منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Empty
مُساهمةموضوع: أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان   أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Emptyالسبت 04 يوليو 2015, 12:18 am

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان D-fr7.com_1434200542_465
أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضــــــــــان
الجزء الأول
تأليف 
د. حمزة آل فتحي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد بأبها
------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
التوطئة
 الحمد لله الممتن بصوم رمضان، وسابغ الخير والإحسان، وصلى الله وسلم على النبي المعوان، والمعلم الفهمان، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم المرجع والمقام.
أما بعد،،،
ففي كل سنة رمضانية، يشرح الله الخاطر لكتابه شىء في رمضان، أحكاماً أو سلوكيات أو عبراً ورؤى وعظات، لأنني مع شغفي بالقراءه أشغف كذلك بالكتابة، ولا ازال أكتب كل ماسنَح لي، وتدفقت النفس لتقييده، علماً، وفكراً، وإفتاءً، ودعوة، أومنهاجاً، وتبصرة، وأرى أنه من الأهمية بمكان، تنويع الطاعة في رمضان، مابين تلاوة وذكر، وتدريس وتأليف، وحب وتراحم، وتواصل، حتى يكتمل الالتذاذ، وتنشرح النفوس وتحيا القلوب الحياة الكاملة. 
ولهذا من المفيد للمؤلف، والعالم الأديب، والداعية المفكر، أن يستثمر لحظات رمضان، ليفجِّر فيها مؤلفات جديدة، ورسائل ماتعة، لم تُطرق من قبل!! 
فمثلاً قضايا الأحكام والآداب الرمضانية، كُتب فيها كثيراً، ولكن ثمة قضايا وأسرار رمضانية، لم يكتب فيها الناس بعد!! وهذا مقصد تأليفي مهم، لمن يملك ناصية الكتابة، وآلة الاستنباط...  
وقد سار العبد الفقير مع رمضان سيرة المؤلفين، بحمد الله تعالى، وكتب عدة كتب مختلفة، وهو يأمل طرق أبواب ومنافذ جديدة، ليعيش حلاوة الشهر والكتابة، ولينفع الجماهير بالجديد والجاذب والمفيد...


فعلى سبيل المثال والتنبيه، كتب عن رمضان:
(1) طلائع السلوان في مواعظ رمضان ، يتناول الأحكام والآداب.
(2) بين الأذانين، درس يومي، طُبع لاحقاً.
(3) الدرس الرمضاني: درس آخر يومي ، طبع سهلاً ميسوراً.
(4) الدرس الرمضاني: دروس أخرى على مدار ثلاث سنين، تحدثت فيها عن (قصص الأنبياء القرآنية)، وكان فيها ربط بالقرآن. 
(5) الحكمة النبوية في رمضان: مخطوط.
(6) رؤى في رمضان، مخطوط .
(7) الإشعاع السني في رمضان. 
(8) رمضان خارج بلدي.
وهي كذلك مخطوطة ، يسر الله نشرها على وجه الحسن والصدق والإحسان... 
والآن في موسم (1431) هـ، يطل رمضان، وفي خضم جهد بحثي وعلمي وفكري لايكاد يتوقف، وإبان إقامتي في الديار المصرية، والقريحة أيضاً تفيض شعرًا وشهداً، انقطع لأجل شهر النور والإفضال والبركة، لأسجل فيه بصمةً جيدة، لأنني لا أحب خروجه دون فائدة علمية، أو لطيفة تأليفية، لاسيما وقد احتُبسنا في دار الغربة، عن إشعاعنا الدروسىِ، وعطائنا الدعوي، واصطبغنا بالتأليف شكلاً ومضموناً وهو الرئة التي يتنفس منها الداعية النائي، عن بلده ودرسه ومسجده.!!
ومع ذلك فقد كان فيها خير كثير، يربو على جهدنا أيام الدرس والتعليم، وأثناء الفكر والتفكير، والبحث والتجديد، حيث انقدح في ذهني (أقاصيص رمضان) أحكي فيها بعض مشاهد الحياة الرمضانية، قديما وحديثاً، وتخيلاً، وأسوقها في إطار أدبي، أرجو أن يكون شائقاً على هيئة (القصة القصيرة) لعلها تكون من التجديد الطريف، المستظرف في قضايا شهر رمضان المبارك. 
وقد امتن الله على بولوج ساحة (القصة القصيرة)، وهي فن أدني جميل ، منتزع من تراثنا، يؤدي رسالة فكرية خاصة ، يعمد إلى التكثيف والجاذبية وروعة التصوير والتراكيب وسأجعل هذه القصص والمشاهدات في إطار رمضان ومحاسن الناس، وعجائبهم وأغلاطهم وذكرياتهم...!!
سائلاً المولى تعالى أن تكون بصمة جيدة، ونافذة عطِرة على مسار الأدب الإسلامي المنشود. آمين.
-------------------------------------
(1) المنائــــر..!
أُوقدت المنائر وأُضيئت المصابيح ، وازدحم الناس والأطفال على باعة الطعام ودخل أحمد على أمه مسرعاً...!
يا أمي: جاء.. جا... جا...
الأم: ماعندك يا أحمد.....؟ 
رمضان جاء يا أمي، الأطفال يلعبون والناس يزدحمون في السوق، والمنائر مضاءة، والطرق تبدو كأنها لأول مرة نظيفة، ومسرورة، رأيت السرور في كل مكان...!
 الغني فرِح، والفقير فرح ، وزملائي يلعبون وينشدون...!
فقالت الأم: نعم يا أحمد هذه فرحة رمضان...! شهر حُشي نوراً وخيراً، فافرح به معهم معهم، وسأصنع لك الحلوى التي تحبها... 


(2)  الزحـــــام..!
هذه آخر ليالي شعبان.. هل ستصلي يا أبي التراويح معنا الليلة...؟! 
لا أدري يا يزيد... هيأي وضوئي يا أم يزيد...!
دنت صلاة المغرب... انطلقت مع أبي... فإذا حول المسجد حركة وجلَبة، وأرى الأحذية الكثيرة، والمسجد مضاء إضاءة قوية نادرة... 
كأنه رمضان يا أبي! نعم يايزيد لعلهم أعلنوا، الآن قبل خروجنا إلى الصلاة... 
الله ماأجمل هذه الصفوف!! كان مسجدنا لايمتلىء!! 
الليلة هو غاصٌ بالمصلين..
الله اكبر... كأنني لأول مرة أسمع (ألم نشرح لك صدرك) ما أطيبها على قلبي يا أبي في رمضان...
إذن استكثر منها يا يزيد...
 
(3) يا لها من أكلة..!!
تضوّع البيت بعبَق الأطعمة الشهية، وزغردت سرجه وأنواره، حتى كدت أطير من الفرحة.. أُذن لصلاة العصر...
اندفعت مسرعاً وإذا بالمسجد، عالم آخر من الزحام والابتهاج...!
صلينا، فكانت أحلى صلاة نادرة عزيزة! 
ينتظرها قلبي من زمان بعيد...
أين كنا عن هذه الأجواء الإيمانية...؟!
تلوت شيئا من القرآن بعد الصلاة، والمسجد مزيج من التلاوات المختلفة...
حتى جيراننا الذين يقصرون في الصلاة، أشاهدهم الآن يرتلون القرآن، ففرحت بذلك، ودعوت لهم...
عدت للبيت، وقلبي يتراقص من الفرح...!
ماذا خبأوا لنا في البيت؟!
دنا أذان المغرب، ومُدَّت سفرة عجيبة فسيحة، فيها مالذ وطاب...
قلت: ماهذا الجمال والرخاء يا أمي..؟ 
قالت: فرحة رمضان يابني... 
ولحظت السمبوسة.. أكلتنا الشعبية الرمضانية، وقد كنت أرقبها منذ زمن ، فاندفعت اليها، وكدت أنسى التمرات.... 
فنهرني أبي.. توقف... السنة التمر أولا.. 
ثم أمامك الطبق المزهو بالنقوش المنزلية.... لاتدع منه شيئا...!
حسنا يا أبي، تمرات ثم قطعات ففطيرات، يالها من أكلة:...  ياليت السنة كلها رمضان ياأمي...!!
أمي هاهاها..سنتعب معكم حينها...!!
 
(4) الخاشع الخفي.. 
تُليت صلاة الفجر على مسامعنا، بأندى صوت وأطيبه، وأرقه حتى عشنا صبيحةً هي ألذ نفائس الحياة، ومن زهرات الدنيا النادرة...!!
ثم انقلب أحدنا تلو الآخر... ناحية الاسطوانة الممتلئة عرضاً وصمودا، فأسند إليها ظهره، وحمل مصحفه، وأصبح يتلو، ويتلو حتى طلعت الشمس، وأزهر اليوم...
وغردت العصافير... 
فقمت كإخواني وصحابي الذاكرين، وصلينا ركعتي الإشراق... 
ثم تأخرت قليلا، فخرج من في المسجد، فدنوت لأطفئ الكهرباء.... 
فاذا تالٍ في زاوية من المسجد، يصدع بصوت مرهف.. يتدبر الآيات، ويردد العظات الالهية...! 
اقتربت قليلاً، فإذا هو أحد عمال الحي، ممن يمتهنهم الناس، وليس من أصحابنا العباد، فأدركت حينها أن لله أهلاً، ولكتابه خواصاً، لايعرفهم أحد...!


5- ثورة الجيــــاع..!
يتدفق الفقراء الجياع الصائمون والذين ليس لهم مأوى يكلؤهم..!
ولا أنيس يؤنسهم بعد الله سوى أفضال المحسنين، وتبرعات المؤسرين...!
فتزدحم بهم المساجد، وتكتظ بهم الطرقات والدوائر والممرات..
وأكثرهم صيام، مابين عجوز، وكسيح، وأرملة، ويتيم مشرد!!!
فتشرئب لهم نداوة الأخيار، وصباحة الصائمين الباذلين، فيطفئون لهيب جوعهم بتمرات، وآخر بقطرات، وثالث بوجبات تزدحم عليها الطوابير الطويلة!!
فعلاً ثائرون ولكن لهم مطفئون بالرحمة والإحسان، حيث ترق النفوس، وتتهذب الأخلاق، ويتراحم الناس، طلباً لما عند الله من جنات ونهر، ونفائس كالدرر، فهل من متأمل...؟!!
 
6- بائع الفطائـــر..
هنا مسجدنا العتيق الأثري المتجدد، بتراتيل القانتين الضارية في أعماق الخشوع، والرهبة والإنابة.. 
ثم بجانبه من قريب بائع فطائر، تعلوه حرارة الشمس المتوهجة، فيحمر وجهه المبيض، وهو مهين الصلاة والتعامل !! 
ولكن لما أشرق نور رمضان، وشعت بسماته الخضراء، حسّن من حاله، وبادر لمصلاة يقنت ويصلي، ويتأخر للتلاوة...
قد طاب منظره، وهدأت أعصابه، حتى كان رمضان مغيراً لتلك الصورة السابقة، وقد كساه ثوباً جديدا، لايرى عليه أثر الخلل والتكاسل..!
وبعد العصر يبادر الى محله، لبيع الفطائر الزاكية بحلاوة رمضان، وماء الورد والريحان...! 


7- الفتى المخبت..
رغم حداثة سنه، وقلة علمه إلا أن الناس يحبون صوته الشجي..
الذي يخطف الأبصار، ويمزق الوجدان، فيحفر فيه المواعظ الزاكية، والذكرى الندية...!
يدخل إلى مسجده الصغير، ذي البناء القديم الممتد فوق أربعين سنة، وعليه آية الخشوع، وراية السمت الحسن....!!
لايحمل بشتاً، ولايظهر الفخامة، بل منكسراً، متواضعا، وعمره لا يتجاوز العشرين السنة... فتجد المسجد غاصاً بأهله، متشوقين إلى عذوبة التلاوة، وشجن الترتيل الآسر.. 


8- إفطار جماعـــي..
انصرف من صلاة العصر، فقرأ درس الصيام العجيب بصوت أخاذ، ونبرة مؤثرة، حتى وددنا لو طال الحديث الجميل..
ثم قال: اليوم عندنا إفطار جماعي لأهل المسجد، كلٌ بما تجود به نفسه، وبلا تكلف باهظ... يهمنا حضوركم، إخوة الإيمان، وشاركوا إخوانكم الفقراء...
وقبل المغرب بلحظات، توافد الناس، هذا بصحنه المملوء وذاك بقدره..
وهذا بوعائه الساخن وذاك بالعصير البارد وصاحب الماء، وحمّال التمر ... منظر رائق....، يشعرك بعظمة الإسلام، وتراحم الناس، ومحبتهم لبعضهم البعض....
كثر الفقراء، وتعاظم الطعام حتى أكل الجميع بصحبة إمام المسجد اللبيب، الذي وصل القلوب بعد انقطاعها، ولملمَ الجراح بعد اتساعها، وصنع لحمة التواصل والتعاطف، بعد اندثارها..
فيالله هو عجيب هذا الشهر الكريم، بلحظه، وسحره وفطره وظمئة، وفرحه وحزنه ...؟! 
فرح الناس، وابتهج الأطفال، وضحك الفقراء، وامتلأت نفوسهم نوراً وسروراً..
لكأنهم في يوم عيد بهيج... لم يروا مثله، أو ينظروا شبيهه...!!


(9) متعاركان..!
الشمس دانية على المدينة تحفها بلهيبها المتوهّج، وحرارتها المتزايدة...
والطرقات مكتظة بالسيارات، والعربات المتوقفة...
والسوق يعتلج بالأصوات، وباعة المطعومات... 
يدخل الحمال مسرعا فيصطتدم برجل آخر!! 
فيثور وينظر، ويسب ويشتم، فيرد عليه الحمال فيدنوان من بعض، ويجتمع الناس... غفر الله لكما.. صوما..
أي رمضان..! فيقول الرجل: هو لايعرف الصوم!! 
فيرد الحمال: لا تعالى علّمني، ونحن نصلي ونصوم قبل أن تولد، فيشتدان ويغضبان!!
فينطلق بائع اللحوم ذو القميص الأزرق وقد علته البسمة، ياعجبا لكما، تفسدان صومكما (اللهم إني صائم)، فيفك بينهما ويصالحهما، حقكما علي، إجعلوها في هذه المرة...!!


(10) المنفِّــــر..!
دخل في التراويح، صوته ليس بشجي ولا حسن!! 
ولا يحمل ذرة خشوع.. فأطال في الصلاة، وغاص إلى صفحات معدودات في ركعة، وتسليمة واحدة..
فتقلص عدد المصلين، وتفرقوا إلى مساجد القرية... يبحثون عن سواه...!!
أسرَّ اليه خليله المصاحب له: لو خففت قليلا ً أو أتيت بذي صوت حسن ياأباهمام...
فقال: لا...! أحب أن أراجع حفظي... ومن أحب يصلي معنا، أو ينصرف.. وانصرف الناس، وانصرف صديقه بلا رجعة مع المنصرفين...!!
 
(11) كآبة منقشعة..!
قد انتقعَ بؤساً وكآبة، معه زنبيل قديم متسخ!! 
نظرت فيه مرة، فإذا فيه خبز قديم، وتمر ردىء، وقطعة قماش..!
قد اتخذ عرض الحائط المطل على الحديقة منزلاً له.... !!
ومن مر عليه أعطاه وأحسن إليه...! 
إذا جاء رمضان ورفرفت ركائبه، يدنو ويصلي مع الناس..
ثم يجلس عند فناء المسجد، يسأل الناس المعروف، ويعطونه من عطاء الله لهم، فتتغير روحه وتنقشع كآبته، وتراه مبتسماً..
ويحسن من لباسه وهيئته، ويأخذ في الكلام ويعطي، ويساعد في خدمة المسجد ونظافتة وتقديم الموائد للصائمين العابرين..
ثم انقضى رمضان وعاد لحاله السابق، وعدت متفكراً في الحياة وفي رمضان، وفي ذلك الشخص الكئيب...!! 


(12) حياكم الله.. 
صعد المنبر، بحليته الجميلة، ومهابته الجليلة، وصوته الرنّان...!
الذي استقطب المئات، وأتعب أقرانه ومشاركيه في هذه الوظيفة..!!
فقال ابتداءً... حياَّكم الله، حياكم الله  هذا شهركم...
وهذه فرصتكم للتوبة.. لانقول (رمضانيون) احضروا لرمضان ، بل حياكم الله..!!
نحن لم ننصحكم، بتقصيرنا معكم، فأهلاً بكم، وسنساعدكم على أنفسكم وأمور دينكم، وقعت الكلمات من الجار محمود، وهو مسرف على نفسه في المعاصي، وقوع الماء البارد الخصيب..
فاتسعت روحه، وسكن غضبه، ولانَ لذلك الخطيب اللبيب، فقرر من ساعته التوبة النصوح (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (82) طه. 
وبات من عُمار المساجد...!!


(13) الطـــارق..!
بسملت العائلةُ الكريمة، وكلها سرور بتناول إفطار أول رمضان، ومع التقاطهم الرطب المدني الذهبي إلا والباب يطرق.. 
يتفقد الأب، هل ثمة ناقص من العائلة؟ 
العدد مكتمل، وسلمان سافر إلى الرياض للدراسة والبقية شهود.. إذن من؟! 
ينطلق الصبي معاذ لفتح الباب، فيجد مسكيناً يلهث من العطش، ويسأل الطعام، فيقول له: اذهب إلى المسجد... فيسمع أبوه، ويقول: كلا يابني، الفطور جاهز، خذ هذا الوعاء ، وأعطه منه لا ترد السائل!! 
لماذا تحرمنا من الأجر يابني...؟! 
معاذ: لم أقصد يا أبي، ولكن هناك الموائد كثيرة، لا هنا مائدتنا أحسن، ونحن أولى بالثواب وقد ساقه الله إلينا، لنغنم أجره...!


(14) الروضــــة...
كأنها المكتب أليست هي ياحسام؟ نعم..
إذن أوقف السيارة هنا.. ينزل والد حسام، يشتري أربعة مصاحف جزء عم، ويرجع الى البيت، وتستقبله نهى ولبنى وعماد ويقولون... رمضان يا بابا يا بابا، أمي تصنع الإفطار لنا...
نعم يا أبنائي.. ولكن ثمة إفطار وغذاء آخر لابد لنا منه، هيا توضأوا وارتدوا الحجاب، عندنا روضة إيمانية، وما الروضة الإيمانية يا أبي؟
إنها حلقة تلاوة، كل يوم سنتدارس آيات كريمات، في هذا الشهر المبارك، وبعدها نسير إلى إفطار الماما... أسمعتم.. نعم يا بابا... 
ويحضر الجميع، وقد تجلتهم الرحمات، وطافت بهم المسرات، وباتوا في أجمل روضة، وأبهى بستان...!


(15) الفرحـــة..
أجبرني والدي على حضور مجلس الحي، مع العم خالد وزهير ، وأبي طلال وشيخ الحارة المعظم...
الذي لايكاد يتحرك أبو عدنان، فحظرت.. والحياء يلفني...
فلم يكن دوري إلا صب القهوة، وتقديم الحلويات والتمور... 
فقال أبو عدنان المعظم، تصدقون قبل ستين سنة كان بعضنا يفطر على ماء، لايجد سواه!! 
وبعضنا يدخل عليه المغرب، ولا يجد شيئا...!
ويذهب إلى الغدران البالية يفطر عليها، وأذكر أنني مرة أنا وعيالي لم نجد شيئا إلا حبات تمر قديمات، فرأينا مسكينا يتلوى من الجوع، فقدمناها له، فتهللت أسارير وجهه، وفرح فرحاً بان عليه...
لكأنه عثر على كنز ثمين!! والآن أنتم ترفلون في أطايب النعم...!!
رنت في أذني تلك الكلمات...ولم أنسها قط...
وأدركت عظم نعمة الله علينا...!! 
يتبع إن شاء الله...


أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Empty
مُساهمةموضوع: رد: أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان   أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Emptyالسبت 04 يوليو 2015, 12:28 am

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Images?q=tbn:ANd9GcQYpChaIaf2l-KWJRW45V62LgQP1aM6aiz_7HGGF_PXE0P3ZBwB
(16) بلوغ المــــرام.. 
فرغ الإمام من صلاة التراويح، فأشعَّ قلوبنا بصوته الرخيم ، ونبرته الخاشعة وصلى ما يقضي...
قام شيخ شاب بعد أن هيأت له طاولة ، فعرفت أنه درس رمضاني، أو سينبه على شىء معين...
فتكلم كلاماً جميلاً عن الصيام، وكيفية استقباله، ثم دخل في أحاديث سماها، وأنها في كتاب يُدعى (بلوغ المرام) ووعد أنه سيحللها كل يوم... 
فأعجبني طريقته العلمية، وأسرني عرضه الفقهي الرائق...
فلما فرغ، سلمت عليه وشكرته، وقلت له: ما بلوغ المرام، فقال: كتاب يجمع غالب أحاديث الأحكام، من حفظه صار نابغاً بين أقرانه...!
هل هو كبير الحجم؟ قال: لا هو مجلد لطيف...!
سارعت من فوري إلى التسجيلات الدانية من المسجد، وفيها كتب إسلامية، فدخلتها والصوت القرآني فيها يجلجل، ثم أناشيد رمضان... 
فأغتبطت بالمنظر، وفيها فتيان يشترون شرائط وكتبا، فأمتلأت روحي عزة واستعلاء بفضل رمضان الذي ساقه الباري إلينا...
فقلت للرجل: وكان بشوشاً هاشاً، عندكم بلوغ المرام قال: نعم، ومنه نسختان صغرى وكبرى، فقلت أريده للحفظ، فقال الصغرى، تحملها في كل مكان... 
فطالعته فاذا هو سحر عجيب، ومنزل رفيع، فعكفت عليه، ومن حينها أحببته وأحببت مؤلفه العسقلاني رحمه الله... 


(17) الهـــواء الطلــق..
في سنة من السنوات، وإبان انعدام الكهربا قال إمام المسجد، وكان شيخاً وقوراً محبوباً، لأهل الحي...
سنصلي التراويح في سطح المسجد ، كان عمري آنذاك ثمان سنين ، يصحبني الوالد كل ليلة، وإذا تأخرت حاسبني...
فحضر المساء ، فإذا المسجد مظلم...
والحركة جهة السلم الذي لم أصعده أبداً، فصعدنا...
فتلا الإمام يصلى سورة الفتح، ومعي المصباح القديم  نسميه (الاتريك)...
والناس صفوف خلفه، كالبنيان المرصوص، والليلة قمرية مزهرة ...
وأنسام الهواء نغمات باردة ، وورود خلابة تزيل الهم ، وتشرح الخاطر...
فصلينا صلاةً ماأحب أن لي بها، حُمْر النَّعم...!
لاتقولوا لي مكيفاتكم الحديثة...!!


(18) اللبنَـــة..! 
انطلق يا عمر... وأحضر لنا اللبنة فقد جاءت الشاحنة التي تقلّها، حسناً يا أمي...
انطلقت مسرعاً، فرأيت الزحام شديداً، انتظرت، فاذا البائع يقول: اذهبوا لم يعد عندي شىء .. 
رجعت حزيناً، ماذا سأقول للوالدة ، وهي تحبها...!! 
قلت: لم أجد شيءا يا أمي.. كيف ياولد؟! 
هذا ما حصل...! 
نفد بسرعة، لعلك عرجت على ولد فلان للعب، كلا يا أمي.. 
وهل يطيب الخبز اللحوح بغير اللبن يا عمر؟!،
اذهب إلى سوق المدينة الفسيح، ستجدها كثيرة.. 
ذهبت مسرعاً، فوصلت مع الأذان، وبائع اللبن يصيح... اللبن.. اللبن... 
فقلت هات يا والد.. هذه ثلاثة ريالات، وعدت فرحاً مسروراً... 
وانشرحت الوالدة بلبنة رمضان، وقدمتها مع اللحوح التهامي...
الذي كان يضفي على رمضان مزية خاصة...!


(19) ثمانينـــي..!
يدخل الناس ويخرجون من المسجد، وهذا الرجل العجوز ذو العكاز القديم ، لايكاد يرى خارج المسجد...
قد أبيضت لحيته، عليها شئ من خضاب عليها... مجدودب الظهر!! 
قد مال جاجباه ومشيته ضعيفة، يحمل عكازه المعروف...
فقلت لأبي: هذا العجوز، لايخرج ولايكاد يُرى في الشارع والسوق! اليس له أهل؟!
بلى.. يابني ولكنه مستمتع بالعبادة...
يقدر قيمة رمضان، ويعد سني حياته وفي الحديث: (أعمار أمتي بين الستين والسبعين) فهو يتأهب، فهل تأهبنا مثله؟! 
لكنه كبير ياأبي ونحن صغار!... 
نعم ولكن الحياة لله، ونحن مخلوقون للعبادة، ليس للعب واللهو!! 
اجعل دنياك طريقاً الى الله... 
وكيف؟ 
المواظية على الشرائع، والتباعد عن الملاهي، واستمتع بما أحل الله.
كما قال: ((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) القصص. 


(20) الســــواك...
أطرق الجميع بعد قراءة إمام المسجد لدرس العصر الرمضاني ، ثم قمنا وحملت في بيدي السواك... أستاك ....
فقال الشيخ : مداعباً: 
يسنُّ لا بعد زوال الصائمِ... وأكدوه لا نتباه النائمِ... 
كأنه شعر...!!
فقلت ماذا؟ فقال: السواك...
لم تستاك بعد الزوال ؟! فقلت ، الذي أعلمه أنه جائز...
فقال لكن صاحب متن الزبد... الشافعي، يرى كراهية ذلك... 
واسترسل في الأبيات الراتقة التي جذبتني لاقتناء هذا المتن المنظوم وزادت ولاعتي بالمنظومات، وحرصت عليها... !!
يتبع إن شاء الله...


(21) الاقتنــاص 
هادىء كثير الصمت، عميق التأثير...
يصلي بنا، ثم يتمدد إلى سارية في مؤخرة المسجد يسبح...
لحظه شيخ كبير، ليس من المنطقة ، ودنا منه وسلم عليه.. فقال: أنت معزوم عندي غداً على الإفطار.. 
قال: اعذرني، والله لا أحب هذه الارتباطات...
أصر وكرر، ودمغ حجته... يطرق الباب.. من؟! إمام المسجد..
خرج الأبناء فرحين بالشيخ، تفضل.. والدنا تأخر في السوق...
دخل على استحياء أذن الأذان، أفطر..
جاء الوالد فقال حياك الله يابني، ألحظك كل يوم لا تريد أن تعود لبيتك...
فقلت: أدعوك معي أكسب ثوابك... 
بالعكس ياوالد... الحق علينا لكم... 
نأكل كثيرا ولكن زادنا الروحي قليل ...
عموما انا سعيد بهذه الدعوة، وشاكر لك هذه الأفضال، وأرجو أن تكون جسراً لعلاقة حميمة... 


(22) البساطـــة...
الساعة الآن الخامسة، وبدأ أجيج الشمس يضعف ويلين...
والزمان يتضيف للغروب، وأبو ريمة...
اقترب حضوره ولم أصنع شيئا ...!!
الملح نفد...والخضار ناقص...!!
اذهب يامحمد إلى جارتنا أم علي، وقل لها تسلم عليك الوالدة، وأعطيني بعض الملح حيث نفد من عندي...
حسنا خذ يامحمد... وسلم لي عليها وقل لها :
لا تنسى جمعتنا الليلة عند أم طارق بعد  التراويح..
ووصلت بسرعة قبل مجىء الوالد..
وطهت أمي الشوربة التي يحبها والدي....
وكانت طيبة وافية الملح، ببركة جيرتنا لأم علي، والإسعاف الجيراني... 


(23) السحـــور...
عدتُ مجهوداً بعد التراويح، فنمت نوماً طويلاً لم أحس الا بأذان الفجر...
حاولت الشرب لم أستطع...
دخل اليوم الجديد بسفرته وجماله ماالعمل؟ أمري لله... 
ذهبت الى الكلية ثم خرجت ظهراً في شدة الهجير، لإنجاز عمل الوالد في الزراعة أحسست بالعطش، والماء يلوح لي في كل مكان...!
بائع الفاكهة كأنه يبيع سبائك من ذهب...
وصاحب التمر يلمع تمره كنجوم السماء المضيئة..
ومطعم الشواء، مفعم بنداوة الطبخ، وعبق الرائحة الزكية، والجوع يقهرني من كل مكان، وصدق رسولنا العظيم (تسحروا فان في السحور بركة)...
وهانذا أصوم بلا بركة، وأستطعم طول اليوم، وأحس بظمئة وشدته!! 
ياللعجب... نعم إن في السحور لسحراً، يحي الجسد والروح...
ويبعث على العمل والأمل، ويضىء الحياة بشراً ونورا لأنه (الغداء المبارك)... 


(24) من يرِّوح بنا؟!
- رمضانُ دنَت ظلاله.. تصدق اليوم ثمانية وعشرون من شعبان؟! 
- هل بحثت عن إمام لنا يا أبا سعود... يكون حسن الصوت؟! 
- هل تعرف الشاب حسان؟! نعم... 
جيد ولكنه يطيل ويتعاظم بصوته، طيب..!!
- مارأيك في المدرس جمال قراءته مجودة وحسنة.. لكنه مقصر في استقامته! 
نريد شخصاً مؤثرا، خاشعاً... بحيث يكون صالحاً في نفسه، وليس مجرد قراءة...!! حسنا أمهلني لبعض الوقت...
وجدته... الفتى الباكستاني، طيب، خاشع وحاله في شأنه، ولم نلحظ عليه خلل.. إذن كلمه وادعه لنا... 


(25) الاختيــــار...
أين مسجد الشيخ فلان، والذي يقال إنه يشع السنة...؟!
تتجه هذا المسار مدة قرابة عشرين كيلو... ثم تلاحظ حديقة عن شمالك، امشِ خمس مائة متر...
المسجد خلفها مباشرة...
شكراً لك.. ذهبنا، كان معي صديق الروح حماد ذو العبادة الراسخة... والسمت الجميل...
وصلنا.. كبروا للتراويح، وارتج المسجد بالتكبير..
الهدوء هائل والتركيز شديد، شق سورة البقرة كأنه يغرف من بحر.. يستشعر الآيات ويحزن مع محازنها وانصرفنا متأخرين...
وقررنا أن يكون ترويحنا في مسجد الشيخ فلان، وإن بعُد المسار، وطال المشوار...


(26) الفـــــرج 
يا الله.. خمسة أبناء وأمهم، والبيت خاوٍ على عروشه...!!
لا يوجد فيه سوى الماء، والذي تحويه تلك الجرة الفخارية المتردية...!!
الرز نفد والبرّ تلاشى.. وغداً رمضان، يطل بحُلله، وحلاوته...
وينزل ضيفاً بحسنه ولؤلؤته، ماالعمل؟  يا أم جابر؟ هل لديكم شىء؟! 
لا والله، سوى الماء!! إذن لا مناص، وسنصوم ونفطر على الماء، يدنو وقت المغرب...
ويستعد الأب الفقير ويدعو الله دعوات المفطر الصائم البئيس...
الذي لا يحوي دراً ولا مالا...
قد عصره الحزن الكئيب، وأمضه الكرب، الشديد... 
وما إن فرغ من دعائه المخبت الأسيف، إلا وطارق على الباب يطرق بهدوء....!! 
يفتح الباب أحد الأبناء... فيشاهد سواد إنسان...
انصرف فينظر تحت الباب، فاذا وعاء كبير قد حوى صنوف أطعمة، قد احمرت واستوت، وزانت لآكلها وجائعها...
فعاد بها الابن إلى أبويه، فرحاً بنعمة الله وقال الأب: (ان مع العسر يسرًا) هذا رزق ساقه الله إليكم يا أبنائي... اشكروا الله على نعمته... 


27- الجديـــة...
ملتحف بشملته، ومنزو في جهة من  المسجد...
دنوت منه، وسلمت عليه، نحن في رمضان شيخي، فهل أقرأ عليك رواية ورش بعد صلاة الفجر...؟!
لقد أتممت القرآن واريد تعلم القراءات، الشيخ: حباً وكرامةً، ولكن تلتزم وإياك والتخلف فهو عضال الجد، وآفة الاهتمام...!
بإذن الله سأواظب تمام المواظبة، ويبدأ، ويعجب الشيخ من التزام التلميذ... 
فقال له يوماً مداعباً، ألا تتخلف فتريحني؟!
فقال: كلا نحن في جنة وارفة، قطوفها دانية، وقد لا تتكرر...!


(28) الفانـــوس..!
كنا غارقين في الظلام أكثر السنة...
فاذا أزف رمضان، وولجت الليلة الأولى، الذهبية الأنداء...
أشعلت الوالدة الفانوس والأتريك، وكل السرج...
ودبت فينا سعادة، تجري معنا جرى الدم في الأعصاب...
لها لذاذة وحلاوة، تفوق كل لذاذة وحلاوة... 
فانطبع معنا أن رمضان شهر الأنوار والإضاءة ...
ولما كبرت سافرت بعض الدول المجاورة، فرأيت فوانيس رمضان مرصعة بنقوش الجمال، وعقود الحسن والدلال...
تسحرك بمنظرها، وتشجعك للشراء، فاشتريت منها، وفرح الأبناء... وعلقناها في المنزل...


(29) الطمع اللاهـــم..! 
تتصل أمي بوالدي، وهي شغفة مسرورة برمضان، وطعومته اللذيذة...!
وتقول له: لاتنس تمر السوق، وتحضر كل حوائج رمضان...
فاستغلها فرصة، وهي أول مرة أدخل سوق المدينة الكبير، الممتلىء بالأطعمة والمأكولات الفاخرة...
فيشتري أبي اللحم والرز والفاكهة... 
فيمر على صاحب الحلوى، فأقول له: ماألذها، فيأتي بها: ثم يجتاز، فاذا صاحب فطائر فاخرة، فقلت: هذه ياأبي منظرها رائق، فيشتري لنا كيلو... ويقول لصاحبها أصلحتها اليوم... طازة؟!، نعم ياوالد... 
ننصرف إلى البيت، وأتصور أنني سآكل كل ذلك ، ويؤذن مؤذن الحي الشيخ الكبير السبعيني الهزيلي...
فنحسو ماء وتمرات، ثم شربة وفطيرات، فإذا المعدة تمتلىء وتشبع سريعاً...!!
وبقيت السفرة كماهي، لكأننا لم نحركها...!
وتجمعه أمي في أوعيته، وتعيده إلى المطبخ، وينتهي الطمع والتشهي الزائد إلى أصفار لا قيمة لها...!!
 
(30) التغييـــر 
الطقس متغير، والشمس مصفرة اصفراراً جميلاً...
والناس يتهيئون لحياتهم وأشغالهم...
تغير كل شىء في حس عثمان ذي الخمس عشر سنة...
ويعاين من لايصلي بات مصليا خاشعا... وهاجر القرآن بات حاملاً له...
لا يكاد يطلع من المسجد أحد..
والجامد القاسي لان وأضحى باكيا بالتلاوة، متأثرًا...! 
عجيب أمر هؤلاء، الخلق، والأعجب سحر رمضان...
الذي يغير ولا يتغير، بل يتجدد كل عام، ويأتي أعاجيب الأفنان والزكوات... 
ويجذب الناس إلى خيراته، ويصرفهم عن غفلاتهم...!
 يتبع إن شاء الله...


أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Empty
مُساهمةموضوع: رد: أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان   أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Emptyالسبت 04 يوليو 2015, 12:35 am

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان %D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%AD
(31) التبـــرك.. 
هل يمكن أن توصلني الى الجامعة؟! بكل سرور، تفضل... 
شكراً لك، أرى باكت الدخان عندك على الطبلون..
الا تتركه في رمضان...؟! 
والله أحاول.. 
ياأخي رمضان فرصة لترك العادات السيئة.. والانعتاق من رذائل الأمور، التي تحكم تحركاتنا، ويتسلط الشيطان من خلالها.. 
إنك تصوم نصف اليوم، بكل اقتدار وطاعة لله..! 
ما تقدر على تركه ونبذه طيلة الشهر..؟!
فيأخذ البكت، ويفركة بيده ويلقيه من نافذة التاكسي، ويقول: توبه بإذن الله لا رجعة فيها...

(32) الـــدورة..!
اقرأ يا سعد، هذا الاعلان الملون هناك دورة رياضية في رمضان..!!
هل هذا جزاء الشهر الكريم؟! لا، طبعا..
ولكن لا يخفاك ياحسام أن رمضان بات فرصة للاهين لإشغال الناس عن معالي الأمور...!
فضائيات، ودعايات تصم الآذان، وتخطف الأبصار لكل ماهو مشين ، ومدمر للطاقات..... 
ومن يصدقهم وقع في شراك الغفلة...! والواجب علينا تكثيف الجهد الدعوي ، وتحذير المسلمين من شرور هؤلاء.. (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (27) التوبة.

(33) بيــن رمضانين..! 
رمضان هذا السنة يبدو مختلفاً يا خالد، كنا نصوم بهدوء، وبساطة، ولا ملهيات ولا وسائل إعلام مغرية وصاخبة والآن باتت القناة الفضائية تشق أحشاء الصائم، وتعذبه بالمصورات والملهيات، وتعجب فكره برؤى غائرة في اللهو والانفتاح والفسوق..
حتى نسي حلاوة الرمضان الشرعية، وعاش حلاوة الرمضان الترفيهية!!
صدقت ياعمار... كم بين رمضان ورمضان؟!... 
رمضاننا، ورمضانهم,, رمضاننا مدرسة إيمانية، تسري بالروح للملأ الأعلى.. ورمضانهم هبوط بالنفس إلى أسفل سافلين..!!
فما أكثر ضحايا الغفللة هذه الأيام، تلقاهم في لهو طافح ، وفي صورة خليعة.. وفي أغنية ماجنة، يسكر بها إلى بزوغ الفجر، بلا رادع ولا استيقاظ...!! 

(34) نهايــة السكــرة..!! 
سكر بحب الشهوات ، وغاصَ في اللذائذ الغناء الخفية.. واشترى منها شراء الباذخين حتى ملَّ دياره ، وتجاوز أرضه الغبراء أشراً وبطراً...
فركب الطائرة وفي الدرجة الأولى الممتازة، حيث الخدمة المتزايدة، والعناية الدافئة... 
- أين الوجهة؟ إلى باريس الحسن والروعة والجمال... 
عله يشبع هياماً يؤرقه، ووهجاً لايكاد ينطفىء! ويشبع منه..! أرقه وأمضَّه،..
نزل في أفخر الفنادق، حيث الجنان الجارية، والملاذ الشهية الدائرة..
وبينما هو يقلب ريموت الفضائيات، ويتطاير من فرط اللذاذة باحثا عن أكسير الحياة، وترياق الراحة، يرمي به الريموت مرمى لم يكن ينتظره، أو يفكر فيه...!
صوت وصورة مختلفان.. صوت إمام الحرم، ويدعو دعاء القنوت (اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شىء، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً...) فوقعت منه الكلمات موقعها، ولكأنها سهم حُشي ناراً، وملىء لهيباً حتى احمر فأوقد في صدره، واندفع إلى ميادين غفلاته الدموية، ومسارح نزواته الباطنة، فوجدت شريانا لايزال فيه حياة، ويمكن له أن يحيا ويتجدد... 
رقَّ وبكى، وفارت عبراته، وانهدت عضلاته...
الناس في مكة يبكون ويسألون الرحمات...!!
وأنا في باريس للمعصية!! 
ياقبح حالي، وبؤس طبيعتي...!
إلى المطار والنزول بمكة، واللحاق بالقائمين التائبين....! 
 
(35) المُفَرقَعـــات..!
هُيأت المفرقات النارية...!
الليلة برنامجنا الثقافي، خالد يتفق مع البواب، يطفىء الكهرباء عشر دقائق...! وانتم... يا حسن وأحمد وعمر أصحاب المفرقعات، والصواريخ الطائرة... أحكموا الخطه جيدًا... 
وانا سأضغط زر التسجيل الإنشادي...
أظلم الليل، وغابت الأضواء، لكأننا في صحراء مقفرة...!
الأعناق تنظر وترقب، والأصوات خاشعة... 
يبدأ العزف الثقافي البهيج... وتأخذ الأصوات النارية مجراها...!
ثم ما تلبث أن تعكر صفو الفرحة الرمضانية، بإصابة مشرفي المركز، شيخين فاضلين، فنزل تقديرنا درجتين...! والله المستعان... 

(36) الشاب المعلــم...
كان بيننا كأبرز طالب علم...!
متميزاً علماً وديناً واستقامة، لاتكاد تشبع من حديثه وتنتفع بمجالسته...
وتحمل من نداه خلقاً نوراً وتبرا....
ساقته الهمة أن يلم شعثنا، ويعالج عقلتنا..!
وقال: هلموا أحفظكم شيئاً من القرآن والسنة...
فحضرنا ونحن فتيان مراهقون.. لم نجرب لغة العلم.. الشباب يلعبون وقت. الملعب واللهو.. 
ونحن مع الشاب المصلح، يعلمنا، ويفقهنا.. 
حتى كأننا في روضة إيمانية، دارّة علينا بثمارها وأفيائها، ثلاثة عشر يوما..
حتى حضرت العشر الأواخر... وسافرنا إلى مكة.. 
وتألمنا لفقد تلك الميادين الجميلة...
 
(37) طفل رقـــراق...!
قدّموه للصلاة، فاستنكر الناس!! 
صغيرٌ يصلي بنا، قصير القامة، مهين الجسم يقطر حياءً..!
لا يكاد يتكلم، منظره متواضع، وزيه عادي للغاية..
ولما صلى، فاضت على لسانه صور البراءة والنور والإخبات...
لم نره بالبشت الفاخر، والسير المتعاظم، والقراءة المستعلية... كلا..!
كان على خلاف ذلك كله! 
تركنا أئمتنا المشاهير، وغدونا لطفل رقراق...
رقق قلوبنا، وأحيا ضمائرن، وبتنا بخير عيش، وبأجمل تراويح...!! 

(38) الخفـــيّ...!
سَرَت فيه أنسام رمضان سريَ الماء في جدر الشجرة...
فحيا حياةً نادرة عجيبة تأخذ في حديقة النسك مأخذها..
فيعيش للذكر، وتغوص في أعماله التبتل والانقطاع...!
يدعونه... لا يسمع ..!
يستخدمونه... لا يجيب....!! 
أين هو؟! في المسجد، منعزلاً عزلةً تامة....!!
لديه سيارة فارهة، لايكاد يستخدمها...! 
الليلة مأدبتنا عند أبي فلان،.. لم يحضر سعيد!!
وجواله مغلق...!
ربما رد على بعض الرسائل الرمضانية... 
يقدم سفرات رمضانية في المسجد..
ويأكل قليلاً، ثم يختفي حيث الخفاء الإيماني، والانقطاع الرمضاني....!!

(39) رمضان برائحة نفطية..!
صمنا هنا يابني في بيت الطين هذا..!
وتحت ريح السموم العاتية..
الظل مرمانا... والماء غايتنا... ليس ثمة بيوت فسيحة، ولا مكيفات دفاقة، وأطالعكم الآن... والثروة النفطية تحتاج شوارعكم...!
إذا البيوت غير البيوت، والحياة غير الحياة، ورمضان غير رمضان...!!
كم عانينا المشاق، واستطعمنا المسغبات، وبتنا بلا سحور وحلويات..!
أحس بسعادة داخلية، ولكنني أذعر من ذوبانها...!
لأن هذا الحال لن يدوم، وقد دَهى رمضان منها كدمات وخدوش ...!
ولم يعد رمضان كالسابق... في بيت الطين والعجين والحنين...!!

(40) قليــل لـــذيذ ..!
تمرات مع لبن رايب، وجمامير خبز حنطة بلدي...!
وكوب ماء،أغنى وأمتع عندي من سفركم المديدة، وزخرفاتكم الدقيقة...! 
ولا أيش الرأي ياأبو حسين...؟ 
صدمت ياأبو ماجد، ما ألذَّ وجبات زمان وصحتها على معداتنا...
كنا نأكل حيث نعمل ونكدح كمزاعرين ورعاة .. 
والآن سفر ممدوده وأجسام مخمولة، فلا أكل ولا استلذاذ..!
على كل الحمد لله على النعمة..
الله يعيننا على شكره، وأداء حقها، أحكِ لأبنائك رمضان السابق، وعبقه الساحر، وجوعته الحادة...!!

(41) الأعـــراب..!
بدويان من أقاصي القرية، قد نبت السوء على مناظرهما...!
وحملت ملابسهم جُهمة التمرد والنبذ...
اشتريا قطع اللحم المحنوذ، واختبأ خلف بعض السيارات..!
لحظتهما وأنا اشتري للوالدة القهوة العربية، في نهار رمضان تعجبت..!
كان أول منظر أراه ينتهك حرمة رمضان...! 
أين الحكومة، أين الرقابة؟ ألا نحترم رمضان؟!
كنت أتوقع أننا مجتمع ملائكي يعظم رمضان...!
ليس فيه تجاوزات أو استثناءات..!
ولما كبِرتُ وعيت ذلك، وتذكرت قول المولى: (وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله)... 

(42) المهمــــل...
كبير قد سقط حاجباه على عينيه...!
رثّ الهيبة غير مبين اللسان..!
جاء رمضان، فاتخذ من المسجد سكناً يؤويه من الضياع..!
ومطعماً يغنيه عن التشرد والسؤال...!! 
يظل نائماً الى دنو المغرب... لايكاد أحد يسأل عنه...!! 
يراه الشاب جهادٌ، وقد أذن للمغرب ولم يقم للإفطار، ولم يحركه أحد أو يجلب له تمرات...!!
فعاد جهاد إلى أمه، وأمرها ان تقسم للفقير المُهمَل، والمسن التائه شيئا..!
فقسمت وعاد للمسجد فأيقظه وأطعمه...!! 

(43) الإهـــداء..!
قاسٍ وشديد، ويحب الظهور والسخرية بأصدقائه..!! 
اجتمع به فوآد في المهرجان الشبابي، فرمض عليه وهنأه..!
فرد بعبوس وعانقه فما تلاين...! 
وضاحكاً أحياناً فيرد ببسمة صفراء..!
تحمل في طياتها الرفض الكبر والعناد...! 
أخيراً، وفي ملأٍ من الناس، وأمام الأشهاد، المدركين لصفات الشخصيات العنيدة والمتألية...!
يقدم له بطاقة (إهداء)، علها تكسر الأنفة الحادة..!
أو تذيب النزعة المتفردة، يقدم له.... النزعة المنفردة..!
وبالفعل هدأت كثيرا، ولا تزال بقية من سوء، ستذهبها الأيام...!
 
(44) أرض البـــَراد..!
التهبت تهامة في القيظ الشديد، وبات صيفُها كأنه فرن ساخن..!
مُلتهب من كل الجهات...!!
فقرر الوالد أن يرحل كبقية الناس الى أرض البهاء، والهواء العليل...! 
كان أول خروج لي من القرية الضاربة في السخونة الملتهبة!!
ولأول مرة أرى الخلائق مختلفين، والشوارع جميلة!
والجو كأحلى ما يحب، لم أكن أصوم في تهامة، فصمت الآن بكل راحة ولذاذة، واصطفيت من رمضان تسعة أيام، وبلا كدح ومشقة..!
النوم يأتيك ولا تطلبه، نمنا الساعات الطوال..!
واستيقظ الظهر..! وأحيانا بعيد ذلك، وينقشع اليوم في سرعة فائقة...! 

(45) الوجيــه الموســر..
من أسرة عظيمة الأصل، كريمة المحتِد..!
يتوارنون الشرف والجود كابراً كابر..!
ودود هش سهل، يحب الفقراء، ويكرم الدعاة والعلماء...
وكلما حل عليه رمضان دعا الناس، وأكرم الفقراء والمساكين،..
وصنع مأدبة فيها الأطايب واللذائذ...
ومالم تره عين الفقير والخملان..!
فيصنع بسمة، ويغرس رحمة...!
يعلمنا يكرمه الباذخ، معنى الوجاهة و حيازة المال..!
ولا يظهر أي منة، أوتعالٍ في ذلك..!
بل يساعد، ويخدم، ويشفع... فهو باذل جاه، باذل مالٍ..!
لله دره وددنا منه عشرات بل مئات، يصنعون صنيعته في رمضان الخير...!
يتبع إن شاء الله...


أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Empty
مُساهمةموضوع: رد: أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان   أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Emptyالسبت 04 يوليو 2015, 12:41 am

أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان Z
(46) جمــــرات..! 
عادَ من شغله منهمكاً، مجهوداً..!
قد أرهقته الشمس، وأهمته لقمة العيش، فاستقبله الصبية الصغار ، فرحين بابا ... بابا عاد ...
يقبلهم ويشمهم ثم يخلد، إلى نومه، ليستعد لفطره..!
فيتنازع أنس ووسام وترتفع الأصوات، فيستيقظ الوالد، مغضباً محمر الوجه، ويقوم إليهما، فيحسم الموقف بالعقاب الرادع، وبالزمجرة الشديدة...!!
التي جعلت منه أسداً حصوراً، لم ينَم بعدها، ولم يستطبِ الطعام..!
حيث لاشهيةَ لديه، ولم يحضر الصغار، من فرط نومهم وعتابهم على أبيهم ذي الغضبات الشديدات...!!
وبعد المغرب، يسلم عليهم، ويحضنهم، ويراضيهم..! 


(47) التفقـــــد..!
كان أبي عاكفاً على قراءة القرآن..!
يرفع من صوته، يرتله ترتيلا، يفطر معنا لمشاركتنا فرحةَ رمضان، ويقطع معنا حلاوته...!
في حين جدي الكبير المسن، وصاحب العصا الغليظة المؤدية، يأخذ بعض ما تصنعه أمي للإفطار..
ويمر بيوتات فقيرة، وشبه مهجورة، يعطيهم بعض هبات رمضان، ولا يبالي إذا تأخر عنا...!! 
ربما لم ندركه إلا في المسجد..!
وفي السحور.. يفعل ذلك..!
يذهب قبل الفجر بجمامير الخبز البلدي مع شىء من العصير، يوزعها على العمال المساكين.. شدني الموقف وترسخ في ذهني...! 


(48) ناشىء التــراويح..!
ذاك المسجد حسن الصلاة ، يحرص على التأخر والخشوع ..
هلموا فلنذهب اليه... ذهبنا فاذا الصلاة غير ما نعهد!! 
طول وترتيل... وصبرٌ وانتظار..! 
أحسست أول ليلة بالتعب وشى من الإعياء...! 
وبعد ليالي معدودات.. اعتادت النفس، والخير عادة، وبجانبي طفل صغير، يحضره أبوه كل ليلة، يحمل المصحف..!
ليفتح على الإمام، وشدني منظره، وأعجبتني وظيفته وصلاته...!!
صامد.. في حين نحن كسالى، مسرور وبعضنا يشتكي...!! 


 
(49) سهرةٌ وسهرة..!
علِّقت الإعلانات الخيرية، وأرتفعت الأصوات الصاخبة لدورة الكرة في رمضان...
واندفعت الجماهير، بعد التراويح وربما بعضهم من.. صلاة المغرب...!
فقلت لرفقتي الصالحة... 
هم دورة... ونحن دورة...!! 
الليلة في الرحيق المحتوم، وغداً في زاد المعاد...
وبعده في تفسير ابن كثير مع حديث إخواني..
وروحانيات رمضانية، وصفاء إيماني، وسمرة أدبية..
سنحافظ على استقامتنا، ونحمي ديننا..
لأننا لرمضان وفضائله..! وليس للعب والملاهي...! 


(50) قطيعـــة..!
سنوات طويلات عِجاف، والأخوان الشقيقان حامد وخالد متقاطعان..
أحدهما غرّه ماله، والآخر تسلط عليه شيطانه..
وانسحبت سوء العلاقة على العيال والأبناء..!!
يتعارف الغربــاء ولا يتعارفان، وبتزاور الجيران ولا بتزاوران..
ويستاخى الأحباب ولا يستاخيان،!! 
فجاء رمضان هذه السنة، وكانت له نعمة حلوة، أحس حامد بكبر الأبناء، وسريان الشيخوخة فيه التي جعتله يحمل العصا، فتذكر أخاه..!
ورأى صبيته يكبرون، فندم على القطيعة الدنيوية التافهة..!
فدخل المسجد، وصلى الإمام الصلاة، وتلا...
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)... 
فكاد قلبه ينصدع، واقشعرت روحه، لكأنه شقها  الشرر الملتهب..!
فسالت عبراته، وذابت أعصابه، وانطلق عقبها إلى أخيه معتذراً، وباكياً..!
وتعانق الرجلان.. وفرح أهل الحي بالمصالحة.. وكسر غضبة الشيطان، وتعميق المحبة والالتحام...!


(51) الصفـــاء..! 
أين محمد يا أبا زياد؟!
سافر إلى مكة البارحة... للعمرة! للعمرة، وزيادة... يريد مجاورة الحرم..!
هنيئاً له ياخيبتنا نحن... عطلتنا الأشغال والظروف المدلهمة، عن بلوغ مكة...! 
تصدق ... الصوم هناك له لذة فريدة وأنسام نادرة، ومباهج غير متكررة..!
أمم من كل مكان، وموائد زاخرة، وصلاة مباركة، وصفاء روحاني..!
همم ملتهبة، والكسول يتعلم فن العبادة والإخلاص فيها... 
والمتقاعس، يرتقي، ويعالج نفسه..!
ولكن رمضان هو رمضان..!
نعم رمضان هو رمضان..!
ولكن المكان غير المكان، إنك في أطهر بقعة... !


(52) المسارعـــة..!
فرغنا من صلاة الجمعة، فإذا جنازة مهيبة قد حضرت..!
ازدحم المسجد، وكثر الرافعون لها، وسُمع النشيج والتأثر، فسألت من: 
فقالوا: الرجل الصالح فلان...!!
فقلت ذاك الذي كان يصلي معنا... وانقطع لأجل حادث سيارة، قالوا نعم..!
وفي عز الظهر ووهجها اللاهب، وحمّاها السامة، وعسجدها المتضرم..!
تُحمل الجنازة ويندفع كثير من الناس غير مبالين بالحرارة والوهج..!
إنه جارنا العزيز، ورمضان الكريم فانطلقنا مع المنطلقين...
وقفلنا مع قبيل العصر والحمد لله...! 


(53) الجمــــود..!
دخل رمضان بمزاهره ونمارقه اللامعات..!
فما أحسّ ولا تغير !! دخل الناس المساجد، وهو لايزال أيضاً في مكانه ساكنا إلى لهوه العميق، وغقلته المستديمة...! 
بتنا في عاشر رمضان، والجار القريب من المسجد لا يُرى متحركا إلا إلى جهة عمله، وهل يصلي الجمع؟!!
لا أدري.. ! يذكر بعض الناس أنهم رأوه يأتي آخر الخطبة.. وينصرف سريعا...! 
إذا رآك تحاشاك، ضائق من كل شىء يراه!... لايحب السلام في في آخر الشهر سافر سفرة جاءت بأجله، ومات هو جامد على غيه... والله المستعان... 


(54) لحظة عجيبـــة..!
الوالد في ملفات العمل، والوالدة بين هموم المطبخ، ووعثاء الصحون...!
ونحن في المدرسة، علم، وقرآن ونصح وشجار، وتعليقات مراهقين لاتنتهي...!
نعود قبيل العصر، وقد هدتنا الشمس الحارقة..!
وكلنا شوق إلى شربة ماء..!
نرى باعة الأطعمة، ولها سحر عجيب، ومنظر أخاذ، ولذة آسرة..!!
يدنو المغرب.. تعد السفرة العائلية، يؤذن المؤذن ويضرب المدفع..
فتلتحم الأسرة في موكب سروري هائل، وتغمرنا فرحة الإفطار الزاهية، وسعادته الباهية.. كما قال الحديث (للصائم فرحتان) وهي تجدد كل يوم، وتكبر كل يوم، يارب أعدها كل سنة علينا...! 


(55)  الهــــــــــزال..! 
اجتمع الفتية الشببَة، وقد ملأهم الفرح وغطاهم السرور باللقاء الرمضاني الثقافي، درس وكلمة، ومسابقات ولهو، وترويح، ومواهب...!!
فانفجرت لدى بعض من لا يحب اللعب، صناعة (مجلس علمي)..
يتجمع فيه العازفون عن اللعب، والكارهون للهو..!!
وقال: هلموا نحفظ شيئا من القرآن وبضعة أحاديث في هذه الليالي المباركات. 
رحبوا بالفكرة وشكروه عليها، وأتوا يهُرعَون إليها...!!
ساء بعض اللاهين... المنظر،..!!
فلعب على التخريب والمشاقة، مما زاد المجلس لموعا وثباتاً وعرف الحضور، مسلك الجد ومسلك الهزال..!
حيث ثبت من ثبت، وانتكس من انتكس.. ولا حول ولا قوة الا بالله...!! 


(56) الفيضــــان..! 
يصلح "خان" ذو الستين سنة، بيته المهتريء...!!
ويرمم سقفه وجدرانه، وتأتي زوجة شيخ فتضىء الفوانيس..!
وتصنع الحلو للعائلة، ابتهاجاً برمضان، فتدخل شهر الصوم، لينقلهم إلى جنان من التواصل والحب والتراحم الصغار... 
وماهي إلا أيام قلائل، حتى ينزل المطر الشديد، فتنفجر السماء والأرض ويزحف الفيضان الزاخر، لتتبدل أفراحهم وكمداً..
ويجعل من شهرهم الروحاني، موسم حرمان قد ترصع، بنقوش النكبة والمأساة..!
فكم من قتيل طريح، وكم من شريد صائم... وآخر لم يعد له أثر!!
سوُيت المنازل، وأُهلكت الزروع، وبات رمضان... حسرةً وبلاء...!
دمــر بيـت الرجل كغيره، وفقد بعض صغاره، ولكنه صبر واحتسب، وحمد الله على ما قدر، وجعل يسلي إخوانه وجيرانه، بأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. 
 
(57) تمرات متسخات..!
غاب ضوء الشمس، ولم يبق الا حمرتها الجميلة..!
يلملم أبو علي متاعه المتغير..!
وتهيء زوجته الإفطار المكون من تمرات معدودات، وكوب حليب بارد، وشىء من الفاكهة والماء..!
هل سيؤذن المؤذن. 
لقد دُمرت المساجد ولا كهرباء..!
ولا أصوات للإذاعة...!
وأحيانًا ربما أذن بعض أهل الحي، ولكن بلا مكبرات!! 
وفي خضم ذلك تأتيهم ضربة طائشة من المحتلين، فتدك بيتهم المتواضع في أطراف بغداد فيُصعقون..!
ويتطاير الطعام، ويفزع الصبية مذعورين ويسلّمهم الله..
ولم يجد ما بقي من الطعام... إلا تمرات متسخات..!
يحملها فيلقمها أبناءه، ثم يفطر على ما كتب الله وقدَّر... !
 
(58) الزائرة السنوية..! 
في مستهل رمضان، أراها قد علاها الِكبَر، واحدودب ظهرها، وتغشاها الأسى، وتحمل كل فتنة فيها متاع لها..
تطرق على الوالدة... ومن حين ما تراها تفزع إلى كيس كبير، قد امتلأ بالأطعمة المغلفة، وشىء من الملابس، تهبه لها، وبلا كلام ولا سؤال..!
تعجبت.. مَنْ هذي يا أمي؟ 
قالت: ذي امرأة كبيرة من طرف القرية..! 
تصرف على ستة أبناء، وليس لها زوج ولا راع...!
إلا ما يأتيها من أهل الخير، ورمضان فرصة لها حيث يكثر الخير، وهي تأتينا كل سنة...!! 
رأيتها مرة أخرى وأنا كبير، فاذا هي، هي.. الوجه لم يتغير!!
وفيه قصص الصبر والأسى والمعاناة... دنوت منها وأعطيتها مالاً كما كانت تعطيها أمي...! 


(59) انهزاميــــة..!
في كل سنة يبحثون عن إمام لهم ، يسدّون فراغ التراويح، ليعظهم بآيات القرآن ويجمعهم على صلاة خاشعة، ورهبانية مباركة...!
يحي معالي رمضان في نفوسهم، ويحسون بحلاوة الشهر...
يقول سيدهم سنعطيه كذا وكذا فقلت: ليس العبرة بالمكافأة، ولكن المشكل هنا...!
كيف نجد الإمام الملتزم، الذي يعتقد شرف ذلك.. فلا يضيعكم...!!
اتصلت على ذي الصوت الجميل، فاعتذر..!
وآخر من طلابي وكان لطيفا ومهذباً وذا عبادة وتأله، فاحتال بتقصيره، وأنه أحوج ما يكون  للخلوة...! 
وثالث ذو تدين محمود مشكور، وصفات عاليه فاستحيا، وقال سأبحث لك عمن هو أفضل مني... وهكذا كل سنة...!! 
 
(60) جهالـــة..!
رأيته وقد ازدحم الناس على صوته المتوهج، وتلاوته العَطِرة..!
التي تسيل مسكاً ودراً ورياحين..!! 
المسجد يكاد يغصّ بمرتاديه من كل مكان!! 
ولا تكاد تجد موقعاً لسيارتك... بالكاد وقفنا قرب بقالة الحي.. 
ومشينا سراعاً على أقدامنا، افتتح الصلاة، له طلّة جميلة .. 
فصلى بنا صلاة عجيبة، أدهشني نقرها، وخطواتها السريعة التي لا تجعل للخشوع محلاً، ولا الطمأنينة مجالاً وقيمة..!
وحينما حضر الدعاء، تعامل تفاعل معه وأرغى وأزبد.. وبكى واستبكى!!
ووصف المقامات، والأحوال والمشاهد الأخروية، حتى ارتج المسجد من حوله، وصارت مدته ضعف التراويح المقصورة.. 
فانصرفنا وقد أعيانا التعب، وعلانا الجهد، وأحسست بالذهول...!!
وقلت لمَنْ معي: هذا هو سبب الزحام... الدعاء الأسطوري المَهول!!
الذي لم يصنعه إمام قط!!
ولكن على حساب القرآن والتراويح، وحسن التدبر والخشوع..!
فأي جهالة بعد ذلك؟! .
تم الكلام، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل,,,


أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
أَقَاصِــــــــيصُ رَمَضَــــــــــان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الثقــافـــة الإسلاميــــة للأطفـــــال :: تربية الأطفال بالقصة الهادفة-
انتقل الى: