منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

  الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

 الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09) Empty
مُساهمةموضوع: الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09)    الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09) Emptyالإثنين 14 سبتمبر 2015, 10:12 pm

 الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09) 239
فصل
فى أمر العائن بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره
ومنها : أن يُؤمر العائِنُ بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره ، وفيه قولان ؛ أحدهما : أنه فرجُه . والثانى : أنه طرفُ إزاره الداخل الذى يلى جسدَه من الجانب الأيمن ، ثم يُصَبُّ على رأس المَعِين مِن خلفه بغتة ، وهذا مما لا ينالُه عِلاجُ الأطباء ، ولا ينتفِعُ به مَن أنكره ، أو سَخِرَ منه ، أو شَكَّ فيه ، أو فعله مجرِّباً لا يعتقد أنَّ ذلك ينفعُه .
وإذا كان فى الطبيعة خواصٌ لا تَعْرِفُ الأطباءُ عِلَلَها ألبتةَ ، بل هى عندهم خارجةٌ عن قياس الطبيعة تفعل بالخاصِّية ، فما الذى يُنكره زنادقتهم وجهلتُهم من الخواص الشرعية ، هذا مع أنَّ فى المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهدُ له العقولُ الصحيحة ، وتُقِرُّ لمناسبته ، فاعلم أنَّ تِرياق سُمِّ الحيَّة فِى لحمها ، وأنَّ علاجَ تأثير النفس الغضَبية فى تسكين غضبها ، وإطفاء ناره بوضع يَدِكَ عليه ، والمسح عليه ، وتسكينِ غضبه ، وذلك بمنزلة رجل معه شُعلة من نار ، وقد أراد أن يَقذِفَك بها ، فصبِبِتَ عليها الماء ، وهى فى يده حتى طُفئتْ ، ولذلك أُمِرَ العائِنُ أن يقول : ((اللَّهُمَّ بارِكْ عَلَيْه)) ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذى هو إحسانٌ إلى المَعِين ، فإنَّ دواء الشىء بضِدِّه . ولما كانت هذه الكيفيةُ الخبيثة تظهر فى المواضِع الرقيقة من الجسد ، لأنها تطلب النفوذَ ، فلا تجد أرقَّ مِن المغابن ، وداخِلَةِ الإزار ، ولا سِيَّما إن كان كنايةً عن الفَرْج ، فإذا غُسِلَتْ بالماء ، بطل تأثيرها وعملها ، وأيضاً فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص .
والمقصود : أنَّ غسلها بالماء يُطفىء تلك النارية ، ويَذهبُ بتلك السُّمِّية .
وفيه أمر آخر ، وهو وُصول أثرِ الغسل إلى القلب من أرقِّ المواضع وأسرعها تنفيذاً ، فيُطفىء تلك النارية والسُّمِّية بالماء ، فيشفى المَعِين ، وهذا كما أنَّ ذواتِ السموم إذا قُتِلت بعد لَسعها ، خَفَّ أثرُ اللسعة عن الملسوع ، ووَجد راحة ، فإن أنفسَها تمدُّ أذاها بعد لَسعها ، وتُوصِله إلى الملسوع . فإذا قُتِلَتْ ، خَفَّ الألم ، وهذا مُشَاهَد . وإن كان من أسبابه فرحُ المَلسوع ، واشتفاءُ نفسه بقتل عدوِّه ، فتقوى الطبيعة على الألم ، فتدفعه .
وبالجملة .. غسل العائن يُذهِبُ تلك الكيفية التى ظهرت منه ، وإنما ينفع غسلُه عند تكيُّفِ نفسه بتلك الكيفية .
فإن قيل : فقد ظهرت مناسبةُ الغسل ، فما مناسبةُ صبِّ ذلك الماء على المَعِين ؟
قيل : هو فى غاية المناسبة ، فإنَّ ذلك الماء ماء طُفىء به تلك النارية ، وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل ، فكما طُفئت به النارية القائمة بالفاعِل طُفئت به ، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائِن ، والماءُ الذى يُطفأ به الحديدُ يدخُل فى أدوية عِدَّة طبيعية ذكرها الأطباء ، فهذا الذى طُفىء به نارية العائِن ، لا يُستنكر أن يدخل فى دواء يُناسب هذا الداء .
وبالجملة .. فطب الطبائعية وعلاجُهم بالنسبة إلى العلاج النبوىِّ ، كطب الطُّرقية بالنسبة إلى طبهم ، بل أقل ، فإنَّ التفاوتَ الذى بينهم وبين الأنبياء أعظمُ ، وأعظمُ من التفاوت الذى بينهم وبين الطُّرقية بما لا يُدرِكُ الإنسان مقداره ، فقد ظهر لك عقدُ الإخاء الذى بين الحِكمة والشرع ، وعدمُ مناقضة أحدهما للآخر ، واللهُ يهدى مَن يشاء إلى الصواب ، ويفتحُ لمن أدام قرعَ باب التوفيق منه كُلَّ باب ، وله النعمة السابغة ، والحُجَّة البالغة .


فصل
فى ستر محاسن مَن يُخاف عليه العَيْن بما يردها عنه
ومن علاج ذلك أيضاً والاحتراز منه سترُ محاسن مَن يُخاف عليه العَيْن بما يردُّها عنه ، كما ذكر البغوىُّ فى كتاب ((شرح السُّـنَّة)) : أنَّ عثمان رضى الله عنه رأى صبياً مليحاً ، فقال : دَسِّمُوا نُونَتَه ، لئلا تُصيبه العَيْن ، ثم قال فى تفسيره : ومعنى ((دسِّمُوا نونته)) أى : سَوِّدُوا نونته ، والنونة : النُّقرة التى تكون فى ذقن الصبىِّ الصغير .
وقال الخطَّابى فى ((غريب الحديث)) له عن عثمان : إنه رأى صبياً تأخذه العَيْن ، فقال : دسِّموا نونته . فقال أبو عمرو : سألت أحمد بن يحيى عنه ، فقال : أراد بالنونة : النُّقرة التى فى ذقنه . والتدسيمُ : التسويد . أراد : سَوِّدُوا ذلك الموضع من ذقنه ، ليرد العَيْن . قال ومن هذا حديثُ عائشةَ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذاتَ يومٍ ، وعلى رأسهِ عِمامةٌ دَسْماء أى : سوداء أراد الاستشهاد على اللَّفظة ، ومن هذا أخذ الشاعرُ قَوله :
مَا كَانَ أَحْوَجَ ذَا الْكَمَالِ إلَى عَيبٍ يُوَقِّيـهِ مِـنَ الْعَيْنِ


فصل
فى الرُّقَى التى ترد العَيْن
ومن الرُّقَى التى تردُّ العَيْن ما ذُكر عن أبى عبد الله السَّاجى ، أنه كان فى بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارِهَةٍ ، وكان فى الرفقة رجل عائن ، قلَّما نظر إلى شىء إلا أتلفه ، قيل لأبى عبد الله : احفَظْ ناقَتكَ مِنَ العائِن ، فقال : ليس له إلى ناقتى سبيل ، فأُخْبِرَ العائِنُ بقوله ، فتَحيَّنَ غَيبة أبى عبد الله ، فجاء إلى رَحْله ، فنَظر إلى الناقةَ ، فاضطربتْ وسقطت ، فجاء أبو عبد الله ، فأُخْبِرَ أنَّ العائِنَ قد عانها ، وهى كما ترى ، فقال : دُلُّونى عليه . فدُلَّ ، فوقف عليه، وقال : بسمِ اللهِ ، حَبْسٌ حابسٌ ، وحَجَرٌ يابِسٌ ، وشِهابٌ قابِسٌ ، ردَّت عين العائن عليه ، وعلى أحبِّ الناس إليه ، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك : 3-4] فخرجتْ حَدَقَتا العائنِ ، وقامت الناقةُ لا بأسَ بها .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى العلاج العام لكل شكوى بالرُّقية الإلهية
روى أبو داود فى ((سننه)) : من حديث أبى الدرداء ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : ((مَن اشتكى منكم شيئاً ، أو اشتكاهُ أخٌ له فلْيقُلْ : رَبَّنا اللهَ الذى فى السَّماء ، تقدَّسَ اسْمُكَ ، أَمْرُكَ فى السَّماء والأرضِ كما رَحْمَتُك فى السَّماءِ ، فاجعل رحمتكَ فى الأرض ، واغفر لنا حُوْبَنَا وخطايانا أنتَ ربُّ الطَّيِّبِين ، أنْزِلْ رحمةً من رحمتك ، وشفاءً من شفائك على هذا الوَجَع ، فيَبْرأ بإذْنِ اللهِ)) .
وفى ((صحيح مسلم)) عن أبى سعيد الخُدْرِى ، أنَّ جبريلَ عليه السلام أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمدُ ؛ أشتكيْتَ ؟ فقال : ((نعم)) . فقال جبريلُ عليه السلام : ((باسمِ اللهِ أَرقيكَ مِن كُلِّ شىءٍ يُؤذيكَ ، مِن شَرِّ كُلِّ نفْسٍ أو عَيْن حاسدٍ اللهُ يَشفيكَ ، باسمِ اللهِ أرقيكَ)) .
فإن قيل : فما تقولون فى الحديث الذى رواه أبو داود : ((لا رُقيةَ إلا من عَيْنٍ، أو حُمَةٍ)) ، والحُمَةُ : ذوات السُّموم كلها ؟
فالجواب : أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ به نفىَ جواز الرُّقية فى غيرها ، بل المرادُ به : لا رُقية أولى وأنفعُ منها فى العَيْن والحُمَة ، ويدل عليه سياقُ الحديث ، فإنَّ سهل ابن حُنيف قال له لما أصابته العَيْن : أوَ فى الرُّقَى خير ؟ فقال : ((لا رُقيةَ إلا فى نَفْسٍ
أو حُمَةٍ)) ويدل عليه سائرُ أحاديث الرُّقَى العامة والخاصة ، وقد روى أبو داود من حديث أنس قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((لا رُقْيَةَ إلا مِن عَيْنٍ ، أو حُمَةٍ ، أو دَمٍ يَرْقأُ)) .
وفى ((صحيح مسلم)) عنه أيضاً :((رخَّص رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فى الرُّقية من العَيْن والحُمَةِ والنَّمْلَةِ)) .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى رُقْيَة اللَّدِيغ بالفاتحة
أخرجا فى ((الصحيحين)) من حديث أبى سعيد الخدرى ، قال : ((انْطلَقَ نَفَرٌ من أصحابِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم فى سفرةٍ سافرُوها حتى نزلوا على حىٍّ مِن أحياءِ العرب ، فاسْتَضَافوهم ، فأبَوْا أن يُضَيِّفُوهُم ، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحىِّ ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُه شىء ، فقال بعضهم : لو أتيتُم هؤلاءِ الرَّهطَ الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شىء . فأتوهم ، فقالوا : يا أيُّهَا الرَّهطُ ؛ إنَّ سَيِّدَنا لُدِغَ ، وسَعينا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أحدٍ منكم من شىء ؟ فقال بعضُهم : نعم واللهِ إنى لأَرْقى ، ولكن اسْتَضَفْناكُمْ ، فلم تَضيِّفُونَا ، فما أنا بَرَاقٍ حتى تَجْعَلُوا لنا جُعْلاً ، فصالَحُوهم على قطيعٍ من الغنم ، فانطلَقَ يَتْفُل عليه ، ويقرأ : {الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }، فكأنما أُنشِطَ من عِقَالٍ ، فانطلق يمشى وما به قَلَبَةٌ، قال : فأوفَوْهُم جُعْلَهُم الذى صالحوهم عليه ، فقال بعضُهم : اقتسِمُوا ، فقال الذى رَقَى : لا تفعلوا حتى نأتىَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فنذكُرَ له الذى كان ، فننظُرَ ما يأمرُنا ، فَقَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له ذلك ، فقال : ((وما يُدْريكَ أنَّها رُقْيَةٌ)) ؟ ، ثم قال : ((قد أصَبْتُم ، اقسِمُوا واضْرِبوا لى مَعَكُم سهماً)) .
وقد روى ابن ماجه فى ((سننه)) من حديث على قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خَيْرُ الدَّوَاءِ القُرآنُ)) .
ومن المعلوم أنَّ بعض الكلام له خواصُّ ومنافعُ مُجرَّبة ، فما الظنُّ بكلام ربّ العالمين ، الذى فَضْلُهُ على كل كلامٍ كفضلِ اللهِ على خلقه الذى هو الشفاءُ التام ، والعِصْمةُ النافعة ، والنورُ الهادى ، والرحمة العامة ، الذى لو أُنزِلَ على جبل لتَصَدَّعَ من عظمته وجلالته . قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء : 82] . و((مِن)) ههنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، هذا أصَحُّ القولين ، كقوله تعالى : {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرَاً عَظِيماً}[الفتح :29] وكُلُّهُمْ مِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فما الظنُّ بفاتحة الكتاب التى لم يُنزل فى القرآن ، ولا فى التوراة ، ولا فى الإنجيل ، ولا فى الزَّبور مِثلُها ، المتضمنة لجميع معانى كتب الله ، المشتملة على ذكر أُصول أسماء الرب تعالى ومجامعها ، وهى : الله ، والرَّب ، والرحمن ، وإثبات المعاد، وذكرِ التوحيدين : توحيدِ الربوبية ، وتوحيدِ الإلهية ، وذكر الافتقار إلى الربِّ سُبحانه فى طلبِ الإعانة وطلب الهداية ، وتخصيصه سبحانه بذلك ، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعِهِ وأفرَضِه ، وما العبادُ أحوج شىءٍ إليه ، وهو الهدايةُ إلى صِراطه المستقيم ، المتضمن كمالَ معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمرَ به ، واجتنابِ ما نَهَى عنه ، والاستقامة عليه إلى الممات ، ويتضمن ذِكْر أصنافِ الخلائق وانقسامهم إلى مُنْعمٍ عليه بمعرفة الحق ، والعمل به ، ومحبته ، وإيثاره ، ومغضوب عليه بعدُوله عن الحق بعد معرفته له ، وضال بعدم معرفته له. وهؤلاء أقسامُ الخليقة مع تضمنها لإثبات القَدَر ، والشرع ، والأسماء ، والصفات ، والمعاد ، والنبوات ، وتزكيةِ النفوس ، وإصلاح القلوب ، وذكر عدل الله وإحسانه ، والرَّدِّ على جميع أهل البدع والباطل ، كما ذكرنا ذلك فى كتابنا الكبير ((مدارج السالكين)) فى شرحها . وحقيقٌ بسورةٍ هذا بعضُ شأنها ، أن يُستشفى بها من الأدواء ، ويُرقَى بها اللَّديغُ .
وبالجملة .. فما تضمنته الفاتحةُ مِن إخلاص العبودية والثناء على اللهِ ، وتفويضِ الأمر كُلِّه إليه ، والاستعانة به ، والتوكل عليه ، وسؤاله مجامع النِّعَم كُلِّها ، وهى الهداية التى تجلبُ النِّعَم ، وتدفَعُ النِّقَم ، من أعظم الأدوية الشافية الكافية .
وقد قيل : إنَّ موضع الرُّقْيَة منها :{إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة : 4] ، ولا ريبَ أنَّ هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء ، فإنَّ فيهما من عموم التفويض والتوكل ، والالتجاء والاستعانة ، والافتقارِ والطلبِ ، والجمع بين أعلى الغايات ، وهى عبادةُ الربِّ وحده ، وأشرف الوسائل وهى الاستعانةُ به على عبادته ما ليس فى غيرها ، ولقد مرَّ بى وقت بمكة سَقِمْتُ فيه ، وفَقَدْتُ الطبيبَ والدواء ، فكنت أتعالج بها ، آخذ شربةً من ماء زمزم ، وأقرؤها عليها مراراً ، ثم أشربه ، فوجدتُ بذلك البرءَ التام ، ثم صِرتُ أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع ، فأنتفع بها غايةَ الانتفاع .


فصل
فى أنَّ لتأثير الرُّقَى بالفاتحة وغيرها سراً بديعاً فى علاج ذواتِ السُّموم
وفى تأثير الرُّقَى بالفاتحة وغيرها فى علاج ذواتِ السُّموم سِرٌ بديع ، فإنَّ ذواتِ السموم أثَّرت بكيفيات نفوسِها الخبيثة ، كما تقدَّم ، وسِلاحها حُماتها التى تلدَغُ بها ، وهى لا تلدغ حتى تغضَب ، فإذا غضبت ، ثار فيها السُّمُّ ، فتقذفه بآلتها ، وقد جعل اللهُ سبحانه لكل داءٍ دواءً ، ولكل شىءٍ ضِداً ، ونفس الراقى تفعلُ فى نفس المرقى ، فيقعُ بين نفسيهما فعلٌ وانفعالٌ ، كما يقع بين الداء والدواء ، فتقوى نفسُ الراقى وقُوَّته بالرُّقية على ذلك الداء ، فيدفعُه بإذن اللهِ ، ومدارُ تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال ، وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين ، يقع بين الداء والدواء الروحانيين ، والروحانى ، والطبيعى ، وفى النَّفْث والتَّفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء ، والنفس المباشر للرُّقية ، والذِكْر والدعاء ، فإنَّ الرُّقية تخرُج مِن قلب الراقى وفمه ، فإذا صاحبها شىءٌ من أجزاء باطنه من الرِّيق والهواء والنَّفَس ، كانت أتمَّ تأثيراً ، وأقوى فعلاً ونفوذاً ، ويحصُل بالازدواج بينهما كيفيةٌ مؤثرة شبيهةٌ بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية .
وبالجملة .. فنفْسُ الراقى تُقابل تلك النفوس الخبيثة ، وتزيدُ بكيفية نفسه ، وتستعين بالرُّقية وبالنفثِ على إزالة ذلك الأثر ، وكلَّما كانت كيفيةُ نَفَس الراقى أقوى ، كانت الرُّقيةُ أتمَّ ، واستعانتُهُ بنفْثه كاستعانة تلك النفوسِ الرديئة بلسعها .
وفى النفث سِرٌ آخر ، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ، ولهذا تفعلُه السّحَرةُ كما يفعلَهُ أهلُ الإيمان . قال تعالى : {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ}، وذلك لأن النفْس تتكيَّفُ بكيفية الغضب والمحاربة ، وتُرسِلُ أنفاسَها سِهاماً لها ، وتمدُّها بالنفْث والتفْل الذى معه شىء مِن الرِّيق مصاحب لكيفية مؤثرة ، والسواحِرُ تستعين بالنفث استعانةً بيِّنةً ، وإن لم تتصل بجسم المسحور ، بل تنفثُ على العُقدة وتعقِدها ، وتتكلم بالسِّحْر ، فيعمل ذلك فى المسحور بتوسط الأرواح السُّفلية الخبيثة ، فتقابِلُها الرَّوح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرُّقية ، وتستعينُ بالنفث ، فأيُّهُما قَوِىَ كان الحكمُ له ، ومقابلةُ الأرواح بعضها لبعض ، ومحاربتُها وآلتها مِن جنس مقابلة الأجسام ، ومحاربتها وآلتها سواء ، بل الأصلُ فى المحاربة والتقابلِ للأرواح والأجسام آلتها وجندها ، ولكن مَن غلب عليه الحِسُّ لا يشعرُ بتأثيرات الأرواح وأفعالِهَا وانفعالاتِهَا لاستيلاء سُلطان الحِسِّ عليه ، وبُعْدِهِ من عالَم الأرواح ، وأحكامها ، وأفعالها .
والمقصود .. أنَّ الرَّوح إذا كانت قويةً وتكيَّفتْ بمعانى الفاتحة ، واستعانت بالنفث والتفْل ، قابلت ذلك الأثَر الذى حصل من النفوس الخبيثة ، فأزالته .. والله أعلم .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج لدغة العقرب بالرُّقْيَة
روى ابن أبى شَيْبَةَ فى ((مسنده)) ، من حديث عبد الله بن مسعود ، قال : بينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّى ، إذ سجد فَلَدَغَتْه عقربٌ فى أُصبعه ، فانصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال : ((لَعَنَ اللهُ العَقْرَبَ ما تَدَعُ نبيّاً ولا غَيْرَه)) ، قال : ثُمَّ دعا بإناءٍ فيه ماء ومِلح ، فَجَعَلَ يَضَعُ موضِعَ اللَّدغة فى الماء والمِلحِ ، ويقرأُ : {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، والمُعَوِّذَتَيْن} حتى سكنتْ .
ففى هذا الحديث العلاجُ بالدواء المركَّب مِنَ الأمرين : الطبيعىِّ والإلهىِّ ، فإنَّ فى سورة الإخلاص مِن كمال التوحيد العِلمى الاعتقادى ، وإثبات الأحَدِيَّة للهِ ، المستلزِمة نفىَ كُلِّ شركة عنه ، وإثباتِ الصَّمديَّةِ المستلزمةِ لإثبات كُلِّ كمال له مع كونِ الخلائق تَصمُدُ إليه فى حوائجها ، أى : تقصِدُه الخليقةُ ، وتتوجه إليه، عُلويُّها وسُفليُّها ، ونفى الوالد والولد ، والكُفْءِ عنه المتضمن لنفى الأصل، والفرع والنظير ، والمماثل مما اختصَّت به وصارت تعدِلُ ثُلُثَ القرآن ، ففى اسمه ((الصمد)) إثباتُ كل الكمال ، وفى نفى الكُفْءِ التنزيهُ عن الشبيه والمثال . وفى ((الأحد)) نفىُ كُلِّ شريك لذى الجلال ، وهذه الأُصول الثلاثة هى مجامعُ التوحيد .
وفى المعوِّذتين الاستعاذةُ مِن كل مكروه جملةً وتفصيلاً ، فإنَّ الاستعاذَة مِن شَرِّ ما خلق تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُستعاذ منه ، سواء أكان فى الأجسام أو الأرواح ، والاستعاذَةَ مِن شَرِّ الغاسق وهو اللَّيل ، وآيتِهِ وهو القمر إذا غاب ، تتضمن الاستعاذةَ مِن شَرِّ ما ينتشِرُ فيه من الأرواح الخبيثة التى كان نورُ النهار يحولُ بينها وبين الانتشار ، فلما أظلم الليل عليها وغاب القمرُ ، انتشرت وعاثت .
والاستعاذة مِن شَرِّ النفاثات فى العُقد تتضمن الاستعاذة من شَرِّ السواحر وسِحرهن .
والاستعاذة مِن شَرِّ الحاسد تتضمن الاستعاذَة مِن النفوس الخبيثة المؤذية بحسدها ونظرها .
والسورةُ الثانية : تتضمن الاستعاذة مِن شَرِّ شياطين الإنس والجن ، فقد جمعت السورتان الاستعاذة من كُلِّ شَرٍّ ، ولهما شأنٌ عظيم فى الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقوعها ، ولهذا أوصى النبىُّ صلى الله عليه وسلم عُقبةَ بن عامر بقراءتهما عَقِبَ كُلِّ صلاةٍ ، ذكره الترمذىُّ فى ((جامعه)) وفى هذا سِرٌ عظيم فى استدفاع الشرورِ من الصلاة إلى الصلاة . وقال : ما تَعَوَّذ المتعوِّذون بمثلهما . وقد ذُكر أنه صلى الله عليه وسلم سُحِرَ فى إحدى عشرةَ عُقدة ، وأنَّ جبريلَ نزل عليه بهما ، فجعَلَ كُلَّما قرأ آية منهما انحلَّتْ عُقدة ، حتى انحلَّتْ العُقَد كُلُّها ، وكأنما أُنْشِطَ من عِقَال .
وأما العلاج الطبيعى فيه ، فإنَّ فى المِلح نفعاً لكثير من السُّموم ، ولا سِيَّما لدغة العقرب ، قال صاحب ((القانون)) : يُضمَّد به مع بذر الكتان للسع العقرب ، وذكره غيرُه أيضاً . وفى المِلح من القوة الجاذبة المحلِّلة ما يَجذِبُ السُّموم ويُحللها ، ولَمَّا كان فى لسعها قوةٌ نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج جمع بين الماءِ المبرد لنار اللَّسعة ، والمِلح الذى فيه جذبٌ وإخراج ، وهذا أتم ما يكون من العلاج وأيسره وأسهله ، وفيه تنبيه على أنَّ علاج هذا الداء بالتبريد والجذب والإخراج .. والله أعلم .
وقد روى مسلم فى ((صحيحه)) عن أبى هُريرة قال : جاء رجلٌ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ؛ ما لقيتُ مِنْ عقربٍ لَدَغْتنى البارحةَ فقال : ((أما لو قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ : أعُوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ،
لم تَضُرَّك)) .
واعلم أنَّ الأدوية الطبيعية الإلهية تنفعُ مِن الداء بعد حصوله ، وتمنَعُ من وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعاً مضراً ، وإن كان مؤذياً ، والأدوية الطبيعية إنما تنفعُ ، بعد حصول الداء ، فالتعوُّذاتُ والأذكار ، إما أن تمنعَ وقوعَ هذه الأسباب ، وإما أن تحولَ بينها وبين كمالِ تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه ، فالرُّقَى والعُوَذ تُسْتَعمل لحفظ الصحة ، ولإزالة المرض ، أما الأول : فكما فى ((الصحيحين)) من حديث عائشة كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشِهِ نَفَثَ فى كَفَّيْهِ : {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ والمُعَوِّذَتَيْن . ثم يمسحُ بهما وجهه ، وما بلغت يدُه من جسده}.
وكما فى حديث عُوذة أبى الدرداء المرفوع : ((اللَّهُمَّ أنت رَبِّى لا إله إلا أنت عليكَ تَوَكَّلْتُ وأنتَ رَبُّ العَرْشِ العظيم)) ، وقد تقدَّم وفيه : ((مَن قالها أوَّل نهارِهِ لم تُصِبْهُ مُصيبة حتى يُمسى ، ومَن قالها آخر نهارِهِ لم تُصِبْه مُصيبةٌ حتى يُصْبِح)) .
وكما فى ((الصحيحين)) : ((مَن قَرَأَ الآيَتَيْن مِن آخرِ سُورةِ البقرةِ فى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)) .
وكما فى ((صحيح مسلم)) عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم : ((مَن نَزَلَ مَنْزِلاً فقال : أَعُوذُ بكلمات ِاللهِ التَّامَّاتِ مِن شرَِّ ما خَلَقَ ، لم يَضُرَّهُ شَىءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِن مَنْزِلهِ ذلِكَ)) .
وكما فى ((سنن أبى داود)) أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان فى السفر يقول باللَّيل :((يا أرضُ ؛ رَبِّى ورَبُّكِ اللهُ ، أَعُوذُ باللهِ مِن شَرِّكِ وشَرِّ ما فِيكِ ، وشَرِّ ما يَدُبُّ عليكِ ، أعوذُ باللهِ مِن أسَدٍ وأسْوَدٍ ، ومِن الحَيَّةِ والعقربِ ، ومِن ساكنِ البَلَدِ ، ومن والدٍ وما وَلَدَ)) .
وأما الثانى : فكما تقدَّم من الرُّقية بالفاتحة ، والرُّقية للعقرب وغيرها مما يأتى .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى رُقْيَة النَّمْلَة
قد تقدَّم من حديث أنس الذى فى ((صحيح مسلم)) أنه صلى الله عليه وسلم ((رخَّص فى الرُّقْيَةِ مِنَ الحُمَةِ والعَيْنِ والنَّمْلَةِ)) .
وفى ((سنن أبى داود)) عن الشِّفَاء بنت عبد الله ، قالت : دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عِند حَفْصَة ، فقال : ((ألا تُعَلِّمينَ هذه رُقية النَّمْلةِ كما عَلَّمْتِيها الكتابةَ)) .
النَّمْلَة : قُروح تخرج فى الجنبين ، وهو داء معروف ، وسُمِّى نملةً ، لأن صاحِبَه يُحس فى مكانه كأنَّ نملة تَدِبُّ عليه وَتعضُّه ، وأصنافها ثلاثة ، قال ابن قتيبة وغيرُه : كان المجوسُ يزعمون أنَّ ولد الرجل من أُخته إذا خُطَّ على النَّملَةِ ، شُفِىَ صاحبها، ومنه قول الشاعر:
وَلاَ عَيْبَ فِينَا غَيْرَ عُرْفٍ لِمَعْشَرٍ كِرامٍ وَأَنَّا لاَ نَخُطُّ عَلَى النَّمْلِ
وروى الخَلاَّل : أنَّ الشِّفَاء بنتَ عبد الله كانت تَرقى فى الجاهلية من النَّمْلَة ، فلمَّا هاجرت إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم وكانت قد بايعته بمكة ، قالت : يا رسول الله ؛ إنِّى كنت أرقى فى الجاهلية من النَّمْلَة ، وإنى أُريدُ أن أعْرِضَهَا عليكَ ، فعرضت عليه فقالت : بسم اللهِ ضَلَّت حتى تعود مِن أفواهها ، ولا تَضُرُّ أحداً ، اللَّهُمَّ اكشف البأسَ ربَّ الناسِ ، قال : ترقى بِهَا عَلَى عُودٍ سبعَ مَرات ، وتقصِدُ مَكاناً نظيفاً ، وَتَدْلُكُهُ على حجر بخَلِّ خَمرٍ حاذق ، وتَطْلِيه على النَّمْلَةِ . وفى الحديث : دليلٌ على جواز تعليم النساء الكتابة .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى رُقْيَة الحَيَّة
قد تقدَّم قوله : ((لا رُقْيَةَ إلا فى عَيْنٍ ، أو حُمَةٍ)) ، الحُمَة : بضم الحاء وفتح الميم وتخفيفها .
وفِى ((سنن ابن ماجه)) من حديث عائشة : ((رخَّص رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فى الرُّقْيَة من الحيَّةِ والعقرب)) .
ويُذكر عن ابن شهاب الزُّهْرى ، قال : لَدَغَ بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حَيَّةٌ ، فقال النبى صَلى الله عليه وسلم : ((هَلْ مِن رَاقٍ)) ؟ فقالوا : يا رسول الله ؛ إن آل حزم كانوا يَرْقُون رُقيةَ الحَيَّةِ ، فلما نَهَيْتَ عن الرُّقَى تركوها ، فقال : ((ادْعُو عُمارة بن حزم)) فدعوه ، فعرضَ عليه رُقاه ، فقال : ((لا بأسَ بها)) فأذن له فيها فرقاه .


فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى رُقْيَة القَرْحة والجُرْح
أخرجا فى ((الصحيحين)) عن عائشة قالت : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسانُ أو كانت به قَرحةٌ أو جُرحٌ ، قال بأصبعه : هكذا ووضع سفيانُ سبَّابَتَهُ بالأرض ، ثم رفعها وقال : ((بسْمِ اللهِ ، تُرْبَةُ أرضِنا بِرِيقَةِ بعضِنا ، يُشْفَى سَقِيمُنا بإذنِ رَبِّنا)) .
هذا من العلاج الميسر النافع المركَّب ، وهى معالجة لطيفة يُعالج بها القُروحُ والجِراحات الطرية ، لا سِيَّما عند عدم غيرِها من الأدوية إذ كانت موجودة بكل أرض ، وقد عُلِمَ أنَّ طبيعة التراب الخالص باردةٌ يابسة مجفِّفةٌ لرطوبات القروح والجراحات التى تمنع الطبيعةُ من جودة فعلها ، وسرعةِ اندمالها ، لا سِيَّما فى البلاد الحارَّة ، وأصحاب الأمزجة الحارَّة ، فإنَّ القُروح والجِراحات يتبعُها فى أكثر الأمر سوءُ مزاجٍ حارٍ ، فيجتمِعُ حرارة البلد والمزاجُ والجِراحُ ، وطبيعةُ التراب الخالص باردة يابسة أشدُّ مِن برودة جميع الأدوية المفردة الباردة ، فتُقَابِلُ برودةُ الترابِ حرارةَ المرض ، لا سِيَّما إن كان الترابُ قد غُسِلَ وجُفِّفَ ، ويتبعها أيضاً كثرةُ الرطوبات الرديئة ، والسيلان ، والتُّراب مُجَفِفٌ لها ، مُزِيلٌ لشدة يبسه وتجفيفه للرطوبة الرديئة المانعة من برئها ، ويحصل به مع ذلك تعديلُ مزاج العضو العليل ، ومتى اعتدل مزاج العضو قويت قواه المدبرة ، ودفعت عنه الألم بإذن الله .
ومعنى الحديث : أنه يأخذ مِن ريق نفسه على أصبعه السبابة ، ثم يضعها على التراب ، فيعلَق بها منه شىء ، فيمسح به على الجُرح ، ويقول هذا الكلام لما فيه من بركة ذكر اسم الله ، وتفويض الأمر إليه ، والتوكل عليه ، فينضَمُّ أحدُ العلاجين إلى الآخر ، فَيقْوَى التأثير .
وهل المراد بقوله : ((تُرْبَةُ أَرضِنا)) جميع الأرض أو أرضُ المدينة خاصة ؟ فيه قولان ، ولا ريبَ أنَّ مِن التُربة ما تكون فيه خاصية ينفع بخاصيته من أدواءٍ كثيرة ، ويشفى بها أسقاماً رديئة .
قال ((جالينوس)) : رأيتُ بالإسكندرية مَطحُولين ، ومُستسقين كثيراً ، يستعملون طين مصر ، ويطلُون به على سُوقهم ، وأفخاذهم ، وسواعدهم ، وظهورهم ، وأضلاعهم ، فينتفعون به منفعة بَيِّنة . قال : وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهِّلة الرخوة ، قال : وإنِّى لأعرفُ قوماً ترهَّلَت أبدانُهم كُلُّها من كثرة استفراغ الدم من أسفل ، انتفعوا بهذا الطين نفعاً بَيِّناً ، وقوماً آخرين شَفَوْا به أوجاعاً مزمنة كانت متمكنة فى بعض الأعضاء تمكناً شديداً ، فبرأت وذهبت أصلاً .
وقال صاحب ((الكتاب المسيحى)) : قُوَّة الطين المجلوب من ((كنوس)) وهى جزيرة المصطكى قوة تجلو وتغسل ، وتُنبت اللحمَ فى القروح ، وتختم القُروح .. انتهى .
وإذا كان هذا فى هذه التُرْبات ، فما الظنُّ بأطيبِ تُربة على وجه الأرض وأبركها ، وقد خالطت ريقَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وقارنت رُقيته باسم ربه ، وتفويض الأمر إليه ، وقد تقدم أن قُوَى الرُّقْيَة وتأثيرَها بحسب الراقى ، وانفعال المرقى عن رُقْيَته ، وهذا أمر لا يُنكره طبيب فاضل عاقل مسلم ، فإن انتفى أحد الأوصاف ، فليقل ما شاء .


فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الوجع بالرقية
روى مسلم في ((صحيحه)) عن عثمان بن أبي العاص ، ((أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ((ضع يَدَكَ عَلَى الَّذي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وقُل : بِسْمِ الله ثلاثاً ، وقُلْ سبع مرات : أعوذُ بِعِزَّةِ الله وقُدرَتهِ منْ شَرِّ مِا أجدُ وأُحاَذِر)) ففي هذا العلاج من ذكر الله ، والتفويض إليه ، والاستعاذة بعزته وقدرته من شر الألم ما يَذهب به ، وتكراره ليكونَ أنجعَ وأبلغ ، كتكرار الدواء لإخراج المادة ، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها ، وفي ((الصحيحين)) : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ((كان يعوِّذُ بعض أهله ، يمسح بيده اليمنى ، ويقول : ((اللهمَّ رَبَّ الناس ، أَذهِب الباَسَ ، واشفِ أنت الشّافي ، لا شِفَاء إلا شفاؤُك ، شفاءً لا يغادرُ سَقَماً)) . ففي هذه الرُقية توسل إلى الله بكمال زبوبيته ، وكما رحمته بالشفاء ، وأنه وحده الشافي ، وأنه لا شفاء إلا شِفاؤُه ، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته .
وبالله التوفيق.


 الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (09)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (04)
» الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (20)
» الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (05)
» الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (06)
»  الطب النبوى - ابن قيم الجوزية (07)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الطب النبـوي-
انتقل الى: