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت لعائشة ما قال عمر: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت يرحم الله عمر لا والله! ما حدّث رسول الله إن الله يُعَذِّبُ المؤمن ببكاء أحَدٍ، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

فهذا محل البحث والتدقيق فتنتقد الرواية ان تعارضت مع أصول الشريعة ومحكم الكتاب ان كانت صحيحة السند وينظر هل فى الامر نسخ أو تخصيص ثم تجمع الأدلة الأخرى فى المسألة حتى ينجلى غموضها ويندفع التعارض كما فى قول أم المؤمنين عائشة وهذا العمل ذو طبيعة أصولية يشترك فيه علماء أصول الفقة والفقهاء بنسبة أكبر من علماء الحديث.

تعارض السنة والعقل
يقال أحياناً أن هذا الحديث غير مقبول عقلاً والحقيقة ان أغلب ما يدعى من تعارض بين النقل والعقل فى حقيقتة تعارض بين النقل وهوى المعترض وذوقة لا معارضة عقلية فعلاً فيعارض المخالف النص برأيه الشخصى المبنى على أجتهادة ومعرفتة المحدودة بينما التعارض مع العقل حقيقة يكون بمخالفة أحد قوانين العقل الثلاث التى صنفها ارسطوا:
القانون الأول: هو قانون الهوية أو الذاتية..
الشئ الواحد هو ذاته بصفاته الاساسيه مهما إختلفت صفاته العرضيه الشئ الواحد لايمكن ان يوصف بصفه ونقيض الصفه في نفس الوقت الشئ الواحد اما ان يوصف بصفه او نقيض الصفه ولا وسط بين النقيضين.

القانون الثانى: هو قانون عدم التناقض..
فلا يمكن ان يكون الشىء موجوداً وغير موجود فى نفس الوقت و هو صورة سالبة لقانون الهوية.

القانون الثالث: هو قانون الوسط الممتنع:
أو الثالث المرفوع فلا شىء يتوسط الوجود وعدم الوجود وهو صورة شرطية لقانون عدم التناقض.

ولهذا فاغلب ما يقال من تعارض بين السنة والعقل غير حقيقى فالتعارض يثبت بأثبات التناقض بين الرواية و غيرها من الادلة الشرعية المعتبرة بما لايمكن جمعة وهنا يكون محل عمل أهل اصول الفقة فى التعادل والترجيح بتفصيل كبير ليس هنا محلة.

أما التعارض بين الحديث أو مقتضاة و الحقائق العلمية او الحس والمشاهدة فهذا مختلف الحديث الذى سبق وعرضنا له ومناهج العلماء فى التعامل معه لفك أشكالة وااء غموضة و التباسة.

شبهات وأشكالات حول السُّنَّة النبوية المطهرة
فيما سبق عرضنا والحمد لله ابجديات علوم الحديث باختصار وأظنه فى ثنايا العرض تمت الاجابة عن العديد من الاسئلة المطروحة حول السُّنَّة النبوية وعلومها.

وعادة ما تصنف الاشكالات والشبهات حول السنة فى ثلاثة مواضيع رئيسية:
- ثبوت السُّنَّة النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و دخول الموضوعات فى كتب الصحاح.
- حجية السُّنَّة النبوية فى التشريع ووجوب العمل بها.
- التعارض بين السُّنَّة و الكتاب و العلم.

وحتى لا يتكرر الكلام بلا داعى ففيما سبق وعرض الكفاية لابراز جهود السلف جيلاً بعد جيل فى حفظ الحديث وتنقيتة من الموضوعات وان كانا لا نقطع بأن كتاب بعينة أستوعب الصحيح أو التزمة فلا شك فى اى حديث اوردة الا أن المشكوك فى صحتة فى هذه الكتب لا يعدوا نسبة غاية فى الضئالة سواء كان الشك من جهة السند او جهة المتن واما التعارض بين الاحاديث و بعضها و بينها وبين القرآن الكريم و العلم الحديث فهذة مواضيع علم مختلف الحديث الذى سبق وعرفنا به وأن كان العمل به يتطلب قدراً كبيراً من الدراية بالعلوم الشرعية ولا يتصدى له الا الفطاحل من اهل العلم.

والذين يجب عليهم القيام بواجبهم و رفع هذه الاشكالات بغير الاكتفاء بالقاء التهم و التشنيع على أصحاب الشبهات.

واما حجية السُّنَّة النبوية المشرفة فهذا من اكثر ما يثار فى هذه الايام و هو بناء على ادعائين:
الاول: الطعن فى حجية السنة النبوية بدعوى التاريخية.
الثانى: الطعن فى حجية السنة النبوية بدعوى عدم لزومها ابتداء وهى دعوى القرآنيين.

وأمَّا دعوى التاريخية التى تشمل القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية فهى وأن كانت تبدوا حديثة ظهرت تأثراً بما ساد فى الغرب أن أحكام التوارة و الانجيل فقدت حجيتها لتباعد الزمان و أا كانت مقصورة على أهل هذا الزمان خطاا موجه اليهم فحسب دون غيرهم الا ان لها أصول فى التراث الاسلامى خاصة عند بعض أفراد المعتزلة.

وان كنا نسلم أن من الانبياء من كانت رسالتة لقومة خاصة الا ان النصوص تواترت على أن الأسلام هو أخر الاديان والقرآن هو أخر الكتاب و محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين نذيراً للعالمين فإن كان يجوز القول بتاريخية الاحكام الشرعية فى الامم السابقة فكيف تقبل فى شإن الاسلام وهو أخر الاديان؟

فهل يستقيم أن يهب رب العزة سبحانة لأهل زمان تنظيماً تشريعياً متكاملاً ويترك الاخرين للأهواء بلا هدى وقد أنقطعت الرسالات و الوحى؟

نعم هناك من الاحكام ما يتغير بتغير الزمان و لا ينكر هذا من أهل العلم أحد و لكن تلك الاحكام التى تتغير هى تلك المرتبطة أرتباطاً شرطياً بظروف بعينها لتحقيق مقاصد معينة فيكون التغير فى الفتوى حسب المصلحة و تتغير الاحكام القائمة على العرف والعادة بتغيرهما وإما أيقاف العمل بحكم شرعى لضرورة أو حاجة شرعية أقتضتة فهذة الرخص وليست تغيير فى الحكم الشرعى وأنما تطبيقاً للأحكام الشرعية فى الرخص و تتبع المصالح الشرعية و سد الزرائع وتحقيق المقاصد.

وهذا كله بناء على منهجية مدعومة بالادلة الشرعية لا يستطيع مجتهد أن يتجاوزها و يقضى فى أمر بما يشتهى و لكن فى المقابل نجد القائلين بدعوى التاريخية يفتقدون هذه المنهجية بل يكتفون بالقول بأن هذا الحكم أو ذاك لا يلائم متطلبات الواقع وروح العصر! بلا معيار واضح لما يسمى روح العصر بل مجرد التشهي والاراء الشخصية والتى يراد لها ان تكون حاكمة على الكتاب والسُّنَّة!


فبينما يستند أهل الفقة والأصول الى ادلة شرعية بمنهجية متماسكة للوقوف على الفتوى الملائمة للواقع بحسب رؤيتة الواسعة فى أطار المقاصد الشرعية يريد هؤلاء (سواء أدركوا هذا ام لا) أن يجعلوا أنفسهم حكاماً على شرع الله فينتقون منه ما يسرى عليهم وما يهملونة لانه لا يعجبهم!

فالأعتراض على حديث ما أما يكون بسبب اشكال فى فهمة يظهر تعارضاً بينة وبين غيرة من الادلة الشرعية او الفطرة السوية او العلم ألخ وهذا يبحث و يدقق سنداً ومتناً و يجمع مع غيرة من الادلة حتى يظهر الحق فى المسألة.

أو أن يكون الاشكال ناتج عن أعتراض على حكم شرعى يستند لهذا الحديث يتسبب تطبيقة فى أيقاع الناس فى الحرج لظروف الواقع وهنا تنطبق قاعدة رفع الحرج فلا يفتى بالحكم الاصلى الثابت وانما بغيرة اكثر ملائمة وكتب الفقة و الفتاوى مليئة ذا فى
العصور المختلفة.

أما ان مل السُّنَّة بالكلية بدعوى التاريخية فهذا تعنت واضح لا يستساغ فليس له مبرر من عقل أو من شرع.

وان كنا إحقاقاً للحق لابد ان نقف أمام ظواهر وقضايا عديدة نجد فيها من يتصدى لها من أهل الدين بدون مراعاة للظروف الواقعية والاختلافات بين البلدان والأزمان ودون اعتبار للخلاف السائغ فى المسألة حال وجودة فكان تعنتهم سبباً فى إزاغة البعض عن الطريق المستقيم بدون قصد ولا بد لنا هنا أن نذكر قول الإمام علي: (حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكذب الله ورسوله).

أما دعوى عدم حجية السنة أساساً فالشاهد أنها بدأت مع ظهور الفرق الاسلامية حيث كان أهل السُّنَّة يردون بالحديث على تاويلاتهم للكتاب حسب ما يوافق مذاهبهم فبدأوا بتاويل الآحاديث تأويلات غير سائغة ووضع بعضهم أحاديث كذباً تدعيماً لمذاهبهم ثم طعنوا فى الرواة واخيراً ذهب أفراد منهم الى أنكار السُّنَّة وعدم الاحتجاج بها ومثل هؤلاء من رد عليهم الامام السيوطى قائلاً: (اعلموا رحمكم الله أَن من أنكر كون حدِيث النبي صلى الله عليه وسلم، قولا كان أَو فعلا، بشرطه المعروف فى الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الأسلام) ثم عادت هذه الدعوى للظهور فى العصر الحديث من ضمن ما نشهد من صعود للأهواء.

وقد رد على هؤلاء سواء كانوا أفراداً فى أول الأمر أم جماعات كالمسماة القرآنين بالعديد والعديد من الادلة التى تقطع بحجية السُّنَّة كالكتاب.

ومن هذه الادلة:
- قوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين).
- وقوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله).
- وقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما اكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
- وقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون).
- وقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
- وقوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا).

وفي حديث المقدام بن معد يكرب:
ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم ذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. رواه أبو داود وصححه الألباني.

- كذلك قوله: لتأخذوا عني مناسككم. رواه مسلم.
- وقوله: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.

وإن لم تكن السُّنَّة بحجة فكيف نعرف مواقيت الصلاة وكيفية أدائها وعدد ركعاتها وكيفية الزكاة ومقاديرها وأوقات وجوبها ونصابها وكيفية السعى والطواف وعدد أشواطه فى الحج والعمرة؟

وغير ذلك الكثير من الادلة القاطعة التى تجعل الادعاء القائل بعدم حجية السُّنَّة خلافاً للامة من سلف وخلف صعب التفهم فأنما ذلك الادعاء يعنى فى النهاية ان الرسول صلى الله عليه وسلم (معاذ الله) قد خدع صحابتة وافهمهم على غير الحقيقة أن سنته ملزمة للمسلمين وسكت على اعتقادهم هذا ولا يستقيم أعتقاد مثل هذا مع البقاء فى دين الاسلام.

أو أن أمة الاسلام من عهد الصحابة الى اليوم جميعهم وقعوا فى سوء الفهم عدا تلك القلة الشاذة التى تدعى عدم حجية السُّنَّة! وهذا ما لا يقبله عقل متزن ولا نفس سوية.

وأن كان من السُّنَّة ما ليس بملزم وهو ما يعرف بسنن العادات فمن! ما هو ليس من الوحى بل هو ما اجترحة الرسول بصفتة البشرية كما يحب من الطعام والشراب والعطور والملابس ومنها ما هو اجتهاد منة كقولة فى تأبير النخل وفى منزل الجيش فى بدر وذلك معروف ولا مراء فيه ولكن لا يعمم حكم هذا ولا يساوى بالسُّنَّة التشريعية كفروض المواريث والمحرمات من النساء وانصبة الزكاة وغير ذلك ولا سنن الأستحباب التى وان جاز للمرأ أن لا يقوم بها من غير تثريب ولا إثم فإن فى قيامه ثواب الطاعات ورفع الدرجات.

وأخيراً..
فهذا ما حضر وتيسر والحمد لله رب العالمين كما ينبغى لجلال وجهه وعظيم سلطانه وصلى الله على سيدنا محمد عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

أحمد فتحى سليمان
للتعليقات والتصويبات ومشاركة الكتاب إن وجدته نافعاً:
https://goo.gl/gx0Jhz

المصادر والمراجع:
- تيسير مصطلح الحديث.. د. محمود الطحان.
- الوسيط فى علوم ومصطلح الحديث.. د. محمد سويلم أبو شهبة.
- المفصل فى علوم الحديث.. على بن نايف الشحود.
- مناهج المحدثين.. د. سعد بن عبد الله الحميد.
- منهج الدفاع عن الحديث النبوى.. د. أحمد عمر هاشم.
- موسوعة علوم الحديث الشريف المجلس الأعلى للشئون الاسلامية.. نخبة من العلماء أشراف د. محمود حمدى زقزوق.
- كيف نتعامل مع السُّنَّة النبوية.. د. يوسف القرضاوي.
- منهج النقد فى علوم الحديث..د. نور الدين عتر.
- تيسير علوم الحديث.. عمرو عبد المنعم سليم.
- الحديث والمحدثون.. محمد أبو زهو.
 - تحرير علوم الحديث.. عبد الله الجديع.


المصدر:
http://saaid.net/book/open.phpcat=91&book=13833



تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تعريف بعلوم الحديث لغير المختصين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـحــــديث الـنبــوي الـشـريف :: علوم الحديث الشريف-
انتقل الى: