علامات قبول الصيام والقيام
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام:
انقضى شهر رمضان، فوداعاً يا رمضان، وداعاً يا شهر الصبر والغفران، وداعاً يا شهر القرآن، وداعاً يا شهر الصيام والقيام، وداعاً يا شهر الرحمات والقربات، وداعاً يا شهر الجود والإحسان، وداعاً يا شهر التوبة والعتق من النار، وداعاً يا شهر الاعتكاف والخلوات، وداعاً يا شهر الانتصارات والغزوات الفاصلات.
أيها الإخوة الكرام:
انقضى رمضان، وانصرمت أيامه ولياليه، ولقد ربح الرابحون، وخسر الخاسرون، فهنيئاً لمَنْ صامه وقامه إيماناً واحتساباً، ويا خيبة مَنْ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وليس له من قيامه إلا السهر والتعب، هنيئاً للمقبولين، وجبر الله كسر المحرومين، وخفَّف مصاب المغبونين.
كان سيدنا علي رضي الله عنه، يُنادي في آخر ليلة من رمضان: يا ليت شعري مَنْ هذا المقبول فنُهنئه، ومَنْ هذا المحروم فنُعزيه؟
سيدنا عمر بن عبد العزيز خطب يوم الفطر فقال: أيها الناس، إنكم صمتم لله ثلاثين يوماً، وقمتم ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.
أيها الإخوة الكرام:
من علامات القبول، قبول الصيام والقيام: أن يكون حال العبد بعد الصيام أفضل من حاله قبل رمضان.
كيف نودّع رمضان؟
لذلك أيها الإخوة الكرام، يودَّع رمضان بالأعمال التالية:
(1) التوبة:
التوبة النصوح من جميع الذنوب والآثام.
2) نية إصلاح المستقبل:
العزم على أن يكون حالنا بعد رمضان أفضل من حالنا قبله، فقد خاب وخسر مَنْ عرف ربه في رمضان، وجهله في غيره من الشهور.
3) خوف عدم القبول:
أن يغلب على المرء الخوف والحذر من عدم قبول العمل.
روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: كانوا لقبول العمل أشد اهتماماً منهم بالعمل، العبرة بالقبول، ألم تسمع قول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (سورة المائدة: 27).
وكان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر، فقيل له: إنه يوم فرح وسرور، والحقيقة هو يوم فرح وسرور، لكن هذا الصحابي يغلب عليه الحزن في العيد: قال: صدقتم، ولكنني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً، فلا أدري أقبله أم لا.
ما يجب فعله بعد رمضان:
أيها الإخوة الكرام
من الأعمال التي تجب علينا بعد رمضان:
أن نشكر الله عز وجل، وأن نحمده أن بلَّغنا رمضان، ووفقنا فيه على الصيام والقيام، فقد حرم من ذلك خلق كثير.
والطاعة أيها الإخوة الكرام، تنقضي متاعبها، ويبقى ثوابها، بينما المعصية تنقضي لذتها، ويبقى إثمها.
وينبغي أن نسأل الله جل جلاله أن يبلغنا رمضان القادم، وما بعده.
وينبغي أن نعاهد أنفسنا بعد رمضان على نصرة هذا الدين، والدفاع عن سنة سيد المرسلين، والنصح لعامة المسلمين.
وأن نحقق شيئاً من الجهاد في سبيل الله، فمن مات، ولم يجاهد، ولم يحدث نفسه بالجهاد مات على شعبة من شعب النفاق.
أيها الإخوة الكرام:
الجهاد الأول:
جهاد النفس والهوى، الجهاد النفسي.
الجهاد الثاني: الجهاد الدعوي
قال تعالى: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾ (سورة الفرقان: 52).
الجهاد الثالث: الجهاد البنائي
فإذا صح الجهاد النفسي والجهاد الدعوي والجهاد البنائي، ربما وفقنا إلى الانتصار في الجهاد القتالي.
أيها الإخوة الكرام:
وينبغي أن نواصل الجد والمثابرة على الطاعات، والإكثار من القربات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
ثم إنه ينبغي بعد رمضان، أن نكثر من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الأحباب، ومشتت الجماعات، وميتم البنين والبنات، الموت.
ونذكر أن العمر سينقضي كما انقضى رمضان، فإن الليالي لمبليات لكل جديد، ومفرقات عن كل لذيذ وحبيب، فالمغرور من غرته لذة الحياة الدنيا، والغافل من غفل عن آخرته بدنياه.
أيها الإخوة الكرام:
رمضان يرمض الذنوب، أي يحرقها. أهمية صيام النفل بعد رمضان: في الحديث الصحيح: ((مَنْ صَام رمضانَ، وأتْبَعَهُ بِستّ من شَوَّال، كان كصيامِ الدَّهْرِ)) [حديث صحيح، أخرجه مسلم والترمذي].