الكفيفة العربية
--------------
أولا نحن كلنا نتفق أن الكفيفين كلهم لا يختلفون عن المبصرين بأي شيء، لكن كل شخص بالحياة له نفسيته وبيئته، وظروفه الاجتماعية والمادية والصحية، وكذلك الإعاقة، فالفتاة الكفيفة هي مخلوقة مثل كل الفتيات بكل معنى الكلمة، لكن تبقى هناك بعض الأوضاع التي تجعل الكفيفة أو الكفيف له معاناته الخاصة، أو إبداعه المتميز اللذي يخّصه عن غيره.
أنا سأكتب بناءً على طلب أخونا رشدي الذي منحني الثقة أن أمثل له نفسية الكفيفة، فبكل اعتزاز، وافتخار سأبدأ بعون الله.
فالكفيفة هي فتاة تعيش ظروف مختلفة، وبيئات متنّوعة، لكن نفسيتها لا تختلف بكونها كفيفة، بل قد يكون الظروف التي تعيشها لها دور في تكوين نفسيتها، لكني سأكتب لكم عن الأشياء التي تجمع بين الكفيفات بالنفسية بإذن الله.
بداية.. دعونا نتفق أني سأكتب عن غالبية الكفيفات وليس عن الكل قطعياً، فنفسية الكفيفة فيها بعض الشوائب التي تجعلها بمرارة الموقف أكثر من المبصرة، فهي من الناحية الاجتماعية تهمش أحياناً وبكل أسف من أقرب الناس لها.
وكذلك من الناحية المادية اذا كانت تعمل فهي قد تُستغل اعتقاداُ من الناس أنها لا تحتاج للنقود.
أما الناحية العاطفية فهي تعتبر بأنها لا يجب عليها أن تحب الأطراف الأخرى، أو أن يحبونها كذلك، علماً بأنها هي التي تعطي بكل صدق وأمانة.
كذلك هي تعاني من بعض الحرمان من الزيارات أو القيام ببعض النشاطات الخاصة بها اعتقاداً من الآخرين أنها يجب أن تبقى بالبيت لأنها كفيفة.
لكن أنا أحمد الله تعالى أن الفتاة الكفيفة قد أخرجت نفسها من هذه القوقعة وخرجت بكل ما لديها من عزيمة وقوة شخصيتها جعلتها تستطيع أن تثبت للمحيطين بها أنها نظيفة بالشكل والملابس، والنفسية، والحياة الاجتماعية وكذلك الحياة الزوجية.
فهي أصبحت زوجة تساوي آلاف الزوجات، وأما الأبناء فقد ربتهم التربية الصالحة وأصبحوا شباب وفتيات يضرب بهم المثل الأعلى لكن هناك كذلك الناس يبقون يستخفون بالكفيفة ويعتبرون أنه ليس من حقها أن تطالب بحقوقها وأن تؤدي واجباتها على أكمل وجه.
إذاً الخلاصة.. أن الكفيفة قد تعاني من نظرة البشر لها كبنت أولاً وكفيفة ثانياً.
وإليكم بعض الأسئلة التي يسألنا الآخرون وتدل على أنهم يظنون بنا أننا نختلف عنهم في أمورنا، وحتى تكتمل الصورة عندكم:
في يوم ما سألتني زميلتي بالعمل:
لماذا أنتي يا سراب تحملين شنطة اليد أي الحقيبة النسائية التي تحملها كل فتاة على كتفها؟ وأكملت أسئلتها.. ماذا تضعين بداخلها؟ وكيف تعرفين أن لونها يتناسب مع ملابسك؟ وكيف تتخيلين شكلها؟ وهل تعرفين أنها حلوة أم لا؟
فأجبتها بكل وضوح أنه لماذا أنتي تحملين الحقيبة وأعدت كل أسئلتها التي سألتني إياها أعدتها عليها فكان جوابها أننا المبصرات غير، فقلت لها كيف يعني غير؟
ألست أنا بنت مثلكِ؟ ولي خصائصكِ؟ فأحرجتها ولم تدر ماذا تجيبني.. وقالت: أنها تخاف علي أن يسرقني أحد، فقلت لها: ألم تسرق أي بنت مبصرة؟
بعدها اقتربنا من بعض وأصبحت من أقرب الزميلات لي وكانت هي تجيب على الأسئلة التي تسألها زميلاتي أو الزملاء.
هذا مثال بسيط كتبته لكم حتى أفيد الأخ رشدي في بحثه، أما عن قضية الحرمان سأوضح لكم قصدي بالحرمان الذي تعاني منه الكفيفة الحرمان من ان تمارس حياتها بكل ما فيها يا أخواني الكرام، وأن تكون ممارستها لحياتها بشكل طبيعي.
مثلاً أن تركب تاكسي وتذهب لعملها، أو أن تتسوق بكامل حريتها، ولا أحد يقول لها ماذا تريدين حن نحضر لكي الذي تريدينه من غير أن تشتريه أنتي بنفسك، هذه أمثلة بسيطة كتبتها لأوضح قصدي فقط، لكن تبقى الأسئلة أكثر عمقاً وخصوصية.
يعني خلاصة الكلام كله: أن الكفيفة تلاقي معاناة أكثر من غيرها من الفتيات المبصرات بسبب عدم تفهم الناس لها، فوسائل التسلية على سبيل المثال ليست متاحة للكفيفة مثل المبصرة، أقصد بالتسلية الهادفة، وليست التسلية التافهة مثل قراءة المجلات والأشياء التي تحتاج للعين.
في الختام اعذروني على الإطالة لكن كان لابد من التوضيح، وأتمنى أن أكون قد أفدتك ولو بجزء بسيط من ما كنت تريده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.